جريمة التزوير في الأوراق الرسمية – حكم محكمة النقض المصرية .

الطعن 28911 لسنة 59 ق جلسة 10 / 12 / 1990 مكتب فني 41 ق 196 ص 1078 جلسة 10 من ديسمبر سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى طاهر ومجدى منتصر وحسن حمزه نواب رئيس المحكمة وفتحي الصباغ.
——————-
(196)

الطعن رقم 28911 لسنة 59 القضائية

(1) محكمة الموضوع “الإجراءات أمامها”. قضاه “صلاحيتهم”.
قضاء المحكمة ضد الطاعن في دعوى أخرى لا يقيدها بشيء وهى بصدد الدعوى المطروحة. أساس ذلك ؟
(2)تزوير “تزوير أوارق رسمية”. جريمة “أركانها”. حكم “ما لا يعيبه في نطاق التدليل”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
جريمة التزوير في محرر رسمي. تحققها: بمجرد إعطاء الورقة المصطنعة شكل الورقة الرسمية ومظهرها وأن ينسب صدورها كذبا إلى موظف عام للإيهام برسميتها.
لا يشترط أن تكون الورقة قد صدرت فعلا من الموظف المختص بتحريرها. كفاية احتوائها على ما يفيد تدخل الموظف في تحريرها بما يوهم أنه هو الذى باشر الإجراءات في حدود اختصاصه.
(3) إثبات “خبرة” تزوير “أوراق رسمية”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
وقوع تزوير التوقيعات في المحرر بيد شخص أخر خلاف المتهم. لا يؤثر في مسئوليته.
خلو تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير من أن التوقيعات محررة بخط الطاعن لعدم المضاهاة. اطمئنان المحكمة إلى توافر التزوير في حقه. لا تناقض.
(4)دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”. إجراءات “إجراءات المحاكمة”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يبد أمامها. غير مقبول.
(5)نقض. “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”. دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”. ارتباط. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلا منها به.
إثارة الارتباط لأول مرة أمام محكمة النقض. غير مقبولة. علة ذلك ؟
مثال:
(6)دفوع “الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها” “نظر الطعن والحكم فيه”.
الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها. من النظام العام. جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. شرط ذلك ؟

—————-
1 – لما كان قضاء المحكمة في دعوى أخرى ضد الطاعن ليس من شأنه أن يقيدها بشيء وهى بصدد الفصل في الدعوى المطروحة ولا يعد من بين أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها في المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية والتي يحظر فيها على القاضي الذى يقوم به أحد هذه الأسباب أن يجلس للفصل في الدعوى وذلك درءا لشبهة تأثره بصالحه الشخصي أو بصلة خاصة أو برأي سبق له أن أبداه في الدعوى ذاتها اصطيانا لمكانة القضاء وعلو كلمته في أعين الناس ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل.
2 – من المقرر أنه لا يشترط في جريمة التزوير في الأوراق الرسمية أن تكون صدرت فعلا من الموظف المختص بتحريرها بل بكفى لتحقق الجريمة – كما هو الشأن في حالة الاصطناع – أن تعطى الورقة المصطنعة شكل الأوراق الرسمية – ومظهرها وأن ينسب صدورها كذبا إلى موظف عام للإيهام برسميتها، ويكفى في المقام أن تحتوى الورقة على ما يفيد تدخل الموظف في تحريرها بما يوهم أنه هو الذى باشر إجراءاته في حدود اختصاصه.
3 – لما كان الحكم فيما انتهى إليه من توافر جريمة التزوير في المحررات الرسمية – المنسوبة إلى إدارة مرور……. بطريق الاصطناع، واستخلص على نحو سائغ مقارفة الطاعن هذه الجريمة استنادا إلى ما أورده مرتدا إلى أصل ثابت في الأوراق – على ما يبين من المفردات المضمومة – من أن الطاعن هو الكاتب لبيانات تلك المحررات والتي تحريرها من اختصاص موظف عام على مقتضى وظيفته وفى حدود اختصاصه، بما يصح أن يكون قد زور التوقيعات الموجودة عليها والمنسوبة الى الموظفين العموميين المختصين بنفسه أو بواسطة غيره وكان وقوع تزوير التوقيعات بيد شخص أخر لا يؤثر في مسئولية الطاعن، فلا يجديه نفيه تزويرها بنفسه، وكان لا يوجد تناقض بين هذا الذى استخلصته المحكمة وبين ما جاء في تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير الذى يبين من الاطلاع عليه أنه وإن خلا من أن التوقيعات المشار إليها آنفا محررة بخط الطاعن لعدم المضاهاة في هذا الشأن, إلا أنه أثبت أنها مزورة على ذويها بطريق التقليد دون ما إسناد كتابتها إلى شخص معين، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن ما تقدم يكون غير سديد.
4 – لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يذكر أن تزوير المحررات لا يقع الا من الموظفين ذوى الشأن بها، ولم يطلب استكتابهم للمضاهاة، فإنه ليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع موضوعي لم يبد أمامها أو عدم اتخاذها إجراء لم يطلبه منها.
5 – الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلا بهذا الحكم، وكان ما يثيره الطاعن بوجه طعنه من أن المحكمة اطرحت الدفع بعدم الارتباط بين الدعوى الراهنة وبين دعاوى أخرى مماثلة في وصفها القانوني مقيدة بأسباب غير سائغة، فإن هذا النعي بحسب ما ساقه لا يتصل بالحكم المطعون فيه لخلو تدويناته من العبارات التي حملها منعاه، ومن ثم فإن لا يكون مقبولا، وكذلك لا يقبل من الطاعن أن يثير دعوى الارتباط لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه ذلك من تحقيق موضوعي لا يصح أن تطالب بإجرائه.
6 – لما كان الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وإن كان متعلقا بالنظام العام وتجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض إلا أنه يشترط لقبوله أن تكون مقوماته واضحة من مدونات الحكم أو تكون عناصر الحكم مؤدية إلى قبوله بغير تحقيق موضوعي لأن هذا التحقيق خارج عن وظيفة محكمة النقض.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه وهو من أرباب الوظائف العمومية “مندوب الفحص بشركة……. لدى إدارة مرور إسكندرية ارتكب تزويرا في محرر رسمي هو النموذج 102 مرور المؤرخ…… الخاص بنتيجة الفحص الفني للمركبة……. نقل إسكندرية واصطنعه على غرار الأوراق الصحيحة بأن أثبت به البيانات الخاصة بالمركبة الأخيرة واللازم إدراجها فيه ونسب صدورها زورا لمهندس المرور المختص وأثبت به على خلاف الحقيقة صلاحية المركبة فنيا للاستعمال ووقع عليه بإمضاءات نسبها زورا للمختصين. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضوريا عملا بالمادتين 211، 212 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذلك القانون بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض… الخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم التزوير في محررات رسمية قد شابه الإخلال بحق الدفاع والبطلان والخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن الحكم صدر عن هيئة فقدت صلاحيتها بما أبدته من رأى سابق بإدانة الطاعن في دعوى مماثلة هذا ولم يعرض الحكم إلى دفاعه القائم على أن البيانات التي حررها بالمحررات المقول بتزويرها مطابقة للواقع وثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير أن التوقيعات المنسوبة زورا إلى الموظفين العموميين المختصين على هذه المحررات ليست بخطه مما لا يوفر في حقه أركان جريمة التزوير – فضلا عن أن المحكمة أغفلت ما أثاره الطاعن من أن تزوير تلك المحررات لا يقع إلا من الموظفين ذوى الشأن بها وكذا طلبه استكتابهم لكشف من مهرها بالتوقيعات المزورة على ذويها – كما نفى الحكم قيام الارتباط بين هذه الدعوى وبين دعاوى أخرى مماثلة تأسيسا على اختلاف زمان أحداث التزوير في المحررات وتغاير محلها وهو تبرير غير سائغ ويخالف ما نصت عليه المادة 32 من قانون العقوبات ويضاف إلى ذلك، أنه سبق الحكم بإدانة الطاعن عن ذات الواقعة المطروحة التي أسندت إليه في الجناية رقم…….. لسنة 1983 قسم اللبان مما يكون معه الحكم المطعون فيه قد خالف قوة الأمر المقضي. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان قضاء المحكمة في دعوى أخرى ضد الطاعن ليس من شأنه أن يقيدها بشيء وهى بصدد الفصل في الدعوى المطروحة ولا يعد من بين أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها في المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية والتي يحظر فيها على القاضي الذى يقوم به أحد هذه الأسباب أن يجلس للفصل في الدعوى وذلك درءا لشبهة تأثره بصالحه الشخصي أو بصلة خاصة أو برأي سبق له أن أبداه في الدعوى ذاتها اصطيانا لمكانة القضاء وعلو كلمته في أعين الناس ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها، وأقام عليها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان لا يشترط في جريمة التزوير في الأوراق الرسمية أن تكون صدرت فعلا من الموظف المختص بتحريرها بل بكفى لتحقق الجريمة – كما هو الشأن في حالة الاصطناع – أن تعطى الورقة المصطنعة شكل الأوراق الرسمية – ومظهرها وأن ينسب صدورها كذبا إلى موظف عام للإيهام برسميتها، ويكفى في هذا المقام أن تحتوى الورقة على ما يفيد تدخل الموظف في تحريرها بما يوهم أنه هو الذى باشر إجراءاته في حدود اختصاصه، وإذ كان الحكم التزم هذا النظر فيما انتهى إليه من توافر جريمة التزوير في المحررات الرسمية ـ المنسوبة إلى إدارة مرور الإسكندرية بطريق الاصطناع، واستخلص على نحو سائغ مقارفة الطاعن هذه الجريمة استنادا إلى ما أورده مرتدا إلى أصل ثابت في الأوراق – على ما يبين من المفردات المضمومة – من أن الطاعن هو الكاتب لبيانات تلك المحررات والتي تحريرها من اختصاص موظف عام على مقتضى وظيفته وفى حدود اختصاصه، بما يصح أن يكون قد زور التوقيعات الموجودة عليها والمنسوبة إلى الموظفين العموميين المختصين بنفسه أو بواسطة غيره وكان وقوع تزوير التوقيعات بيد شخص أخر لا يؤثر في مسئولية الطاعن، فلا يجديه نفيه تزويرها بنفسه، وكان لا يوجد تناقض بين هذا الذى استخلصته المحكمة وبين ما جاء في تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير الذى يبين من الاطلاع عليه أنه وإن خلا من أن التوقيعات المشار إليها آنفا محررة بخط الطاعن لعدم المضاهاة في هذا الشأن، إلا أنه أثبت أنها مزورة على ذويها بطريق التقليد دون ما إسناد كتابتها إلى شخص معين، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن ما تقدم يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يذكر أن تزوير المحررات لا يقع إلا من الموظفين ذوى الشأن بها، ولم يطلب استكتابهم للمضاهاة، فإنه ليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع موضوعي لم يبد أمامها أو عدم اتخاذها إجراء لم يطلبه منها. لما كان ذلك، وكان الطاعن – على ما يبين من محضر جلسة المحاكمة – لم يتمسك بوجود ارتباط بين الدعوى المطروحة وبين دعاوى أخرى، وكان الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلا بهذا الحكم، وكان ما يثيره الطاعن بوجه طعنه من أن المحكمة اطرحت الدفع بقيام الارتباط بين الدعوى الراهنة وبين دعاوى أخرى مماثلة في وصفها القانوني مقيدة بأسباب غير سائغة، فإن هذا النعي بحسب ما ساقه لا يتصل بالحكم المطعون فيه لخلو تدويناته من العبارات التي حملها منعاه، ومن ثم فإن لا يكون مقبولا، وكذلك لا يقبل من الطاعن أن يثير دعوى الارتباط لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه ذلك من تحقيق موضوعي لا يصح أن تطالب بإجرائه. لما كان ذلك وكان الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وإن كان متعلقا بالنظام العام وتجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض إلا أنه يشترط لقبوله أن تكون مقوماته واضحة من مدونات الحكم أو تكون عناصر الحكم مؤدية إلى قبوله بغير تحقيق موضوعي لأن هذا التحقيق خارج عن وظيفة محكمة النقض وإذ كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر أنه سبق القضاء نهائيا بإدانته في القضية التي أشار إليها في أسباب طعنه وكانت مدونات الحكم المطعون فيه قد خلت من مقومات صحة هذا التي تكشف عن مخالفة الحكم للقانون وخطئه في تطبيقه، فإن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لا تكون مقبولة.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .