ماهية الرقابة العليا على المال العام وهيئتها واختصاصها

الطالب الباحث :بليغ بشر
إشراف الدكتور :محمد يحيا

ترتبط الرقابة المالية[[1]]url:#_ftn1 ، بفاعلية وإنتاجية الوحدات الإدارية ومدى تحقيقها لأهداف المسطرة، من خلال التأكيد من أن استخدام الأموال العامة في المشاريع والاستخدامات التي خصصت لها، وكذا المداخيل والمحاصيل قد تمت وفقا للقوانين الأنظمة المالية القانونية المعدة لهذا الغرض، واعتبار الرقابة المالية عملا مستمرا طبيعيا لأجل حماية المال العام.
كان لابد هنا أن نتعرف على ماهية الرقابة المالية (أولا)، ثم بيان هيئات الرقابة المالية واختصاصها (ثانيا).

أولا: ماهية الرقابة المالية

تشكل وظيفة الرقابة أبرز وأهم وظائف الإدارة إلى جانب الوظائف الإدارية الأخرى من العملية الإدارية كتخطيط والتوجيه والتنفيذ.
من الناحية العملية أعطيت لمفهوم الرقابة المالية في الفقه المعاصر ثلاث اتجاهات: يهتم الأول منها بالجانب الوظيفي بحيث يركز على الأهداف التي تسعى الرقابة لتحقيقها، والاتجاة الثاني على الجانب الإجرائي ويرتكز من جهته على الخطوات التي يتعين اتباعها للقيام بعملية الرقابة، أما الاتجاه الثالث فيهتم بالأجهزة التي تضطلع بمهمة الرقابة وتتولى المراجعة والفحص والمتابعة وجمع المعلومات وتحليل النتائج[[2]]url:#_ftn2 .

ويذهب جانب من الفقه إلى اعتبار الرقابة المالية “الإشراف والفحص والمتابعة من جانب سلطة أعلى لها حق التعرف على كيفية سير العمل داخل الوحدة، والتأكيد من حسن استخدام الأموال العامة في الأغراض المخصصة لها، ومن أن الموارد تحصل طبقا للقوانين اللوائح والتعليمات المعمول بها، والتأكد من مدى تحقيق المشروع لأهدافه بكفاية، ومن سلامة تحديد نتائج الأعمال والمراكز المالية وتحسين معدلات الأداء والكشف عن المخالفات والانحرافات، ويبحث الأسباب التي أدت إلى حدوثها واقتراح وسائل علاجها لتفادي تكرارها مستقبلا[[3]] .
وتتعدد مفاهيم الرقابة المالية بحسب النظرة إليها والتشريعات التي تحكمها ويرجع ذلك الى الوظيفة الذي ينظر اليها من خلالها والاهداف التي يجب تحقيقها والاجهزة التي تقوم بها،[[4]] فمفهوم الرقابة المالية من الناحية القانونية تختلف عن مفهومها من الناحية الإدارية (أ)، وتتعدد الرقابة المالية وتنوع بتعدد المعايير التي يتم بموجبها تقسيم هذه الأنواع وتنوعها (ب).

أ المدلول القانوني والإداري للرقابة المالية

1 المدلول القانوني للرقابة المالية

يرجع المدلول القانوني للرقابة المالية إلى كونها حقا لأنها تقوم على أساس وجود صلة أو رابطة قانونية أيا كان منبعها، الدستور أو القانون واللوائح والقرارات التي تحكم جميعها عمل السلطة التنفيذية، وصاحب الحق في الرقابة هو الهيئات الرقابية المالية التي نص الدستور أو القانون، سواء كانت سلطة عامة أو أجهزة رقابية متخصصة… وأما محلها فهو ضبط العمليات المالية في الأجهزة الإدارية بما يكفل تحقيق خطة الدولة، ومضمون هذا الحق مجموع السلطات التي تخول أجهزة الرقابة لممارسة اختصاصاتها الرقابية، وهكذا تتم العملية الرقابية في إطار عملي له حدود كمية وزمنية ونوعية.
وتنص الدساتير صراحة على المبادئ التي تحكم الأموال العامة للدولة بشكل عام والرقابة المالية على الأجهزة الإدارية، من خلال تحديد الهيئات التي تتولى الرقابة المالية، وتحديد القواعد الإجراءات وتحصيل الإيرادات وصرف النفقات العامة، والتأكد من أن النفقات العامة تتم على الأوجه المحددة قانونا وبما يخدم الصالح العام.
كما تنص بعض قواعد القانون الإداري الخاصة بالأموال العامة، وقواعد قانون المناقصات والمزايدات الذي يحكم العقود الإدارية، على الأحكام الخاصة بوسائل جباية المال العام، وكيفية إنفاقه، وكيفية مراقبة هذه العمليات ثم يتفق مع الخطط الموضوعة للتنظيم الإداري سواء كان هذا التنظيم مركزيا أم لا مركزيا، والأحكام الخاصة بالحماية القانونية للمال العام في جانبها الجنائي والمدني.
وفي المغرب تضمنت التشريعات المختلفة ابتداءً من الدستور نصوص متعددة تتعلق بالأموال العامة وحمايتها والرقابة عليها.
فالدستور المغربي نص في الفصل147 من الباب العاشر على ممارسة الرقابة العليا علي تنفيذ القوانين المالية من طرف المجلس الأعلى للحسابات” وتتولي مجالس جهوية للحسابات مراقبة حسابات الجهات والجماعات الترابية الأخرى وهيئتها وكيفية قيامها بتدبير شؤونها”[[5]]

وتضمن قانون الوظيفة العمومية المغربي نصوصا توجب عل الموظفين على المحافظة على أموال الإدارة، وعدم مخالفة القوانين واللوائح المالية وذلك من الفصل (17)[[6]]url:#_ftn6 الذي نص كل موظف كيفما كانت رتبته في السلك الإداري مسئول عن القيام بالمهام التي عهد بها إليه، حيث ذهب قانون الوظيفة العمومية أبعد من ذلك في الفصل (16) [[7]]url:#_ftn7 ، يمنع كل موظف مهما كانت وظيفته، أن تكون له مباشرة أو بواسطة ما أو تحت رسم كان في مقاولة موضوعة تحت مراقبة الإدارة أو المصلحة التي ينتمي إليها أو على اتصال بها، مصالح من شأنها أن تمس حريته، وكل هفوة يرتكبها الموظف في تأدية وظيفته أو عند مباشرتها تعرضه لعقوبة تأديبية زيادة إن اقتضى الحال عن العقوبات التي ينص عليها القانون الجنائي.[[8]]

والدستور اليمني نص على الأموال العامة ،وتضمن قانون الخدمة المدنية نصوصا تتوجب على الموظفين المحافظة على المال العام.[[9]]url:#_ftn9 ويعتبر القانون رقم(8) لسنة 1990 القانون المالي المطبق على جميع الوزارات والمصالح الحكومية الهيئات التابعة لها، ومختلف الأجهزة التي تتضمنها الموازنة العامة للدولة بما فيها جميع الوحدات الإدارية المحلية التي تتضمنها موازنات المحافظات، وتطبق ذات الإحكام على جميع الوحدات الاقتصادية في القطاع العام والمختلط والوحدات ذات الميزانيات المستقلة.[[10]]url:#_ftn10
كما اعتبر قانون الجهاز المركزي للرقابة اليمني، والمحاكم المالية في المغرب جميع الموظفين العاملين في الجهات الخاضعة لرقابة جهاز الحسابات مسئولين من الناحية المالية عن تصرفاتهم المتعلقة بالأموال العامة التي تشملها الرقابة المالية، ورتب على الإخلال بهذا الواجب فرض عقوبات تأديبية على الموظف المخالف.

وهكذا يتضح من النصوص السابقة على أن المدلول القانوني للرقابة المالية ينص أساسا على هدف محدد يتمثل في التحقيق من تطبيق أحكام قانون الميزانية الصادر عن السلطة التشريعية الذي ينص على استخدام الاعتمادات المالية في الأوجه التي خصت لها، وتحصيل الإيرادات وصرف النفقات حسب القوانين واللوائح، لتحقيق من سلامة التصرفات والإجراءات المالية والمحاسبة وكشف الأخطاء المالية والانحرافات، وبالتالي التأكيد من حسن استعمال واستغلال المال العام بالشكل المطلوب لتحقيق الأهداف التي نشأ التنظيم الإداري لتحقيقها.

2- المدلول الإداري للرقابة المالية

من وجهة نظر الإدارة العامة، مجموع المبادئ والنظريات والأساليب التي تطبق على أموال الأجهزة الإدارية المختلفة، وكيفية المراقبة عليها من الجانب الوصفي الفني… فالرقابة المالية بالمفهوم الإداري محكومة بمجموعة ضوابط يتم بموجبها مطابقة مسيرة تنفيذ العمل مع خطته المقررة، وذلك بهدف ضمان سلامة التصرفات المالية والكشف عن الانحرافات.
وتعتبر الرقابة المالية واحدة من سلسلة من العمليات الإدارية، التي تمارسها الإدارة، والتي تتمثل في التخطيط والتنظيم والتنسيق الرقابة (اتصال وصنع القرار والقيادة… إن القانون هو الذي يحكم تنظيم ورقابة نشاط الإداري في الجانب المالي.[[11]]url:#_ftn11
واعتبر جانب من الفقه أن وظيفة الرقابة تشمل الأنشطة التي تعمل على تحقيق الخطط الموضوعة، وهي تتضمن قياس وتصحيح أعمال الأفراد القائمين بالتنفيذ الفعلي والتأكيد عن انجاز الخطط[[12]].

وهكذا ينصب الهدف الإداري من الرقابة المالية على التحقيق من أن أعمال الإدارة المالية تؤدي بأعلى درجة من الكفاءة والفعالية وبأقل النفقات، وكذلك التحقق من سلامة القرارات والإجراءات الإدارية الصادرة في مجال إيرادات الدولة ومستحقاتها، واستخدام الأموال العامة بطريقة تحقق الغايات المحددة سلفا وذلك من خلال التدقيق والتفتيش والمراجعة والمتابعة.
ونخلص إجمالا إلى أنه رغم تعدد التعريفات التي أعطيت لمفهوم الرقابة المالية واختلاف منطلقاتها ومدلولاتها فإنها مع ذلك تتوحد على مستوى الهدف وهو المحافظة على الأموال العامة، من خلال ملائمة التصرفات المالية مع القوانين واللوائح والقواعد الجاري بها العمل، الكشف الكامل عن الانحرافات وتحقيق الفعالية والكفاءة في الأداء المالي.

ب- أنواع الرقابة المالية

تتعدد الرقابة المالية وتتنوع بتعدد المعايير التي بموجبها يتم تقسيم هذه الأنواع، فهي من حيث نطاقها الهيئات التي تمارسها فتنقسم إلى: رقابة مالية خارجية وداخلية وهي من حيث وقت ممارستها تنقسم إلى رقابة سابقة ورقابة لاحقة، وهي من حيث محل الرقابة وموضوعها وأجزائها تنقسم إلى رقابة مالية شكلية تنصب على مشروعية التصرف محل الرقابة المالية من الناحية القانونية والمالية المحاسبية ورقابة مالية على الأداء والكفاءة والفعالية لتحقيق الأهداف المحددة مسبقا.[[13]]
وتعرض فيما يلي أنواع الرقابة المالية:

1- الرقابة الخارجية والداخلية

الرقابة المالية الخارجية: الرقابة التي تتولى ممارستها جهة خارجية غير تابعة للجهة المركزية التنفيذية الخاضعة للرقابة وهي جهة مستقلة عن السلطة التنفيذية وهدفها التأكيد من صحة العمليات المالية والبيانات المحاسبية ومشروعيتها والتحقق من كفاءة الأجهزة الإدارية وفاعليتها في تحقيق أهدافها وانجاز برامجها ومشاريعها…

وتنصب الرقابة المالية الخارجية في الغالب على الأمور المتعلقة بالسياسة العامة والقانون والنواحي المالية، وذلك للتأكد من شرعية التصرفات، لضمان التزام الإدارات بالقوانين والأنظمة المالية المعمول بها والاعتمادات المالية المخصصة لها، وتتولى الرقابة الخارجية في معظم الدول جهتان هما السلطة التشريعية والمجلس الأعلى للحسابات والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة[[14]] .
فالسلطة التشريعية تختص بسن القوانين المالية المختلفة بما فيها القوانين الرقابية، ومثالها قانون الميزانية العامة للدولة، ذلك أن إقرار الميزانية، وإن كان عملا تشريعيا إلا أنه يعد من أهم وسائل الرقابة المالية التي يمارسها البرلمان على أعمال السلطة التنفيذية…
كما يتولى الجهاز المركزي للرقابة المحاسبة والمجلس الأعلى للحسابات في معظم الدول ومن بينها اليمن والمغرب ووفقا للقانون الرقابة المالية على الأموال العامة للدولة بأجهزتها الإدارية المختلفة.
وفي المغرب يتولى البرلمان الرقابة المالية الخارجية على الأجهزة الحكومية، من خلال رقابته على فرض الضرائب والرسوم والعائدات والإعفاء منها، وعقد القروض العامة، والرقابة على تنفيذ الميزانية العامة للدولة والحساب الختامي[[15]]url:#_ftn15 … كما يتولى جهاز المحاسبة – وفقا لقانونه- الرقابة المالية على أموال الدول والوزارات والدوائر الحكومية وغيرها من الهيئات والمؤسسات العامة الخاضعة لرقابته والمحددة قانونيا.

أما الرقابة المالية الداخلية
تعنى الرقابة المالية الداخلية التي تمارسها الجهة التنفيذية بنفسها من خلال مراقيبها الماليين الذي يخضعون لها في التبعية الإدارية، ولا يخلو تنظيم إداري مركزي أو لامركزي من تحديد أوجه الرقابة المالية الداخلية وأجزائها وأدواتها، والهدف من الرقابة المالية الداخلية هو التأكيد من مطابقة تحصيل الإيرادات وصرف النفقات للأهداف المقررة مسبقا، ومحاولة الكشف عن الانحرافات والأخطاء والتحري لمعرفة أسبابها واتخاذ القرارات والإجراءات اللازمة لتصحيحها…
وتعتبر الرقابة المالية الداخلية هي رقابة ذاتية في جوهرها، لأن الإدارات هي التي تراقب أدائها المالي، وتقدر انجازها في ضوء المقاييس والمعايير المحددة التي تصفها لنفسها، في حين أن الرقابة الخارجية ذات طابع سياسي وقانوني تنصب أساسا على قانونية تصرفات الموظفين ومدى استجابتهم وتمسكهم بالوسائل الرقابية المالية في الأجهزة الإدارية.
وفي المغرب واليمن تتولى الرقابة المالية الداخلية وحدات مراقبة مالية في وزارة المالية وتتولى هذه الوحدات فحص المستندات والصرف والقيد المتعلقة بأبواب الميزانية التي تعدها الإدارة المالية في الوزارة المعنية في ضوء القوانين واللوائح والتصاميم السارية في الدولة وتدقيقها وفحص مستندات الصرف وتدقيقها واعتمادها.
ومن اهم الوحدات التي تقوم باساليب الرقابة الداخلية في المغرب وزارة المالية ممثلة بالمفتشية العامة للمالية L.G.Fالتي نشأت بموجب ظهير 14 أبريل 1960[[16]] .

ومراقبة الالتزام بنفقات الدولة، مراقبة الخزينة العامة، وسوف يتم التفصيل فيها في إطار الفقرة المخصصة بهيئات الرقابة المالية.
وفي اليمن تقوم وزارة المالية ممثلة بمكاتبها في مختلف الوزارات والوحدات الادارية بالرقابة الداخلية على الاموال العامة.

2- الرقابة المالية السابقة واللاحقة

تعنى الرقابة المالية السابقة قيام هيئات الرقابة المالية بالرقابة على الأعمال المالية للأجهزة الإدارية قبل القيام بالتصرف، سواء كان هذا التصرف متعلقا بالنفقات أو إجراء الارتباط والتعاقد أو القيود المحاسبية، وذلك بهدف الحيلولة دون وقوع الأخطاء أو اكتشافها قبل وقوعها، ولضمان أن تأتي هذه التصرفات المالية على أكبر قدر من الدقة والصحة، وغالبا ما تتم هذه الرقابة من قبل هيئات الرقابة المالية داخل الأجهزة الإدارية، ويفترض الرقابة المالية السابقة أن يكون لدى هيئات الرقابة المالية سلطة الموافقة المسبقة على الأعمال المالية وأهم مثال لها الرقابة المالية قبل الصرف، حيث يستلزم هذا الأمر حصول حوار دائم بين الجهتين: جهة الرقابة والجهة التي تقوم بالصرف وهذا يحقق تجنب الأخطاء قبل وقوعها[[17]] .

وتقتضي الرقابة المالية السابقة التزام الأجهزة الوحدات الإدارية بعدم الارتباط بالتزام أو صرف أي مبلغ من الميزانية قبل الحصول على موافقة الجهة المختصة بالرقابة، وذلك بهدف تدقيق المعاملات المالية قبل تنفيذها للحيلولة دون ارتكاب المخالفات، وتم ذلك من خلال مراجعة العقود الإدارية مراجعة سابقة من حيث الوثائق المستندات والبيانات الخاصة بدعوة المتنافسين والشروط والمواصفات وعروض المناقصات ومحاضر لجان فحص المستندات وتسوية العطاءات وغرامات التأخير ووجود الاعتمادات المالية.

وفي المغرب واليمن يختص جهاز المحاسبة[[188 بالرقابة السابقة على كل مشروع عقد أو اتفاق وأشغال عامة والتوريد والإيجار وغيرها من العقود والاتفاقات، التي يكون من شأنها تقرير حقوق الدولة أو لغيرها من الشخصيات المعنوية العامة، أو ترتيب التزامات عليها، وكذا التحقيق من الاعتمادات المخصصة في الميزانية تسمح بالتعاقد وأن جميع الإجراءات الواجب استيفائها قبل التعاقد قد طبقت وفقا لأحكام القواعد والمنصوص عليها في القوانين واللوائح.[[19]]
أما الرقابة المالية اللاحقة فتعني تلك التي تتم بعد التنفيذ أو بعد انجاز العمل كله أو كل مرحلة من مراحله واكتمال نتائجه… وتنصب هذه الرقابة على مقارنة النتائج الفعلية النهائية بالمعايير الموضوعة والمحددة مسبقا لتحديد الاختلافات، أي مراجعة ما تم انجازه ثم مقارنته يتم هو مطلوب انجازه، وبعد ذلك التعرف على الأخطاء والانحرافات – إن وجدت- ومعرفة أسبابها ومحاولة إيجاد وسائل لتصحيحها في الوقت المناسب.
وتعدد صور الرقابة اللاحقة، فقد تتم بأسلوب التدقيق أو التفتيش، الذي يتناول الفحص على الطبيعة وإعداد دراسة الأوضاع، للوقوف على ما شابها من أخطاء أو تقصير، ويمكن أن تتم أسلوب المراجعة لمستندات الإدارة، وهكذا يتيح الرقابة اللاحقة لهيئات الرقابة المالية أن تتصرف بكامل حريتها، لما فيها من فصل بين جهة الرقابة والجهاز الإداري الخاضع للرقابة…

وفي المغرب واليمن يتولى ديوان المحاسبة[[20]]url:#_ftn20 (الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة في اليمن والمجلس الاعلى للحسابات في المغرب) وفقا لقانونه الرقابة المالية اللاحقة من خلال مراقبة تنفيذ المشروعات الإنمائية الواردة في الخطة، وذلك للتحقق من سلامة استعمال الاعتمادات المقررة لتلك المشروعات في الميزانية.

3- الرقابة الشكلية ورقابة الأداء

تعني الرقابة المالية الشكلية أن تتولى هيئة الرقابة المالية التأكد من أن الإجراءات التي اتبعت في صرف النفقات قد تمت في حدود الاعتمادات المالية المقررة لها، وأن ما تم تحصيله من إيرادات قد تم وفق أحكام القوانين والأنظمة المالية… فهي رقابة تنصب على مشروعية التصرف محل الرقابة من الناحية القانونية والمالية والمحاسبة.
إن الرقابة المالية الشكلية اللائحية تركز على الجانب اللائحي أكثر من الاهتمام بالرقابة على الأداء والانجاز وتحقيق الأهداف وقياس النتائج وتحديد وسائل الانحراف واستعمال الوسائل الرقابية.
وفي اليمن والمغرب يمارس ديوان الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة اليمني والمحاكم المالية في المغرب في جانب من اختصاصه الرقابية، رقابة شكلية من خلال دوره في التحقيق من أن جميع إيرادات الدولة من أموال وخدمات وأعيان قد أدخلت في ذمتها وفقا للتشريعات السائدة، وأن كافة النفقات قد تم صرفها وفقا للقوانين واللوائح المالية والمحاسبية النافذة، ووفقا لأحكام قانون الميزانية… والتأكيد من الإجراءات المالية المتبعة في الرقابة تضمن عدم إساءة استعمال الأموال العامة، وأن القيود والسجلات والبيانات والتقارير المالية معدة بالطريقة القانونية الصحيحة التي تحددها القوانين واللوائح والتعليمات المالية التي تنظم ذلك.
أما الرقابة المالية على الأداء فتبقى مراقبة مدى الاقتصاد والكفاءة والفاعلية التي تستخدم بواسطتها الجهة الخاضعة للرقابة مواردها عند قيامها بمسؤولياتها، إن الرقابة على الأداء تنصب على مدى كفاءة الأداء وفاعليته، لتحقيق الأهداف التي ينبغي أن تكون قد حددت مسبقا، إن الرقابة المالية ليست هدفا ذاتيا دائما هي وسيلة لتحقيق هدف رسمي، يرتبط بالاستخدام الأمثل للمال العام، فمعيار الرقابة المالية على الأداء معيار اقتصادي بالدرجة الأولى، يتوقف على ما تساهم به هذه الرقابة لتحسين المسار الاقتصادي للدولة ورفع مستوى الاقتصاد الوطني للاستخدام الأمثل للمال العام، وعدم إساءة استعماله أو التقصير أو الإهمال أو التساهل في التصرف فيه لخدمة الأهداف العامة وتحقيقها.[[21]]

ومن الأمثلة الوظيفة للرقابة المالية على الأداء استخدامها كوسيلة لتحقيق هدف محدد مسبقا، وهو الاستخدام الأمثل للمال العام من خلال التحقق مما إذا كانت الموارد قد استخدمت لغايات تحقيق الهدف، وما إذا كانت المهام قد نفذت بشكل تام وفعال، وما إذا كان التصرف في المال العام قد تم بكفاءة وفعالية واقتصاد وبأحسن وأفضل الطرق، وأن المال العام قد سلم من العبث والضياع والغش والاختلاس[[22]].

إن تخصيص الاعتمادات لوزارة مثل وزارة التربية والتعليم يتطلب أن تنصب أعمال الرقابة المالية على معرفة ما إذا قامت الوزارة بإنشاء المدارس توسيع الصفوف وإقامة المنجزات والمتغيرات، والصلات الرياضية فتحسن المستوى التعليمي… أن تخصيص الاعتمادات المالية لوزارة التنمية الاجتماعية لإنشاء المراكز الاجتماعية، ومعالجة قضايا الفقر والتشرد وإيواء العجزة والاهتمام بالأطفال، يتطلب معرفة ما إذا قامت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية باستخدام اعتماداتها المالية في معالجة قضايا البطالة وإيجاد فرص عمل للأيدي العاملة الوطنية، فإذا انقضت أعوام ومشكلة البطالة قائمة وفي تزايد ومن غير معالجة فإن السؤال يثور حول جدوى صرف المخصصات دون تحقيق النتيجة التي صرفت المخصصات من أجلها.

ثانيا: هيئات الرقابة المالية واختصاصها

حظي موضوع الرقابة المالية على الأجهزة الإدارية باهتمام الدول فأنشأت لهذه الغاية منظمات اقليمية ودولية وصدرت عنها إعلانات دولية تتضمن مبادئ دولية أساسية للرقابة المالية، تتعلق بتنظيم هيئات الرقابة المالية العليا والتأكيد من استقلالها وتطبيق مبدأ المساءلة عن المخالفات المالية كضمانة لتحسين الأداء المالي للإدارة، وتنمية التعاون بين أجهزة الرقابة المالية العليا من الدول المختلفة، ونشر الوعي الرقابي المالي على المستويين الدولي[[23]]url:#_ftn23 والاقليمي، وتختلف تشريعات الدول في تسمية هيئات الرقابة المالية وتكوينها واختصاصها ومدى استقلالها موقعها في الهرم التنظيمي للدولة، إلا أنها تتفق في هدف واحد هو النيابة عن الدولة في ممارسة الرقابة المالية على الأجهزة الدولة.

كما تتفق في منحها اختصاصات الرقابة المالية اللاحقة والشاملة على العمليات المالية في الأجهزة الإدارية، إذ لا تكتفي معظم الدول بالرقابة الإدارية أو التشريعية على الأموال العامة التي تشمل إيرادات الدولة ونفاقتها، وميزانيتها، بل تعهد بالرقابة المالية إلى هيئات مستقلة على السلطة التنفيذية يكون لها اختصاص في هذا الشأن بناء على نصوص الدستور…
والأصل أن تمارس السلطة التشريعية الرقابة المالية على السلطة التنفيذية وفروعها التي تتولى جباية الأموال العامة وإنفاقها ضمن القواعد القانونية التي رسمتها لها لتتأكد من حسن التنفيذ… أما السلطة التنفيذية فلا يمكنها أن تتولى مهمة الرقابة المالية، لأنها هي وأجهزتها محل رقابة مالية، ومن هنا درجت الدساتير على إناطة هذه المهمة بأجهزة رقابية مستقلة تلحق السلطة التشريعية تنظيميا، وهيئات رقابية متخصصة مثل وزارة المالية والوحدات المالية داخلها.

ففي فرنسا[[24]]: تتولى الرقابة المالية على الأجهزة الإدارية هيئة قضائية مستقلة تسمى محكمة الحسابات تختص بفحص الحسابات للتحقيق من سلامتها ومدى مطابقتها للقواعد المالية المعمول به في الدولة، وتتألف هذه المحكمة من قضاة غير قابلين للعزل من قبل الحكومة، ولها صلاحيات إدارية ومالية إلى جانب الصلاحيات القضائية.
وفي مصر[[25]]: يتولى الرقابة المالية المستقلة الجهاز المركزي للحسابات، وهو يعمل على تحقيق رقابة مالية فعالة على أموال الدولة، ومتابعة أداء الأجهزة التنفيذية لمسؤولياتها الانتاجية، في مجال الخدمات والأعمال، وذلك على الوجه المبين في قانونه، وقد حدد هذا الجهاز أنواع الرقابة المالية بشقيها المحاسبي والقانوني.
وفي المغرب واليمن تتولى الرقابة المالية على الأجهزة الإدارية ثلاث هيئات هي: البرلمان، والجهاز المركزي للرقابة المحاسبية في اليمن، المجلس الأعلى للحسابات في المغرب، وزارة المالية، وقد حدد الدستور المغربي واليمني السند القانوني لإنشاء هذه الهيئات واختصاصها، وأساليب الرقابة المالية والإجراءات التي تتبعها.

الهوامش
[[1]]url:#_ftnref1 – يمكن تعريف الرقابة العليا استنادا إلى ما حددته الانتوساي “كل جهاز عالي أيا كانت تسميته وطريقة نشأته وتنظيمه يعهد إليه بمقتضى الدستور والقانون بممارسة الرقابة على المالية العامة، والذي يزود البرلمان والحكومة أو كليهما بمعلومات متعلقة بكيفية إدارة استعمال الأموال العامة. المادة 2 من النظام الأساسي للمنظمة الدولية لأجهزة الرقابة العليا على الأموال العامة التي تسمى اختصارا ANTOSAI.
[[2]]url:#_ftnref2 – شكري فهمي محمود: “الرقابة المالية العليا: مفهوم عام وتنظيمات أجهزتها في الدول العربية والدول الأجنبية”، دار مجدولاي للنشر والتوزيع، عمان- الأردن، 1996، ص 14.
[[3]]url:#_ftnref3 – ملد عويس: “منظومة الرقابة المالية بالمغرب، أي دور في حماية المال العام”، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، كلية الحقوق، الدار البيضاء، عين الشق، 2001-2002، ص 3.
[[4]]url:#_ftnref4 وقد عرف المؤتمر العربي الأول للرقابة المالية بأنها”منهج علمي شامل يتطلب التكامل والاندماج بين المفاهيم الاقتصادية والمحاسبية والإدارية تهدف إلى التأكيد علي المحافظة على الأموال العامة،ورفع كفاءتها واستخدامها،وتحقيق الفعالية في النتائج المحققة.راجع محمد رسول العمودي،الرقابة المالية العليا دراسة مقارنة،منشورات الحلبي الحقوقية،الطبعة الاولى 2005،ص19
[[5]]url:#_ftnref5 راجع الباب العاشر الفصل147،148 من الدستور المغربي الجديد 2011.
[[6]]url:#_ftnref6 – الفصل 16من القانون الأساسي للوظيفة العمومية.
[[7]]url:#_ftnref7 – الفصل 17من القانون الأساسي للوظيفة العمومية.
[[8]]url:#_ftnref8 راجع الفصل17 من قانون الأساسي للوظيفة العمومية .
[[9]]url:#_ftnref9 تنص المادة13 من الفصل الثاني الفقرة الخامسة”على الموظف الحرص على ممتلكات الدولة التي بحوزته آو تحت تصرفه واستخدامها وصيانتها على الوجه الأكمل.
[[10]]url:#_ftnref10 الجمهورية اليمنية،وزارة المالية،التشريعات المالية،الجزاء الاول،ديسمبر1993،ص3
[[11]]url:#_ftnref11 حيث ان هناك انواع مختلفة من قوانين المالية،وما يعرف عامة هو القانون المالي السنوي الذي يفتح السنة المالية ويجيز ويقدر لكل سنة مالية مجموع موارد الدولة وتكاليفها،وقانون التصفية الذي يأتي ليقفل السنة المالية،ويثبت قانون التصفية النتائج المالية لكل سنة مدنية،ويصادق على الفروق الحاصلة بين النتائج وتقديرات القانون المالي السنوي المتمم عند الاقتضاء والقوانين المعدلة.راجع عبد القادر تيعلاتي،المالية العامة المغربية دراسة مقارنة،مرجع سابقص373
[[12]]url:#_ftnref12 – شكري فهمي حمود: “الرقابة المالية العليا: مفهوم عام وتنظيمات أجهزتها في الدول العربية والدول الأجنبية”، دار مجدولاي للنشر والتوزيع، عمان- الأردن، 1996، ص 14.
[[13]]url:#_ftnref13 للمزيد من الاطلاع حول انواع الرقابة المالية وطرق ممارستها،راجع محمد رسول العموري،الرقابة المالية العليا دراسة مقارنة ،مرجع سابق ص29
[[14]]url:#_ftnref14 – سوف يتم تناول هذا النوع من الرقابة بالتفصيل في إطار هذه الفقرة، هيئات الرقابة المالية اختصاصها.
[[15]]url:#_ftnref15 راجع الفصل75،76،77 من الدستور المغربي الجديد 2011.
[[16]]url:#_ftnref16 – Dahir 11-59-269 du 14 avril 1960, relaif à inspection générale des finances, BO n°2478.
[[17]]url:#_ftnref17 – تقوم إدارة مراقبة الالتزام بنفقات الدولة التابعة لوزارة المالية بهذا النوع من الرقابة، حسب الفصل الأول من مرسوم 30 دجنبر 1975 في شأن مراقبة الالتزام بنفقات الدولة.
[[18]]url:#_ftnref18 – الجهاز المركزي للرقابة المحاسبة في اليمن، والمجلس الأعلى للحسابات في المغرب.
[[19]]url:#_ftnref19 وفقا للقانون الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة لسنة 1992،فان الرقابة المالية يمارسها الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة،وتشمل الرقابة النظامية وكذلك رقابة الأداء،ان ممارسة الرقابة تتنوع إلى رقابة سابقة وكذلك رقابة مصاحبة إلى جانب رقابة لاحقة ،وهي الرقابة الأساسية للجهاز لممارسة مهامه،وتتخذ الرقابة السابقة والمصاحبة بقرار من رئيس الجهاز عند الاقتضاء وهو ماعبر عنها(المادة11رقم18)…”أن تكون هناك أسباب موجبة ومبررات موضوعية تستدعي ذلك”ووفقا لهذا النص تكون وظيفة الجهاز الأصلية هي الرقابة اللاحقة،ولهدف الاستفادة من مزايا الرقابة السابقة والمصاحبة قررها القانون للجهاز عند الاقتضاء وهي:
-ابتداء من دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروعات الاستثمارية قبل تنفيذ أي منها وأي تعديلات فيها إثناء التنفيذ وأسبابها(المادة11الفقرة6)من قانون الجهاز.
-مشاريع القوانين واللوائح والنظم التي تتصل بمجالات المحاسبة والمراجعة والتفتيش والرقابة المالية او مزاولة مهنة المحاسبة(المادة9الفقرةب) من قانون الجهاز.راجع الهام المتوكل،الرقابة الإدارية في الجمهورية اليمنية-دراسة مقارنة-أطروحة دكتورة،كلية الحقوق،جامعة القاهرة،سنة2000 ص567
[[20]]url:#_ftnref20 – تقوم الخزينة العامة للمملكة بهذا النوع من الرقابة عن أموال الدولة والجماعات المحلية. وكذا الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة اليمني( المادة11رقم18)، والمحاكم المالية في المغرب.
[[21]]url:#_ftnref21 وفي مجال رقابة الأداء وتنفيذ الخطة تنص المادة(8) يمارس الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة الرقابة على تنفيذ الخطة وتقيم الأداء على أساس ومعايير الاقتصاد والكفاءة والفعالية الاختصاصات التالية…….الخ للمزيد من الاطلاع راجع الهام المتوكل،الرقابة الادارية في الجمهورية اليمنية،مرجع سابق ص574.راجع حسين البيلي،رقابة الاداء ودورها في التنمية الادارية ،الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة،اليمن،اطروحة دكتورة في القانون العام،كلية الحقوق،طنجة،العام الجامعي-2011- 2010.ص98.
[[22]]url:#_ftnref22 – ومن أمثلة ذلك: أن قياس فاعلية برنامج تدريبي من مجال الخدمة الصحية يتم من خلال قياس المخرجات لهذا البرنامج، والتي يمكن الحكم عليها بصورة معقولة من خلال الزيادات الناتجة عن عدد الممرضات المؤهلات بصورة جيدة، إضافة إلى الخدمات الصحية بشكل عام، أن قياس فعالية برنامج إسكان يمكن الحكم عليه من خلال عدد المساكن التي وفرها هذا البرنامج فعلا، ولكن هناك فحص أكثر أهمية وهو المنافع الاجتماعية أو المنافع الأخرى التي تنتج عن معالجة مشكل كثافة السكان.
[[23]]url:#_ftnref23 – ويفرض فيما يلي لأهم الإعلانات الدولية الصادرة عن منظمات دولية في مجال الرقابة المالية والقواعد الرقابية التي تتضمنها هذه الإعلانات.
أولا: إعلان واشنطن: صدر هذا الإعلان عن المنظمة الدولية للهيئات العليا للرقابة المالية المسماة عام 1991، (INTOSIA)، وتضمن هذا الإعلان بعض القواعد الأساسية النموذجية للرقابة المالية، يمكن الاسترشاد بها في مجال الرقابة المالية.
ومن أهم القواعد القانونية التي أقرها إعلان واشنطن:
التأكيد على استقلال هيئات الرقابة المالية العليا عن السلطات العامة في الدولة ووجوب تقرير حماية تشريعية لمبدأ استقلال هذه الهيئات.
وجوب توفر الأهلية والكفاءة والاختصاص للمراقب المالي، لتكون هذه المتطلبات منسجمة مع طبيعة عمل الرقابة المالية ونطاقها وتعقيداتها، والعمل على التنمية المهنية لموظف الهيئة العليا للرقابة المالية وتدريبهم لتمكينهم من أداء عملهم بفعالية.
تحديد أنواع الرقابة المالية وهي:
– الرقابة المالية القانونية: التي تأخذ تشكل رقابة وقائية، وهي تتم في وقت يسمح فيه لهيئة الرقابة المالية أن تمنع إجراء أي تصرف يقرر بأنه مخالف للقانون، وهذا النوع من الرقابة المالية يتمتع بمؤيد فوري هو الرفض الصادر عن الهيئة العليا للرقابة المالية للجهة الخاضعة للرقابة بإجراء تصفية للنفقة في حال وجود مخالفة قانونية ومحاسبية.
– الرقابة المالية على الإدارة: التي تنصب على التحقق من مدى التمسك بسياسات الإدارة وتقديم المعلومات الإدارية والمالية والموثوف بها وفي الوقت المناسب، فهي رقابة يعد فيها المراقب المالي تقريرا بشأن مدى التوفير والكفاءة اللذين يتم بموجبها الحصول على الموارد واستخدامها، فضلا عن مدى الفعالية التي يتم بموجبها تحقيق الأهداف.
– الرقابة المالية والمحاسبية: التي تستهدف المحافظة على الموجودات والموارد، والتي تتحقق من دقة السجلات الحسابية وكمالها وسلامتها.
وضع القواعد والإجراءات الخاصة بإعداد التقارير الرقابية كأسلوب هام من أساليب الرقابة المالية، ومدى اختلاف هذه التقارير بحسب نوع الرقابة، وبيان المعلومات والبيانات التي يجب أن يتضمنها التقرير وأهمها:
عنوان التقرير وتاريخه وهدفه وإعادة سجل التقرير وسنده القانوني، ومناسبته وإعداده وتوقيعه، ورأي معد التقرير وتوقيعه والمخالفات المالية وحجمها ومستوى المسألة التي تترتب عنها.
ثانيا: إعلان طوكيو: صدر هذا الإعلان عن المنظمة الأسيوية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبية خلال مؤتمرها المنعقد في مدينة طوكيو العاصمة عام 1985، وسمي فيما بعد بإعلان طوكيو الخاص بمبدأ المساءلة العامة وقد عرف هذا (Public Accountability)..، كما أكد هذا الإعلان الصلة الوثيقة بين الرقابة المالية على الأجهزة الإدارية ومبدأ المسألة من حيث أن تطبيق هذا المبدأ يعتبر ضمانة أكيدة لتحسين الأداء الإداري والمالي للإدارة، إذ كلما شعرت الإدارة بأنها عرضت للمساءلة حسنت من مستوى الأداء وعززت نظم الرقابة، فضلا عن المساءلة وسيلة فعالة للقضاء على الفساد الإداري والمالي، وأن تطبيقها يؤدي إلى خفض الدين العام من حيث تخطيطه واستقلاله وإجراءات التصرف فيه وتسديده في مواعيده 5 لا يترتب مزيد من الفواتير على الدولة.
ثالثا: إعلان جاكرتا:صدر هذا الإعلان عن المنظمة الأسيوية للهيئات العليا للرقابة المالية المسماة (أنتوساي) خلال اجتماعها في مدينة جاكرتا عام 1998، وتعتبر هذه المنظمة هيئة إقليمية مستقلة تهدف إلى تدعيم تبادل الأفكار والخبرات ما بين دواوين المحاسبة الأسيوية في مجال الرقابة المالية العليا…
ومن أهم المبادئ الرقابية المالية التي نظمها هذا الإعلان القواعد الإرشادية لهيئات الرقابة المالية العليا، التي تشكل إطارا عمليا لتطبيق مفهوم الرقابة على الأداء، وهي قواعد مستقاة من الخبرات التي يتمتع بها الأعضاء في المنظمة، والتي تشكل منهجا متكاملا لرقابة الأداء يمكن للمراقبين الماليين في دواوين المحاسبة من خلال تطبيقها التعامل مع المتطلبات المعقدة لرقابة الأداء في ظل الاستخدام الواسع لتقنية المعلومات.
كما عرف هذا الإعلان الرقابة على الأداء بأنها “مراقبة الاقتصاد والكفاءة والفعالية التي تستخدم بواسطتها الجهة الخاضعة للرقابة مواردها عند قيامها بمسؤولياتها…
يضاف إلى المبادئ السابقة إعلان القواعد والإجراءات الإرشادية لتطبيق مفهوم رقابة الأداء والتي تشمل: تحديد السلطة القانونية لرقابة الأداء وأهدافها وأسلوب رقابة الأداء، ومراحل تنفيذها، ودليل إثبات الرقابة الذي تتضمن المعلومات التي يتم الحصول عليها، واستخدامها لدعم ملاحظات هيئة الرقابة المالية، وكيفية إعداد التقارير الرقابية الخاصة برقابة الأداء ومضمونة، وأثر تقنية المعلومات على ممارسة رقابة الأداء، ولآثار المتمثلة لرقابة الأداء.
رابعا: الإعلان الصادر عن المجموعة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبية:
نص النظام الأساسي للمجموعة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبية على ضرورة تنظيم التعاون بين أجهزة الرقابة المالية العليا وتنمية في دول المجموعة وتبادل وجهات النظر والخبرات والأفكار والدراسات والبحوث في مجال الرقابة المالية، ونشر الوعي الرقابي المالي في الوطن العربي والعمل على تقوية أجهزة الرقابة المالية في أداء مهامها الرقابية ودعمها.هذا بالاظافة للعديد من المنظمات الدولية المهتمة برقابة المالية مثل المنظمة الافريقية(افروسي)،والمنظمة الاوروبية(ايروسي)،والمنظمة الامريكية،واتحاد جنوب المحيط الهادى للهيئات العليا للرقابة المالية،كما توجد منظمات صغرى اقليمية مثل تلك الخاصة بدول مجلس التعاون الخليجي،وايضا اتحاد المغرب العربي،راجع نوال المتوكل،الرقابة الادارية في الجمهورية اليمنية،مرجع سابق،ص532.
راجع نواف كنعان: “الرقابة المالية على الأجهزة الإدارية في الإمارات العربية المتحدة”، الشارقة، الموقع الالكتروني دولة الإمارات العربية المتحدة.
[[24]]url:#_ftnref24 – يونس السر يفي: “محاربة الفساد الإداري”، مرجع سابق، ص
[[25]]url:#_ftnref25 – راجع باهر محمد، علم المالية العامة والقطاع العام في النظم الاقتصادية المختلفة،جامعة القاهرة،سور الازبكية 2000 ،ص181-469.