لم ينظم المشرع المصري اجرة متولي الوقف، وكانت وزارة الأوقاف تتقاضى 10% من الوارد الكلي للوقف الذي تديره، وما جرى عليه القضاء المصري أن أجرة المتولي حسب شرط الواقف فان لم يوجد جاز للقاضي ان يقدر اجراً له مناسباً لامثاله(1). وبعد الغاء الوقف الذري لم يبق الا الوقف الخيري ووزارة الأوقاف متولية عليه بحكم القانون. كما لم ينظم المشرع الاردني اجرة المتولي، الا عندما تكون وزارة الأوقاف متولية على الوقف الذري بقرار من القاضي الشرعي، وتتاقضى نسبة لاتزيد عن 10% من وارداته اذا كانت منفردة، ونسبة لاتزيد عن 5% اذا كانت بالاشتراك مع المتولي(2)، اما الوقف الخيري فهي متولياً عاماً عليه بحكم القانون، غير ان الاصل في تحديد اجرة متولي الوقف الذري او المتولي الخاص على الوقف الخيري ما شرطه الواقف، والاّ فالقاضي يقدر اجر مثل عمله.

ونظم المشرع العراقي اجرة متولي الوقف على التفصيل الاتي:

أولاً- اجرة دائرة الوقف : وتكون على النحو الاتي :

1.لاتتقاضى اجراً على توليتها للوقف المضبوط.

2.تستوفي خرج محاسبة 10% من مجموع واردات الأوقاف الملحقة مقابل محاسبة متوليها ومراقبة أوقافها(3)، أي اجرتها لكونها متولياً عاماً على الأوقاف الملحقة.

3.تستوفي 20% من مجموع واردات الأوقاف الملحقة مقابل توليتها عليها خلال مدة انحلال التولية الخاصة عليها او سحب يد المتولي عنها، بما يعادل 10% بوصفها متولياً عاماً مضافاً اليها 10% بوصفها متولياً خاصاً(4).

غير ان اجرة دائرة الوقف المذكورة آنفاً محل نظر، لانها تزيد كثيراً عن اجر مثل عملها وبالمقابل لما تقدره من اجرة للمتولي-ان لم يخصص الواقف له اجرة في وقفيته-والذي يبذل جهداً في إدارة الوقف اكثر منها، فضلاً عن ان الوقف مصرفه على المؤسسات الدينية والخيرية التي تهدف الى البر أو النفع العام(5). والتي من واجب الدولة تأسيسها والانفاق عليها، وان قيام الواقفين بانشائها والانفاق عليها ومعاونة الدولة فيها، يستوجب تحملها اجور متوليها-كما قال ابن عتاب- ، فبدلاً من ذلك عمل المشرع العراقي على اثراء ديوان الأوقاف على حساب الوقوف باستيفاء نسبة عالية من وارداتها كأجور تولية عامة او خاصة على الأوقاف الملحقة، فضلاً عن اثراء الدولة بفرض الرسوم والضرائب، وكذلك شمول العقارات الموقوفة المعدة للسكن بامتداد الايجار بحكم قانون ايجار العقار رقم 87 لسنة 1979، وبذلك ضيق كثيراً عليها، ومنع من تنميتها او زيادة وارداتها من اجل خيرية المصلحة العامة وأمسك بيد مؤيدي الغاء الوقف ذريعتهم. لذا نأمل من المشرع العراقي الغاء استيفاء خرج محاسبة متولي الوقف الملحق وبما يعادل 10% من الوارد الكلي له، وكذلك تعديل استيفاء 20% من مجموع واردات الوقف الملحق المنحلة توليته لقاء ادارته وجعلها بما يعادل اجر مثل عملها بما لايزيد عن نسبة 5% من الوارد الكلي .

ثانياً- اجرة متولي الوقف : وتكون على حالتين :

الحالة الأولى: اذا كانت أجرته مقدرة من الواقف في شروط وقفيته، فهو يستحقها ولو كانت اكثر من اجر المثل، كما لو كانت فضلة واردات الوقف للمتولي(6).

الحالة الثانية : اذا لم يكن للمتولي مخصصات في الوقفية، فيجوز تخصيص الأجر له لقاء قيامه بإدارة الوقف، ويعين مقداره بقرار من مجلس الأوقاف الاعلى، على ان لايزيد عن 10% من الوارد بأي حال(7). وبذلك يكون المشرع العراقي – في هذه الحالة-قد وضع شروطاً لتخصيص الجعالة لمتولي الوقف وهي:

1.ان لايكون للمتولي مخصصات جعالة في الوقفية لقاء عمله.

2.ان يقوم بإدارة شؤون الوقف.

3.جوّز تخصيص الاجر، أي الاصل عدم التخصيص اذا لم يشترط له الاجر في حجة الوقف.

4.تعيين مقدار اجرة المتولي بقرار من مجلس الأوقاف الاعلى(8).ان لايزيد الاجر المخصص للمتولي عن 10% من الوارد بأي حال، أي حسب حال واردات الوقف الكلية او فضلتها.

ولدى انعام النظر على قرارات مجلس الأوقاف الاعلى بشأن تخصيص جعاله للمتولي(9). يتضح أنه يأخذ بنظر الاعتبار نوعية الوقف أهو خيري ام ذري وكون المتولي من المرتزقة ام لا، وهل ان الوقف مدين او عليه عجز مالي، ومجموع واردات الوقف السنوية وصافي فضلتها من اجل المقايسة ومعرفة حال هذه الواردات، وفيما اذا تساعد فضله واردات الوقف على منحه نسبة الجعالة منها مقارنة مع عمله وتغطية النفقات والمصاريف التي يتكبدها لمتابعة شؤون الوقف، ويمنح من الوارد الكلي بما يناسب اجر مثل علمه، وإذا كانت فضلة الواردات معدومة او قليلة فلا تخصص له جعالة او تخصص نسبة قليلة ويطلب منه بذل جهود لتنمية الوقف وزيادة وارداته، وتزداد نسبة الجعالة كلما بذل جهوداً من اجل ذلك. وتجدر الاشارة الى ان المشرع العراقي لم يعالج مسألة ما اذا كانت مخصصات الجعالة التي عينها الواقف للمتولي تقل عن اجر المثل، ولم نرَ في قرارات مجلس الأوقاف الاعلى مايشير الى معالجة مثل هذه المسألة.

ونعتقد أنه من الصواب ان يكون تقدير أجرة متولي الوقف بالقياس على ولي اليتيم، استناداً الى قوله تعالى : ((وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ))(10) ، فيقدر الاجر للمتولي المحتاج حسب حاجته وكفايته او اجر مثل عمله ايهما اقل(11)، وطلب المتولي للأجر قرينة على فقره. ونأمل من المشرع العراقي ان يعدل المادة (العاشرة) من نظام المتولين لتكون بالشكل الاتي :

((يجوز لمجلس الأوقاف الاعلى بناءً على توصية لجنة محاسبة المتولين تخصيص او زيادة جعالة المتولي لقاء قيامه بإدارة الوقف بما لايزيد عن 10% من الوارد الكلي السنوي للوقف، ان لم يكن له مخصصات في الوقفية او تقل عن النسبة المذكورة)).

_________________________

[1]- يراجع : (حكم محكمة مصر الابتدائية الشرعية-4 مايس سنة 1925-رقم 409-ص664- السنة السادسة)، مشار اليه في الجدول العشري الأول لمجلة المحاماة، ص1257.

2- المادة –22- من قانون الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية رقم 32 لسنة 2001.

3- المادة – الرابعة – من قانون إدارة الأوقاف.

4- المادة – الثانية/2- من القانون نفسه.

5- يراجع : المادة –الأولى/8- من القانون نفسه، والمادة – الأولى/ب- من نظام العتبات المقدسة.

6- المادة – السادسة/1-ب- من نظام المتولين.

7- المادة – العاشرة – من نظام المتولين، تقابلها المادة –70-من قانون رعاية القاصرين العراقي رقم 78 لسنة 1980.

8- يمارس مهامه حالياً مجلس هيئة إدارة واستثمار اموال الوقف السني او الشيعي او الطوائف غير المسلمة، وذلك لانحلال مجلس الأوقاف مع وزارة الأوقاف.

9- تراجع : قرارات مجلس الأوقاف الاعلى وعلى سبيل المثال : الفقرتين (10،11) من محضر اجتماعه بجلسته في 24/9/1994؛ وقراره بجلسته الخامسة عشرة في 14/5/1972، والفقرات (8-11) من محضر اجتماعه بجلسته الخامسة عشر في 14/12/1997، والفقرة (13) من محضر اجتماعه بجلسته السادسة في 1/11/2000، والفقرة (8) من محضر اجتماعه بجلسته العاشرة في 2/3/1997، ومحضر اجتماع هيئة إدارة واستثمار اموال الوقف السني بجلستها الرابعة في 15/3/2005، غير منشورة جميعها.

0[1]- سورة النساء، الآية : 6.

1[1]- لمزيد من التفصيل حول اجرة الولي والوصي والقيم ، يراجع : وداد عبد الجليل محمد، حكم المفقود في الشريعة والقانون، بحث منشور في سلسلة البحوث القانونية (20)، مركز البحوث القانونية لوزارة العدل العراقية، 1987، ص16 وما بعدها.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .