نتناول في هذا الموضوع حالتين من الاحوال الطارئة على الدعوى الاستئنافية وهي الوقف والانقطاع وذلك على النحو الاتي :-

اولاً : وقف الدعوى الاستئنافية :

وقف السير في الدعوى معناه ” عدم السير فيها مدة من الزمن اذا ما طرأ عليها اثناء نظرها سبب من اسباب الوقف مع بقائها قائمة منتجة لاثارها ، وقد تتحدد مقدماً مدة الوقف ، وقد يكون تحديدها مرهوناً باتمام اجراء معين(1). ووقف السير في الدعوى اما ان يكون باتفاق الخصوم (الوقف الاتفاقي) ، او بقوة القانون (الوقف القانوني) ، او بقرار من المحكمة (الوقف القضائي) “.وسنتناول دراسة وقف المرافعة الاستئنافية في الحالات الاتية:-

الحالة الاولى : وقف الدعوى الاستئنافية باتفاق الخصوم (الوقف الاتفاقي) :-

تنص المادة (82) من قانون المرافعات المدنية العراقي النافذ في فقرتها الاولى : ” يجوز وقف الدعوى اذا اتفق الخصوم على عدم السير فيها مدة لا تتجاوز ثلاثة اشهر من تاريخ اقرار المحكمة لاتفاقهم ” ، والاسباب التي تدعو الى الوقف كثيرة ، فقد يرغب اطراف الدعوى بحل نزاعهم عن طريق الصلح او اجراء مفاوضات لانهاء الدعوى بشكل ودي ومهما كانت هذه الاسباب فعلى المحكمة ان لا تقف حائلةً امام هذه الحالة(2)، وقد اشترط القانون العراقي تحقق شروط عديدة ابرزها اتفاق جميع الخصوم على وقف المرافعة واقرار المحكمة لاتفاق الخصوم على ان لا تزيد مدة الوقف عن ثلاثة اشهر من تاريخ اقرار المحكمة لهذا الوقف(3).

وقد نصت الفقرة الثانية من المادة (82) من قانون المرافعات انه ” اذا لم يراجع احد الطرفين المحكمة في الخمسة عشر يوماً التالية لنهاية الاجل تبطل عريضة الدعوى بحكم القانون ” ، ويلاحظ من هذا النص ان هذه المدة هي مدة سقوط ، أي بانتهائها يسقط حق الخصوم باستئناف السير في الدعوى فاذا ما انتهت مدة الثلاثة اشهر واعقبتها خمسة عشر يوماً لاحقة لم يراجع الطرفان او احدهما المحكمة فتعد الدعوى مبطلة بحكم القانون بمرور مدة (105) يوماً(4).

ويلاحظ ان المشرع العراقي في هذه الحالة يفترض ان الطرفين قد سويا خلافهما بطريقة ملائمة لهما(5)، على الرغم من ان نص المادة (82) يشير الى بطلان عريضة الدعوى بحكم القانون ، فأن العمل يجري الان في المحاكم بأن تقدم الدعوى الى قاضي المحكمة بانتهاء الخمسة عشر يوماً ، فيتخذ قراراً بالابطال لغرض تأشيره في سجل الاساس.

اما عن موقف القوانين المقارنة من الوقف الاتفاقي فقد نصت الفقرة اولاً من المادة (128) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري على انه ” يجوز وقف الدعوى بناءً على اتفاق الخصوم على عدم السير فيها مدة لا تزيد على ثلاثة اشهر من تاريخ اقرار المحكمة لاتفاقهم ولكن لا يكون لهذا الوقف اثر في أي ميعاد يكون القانون قد حدده لاجراء ما ” . ونصت الفقرة اولاً من المادة (123) من قانون اصول المحاكمات المدنية الاردني على انه ” يجوز وقف الدعوى بناء على اتفاق الخصوم على عدم السير فيها مدة لا تزيد على ستة اشهر من تاريخ اقرار المحكمة لاتفاقهم … ” كما نصت المادة (503) من قانون اصول المحاكمات المدنية اللبناني على انه ” يجوز وقف المحاكمة بناء على اتفاق الخصوم على عدم السير فيها مدة لا تزيد على ستة اشهر من تاريخ اقرار المحكمة لهذا الاتفاق ” .

ويلاحظ على موقف هذه القوانين المقارنة انها جاءت مطابقة لموقف المشرع العراقي من حيث انها اجازت للخصوم الاتفاق على عدم السير في الدعوى لمدة معينة(6). اما المشرع الفرنسي فلم ينص صراحة على وقف الدعوى الاتفاقي على الرغم من اتجاه قضائه بالاعتراف بحق الخصوم في ان الاتفاق فيما بينهم يؤدي الى وقف السير في الدعوى(7).

الحالة الثانية : وقف الدعوى الاستئنافية بنص القانون (الوقف القانوني) :-

ينص القانون في بعض الاحوال على وقف الدعوى بحكمه اذا توفر سبب من الاسباب التي ينص عليها ، وفي هذه الاحوال يتحقق الوقف بمجرد توفر سببه(8). ومن امثلة الوقف القانوني ، وقف الدعوى بسبب رد القاضي ، ووقف الدعوى المدنية حتى يفصل نهائياً في الدعوى الجزائية .. عليه سنتناول ذلك في فقرتين :

اولاً: وقف الدعوى الاستئنافية بسبب رد القاضي :

يقصد برد القاضي منعه من نظر الدعوى كلما قام سبب يدعو الى الشك في قضائه(9). لذا نص القانون العراقي(10)، والقوانين المقارنة(11)، على انه يترتب على تقديم طلب رد القاضي ، امتناعه عن السير في الدعوى ، بمجرد تقديم طلب الرد يتوقف السير في الدعوى بقوة القانون ، فهو وقف قانوني ، ولا يجوز للقاضي نظر الدعوى الاصلية قبل ان يفصل في طلب الرد ، فاذا ما نظر الدعوى واتخذ فيها اجراء او اصدر فيها حكماً ، فان الحكم يفسخ استئنافاً او ينقض ويبطل الاجراء الذي كان قد اتخذه(12). هذا ويلاحظ على موقف قانون اصول المحاكمات المدنية الاردني انه قد انفرد من بين القوانين المقارنة بعدم النص على وقف الدعوى عند تقديم طلب الرد ، لذا يذهب الفقه الى استمرار القاضي في نظر الدعوى حتى يصدر قرار عن المحكمة التي تنظر بطلب الرد(13).

ثانياً : وقف الدعوى المدنية حتى يفصل نهائياً في الدعوى الجزائية : ” الجنائي يوقف المدني “(14)

نصت المادة (26) من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي النافذ ذي الرقم (23) لسنة 1971على ما يأتي : ” .. على المحكمة المدنية وقف الفصل في الدعوى حتى يكتسب القرار الصادر في الدعوى الجزائية المقامة بشأن الفعل الذي اسست عليه الدعوى المدنية درجة البتات … ” ونصت ايضاً المادة (227) من القانون ذاته على انه ” أ. يكون الحكم الجزائي البات بالادانة او البراءة حجة فيما يتعلق بتعيين الواقعة المكونة للجريمة ونسبتها الى فاعلها ووصفها القانوني . ب. لا ترتبط المحكمة المدنية بالحكم او بالقرار الجزائي البات او النهائي في المسائل والوقائع التي لم يفصل فيها او التي فصل فيها دون ضرورة ” كما نصت المادة (107) من قانون الاثبات العراقي النافذ ذي الرقم (107) لسنة 1979 المعدل على انه ” لا يرتبط القاضي المدني بالحكم الجزائي الا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضرورياً ” . ويبدو لنا جلياً من استقراء هذه النصوص انه اذا ترتبت على الفعل الواحد مسؤوليتان جنائية ومدنية ورفعت دعوى المسؤولية المدنية امام المحكمة المدنية (محكمة الاستئناف) فأن رفع الدعوى الجزائية سواء – تم قبل رفع الدعوى المدنية ام اثناء السير فيها من شأنه ان يوجب على المحكمة المدنية ان توقف السير في الدعوى المدنية المرفوعة امامها الى ان يتم الفصل نهائياً في الدعوى الجزائية عملاً بقاعدة (الجنائي يوقف المدني)(15)، وهذا الحكم يعد نتيجة لازمة لمبدأ تقييد القاضي المدني بالحكم الجزائي فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها الى فاعلها(16). اما عن موقف القوانين المقارنة بشأن هذا الوقف فكان موقفها مماثلاً لموقف المشرع العراقي من حيث انها قررت وقف الدعوى وجوباً او جوازاً حتى الفصل في مسألة أخرى يتوقف عليها الحكم(17).

الحالة الثالثة : وقف الدعوى الاستئنافية بقرار من المحكمة (الوقف القضائي) :

وهو الوقف الذي تكون فيه للمحكمة سلطة ايقاف السير في اجراءات الدعوى وذلك في الحالات التي يجيز لها القانون ، او يلزمها بذلك الوقف ، ويكون الوقف بحكم المحكمة وليس بقوة القانون ويترتب على ذلك ان حالة الوقف لا تنشأ الا من تاريخ صدور الحكم بالوقف(18). وحالات الوقف القضائي تحكم بها المحكمة اما ان تكون تعليقياً او جزائياً(19). ويتطلب هذا الوقف ان يصدر قرار عن المحكمة بوقف السير في الدعوى فقد ترفع الدعوى الاستئنافية بطلب او طلبات محددة ، وقد يتوقف الفصل فيها لا على تحقيق وقائع او تحديد حكم القانون بالنسبة اليها فحسب ، ولكن يتوقف قبل ذلك على الحكم بثبوت حق او ادعاء معين ، صادر عن احد الخصوم وموجه الى الخصم الاخر ولكن ذلك الحق او الادعاء المثار اخيراً ، يخرج بطبيعته او بحكم القانون عن اختصاص المحكمة التي تنظر الدعوى الاستئنافية ، ولكن يتوقف على الفصل فيه مصير الدعوى الاستئنافية ، وتسمى تلك المسألة التي يتوقف الحكم في الدعوى الاستئنافية على الفصل فيها مسألة أولية(20)، لذا اجاز قانون المرافعات المدنية العراقي النافذ(21)، والقوانين المقارنة(22)، للقاضي وقف الدعوى حتى يتم الفصل في المسألة الاولية التي يتوقف عليها حسم الدعوى. والجدير بالذكر ان المحكمة اذا ما وجدت ان هناك دعوى مقامة فعليها ان تقرر جلب الدعوى للتحقق من ان الفصل في موضوع الدعوى الاستئنافية يتوقف على الفصل في موضوع تلك الدعوى ، وعندئذٍ لا بد ان تجعل الدعوى المنظورة امامها مستأخرة(23)، وقرارها يخضع للطعن ، اما في حالة رفض تكييف الدعوى بانها مستأخرة فأن هذا القرار لا يخضع للطعن(24). هذا ويتم استئناف السير في الدعوى الاستئنافية بناء على طلب احد الخصوم ، اما على الصعيد العملي فأن المستأنف قد يعمد للمماطلة في السير في الدعوى ذلك لان الاستئناف يؤخر التنفيذ فضلاً عن كون المستأنف غالباً هو الذي يطلب فتح السير في الدعوى بوصفه صاحب المصلحة في حسمها ، وسواء اكان الطلب من المستأنف ام من المستأنف عليه فأنه يجب ان يقدم بعد انتهاء مدة الوقف في حالة الوقف الاتفاقي ، او بعد زوال سببه في حالة الوقف القضائي(25). اما اذا لم تستأنف الدعوى الموقوفة سيرها بعد انتهاء مدة الوقف او زوال سببه فانها تنقضي دون الحكم في موضوعها(26). وتجدر الاشارة الى ان المشرع العراقي لم يحدد ميعاداً معيناً ينبغي استئناف السير في الدعوى خلاله في حالة الوقف القضائي والقانوني ، لذا تظل الدعوى موقوفة الى ان يزول سبب الوقف ، فمثلاً في الوقف القضائي لا يستأنف سير الدعوى الا بعد صدور حكم المحكمة المختصة(27). وقد حرص المشرع العراقي ولكي لا تبقى الدعوى موقوفة لمدة طويلة على حمل المستأنف على استئناف السير فيها(28) ، وعالج المشرع العراقي حالة استمرار وقف الدعوى المستأخرة بفعل المستأنف او امتناعه ، كما لو امتنع عن متابعة الدعوى التي استؤخرت الدعوى المنظورة انتظاراً لحسمها ، كأن يتخلف عن حضور المرافعة فيها فتترك للمراجعة ثم تبطل(29) ، وفي هذه الحالة تبقى الدعوى الاصلية البدائية ، ويصبح الحكم الصادر في الدعوى الاصلية مكتسباً للدرجة القطعية بمضي المدة ، وتحسب المدة التي نص عليها المشرع العراقي من تاريخ القرار الصادر بوقف السير في الدعوى وعدها مستأخرة(30).

ثانياً : انقطاع الدعوى الاستئنافية :-

انقطاع السير في الدعوى الاستئنافية عبارة عن وقف السير فيها بقوة القانون لقيام سبب من اسبابه المقررة في القانون(31).. ولا بد من وقوع سبب من الاسباب التي نص عليها القانون لقطع السير في الدعوى وان يكون وقوعه تالياً للمطالبة القضائية وسابقاً على ختام المرافعة(32).

وينقطع السير في المرافعة الاستئنافية لا سباب ثلاثة نتناولها في النقاط الاتية :

اولاً : وفاة احد الخصوم :

تنص المادة (84) من قانون المرافعات العراقي النافذ على انه ” ينقطع السير في الدعوى بحكم القانون بوفاة احد الخصوم…”(33) فألاصل ان تقوم المرافعة بين طرفيها من الاحياء ، فلا تنعقد أصلاً الا بين الاشخاص الموجودين على قيد الحياة والا كانت معدومة لا ترتب اثراً ، والموت امر لا ارادي يقع دون ان يكون للخصم يد في وقوعه او قدرة على دفعه، فاذا انعقدت في البداية بين اشخاص احياء ثم مات احد اطرافها اثناء نظر الدعوى فانها تنقطع بالوفاة ، ويصبح ورثة المتوفى اطرافاً في المرافعة(34). وينبغي لنا طرح التساؤل الاتي بصدد هذه الحالة ، فلو ان شخص توفي قبل صدور الحكم الاستئنافي في الدعوى وبعد ان تهيأت الدعوى للحكم فيها ، ما هو حكم السير في الدعوى ؟ وما هو مصير تبليغ الحكم للورثة ؟ وهل يمكن وصف شخصية المتوفى قائمة حين صدور الحكم وبالتالي يجوز عّدهُ مبلغاً بالحكم ؟ للاجابة على هذه التساؤلات العديدة ، نقول في البدء انه وفي هذه الحالة لا ينقطع السير في الدعوى بحكم القانون ذلك انها قد تهيأت للحكم في موضوعها(35) والحكم هنا يصدر في موعده ، ولكن لا يمكن عّد الحكم مبلغاً تلقائياً للورثة او للشخص المتوفى ذلك لان شخصية الانسان تنتهي بوفاته(36). ولا يمكن ايضاً وصف شخصية المتوفى قائمة حين صدور الحكم ، وبالتالي لا يجوز عدّ المتوفى مبلغاً بالحكم تلقائياً استناداً الى المادة (161) من قانون المرافعات المدنية العراقي النافذ لان ذلك يخالف المنطق والمحسوس والمعقول في الامور. اذ ان القول بعكس ذلك يعني عدّ التبليغ تبليغاً للعدم لذا يتوجب في هذه الحالة تبليغ الحكم الى ورثة المتوفى لكي يبدأ احتساب مدة الطعن الاستئنافي خلال خمسة عشر يوماً من اليوم التالي للتبليغ. هذا وان اجراءات المرافعة الاستئنافية تنقطع حتى يكون للورثة علم بوجودها ، ويستوي في ذلك وفاة المستأنف او المستأنف عليه او احدهما اذا تعددوا(37). فاذا تأيد للمحكمة وفاة احد الخصوم بعد اقامة الدعوى ، فانها تتخذ قرارها بوقف السير في الدعوى ما لم يحضر احد الورثة في اليوم المحدد للمرافعة ويبرز القسام الشرعي الخاص بحصر الورثة ، فاذا تم ذلك تيسر في الدعوى بمواجهته وتبلغ بقية الورثة بالحضور(38). اما عن موقف القوانين المقارنة من الوفاة بوصفها سبباً من الاسباب التي تؤدي الى قطع السير في الدعوى ، فقد جاء موقف قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري النافذ وقانون اصول المحاكمات المدنية الاردني النافذ مطابقين لموقف المشرع العراقي في عده لوفاة احد الخصوم وقفاً قانونياً للدعوى الاستئنافية(39). في حين اشترط المشرع اللبناني الوفاة سبباً من اسباب قطع السير في الدعوى الاستئنافية وان تكون الدعوى الاستئنافية التي حصلت فيها الوفاة من الدعاوى القابلة للانتقال الى الورثة(40) ، كالدعاوى المتعلقة بالتعويض والمساكنة الزوجية(41). اما فيما يتعلق بموقف المشرع الفرنسي فانه على خلاف القوانين المقارنة ذلك ان وفاة احد الخصوم في الدعوى الاستئنافية لا يؤدي الى قطع السير فيها الا اذا تم تبليغ امر الوفاة الى الخصم الاخر ، ذلك ان وفاة الخصم قد تخفى على خصمه فلا بد من تبليغه بخبرها حتى ينقطع السير في الدعوى الاستئنافية(42).

ثانياً : فقد احد الخصوم لاهلية التقاضي :-

تنص المادة (84) من قانون المرافعات المدنية العراقي النافذ على انه ” ينقطع السير في الدعوى … او بفقده اهلية الخصومة … ” . المقصود في هذه الحالة فقد الاهلية اللازمة لمباشرة حق التقاضي(43) ، كما لو فقد احد اطراف الدعوى الاستئنافية اهليته بسبب عاهة عقلية او حجر او افلاس ، حيث ينبغي وقف السير بالدعوى ، على ان تستمر المحكمة في نظرها عند حضور من يمثل الخصم قانوناً(44)، وينطبق الامر ايضاً على الخصم الذي يطرأ عليه ما يؤدي الى منعه من التقاضي وزوال اهليته الاجرائية ، كما لو كان تاجراً وحكم باشهار افلاسه او صدر عليه حكم بالسجن مدة تزيد عن خمس سنوات(45) ذلك ان الحكم بالسجن المؤبد او المؤقت وكذلك عقوبة الاعدام يستتبعه بحكم القانون من يوم صدوره الى تاريخ انتهاء تنفيذ العقوبة او انقضائها لأي سبب اخر حرمان المحكوم عليه من ادارة امواله او التصرف فيها(46). اما عن موقف القوانين المقارنة من فقد اهلية التقاضي بوصفه من الاسباب التي تؤدي الى قطع السير في الدعوى الاستئنافية ، فقد جاء القانونين المصري واللبناني مطابقين لموقف قانون المرافعات المدنية العراقي النافذ(47). في حين عدّ هذا السبب من الاسباب التي تؤدي الى وقف الدعوى وليس انقطاعها في قانون اصول المحاكمات الاردني(48)، اما قانون الاجراءات المدنية الفرنسي فقد اتجه الى ان قطع السير في الدعوى يحصل بقوة القانون بصدور الحكم بشهر الافلاس والتصفية القضائية لنشاط التاجر(49) ، وتجدر الاشارة ان الحكمة من قطع السير في الدعوى الاستئنافية تتمثل بحماية حقوق ومصالح الاشخاص الذين اصبحوا غير قادرين على الدفاع عنها لانعدام اهليتهم او نقصها.

ثالثاً: زوال صفة من كان يباشر الخصومة نيابة عن احد الخصوم:-

تنص المادة (84) من قانون المرافعات المدنية العراقي النافذ على انه ” ينقطع السير في الدعوى… او زوال صفة من كان يباشر الخصومة نيابة عنه ” .

ويقصد بهذا السبب زوال التمثيل القانوني لأحد الخصوم ، أي ان يكون الخصم الاصيل ممثلاً كشخصٍ أخر في الدعوى تمثيلاً لحكم القانون او القضاء ثم زالت صفة الممثل الاجرائية ، كزوال صفة الموصي الذي الغيت حجة وصايته والقيم الذي الغيت قيمومته ومتولي الوقف اذا عزل عن التولية على الوقف ، ففي مثل هذه الحالات تنقطع المرافعة حتى يحضر الخصم الحقيقي بنفسه او يحضر من يمثله من جديد(50). حيث ان الاصل انه من لا يتمتع بأهلية مباشرة التقاضي لا يحق له مباشرة الدعوى الاستئنافية ، وانما ينوب عنه في مباشرتها من يقوم مقامه قانوناً ، فاذا زالت الصفة الاجرائية لمن يقوم مقام الخصم في الدعوى الاستئنافية ترتب على ذلك قطع السير فيها بحكم القانون ، وتطبيقاً لذلك اذا باشر الدعوى شخص بصفته ولياً(51)، ثم زالت عنه هذه الصفة سواء بانتهائها لبلوغ القاصر سن الرشد(52)، او بسلبها(53)، او بايقافها(54)، او بإسقاطها(55)، فأن زوال صفة الولي تؤدي الى قطع السير في الدعوى الاستئنافية(56).

وتجدر الاشارة الى ان وفاة الوكيل بالخصومة او انقضاء وكالته بالعزل او الاعتزال لا تؤدي الى قطع السير في الدعوى الاستئنافية ، وانما على المحكمة ان تؤجل الدعوى مدة مناسبة وتبلغ الخصم الذي توفي وكيله(57)، ليتسنى له متابعة الدعوى بنفسه او بوكيل جديد(58)، وحسناً فعل المشرع العراقي بالنص على هذا الحكم لتفادي تعطيل الفصل في الدعاوى ، وغلق باب الكيد بين الخصوم عند قيام الخصم بعزل محاميه من اجل قطع السير في الدعوى.

وقد ألزمت المادة (52) من قانون المحاماة العراقي النافذ ذي الرقم (173) لسنة 1965 نقابة المحامين ان تعلم المرجع المختص برؤية الدعوى في حالة وفاة المحامي الوكيل او شطب اسمه او توقيفه او الحجر عليه او استحالة قيامه بوكالته حفظاً لحقوق الموكل وعلى ان يكون ذلك قبل وقت مناسب من موعد النظر في الدعوى ، كما ان هذه المادة الزمت النقابة بتكليف احد المحامين باتخاذ الاجراءات المناسبة الكفيلة بالمحافظة على مصالح الموكل الى ان يختار محامياً اخراً (59).

اما عن موقف القوانين المقارنة بصدد زوال الصفة في التقاضي بوصفها سبباً من الاسباب التي تؤدي الى قطع السير في الدعوى ، فالقوانين المقارنة جاءت متفقة بالنص على ان زوال صفة من كان يباشر الخصومة نيابة عن احد الخصوم يؤدي الى قطع السير في الدعوى(60) ، ولنا الاشارة اخيراً ان الاصل ان يحصل الانقطاع بقوة القانون بتوفر سبب من الاسباب المكذورة آنفاً ويستثنى من ذلك الا تكون الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها حيث نصت المادة (84) من قانون المرافعات المدنية العراقي النافذ على انه ” ينقطع السير في الدعوى … الا اذا كانت الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها ” ومن هنا يتبين ان الانقطاع لا يقع الا اذا كانت الدعوى غير مهيأة للحكم في موضوعها(61).

______________________

1- أجياد ثامر الدليمي ، عوارض الدعوى المدنية ، (دراسة مقارنة) ، رسالة ماجستير مقدمة الى مجلس كلية القانون ، جامعة الموصل ، 2000، ص6.

2- د. آدم وهيب النداوي ، آدم وهيب النداوي ، قانون المرافعات المدنية ، دار الكتب للطباعة والنشر ، بغداد، 1988. ص250.

3- ضياء شيت خطاب ، الوجيز في شرح قانون المرافعات المدنية ، ج3 ، ط1، مطبعة بابل ، بغداد ، 1977 ، ص220؛ ود. وجدي راغب فهمي ، مبادئ الخصومة المدنية ، ط1 ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1978 ، ص333.

4- د. ممدوح عبد الكريم حافظ ، شرح قانون المرافعات المدنية العراقي رقم 83 لسنة 1969 ، ج1 ، ط1 ، مطبعة الازهر ، بغداد ، 1972، ص355.

5- ويشير الاستاذ صادق حيدر شرح قانون المرافعات المدنية ، محاضرات مسحوبة بالرونيو ، القيت على طلبة المعهد القضائي العراقي ، بغداد ، 1986 ، بانه ليس في النص ما يمنع اتخاذ القرار بوقف السير بالدعوى بناءً على طلب الخصوم لأكثر من مرة ، وعليه فإذا حضر الطرفان خلال مدة الثلاثة اشهر او مدة الخمسة عشر يوماً اللاحقة لها وطلبا من المحكمة الموافقة على تأخير السير بالدعوى مدة اخرى وبينا للمحكمة سبباً يبرر هذا الطلب فأن المحكمة تتخذ القرار بوقف الدعوى للمدة المطلوبة على ان لا تزيد على ثلاثة اشهر من تاريخ هذا القرار ، ، ص173.

6- هذا وان موقف المشرع اليمني جاء مطابقاً لموقف المشرع العراقي ايضاً.. انظر المادة (152) من قانون المرافعات والتنفيذ المدني اليمني .

7- Jean Vincent et Serge Guinchard، Op. Cit.، p.819.

8- أجياد ثامر الدليمي ، عوارض الدعوى المدنية ، (دراسة مقارنة) ، رسالة ماجستير مقدمة الى مجلس كلية القانون ، جامعة الموصل ، 2000، ص15.

9- فارس الخوري ، اصول المحاكمات الحقوقية ، ط2 ، الدار العربية ، عمان ، الاردن، 1987، ص324.

10- المادة (96/ف22) من قانون المرافعات المدنية العراقي النافذ.

11- أنظر المادة (162) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري النافذ ؛ والمادة (125) من قانون اصول المحاكمات المدنية اللبناني النافذ ؛ والمادة (109) من قانون المرافعات والتنفيذ اليمني النافذ ؛ والمادة (346) من قانون الاجراءات المدنية الفرنسي النافذ.

12- منير القاضي ، شرح اصول المرافعات المدنية والتجارية ، ط1 ، مطبعة العاني ، بغداد ، 1957، ص142.

13- د. مفلح عواد القضاة ، اصول المحاكمات المدنية والتنظيم القضائي ، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان ، الاردن ، 1998، ص103؛ ود. سعيد عبد الكريم مبارك ، التنظيم القضائي واصول المحاكمات المدنية في التشريع الاردني ، ط1 ، جامعة اليرموك الاردنية ، الاردن ، 1996، ص41.

14- لمزيد من التفصيل عن هذا السبب انظر : د. ادوار غالي الذهبي ، وقف الدعوى المدنية لحين الفصل في الدعوى الجنائية ، ط2، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1978 ، ص9 وما بعدها .

15- استاذنا الدكتور عباس العبودي ، شرح احكام قانون الاثبات العراقي ، ط2 ، دار الكتب للطباعة والنشر، جامعة الموصل ، 1997 ، ص25.

16- د. عبد المنعم فرج الصدة ، الاثبات في المواد المدنية ، ط2 ، شركة مكتبة ومطبعة الباب الحلبي ، القاهرة ، 1955 ، ص366.

17- انظر المادة (129) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري النافذ ؛ والمادة (122) من قانون اصول المحاكمات المدنية الاردني النافذ ؛ والمادة (504) من قانون اصول المحاكمات المدنية اللبناني النافذ ؛ والمادة (379) من قانون الاجراءات المدنية الفرنسي النافذ.

18- استاذنا الدكتور عباس العبودي ، شرح احكام قانون المرافعات المدنية ، دار الكتب للطباعة والنشر، جامعة الموصل ، 2000، ص283.

19- والوقف التعليقي هو الوقف الذي تكون المحكمة فيه ملزمة باصدار قرار الوقف بالدعوى اذا حدث سبب ذلك الوقف ، اما الموقف الجزائي فهو الوقف المقرر في قانون المرافعات المصري والذي لم يأخذ به المشرع العراقي ومضمونه الجواز للمحكمة بوقف الدعوى لمدة لا تزيد عن ستة اشهر بدلاً من الغرامة وذلك جزاءً لعدم قيام المدعي بما تأمره المحكمة باتخاذه . لمزيد من التفصيل . انظر: د. وجدي راغب، مبادئ الخصومة المدنية ، ط1 ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1978 ، ص333.

20- اجياد ثامر الدليمي ، مصدر سابق ، ص22.

21- المادة (83) من قانون المرافعات المدنية العراقي النافذ.

22- المادة (129) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري النافذ ؛ والمادة (122) من قانون اصول المحاكمات المدنية الاردني النافذ ؛ والمادة (504) من قانون اصول المحاكمات المدنية اللبناني النافذ ؛ والمادة (153) من قانون المرافعات والتنفيذ اليمني النافذ ؛ والمادة (378) من قانون الاجراءات المدنية الفرنسي النافذ.

23- د. سعدون ناجي القشطيني ، شرح احكام المرافعات ، ج1 ، مطبعة المعارف ، بغداد، 1976، ص267.

24- المادة (216) من قانون المرافعات المدنية العراقي النافذ.

25- اجياد ثامر الدليمي ، مصدر سابق ، ص35.

26- مدحت المحمود ، شرح قانون المرافعات المدنية ، ج1 ، شركة الحسام للطباعة ، بغداد ، 1994، ص143.

27- اجياد ثامر الدليمي ، المصدر نفسه ، ص37.

28- انظر الفقرة الثانية من المادة (82) من قانون المرافعات المدنية العراقي النافذ.

29- ففي هذه الحالة يكون عدم حسم الدعوى المستأخرة اذا مر على وقف المرافعة (استئخارها) مدة ستة اشهر بفعل المستأنف او امتناعه ، اما اذا استمر الوقف في الدعوى المستأخرة ستة اشهر او اكثر بسبب خارج عن ارادة المستأنف فلا تتخذ المحكمة قراراً بابطال الدعوى المستأخرة ، لأن الفقرة الثانية من المادة (83) من قانون المرافعات المدنية العراقي النافذ اشترطت لغرض ابطال الدعوى المستأخرة ان يستمر استئخارها بفعل المستأنف او امتناعه.

30- اجياد ثامر الدليمي ، مصدر سابق ، ص37.

31- د. ممدوح عبد الكريم حافظ ، مصدر سابق ، ص359.

32- اجياد ثامر الدليمي ، المصدر نفسه ، ص45.

33 – ومن المناسب ان نذكر ابأن الفقرة اولاً من المادة (109) من مشروع قانون الاجراءات المدنية العراقي لسنة 1986 نصت على اعتبار وفاة احد الخصوم او فقده اهلية الخصومة او زوال صفة من يباشر الخصومة نيابة عنه وقفاً قانونياً للدعوى.

34- انظر نص المادة (86) من قانون المرافعات المدنية العراقي النافذ.

35- الشطر الاخير من المادة (84) من قانون المرافعات المدنية العراقي النافذ.

36- المادة (34/ف1) من القانون المدني العراقي النافذ.

37- د. احمد خليل ، اصول المحاكمات المدنية ، الدار الجامعية ، بيروت ، 1994 ، ص334.

38- مدحت المحمود ، ج1 ، مصدر سابق ، ص152.

39- انظر المادة (130) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري النافذ ؛ وكذلك المادة (1123/ف3) من قانون اصول المحاكمات المدنية الاردني النافذ.

40- انظر المادة (505/ف1) من قانون اصول المحاكمات المدنية اللبناني النافذ .

41- د. احمد هندي ، اصول المحاكمات المدنية والتجارية ، الدار الجامعية ، بيروت ، 1989 ، ص292.

42- Morel، Op. Cit.، p.421.

وقد اشترط القانون الفرنسي لحدوث الانقطاع بسبب الوفاة ان تكون الدعوى من الدعاوى التي يجوز انتقال الحق الخاص بها الى الخلف ومن ثم يمكن للورثة متابعتها .. انظر المادة (370/ف1) من قانون الاجراءات المدنية الفرنسي النافذ.

43- اهلية التقاضي : هي صلاحية الخصم بمباشرة الدعوى او للقيام بإجراءات التقاضي على وجه يعتد به قانوناً .

44- د. سعيد عبد الكريم مبارك ، التنظيم القضائي ، مصدر سابق ، ص180.

45- استاذنا الدكتور عباس العبودي ، شرح احكام قانون المرافعات ، مصدر سابق ، ص287.

46- انظر المادة (97) من قانون العقوبات العراقي النافذ ذي الرقم (111) لسنة 1969 المعدل.

47- انظر المادة (130) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري النافذ ؛ والمادة (505/ف2) من قانون اصول المحاكمات المدنية اللبناني النافذ.

48- المادة (123/ف3) من قانون اصول المحاكمات المدنية الاردني النافذ.

49- المادة (369) من قانون الاجراءات المدنية الفرنسي النافذ.

50- استاذنا الدكتور عباس العبودي ، شرح احكام قانون المرافعات ، مصدر سابق ، ص288.

51- تنص المادة (27) من قانون رعاية القاصرين العراقي النافذ على انه ” ولي الصغير هو ابوه ثم المحكمة”.

52- تنص المادة (31) من قانون رعاية القاصرين العراقي النافذ على انه ” تنتهي الولاية ببلوغ الصغير سن الرشد ما لم تقرر المحكمة قبيل بلوغه هذه السن استمرار الولاية عليه ” .

53- تنص المادة (32) من قانون رعاية القاصرين العراقي النافذ على انه ” للمحكمة ان تسلب ولاية الولي متى ثبت لها سوء تصرفه” ؛ وانظر كذلك نص المادة (31) من قانون رعاية الاحداث العراقي النافذ ذي الرقم 76 لسنة 1983.

54- تنص المادة (33) من قانون رعاية القاصرين العراقي النافذ ” تقرر المحكمة ايقاف الولاية متى اعتبرت الولي غائباً او حكم عليه بعقوبة مقيدة للحرية لمدة تزيد على سنة ” .

55- تنص المادة (111) من قانون العقوبات العراقي النافذ ان ” اسقاط الولاية او الوصايا او القوامة من المحكوم عليه هو حرمانه من ممارسة هذه السلطة على غيره سواء تعلقت بالنفس او المال” .

56- مدحت المحمود ، ج1 ، مصدر سابق ، ص152.

57- المادة (85) من قانون المرافعات المدنية العراقي النافذ.

58- صادق حيدر ، مصدر سابق ، ص184.

59- انظر المادة (52) من قانون المحاماة العراقي النافذ ذي الرقم (173) لسنة 1965.

60- انظر المادة (130) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري النافذ ؛ والمادة (123/ف3) من قانون اصول المحاكمات المدنية الاردني النافذ ؛ والمادة (505) من قانون اصول المحاكمات المدنية اللبناني النافذ ؛ والمادة (154) من قانون المرافعات والتنفيذ اليمني النافذ ؛ والمادة (370) من قانون الاجراءات المدنية الفرنسي النافذ.

61- وتجدر الاشارة ان القوانين المقارنة – عدا قانون اصول المحاكمات المدنية الاردني النافذ – متفقة تماماً على عدم قطع السير في الدعوى اذا حدث الانقطاع والدعوى مهيأة للحكم فيها .. انظر المادة (130) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري ؛ والمادة (505) من قانون اصول المحاكمات المدنية اللبناني ؛ والمادة (154) من قانون المرافعات اليمني ؛ والمادة (371) من قانون الاجراءات المدنية الفرنسي .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .