حكم نقض هام في قضايا المخدرات

باســم الشعـــب
محكمـــة النقــــض
الدائـرة الجنائيـة
********

المؤلفة برياسة المستشار / فوزي احمد المملوك – نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : حسن غلاب و محمد احمد حسن
والسيد عبد المجيد العشري و الصاوي يوسف
وحضور رئيس النيابة العامة لدي محكمة النقض السيد / رضا رشدي
وأمين السر السيد / محمد احمد عيسي
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بمدينة القاهرة
في يوم الثلاثاء 12 من رجب سنة 1405 هـ الموافق 2 أبريل سنة 1985 م
أصدرت الحكــم الآتي :
في الطعن المقيد في جدول النيابة برقم 1307 لسنة 1984 وجدول المحكمة برقم 2913 لسنة 54 القضائية .
المرفــوع من :
النيابة العامـــة
ضـــد
مصطفي حنفي محمود (وشهرته العربي أبو دينا)
محمد محمد عبد الفتاح الناضورى وشهرته محمد الناضورى
………..”متهمان”

الوقــائــع

اتهمت النيابة المطعون ضدهما في قضية الجناية رقم 14 لسنة 1983 الميناء (المقيدة بالجدول الكلي برقم 448 لسنة 1983) بأنهما في يوم 8 من سبتمبر سنة 1983 بدائرة قسم الميناء – محافظة الإسكندرية احرزا بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي جوهرا مخدرا “حشيشا” في غير الأحوال المصرح بها قانونا .

وأحيلا لمحكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
ومحكمة الجنايات الإسكندرية قضت حضوريا في 14 من يناير سنة 1984 عملا بالمواد 1 , 2 , 37 / 1 , 42 / 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 61 لسنة 1977 والبند 57 من الجدول المعدل بقرار وزير الصحة رقم295 لسنة 1976 , 30 من قانون العقوبات , 354 / 1 أ ج ببراءة المتهمان مما نسب أليهما وبمصادرة المخدر المضبوط .
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض في 16 من فبراير 1984 وقدمت مذكرة بأسباب الطعن بذات التاريخ موقعا عليها من رئيسها .
وبجلسة اليوم سمعت المرافعة علي ما هو مبين بمحضر الجلسة .

المحكمـــة
بعد الاطلاع علي الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانونا .
من حيث أن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون .

وحيث أن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه انه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهما من تهمة إحراز المواد المخدرة المسندة إليهما فقد أخطأ في تطبيق القانون وفي الإسناد , ذلك بأنه أقام قضاءه على وجوب تقيد رجال الجمارك فيما يقومون به من إجراءات القبض والتفتيش داخل نطاق الدائرة الجمركية بالقيود والضوابط المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية مع أن الصحيح وفق أحكام قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 أن موظفي الجمارك الذين أسبغت عليهم صفة مأموري الضبط القضائي غير مقيدين فيما يجرونه من ضبط وتفتيش داخل الدائرة الجمركية بتلك القيود بل يكفي أن تتوافر لديهم مظنة التهريب فيمن يوجد في هذه المنطقة ليحق لهم ضبطه وتفتيشه , كذلك فقد أقام الحكم قضاءه على أن القبض على المطعون ضدهما قد تم قبل تخليهما عن المخدر مع مخالفة ذلك لما حصله من أقوال الشهود وكل ذلك يعيب الحكم ويوجب نقضه .

وحيث أن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى أقام قضاءه ببراءة المطعون ضدهما من التهمة المسنده إليهما في قوله : “وحيث انه لما كان الثابت من استقراء أوراق الدعوى وتحقيقاتها وما قرره الشاهدان ……….انهما إذ كانا في الكمين المعد من قبل للقبض علي من توافرت التحريات عن قيامهم بتهريب بضائع , شاهدا المتهمين ومعهما شخص ثالث – قادمين في مواجهة الكمين فبادراهما والشاهد الثالث بمحاولة القبض عليهما”“وعند ذاك ألقي المتهمان بحملهما , وكان الضابط ومرافقاه من غير موظفي الجمارك الذين منحتهم القوانين الجمركية حق تفتيش الأشخاص في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم داخل الدائرة الجمركية أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية إذا ما قامت لديهم دواعي الشك أو مظنة التهريب فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق ومن ثم فانه – بوصفه من مأمور الضبطية القضائية – يبقى

مطالب بالالتزام بضرورة توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية , وعلي نحو ما تجيزه المادة 34 منه لمأموري الضبطية القضائية في أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد علي ثلاثة اشهر من القبض علي المتهم الحاضر الذي توجد دلائل طاغية على اتهامه وهو ما يبيح له وفقا للمادة 46 من ذات القانون تفتيش المتهم وإذ كان المتهمان لم يشاهدا في حالة من حالات التلبس بارتكابهما جريمة ما , ولم تكن ثم مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن ارتكابهما جريمة معينة مما يجيز القانون القبض عليهما , ذلك أن مجرد وجودهما أو سيرهما في مكان الضبط لا ينم وحده عن ارتكابهما جريمة وليس من شأنه أن يوحي إلي رجل الضبط بقيام امارات أو دلائل على ارتكابهما حتى يسوغ له القبض عليهما بغير إذن من السلطة المختصة قانونا , ولا يقدح في هذا ما تذرع به الضابط بشان قالته عن تحريات لم يثبت جديتها أو مدى صحتها , عن توقع تهريب بضائع من هذا المكان مما كان حريا به أن يبسط ما أشاعته”

تحرياته على سلطة التحقيق المختصة لاستصدار إذنها بضبط جريمة التهريب ومرتكبيها أما وهو لم يفعل فيضحى قبضه على المتهم ينفي هذه الحالة – بغير مسوغ من القانون , ويكون إلقاؤهما ما كانا يحملانه وتخليهما عنه وليد هذا الأجراء غير المشروع إذ اضطرا إليه اضطرارا عند محاولة القبض عليهما – في غير حالاته – لا عن إرادة وطواعية واختيار من جانبهما ومن ثم فان ضبط المخدر علي اثر ذلك الإجراء الباطل تنتفي معه حالة التلبس بالجريمة لوقوعه على غيرمقتضى القانون ………. “.

لما كان ذلك , وكان لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم بغير وجه حق , وكان الدستور قد كفل هذه التحريات باعتبارها اقدس الحقوق الطبيعية للإنسان بما نص عليه في المادة 41 منه من أن “الحرية”
الشخصية حق طبيعي وهى مصونه لاتمس وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع , ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة وفقا لأحكام القانون .”لما كان ذلك , وكان من المقرر أن ما تجريه سلطات الجمارك من معاينة البضائع وأمتعة المسافرين هو نوع من التفتيش الإداري الذي يخرج عن نطاق التفتيش بمعناه الصحيح الذي عناه الشارع في المادة 41 سالفة البيان , وكان قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963 قد قصر حق إجراء هذا النوع الخاص من التفتيش على موظفي الجمارك , فان مفاد ذلك ان يبقى سائر مأموري الضبط القضائي فيما يجرونه من قبض وتفتيش داخل الدائرة الجمركية , خاضعين للأحكام العامة المقررة في هذا الشأن في الدستور وقانون الإجراءات الجنائية” .

لما كان ذلك وكانت المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 – لا تجيز لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم وتفتيشه بغير أمر قضائي – إعمالا للمادة 46 من القانون ذاته – إلا في أحوال التلبس وبالشروط المنصوص عليها فيها , وكان من المقرر أن حالة التلبس تستوجب أن يتحقق مأمور الضبط القضائي من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو بمشاهدته أثرا من آثارها ينبئ بنفسه عن وقوعها أو بادراكها بحاسة من حواسه , وإذ كان الحكم المطعون فيه – فيما خلص إليه من بطلان القبض على المطعون ضدهما وتفتيشهما – قد التزم هذا النظر , فانه يكون قد طبق القانون علي وجهه الصحيح وأصاب محجة الصواب بما يضحى معه منعى الطاعنة غير سديد , لما كان ذلك وكان ما تثيره النيابة العامة الطاعنة بشان خطأ الحكم إذ أورد أن تخلى المطعون ضدهما عن المخدر كان لاحقا للقبض عليهما مخالفا ما حصله من أقوال الشهود من أن هذا التخلي كان سابقا على هذا القبض مردودا من ناحية بأن ما حصله الحكم عن واقعة التخلي واضح الدلالة على أنها تمت عند محاولة القبض عليهما أي قبل تمامه على خلاف ما تدعيه بوجه النعي كما انه مردود من ناحية أخرى بأنه بفرض صحة ما تذهب إليه فان تخلى المطعون ضدهما عما يحملانه عند مشاهدتهما مأمور الضبط القضائي يهم باللحاق بهما لا ينبئ بذاته عن توافر جريمة متلبس بها تجيز لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم وتفتيشه . لما كان ما تقدم . فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه .
فلهــذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه .

أمين الســر >>>>>>>> نائب رئيس المحكمــة