حكم محكمة النقض المصرية في تقدير الخطأ المستوجب لمسؤولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً

الطعن 1123 لسنة 37 ق جلسة 23 / 10 / 1967 مكتب فني 18 ج 3 ق 202 ص 994 جلسة 23 من أكتوبر سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، وحسين سامح، ومحمود عطيفة.
————–
(202)
الطعن رقم 1123 لسنة 37 القضائية

(أ) وكالة. طعن. استئناف. دعوى مدنية.
انتهاء الوكالة بموت الموكل. المادة 714 مدني.
الطعن في الأحكام من شأن المحكوم عليهم. تدخل المحامين عنهم لا يكون إلا بناءً على إرادتهم.
تقرير وكيل المدعي بالحقوق المدنية بالاستئناف بعد وفاة موكله. أثره: عدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة. حضور ورثة المجني عليه جلسات المحاكمة الاستئنافية. لا يغني عن ذلك.
(ب) نقض. “الطعن لثاني مرة”. “سلطة محكمة النقض”.
الطعن مرة ثانية في الحكم الصادر من محكمة الإحالة. على محكمة النقض الحكم في الموضوع كون العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون. على محكمة النقض تصحيح ذلك الخطأ والحكم في الطعن طبقاً للقانون بغير حاجة إلى تحديد جلسة لنظر الموضوع. ما دام تصحيح ذلك الخطأ لا يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر فيه.
(ج، د، هـ) مسئولية جنائية. مسئولية مدنية. خطأ. قتل خطأ. حكم. “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً. موضوعي.

————–
1 – تنتهي الوكالة طبقاً لحكم المادة 714 من القانون المدني بموت الموكل. والأصل أن الطعن في الأحكام من شأن المحكوم عليهم وتدخل المحامين عنهم لا يكون إلا بناءً على إرادتهم الطعن في الحكم ورغبتهم في السير فيه، فإذا كان الثابت بالأوراق أن المحامي قرر باستئناف الحكم الابتدائي بصفته وكيلاً عن المدعي بالحقوق المدنية، في حين أن هذا الأخير كان قد توفى قبل التقرير بالاستئناف، فإن الاستئناف المرفوع عن الدعوى المدنية يكون قد تقرر به من غير ذي صفة. ولا يغير من الأمر حضور ورثة المجني عليه جلسات المحاكمة الاستئنافية، إذ أن مثولهم أمام هذه المحكمة لا يغني عن وجوب التقرير بالاستئناف ممن له صفة في ذلك.
2 – تنص المادة 45 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض على أنه: “إذا طعن مرة ثانية في الحكم الصادر من المحكمة المحال عليها الدعوى تحكم محكمة النقض في الموضوع، وفي هذه الحالة تتبع الإجراءات المقررة في المحاكمة عن الجريمة التي وقعت”. غير أنه إذا كان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم فإن ذلك يقتضي حسب القاعدة الأصيلة المنصوص عليها في المادة 35 من القانون المشار إليه أن تصحح محكمة النقض ذلك الخطأ وتحكم في الطعن طبقاً للقانون بغير حاجة إلى تحديد جلسة لنظر الموضوع، ما دام تصحيح الخطأ المشار إليه لا يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر فيه.
3 – من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً مما يتعلق بموضوع الدعوى فإذا كان الحكم قد دلل تدليلاً سائغاً على خطأ الطاعن في قيادته السيارة واستظهر في بيان مفصل عناصر الخطأ الذي وقع منه، فإنه لا يقبل من الطاعن ما يثيره من جدل في هذا الشأن.
4 – إذا كان الحكم قد أثبت أن قتل المجني عليه كان نتيجة خطأ الطاعن ويتصل به اتصال السبب بالمسبب مستنداً في ذلك إلى ما له أصله الثابت بالأوراق ومدللاً عليه تدليلاً سائغاً في العقل وسديداً في القانون ويؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه. فإن ما يثيره الطاعن من جدل في هذا الشأن لا يكون له محل.
5 – لا تلتزم المحكمة بالرد على ما أثاره الطاعن من أن المجني عليه هو الذي تسبب بخطئه في حصول الحادث بعبوره الطريق دون تريث لأن ذلك لا يعدو أن يكون دفاعاً في شأن تصوري وقوع الحادث مما يكفي للرد عليه ما أوردته المحكمة تدليلاً على ثبوت الصورة التي استقرت في وجدانها.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 2 من أبريل سنة 1956 بدائرة قسم الجمرك: أولاً: تسبب في قتل المجني عليه بغير قصد ولا تعمد وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه وعدم مراعاته اللوائح بأن قاد سيارة نقل غير مستكملة شروط الأمن والمتانة المنصوص عليها في القانون الخاص بالمرور وقرار وزير الداخلية دون أن ينبه المارين بالطريق فصدم المجني عليه السائر أمامه وأصابه مما أدى إلى وفاته. ثانياً: قاد سيارة نقل مخالفاً شروط المتانة والأمن من حيث حمولتها بأن حملها أكثر من الحمولة المقررة بالرخصة. ثالثاً: قاد السيارة دون أن يكون بها وسيلتان متصلتان يمكن معهما التحكم في سير السيارة وفي إيقافها بطريقة فعالة وسريعة ومأمونة. وطلبت عقابه بالمادة 238 من قانون العقوبات والمواد 84/ 1 و88 من القانون رقم 449 لسنة 1955 والمادتين 22 و27 من قرار وزير الداخلية. وادعى والد المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ خمسمائة جنيه ثم أدخل معه أمين محمد الصيرفي بصفته وصياً على أخيه محمد محمود أمين الصيرفي مسئولاً عن الحقوق المدنية. ومحكمة الجمرك الجزئية قضت حضورياً بتاريخ 26 ديسمبر سنة 1960 عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة إلى التهمة الأولى وبمواد الاتهام بالنسبة إلى التهمتين الثانية والثالثة (أولاً) ببراءة المتهم من التهمة الأولى المسندة إليه ورفض الدعوى المدنية وألزمت رافعها المصاريف المدنية. (ثانياً) تغريم المتهم 200 قرش عن التهمة الثانية بلا مصروفات. (ثالثاً) تغريم المتهم 100 قرش عن التهمة الثالثة. فاستأنف هذا الحكم كل من النيابة العامة ووكيل المدعي بالحقوق المدنية. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بتاريخ 27 مارس سنة 1961 عملاً بمواد الاتهام: (أولاً) بقبول الاستئنافين شكلاً. وثانياً – وفي الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وبحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وإلزامه والمسئول عن الحقوق المدنية متضامنين أداء مبلغ خمسمائة جنيه للمدعي المدني والمصاريف المدنية. فطعن المحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض. وبتاريخ 10 فبراير سنة 1964 قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى وألزمت المطعون ضدهما المصروفات المدنية ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. والمحكمة المذكورة نظرت الدعوى من جديد حيث قررت إعلان ورثة المدعي بالحقوق المدنية الذي توفي فمثلوا في الدعوى ودفع المتهم بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة ثم قضت المحكمة في الدعوى حضورياً في 20 من أبريل سنة 1966 عملاً بالمواد 55 و56 و238 من قانون العقوبات بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء (أولاً) بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من براءة المتهم من التهمة الأولى وحبسه عنها ستة شهور مع الشغل وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة مدة ثلاث سنوات تبدأ من يوم صدور الحكم بلا مصاريف. (وثانياً) وفي الدعوى المدنية بإلزام المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية متضامنين بأن يؤديا للمدعين مدنياً مبلغ 500 ج والمصاريف المدنية ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. فطعن وكيل المحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية في 26 مايو سنة 1966 وقدم تقريراً بالأسباب في التاريخ ذاته موقعاً عليه منه. غير أن المسئول عن الحقوق المدنية لم يودع رسماً أو كفالة فقررت محكمة النقض بجلسة 23 من أكتوبر سنة 1967 استبعاد طعنه من الرول.

المحكمة
من حيث إن الطعن المقدم من المحكوم عليه مصطفى السيد عامر قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة قتل خطأ وألزمه التعويض، قد شابه فساد في الاستدلال وخطأ في الإسناد وقصور في التسبيب، ذلك بأنه استظهر خطأ الطاعن في قيادته السيارة دون أن يستعمل آلة التنبيه لدى انحرافه إلى الشارع الذي وقع به الحادث وعدم مراقبته خلو الطريق أمام السيارة في أثناء سيرها، مستدلاً على ذلك بما شهد به الشرطي السيد السيد محمود، في حين أن أقوال هذا الشاهد لا تؤدي إلى ما خلص إليه الحكم إذ أنه شهد بأن المجني عليه قد عبر الشارع فجأة وهو يجري مما يكفي لنفي وقوع الخطأ من جانب الطاعن الذي لم يكن في استطاعته تلافي الاصطدام بالمجني عليه على ما جاء بأقوال الخبير الفني لدى مناقشته أمام المحكمة الجزئية – وليس في عدم إطلاق آلة التنبيه ما يوفر ركن الخطأ قبل قائد السيارة لأن مجرد سيره بالسيارة في الطريق – وهي سيارة نقل محملة بالبضائع – يحدث صوتاً كافياً لتنبيه المارة. هذا فضلاً عن أن إغفاله استعمال تلك الآلة وما ذهب إليه الحكم من عدم مراقبته خلو الطريق أمام السيارة لم يكن السبب في وقوع الحادث لأن المجني عليه هو الذي تسبب بخطئه في حدوث النتيجة التي وقعت. وقد تمسك الطاعن بذلك في دفاعه الذي أبداه أمام المحكمة الاستئنافية غير أن الحكم المطعون فيه لم يعن بالرد عليه على الرغم من أهميته فجاء بذلك قاصراً معيباً بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه العناصر القانونية لجريمة القتل الخطأ التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها ما ينتجه من وجوه الأدلة انتهى إلى إدانة الطاعن بقوله: “وحيث إنه يبين من عرض وقائع الدعوى على نحو ما سلف أن الثابت من أقوال الشرطي السري السيد السيد محمود أن المتهم (الطاعن) لابد أن يكون قد رأى المجني عليه يعبر الطريق بشارع النصر من على بعد خمسة أو ستة أمتار إذ لم يكن هناك ما يحول دون ذلك، كما قرر هذا الشاهد أن السيارة صدمت المجني عليه بمقدمتها من الجهة اليسرى وتأيدت هذه الواقعة بما ثبت من المعاينة التي أجراها محقق الشرطة من وجود آثار دماء بالعجلة الأمامية اليسرى للسيارة ولذا فإن المحكمة تطرح ما قال به المتهم والشاهد سعيد متولي أبو شهبة من أن السيارة صمت المجني عليه بإحدى عجلاتها الخلفية لأن هذا القول يتناقض مع الماديات التي يطمئن إليها ويوثق بها. لما كان ذلك، وكان الشرطي السري قد قرر أن المتهم لم يستعمل آلة التنبيه وكان هذا الأخير قد ذكر صراحة أنه لم ير المجني عليه وأنه لو كان قد شاهده من على بعد خمسة أو ستة أمتار من السيارة لأمكنه إيقافها، فإن المحكمة تخلص من كل ذلك إلى أن المتهم لم يستعمل آلة التنبيه عند انحرافه بالسيارة إلى طريق آخر وأهمل في مراقبة الطريق أمامه ولو كان قد فعل لأمكنه إيقاف السيارة ومفاداة وقوع الحادث وهذا الفعل يشكل من جانبه ركن الخطأ الذي أدى مباشرة إلى إحداث إصابات المجني عليه المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته”. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على الأوراق أن ما استند إليه الحكم من أقوال الشرطي السيد السيد محمود له مأخذه الصحيح مما أدلى به هذا الشاهد بمحضر ضبط الواقعة. كما يبين من مطالعة أقوال المهندس الفني في التحقيق وبمحضر جلسة محكمة أول درجة أنها لا تؤدي المعنى الذي يحمله لها الطاعن في طعنه، وكان من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً مما يتعلق بموضوع الدعوى. وكان الحكم قد دلل تدليلاً سائغاً على خطأ الطاعن في قيادته السيارة واستظهر في بيان مفصل عناصر الخطأ الذي وقع منه فإنه لا يقبل من الطاعن ما يثيره من جدل في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت أن قتل المجني عليه كان نتيجة خطأ الطاعن ويتصل به اتصال السبب بالمسبب مستنداً في ذلك إلى ما له أصله الثابت بالأوراق ومدللاً عليه تدليلاً سائغاً في العقل وسديداً في القانون ويؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه. وكانت المحكمة غير ملزمة بالرد على ما أثاره الطاعن من أن المجني عليه هو الذي تسبب بخطئه في حصول الحادث بعبوره الطريق دون تريث لأن ذلك لا يعدو أن يكون دفاعاً في شان تصوير وقوع الحادث مما يكفي للرد عليه ما أوردته المحكمة تدليلاً على ثبوت الصورة التي استقرت في وجدانها. لما كان ذلك، فإن ما جاء بهذا الوجه لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجهين الأول والثالث من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون كما شابه قصور في التسبيب، ذلك لأن الطاعن دفع أمام المحكمة الاستئنافية بعدم قبول الاستئناف في الدعوى المدنية لرفعه من غير ذي صفة لوفاة المدعى بالحقوق المدنية قبل أن يقرر محاميه بالاستئناف نيابة عنه ومن ثم فقد انتهت الوكالة في تاريخ سابق على التقرير بالاستئناف غير أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفع استناداً إلى مجرد مثول ورثة المجني عليه أمام المحكمة الاستئنافية مع أن حضور الورثة لا يصحح الإجراء الباطل ولا يؤدي إلى اعتبار الاستئناف قائماً. هذا فضلاً عن أن الحكم أغفل بيان اسم المسئول عن الحقوق المدنية الذي ألزم الطاعن أداء التعويض المتضامن معه، وقضى بهذا التعويض لورثة المدعى بالحقوق المدنية مقابل ضرر أدبي، في حين أن تعويض مورثهم عن حزنه على وفاة ولده ما كان ليورث لهم عنه فلا يبقى لهم سوى المطالبة بتعويض مستقل عما أصابهم هم من حزن على وفاة المجني عليه – وهو ما لم يطالبوا به على ما هو ثابت بمحاضر جلسات المحاكمة.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أنه في أثناء نظر الدعوى أمام المحكمة الجزئية ادعى راشد محمد محروس مدنياً قبل الطاعن والمسئول عن الحقوق المدنية طالباً الحكم بإلزامهما بأن يدفعا له مبلغ خمسمائة جنيه على سبيل التعويض. وإذ قضى ابتدائياً في 26 ديسمبر سنة 1960 ببراءة المتهم (الطاعن) من تهمة القتل الخطأ ورفض الدعوى المدنية – قرر الأستاذ محمود زكي المحامي بتاريخ 5 يناير سنة 1961 باستئناف الحكم الابتدائي وذلك بصفته وكيلاً عن المدعي بالحقوق المدنية (راشد محمد محروس) بتوكيل رقم 136 سنة 1957 إسكندرية. ولدى نظر الدعوى أمام المحكمة الاستئنافية بعد إحالة الدعوى إليها بناءً على حكم محكمة النقض الأول دفع الطاعن بعدم قبول ذلك الاستئناف شكلاً للتقرير به من غير ذي صفة – استناداً إلى أن المدعى بالحقوق المدنية كان قد توفى في أثناء نظر الدعوى أمام محكمة أول درجة وقبل أن يقرر محاميه باستئناف الحكم الابتدائي نيابة عنه – وقدم الطاعن إثباتاً لدفعه مستخرجاً رسمياً يفيد وفاة راشد محمد محروس بتاريخ 26 سبتمبر سنة 1957 وقد عرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفع وأطرحه بقوله: “وحيث إن ورثة المجني عليه مثلوا أمام هذه المحكمة وطلبوا الحكم لهم بالتعويض ومن ثم فإن الدعوى المدنية تكون مستقيمة ولا عيب يشوبها). وما انتهى إليه الحكم فيما تقدم غير صحيح في القانون، ذلك بأن الوكالة طبقاً لحكم المادة 714 من القانون المدني – تنتهي بموت الموكل، والأصل أن الطعن في الأحكام من شأن المحكوم عليهم وتدخل المحامين عنهم لا يكون إلا بناءً على إرادتهم الطعن في الحكم ورغبتهم في السير فيه. ولما كان الثابت بالأوراق أن الأستاذ محمود زكي المحامي هو الذي قرر باستئناف الحكم الابتدائي بصفته وكيلاً عن المدعي بالحقوق المدنية راشد محمد محروس، في حين أن هذا الأخير كان قد توفى قبل التقرير بالاستئناف – على ما هو ثابت بالشهادة الرسمية المقدمة في الدعوى ولذلك فقد انتهت وكالة محاميه عنه بوفاته في تاريخ سابق على حصول ذلك التقرير في قلم الكتاب. لما كان ذلك، فإن الاستئناف المرفوع عن الدعوى المدنية يكون قد تقرر به من غير ذي صفة. ولا يغير من الأمر حضور ورثة المجني عليه جلسات المحاكمة الاستئنافية إذ أن مثولهم أمام محكمة ثاني درجة لا يغني عن وجوب التقرير بالاستئناف ممن له صفة في ذلك. لما كان ذلك، فإن المحكمة الاستئنافية إذ قضت بقبول الاستئناف المرفوع من المدعي بالحقوق المدنية على الوجه السالف بيانه تكون قد أخطأ في تطبيق القانون، مما يستوجب نقض حكمها المطعون فيه فيما قضى به في الدعوى المدنية – بغير ما حاجة إلى التطرق إلى بحث سائر ما يثيره الطاعن في طعنه خاصاً بقضائها في تلك الدعوى. ولما كان الطعن مقدماً من الطاعن للمرة الثانية، وكانت المادة 45 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تنص على أنه “إذا طعن مرة ثانية في الحكم الصادر من المحكمة المحال عليها الدعوى تحكم محكمة النقض في الموضوع وفي هذه الحالة تتبع الإجراءات المقررة في المحاكمة عن الجريمة التي وقعت” غير أنه لما كان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم فإن ذلك يقتضي حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من القانون المشار إليه أن تصحح محكمة النقض ذلك الخطأ وتحكم في الطعن طبقاً للقانون بغير حاجة إلى تحديد جلسة لنظر الموضوع ما دام تصحيح الخطأ المشار إليه لا يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر فيه.
وحيث إنه لما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء ما قضى به في الدعوى المدنية والقضاء بعدم قبول الاستئناف المرفوع عنها لرفعه من غير ذي صفة وإلزام المطعون ضدهم المصاريف المدنية ومقابل أتعاب المحاماة ورفض الطعن فيما عدا ذلك.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .