ينطوي كل من القرينة القانونية والقرينة القضائية على استنباط امر غير ثابت من امر ثابت (م 98 / أولا) و (م 102 / أولا) من قانون الاثبات. وان القرينة القانونية لها طابع الزامي، ومع ذلك فان القرينة القضائية يمكن ان تصطبغ بطابع آمر، عندما تكون هناك منازعات متماثلة في الوقائع ووحدة الحلول التي قد تتمثل في تحديد وجه معين لاثبات بعض هذه الوقائع. وقد ينتهي الأمر باستخلاص قرينة معينة من واقعة محددة، فاذا تكرر العمل على استخلاص هذه القرينة من هذه الواقعة المحددة في قضايا من نوع معين واضطر القضاء على تطبيقها عند تحقق الواقعة التي استمدت منها، فان هذه القرينة تصبح ملزمة لقاضي لتواتر العمل عليها امام المحاكم، بل ويعتمد عليها الخصوم انفسهم للدفاع عن وجهة نظرهم (1). وقد يتدخل المشرع فيحول القرينة القضائية الى مرتبة القرينة القانونية عن طريق النص عليها في القانون، فالمشرع يرى ان في اضطراد لمحاكم على الاخذ بقرينة معينة، بحيث لم تصبح هذه القرينة متغيرة الدلالة من قضية الى اخرى مما يجعلها جديرة بان ينص على توحيد دلالتها، فتصبح بذلك قرينة قانونية (2). فالقرينة القانونية والقرينة القضائية تقومان على فكرة واحدة هي فكرة ما هو راجح الوقوع وهما من طبيعة واحدة من حيث التكيف، لان كل منهما ينطوي على اثبات غير مباشر، مقتضاه ان ينتقل محل الاثبات من الواقعة المتنازع فيها الى واقعة اخرى متصلة او مجاورة يسهل اثبتها، بحيث اذا ثبتت اعتبر ثبوتها دليلا على صحة الواقعة الأولى، اي الواقعة المتنازع فيها، وهذا يتم وفقا لفكرة تحول الاثبات التي يستند إليها الاثبات غير المباشر (3). ومع ذلك هناك فروق بين القرائن القانوني والقرائن القضائية، يمكن تلخيصها بما يأتي :-

1- ان القرائن القضائية من عمل القاضي، فالتقدير الذي يعطيه للدلائل هو وحده الذي يمنحها قوة معينة في الاثبات، اما القرائن القانونية فان القانون هوا لذي يحدد الدلائل التي ترتبط بها القرينة والقوة الثبوتة للقرينة، ويتضاءل دور القاضي الى الحد الادنى المتمثل في تطبيق قاعدة الاثبات القانونية على النزاع الذي هو مكلف بحسمه (4).

2- تعد القرينة القضائية طريقاً للإثبات، في حين ان القرينة ليست طريقاً للإثبات، بل هي اعفاء منه او كما نصت المادة (98 / ثانياً) بأنها تغني من تقررت لمصلحته عن اي دليل آخر من ادلة الاثبات (م 40 بينات اردني).

3- تقوم القرينة القانونية على الراجح الغالب الوقوع ومقررة في صيغة عامة مجردة، لذلك يقتضي جواز اثبات عكسها في كل حالة معينة (5). في حين ان القرائن القضائية دلالتها غير قطعية فتقبل اثبات العكس بصورة دائمة وفي جميع الأحوال (6).

4- قيد المشرع قبول القرينة القضائية في الاثبات، فجعلها مساوية لقوة الشهادة في الاثبات، وعلى هذا نصت المادة (102 / ثانياً) من قانون الاثبات. في حين ان القرينة القانونية تعفى من الاثبات ولو في تصرف قانوني تزيد قيمته على خمسة الاف ديناراً، فقد نصت المادة 769 من القانون المدني على ان (الوفاء بقسط من الاجرة قرينة على الوفاء بالأقساط السابقة على هذا القسط، حتى يقوم الدليل على عكس ذلك). فالوفاء بقسط من الاجرة يعد قرينة قانونية على الوفاء بالأقساط السابقة عليه مهما كان مقدار القسط حتى ولو كان أكثر من خمسة الاف دينارا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- قيس. القرائن ص104.

2- العامري ص105.

3- السنهوري، فقرة 179 ص336 – 337.

4- الصدة، ص310.

5- مرقس، اصول الاثبات فقرة 277 ص103 – 105.

6- أدوار عيد ج2 فقرة 357 ص338.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .