تقادم دعوى التعويض عن الخطأ التقصيري وفقاً للقانون المصري – مبادئ قضائية

الطعن 656 لسنة 54 ق جلسة 31 / 1 / 1993 مكتب فني 44 ج 1 ق 66 ص 363

برئاسة السيد المستشار/ جرجس اسحق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم الطويلة نائب رئيس المحكمة، أحمد علي خيري، محمد عبد المنعم إبراهيم وحسين نعمان.
———
– 1 حكم “حجية الحكم . حجية الحكم الجنائي”. قوة الأمر المقضي .
حجية الحكم الجنائي أمام المحكمة المدنية . مناطها . فصله فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفى الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله . أثره . عدم جواز إعادة بحث هذه الأمور أمام المحكمة المدنية . وجوب التزامها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها . المادتان 456 إجراءات جنائية ، 102 إثبات .
مفاد نص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات أن الحكم الجنائي تكون له حجية في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية طالما كان قد فصل فصلا لازما في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين المدنية والجنائية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور يمتنع على المحكمة المدنية ان تعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتبرها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتعلقة بها لكى يكون حكمها مخالفا للحكم الجنائي السابق له.
– 2 تعويض ” تقادم دعوى التعويض عن الخطأ التقصيري . وقف التقادم”. تقادم” التقادم المسقط “.
دعوى التعويض المدنية . وقف تقادمها طوال مدة المحاكمة الجنائية . صدور حكم جنائي بات . أثره . بدء سريان تقادم دعوى التعويض . م 1/382 مرافعات . علة ذلك .
المقرر أنه إذا كان الفعل الضار يستتبع قيام دعوى جنائية إلى جانب دعوى المضرور المدنية وانفصلت هذه الأخيرة عن الدعوى الجنائية بأن أختار المضرور الطريق المدني دون الجنائي للمطالبة بالتعويض فإن سريان التقادم بالنسبة للمضرور يقف طوال المدة التي تدوم فيها المحكمة الجنائية، فإذا انفصلت الدعوى الجنائية لصدور حكم بات ـ فإنه يترتب على ذلك ـ سريان تقادم دعوى التعويض المدنية بمدتها الأصلية على أساس أن رفع الدعوى الجنائية يكون في هذه الحالة مانعاً قانونياً في معنى المادة 382/1 من القانون المدني يتعذر معه على المضرور المطالبة بحقه في التعويض.
– 3 تعويض ” التعويض عن الاخلال بالتزام تعاقدي . مسئولية امين النقل”. مسئولية ” المسئولية المدنية . الجمع بين المسئوليتين العقدية والتقصيرية”.
طلب الورثة قبل أمين النقل بالتعويض الموروث والتعويض عن الضرر المباشر لا يعد جمعا بين المسئوليتين العقدية والتقصيرية .
وإذ كان طلب المطعون عليهم السبعة الأول بالتعويض الموروث إنما يستند إلى حق مورثهم في التعويض عن الضرر الذى لحقه وحسبما يتطور إليه هذا الضرر ويتفاقم ومتى ثبت له هذا الحق قبل وفاته فإن ورثته يتلقونه عنه في تركته ويحق لهم المطالبة به تأسيسا على تحقق مسئولية أمين النقل الذى كان المورث طرفا فيه وهذا التعويض يغاير التعويض الذى يسوغ الورثة المطالبة به عن الأضرار – المادية والأدبية – التي حاقت بأشخاصهم بسبب موت مورثهم وهو ما يجيز لهم الرجوع به على أمين النقل على أساس من قواعد المسئولية التقصيرية ولا يعتبر ذلك جمعا بين المسئولتين العقدية والتقصيرية عن ضرر واحد لاختلاف موضوع كل من الطلبين والدائن فيهما.
———–
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون عليهم من الأولى إلى السابعة أقاموا الدعوى رقم 2008 سنة 1982 مدني الزقازيق الابتدائية بطلب الحكم بإلزام المطعون عليهما الثامن والأخير بالتضامم مع الطاعنة بأن يدفعوا لهم مبلغ عشرة آلاف جنيه. وقالوا بيانا لذلك أنه بتاريخ 12/3/1975 تسبب المطعون عليه الثامن في وفاة ….”مورث المطعون عليهم الخمسة الأول” وكذا مورث المطعون عليهما السادسة والسابعة وقيد عن الواقعة محضر الجنحة رقم 1901 سنة 1975 مركز الزقازيق قضى فيها ببراءة المتهم وتأيد الحكم استئنافيا، وقد لحقت بهم من جراء ذلك أضرار مادية وأدبية يقدرون التعويض عنها وعن الضرر المادي الذي أصاب مورثهم بالمبلغ المطالب به بتاريخ 16/3/1983م حكمت المحكمة بإلزام المطعون عليهما الثامن والأخير متضامنين بالتضامم مع الطاعنة بأن يدفعوا للمطعون عليهم الخمسة الأول مبلغ 2000 جنيه وللمطعون عليهما السادسة والسابعة مبلغ ألف جنيه. استأنف المطعون عليهم السبعة الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة – مأمورية الزقازيق – بالاستئناف رقم 246 سنة 26ق، واستأنفه المطعون عليه الأخير بالاستئناف رقم 268 سنة 26 ق ، كما استأنفته الطاعنة بالاستئناف رقم 270 سنة 26ق، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافات الثلاثة حكمت بتاريخ 2/1/1984 م بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المطعون عليه الأخير والطاعنة بالتضامم بأن يؤديا إلى المطعون عليهم من الأولى إلى الخامسة مبلغ خمسة آلاف جنيه، وبأن يؤديا إلى المطعون عليهما السادسة والسابعة مبلغ ثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
————-
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر/ والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعي الطاعنة بهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت بصحيفة الاستئناف ومذكرة دفاعها بأنه قضى في الدعوى الجنائية ببراءة سائق السيارة استنادا إلى نفي الخطأ في جانبه ومن ثم فإن هذا الحكم تكون له قوة الشيء المحكوم به أمام المحكمة المدنية في الدعوى المطروحة، غير أن الحكم المطعون فيه أهدر هذه الحجية وقضى بإلزامها بالتعويض استنادا إلى المسئولية المفترضة طبقا للمادة 178 من القانون المدني وإلى مسئولية أمين النقل التعاقدية وذلك بالرغم من سقوط الحق في طلب التعويض بالتقادم الثلاثي ولمضي أكثر من مائة وثمانية يوما وفقا للمادة 104 من القانون التجاري ورغم أن مسئولية أمين النقل ترتفع طالما أن الضرر نشأ عن خطأ المضرور وهو ما تكشف عنه أوراق الدعوى. إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع أو يبحثه وأقام قضاءه على جواز الجمع بين المسئولية التقصيرية والمسئولية العقدية في حين أن لكل منهما تنظيما مغايرا للآخر مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن مفاد نص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات أن الحكم الجنائي تكون له حجية في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية طالما كان قد فصل فصلا لازما في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين المدنية والجنائية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور يمتنع على المحكمة المدنية أن يعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتبرها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتعلقة بها لكي لا يكون حكمها مخالفا للحكم الجنائي السابق له.
ولما كان الثابت من الحكم الصادر في قضية الجنحة رقم 1901 سنة 1975 مركز الزقازيق أن الدعوى الجنائية أقيمت ضد تابع المطعون عليه الأخير لأنه تسبب بإهماله في موت مورثي المطعون عليهم السبعة الأول وطلبت النيابة العامة معاقبته جنائيا وقد حكمت المحكمة الجنائية ببراءته مما أسند إليه، فإن مؤدى ذلك أن تلك المحكمة لم تفصل في الأساس المشترك بين الدعوى الجنائية والدعوى المدنية الحالية لأن قوام الأولى خطأ جنائي واجب الإثبات ومنسوب إلى قائد السيارة في حين أن قوام الثانية خطأ مفترض في جانب الحارس على السيارة مرتكبة الحادث، وتتحقق مسئولية الحارس ولو لم يقع منه أي خطأ لأنها مسئولية ناشئة عن الشيء ذاته وليست ناشئة عن الجريمة هذا فضلا عن مسئولية أمين النقل التعاقدية مما لا حجية معه للحكم الجنائي في هذا الخصوص، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون صحيحا، لما كان ما تقدم وكان المقرر أنه إذا كان الفعل الضار يستتبع قيام دعوى جنائية إلى جانب دعوى التعويض المدنية وانفصلت هذه الأخيرة عن الدعوى الجنائية بأن أختار المضرور الطريق المدني دون الجنائي للمطالبة بالتعويض فإن سريان التقادم بالنسبة للمضرور يقف طوال المدة التي تدوم فيها المحكمة الجنائية، فإذا انفصلت الدعوى الجنائية بصدور حكم بات. فإنه يترتب على ذلك – سريان تقادم دعوى التعويض المدنية بمدتها الأصلية على أساس أن رفع الدعوى الجنائية يكون في هذه الحالة مانعا قانونيا في معنى المادة 382/1 من القانون المدني يتعذر معه على المضرور المطالبة بحقه في التعويض ولما كان الثابت أن الحكم الجنائي صدر بتاريخ 12/4/1977 وأقام المطعون عليهم السبعة الأول دعواهم الماثلة بالتعويض بتاريخ 10/4/1980 قبل مضي ثلاث سنوات على صدور الحكم الجنائي، وكان التقادم المنصوص عليه في المادة 104 من القانون التجاري يتعلق بالتأخير في نقل البضائع أو بسبب ضياعها أو تلفها فلا يسري في شأن نقل الأشخاص، وإذا كان الحكم المطعون فيه قد خلص بأسباب سائغة إلى خلو الأوراق مما يفيد وجود سبب أجنبي يكون قد أدى إلى وقوع الحادث، ورتب على ذلك قيام المسئولية في حق الطاعنة والمطعون عليهما الأخيرين، وكان البين من الأوراق أن ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص لا يقوم على أساس صحيح فلا على الحكم إذ لم يعرض لهذا الدفاع لما كان ذلك وكان طلب المطعون عليهم السبعة الأول بالتعويض الموروث إنما يستند إلى حق مورثتهم في التعويض عن الضرر الذي لحقه وحسبما يتطور إليه هذا الضرر ويتفاقم ومتى ثبت له هذا الحق قبل وفاته فإن ورثته يتلقونه عنه في تركته ويحق لهم المطالبة به تأسيسا على تحقق مسئولية أمين النقل الذي كان المورث طرفا فيه وهذا التعويض يغاير التعويض الذي يسوغ للورثة المطالبة به عن الأضرار المادية والأدبية التي حاقت بأشخاصهم بسبب موت مورثتهم وهو ما يجيز لهم الرجوع به على أمين النقل على أساس من قواعد المسئولية التقصيرية ولا يعتبر ذلك جمعا بين المسئوليتين العقدية والتقصيرية عن ضرر واحد لاختلاف موضوع كل من الطلبين والدائن فيهما وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون صحيحا ويكون النعي برمته على غير أساس.
وحيث أنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .