حكم محكمة النقض المصرية في المسؤولية عن اساءة استعمال الحق

الطعن 6302 لسنة 74 ق جلسة 2 / 6 / 2014 مكتب فني 65 ق 12 ص جلسة 2 من يونيه سنة 2014

برئاسة السيد القاضي/ يحيى جلال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ مجدي مصطفى، أحمد رشدي سلام, عصام توفيق نواب رئيس المحكمة وأحمد فاروق
————-
(12)

الطعن رقم 6302 لسنة 74 قضائية

(1)مسئولية “من صور المسئولية: المسئولية عن إساءة استعمال الحق”. ملكية “نطاق حق الملكية”.

حق الجار. مناطه. التزام الجار بألا يلحق بجاره ضررًاً يجاوز الحد المألوف. التزام مصدره القانون بمقتضى أحكام الشريعة الإسلامية. م 807 مدني.

(2-5 ) تعويض “صور التعويض: التعويض عن مجاوزة الحدود الموضوعية للحق”. مسئولية “من صور المسئولة: المسئولية عن إساءة استعمال الحق”.

(2)ضرر الجار غير المألوف. مناطه. الضرر الجسيم الذي يتأذى منه الجار ولا يحتمله أو يتسامح فيه الناس عادة.
(3) مسئولية الجار عن الأضرار غير المألوفة التي حاقت بجاره. مناطها. ثبوت أن المضار غير المألوفة ناجمة عن مباشرته لسلطات وعناصر حق الملكية أو الانتفاع أو الإجارة أو أي حق آخر ولو لم يلابسها شيء من التقصير في جانبه م 807 مدني.
(4)عدم ثبوت الخطأ في جانب الجار أو كون النشاط الناتج عنه الضرر مرخص له من الجهة الإدارية. لا أثر لهما في قيام تلك المسئولية.
(5)قضاء الحكم المطعون فيه برفض دعوى الطاعن بالتعويض عن الأضرار التي حاقت بمنزله من شروخ وتشققات جراء ما أحدثه معدات ورشة المطعون ضده المجاورة له من اهتزازات شديدة عند تشغيلها استنادًا إلى تلك الورشة مطابقة لشروط الترخيص الصادر له من الجهة المختصة مرتبًا انتفاء مسئوليته عن الأضرار التي لحقت بمنزل الطاعن. خطأ وفساد. علة ذلك.

————-

1 – المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن مؤدى نص المادة 807 مدني يدل على أن المشرع أنشأ بهذا النص – الذي استلهمه من أحكام الشريعة الإسلامية – التزامًا مصدره المباشر القانون بين أركانه وحدد نطاقه ومداه، فرض بموجبه على الجار ألا يلحق بجاره ضرر يجاوز الحد المألوف.
2 – المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن المقصود بالضرر غير المألوف الذي أوجب المشرع رفعه وجبره هو الضرر الجسيم الذي يتأذى منه الجار ولا يحتمله أو يتسامح فيه الناس عادة.
3 – المناط في تحقق مسئولية الجار هو قيام الدليل على أن المضار غير المألوفة التي حاقت بجاره ناجمة عن مباشرة الأول لسلطات وعناصر حق الملكية أو الانتفاع أو الإجارة أو أي حق آخر ولو لم يلامسها شيء من التقصير في جانبه، ذلك أن نص المادة 807 من القانون المدني واضح جلي المعنى قاطعًا في دلالته على أن المسئولية الناشئة عن مضار الجوار غير المألوفة يكفي لتحققها ثبوت هذه المضار.
4 – المقرر – في قضاء محكمة النقض – أنه لا يشترط لقيام مسئولية الجار ثبوت الخطأ في جانبه ويؤيد هذا النظر أن الترخيص الإداري الصادر من الجهات المختصة لا اثر له في قيام هذه المسئولية ولا يعصم الجار المسئول من آثارها.
5 – إقامة الحكم المطعون فيه قضاؤه على أن الورشة المملوكة للمطعون ضده مطابقة لشروط الترخيص الصادر له من الجهة المختصة بما ينفي الخطأ في جانبه ورتب على ذلك انتفاء مسئوليته عن الأضرار التي لحقت بمنزل الطاعن في حين أن هذا الترخيص لا يدرء مسئولية المطعون ضده عن هذه الأضرار التي جاوزت الحد المألوف وفقًا للثابت من تقدير الخبير المنتدب ويكفي لتحققها قيام الدليل على أن تلك الأضرار ناشئة عن استغلاله لورشته، ولا يغير من ذلك ما قرره الحكم من أن تلك الأضرار ليست ناجمة عن الاهتزازات التي تحدثها معدات ورشة المطعون ضده عند تشغيلها مستدلاً على ذلك بأن المنزل الكائن به الورشة لم يحدث به شروخ أو تشققات دون أن يبين المصدر الذي استقى منه هذه الواقعة التي خلت الأوراق من أي دليل ليها فإنه يكون معيبًا فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون بالفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي والمرافعة، وبعد المداولة.

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى …. لسنة 2001م. ك شبين الكوم. يطلب إلزام الطاعن أن يؤدي له مبلغ مائة ألف جنيه تعويضًا عما حاق به من أضرار مادية وأدبية الناجمة عن بلاغ الأخير للنيابة العامة متهمًا إياه بإحداث تشققات وشروخ بمنزله نتيجة استعمال ماكينات بورشة النجارة المملوكة للمطعون ضده. وإذ ثبت عدم صحة الواقعة فأقام الدعوى. وجه الطاعن دعوى فرعية بطلب إلزام المطعون ضده بأن يؤدي له مبلغ مائة وخمسين ألقف جنيه تعويضًا ماديًا وأدبيًا عن الأضرار التي لحقت به بسب استخدامه معدات تحدث اهتزازات شديدة عند تشغيلها مما أدى إلى تصدع منزله المجاور لورشة المطعون ضده وحدوث شروخ وتشققات به ومن ثم أقام الدعوى, حكمت المحكمة برفض الدعويين الأصلية والفرعية, فاستأنف الطاعن هذا الحكم برقم ….. لسنة 35 ق استئناف طنطا – مأمورية شبين الكوم – كما استأنفه المطعون ضده أمام ذات المحكمة برقم….. لسنة 35 ق. ضمت المحكمة الاستئنافين وندبت خبيرًا في الدعوى وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ ../ ../ 2004 برفض الاسئنافين وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيه الرأي بنقض الحكم المطعون فيه. وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن المعدات التي يستخدمها المطعون ضده في ورشة النجارة المملوكة له تحدث عند تشغيلها اهتزازات شديدة أدت وفقًا من تقرير الخبير المنتدب إلى تصدع منزله وحدثت شروخ به تُعد من مضار الجوار غير المألوف توجب مسئولية المطعون ضده، فأطرح الحكم هذا الدفاع استنادًا إلى أن الورشة المشار إليها مطابقة لشروط الترخيص الإداري ورتب على ذلك نفي الخطأ في جانب المطعون ضده في حين أن الترخيص لا يدرء مسئوليته عن مضار الجوار غير المألوفة، كما دلل الحكم على عدم وقوع أضرار بمنزل الطاعن نتيجة تشغيل معدات الورشة المذكورة بأن المنزل الكائن به الورشة لم يحدث به شروخ أو تشققات دون بيان المصدر الذي استقى منه هذه الواقعة التي خلت من دليل عليها ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأنه لما كان النص المادة 807 من القانون المدني على أنه (1) “على المالك ألا يغلو في استعمال حقه إلى حدج يضر بملك جاره. (2) وليس للجار أن يرجع على جاره في مضار الجوار المألوفة التي لا يمكن تجنبها وإنما له أن يطلب إزالة هذه المضار إذا تجاوزت الحد المألوف التي لا يمكن تجنبها وإنما له أن يطلب إزالة هذه المضار إذا تجاوزت الحد المألوف، على أن يراعي في ذلك العرف, وطبيعة العقارات، وموقع كل منها بالنسبة إلى الأخر، والغرض الذي خصصت له، ولا يحول الترخيص الصادر من الجهات المختصة دون استعمال هذا الحق”. يدل على أن المشرع أنشأ بهذا النص – الذي استلهمه من أحكام الشريعة الإسلامية – التزامًا مصدره المباشر القانون بين أركانه وحدد نطاقه ومداه، فرض بموجبه على الجار ألا يلحق بجاره ضرر يجاوز الحد المألوف, والمقصود بالضرر غير المألوف الذي أوجب المشرع رفعه وجبره هو الضرر الجسيم الذي يتأذى منه الجار ولا يحتمله أو يتسامح فيه الناس عادة, ومن ثم فإن المناط في تحقق مسئولية الجار هو قيام الدليل على أن المضار غير المألوفة التي حاقت بجاره ناجمة عن مباشرة الأول لسلطات وعناصر حق الملكية أو الانتفاع أو الإجارة أو أي حق آخر ولو لم يلامسها شيء من التقصير في جانبه، ذلك أن نص المادة 807 من القانون المدني واضح جلي المعنى قاطعًا في دلالته على أن المسئولية الناشئة عن مضار الجوار غير المألوفة يكفي لتحققها ثبوت هذه المضار ولا يشترط لقيامها ثبوت الخطأ في جانبه ويؤيد هذا النظر أن الترخيص الإداري الصادر من الجهات المختصة لا أثر له في قيام هذه المسئولية ولا يعصم الجار المسئول من آثارها. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاؤه على أن الورشة المملوكة للمطعون ضده مطابقة لشروط الترخيص الصادر له من الجهة المختصة بما ينفي الخطأ في جانبه ورتب على ذلك انتفاء مسئوليته عن الأضرار التي لحقت بمنزل الطاعن في حين أن هذا الترخيص لا يدرء مسئولية المطعون ضده عن هذه الأضرار التي جاوزت الحد المألوف وفقًا للثابت من تقدير الخبير المنتدب ويكفي لتحققها قيام الدليل على أن تلك الأضرار ناشئة عن استغلاله لورشته، ولا يغير من ذلك ما قرره الحكم من أن تلك الأضرار ليست ناجمة عن الاهتزازات التي تحدثها معدات ورشة المطعون ضده عند تشغيلها مستدلاً على ذلك بأن المنزل الكائن به الورشة لم يحدث به شروخ أو تشققات دون أن يبين المصدر الذي استقى منه هذه الواقعة التي خلت الأوراق من أي دليل ليها فإنه يكون معيبًا فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون بالفساد في الاستدلال.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .