جريمة طلب وأخذ عطية لاستعمال نفوذ حقيقي لدى سلطة عامة في القانون المصري .

الطعن 209 لسنة 58 ق جلسة 6/ 12/ 1988 مكتب فني 39 ج 2 ق 190 ص 1227 جلسة 6 من ديسمبر سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ حسن عثمان عمار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود رضوان نائب رئيس المحكمة وصلاح عطيه وحسن عشيش ورضوان عبد العليم.
———————
(190)
الطعن رقم 209 لسنة 58 القضائية

(1)حكم “بياناته” “بيانات التسبيب” “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده الحكم مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) رشوة. جريمة “أركانها”. قانون “تفسيره”.
مدلول الرشوة في مجال تطبيق المادة 106 مكرراً عقوبات. شمولها حالة استعمال النفوذ الحقيقي أو المزعوم للحصول أو محاولة الحصول في مقابلها على مزية ما من أية سلطة عامة. المقصود بالزعم هو مطلق القول دون اشتراط اقترانه بعناصر أخرى أو وسائل احتيالية.
توقيع عقوبة الجناية المنصوص عليها في المادة 104 عقوبات. إذا كان الجاني موظفاً عمومياً إلا وقعت عقوبة الجنحة المنصوص عليها في عجز المادة 106 مكرراً عقوبات. علة ذلك؟
(3)دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يبد أمامها غير مقبول. عدم جواز إثارته أمام النقض.
(4) محضر الجلسة. دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”. بطلان. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم. لا يعيب الحكم. إذ كان عليه أن يتمسك بإثباته فيه.
(5)دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
عدم التزام الحكم بالرد على دفاع يتصل بدليل لم يأخذ به. مثال.
(6)إثبات “اعتراف”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
تقدير صحة الاعتراف واستقلاله عن الإجراء الباطل. موضوعي. عدم جواز المجادلة فيه أمام النقض.
(7) نقض “المصلحة في الطعن” “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
انعدام مصلحة المتهم في الطعن بالنقض لنزول الحكم بالعقوبة عن الحد الأدنى المقرر للجريمة المسندة إليه.

—————–
1 – من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها – فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ويكون منعى الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الصدد غير سديد.
2 – إن الشارع قد استهدف بما نص عليه في المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات التوسع في مدلول الرشوة حتى تشمل حالة استعمال النفوذ الحقيقي أو المزعوم للحصول أو محاولة الحصول في مقابلها على مزية ما من أية سلطة عامة – وبذلك تتحقق المساءلة ولو كان النفوذ مزعوماً. والزعم هنا هو مطلق القول دون اشتراط اقترانه بعناصر أخرى أو وسائل احتيالية. فإن كان الجاني موظفاً عمومياً وجب توقيع عقوبة الجناية المنصوص عليها في المادة 104 من قانون العقوبات وإلا وقعت عقوبة الجنحة المنصوص عليها في عجز المادة 106 مكرراً عقوبات، وذلك على اعتبار أن الوظيفة العامة ليست ركناً في الجريمة وإنما ظرف مشدد للعقوبة.
3 – لما كان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر دفاعه القائم على أن الجريمة تحريضية فإنه ليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يبد أمامها ولا يقبل منه إثارته أمام محكمة النقض.
4 – من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم إذ عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته في هذا المحضر كما عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل حجز الدعوى للحكم أن يقدم الدليل على ذلك وأن يسجل عليها هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم.
5 – لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه أطرح التسجيلات التي تمت ولم يأخذ بالدليل المستمد منها وبنى قضاءه على ما اطمأن إليه من اعتراف الطاعن بالتحقيقات إلى جانب باقي أدلة الثبوت التي قام عليها فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على أي دفاع يتصل بهذه التسجيلات.
6 – من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه كما أن لها تقدير ما إذا كان الاعتراف صدر من المتهم أثر إجراء باطل وتحديد مدى صلة الاعتراف بهذا الإجراء ومتى تحققت من أن الاعتراف كان دليلاً مستقلاً منبت الصلة عن الإجراءات السابقة وأنه سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها فيه، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى اعتراف الطاعن باعتباره دليلاً مستقلاً عن الإجراءات السابقة عليه ومنبت الصلة عنها وأنه صدر منه طواعية واختياراً ولم يكن نتيجة أي إكراه واقتنعت بسلامته وصحته فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون محاولة لإعادة الجدل في تقدير الدليل مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
7 – من المقرر أن المصلحة شرط لازم في كل طعن، فإذا انتفت لا يكون الطعن مقبولاً، وكان لا مصلحة للطاعن فيما يثيره من خطأ الحكم في تطبيق القانون لنزوله بالعقوبة عن الحد الأدنى المقرر للجريمة المسندة إليه ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه طلب لنفسه وأخذ عطية لاستعمال نفوذ حقيقي لدى سلطة عام لمحاولة الحصول على مزية منها بأن طلب وأخذ من…… مبلغ ألف جنيه على سبيل الرشوة لاستعمال نفوذ لدى المختصين بالمجلس الشعبي المحلي لمحافظة القاهرة لتخصيص مسكن للمواطن المذكور بمساكن المحافظة من النسبة المقررة لهذا المجلس حالة كونه في حكم الموظف العمومي، وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة أمن الدولة العليا قضت حضورياً عملاً بالمواد 104، 106 مكرراً، 112/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وبتغريمه مبلغ ألف جنيه، فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض…… إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة طلب وأخذ عطية لاستعمال نفوذ حقيقي لدى سلطة عامة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الحكم لم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة المسندة إلى الطاعن ودانه على الرغم من أن العمل المطلوب إليه أداؤه لا يدخل في اختصاصه وتساند الحكم في إثبات اختصاص الطاعن بهذا العمل إلى ما جاء بكتاب المحافظة من أنه يجوز له تزكية أية طلبات مع أن التزكية لا تضفي عليه اختصاصاً ومع أن الحكم أسقط من ذلك الكتاب ما جاء به من أن اللجنة المختصة تبحث الحالات المزكاة شأنها شأن سائر الحالات الأخرى. كما لم يعرض الحكم لدفاعه الذي خلا منه محضر الجلسة القائم على أن الجريمة تحريضية. ورد على ما دفع به الطاعن من بطلان التسجيلات وما تلاها من إجراءات ومن بطلان الاعتراف لكونه وليد إكراه وإجراءات باطلة بما لا يصلح رداً. هذا إلى أن الدعوى قدمت إلى المحكمة بقراري اتهام طلبت النيابة العامة في أولهما تطبيق المادتين 103، 111/ 2 من قانون العقوبات بينما طلبت في الآخر – وهو الذي دين الطاعن بمقتضاه – إعمال المواد 104، 106 مكرراً، 111 من القانون سالف البيان وإذ خلت الأوراق مما يفيد إلغاء القرار الأول فقد أعد الطاعن دفاعه على أساسه غير أن الحكم دانه بموجب قرار الإحالة الآخر إلا أنه أوقع عليه عقوبة الغرامة المقررة في المادة 103 من قانون العقوبات بما يفصح عن اختلال فكرة الحكم عن الواقعة يؤكد ذلك أنه قضى بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات دون إعمال المادة 17 من القانون المذكور في حين أن العقوبة المنصوص عليها في المادتين 104، 106 مكرراً هي الأشغال الشاقة المؤبدة كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله “تتحصل في أن…… كان قد تقدم إلى محافظة القاهرة بطلبات ثلاث للحصول على مسكن من مساكن المحافظة ولم تشمله القرعة فتوجه إلى مبنى المحافظة ليقدم تظلماً إلى السكرتير العام ولكنه لم يجده والتقى بالمتهم – الطاعن – الذي طلب منه لقاءه بمنزله فقبل وطلب مبلغ ألف جنيه مقابل تخصيص مسكن له فدفع إليه خمسمائة جنيه ثم مائة وخمسين لكنه ساوره الشك فأبلغ الشاهد الثاني عضو الرقابة الإدارية بالواقعة وطلب منه مسايرته وأمده بمبلغ ثلاثمائة وخمسين جنيهاً وتكررت اللقاءات حتى تم ضبط المتهم إثر تقاضيه مبلغ الرشوة المذكور واعترف المتهم بالتحقيقات وأنه أخذ من الشاهد المذكور مبلغ ألف جنيه مقابل تخصيص مسكن له من مساكن المحافظة من النسبة المقررة للمجلس الشعبي للمحافظة والتي يختص بتوزيعها وأنه تم ضبطه إثر تقاضيه مبلغ 350 جنيه منه وقام برد مبلغ 650 جنيه كان قد تسلمه منه وأورى المجلس الشعبي المحلي لمحافظة القاهرة بكتابه أن المتهم عضو بمجلس الشعب للمحافظة من 15/ 11/ 1979 وأنه وفقاً لقرار مجلس محلي القاهرة فإن المجلس يختص بتوزيع نسبة 3% من مساكن المحافظة للحالات الماسة التي تقدم إليه وأنه يجوز للمتهم تزكية أي طلب يقدم إليه وأورد الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلة استمدها مما شهد به كل من….. و….. ومن اعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة ومن كتاب المجلس الشعبي المحلي لمحافظة القاهرة وهي أدلة سائغة – لا ينازع الطاعن في أن لها أصلها الثابت في التحقيقات – من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها – فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ويكون منعى الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان الشارع قد استهدف بما نص عليه في المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات التوسع في مدلول الرشوة حتى تشمل حالة استعمال النفوذ الحقيقي أو المزعوم للحصول أو محاولة الحصول في مقابلها على مزية ما من أية سلطة عامة – وبذلك تتحقق المساءلة ولو كان النفوذ مزعوماً. والزعم هنا هو مطلق القول دون اشتراط اقترانه بعناصر أخرى أو وسائل احتيالية. فإن كان الجاني موظفاً عمومياً وجب توقيع عقوبة الجناية المنصوص عليها في المادة 104 من قانون العقوبات وإلا وقعت عقوبة الجنحة المنصوص عليها في عجز المادة 106 مكرراً عقوبات، وذلك على اعتبار أن الوظيفة العامة ليست ركناً في الجريمة وإنما ظرف مشدد للعقوبة. لما كان ذلك، وكان الثابت في حق الطاعن أنه بصفته عضواً بالمجلس الشعب المحلي لمحافظة القاهرة والذي يختص بتوزيع نسبة 3% مساكن محافظة القاهرة قد طلب وأخذ من…….. مبلغ ألف جنيه مقابل تخصيص مسكن له، ودان الحكم الطاعن على هذا الاعتبار فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير قويم. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل كتاب محافظة القاهرة في قوله أنه ورد “خطاب من المجلس الشعبي المحلي لمحافظة القاهرة بأن المتهم عضو بالمجلس اعتباراً من 15/ 11/ 1979 وأنه وفقاً لقرار مجلس محلي القاهرة بأن المجلس يختص بتوزيع نسبة 3% من مساكن المحافظة للحالات القاسية التي تقدم إليه وأنه وفقاً للقرار المذكور يطلب منه بحث هذه الطلبات ويجوز لأعضاء المجلس المحلي وغيرهم من الشخصيات العامة تزكية الطلبات وأنه لا تكفي هذه التزكية الموافقة وإنما يتم بحث الحالات”، وكان ما حصله الحكم لا يتعارض مع ما جاء بأسباب الطعن ومن ثم يضحى منازعة الطاعن في تحصيل الحكم لكتاب المحافظة على غير أساس. لما كان ذلك وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر دفاعه القائم على أن الجريمة تحريضية فإنه ليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يبد أمامها ولا يقبل منه إثارته أمام محكمة النقض،. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم إذ عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته في هذا المحضر كما عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل حجز الدعوى للحكم أن يقدم الدليل على ذلك وأن يسجل عليها هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم وإذ كان الطاعن لم يذهب إلى الادعاء بأنه طلب أن يثبت بمحضر جلسة المحاكمة دفاعه سالف البيان أو أنه تقدم بطلب سجل فيه على المحكمة مصادرة حقه في الدفاع وكانت أسباب طعنه قد خلت من أي إشارة إلى سلوك طريق الطعن بالتزوير في هذا الصدد فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه أطرح التسجيلات التي تمت ولم يأخذ بالدليل المستمد منها وبنى قضاءه على ما اطمأن إليه من اعتراف الطاعن بالتحقيقات إلى جانب باقي أدلة الثبوت التي قام عليها فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على أي دفاع يتصل بهذه التسجيلات لما كان ذلك وكانت المحكمة قد قدرت في حدود سلطتها التقديرية أن اعتراف الطاعن أمام النيابة كان دليلاً مستقلاً عن الإجراءات السابقة عليه ومنبت الصلة بها كما نفى الحكم أن الاعتراف المنسوب إلى الطاعن كان وليد إكراه استناداً إلى أنه قول مرسل لا دليل عليه، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه كما أن لها تقدير ما إذا كان الاعتراف صدر من المتهم إثر إجراء باطل وتحديد مدى صلة الاعتراف بهذا الإجراء ومتى تحققت من أن الاعتراف كان دليلاً مستقلاً منبت الصلة عن الإجراءات السابقة عليه وأنه سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها فيه، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى اعتراف الطاعن باعتباره دليلاً مستقلاً عن الإجراءات السابقة عليه ومنبت الصلة عنها وأنه صدر منه طواعية واختياراً ولم يكن نتيجة أي إكراه واقتنعت بسلامته وصحته فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون محاولة لإعادة الجدل في تقدير الدليل مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، لما كان ذلك وكان الثابت من مطالعة مفردات الطعن التي أمرت المحكمة بضمها – تحقيقاً لوجه الطعن – أن الأوراق لم تحوي سوى أمر إحالة واحد صدر بتاريخ 29 من مارس سنة 1987 فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول. لما كان ذلك وكان من المقرر أن المصلحة شرط لازم في كل طعن، فإذا انتفت لا يكون الطعن مقبولاً، وكان لا مصلحة للطاعن فيما يثيره من خطأ الحكم في تطبيق القانون لنزوله بالعقوبة عن الحد الأدنى المقرر للجريمة المسندة إليه ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .