اليمين الحاسمة

قسم بالله يصدر من احد الخصمين على صحة ما يزعمه او على عدم صحة ما يدعيه الخصم الآخر (1). ولا تعد اليمين طريقاً عاديا للأثبات، لان المتقاضي لا يلجأ الا اذا تعذر عليه الدليل المطلوب، فيحتكم الى ذمة الخصم وضميره، فتعد اليمين نظاما من نظم العدالة اراد المشرع به التخفيف من مساوئ تقييد الدليل، ويجيز للمتقاضي الاحتكام الى ذمة خصمه بيمين حاسمة يوجهها إليه (2). واليمين الحاسمة التي تنتهي بها الدعوى (م 114 / ثانياً – اثبات)، (م 53 بينات اردني) وثار خلاف حول طبيعة اليمين الحاسمة، ويمكن تلخيص وجهات النظر كالآتي :-

1-ان اليمين عقد صلح، فيعد توجيه اليمين اتفاقا بين الخصمين، ويرد على هذا الرأي بان التعاقد يقضي توافق ارادتين، في حين ان من توجه إليه اليمين لا يكون حرا في الارتباط او عدم الارتباط بهذا التوجيه وإنما عليه ان يتخذ احد المواقف الثلاثة، الحلف او النكول او الرد، ثم ان الصحل يفترض تنازل كل من المتصالحين عن بعض ما يدعيه في حين ليس في اليمين شيء من ذلك، اذ ان المدعى عليه اما يقبل دعوى المدعي كاملة او يرفض كلها، كما ان الخصم يأمل من توجيه اليمين، نكول خصمه ليغنم من وراء ذلك ثبوت حقه كامل (3).

2-ان اليمين الحاسمة شبيهة بعقد التحكيم، حيث ان من يوجهها يحكم ذمة خصمه في النزاع، ولكن يلاحظا ن المحكم في عقد التحكيم هو شخص ثالث وليس احد الخصوم، وان التحكيم يتم برضاء الطرفين في حين ان الخصم الذي وجهت إليه اليمين ملزم بالحف الو النكول او الرد (4).

3-ان توجيه اليمين الحاسمة تنازل عن الحق المدعى به معلق على شرط هو تأديتها، ويستطيع الخصم الذي وجهت إليه ان يردها على خصمه (5).

ولكن هذا الرأي لا يفسر حكم النكول او حالة رد اليمين، ثم ان من يوجه اليمين لا يملك حقا لكي يتنازع عنه بتوجيهه اليمين معلقا على شرط واقف هو حلف هذه اليمين (6).

4-ان اليمين الحاسمة وسيلة من وسائل الاثبات القانونية التي يلجأ إليها الخصم عندما يعوزه الدليل، قررها المشرع ليحتكم بها الى ذمة خصمه او شعوره الديني (7). فاليمين الحاسمة تصرف قانوني صادر من جانب واحد، وهي نظام من نوع خاص اوجده المشرع لتلافي عيوب مذهب الاثبات المقيد، ويسمح لمن يعوزه الدليل ان يحتكم على ذمة الخصم لا على أساس من قانون بل على اساس من العدالة، وبذلك يلزم القانون الخصم الذي وجهت إليه اليمين ان يحلفها والا كان امتناعه دليلا على ان العدالة ليست الى جانبه (8). اما قانون الاثبات فقد نصت المادة (111 / أولاً) على ان (طلب توجيه اليمين يتضمن النزول عما عداها من طرق الاثبات بالنسبة للواقعة التي يرد عليها ..) وبالتالي فليس للمدعي طلب الاستماع الى شاهد آخر طالما ان المحكمة منحته حق تحليف المدعى عليه اليمين بعد عجزه عن الاثبات وقد حلف اليمين (9).

________________

1- النداوي، دور الحاكم المدني ص350.

2- أنور سلطان، قواعد الاثبات في المواد المدنية والتجارية، القاهرة، الدار الجامعية للطباعة والنشر 1984 ص193.

3- مرقس، اصول الاثبات فقرة 210 ص600 – 601. احمد ابو الوفا، المستحدث في قانون المرافعات الجديد وقانون الاثبات، الاسكندرية 1968 ص339. السنهوري ص517 – 518. عدنان احمد ولي العزاوي، أحكام اليمين في الاثبات، مجلة الحقوقي، العددان الأول والثاني 1972 ص90 وما بعدها.

4- أحمد نشأت ص77 – 78. د. شمس الدين الوكيل، دروس في الالتزامات، الاسكندرية، منشأة المعارف ص196.

5- احمد نشأت ج2 ص77.

6- العزاوي، ص90.

7- احمد ابو الوفا، التعليق على نصوص الاثبات، الاسكندرية 1987 ص341 – 342. وانظر قرار محكمة التمييز الاردنية المرقم 798 / 1986 رقم 47 في 23 / 7 / 1987، المجلة العربية، العدد العاشر 1989 ص165.

8- العزاوي، ص90 وما بعدها. وانظر قرار محكمة التمييز المرقم 1758 / 1967 في 16 / 5 / 1986 مجلة العلوم القانونية، العدد الأول 1969 ص287.

9- قرار محكمة التمييز المرقم 182 / م1 / 1989 في 26 / 9 / 1989 (غير منشور).

اليمين المتممة

توجه اليمين المتممة من القاضي في الدعوى، اذا كان فيها دليل ناقص، اذ لو جز توجيه اليمين المتممة في كل دعوى، ولو كانت خالية من كل دليل، لترتب على ذلك جواز الحكم في كل دعوى باليمين التي وجهها القاضي الى من يتوسم فيه الصدق من المدعين، وبهذا تنهار القواعد الاصولية المقررة قانونا للاثبات ولا تبقى منها اية فائدة (1). فاليمين المتممة توجهها المحكة من تلقاء نفسها الى أحد الخصمين في الدعوى لاستكمال قناعتها، وهذه اليمين لا يجوز ان يوجهها أحد الخصمين الى الآخر (2). كما لا يجوز تحليف المدعية اليمين المتممة في حالة اثبات الزواج والبنوة لتعلق الدعوى بالحل والحرمة والنسب (3). فاليمين المتممة ملك للقاضي، ويلعب القاضي فيها دورا ايجابيا وله ان يختار اي من الخصمين ليرجح بينته فيوجه إليه اليمين المتممة ليكمل بها أدلته الكافية (4)، ولا يلزم القاضي بتسبيب اختياره للخصم الذي يوجه إليه هذه اليمين (5). ويختار القاضي الخصم الذي كانت ادلته أقوى، اما في حالة تساوي الادلة فانه يوجهها الى المدعى عليه (6). واليمين المتممة لا تحسم النزاع، بل هي مجرد اجراء تتخذه المحكمة، من تلقاء نفسها، رغبة منها في تحري الحقيقة (7) واستكمالا لدليل ناقص (8). ويلاحظ، من الناحية العلمية، ان القاضي لا يلجأ الى اليمين المتممة الا في كثير من الحيطة والاعتدال، بعد تقدير جدوى هذه اليمين تقديرا يعتد فيه بشخصية الخصم (9). وبإمكان المحكمة توجيهها، في أية حالة كانت عليها الدعوى، حتى يصدر حكم نهائي فيها، ويجوز توجيهها امام محكمة الاستئناف (10). وتختلف اليمين المتممة عن اليمين الحاسمة، في ان اليمين المتممة يوجهها القاضي لا الخصم، في حين ان اليمين الحاسمة يوجهها الخصم بإشراف المحكمة. ويمكن رد اليمين الحاسمة من الخصم الموجهة إليه على الخصم الآخر الذي وجهها، في حين ان اليمين المتممة لا يمكن ردها. واليمين الحاسمة تحسم النزاع نهائياً بعد حلفها في حين ان اليمين المتممة لا تقيد القاضي بنتيجة حلفها او النكول عنها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1-الخزاعي ص160.

2-القرار التمييزي المرقم 717 / م3 / 1971 في 15 / 7 / 1971 النشرة القضائية، العدد الثالث 1973 ص68.

3-القرار التمييزي المرقم 135 / ش / 84 – 85 في 12 / 7 / 1984، مجموعة الأحكام العدلية، الاعداد (1-4) 1984 ص109 وانظر أوان عبدالله الفيضي. مبدأ الثبوت القانونية رسالة ماجستير كلية القانون بجامعة الموصل (2001)م ص94 وما بعدها.

4-السنهوري، فقرة 303 ص573.

5-احمد ابو الوفا، التعليق على نصوص قانون الاثبات ص 311.

6-احمد نشأت ص 169.

7-انور سلطان ص208.

8-العامري ص125.

9-مجموعة الأعمال التحضيرية، ج3 ص461.

10-توفيق حسن فرج ص182.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .