حكم لمحكمة امن الدولة العليا ( رشوة)

رقم الحكم 6503
تاريخ الحكم 10/11/1997
اسم المحكمة محكمة امن الدولة العليا بالمنيا – مصر

بعد تلاوة امر الاحالة وسماح المرافعة الشفوية ومطالعة الاوراق والمداولة قانونا .
ومن حيث ان المتهم الثاني … اعلن ولم يحضر فيجوز الحكم في غيبته عملا بالمادتين 381 ، 384 اجراءات جنائية .

ومن حيث ان واقعة الدعوى مستخلصة مما تم فيها من تحقيقات وما دار بشانها بجلسة المحاكمة تخلص في انه اسند الى المتهم الاول المهندس … مدير ادارة تنفيذ منطقة المنيا بشركة … العامة للمقاولات الاشراف على تنفيذ الاعمال المدنية الخاصة بمستشفى … – وقد اسندت الشركة – تحت اشرافه – عملية توريد وتركيب الرخام الى المقاول… صاحب شركة … للرخام والجرانيت ، واثناء التنفيذ طلب المهندس منه اداء بعض الاموال كهدايا لموظفي وعمال المستشفى فاعطاه مبلغ 1500 ج ( الف وخمسمائة جنيه ) على دفعات ووافاه المهندس بمقر الشركة بالقاهرة وحادثه بشان ضالة المبالغ التي يتقاضاها على وعد بزيادة اعمال الشركة ومهددا باسنادها الى اخر وطلب اليه مقابلته بالمنيا ففهم ان المبالغ السابق اداؤها كانت له لا للعاملين بالمستشفى وفى منتصف سبتمبر 1996 وردت اليه برقية من المهندس تنذره بمسئوليته عن تاخير الاعمال اعقبتها برقية اخرى مماثلة ثم انذار من شركة … بسحب العملية ان لم تتم في اسبوع ثم ابلغه عمال بتولى مقاول اخر عملية التوريد وتركيب الرخام بالمستشفى فحضر الى المنيا وابلغ السيد / … بما كان من المهندس … فتحرر محضرا بذلك الساعة 2 م يوم 1996/9/23 وبتاريخ 1996/9/30 قدمت الرقابة الادارية محضرا بتحرياتها عن المتهم الاول تفيد اختصاصه باستلام مواقع العمل والرسومات التنفيذية والاشراف على الاعمال التمهيدية وعلى العاملين ومراجعة اعمال حصر الكميات واعداد المستخلصات عن كل مرحلة .
وانه اعتاد تقاضى مبالغ مالية من مقاولى الباطن المتعاملين مع شركته على سبيل الرشوة لانهاء مصالحهم واعتماد مستخلصاتهم لصرف مستحقاتهم المالية وعدم التعسف معهم في كل هذه الامور – وطلبت الرقابة الادارية الى النيابة العامة الاذن لها بتسجيل الاحاديث المتبادلة بين المتهمين خاصا بالرشوة فاذنته النيابة العامة بذلك الساعة 10 م 1996/9/30 وبتاريخ 1996/10/8 ابلغ المتهم الثاني الرقابة الادارية بان المتهم الاول في انتظاره بمسكنه الكائن بشارع طه حسين ببندر المنيا الساعة 9.15 مساء فتم تزويد المتهم الثاني بالاجهزة الفنية التي تسمح بالتصنت وتسجيل احاديث اللقاء – الذي التقى بالمتهم الاول ودار بينهما حديث طويل تم تسجيله – برزت فيه امورا ثلاثة :-
1 – سابقة حصول المتهم الاول على مبلغ 1500ج على ثلاث دفعات وعلى مدى ثلاث سنوات بواقع اربعين جنيها شهريا – كما قال.
2 – ضالة هذا المبلغ الذي لا يكاد يغطى نفقاته .
3 – مطالبته المتهم الثاني بمبلغ 2300 ج انفقها من ماله الخاص في تيسير اعمال المقاول نظير هدايا للمسئولين في الشركة والاتفاق على قدر الاموال التي تقتضى من المتهم الثاني مستقبلا عن الاعمال الجديدة وقد اتفق على تقاضى المبلغ الاخير يوم الاثنين 1996/10/14 .

وفي يوم 1996/10/13 تم تجهيز المتهم الثاني بالمبلغ المالي المطلوب من خزينة الهيئة ورصدت ارقام الاوراق المالية وفئاتها في المحضر واذنت النيابة العامة في مراقبة وتسجيل وتصوير هذا اللقاء المرتقب وضبط وتفتيش المتهم الاول ومسكنه ، وبتاريخ 1996/10/14 الساعة 2 طلب المتهم الاول استلام النقود بموقع العمل بالمستشفى الا انه – بناء على توجيهات الرقابة الادارية – اصر المتهم الثاني على تسليمه له في مكتبه فاخذه منه ووضعه في جيبه وقام مسرعا يغادر مكتبه ، ولما سمعت الرقابة الادارية ” كلمة السر ” المتفق على ترديدها من المقاول داهمت المتهم الاول الذي جرى مسرعا وضبط بالشارع المجاور والقى بالنقود اسفل احدى السيارات بالشارع الا ان عضو الرقابة التقطه وتاكد من انه ذات النقود التي اعطيت للمتهم الثاني. ومن حيث ان الواقعة بالتصوير المشار اليه انفا قام الدليل على صحتها وصحة اسنادها الى المتهمين مما شهد به السيد / … عضو الرقابة الادارية والسيد / … رئيس قسم الحسابات بشركة النيل العامة للمقاولات وما قرره المتهم الثاني – وما جاء بتفريغ شريط التسجيل المتضمن حوار المتهمين .

فقد شهد السيد / … بان المتهم الثاني ابلغه بسبق حصول المتهم الاول على مبلغ 1500 ج على ثلاث دفعات بزعم توزيعها على العاملين بمستشفى … العام ثم جاءه بمكتبه بالقاهرة يشكو من ضالة المبلغ وضالة مرتبه واعزامه زيادة اعمال الشركة الخاصة به متوعدا باسناد الاعمال الى مقاول اخر ، ثم ورد اليه برقيات تستحثه على انجاز اعمال ، ثم انذر باسنادها الى مقاول اخر فسعى الى المتهم الاول بالمنيا ورتب لهما لقاء في مسكنه وقد زوده بجهاز تسجيل سجل الحوار الذي دار بينهما والذى استبان منه اعتراف المتهم الاول بسابقة قبض 1500 ج على ثلاث دفعات ومطالبته المتهم الثاني باداء مبلغ 2300 ج والا عرقل له نشاط مقاولته ، وتواعدهما على دفع المبلغ في مكتبه واضاف الشاهد انه جهز المبلغ للمتهم الثاني ودون ارقام وريقاته وفئاتها وتابع اللقاء بالمكتب تسجيلا الى ان اعطى المتهم الثاني اشارة بقبول المتهم الاول لمبلغ الرشوة المطلوب الذي كان قد سارع بمغادرة مكتبه ونزل الى الشارع وعند محاولة ضبطه حاول الفرار ملقيا النقود اسفل سيارة تقف بالشارع فسارع الى ضبطه والنقود الملقاة والتي تبين له من الفحص انها تطابق النقود المسلمة الى المتهم الثاني .

وشهد السيد / … رئيس قسم الحسابات بشركة النيل العامة للمقاولات بان المتهم الاول يختص بالاشراف الفني والادارى على تنفيذ اعمال فرع الشركة بالمنيا ومن بينها تقدير اعمال مقاولى الباطن وتحديد قيمتها واعتماد مستخلصاتها تمهيدا لصرف مستحقاتهم ومن بينهم الشركة المملوكة للمتهم الثاني – واكد ان المتهم الاول يختص بتعليق او خصم اية مبالغ من تلك المستحقة للمتهم الثاني في مجاله من سلطة تقديرية في هذا الشان.

وقرر المتهم الثاني بالتحقيقات بان المتهم الاول اقتضاه مبلغ 1500 ج على ثلاث دفعات بزعم توزيعها على العاملين بالمستشفى ثم قابله بمكتبه بالقاهرة وشكا من ضالة هذا المبلغ وضالة مرتبه ففهم ان هذا المبلغ كان له وليس للعاملين ثم وردت اليه برقيات وانذار تحثه على انجاز الاعمال او اسنادها الى مقاول اخر ، فاتصل بالمتهم الاول تليفونيا لاستفساره فاجابه بانها مكاتبات روتينية وطلب منه لقاءه بالمنيا فابلغ الرقابة الادارية التي طلب اليه مجاراة المتهم الاول وزودته بالة تسجيل لتسجيل ما يدور بينهما من حديث وفعلا التقى بالمتهم الاول في مسكنه ودار بينهما حديث مسجل انطوى تحديدا على اقرار المتهم الاول بقبض مبلغ 1500 ج ومطالبته بمبلغ 2300 جنيه فابلغ الرقابة الادارية بذلك فزودته بالمبلغ المطلوب من خزينتها وبالة تسجيل لتسجيل ما يتم في لقاءهما المرتقب وفي الميعاد توجه الى المتهم الاول في مكتبه وسلمه النقود المتفق عليها ، وردد العبارة المتفق عليها مشيرا الى تسليم ” الرشوة ” وسارع المتهم الاول الى مغادرة المكتب وحاول الفرار عند ضبطه فتمت ملاحقته حتى ضبط واكد ان المتهم الاول طلب مبلغ الرشوة لتسهيل صرف مستحقاته اليه على نحو ما كان يفعل من قبل .

وبسؤال المتهم الاول بالتحقيقات اقر بانه طرف في الحوار المسجل في المرتين في منزله ، وفى مكتبه وانه تقاضى مبلغ 1500 ج قيمة نفقات انفقها لحساب المتهم الثاني في تسليم عنات الرخام في القاهرة وطلب 2300 جنيه دينا له اذ ضمن المتهم الثاني في تسليمها ل… الدائن الاصلى للمتهم الثاني – وبجلسة المحاكمة نفى المتهم الاول اقتضاؤه مبالغ من المتهم الثاني على سبيل الرشوة ، مقررا ان بعضها نفقات انفقها لتبعية اعمال المتهم الثاني وعلى حسابه وبعضها الاخر اداه للمقاول … سدادا لدين له على المتهم الثاني – وقدم محاميه صور برقيات ارسلها للمتهم الثاني لسرعة انجاز اعماله مؤرخة 1996/4/12 ، 1996/4/18 ، 1996/5/23 ، 1996/6/4 ، 1996/6/10 ، 1996/7/10 ، 1996/9/9 ، 1996/8/15 وكذلك صورة من القرار رقم 146 لسنة 1993 لشركة النيل العامة للمقالات باسناد ادارة المكتب الفني بالمنيا للمتهم وصورة من القرار رقم 71 لسنة 1996 بنقل المتهم الاول للعمل مديرا لتنفيذ عملية المستشفى الجامعى بالمنيا – وقدم ايضا صورة من العقد المبرم مع المقاولين يحتوى على البند ” خامسا ” بشان سحب العمل من المقاول والتشغيل على حسابه وطلب محاميه الحكم ببراءته على اساس ان المبالغ التي اقتضاها من المتهم الثاني هى نظير اعمال اداها له وكان مسولا عن نفقاتها الى انه تراخى في ذلك – كنقل عينات الرخام الى القاهرة والبقاء فيها ونقلها الى اسيوط والبقاء فيها والاعمال التي اداها المقاول …

رغم انكاره فما ظنه المتهم الثاني رشوة اداها هى قيمة نفقات تحملها المتهم الاول عنه بسبب تخلفه عن العمل وتعطيله. ومن حيث ان ما دفع المتهم الاول غير صحيح ذلك ان المستفاد من الحوار الذي جرى بينه والمتهم الثاني والذى اقر باوراق تسجيله تفيد انه اقتضى مبلغ 1500 جنيه على سبيل الرشوة وقد شكا من ضالة هذا المبلغ وعدم كفايته فهو لا يفى بنفقاته فخاطبها حسب تقديره مبلغ اربعين جنيها شهريا لا تكفى لتوزيع السجائر فقط رغم انه يحمل الهدايا الى الغير ومنها تليفزيون قيمته 1500 جنيه فقط وكشف عن انه لا يستطيع ان يامر المسئولين في الشركة بانجاز العينات ويطيعونه اذ لا بد من سوق الهدايا اليهم ثم تطرق الى طلب مبلغ 2300 جنيه تحديدا ولم يبين في التسجيل علة المطالبة به لتجديد الاعمال التي اداها للمتهم الثاني ليستحق هذا المبلغ في ذمته واكتفى بالايحاء ان هذا المبلغ ليس له شخصيا وانما لانجازمصالح المقاول نفسه مهددا يعرقل اعماله والاضرار به لحرمانه من مكاسبه وارباحه نظير حرمانه هو من المبلغ المطلوب ولم يزد في اقواله بالتسجيلات ان هذا المبلغ دينا للمقاول… اداه اليه او في سبيله لاداءه اليه ولم ينفرد عن المطالبة بهذا المبلغ في الحاح واصرار وبينما وعبارات حادة حتى وعده المتهم الثاني بان يدفعه له وضرب له يوم الاثنين موعدا للاداء دفعة واحدة وليس على دفعتين والمحكمة تتخير الاجابات التالية كعينة على توافر قصد المتهم الاول في اخذ رشوة من المتهم الثاني الذي يعلم تماما انه يؤدى بوصفها كذلك :-

المتهم الثاني : انا كنت عامل حساب ال 500 جنيه ادفعها كالعادة ( ص 6 / 103 ).
المتهم الاول : انا وصلنى منكم 500 في 500 دافع لكم اكثر من 1500 ( ص 07 / 104 )
المتهم الاول : ما علينا من مصاريف ( ص 7/ 104 ) المتهم الاول : احنا بنسهل الشغل المفروض انك تسهل امورك لنفسك ….. ما بتسهلش امورك هناك ال 15 تبقى عشرين وتبقى 25 ومش حتقدر تقول حاجة …. احنا مش بندفع .
المتهم الاول : انتو ليكو ثلاث سنين قاعد بتحكي تقول لي 500 × 500 يعنى دفعتين الف جنيه في ثلاث سنين لا برافو بمعدل عشرة جنيه في الشهر ( ص 10 / 107 ) المتهم الاول : … ومتغاظ منك علشان ال 500 جنيه نبيه انت قوى ( ص 15 / 112 )
المتهم الثاني : .. يابيه انا عارف ال 500 جنيه مش هتعمل حاجة ( ص 15 / 12 )
المتهم الاول : انا سددت له فلوس .. واتعمل لك شغلك وخذت حسابات مضبوطة ومفيش اى مشكلة ( ص 17/ 114 )
المتهم الاول : 500 مين يا عم … ونا بروح للموظف يجبله تليفزيون و 1500 جنيه افلاما … يمشى حالى على الاقل ( ص 22 / 119 )
المتهم الثاني : اخوك الصغير ونورنى
المتهم الاول : مفيش تنوير اكثر من كده … واخد بالك …. كذا مرة اعملك مستخلصات وامشى الامور ونتصل بيه وتوعد 100 روح انا اسدد عنك ص 26 / 123 .
المتهم الاول : سدد لك 2300 جنيه لغاية المستخلص اللى قبل اللى فات ص 28/ 125
المتهم الثاني : طب قول لى انا منين اعرف.
المتهم الاول : ها ابقى اقول لك لما اشوف الناس ان ايه بالضبط لما يزين ايه ص 30 / 127
المتهم الثاني : طيب … اللى جاى ده بقى سيادتك .
المتهم الاول : لما تيجى اقول لك ده حسابه ايه وده له عندى عيه وده باجبله ايه …. عايز تمشى امورك مش عايز تمشيها اركن وغيرك يمسكها ص 35 / 176 المتهم الاول : ما تستبعد وش … يمكن اجدع . يمكن اخلى العميل يغرف ويدينى .. ليه اكره الخير ص 36 / 133 . المتهم الاول :/ شلت شيلة قد ايه منه شيال رخام … ومنه شايل هدايا ص 39 / 136

المتهم الاول : انا لا يخصنى … ولاغير … انا باقول لك دى فلوس انا دفعتها لك ص 43 / 137 المتهم الاول : ده موضوع بره … .. انا كنت محمل العربية وبنزل بها هدايا وارض ص 41 / 138 والمستفاد من ايراد هذه النصوص بعباراتها والفاظها ان المتهم الاول طلب رشوة لانجاز اعمال المقاول وانهاء المستخلصات وصرف المستحقات واعتماد العينات ، وزعم ان هذه الرشوة لغيره ياخذها في شكل هدايا ، ولم يطلب شيئا للمقاول … على خلاف ما زعم فلا صلة لهذا الاخير بالمقاول كما اقر بذلك بالتحقيقات فقد نفى انه ادى اعمالا لحساب المتهم الثاني ، وبدليل ان المتهم الاول ايضا لم يشا ان يكشف عن شروط تعامله فيما يجد من اعمال حتى يحصل على المبلغ المطلوب.. ولا يغير من هذا النظر انه طلب الرشوة لنفسه صراحة او تحت زعم اداءها الى الغير ، كما ثبت بتعيينه وبدلاته الامر الادارى رقم 71 لسنة 1996 انه عين مديرا لتنفيذ عملية المستشفى الجامعى بالمنيا وعهد اليه بحكم وظيفته هذه – الاشراف الادارى والمالى على المقاولين والعاملين في المشروع وليس صحيحا ما قيل من اختلاف فهم كل من المتهمين لسبب طلب واداء النقود المتداولة بينهما ، فقد ادها المتهم الثاني عن علم بانها رشوة لتسهيل وتيسير اعماله وطلبها وقبلها المتهم الاول عن قصد بتسهيل اعمال المقاول وعدم عرقلته او تاخير مستحقاته اذ هو المنوط به الاستلام والتسعير وله هيمتة كاملة على اعمال المقاول فقد هدده صراحة في حديثه المسجل بتخفيض قيمة اعماله او رفض بعضها بما يعود عليه بالضرر كما المح له صراحة باستعداده للتعاون مع مقاولين اخرين قد يكونون اكثر سخاءً فيعود ذلك عليه بالخير كما ثبت ان المقاول حصل على قيمة مستخلصاته كاملة فلو ان الشركة تحملت عنه نفقات ما لاستنزلت قيمتها من مستحقاته والعقد يعنى سحب العمل من المقاول او اسناده الى غيره او الصرف عليه من اموال الشركة وليس من ماله الخاص ،

وليس لملزم ان ينفق من ماله الخاص على اعمال المقاول الا ان يعود عليه ذلك بنفع خاص يزيد من قيمة تلك الاعمال فضلا عن انه افصح صراحة عن ان ماطله من مال لم يكن يجابه نفقات تكبدها وانما كان قيمة هدايا ” وقرض ” يحملها معه لحمل العاملين على انجاز مصالح المقاول فقد زعم ان القاهرة رفضت اعتماد الرخام المورد فسافر الى اسيوط سعيا وراء اعتماده – كما انذر المقاول بتركه ركابه المسئولين منفردا لايهامه بان هذه الاموال المطلوبة ليست له وانما لغيره فاساء الى سمعة الغير دون مبرر ، وطمعا في كسب رخيص ” دراهم معدودة ” وكشف ” التسجيل الصوتي ” عن مدى هيمنته على اعمال المقاول فباستطاعته اجازتها او الاضافةاليها او الانتقاص من قيمتها ليدفع المقاول الى اداء الرشوة المطلوبة اتقاء الخسارة . ومن حيث انه من المقرر في جريمة الرشوة ان تكون الاعمال التي يطلب من الموظف اداؤها او اطراحها تدخل ضمن اعمال وظيفته او يزعم هو ذلك وان العقد الجنائى يتوافر بمجرد علم المرتشى عند طلب او قبول الوعد او العطية او الفائدة انه يفعل هذا لقاء القيام بعمل او الامتناع عن عمل من اعمال الوظيفة التي يتولاها فعلا او يزعم توليها ثمنا لاتجاره بوظيفته او استغلالها …. واذ كان ذلك وكان من الثابت ان المتهم الاول يشرف على اعمال المتهم الثاني وفي مكنته افادته او الاضرار به ، وتيسير اعماله او عرقلتها – وكان قد طلب رشوة من المتهم الثاني للاخلال بواجبات وظيفته اتجارا بها واستغلالا لها للتربح من وراءها ، فاداها له المتهم الثانى حتى يتفادى الاضرار بمصالحه ويتمكن من انجاز مستحقاته فان اركان الجريمة المنصرف عليها في المادة 103 عقوبات تكون قد توافرت في حق المتهمين .
ومن حيث لما تقدم يكون قد ثبت يقينا وبما لا يدع مجالا للشك ان المتهمين :
1 – … .
2 – … .
في خلال عام 1995 وفي 8 ، 1996/10/13 بدائرة قسم المنيا – محافظة المنيا .
المتهم الاول : بصفته موظفا عمومي ( مدير ادارة تنفيذ المنيا بشركة النيل العامة للمقاولات ) طلب واخذ عطية لاداء عمل من اعمال وظيفته بان طلب واخذ مبلغ ثلاثى الاف وثمانمائة جنيها على سبيل الرشوة من المقاول … صاحب شركة … للرخام والجرانيت مقابل استلامه الاعمال التي ينفذها الاخير بمستشفى …لصالح شركة … العامة للمقاولات ولانهاء الاجراءات اللازمة لصرف مستحقاته عن تلك الاعمال.

المتهم الثاني : قدم رشوة لموظف عمومي لاداء عمل من اعمال وظيفته بان قدم مبلغ الف وخمسمائة جنيه ل… مدير ادارة منطقة تنفيذ المنيا بشركة … العامة للمقاولات ) مقابل قيامه باستلام الاعمال التي تنفذها شركته بمستشفى … لصالح شركة … العامة للمقاولات ولانهاء الاجراءات اللازمة لصرف مستحقاته عن تنفيذها – الامر الذي يستوجب عتاب المتهم الاول بالمادة 303 من قانون العقوبات عملا بالمادة 304/ 2 من قانون الاجراءات الجنائية والزامه المصاريف الجنائية عملا بالمادة 313 اجراءات جنائية .
ومن حيث انه لظروف الدعوى وملابساتها ترى المحكمة اخذ المتهم الاول بقسط من الرافة في حدود ما تسمح به المادة 17 عقوبات .

ومن حيث انه عن المتهم الثاني وهو الراشي فقد ثبت من التحقيقات انه اخبر السلطة العامة بالرشوة المدفوعة والمطلوب وعين من تلقاها وطلبها وساعدها على ضبط المتهم الاول ، واعترف بما كان منه ، ومن ثم يتمتع بالاعفاء الوارد بالمادة 107 مكررا من قانون العقوبات ذلك ان الراشي يؤدى خدمة للمصلحة العامة بالكشف عن جريمة الرشوة بعد وقوعها والتعريف عن الموظف الذي ارتكبها وتسهيل اثبات الجريمة عليه – وقد ظل المتهم الثاني على اخباره – واقواله لم يعدل عنها لافلات المتهم الاول من العقاب ومن ثم يتعين الحكم باعفاءه من العقاب عملا بالمادة المذكورة انفا.
فلهذه الاسبـــــــــــاب بعد الاطلاع على المواد سالفة الذكر .
حكمت المحكمة حضوريا للاول وغيابيا للثاني :
اولا : بمعاقبة … بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه الفا من الجنيهات وخمسمائة جنيه والزمته المصاريف الجنائية.
ثانيا : باعفاء المتهم الثاني … من العقاب .
صدر هذا الحكم وتلى علنا بجلسة يوم الاثنين الموافق 10 نوفمبر 1997.
امين الســـــــــر رئيس المحكمة