الطعن 1367 لسنة 48 ق جلسة 16 / 1 / 1984 مكتب فني 35ج 1 ق 43 ص 203

برياسة السيد المستشار/ عبد الحميد المنفلوطي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فهمي عوض مسعد، محمد زغلول عبد الحميد، د. منصور وجيه وفهمي الخياط.
———–
– 1 إيجار “إيجار الأماكن” “حظر احتجاز أكثر من مسكن”. محكمة الموضوع “تقدير الدليل”.
حظر احتجاز الشخص مالكا كان أو مستأجرا لأكثر من مسكن في البلد الواحد . م 8 ق 49 لسنة 1977 . م 525 لسنة 1969 . شرطه مجرد الاقامة في مكان ما لا يتوافر به الاحتجاز المحظور قانونا . تقدير ذلك من سلطة محكمة الموضوع متي كان استخلاصها سائغا وله أصله الثابت بالأوراق . النعي عليه جدل موضوعي غير جائز أمام محكمة النقض .
النص في المادة 1/8 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المقابلة للمادة 1/5 من القانون رقم 52 لسنة 1969 على أنه ” لا يجوز للشخص أن يحتجز في البلد الواحد أكثر من مسكن دون مقتض ” يدل على أن المشرع حظر على المالك ، و المستأجر أن يحتفظ بأكثر من مسكن في البلد الواحد دون مبرر مشروع يقتضيه ، و من ثم فإن إقامة شخص في مكان ما لا يتوافر به الاحتجاز المحظور قانوناً ما لم يثبت أنه مالك أو مستأجر لهذا المكان ، لما كان ذلك ، و كان المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير الدليل من كافة الأوراق المقدمة في الدعوى ، و كان الحكم المطعون فيه قد ، أقام قضاءه بنفي احتجاز المطعون ضده لمسكن آخر غير العين موضوع النزاع على ما أورده في مدوناته من أنه …. بما مفاده أن الحكم لم يرى في أقوال الشهود و المستندات المقدمة من الطاعنين و الأوراق القضائية ما يؤيد أن المطعون ضده قد احتجز العين التي أعلن فيها و نقل إليها تليفونه بصفته مستأجرا لها . حتى يتحقق بذلك الاحتجاز الممنوع قانوناً بالمعنى السالف ذكره وإذ كان هذا الذى انتهى إليه الحكم سائغاً و له أصله الثابت بالأوراق ، و كان الطاعنون لم يدعوا أن المطعون ضده مالكاً لتلك العين ، فإن النعي لا يعدو أن يكون مجرد جدل موضوعي في تقدير الدليل بما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
– 2 إيجار “إيجار الأماكن” “التأجير من الباطن” قانون. “سريان القانون من حيث الزمان” نظام عام. حكم “قصور”. نقض.
المراكز القانونية الاتفاقية التي نشأت في ظل القانون القديم . خضوعها له في آثارها وانقضائها . القواعد الآمرة في القانون الجديد ، وجوب اعمالها بأثر فورى على هذه المراكز من حيث آثارها وانقضائها
الأصل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن القانون يسرى بأثر فوري على المراكز القانونية التي تتكون بعد نفاذه، سواء في نشأتها أو في إنتاجها آثارها أو انقضائها، وهو لا يسري على الماضي فالمراكز القانونية التي نشأت واكتملت فور تحقق سببها قبل نفاذ القانون الجديد، تخضع للقانون القديم الذي حصلت في ظله، أما المراكز القانونية التي تنشأ وتكتمل خلال فترة من الزمان فإن القانون القديم يحكم العناصر والآثار التي تحققت في ظله، في حين يحكم القانون الجديد العناصر والآثار التي تتم بعد نفاذه، ولئن كانت المراكز القانونية الاتفاقية تظل خاضعة للقانون القديم الذي أنشئت في ظله – باعتبار أنه تعبير عن إرادة ذوى الشأن – في نشوئها أو في آثارها أو في انقضائها إلا أن هذا مشروط بألا يكون القانون الجديد قد أخضع المراكز القانونية سالفة البيان لقواعد آمره، فحينئذ يطبق القانون الجديد على ما لم يكن قد اكتمل نشؤه من عناصرها، وعلى آثار هذه المراكز الحاضرة والمستقبلة كما يحكم انقضاءها.
– 3 إيجار “إيجار الأماكن” “التأجير من الباطن” قانون. “سريان القانون من حيث الزمان” نظام عام. حكم “قصور”. نقض.
اقامة دعوى الاخلاء للتأجير من الباطن دون اذن كتابي في ظل القانون رقم 52 لسنة 1969 وقرار الاسكان رقم 486 لسنة 1970 . نفاذ القانون رقم 49 لسنة 1977 أثناء نظرها . وجوب اعمال المادة 40 منه . علة ذلك .
لما كانت المادة 23/ ب من القانون رقم 52 لسنة 1969 قد أجازت للمؤجر أن يطلب إخلاء العين المؤجرة إذا أجر المستأجر المكان المؤجر من الباطن أو تنازل عنه أو تركه للغير بأي وجه من الوجوه بغير إذن كتابي صريح من المالك واستنادا لهذا النص رفع الطاعنون الدعوى طالبين إخلاء المطعون ضده من العين المؤجرة سكناً له، قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى، وأيدت محكمة الاستئناف هذا الحكم استنادا إلى أن تأجير العين من الباطن تم وفقاً للمادة 1/1 من قرار وزير الإسكان رقم 486 لسنة 1970 التي تنص على أنه “يجوز تأجير وحدات سكنية مفروشة تنفيذاً لحكم الفقرة الثالثة من المادة 26 من القانون 52 لسنة 1969 المشار إليه في الأحوال الآتية 1- التأجير لإحدى الهيئات الأجنبية أو الدبلوماسية أو القنصلية أو المنظمات الدولية أو لأحد العاملين بها من الأجانب أو الأجانب المرخص لهم بالعمل في الجمهورية العربية المتحدة أو بالإقامة فيها. . . ” وإذ كان الاستثناء الوارد بالمادة 26/3 من القانون رقم 52 لسنة 1969 الصادر قرار وزير الإسكان آنف الذكر تنظيماً له قد استلزم للإفادة منه توافر شرط أن يكون التأجير من الباطن مفروشاً لغرض السكنى فإن القانون رقم 49 لسنة 1977 المعمول به من 9/9/1977 أثناء نظر الدعوى قد ضيق نطاق استلزام هذا الشرط وجعله مقصوراً على حالة واحدة هي الحالة الواردة بالمادة 39/ب منه والمحال إليها من المادة40/5 من ذات القانون وهى حالة ما إذا كان التأجير للسائحين الأجانب أو إحدى الجهات المرخص لها في مباشرة أعمال السياحة وفى الأماكن التي يصدر بتحديدها قرار من وزير السياحة ومن ثم ففي غير هذه الحالة – أصبح لا يشترط في التأجير من الباطن مفروشاً للأجانب المرخص لهم بالعمل أو الإقامة في مصر أن يكون بغرض السكنِ، ومن ذلك الحالة الواردة في المادة 39/أ من القانون رقم 49 لسنة 1977 الخاصة بالتأجير لإحدى الهيئات الأجنبية أو الدبلوماسية أو القنصلية أو المنظمات الدولية أو الإقليمية أو لأحد العاملين بها الأجانب أو للأجانب المرخص لهم بالعمل أو الإقامة بجمهورية مصر العربية، وإذ كان هذا النص الذي تضمنه القانون رقم 49 لسنة 1977 آمراً وكانت آثار المركز القانوني الذي كان يتمتع به الطاعنون طبقاً للقانون رقم 52 لسنة 1969 وتخولهم الحق في طلب الإخلاء قد أدركها القانون رقم 49 لسنة 1977 قبل أن تتحقق آثاره وتستقر فعلاً بصدور حكم نهائي فإنه ينطبق عليها، لما كان ذلك وكان الطاعنون لا يجادلون في أن تأجير عين النزاع تم لشركة أجنبية مرخص لها بالعمل أو الإقامة في جمهورية مصر العربية فإن النعي فيما تضمنه بشأن قصر التأجير من الباطن لغرض السكنى يكون على غير أساس”.
– 4 إيجار “إيجار الأماكن” “التأجير من الباطن” قانون. “سريان القانون من حيث الزمان” نظام عام. حكم “قصور”. نقض.
خطأ الحكم في تقريراته القانونية لا يعيبه ما دام قد انتهي الي نتيجة صحيحة . لمحكمة النقض أن تصحح ما وقع بأسباب الحكم من أخطاء قانونية .
لا يعيب الحكم خطؤه في تقريراته القانونية طالما قد انتهى إلى نتيجة صحيحة إذ لمحكمة النقض أن تصحح ما وقع بأسباب الحكم من أخطاء قانونية .
– 5 إيجار “إيجار الأماكن” “الإخلاء لتغيير الاستعمال”.
دعوى المؤجر بإخلاء المستأجر للتغير في وجه استعمال العين المؤجرة المتفق عليه في العقد . م 31/ح ق 49 لسنة 1977 – الحكم بالإخلاء رهين بتوافر الضرر .
المقرر في قضاء هذه المحكمة أن حق المؤجر في طلب إخلاء العين المؤجرة لتغيير المستأجر وجه استعمالها المتفق عليه ، طبقاً لنص المادة 31/ح من القانون رقم 49 لسنة 1977 المنطبق على الدعوى لا يقوم بمجرد تغيير وجه الاستعمال بل يشترط أن يقع عنه ضرر للمؤجر بحيث إذا انتفى الضرر امتنع الحكم بالإخلاء باعتبار أن طلب الحكم بالإخلاء مع عدم توافر الضرر ينطوي على تعسف في استعمال الحق ، لما كان ذلك و كان الثابت أن الطاعنين لم يتمسكوا في دفاعهم بأن ضرراً وقع عليهم نجم عن تغيير استعمال العين المؤجرة من مسكن إلى معرض للبضائع بل اعتبروا أن الضرر يتمثل بإجراء هذا التغيير في ذاته مما لا يتيح لهم الحق في طلب الإخلاء فإن النعي على الحكم المطعون فيه عدم بحث مستندات الطاعنين للتدليل على أن تغيير وجه استعمال العين المؤجرة من السكنى إلى معرض البضائع أياً كان وجه الرأي فيه – يكون غير منتج .
———
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 1150 سنة 1976 مدني كلي الجيزة على المطعون ضده بطلب الحكم بإخلائه من الشقة المبينة بالصحيفة وتسليمها إليهم، وقالوا بياناً لها أن المطعون ضده يستأجر تلك الشقة وقد أجرها من باطنه وأقام بشقة أخرى نقل إليها تليفونه، ولما كان قد خالف القانون باحتفاظه بأكثر من سكن في بلد واحد دون مقتض، وكذا بتأجير الشقة من باطنه دون إذن منهم إلى شركة …….. التي غيرت استعمالها من سكن إلى معرض لبضائعها فقد أقاموا دعواهم بطلباتهم. وبتاريخ 17/4/1977 أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي ما تدون بمنطوق حكمها، ثم حكمت بتاريخ 12/3/1978 برفض الدعوى. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 1848 لسنة 95ق القاهرة وبتاريخ 10/6/1978 – حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
————
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الأول وبالوجه الأول من السبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق، وفي بيان ذلك يقولون أن الحكم المطعون فيه قضى بقبول الاستئناف شكلا بما مؤداه إقراره بصحة ما جاء بالإعلانات القضائية سواء في ذلك صحيفة الدعوى الابتدائية أو صحيفة الاستئناف أو ما تلاها من أوراق قضائية حررها المحضر لإثبات انتقاله إلى موطن المطعون ضده برقم 15 شارع ….. وأقر الأخير بسلامتها حين وقع عليها بالاستلام ومن ثم فهي حجة على الكافة بما يكون معه الحكم قد تضمن قضاء بصحة إعلان هذه الأوراق في موطن المطعون ضده المذكور، وإذ انتهى الحكم إلى القول بأن إعلان المطعون ضده في هذا العنوان لا يجدي في اعتباره مسكنا آخر له، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. كما أن الحكم المطعون فيه أخطأ فهم القرينة المستفادة من مستنداتهم ومن بينها الشهادة الرسمية الصادرة من الهيئة العامة للمواصلات السلكية واللاسلكية بشأن نقل تليفون المطعون ضده إلى سكنه الجديد برقم 15 شارع ……… وأنه – أي المطعون ضده – قدم للهيئة شهادة إدارية تفيد إقامته في هذا العنوان، وكذا إقرارا صادرا منه يفيد أن التليفون هو لاستعماله الشخصي بسكنه المذكور وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى أنه لم يستشف من الأوراق اتخاذ المطعون ضده هذا العنوان محلا لإقامته فإن استخلاصه يكون غير سائغ ومخالفا للثابت في الأوراق.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 8/ 1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المقابلة للمادة 5/ 1 من القانون رقم 2ه لسنة 1969 على أنه “لا يجوز للشخص أن يحتجز في البلد الواحد أكثر من مسكن دون مقتض” يدل على أن المشرع حظر على المالك والمستأجر أن يحتفظ بأكثر من مسكن في البلد الواحد دون مبرر مشروع يقتضيه، ومن ثم فإن إقامة شخص في مكان ما لا يتوافر به الاحتجاز المحظور قانوناً ما لم يثبت أنه مالك أو مستأجر لهذا المكان، لما كان ذلك وكان المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير الدليل من كافة الأوراق المقدمة في الدعوى، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بنفي احتجاز المطعون ضده لمسكن آخر غير العين موضوع النزاع على ما أورده في مدوناته من أنه “لم يثبت من تنفيذ حكم التحقيق الذي أصدرته محكمة أول درجة بشأن احتفاظ المستأنف ضده (المطعون ضده) بمسكنين أن لهذا الأخير سكن آخر غير العين المؤجرة، ولا يجدي إعلان المستأنف ضده بالأوراق القضائية أو نقل تليفونه في العنوان الذي ذكره المستأنفون (الطاعنون) في اعتبار هذا العنوان المسكن الآخر للمستأنف ضده إذ لم يستشف من كل ذلك اتخاذه هذا العنوان محلا لإقامته بصفته مستأجرا لتلك العين” بما مفاده أن الحكم لم يرى في أقوال الشهود والمستندات المقدمة من الطاعنين والأوراق القضائية ما يؤيد أن المطعون ضده قد احتجز العين التي أعلن بها ونقل إليها تليفونه بصفته مستأجرا لها حتى يتحقق بذلك الاحتجاز والممنوع قانوناً بالمعنى السالف ذكره، وإذ كان هذا الذي انتهى إليه الحكم سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق، وكان الطاعنون لم يدعوا أن المطعون ضده مالكاً لتلك العين، فإن النعي لا يعدو أن يكون مجرد جدل موضوعي في تقدير الدليل بما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث للطعن الخطأ في تفسير القانون وتأويله، ويقولون في بيان ذلك أن الحكم قضى برفض السبب الثالث للإخلاء بمقولة أن عين النزاع أجرت إلى هيئة أجنبية استنادا إلى قرار وزير الإسكان رقم 486 سنة 1970 في حين أن هذا القرار لا ينطبق على الواقعة إذ أنه صدر تنفيذا للفقرة الثالثة من المادة 26 من القانون رقم 52 لسنة 1969 الذي يقصر التأجير مفروشا على المستأجر الذي يقيم في الخارج بصفة مؤقتة، وتوجب عليه بمجرد عودته إخلاء المستأجر من الباطن خلال ثلاثة أشهر وإلا حق للمالك إخلائهما، أما المستأجر المقيم داخل الجمهورية فلا يستفيد من هذا الاستثناء ويظل التأجير من الباطن بدون إذن كتابي صريح من المالك قائما بالنسبة له ومستمرا في ظل القرار رقم 486 لسنة 1970 هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ إذ اعتبر القرار المذكور ينطبق على التأجير سواء كان لغرض السكنى أو التجارة في حين أن التأجير طبقا لهذا القرار مقصور على أغراض السكن فقط الأمر الذي يتضح من ديباجة وما ورد بالمادة الأولى منه من أنه يجوز تأجير وحدات سكنية مفروشة تنفيذا لحكم الفقرة الثالثة من المادة 26 من القانون رقم 52 لسنة 1969 للسائحين الأجانب أو لإحدى الهيئات المرخص لها بمباشرة أعمال السياحة على أن يكون الغرض من التأجير إقامة هؤلاء السائحين وكذا التأجير لسكن الطلبة أو التأجير للدولة على أن يكون الغرض من التأجير إسكان العاملين بها.
وحيث إن هذا النعي غير سديد – ذلك أن الأصل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن القانون يسري بأثر فوري على المراكز القانونية التي تتكون بعد نفاذه، سواء في نشأتها أو في إنتاجها آثارها أو في انقضائها، فهو لا يسري على الماضي فالمراكز القانونية التي نشأت واكتملت فور تحقق سببها قبل نفاذ القانون الجديد تخضع للقانون القديم الذي حصلت في ظله، أما المراكز القانونية التي تنشأ وتكتمل خلال فترة من الزمان فإن القانون القديم يحكم العناصر والآثار التي تحققت في ظله، في حين يحكم القانون الجديد العناصر والآثار التي تتم بعد نفاذه، ولئن كانت المراكز القانونية الاتفاقية تظل خاضعة للقانون القديم الذي نشأت في ظله – باعتبار أنه تعبير عن إرادة ذوي الشأن – في نشوئها أو آثارها أو في انقضائها إلا أن هذا مشروط بألا يكون القانون الجديد قد أخضع المراكز القانونية سالفة البيان لقواعد آمره، فحينئذ يطبق القانون الجديد على ما لم يكن قد اكتمل نشوؤه من عناصرها، وعلى آثار هذه المراكز الحاضرة والمستقبلة كما يحكم انقضاءها، لما كان ذلك وكانت المادة 23/ ب من القانون رقم 52 لسنة 1969 قد أجازت للمؤجر أن يطلب إخلاء العين المؤجرة إذا أجر المستأجر المكان المؤجر من الباطن أو تنازل عنه أو تركه للغير بأي وجه من الوجوه بغير إذن كتابي صريح من المالك، واستنادا لهذا النص رفع الطاعنون الدعوى طالبين إخلاء المطعون ضده من العين المؤجرة سكناً له، فقضت محكمة أول درجة برفض الدعوى، وأيدت محكمة الاستئناف هذا الحكم استنادا إلى أن تأجير العين من الباطن تم وفقاً للمادة 1/ 1 من قرار وزير الإسكان رقم 486 سنة 1970 التي تنص على أنه “يجوز تأجير وحدات سكنية مفروشة تنفيذاً لحكم الفقرة الثالثة من المادة 26 من القانون 52 لسنة 1969 المشار إليه في الأحوال الآتية: 1- التأجير لإحدى الهيئات الأجنبية أو الدبلوماسية أو القنصلية أو المنظمات الدولية أو لأحد العاملين بها من الأجانب أو الأجانب المرخص لهم بالعمل في الجمهورية العربية المتحدة أو بالإقامة فيها ……” وإذ كان الاستثناء الوارد بالمادة 26/ 3 من القانون رقم 52 لسنة 1969 الصادر قرار وزير الإسكان آنف الذكر تنظيماً له قد استلزم للاستفادة منه توافر شرط أن يكون التأجير من الباطن مفروشاً لغرض السكن فإن القانون رقم 49 لسنة 1977 المعمول به من 9/9/1977 أثناء نظر الدعوى قد ضيق نطاق استلزام هذا الشرط وجعله مقصوراً على حالة واحدة هي الحالة الواردة في المادة 39/ ب منه والمحال إليها من المادة 40/ ه من ذات القانون وهي حالة ما إذا كان التأجير للسائحين الأجانب أو إحدى الجهات المرخص لها مباشرة أعمال السياحة وفي المناطق التي يصدر بتحديدها قرار من وزير السياحة – ومن ثم نفي غير هذه الحالة – أصبح لا يشترط في التأجير من الباطن مفروشاً للأجانب المرخص لهم بالعمل أو الإقامة في مصر أن يكون بغرض السكنِ، ومن ذلك الحالة الواردة في المادة 39/ أ من القانون رقم 49 لسنة 1977 الخاصة بالتأجير لإحدى الهيئات الأجنبية أو الدبلوماسية أو القنصلية أو المنظمات الدولية أو الإقليمية أو لأحد العاملين بها من الأجانب أو الأجانب المرخص لهم بالعمل أو الإقامة بجمهورية مصر العربية، وإذ كان هذا النص الذي تضمنه القانون رقم 49 لسنة 1977 آمراً وكانت آثار المركز القانوني الذي كان يتمتع به الطاعنون طبقاً للقانون رقم 52 لسنة 1969 وتخولهم الحق في طلب الإخلاء أو أدركها القانون رقم 49 لسنة 1977 قبل أن تتحقق آثاره وتستقر فعلاً بصدور حكم نهائي فإنه ينطبق عليها. لما كان ذلك وكان الطاعنون لا يجادلون في أن تأجير عين النزاع تم لشركة أجنبية مرخص لها بالعمل أو الإقامة في جمهورية مصر العربية فإن ما تضمنه بشأن قصر التأجير من الباطن لغرض السكنى يكون على غير أساس ولا يعيب الحكم خطؤه في تقريراته القانونية طالما قد انتهى إلى نتيجة صحيحة إذ لمحكمة النقض أن تصحح ما وقع بأسباب الحكم من أخطاء قانونية.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه بالوجه الثاني من السبب الثاني الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق وفي بيان ذلك يقولون أن الحكم قضى برفض السبب الثالث للاستئناف، وهو طلب الإخلاء المؤسس على مخالفة شروط عقد الإيجار المعقولة وتضر بمصلحة المؤجرين بتغيير استعمال العين من سكن إلى معرض بضائع للشركة الأجنبية المستأجرة لعين النزاع من الباطن وما إذا كانت تتعارض مع طريقة الاستعمال، مع أن المستندات المقدمة في الدعوى ومنها مطبوعات الشركة الأجنبية ثابت منها أن عين النزاع قد صارت معرضا لبضائعها رغم أن الغرض من التعاقد هو استعمالها سكنا خاصا للمطعون ضده.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة – أن حق المؤجر في طلب إخلاء العين المؤجرة لتغيير المستأجر وجه استعمالها المتفق عليه، طبقاً لنص المادة 31/ ح من القانون رقم 49 لسنة 1977 المنطبق على الدعوى لا يقوم بمجرد تغيير وجه الاستعمال بل يشترط أن يقع عنه ضرر للمؤجر بحيث إذا انتفى الضرر امتنع الحكم بالإخلاء باعتبار أن طلب الحكم بالإخلاء مع عدم توافر الضرر ينطوي على تعسف في استعمال الحق لما كان ذلك وكان الثابت أن الطاعنين لم يتمسكوا في دفاعهم بأن ضرراً وقع عليهم نجم عن تغيير استعمال العين المؤجرة من مسكن إلى معرض للبضائع بل اعتبروا أن الضرر يتمثل بإجراء هذا التغيير في ذاته مما لا يتيح لهم الحق في طلب الإخلاء، فإن النعي على الحكم المطعون فيه عدم بحث مستندات الطاعنين للتدليل على أن تغيير وجه استعمال العين المؤجرة من السكن إلى معرض للبضائع – أياً كان وجه الرأي فيه – يكون غير منتج.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .