تقضي المادة (1251) من القانون المدني العراقي بأن :”يراعي في حقوق المنتفع والتزاماته السند الذي أنشأ حق الانتفاع ، وكذلك الأحكام المقررة في المواد الآتية ” . فيتضح من ذلك أن الاصل في حقوق المنتفع والتزاماته مراعاة ما ورد في السند المنشئ لحق المنفعة إلى جانب الاحكام الواردة في المواد (1252 – 1256) من القانون المدني. على انه يجوز الانفاق على خلاف هذه الاحكام ، ما لم يكن هذا الاتفاق مخالفاً لقواعد النظام العام والآداب.

اولاً – حقوق المنتفع :

لصاحب حق المنفعة ، باعتباره منتفعاً ، حقان هما : الحق في استعمال الشيء والحق في استغلاله (م1252) . اما ما يوصف بحق التصرف ، والذي تشير إليه المادة (1253) . اما ما يوصف بحق التصرف ، والذي تشير إليه المادة (1253) فلا يثبت له باعتباره منتفعاً فقط وانما باعتباره صاحب حق كصاحب أي حق آخر ، يكون له ان يتصرف بحقه في حدود هذا الحق.

1- حق الاستعمال :

فللمنتفع ان يستعمل الشيء المنتفع به وتوابعه . فإذا كان الشيء المنتفع به ارضاً وكان لهذه الأرض حق ارتفاق كحق مرور او مسيل مقرر على ارض اخرى ، كان للمنتفع اضافة إلى استعمال الارض ان يستعمل حق الارتفاق المقرر لها.

وعلى المنتفع ان يستعمل الشيء بحسب ما اعد له، فليس له ان يغير من طريقة استعماله أو الغرض الذي اعدله . وليس للمنتفع ان يستعمل الشيء استعمالاً يؤدي إلى استهلاكه أو اتلافه ، فهذه السلطة (سلط التصرف المادي) لا تثبت ، على نحو ما سبق بيانه ، إلا للمالك . ومن جهة أخرى فإن المنتفع يلتزم بالمحافظة على الشيء المنتفع به ورده إلى صاحبه عند انقضاء حق المنفعة

2- حق الاستغلال :

يراد بالاستغلال ، الحصول على ثمار الشيء وغلته . ورأينا كذلك ان الثمار قد تكون طبيعية او صناعية أو مدنية . ورأينا ايضاً ان الفقهاء يميزون بين الثمار والمنتجات. فللمنتفع ان يستولي على ثمار الشيء المنتفع به مدة انتفاعه به (م 1252) ولكن له شيء من المنتجات لان اخذها ينتقص من اصل الشيء ومادته. فللمنتفع الثمار طبيعية كانت كثمار البستان ونتاج الارض أو الحيوان ، أو صناعية كالمحصولات الزراعية ، أو مدنية كأجرة الدار أو الأرض وكأرباح الاسهم أو السندات والفوائد . وإذا كان حق المنفعة مقرراً على قطيع من المواشي فإن للمنتفع نتائجها ولبنها وصوفها. ولكن عليه في هذه الحالة ان يعوض منها ما نفق من الاصل (1252 عبارة اخيرة). وحق المنتفع في استغلال الشيء المنتفع به هو اهم ما يميز حق المنفعة عن حق الاستعمال وحق السكني إذ ليس لصاحب هذين الحقين الحق في استغلال الشيء محل الحق. كما ان الغالب ان يقتصر المنتفع على قبض ثمار الشيء دون ان تكون له الحيازة المادية للشيء محل المنفعة الذي يمكن ان يكون في حيازة مزارع أو مستأجر . ولهذا فأن الحق في الاستغلال هو الميزة الرئيسية التي يخولها حق المنفعة لصاحبه (1).

3- تصرف المنتفع في حقه :

ان للمنتفع ، كصاحب أي حق ، ان يتصرف في حقه ، فللمنتفع ان ينقل حقه إلى الغير ببيع أو بهية، وله ان يتنازل عنه ، كما له ان يؤجر الشيء المنتفع به. فقد نصت المادة (1253 ف1) على ان : “للمنتفع ان يتصرف في حقه معاوضة او تبرعاً ما لم يكن في السند الذي انشأ هذا الحق احكام تخالف ذلك”. ولما كان حق المنتفع حق مؤقت ينتهي حتماً بموته ، فقد قضت الفقرة الثانية من المادة (1253) بأنه : “ويبقى حق الانتفاع بعد التصرف فيه قائماً في شخص المنتفع ويسقط بموته لا يموت من تلقى المنفعة منه”. ويترتب على ذلك انه إذا مات من تلقى الحق قبل موت المنتفع وقبل انقضاء مدة الحق فإنه ينتقل إلى ورثة متلقى الحق ، ويبقى هذا الحق حتى ينقضي بانقضاء مدته أو بموت المنتفع.

ثانياً – التزامات المنتفع :

يلزم المنتفع بما يأتي:

1- استعمال الشيء بحسب ما اعد له

فعلى المنتفع ان يستعمل الشيء بحسب ما عد له (م 254 ، ف1) فإذا كان الشيء المنتفع به منزلاً معداً للسكن مثلاً ، فلا يجوز له ان يتخذه معملاً أو محلاً لمزاولة التجارة ، ولكن له ان يؤجر المنزل الذي يسكنه المالك بنفسه إذ ليس في ذلك تغيير في الغرض الذي اعد له الشيء المنتفع به.

وإذا استعمل المنتفع الشيء المنتفع به استعمالاً غير مشروع أو استعمالاً لا يتفق مع طبيعة الشيء ، فإن للمالك ان يعترض على هذا الاستعمال وان يطالب بتقديم تأمينات كما ان للمحكمة ان تحكم بانتهاء حق المنفعة.

2- حفظ الشيء وضمان الهلاك :

وعلى المنتفع حفظ الشيء المنتفع به وان يبذل في حفظه من العناية ما يبذله الشخص المعتاد (م 1254 ف1) وإلا كان مسؤولاً عن هلاك الشيء فإذا كان الشيء المنتفع به بستاناً فيجب ان يسقيها وان يشتل فيها شجراً يقوم مقام الشجر الذي يهرم ، وان يقوم بتقليم الاشجار وتشذيب اغصانها في المواعيد المتعارف عليها ، وعليه ان يعنى بكرى الجداول والترع وتنظيف المصارف وغير ذلك. فإذا بذل المنتفع العناية المطلوبة فإنه لا يضمن تلف الشي او هلاكه . ولكنه إذا تأخر عن رد الشيء إلى صاحبه بعد انتهاء حق الانتفاع فإنه يضمن هلاكه ولو كان الهلاك بدون تعد منه (2) ، لأنه بتأخره عن الرد يصبح غاصباً ، والغاصب ضامن لهلاك الشيء سواء كان ذلك بتعدية أو بدون تعديه (3).

3- التكاليف والنفقات :

ويلتزم المنتفع بالتكاليف والنفقات المعتادة التي تقتضيها صيانة الشيء المنتفع به (م 1255 مدني ف1) ، كنفقات اصلاح المجاري والترميم ، ونفقات سقي البساتين ورفس الأرض وغرس الاشجار . فهذه النفقات يتحملها المنتفع لأنه هو المستفيد من الشيء المنتفع به. أما نفقات الاصلاحات الجسمية والتكاليف غير المعتادة ، كما لو انهدمت الدار أو قسم منها بسبب القدم أو بسبب حادث غير متوقع كحريق أو فيضان فتكون على المالك بلا جبر عليه ، فلا يجوز الزام مالك الرقبة بها، إلا انه إذا قام بها برضاه ، فإن له الرجوع على المنتفع بالفوائد القانونية لما انفقه . كل هذا ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك (م 1255 ف2).

4- جرد المنقول وتقديم كفالة :

وإذا كان المال المقرر عليه حق الانتفاع منقولاً وجب جرده . والجرد هو تنظيم كشف تحدد فيه المنقولات بوصفها وصفاً يميزها عن غيرها وكميتها وبيان حالتها . اما بيان قيمتها التقديرية فليس واجباً ولكن لكل من الطرفين طلب ذلك لأن تقويمها يساعد على تقدير التعويض الواجب دفعه عند انتهاء حق المنفعة ، إذا كان للتعويض مقتضى (4) . وتعتبر ورقة الكشف الدليل الكتابي على ما تسلمه المنتفع من منقولات وحالتها على ان القانون لم يشترط شكلاً معيناً لمحضر الجرد . وعليه فإنه يمكن كتابة المحضر في ورقة عرفية (5). وقد اوجب القانون على المنتفع ، اضافة للجرد ، تقديم كفالة لضمان اعادة المنقولة بعد انتهاء مدة الانتفاع به (م 1256) . فقد يبدد المنتفع الشيء المنتفع به أو يتلفه ، كما انه قد لا يقوم بتعويض المالك عما اصاب الشيء من ضرر ، ولهذا يلزم المنتفع ان يقدم كفيلاً ويرجع عليه المالك . فإذا امتنع المنتفع عن تقديم الكفالة المطلوبة او عجز عن ذلك ، بيع الشيء ووظف ثمنه في شراء سندات عامة أو بطريقة اخرى ، فينتقل حق المنتفع إلى البدل فيستفيد من ارباحها. وإذا كان القانون يوجب على المنتفع تقديم كفالة ، فإن هذا الحكم ليس من النظام العام ، فيجوز ، وغالباً ما يقع ذلك في العمل ، اعفاء المنتفع من الكفالة . وهذا الاعفاء قد يكون صريحاً ينص عليه في السند المنشئ لحق المنفعة ، وقد يكون ضمنياً كما لو باع المالك الشيء واحتفظ لنفسه بحق الانتفاع به مدى حياته ، فيستنتج ضمنياً المنتفع من الكفالة ما لم يطلبها المشتري صراحة عند البيع (6).

______________

1- ريبير وبولانجيه ، ، جـ2 ، ف2979.

2- المادة 1254 ف1 مدني.

3- انظر المادة 193 مدني عراقي.

4- محمد كامل مرسي، الحقوق العينية الاصلية ، ج1، حق الملكية بوجه عام ، القاهرة 1949، ص527 ، عبد الرحمن خضر ، شرح القانون المدني ، بغداد 1953 ، ص205.

5- السنهوري الوسيط في شرح القانون المدني ، جـ9 ،القاهرة 1967 ف524.

6- ريبير وبولانجيه ، المرجع السابق ، جـ2 ف2977.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .