التأمين على الحياة بين الإباحة والتحريم

 

هل يجوز التأمين على الحياة”؟

(الخلاصة) اختلف الفقهاء المعاصرون في عقد التأمين بين الإباحة والتحريم، وأكثرهم على تحريم التأمين التجاري وإباحة التأمين التكافلي، سواء كان التأمين على الحياة أو غيرها.

(إشكالية التأمين) تدخل إشكالية “التأمين على الحياة” وغيرها بسبب اعتقاد البعض أن التأمين يتعارض مع “عقيدة الإيمان بالقضاء والقدر”، وهذا الظن غير صحيح، لأن عقود التأمين ليست لدفع القدر ولكنها لتخفيف الضرر الحاصل من النوازل بالاستعداد له بالتعاون مع الغير.

والتعاون أحد القواعد الاجتماعية/ الاقتصادية التي يشجع عليها الإسلام، ومنها “العاقلة” وهي تعاون أفراد العشيرة الواحدة في جمع وأداء دية المقتول على يد أحد أبنائهم.

ومنها ما ذكره المؤرخون في إجازة الخليفة الراشد عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) لأهل الشام من المسلمين باستمرار ما وجدوه شائعاً عند تجارها قبل الفتح من وضع مبلغ من المال عند كبير التجار يستخدم للتعويض على من خسر من التجار ماله لسبب قاهر، كغرق البضاعة أو استيلاء اللصوص عليها.

(عقد التأمين) عقد التأمين كغيره من العقود التي تقوم بين طرفين فأكثر، يلتزم بموجبه أحد طرفيه بأن يدفع مبلغًا معينًا من المال على أقساط محددة لمدة زمنية معينة؛ لمواجهة خطر أو حادث أو واقعة معينة في مقابل الالتزام.

وفي عقود التأمين المعاصرة شروط والتزامات تختلف باختلاف نوع العقد ومدته وعمر المؤمَّن عليه وعمله ووضعه الصحي والمالي، وينظر إلى أوضاع البلاد واستقرارها، وغيرها من الشروط والظروف، وهي بالخلاصة تختلف من بلد إلى بلد ومن شركة إلى شركة ومن لون من ألوان التأمين إلى غيره.

ولذلك ينظر الفقهاء إلى مشروعية عقد التأمين نفسه، وليس إلى العنوان العام، أهو على الحياة أم على غيرها من الأشياء والممتلكات.

(عقد التأمين بين الإباحة والتحريم) من الفقهاء من يجيز التأمين مطلقاً، بدون قيد ولا شرط، ويعتبره من الابتلاءات العامة، وفي مقدمتهم المرحوم الشيخ مصطفى الزرقا.

وقد ذهب جمهور العلماء المعاصرين إلى تحريم التأمين التجاري وجواز التأمين التعاوني، وبهذا أفتت معظم هيئات الفتوى المعتمدة، كمجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي، ومجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، وهيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، وذلك لما يشتمل عليه التأمين التجاري من الغرر، بخلاف التأمين التعاوني فإنه قائم على التكافل والتضامن، وهو أحد مقاصد الشريعة الغرّاء.

وقد توسع المستشار الشيخ فيصل مولوي في أقوال المؤيدين والمعارضين للتأمين، وساق أدلتهم في كتابه (نظام التأمين وموقف الشريعة منه)، ففيه توسعة لمن أراد التفصيل.

وقد أعجبني شعار ترفعه إحدى شركات التأمين الإسلامية، يقول: (لا ندفع عنك القدر، ولكن نخفف عنك الضرر). والله تعالى أعلم وأحكم.وكتبه د/ صلاح الدين سليم أرقه دان