يشترط في الشاهد ان يكون من الغير، فلا يجوز ان يكون احد الخصوم او يمثله كالمحامي او الولي او الوصي او القيم شاهدا، ويشترط ان يكون اهلا لأداء الشهادة، وان لا يكون ممنوعا من اداء الشهادة، ويكون الشخص ممنوعا من الشهادة في الحالات الآتية :

أولا – المدعي :

كانت المادة 497 الملغاة من القانون المدني تنص على انه ليس لأحد ان يكون شاهدا ومدعيا، فلا تصح شهادة الوصي لليتيم ولا شهادة الوكيل لموكله (1). وعندما صدر قنون الاثبات منعت المادة 83 منه ان يكون الشخص شاهدا ومدعيا، ذلك ان صفة الشهادة والادعاء صفتان متضادتان، ومن ثم فلا يجوز ان يكون الشخص شاهدا ومدعيا في آن واحد (2).

ثانياً – شهادة احد الزوجين ضد الآخر :

منعت المادة (87) من قانون الاثبات احد الزوجين ان يفشي، بغير رضا الزوج، ما أبلغه إليه اثناء قيام الزوجية او بعد انتهائها، وذلك لما بين الزوجين من رحمة ومودة واسرار زوجيه، فأراد المشرع الحفاظ عليها، فمنع افشاء احد الزوجين، دون رضا الآخر، ما ابلغه إليه اثناء قيام الرابطة الزوجية او بعد انتهائها (3). وفي قضية طلب المدعي من المحكمة الاستماع الى شهادة زوجة المدعى عليه المدعوة (ح) وابنه (ش) في حين تبين ان محكمة البداءة استدعت زوجة المدعى عليه كشخص ثالث في الدعوى لغرض الاستيضاح، وهذا لا يعتبر مجزيا لطلب المدعي في الاستماع الى شهادتها، اذن ان الاستيضاح كشخص ثالث هو غير الشهادة المنوه عنها في قانون الاثبات رقم 107 لسنة 1979 الذي اعتبر الشهادة بينة من البينات القانونية المعتبرة في الاثبات والتي لابد ان تؤدي امام المحكمة بعد تحليف الشاهد اليمين، وحيث ان موضوع الدعوى يمكن معه الاستماع الى البينة الشخصية للاثبات واكن حريا بمحكمة البداءة ان تكلف المدعي بحصر بينته الشخصية واحضار من يمكن احضاره وتبليغ الآخرين من قبل المحكمة بعد اعطاء العنوان الكامل لهم من قبل المدعي وبعد الاستماع الى شهادات الشهود يمكن للمحكمة ان تتوصل الى الحقيقة وان تصدر قرارها في ضوء ما يتراءى لها وحيث انها سارت في الدعوى بخلاف ما تقدم مما أخل بصحة الحكم المميز فقررت استئناف منطقة التأميم بصفتها التمييزية نقض الحكم (4). فالمهم في شهادة احد الزوجين ان لا تؤدي الشهادة الى افشاء، بغير رضاء الزوج الآخر، ما أبلغه إليه وما أحاطه علما به، ويستمر هذا المنع طيلة مدة قيام العلاقة الزوجية وبعد انقضائها، سواء كان بالطلاق او بالتفريق ولا يسري هذا المنع على الخطيبين حيث لا محل لقياس الخطبة على الزوجية، ولاعطاء الشاهد حق الامتناع عن الشهادة لكونه قريبا او صهرا للخصم، لان مثل هذا الاتجاه، اذا كان يرفع الحرج عن الشاهد فعلى حساب الحق، والعدالة تأبى ان يباح للشاهد ان يكتم الحقيقة اذا تعلق الأمر بخطيبة او قريبة او صهر (5). اما شهادة احد الزوجين للآخر، قد كانت المادة 496 الملغاة من القانون المدني تمنعها، ولكن عندما صدر قانون الاثبات جاء خاليا من نص مماثل، ومع ذلك فان قبول شهادة احد الزوجين للآخر، يخضع للسلطة التقديرية للمحكمة، ولها استنادا للمادة 82 من قانون الاثبات، تقدير الشهادة من الناحيتين الشخصية والموضوعية ولها ان ترجح شهادة على أخرى وفقا لما تستخلصه من ظروف الدعوى على أن تبين أسباب ذلك في محضر الجلسة. أما اذا اقيمت دعوى من أحد الزوجين على الآخر، ففي هذه الحالة لا يبقى اي مبرر للمنع المنصوص عليه في المادة (87) من قانون الاثبات، فقد نصت المادة (86 / أ) من قانون أصول المحاكمات الجزائية على ان (لا يكون احد الزوجين شاهدا على الزوج الآخر ما لم يكن متهما بالزنا او بجريمة ضد شخصه او ما له او ضد ولد أحدهما).

ثالثاً – منع الموظف والمكلف بخدمة عامة من افشاء الاسرار الوظيفية :

منعت المادة 88 من قانون الاثبات (المادة 36 بينات أردني) الموظف والمكلف بخدمة عامة من افشاء ما وصل الى علمه اثناء قيامه بواجبه من معلومات لم تنشر بالطريق القانوني ولم تأذن الجهة المختصة في اذاعتها ولو بعد تركه العمل، ومع ذلك فلهذه الجهة ان تأذن له بالشهادة بناء على طلب المحكمة أو أحد الخصوم. ويلتزم الموظف، استنادا الى حكم المادة (4 / سابعاً) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع الاشتراكي رقم (14) لسنة 1991، بكتمان المعلومات والوثائق التي يطلع عليها بحكم وظيفته او اثناءها، اذا كانت سرية بطبيعتها او يخش من افشائها الحاق الضرر بالدولة او بالأشخاص او صدرت إليه اوامر من رؤسائه بكتمانها ويبقى هذا الواجب قائما حتى بعد انتهاء خدمته، ولا يجوز له ان يحتفظ بوثائق رسمية سرية بعد احالته على التقاعد او انتهاء خدمته بأي وجه كان، واذا خالف الموظف واجبات وظيفته او قام بعمل من الاعمال المحظورة عليه، يعاقب باحدى العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون ولا يمس ذلك بما قد يتخذ ضده من اجراءات اخرى وفقا للقوانين (م 7). وهناك نصوص قانونية مبثوثة بين ثنايا العديد من القوانين وتتعلق بالحفاظ على الاسرار الوظيفية، ومن هذه النصوص، ما نصت عليه نص المادة 53 من قانون ضريبة الدخل رقم 113 لسنة 1982 المعدل (تعتبر الأوراق والبيانات والتقارير وقوائم التقدير ونسخها والمعلومات المتعلقة بدخل المكلفين أسرار محظور افشاؤها على من ينفذ أحكام هذا القانون من الموظفين وغيرهم، الا ان للسلطة المالية ان تعطي دوائر الدولة والقطع الاشتراكي البيانات مما لا ترى محظوراً من اعطائه او ما كان ضروريا لتنفيذ أحكام القانون او من اجل تعقيب اي جرم يتعلق بالضريبة، عدا ما يتعلق بمفردات دخل (المكلف) وعاقبت المادة 437 من قانون العقوبات بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تزيد على مائتي دينار او باحدى هاتين العقوبتين، كل من علم بحكم وظيفته او مهنته او صناعته او فنه او طبيعة عمله بسر، فأفشاه في غير الأحوال المصرح بها قانونا، واستعمله لمنفعته او منفعة شخص آخر، ومع ذلك فلا عقاب اذا اذن بإفشاء السر صاحبا لشأن فيه او كان افشاء السر مقصو دبه الاخبار عن جناية او جنحة او منع ارتكابها.

رابعاً – منع اصحاب المهن من افشاء الاسرار المهنية :

يقصد بالسر، لغة، ما يكتمه الإنسان في نفسه (6) وهو كل ما يضر افشاؤه بسمعة مودعه او كرامته بل كل ما يضر افشاؤه بالسمعة والكرامة عموما (7) وقد منعت المادة 89 من قانون الاثبات (المادة 37 بينات اردني) من علم من المحامين او الاطباء، اوالوكلاء او غيرهم عن طريق مهنته بواقعة او معلومات، ان يفشيها ولو بعد انتهاء مهمته، الا انه يجب عليه الادلاء بالشهادة اذا استشهد به من اقضى إليه بها او كان ذلك يؤدي الى منع ارتكاب جريمة، وقد رأينا، قبل قليل، العقاب الذي يناله من يفشي بسر المهنة وفق أحكام المادة 437 من قانون العقوبات، فالمحامي يحصل على معلومات وتفاصيل من موكله خلال توضيحه لملابسات القضية، وورد في صيغة اليمين التي يؤديها المحامي الذي يسجل اسمه في جدول المحامين لأول مرة (أقسم بالله العظيم ان اؤدي أعمالي بأمانة وشرف وان احترم القانون وحافظ على سر المهنة وأرعى تقاليدها وآدابها)(8). ومنعت المادة (46/1) من قانون المحاماة رقم 173 لسنة 1965 ان يفشي سراً أؤتمن عليه او عرفه عن طريق مهنته، ولو بعد انتهاء وكالته، الا اذا كان ذلك من شأنه منع ارتكاب جريمة، كما لا يجوز للمحامي أداء شهادة ضد موكله في الدعوى التي هو وكيل فيها، ولا يجوز تكليف المحامي بأداء شهادة في نزاع وكل او استشير فيه. اما بالنسبة للطبيب فيطلع، بحكم ممارسته لمهنة الطب، على مرضى يكتمون امراضهم عن اصدقائهم ومعارفهم، فيجب على الطبيب ان يكتم ما اطلع عليه اثناء مزاولته لمهنته من معلومات عن المرضى وأمراضهم او يحصل عليها من الفحوصات السريرية والمختبرية والشعاعية، لذلك من صلب مهنة الطب المحافظة على سرية المعلومات الخاصة بمرضاه، وهو التزام مهني وأدبي وقانوني للحفاظ على السرية، ويسري هذا الالتزام على كل من يعمل في المستشفيات او العيادات الخاصة من ممرضين وممرضات أو اداريين لهم اتصال بالمرضى بحكم وظيفتهم (9). والتزام المحامي والطبيب وصاحب أية مهنة بالحفاظ على سر المهنة، تفرضه أصول المهنة وقواعدها بعدم خيانة ثقة صاحب السر الذي أودع سره لديه، وقد بدأ هذا الالتزام، التزاما أخلاقيا نابعا من تقاليد المهنة ثم اقرت التشريعات هذا الالتزام بنصوص قانونية صريحة لأهميته، مع خضوع المبدأ الى استثناءات منها الاخبار عن الجرائم التي يكون في الفنية ارتكابها (10). ويلاحظ ان المادة 89 من قانون الاثبات نصت على استمرار الالتزام بعدم افشاء سر المهنة حتى بعد انتهاء مهمة المحامي او الطبيب او الوكيل او غيرهم ولكن هذه المادة الزمتهم بالادلاء بالشهادة في حالتين هما :

1-رضاء صاحب السر بإفشائه : ان تصريح صاحب السر بإفشائه يرفع عن حامله واجب الكتمان، فالحظر كان مقررا لصالح صاحب السر الا ان لهذا ان يعلنه بنفسه، وبالتالي فليس ثمة ما يمنع من ادلاء المحامي او الطبيب او الوكيل او صاحب المهنة اطلع على سر معين ان يدلي بشهادته امام المحكمة اذا استشهد به من أفضى إليه به، اي صاحب السر (11).

2-منع ارتكاب جريمة : أجازت المادة 89 من قانون الاثبات افشاء السر اذا كان يؤدي الى منع ارتكاب جريمة وأجازت المادة 437 من قانون العقوبات افشاء السر اذا كان مقصودا به الاخبار عن جناية او جنحة او منع ارتكابها، لأن سير العدالة يقتضي الكشف عن الجرائم التي وقعت او التي لم تقع بعد، وينبغي تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، حيث ان مصلحة الجاني في الحماية بحجة المحافظة على سر المهنة هي مصلحة غير مشروعة ما ان المصلحة العامة ترمي الى منع الجرائم قبل وقوعها كلما أمكن ذلك لتحقيق الطمأنينة والاستقرار في المجتمع (12).

ويلاحظ ان افشاء سر المهنة نعالجه هنا ضمن الادلاء بالشهادة امام القضاء في ضوء احكام المادة 89 من قانون الاثبات، لذلك لم تتطرق الى حالات اخرى تتعلق بأ باحة افشاء السر ومنها حالة الضرورة وحالات افضاء طبيب شركة التأمين بمرض طالب التأمين والتبليغ عن المواليد والوفيات والامراض المعدية والانتقالية (السارية) وفي كتابة التقارير الطبية عن فحص اللياقة البدنية لمنتسبي الدولة والطلاب وشهادة اللياقة الزوجية التي تؤيد سلامة الزوجين من الامراض السارية والموانع الصحية المنصوص عليها في قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 (م10/2)(13).

خامساً – الشك في صحة شهادة الشاهد :

هناك حالات يثور الشك فيها حول صحة الشهادة وهي :

العداوة والصداقة : كانت المادة 498 الملغاة من القانون المدني تنص على أنه (اذا كان بين الشاهد واحد الخصمين صداقة او عداوة) ولا يوجد في قانون الاثبات نص مماثل، لذلك فان المحكمة تقدر هذه الظروف، ولها اما ان تقبل الشهادة او تردها وفقا لما تراه.
العلاقة الخاصة : اذا كانت العلاقة بين الشاهد واحد الخصمين علاقة خاصة، كالعلاقة بين الاجير والمستأجر والعلاقة بين الشريكين، فان المحكمة تقدر هذه الظروف ولها ان تقبل الشهادة او تردها وفقا لما تراه (م 498) الملغاة من القانون المدني.
جلب المنفعة : اذا كان للشاهد مصلحة في الشهادة، كالكفيل يشهد ان الاصيل أدى الدين، فان المحكمة تقدر هذه الظروف ولها ان تقبل الشهادة او تردها وفقا لما تراه (م 498) الملغاة من القانون المدني.
شهادة الاصول والفروع : في الفقه الاسلامي يرى عدم جواز شهادة الوالدين وان علوا للولد وان سفل ولا شهادة الولد وان سفل لهما وان علوا، ورأي آخر يجيز ذلك ما دام الشاهد عدلا. ويجوز شهادة احد الوالدين بل هي الأولى، ويجوز كذلك شهادة الاخ لأخيه (14). وكانت المادة 496 الملغاة من القانون المدني تنص على ان (لا تقبل شهادة الاصل للفرع ولا شهادة الفرع للأصل) وعندما صدر قانون الاثبات جاء خاليا من نص مماثل. وقضت محكمة التمييز بأنه لا يجوز هدر شهادتي شاهدي المدعي بحجة ان الأول زوج ابنته والثاني ابن اخت زوجته، عملا بأحكام قانون الاثبات الذي ألغى أحكام الاثبات الواردة في القانون المدني (15). وأخيراً يلاحظ ان عدم نص قانون الاثبات على الحالات التي كان القانون المدني ينص عليها، ليس معناه ان هذه الحالات اصبحت تقبل فيها الشهادة بشكل مطلق، بل نعتقد ان المحكمة، واستنادا لما لها من سلطة تقديرية واسعة وفق أحكام المادة 82 من قانون الاثبات، لها ان تقدر الشهادة من الناحيتين الموضوعية والشخصية، ولها ان ترجح شهادة على اخرى، وفقا لما تستخلصه من ظروف الدعوى على ان تبين اسباب ذلك في محضر الجلسة، كما ان المادة 84 من القانون اجازت للمحكمة، ان ترد شهادة شاهد او أكثر اذا لم تقتنع بصحة الشهادة، ومن ثم فان للمحكمة ان تقبل او ترد الشهادة المؤاده في احدى الحالات المذكورة آنفا.

____________________

1-تطابق المادة (60) بينات سوري.

2-القرار التمييزي المرقم 245 / عمل / 1990 في 18 / 8 / 1990، المشاهدي، قسم الاثبات، ص65.

3-الصوري ج2 ص839 – 840 وانظر المادة (38) بينات اردني.

4-القرار المرقم 196 / ح / 1989 في 9/8/1989 (غير منشور).

5-المنجد في اللغة والآداب والعلوم، بيروت ط5 ص337.

6-كمال ابو العيد، سر المهنة بحث مقدم الى المؤتمر الثاني عشر لاتحاد المحامين العرب، بغداد 1974، دار وهدان للطباعة، ص31.

7-المادة (11) من قانون المحاماة رقم (173) لسنة 1965.

8-الدكتور عبدالوهاب عبدالقادر مصطفى الجلبي، السلوك الطبي وآداب المهنة، مطبعة جامعة الموصل 1988 ص72 وانظر محمد ماهر، افشاء سر المهنة الطبية، مجلة القضاة، القاهرة، العدد التاسع 1975 ص90 وما بعدها.

9-الدكتور عبدالباقي محمود سوداني، مسؤولية المحامي المدنية عن اخطائه المهنية، بغداد 1979 ص205.

10-محمد ماهر ص123.

12-الدكتور جابر مهنا شبل، الالتزام بالمحافظة على سر المهنة، رسالة ماجستير، كلية القانون بجامعة بغداد 1984 ص176.

13-انظر عبدالوهاب الجلبي ص73 – 75. محمد ماهر ص111 – 127 والمادتان (50) و (53 / ثانياً) من قانون الصحة العامة رقم 89 لسنة 1981.

14-الدكتور عبدالكريم زيدان، نظام القضاة فقرة 285 ص183 – 184.

15-القرار التمييزي المرقم 400 / منقول / 84 – 85 في 13/1/1985، مجموعة الأحكام العدلية، العددان الأول والثاني 1985 ص55.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .