تنازل الزوج عن دعوى الزنا في الدعوى التأديبية المقامة ضد الزوجة – اجتهادات قضائية مصرية

الطعن 39372 لسنة 57 ق جلسة 7 / 6 / 2014 مكتب فني 59 ج 1 توحيد المبادئ ق 5 ص 73

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ يحيى أحمد راغب دكروري, وعبد الله عامر إبراهيم سليمان, ومحمد عبد العظيم محمود سليمان, ود. عبد الفتاح صبري أبو الليل, ومحمد عبد الحميد عبد اللطيف إبراهيم, وربيع عبد المعطي أحمد الشبراوي, ود. عبد الله إبراهيم فرج ناصف, ولبيب حليم لبيب, ومحمود محمد صبحي العطار, وحسن كمال محمد أبو زيد شلال. نواب رئيس مجلس الدولة

———
– 1 موظف
تأديب – استقلال النظام التأديبي عن النظام الجنائي – القانون التأديبي يعد قانونا قائما بذاته – يجتمع النظامان التأديبي والجنائي في كون كل منهما نظاما للعقاب، بغرض كفالة احترام قيم جماعة معينة – يتمثل استقلال نظام التأديب عن النظام الجنائي في استقلال المسئولية التأديبية عن المسئولية الجنائية، وفي استقلال المخالفة التأديبية عن الجريمة الجنائية في الوصف وفي الأركان وفي التكييف القانوني، وفي دوران كل نظام للعقاب في فلكه، بحيث إن ما يجري في أحد النظامين لا يؤثر في النظام الآخر، وفي القواعد الإجرائية التي تحيط إصدار كل منهما- يختلف النظامان فيما يلي:
1 – المخالفة التأديبية أساسها تهمة قائمة بذاتها (مستقلة عن التهمة الجنائية)، قوامها مخالفة الموظف واجبات وظيفته أو مقتضياتها أو كرامتها، بينما الجريمة الجنائية هي خروج المتهم على المجتمع فيما نهى عنه قانون العقوبات – الاستقلال قائم بينهما حتى لو كان هناك ارتباط بين الجريمتين – الاستقلال قائم بينهما في الوصف وفي الأركان وفي التكييف القانوني.
2 – العديد من التصرفات يمكن أن تكون أخطاء تأديبية دون أن تكون جرائم جنائية، وكذلك العكس – إذا جمع الفعل الواحد بين مخالفة تأديبية وجريمة جنائية، فليس من شأن هذا الجمع عدم استقلال كل منهما عن الأخرى.
3 – لا يجوز للقاضي التأديبي أن يفصل في الجريمة الجنائية ليقيم مخالفة تأديبية على أساسها، بل يجب أن يقيم تكييف الجريمة التأديبية المعاقب عليها على جانب إداري صرف، دون التعرض للجريمة الجنائية وتوفر أركانها القانونية.
4 – لا يسلب القضاء التأديبي اختصاصه بالنظر في تأديب الموظف إذا ما أسفر التحقيق عن وجود جريمة جنائية علاوة على المخالفة الإدارية التي ارتكبها، والتي تتعلق بسلوكه الوظيفي.
5 – العقاب التأديبي، وإن كان عقابا، إلا أنه لا يختلط مع العقاب الجنائي، فهذا الأخير لا يختص بفرد أو طائفة، بل هو عام، يطبق على جميع الأفراد، بمن فيهم الموظفين العموميين، ولكنه لا يقتصر عليهم، وهو يؤدي إلى توقيع جزاءات تمس المتهم، ليس في وظيفته بل في حريته.
6 – الاستقلال بين النظامين في الإجراءات يعني أن كل ما يجري من تصرفات في النطاق الجنائي من تحريك الدعوى العمومية، أو صدور حكم فيها أو صدور عفو عن الجريمة المحكوم فيها أو عفو عن العقوبة، لا يقيد سلطات التأديب.
– المادة رقم (17) من القرار بقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية.

– 2 موظف
تأديب – مناط الرجوع إلى قانوني المرافعات والإجراءات الجنائية في شأن الإجراءات التأديبية(1) – لا يكون الرجوع لأيهما إلا في حالة كون الحكم الوارد بالنص ينسجم مع طبيعة النظام التأديبي وأهدافه، أما إذا كان النص الوارد بأيهما لا ينسجم مع طبيعة النظام التأديبي وأهدافه فإنه لا يؤخذ به.
– 3 موظف
تأديب – أثر تنازل الزوج عن دعوى الزنا في الدعوى التأديبية المقامة ضد الزوجة أو شريكها إذا كانا من الموظفين العموميين – هذا التنازل لا يحول دون مساءلة الزوجة أو الشريك تأديبيا إذا كانا من الموظفين العموميين، متى كان في مسلكهما إخلال بواجبات الوظيفة وظهور بمظهر لا يتفق مع واجباتها وقدسيتها.
– المادتان رقما (3) و(10) من قانون الإجراءات الجنائية.

————
الوقائع
في يوم الأحد الموافق 7/8/2011 أودعت الأستاذة/ … المحامية المقبولة أمام المحكمة الإدارية العليا بصفتها وكيلة عن السيد/ … قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن، قيد بجدولها برقم 39372 لسنة 57 ق. عليا ضد السيد الأستاذ الدكتور رئيس جامعة بنها بصفته في الحكم الصادر عن مجلس تأديب المعيدين والمدرسين المساعدين بجامعة بنها بجلسة 13/6/2011 في الدعوى التأديبية رقم 1 لسنة 2011، القاضي بمجازاته بالفصل من الخدمة.
وطلب الطاعن – للأسباب التي أوردها في تقرير طعنه – الحكم (أولا) بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه. (ثانيا) وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء القرار المطعون فيه، والقضاء مجددا بانقضاء الدعوى التأديبية.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، وبجلسة 10/4/2013 قررت إحالة الطعن إلى الدائرة الرابعة عليا موضوع، وحددت لنظره أمامها جلسة 11/5/2013، وقد تدوول الطعن أمام الدائرة الرابعة بالمحكمة الإدارية العليا على النحو المبين بمحاضر جلساتها إلى أن قررت بجلستها المنعقدة بتاريخ 28/9/2013 حجز الطعن لإصدار الحكم فيه بجلسة 12/10/2013، وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة 26/10/2013 لاستمرار المداولة، وبهذه الجلسة قررت الدائرة إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ المشكلة بالمادة (54) مكررا من قانون مجلس الدولة، الصادر بالقرار بقانون رقم (47) لسنة 1972، والمضافة بموجب القانون رقم (136) لسنة 1984 لما بأن من أن الطعن يثير مسألة قانونية اختلفت بشأنها المبادئ التي قررتها دوائر المحكمة الإدارية العليا، وهي أثر تنازل الزوج عن شكواه في جريمة الزنا على الدعوى التأديبية المقامة عن تلك الجريمة.
ففي الطعن رقم 619 لسنة 39 ق. عليا الصادر بجلسة 19/2/1994 ذهبت إلى أن تنازل الزوج عن شكواه في جريمة الزنا يوجب القضاء بانقضاء الدعوى التأديبية المقامة عن تلك الجريمة، ويمتنع على المحكمة إثارة موضوع الزنا بأي طريق مباشر أو غير مباشر حفاظا على كرامة العائلة وشرفها.
خلافا لما قضت به بجلسة 13/4/1996 في الطعن رقم 2174 لسنة 40 ق عليا من أن تنازل الزوج عن شكواه في جريمة الزنا لا يحول دون مساءلة أي من الزوجة أو شريكها تأديبيا إذا كانا من الموظفين العموميين، وذلك باستبعاد وصف الزنا ومعاقبة أي منهما عن إخلاله بواجبات وظيفته وظهوره بمظهر لا يتفق مع واجبات تلك الوظيفة. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا ارتأت فيه أن تنازل الزوج عن شكواه في جريمة الزنا لا يحول دون مساءلة أي من الزوجة أو شريكها تأديبيا إذا كانا من الموظفين العموميين، وذلك باستبعاد وصف الزنا ومعاقبة أي منهما عن إخلاله بواجبات وظيفته وظهوره بمظهر لا يتفق مع واجبات تلك الوظيفة.
وقد نظر الطعن بجلسات دائرة توحيد المبادئ على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة 3/4/2014 قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

————-
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا.
من حيث إن وقائع هذا النزاع تخلص حسبما تنطق به عيون الأوراق في أنه بتاريخ 18/1/2011 أصدر السيد رئيس جامعة بنها القرار رقم 833 لسنة 2011 بإحالة السيد … المعيد بكلية … إلى مجلس تأديب المعيدين والمدرسين المساعدين بجامعة بنها لضبطه يوم 22/4/2010 في واقعة زنا.
وبجلسة 13/6/2011 قضى مجلس تأديب المعيدين والمدرسين المساعدين في الدعوى التأديبية رقم 1 لسنة 2011 بمعاقبته بالفصل من الخدمة، وأقام المجلس قضاءه على ثبوت واقعة الزنا في شأنه.
ويقوم الطعن على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله؛ لأن الزوج تنازل عن شكواه في جريمة الزنا، وهو ما يوجب الحكم بانقضاء الدعوى التأديبية.
ومن حيث إن المسألة المعروضة على هذه الدائرة تتعلق بمدى سريان تنازل الزوج عن دعوى الزنا على الدعوى التأديبية المقامة ضد الزوجة أو شريكها إذا كانا من الموظفين العموميين.
ومن حيث إن مثار هذا التساؤل هو وجود اتجاهين في قضاء المحكمة الإدارية العليا في هذا الشأن: الاتجاه الأول (ويمثله الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية العليا بجلستها المنعقدة بتاريخ 19/2/1994 في الطعن رقم 619 لسنة 39 ق. عليا)، ويرى أن تنازل الزوج عن شكواه في جريمة الزنا يوجب القضاء بانقضاء الدعوى التأديبية المقامة عن تلك الجريمة، ولا يجوز محاكمة الزوجة أو شريكها تأديبيا إذا كانا من الموظفين العموميين، ويمتنع على المحكمة إثارة موضوع الزنا بأي طريق مباشر أو غير مباشر حفاظا على مصلحة العائلة وشرفها.
أما الاتجاه الثاني (ويمثله الحكم الصادر عن المحكمة ذاتها بجلسة 13/1/1996 في الطعن رقم 2174 لسنة 40ق. عليا) فإنه يرى أن تنازل الزوج عن شكواه في جريمة الزنا لا يحول دون مساءلة أي من الزوجة أو شريكها تأديبيا إذا كانا من الموظفين العموميين، وذلك باستبعاد وصف الزنا ومعاقبة أي منهما عن إخلاله بواجبات وظيفته وظهوره بمظهر لا يتفق مع واجبات تلك الوظيفة.
ومن حيث إن العقاب التأديبي وإن كان عقابا إلا أنه لا يختلط أبدا مع العقاب الجنائي، فهذا الأخير لا يختص بفرد أو طائفة، وإنما هو عام يسري على جميع الأفراد، بمن فيهم الموظفين العموميين، ولكنه لا يقتصر عليهم، وهو يتدخل بالنسبة للأفعال التي توصف بأنها جرائم والتي لا ترتبط بممارسة وظيفة ما، وهو يؤدي إلى توقيع جزاءات تمس المتهم ليس في وظيفته وإنما في حريته.
واختلاف العقابين في الطبيعة يؤدي إلى استقلالهما، ويظهر هذا الاستقلال في أن العديد من التصرفات يمكن أن تكون أخطاء تأديبية دون أن تكون جرائم جنائية وكذلك العكس، ولذلك لا يجوز الخلط بين السلطة التأديبية وقانون العقوبات، وإذا كان لا يثار شك في أن النظامين التأديبي والجنائي نظامان للعقاب بغرض كفالة احترام قيم جماعة معينة، إلا أنهما يختلفان من حيث الغاية من فرضهما، والأشخاص الذين يخضعون لهما، ونوع الجزاءات التي توقع، والقواعد الإجرائية التي تحيط إصدار الجزاء التأديبي، ولهذا السبب يعد القانون التأديبي قانونا قائما بذاته.
ومن حيث إن المخالفة التأديبية أساسها تهمة قائمة بذاتها (مستقلة عن التهمة الجنائية)، قوامها مخالفة الموظف واجبات وظيفته أو مقتضياتها أو كرامتها، بينما الجريمة الجنائية هي خروج المتهم على المجتمع فيما نهى عنه قانون العقوبات، ومن ثم فإن هذا الاستقلال قائم حتى ولو كان هناك ارتباط بين الجريمتين.
وهذا الاستقلال للمسئولية التأديبية عن المسئولية الجنائية ينعكس على كل النظام القانوني الذي تخضع له المخالفة التأديبية، فعلى الرغم من أن الفعل الواحد الذي يقترفه الموظف العام قد يكون جريمة جنائية ومخالفة تأديبية في الوقت نفسه، إلا أن المخالفتين تظلان مستقلتين كل الاستقلال في الوصف وفي الأركان وفي التكييف القانوني. فالمخالفة التأديبية تستقل عن الجريمة الجنائية في الوصف القانوني، وإن اتحدتا في الوصف اللغوي، فلجرائم التزوير والاختلاس والاستيلاء على المال العام معان محددة وأركان منضبطة في قانون العقوبات، ولكنها إذا نسبت إلى الموظف العام كمخالفة تأديبية فإنه لا يمكن أن يحاسب عليها من الزاوية الجنائية وطبقا لضوابط قانون العقوبات.
والمخالفة التأديبية لا تستقل عن الجريمة الجنائية في الوصف فحسب، وإنما هي تستقل عنها في الأركان المكونة لها، فلكل من الجرائم التأديبية والجرائم الجنائية طبيعتها الخاصة بها بما ترتبه من نطاق مستقل تجري فيه كل منهما، كما يظهر أيضا استقلال المخالفات التأديبية عن الجرائم العادية في التكييف، فمجالس التأديب والمحاكم التأديبية تنظر القضية التأديبية بحالتها المعروضة عليها في حدود اختصاصها القضائي، وعلى ذلك تنظر إلى الوقائع المادية المطروحة عليها نظرة مجردة للوقوف على ما إذا كانت تلك الوقائع تشكل جريمة تأديبية، ثم توقع إحدى العقوبات التأديبية المناسبة إذا توفرت تلك الجريمة، دون أن تبحث تلك الوقائع من زاوية جنائية أو تنظر إليها نظرة جنائية.
ومن حيث إنه استنادا إلى ما تقدم فإنه إذا جمع الفعل الواحد بين مخالفة تأديبية وجريمة جنائية، فليس من شأن هذا الجمع عدم استقلال كل منهما عن الأخرى، ومن مظاهر هذا الاستقلال أنه لا يجوز للقاضي التأديبي أن يفصل في الجريمة الجنائية ليقيم مخالفة تأديبية على أساسها، وإنما يجب أن يقيم تكييف الجريمة التأديبية المعاقب عليها على جانب إداري صرف بدون التعرض للجريمة الجنائية وتوفر أركانها القانونية؛ ذلك أن اختصاص القاضي التأديبي ينحصر في تكييف الوقائع المادية المقدمة إليه، سواء من النيابة الإدارية أو جهات التحقيق المختصة تكييفا إداريا مجردا ومقصورا على التحقق من قيام المخالفة التأديبية قانونا، تلك المخالفة التي لا تخرج عن الإطار الخارجي للجرائم التأديبية، والتي تقوم بصفة عامة على مخالفة الواجب الوظيفي أو الخروج على مقتضاه أو سلوك مسلك يتنافى مع قدسية الوظيفة العامة.
ومن حيث إن استقلال نظام التأديب عن النظام الجنائي لا يتمثل في استقلال المسئولية التأديبية عن المسئولية الجنائية فحسب، وفي استقلال المخالفة التأديبية عن الجريمة الجنائية في الوصف وفي الأركان وفي التكييف القانوني، وإنما يتمثل أيضا في دوران كل نظام للعقاب في فلكه بحيث إن ما يجري في أحد النظامين لا يؤثر في النظام الآخر.
وهذا الاستقلال في الإجراءات يعني أن كل ما يجري من تصرفات في النطاق الجنائي من تحريك الدعوى العمومية، أو صدور حكم فيها أو صدور عفو عن الجريمة المحكوم فيها أو عفو عن العقوبة، لا يقيد سلطات التأديب.
ومن حيث إن المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية ولئن كانت لا تجيز للنيابة العامة رفع الدعوى الجنائية ضد الزوجة في جريمة الزنا إلا بناء على شكوى شفهية أو كتابية من الزوج أو من وكيله الخاص، وقررت المادة العاشرة من هذا القانون للزوج أن يتنازل عن شكواه في أي وقت، وأن تنقضي الدعوى الجنائية بالتنازل، فإن المادة (17) من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية تنص على أنه: “إذا أسفر التحقيق عن وجود جريمة جنائية أحالت النيابة الإدارية الأوراق إلى النيابة العامة، وتتولى النيابة العامة التصرف في التحقيق واستيفاءه إذا تراءى لها ذلك”، وقد وردت هذه المادة في الفصل الرابع من القانون، وهو الفصل الخاص بالتصرف في التحقيق، مما يفهم منه غرض المشرع بعدم سلب القضاء التأديبي اختصاصه بالنظر في تأديب الموظف إذا ما أسفر التحقيق عن وجود جريمة جنائية علاوة على المخالفة الإدارية التي ارتكبها والتي تتعلق بسلوكه الوظيفي، تأسيسا على استقلال المخالفة الإدارية ومغايرتها للجريمة الجنائية من حيث الطبيعة والنوع وإجراءات المحاكمة، ومن حيث الجزاءات والعقوبات المقررة لكل منهما وما يترتب عليها من آثار.
وعلى هذا الأساس فإن المخالفة التأديبية هي تهمة قائمة بذاتها مستقلة عن التهمة الجنائية، قوامها مخالفة الموظف واجبات وظيفته ومقتضياتها أو كرامتها، في حين أن الجريمة الجنائية هي خروج المتهم عما تنهى عنه القوانين الجنائية أو تأمر به، وعلى هذا الأساس فإن تنازل الزوج عن شكواه في جريمة الزنا لا يحول دون مساءلة أي من الزوجة أو شريكها تأديبيا إذا كانا من الموظفين العموميين متى كان في مسلكهما إخلال صارخ بواجبات الوظيفة وظهور بمظهر لا يتفق مع واجبات وقدسية تلك الوظيفة. ولا ينال من ذلك ما نصت عليه المادة الثالثة من مواد إصدار القانون رقم 47 لسنة 1972 في شأن مجلس الدولة من تطبيق نصوص قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص، وما جرى عليه العمل بمحاكم مجلس الدولة من الرجوع في بعض الحالات إلى قانون الإجراءات الجنائية، باعتبار أن القانون التأديبي ينتمي إلى أسرة قانون العقوبات؛ إذ إن هذا الرجوع يكون في حالة واحدة: هي حالة أن يكون الحكم الوارد بهما ينسجم مع طبيعة النظام التأديبي وأهدافه، أما إذا كان هذا النص لا ينسجم مع طبيعة النظام التأديبي وأهدافه فإنه لا يُؤخذ به.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بترجيح الاتجاه الذي يقضي بأن تنازل الزوج عن شكواه في جريمة الزنا لا يحول دون مساءلة الزوجة أو الشريك تأديبيا إذا كانا من الموظفين العموميين.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .