حكم تعويض عن مدة اعتقال

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى – موضوع

********

بالجلسة المنعقدة علناً فى يوم السبت الموافق 15/5/2004م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور / عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز

رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / السيد محمد السيد الطحان ويحيى خضرى نوبى محمد ود. محمد ماجد محمود أحمد وأحمد عبد الحميد حسن عبود .
نــواب رئيس مجلس الدولة

بحضور السيد الأستاذ المستشار / حتة محمود حتة
مفوض الدولة
وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس سكرتير المحكمة

************

أصدرت الحكم الآتى

فى الطعن رقم 10321 لسنة 46 القضائية عليا
المقــــــــــام من

(1) رئيس الجمهورية ” بصفته ” . (2) وزير الداخلية ” بصفته ” .

ضــــــــــد

أولا : ورثة المرحوم أحمد أحمد السحرتى وهم عايدة وعماد الدين ومحمد وصلاح الدين وآمال أحمد أحمد السحرتى

ثانيا : ورثة المرحوم / مدحت أحمد أحمد السحرتى وهم : ألفت عبد العزيز سيد القزاز ( زوجة عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر:هدى و ندىو أحمد ويوسف )

فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى ” الدائرة العاشرة “

فى الدعوى رقم 2768 لسنة 53 ق بجلسة 18/6/2000 م

الإجــــــراءات :

***********

فى يوم الأحد الموافق 13/8/2000 م أودع الأستاذ / رأفت عباس المستشار بهيئة قضايا الدولة نائباً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها العمومى تحت رقم 10321 لسنة 46 ق . عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى ” الدائرة العاشرة ” فى الدعوى رقم 2768 لسنة 53 ق بجلسة 18/6/2000 والقاضى منطوقه : بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلزام المدعى عليهما بصفتيهما متضامنين بأن يؤديا للمدعين مبلغاً مقداره 7000 جنيه ( سبعة آلاف جنيه ) يوزع على المدعين من الأول حتى السادس بالتساوى بينهم , ومبلغاً مقداره 8000 جنيه ( ثمانية آلاف جنيه ) يوزع حسب الأنصبة الشرعية للمدعين والمصروفات ورفض ما عدا ذلك من طلبات .

وطلب الطاعنان بصفتيهما – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم / بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بإلغائه فيما قضى به من تعويض مادى مورث , مع إلزامهم بالمصروفات عن درجتى التقاضى.

وقد جرى إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو الثابت بالأوراق .

وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من تعويض المطعون ضدهم بمبلغ 8000 جنيه ( ثمانية آلاف جنيه ) يوزع بينهم حسب الأنصبة الشرعية , وتأييده فيما عدا ذلك , وإلزام المطعون ضدهم المصروفات .

وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 7/1/2002 , وبجلسة 21/4/2003 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمـــــة الإداريــــة العليا ” الدائرة الأولى – موضوع ” وحددت لنظره أمامها جلسة 7/6/2003 وبعد تداوله بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها قررت المحكمة بجلسة 13/3/2004 إصدار الحكم بجلسة 15/5/2004 مع التصريح بتقديم مذكرات لمن يشاء فى شهـــر وبتاريخ 10/4/2004 أودع محامى الدولة مذكرة بدفاع الجهة الإدارية صمم فى ختامها على الطلبات الواردة بختام تقرير الطعن .

وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .

المحكمــــــــــــــــــــــة

*********

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً .

من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .

ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – فى أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 2768 لسنة 53 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بموجب عريضة مودعة قلم كتــــابها بتــــاريخ 16/12/1998 . بطلب الحكم بإلزام المدعى عليهم بصفاتهم متضامنين بأن يؤدوا لهم التعويض المناسب عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقتهم نتيجة اعتقال مورثهم من 25/8/1954 إلى 5/11/1970 مع إلزامهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة على سند من القول إن مورثهم كان ضمن التيار الإسلامى الذين ترصدهم رجال المباحث لمجرد عقيدتهم وانتمائهم الفكرى ونسبوا إليه معاداة الوطن والمجتمع كله وظلوا يلاحقونه بتهم كيدية وافتراءات حتى صدر ضده قرارات باعتقاله فى السجون والليمانات ترتب عليها الأضرار المادية التى أصابت مورثهم والأضرار الأدبية التى أصابت المدعين المنوه بها تفصيلاً بعريضة الدعوى ناعين بالبطلان على تلك القرارات لكون مورثهم لم يرتكب جرماً وليس من المشتبه فيهم ولا الخطرين على الأمن ولذلك فإن اعتقاله يضحى غير قائم على سبب صحيح يبرره كما
أن تلك القرارات قد شابها عيب الانحراف بالسلطة وإساءه استعمالها حيث تم اعتقال مورثهم دون إبداء أسباب حقيقية تستند إلى وقائع معينة منتجة فى الدلالة مما يشكل أضرارًا فادحة بمورثهم مما حدا بهم إلى إقامة هذه الدعوى بطلب تعويض عن الأضرار المادية المورثة والأدبية نتيجة وفاة مورثهم وخلص المدعون إلى طلب الحكم بما تقدم وبجلسة 18/6/2000 أصدرت محكمة القضاء الإدارى ” الدائرة العاشرة ” حكمها المطعون فيه .

وشيدت المحكمة قضاءها – بعد استعراض أركان المسئولية الإدارية – على أن ما نسب إلى مورث المدعين وسيق سبباً لقرارات اعتقاله – قد جاء قولاً مرسلاً لم يقم دليل عليه بالأوراق , مما يقيم ركن الخطأ فى جانب الجهة الإدارية . وبالنسبة لركن الضرر قالت المحكمة إنه عن الأضرار الأدبية التى أصابت المدعين من الأول حتى السادس فإن المدعين وهم أبناؤه قد أصابتهم أضرار أدبية من جراء قرارت اعتقال مورثهم متمثلة فيما أصابهم من حزن وأسى وما لحق بهم من نظرة المجتمع وذويهم إليهم بوصفهم أبناء المعتقل وأنها تقدر الأضرار الأدبية التى لحقت بالمدعين من الأول حتى السادس بمبلغ سبعة آلاف جنيه يوزع عليهم بالتساوى على أن يوزع نصيب الابن السادس المتوفى – أثناء نظر الدعوى – على ورثته حسب أنصبتهم الشرعية وبالنسبة لطلب التعويض عن الأضرار المادية التى أصابت المدعين فإنه من المقرر أنه لا يجوز التعويض عن الأضرار المادية غير المباشرة ولم يثبت من الأوراق إصابة المدعين بأضرار مادية مباشرة وخلصت إلى الحكم برفض ذلك الطلب وبالنسبة لطلب التعويض عن الأضرار المادية التى أصابت المورث من قرارت اعتقاله أقامت المحكمة قضاءها على أن الأضرار المادية تورث كعنصر من عناصر التركة وقد ترتب على قرارات اعتقال مورث المدعين إصابته بأضرار مادية تمثلت فى حرمانه من مصدر الرزق والتكسب طوال مدة اعتقاله وقدرت التعـــويض عن تلك الأضــــرار بمبلغ 8000 جنيه ( ثمانية آلاف جنيه ) يوزع على المدعين كل حسب نصيبه الشرعى فى تركة المورث والمعتقل ) , كما بنت المحكمة قضاءها بالنسبة لطلب التعويض عن الأضرار الأدبية التى أصابت مورث المدعين من جراء اعتقاله على أساس أن الثابت أن المورث لم يطالب بها حال حياته أو تم الاتفاق عليها فمن ثم لا يجوز المطالبة بها وانتهت إلى رفض هذا الشق من الدعوى .

وإذ لم يلق الحكم المشار إليه فى شقة القاضى بتعويض المطعون ضدهم عن الأضرار المادية المورثة بمبلغ 8000 جنيه ( ثمانية آلاف جنيه ) قبولا لدى الجهة الإدارية الطاعنة فقد أقامت الطعن الماثل ناعية على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله بقضائه بما لم يطلبه الخصوم بدعوى إن المطعون ضدهم لم يطالبوا بالتعويض عن الضرر المادى الموروث وذلك على النحو الوارد بأسباب الطعن.

ومن حيث إن نطاق الطعن الماثل اقتصر على شق الحكم الطعين القاضى بتعويض المطعون ضدهم عن الضرر المادى الموروث وأقيم على سبب وحيد تنعى به الجهة الإدارية الطاعنة على الحكم محل الطعن بأنه قضى بأكثر مما طلبه الخصوم فى الدعوى وهو ما يعيبه بالخطأ فى تطبيق القانون فإنه من المقرر طبقاً لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة – أنه من الأصول المسلمة فى فقه المرافعات أن العبرة فى تحديد طلبات الخصم هى بما يطلب الحكم له به على وجه صريح وجازم وتتقيد المحكمة بطلبات الخصوم الختامية , ولا عبرة بالطلبات التى تضمنتها صحيفة افتتاح الدعوى مادام المدعى لم يحل فى مذكرته الختامية إليها وكان المستقر أيضاً أن المدعى هو الذى يحدد نطاق دعواه وطلباته أمام القضاء , ولا تملك المحكمة من تلقاء نفسها أن تتعداها , فإذا هى قضت بشئ لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه , فإنها تكون بذلك قد تجاوزت حدود سلطاتها وخالفت قاعدة أصلية من قواعد قانون المرافعات توجب على القاضى التقيد فى حكمه بحدود الطلبات المقدمة إليه ولا يتجاوز نطاقها وإلا كان حكمه مشوباً بعيب الخطأ فى تطبيق القانون، الأمر الذى يصمه بالبطلان، ويتعين من ثم القضاء بإلغائه لهذا السبب، أما إذا التزمت المحكمة بالنظر فى الطلبات الصريحة الجازمة للخصوم فى الدعوى التى صدر فيها الحكم المطعون فيه، وهى مدركة حقيقة ما قدم إليها خلال مراحل نظر الدعوى من طلبات وعالمة بأنها تقضى فى الطلبات الختامية للخصوم، فإنه لا وجه للنعى على الحكم الذى أصدرته بقضائه بغير ما يطلب الخصوم.

وقد سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يعيد طرح المنازعة فى الحكم المطعون فيه برمتها، ويفتح الباب أمام المحكمة الإدارية العليا لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون وزناً مناطه استظهار ما إذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر من الأحوال التى تعيبه أو أصاب صحيح حكم القانون فى النتيجة التى انتهى إليها فتقضى بإلغائه أو تعديله – حسب الأحوال – فى الحالة الأولى أو بتأييده فى الحالة الأخرى.

ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على وقائع النزاع الماثل، فإنه لما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدهم أقاموا دعواهم موضوع الطعن الماثل طالبين فى ختامها الحكم / بإلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يؤدوا لهم المبلغ المناسب تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقتهم نتيجـــــة اعتقال مورثهــــم من 25/8/1954 إلى 5/11/1970 والمصروفات – وأثناء سير الدعوى أودع الحاضر عن المدعين بجلسة 9/4/2000 صحيفة معلنة بتصحيح شكل الدعوى وذلك بإدخال ورثة المدعى الســـادس ( مدحت أحمد أحمد) الذى توفى أثناء نظر الدعوى – ومتضمنة أن قرارات الاعتقال قد ألحقت بمورثهم وبأسرته أضرارًا مادية وأدبية بالغة موضحة بهذه الصحيفة والتى تضمنت تعديلاً لطلباتهم شارحة لسندهم القانونى والواقعى لهذا التعديل مختتمة بطلب التعويض المناسب لما أصابه من أضرار مادية وأدبية من جراء اعتقاله مدة طويلة وتكرار قرارات الاعتقال واستمرار اعتقاله بصورة متواصلة لمدد طويلة.

وقررت محكمة أول درجة التى أصدرت الحكم الطعين بذات الجلسة المذكورة صدرور الحكم بجلسة 28/5/2000 ومذكرات خلال أسبوعين ثم قررت مد أجل النطق بالحكم – لجلسة 18/6/2000 وفيها صدر وأثناء الأجل المصرح به أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاع الجهة الإدارية بتاريخ 11/4/2000 ناقشت فيها الطلبات المعدلة والمتمثلة فى مطالبة المدعين بالتعويض عن الأضرار المادية التى أصابت مورثهم من جراء قرارات اعتقاله وتولت الرد عليها، كما أودع الحاضر عن المدعين مذكرة بدفاعهم بتاريخ 18/4/2000 خلال الأجل المذكور- أغفل الحكم الطعين الإشارة إليها – التمسوا فى ختامها الحكم :

أولا : تعويضهم عن الأضرار المادية التى أصابت مورثهم نتيجة اعتقاله من سنة 1954 حتى سنة 1970.

ثانيا : تعويضهم بصفاتهم الشخصية عن الأضرار الأدبية التى أصابتهم خلال تلك الفترة.

ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك وكان الثابت أن ثمة خلافاً بين الطلبات الأصلية التى وردت فى ختام صحيفة افتتاح الدعوى والطلبات المعدلة سالف الذكر وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه أشار إلى هذه الطلبات المعدلة والختامية وتناولها بالمناقشة فى أسبابه وارتكن عليها فى قضائه المطعون فيه ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد التزم بالنظر فى الطلبات الختامية فى الدعوى التى صدر فيها، وتقيد بحدود الطلبات المقدمة إليه من الخصوم، الأمر الذى يجعل النعى على هذا الحكم بأنه قضى بما لم يطلبه المطعون ضدهم فى دعواهم يفتقر إلى سند صحيح قانونا وواقعاً ويتعين من ثم القضاء برفض الطعن.

ولما كان ما تقدم , وكان الحكم المطعون فيه قد التزم صحيح حكم القانون فيما قضى به والأسباب التى أقيم عليها كافية لحمل قضائه ولم يشبه خطأ أو عوار يفسده ولم يأت تقرير الطعن بأوجه نعى يمكن معها إجابة الجهة الإدارية الطاعنة إلى طلباتها , الأمر الذى تؤيد معه هذه المحكمة الحكم الطعين فى النتيجة التى انتهى إليها وللأسباب التى قام عليها وتعتبرها أسباباً لحكمها بحسبان – وطبقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن تقدير التعويض المستحق للمضرور متى استقامت أركان المسئولية الإدارية هو من إطلاقات محكمة الموضوع بمراعاة أن هذا التقدير من مسائل الواقع التى تستقل بها حيث إنه لا يوجد فى القانون نص يلزمها باتباع معايير معينة , فإذا ما صدر حكمها محيطاً بكافة عناصر الضرر الناتج عن خطأ الإدارة , شاملاً ما لحق المضرور من خسارة ومافاته من كسب , فإنها تكون قد أصابت صحيح حكم القانون فيما انتهت إليه من تقدير لقيمة التعويض .

ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات .

” فلهـــذه الأســـــباب “

حكمت المحكمة :

بقبول الطعن شكلاً , وبرفضه موضوعاً , وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت