الطعن 4257 لسنة 62 ق جلسة 29 / 12 / 1993 مكتب فني 44 ج 3 ق 387 ص 578 جلسة 29 من ديسمبر سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى حسيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ شكري العميري، عبد الصمد عبد العزيز، عبد الرحمن فكري نواب رئيس المحكمة وسعيد فهيم.
—————
(387)
الطعن رقم 4257 لسنة 62 القضائية

(1)عقد “تكييف العقد”. محكمة الموضوع. نقض.
التعرف على قصد المتعاقدين. من سلطة محكمة الموضوع. التكييف القانوني لما قصدوه. خضوعه لرقابة محكمة النقض.
(2) عقد “تكييف العقد”.
تكييف العقد. العبرة بعباراته وحقيقة الواقع والنية المشتركة للمتعاقدين.
(3)هبة “هبة الأموال المستقبلة”. عقد. بطلان.
هبة الأموال المستقبلة. م 492 مدني. بطلانها بطلاناً مطلقاً. علة ذلك. قضاء الحكم المطعون فيه بتأييد حكم أول درجة بقضائه بصحة ونفاذ عقد حق الانتفاع بشقة في عقار سيتم تشييده مستقبلاً على أنه هبة غير مباشرة لمال تحقق وجوده. مخالفة وخطأ في تطبيق القانون.

————–
1 – التعرف على ما عناه المتعاقدان في العقد هو مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع إلا أن التكييف القانوني الصحيح لقصدهما وإنزال حكم القانون عليه هو مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض.
2 – المناط في تكييف العقد هو بالوقوف على نيتهما المشتركة دون الاعتداد بما أطلقوه عليه من أوصاف أو ما ضمنوه من عبارات إذا ما تبين أن هذه الأوصاف والعبارات تخالف حقيقة التعاقد وما قصده المتعاقدان منه.
3 – إذ أجازت المادة 131 من القانون المدني أن يكون محل الالتزام شيئاً مستقبلاً إلا أن المشرع لاعتبارات خاصة قد حرم ضروباً من التعامل في الشيء المستقبل الذي لم يتحقق وجوده تضمنها نص المادة 492 من القانون المدني ورتب على ذلك بطلانها بما نص عليه فيها من أنه تقع هبة الأموال المستقبلة باطلة وجعل هذا البطلان متعلقاً بالنظام العام لا تلحقه الإجازة والمرجع في ذلك هو ما تنطوي عليه هبة هذا النوع من الأموال من خطر إذ يندفع الواهب إلى هبة مال مستقبل أكثر مما يندفع إلى هبة مال تحقق وجوده مما حدا بالمشرع إلى حمايته من هذا الاندفاع بإبطال هبته وهو ما أكدته المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون سالف الذكر باعتبار ذلك تطبيقاً لأحكام الشريعة الإسلامية التي تستلزم لصحة الهبة أن يكون الشيء الموهوب موجوداً وقت العقد ومن ثم تعتبر هبة المعدوم غير صحيحة ومثل المعدم ما هو في حكمه ومنها الأموال المستقبلة فتقع الهبة الواردة عليها باطلة بطلاناً مطلقاً لا تلحقه الإجازة لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن العقد الذي يحكم واقعة الدعوى المؤرخ 13/ 10/ 1986 تبرع الطاعن بمقتضاه للمطعون ضده بصفته بحق الانتفاع بشقة في العقار الذي سيتم تشييده مستقبلاً على الأرض المملوكة له أي أن إرادته انصرفت لهبة حق انتفاع وارد على مال مستقبل لم يتحقق وجوده بعد مما يصيبه بالبطلان الذي لا تلحقه الإجازة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وكيف هذا العقد على أنه هبة غير مباشرة لمال تحقق وجوده وقضى بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من صحته ونفاذه والتسليم فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1596 لسنة 1988 مدني كلي الجيزة على المطعون ضده بصفته بطلب الحكم ببطلان عقد الاتفاق المؤرخ 13/ 10/ 1986 والمرافقة بالحضور رقم 11319 لسنة 1986 إداري قسم بولاق الدكرور وقال بياناً لذلك إنه يمتلك قطعة الأرض الموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وعندما شرع في البناء عليها تعرض له المطعون ضده طالباً وقف أعمال البناء على زعم منه بأنها مملوكة لهيئة الأوقاف التي يمثلها في ذلك، الأمر الذي كان مثار التحقيقات المحضر سالف الذكر وحسماً لتلك الخلافات فقد تحرر بينهما عقد الاتفاق سالف البيان والذي تبرع للمطعون ضده بموجبه بحق الانتفاع بشقة بالدور الأول بهذا العقار وإذ تبين له فيما بعد عدم صحة مزاعمه بشأن ملكية هيئة الأوقاف لها وعدم تمثيله إياها فقد أقام الدعوى كما وجه المطعون ضده بصفته إلى الطاعن دعوى فرعية بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد الاتفاق سالف الذكر والتسليم، أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع شهود الطرفين قضت في الدعوى الأصلية برفضها وفي الدعوى الفرعية بصحة ونفاذ عقد الاتفاق المؤرخ 13/ 10/ 1986 والتسليم، استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 10323 لسنة 108 ق وبتاريخ 7/ 5/ 1992 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وبياناًَ لذلك يقول إنه لئن كان لمحكمة الموضوع سلطة استخلاص نية المتعاقدين وما انعقد عليه اتفاقهما إلا أن ذلك مشروط بأن يكون هذا الاستخلاص سائغاً ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق ولا خروج فيه عن المعنى الظاهر للعقد كما لا يجوز لها في سبيل التعرف على إرادتهما الانحراف عن الأخذ بالعبارات الواضحة، وإذ كان الثابت من عبارات عقد الاتفاق المبرم بينه وبين المطعون ضده بصفته والمؤرخ 13/ 10/ 1986 أن محله مال مستقبل هو حق الانتفاع بشقة بالعقار المزمع إنشائه لم يتحقق وجودها بعد فإن الحكم إذ ذهب في تكييفه لهذا العقد بأنه عقد هبة كاملة غير مباشرة لحق الانتفاع بها وأقام قضاءه على هذا الأساس – فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه لئن كان التعرف على ما عناه المتعاقدان في العقد هو مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع إلا أن التكييف القانوني الصحيح لقصدهما وإنزال حكم القانون عليه هو مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض وأن المناط في ذلك هو بالوقوف على نيتهما المشتركة دون الاعتداد بما أطلقوه عليه من أوصاف أو ما ضمنوه من عبارات إذا ما تبين أن هذه الأوصاف والعبارات تخالف حقيقة التعاقد وما قصده المتعاقدان منه. وإنه ولئن أجازت المادة 131 من القانون المدني أن يكون محل الالتزام شيئاً مستقبلاً إلا أن المشرع لاعتبارات خاصة قد حرم ضروباً من التعامل في الشيء المستقبل الذي لم يتحقق وجودة تضمنها نص المادة 492 من القانون المدني ورتب على ذلك بطلانها بما نص عليه فيها من أنه تقع هبة الأموال المستقبلة باطلة وجعل هذا البطلان متعلقاً بالنظام العام لا تلحقه الإجازة والمرجع في ذلك هو ما تنطوي عليه هبة هذا النوع من الأموال من خطر إذ يندفع الواهب إلى مال مستقبل أكثر مما يندفع إلى هبة مال تحقق وجوده مما حدا بالمشرع إلى حمايته من هذا الاندفاع بإبطال هبته وهو ما أكدته المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون سالف الذكر باعتبار ذلك تطبيقاً لأحكام الشريعة الإسلامية التي تستلزم لصحة الهبة أن يكون الشيء الموهوب موجوداً وقت العقد ومن ثم تعتبر هبة المعدوم غير صحيحة ومثل المعدوم ما هو في حكمه ومنها الأموال المستقبلة فتقع الهبة الواردة عليها باطلة بطلاناً مطلقاً لا تلحقه الإجازة لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن العقد الذي يحكم واقعة الدعوى المؤرخ 13/ 10/ 1986 تبرع الطاعن بمقتضاه للمطعون ضده بصفته بحق الانتفاع بشقة في العقار الذي سيتم تشييده مستقبلاً على الأرض المملوكة له أي أن إرادته انصرفت لهبة حق انتفاع وارد على مال مستقبل لم يتحقق وجوده بعد مما يصيبه بالبطلان الذي لا تلحقه الإجازة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وكيف هذا العقد على أنه هبة غير مباشرة لمال تحقق وجوده وقضى بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من صحته ونفاذه والتسليم فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.
ولما تقدم وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه – فإنه يتعين الحكم في موضوع الاستئناف رقم 10323 لسنة 108 ق بإلغاء الحكم المستأنف وفي موضوع الدعوى الأصلية ببطلان عقد الاتفاق المؤرخ 13/ 10/ 1986 المحرر بين الطاعن والمطعون ضده وفي موضوع الدعوى الفرعية برفضها.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .