الطعن 275 لسنة 54 ق جلسة 12 /12 / 1984 مكتب فني 35 ج 2 ق 393 ص 2078

برياسة السيد المستشار/ يحيى العموري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد العزيز فوده، ماهر قلادة واصف، مصطفى زعزوع وحسين علي حسين.
———–
– 1 إيجار “إيجار الأماكن” “ترك العين المؤجرة”. محكمة الموضوع “سلطتها في استنباط القرائن”.
ترك المستأجر للعين وتخليه عنها للغير . من مسائل الواقع . استقلال قاضى الموضوع بتقديرها متى أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفى لحمله .
المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إثبات أو نفى ترك المستأجر للعين المؤجرة وتخليه عنها للغير من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضى الموضوع بلا معقب عليه في ذلك ما دام الحكم ما دام قد أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفى لحمله.
– 2 إيجار “إيجار الأماكن” “ترك العين المؤجرة”. محكمة الموضوع “سلطتها في استنباط القرائن”.
محكمة الموضوع . سلطتها في استنباط القرائن . شرطه . أن يكون سائغا وله سنده من الأوراق ومؤديا للنتيجة التي انتهت إليها .
الاستدلال بالقرائن وإن كان من إطلاقات محكمة الموضوع إلا إنه يشترط لذلك أن يكون استنباطها سائغاً وله سنده من الأوراق ومؤدياً إلى النتيجة التي انتهت إليها .
– 3 إيجار “إيجار الأماكن” “ترك العين المؤجرة”. محكمة الموضوع “سلطتها في استنباط القرائن”.
لا تثريب على المستأجر ان هو لم ينتفع بالعين فعلا مادام قائما بأداء الأجرة .
من واجب المؤجر تمكين المستأجر فعلا من الانتفاع بالشيء المؤجر إلا أنه لا تثريب على المستأجر إن هو لم ينتفع به فعلا ما دام قائما بأداء أجرته.
– 4 إيجار “إيجار الأماكن” “ترك العين المؤجرة”. محكمة الموضوع “سلطتها في استنباط القرائن”.
إقامة المستأجر المصري بالخارج الأصل فيها أنها مؤقتة مالم يثبت طالب الإخلاء استدامتها . علة ذلك . تعبير المستأجر عن إرادته في التخلي عن العين المؤجرة . جواز أن يكون صريحا أو ضمنيا .
إذ أقام المستأجر المصري في الخارج فإن الأصل في إقامته أن تكون مؤقتة ما لم يثبت طالب الإخلاء استدامتها ، إذ أن المغادرة لا تفيد بذاتها – ولو كانت مغادرة نهائية – تركاً للعين وإنهاء للعلاقة الإيجارية ما دام لم يعلن عن إرادته في إنهاء العقد . وتعبير المستأجر عن ذلك يجوز أن يكون صريحاً أو ضمنياً .
– 5 إيجار “إيجار الأماكن” “ترك العين المؤجرة”. محكمة الموضوع “سلطتها في استنباط القرائن”.
ترك العين المؤجرة للغير . عناصره .
من المقرر في مبدأ حظر ترك العين المؤجرة للغير الذي استحدثه القانون رقم 52 لسنة 1969 – الذى يحكم واقعة النزاع – أنه يتضمن عنصرين أولهما عنصر مادى يتمثل في هجر الإقامة في العين على وجه نهائي ، وثانيهما عنصر معنوي بأن يصاحب هجر الإقامة منه عنصر التخلي عن العلاقة الإيجارية للغير.
————-
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن -تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 2819 سنة 1981 مدني كلي شمال القاهرة الابتدائية ضد الطاعنين الأولين بطلب الحكم عليهما بإخلاء شقة النزاع، وقال بيانا لها أن الطاعن الأول استأجرها مسكنا خاصا له في 1/7/1968 إلا أنه تركها مغلقة وغادر البلاد منذ سنة 1972 نهائيا وأن الطاعن الثاني تواجد بالشقة اعتباراً من 21/6/1980 بصفته وكيلا عن ابنه المستأجر الأصلي ثم ما لبث أن أنذره بقبول الأجرة على أنه المستأجر الأصلي ومن ثم فقد أقام دعواه بطلباته السالفة البيان، قضت محكمة الدرجة الأولى بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي ما تدون بمنطوق الحكم وبعد تنفيذه تدخلت الطاعنة الثالثة منضمة للطاعنين الأولين – في طلب رفضها وطلبت إلزام المطعون ضده بتحرير عقد إيجار لها عن شقة النزاع، وبتاريخ 26/1/1983 حكمت المحكمة بقبول تدخل الطاعنة الثالثة خصما منضما وبرفض طلباتها وبرفض الدعوى. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 1892 سنة 100ق القاهرة، وفي 29/12/1983 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإخلاء المستأنف عليهم – الطاعنين – من الشقة وتسليمها للمطعون ضده – وبرفض طلبات الطاعنة الثالثة. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على المحكمة – في غرفة مشورة – رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
————-
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر ….. والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعي به الطاعنون بالسببين الأول والثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك يقولون أنه أقام قضاءه على أن سفر المستأجر إلى الخارج وغلق شقته مدة طويلة وتوكيله لبعض أقاربه في سداد الأجرة المستحقة عنها في غيابه وطلب والدته إلزام المؤجر بتحرير عقد إيجار لها عن شقة النزاع مما يقطع بترك المستأجر لها تركا نهائيا يخول المالك طلب إخلائها طالما تم هذا الترك دون إذن كتابي صريح من الأخير، في حين أن الثابت في الأوراق من تحقيقات الشكوى 1583 سنة 1980 إداري مدينة نصر ومن إقرار المطعون ضده في كافة مراحل الدعوى أن المستأجر (الطاعن الأول) متمسك بشقة النزاع ويحتفظ بها مغلقة لحسابه إلى حين عودته ولم يتنازل عنها أو يتركها نهائيا ولم يتخل عنها لأحد، وأن مغادرته البلاد حتى ولو كانت نهائية لا تعد بذاتها تركا للعين المؤجرة تنتهي العلاقة الإيجارية بشأنها ما دام لم يفصح عن إرادته في ذلك وتؤكد الأوراق أنه لم يتخل عن شقته، ومن ثم فإنه يكون قد أخطأ القانون وعابه الفساد في الاستدلال وخالف الثابت في الأوراق.
وحيث إن هذا النعي في محله، إذ من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إثبات أو نفي ترك المستأجر للعين المؤجرة وتخليه عنها للغير من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع بلا معقب عليه في ذلك ما دام الحكم قد أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله، كما أن الاستدلال بالقرائن وإن كان من إطلاقات محكمة الموضوع إلا أنه يشترط لذلك أن يكون استنباطها سائغا وله سنده من الأوراق، ومؤديا إلى النتيجة التي انتهت إليها وأنه وإن كان من واجب المؤجر تمكين المستأجر فعلا من الانتفاع بالشيء المؤجر إلا أنه لا تثريب على المستأجر إن هو لم ينتفع به فعلا ما دام قائما بأداء أجرته، وإذا أقام المستأجر المصري في الخارج فإن الأصل في إقامته أن تكون مؤقتة ما لم يثبت طالب الإخلاء استدامتها، إذ أن المغادرة لا تفيد بذاتها – ولو كانت مغادرة نهائية – تركا للعين وإنهاء للعلاقة الإيجارية ما دام لم يعلن عن إرادته في إنهاء العقد وتعبير المستأجر عن ذلك يجوز أن يكون صريحا أو ضمنيا. لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن المستأجر – الطاعن الأول – وإن أخطر المؤجر – المطعون ضده – بسفره للخارج وغلق شقة النزاع ويطلب منه التعامل بشأنها مع محاميه الذي اتخذ مكتبه موطنا مختارا له، وثبت من تحقيقات الشكوى رقم 1583 سنة 1980 إداري مدينة نصر إبلاغ المطعون ضده ذاته بتراكم القاذورات في منور المنزل وشكوى السكان لغلق الشقة منذ 22/ 8/ 1972 حتى 19/ 5/ 1980 ثم صدور قرار النيابة بفتحها لإمكان إزالة القاذورات من المنور الذي توصل إليه الشقة محل النزاع وإعادة غلقها بعد ذلك أو نفذ القرار في 17/ 6/ 1980 إلا أنه ثبت من المحضر رقم 1892 سنة 1983 إداري مدينة نصر عودة الطاعن الأول وزوجته إلى مصر وإقامتها في الشقة، ولم يتخذ أي موقف لا تدع ظروف الحال شكا في دلالته على انصراف نيته إلى ترك الشقة أو التنازل عنها وإنما يحتفظ بها لنفسه، ومع ذلك فقد دلل الحكم المطعون فيه على تخلي الطاعن الأول عن شقة النزاع والنازل عن استئجارها ضمنا وتركها للطاعنين الثاني والثالثة بسفره إلى الخارج وأن المؤجر كان يتقاضى أجرة الشقة ويتلقى أقرباء المستأجر إيصالات بطريق البريد وأن الشقة ظلت مغلقة بعد سفر مستأجرها حتى تم فتحها بواسطة الشرطة لتنظيف المنور عن طريقها وأن والده ادعى أنه المستأجر لها ثم لم تلبث والدة المستأجر أن طلبت عند تدخلها في الدعوى إلزام المؤجر المالك بتحرير عقد إيجار لها لأحقيتها لها، ومن أقوال شاهدي المطعون ضده، ورتب الحكم على ذلك أن المستأجر قد ترك شقة النزاع نهائيا لوالديه عند سفره سنة 1972 إلى الخارج، لما كان ما تقدم، فإن هذه الوقائع بذاتها لا تفيد تخلي الطاعن الأول عن شقة النزاع واتخاذها دليلا على تركه لها والتنازل عن إجارتها لباقي الطاعنين لمجرد عدم إقامته بها وغلقها بالفعل طول مدة إقامته بالخارج ولا ينال من ذلك ما أورده الحكم في مدوناته وما استدل به من قول الطاعنة الثالثة الواردة بمذكرة دفاعها من أنه ترك شقة النزاع لما هو مقرر من أن الإقرار حجة على المقر ولا تتعداه إلى غيره ومن أقوال شاهدي المطعون ضده والتي لا تدل بذاتها على ما خلص إليه إذا لم تخرج أقوالهما عن مجرد الإشارة إلى إقامة الطاعن وزوجته بشقة النزاع منذ استئجارها في سنة 1968 حتى سافرا للخارج في سنة 1972 وظلت مغلقة حتى سنة 1980 ولا تثريب عليه إن هو تركها مغلقة طوال مدة إقامته بالخارج ولو لم ينتفع بها ما دام قائما على سداد أجرتها – وإذ كان ذلك – وكان الحكم قد انتهى – مع ذلك – إلى تحقق واقعة ترك الطاعن لها وتخليه عنها نهائيا للغير دون بحث وتمحيص مؤدى الترك أو التخلي، إذ من المقرر في مبدأ حظر ترك العين المؤجرة للغير الذي استحدثه القانون رقم 52 سنة 1969 – الذي يحكم واقعة النزاع – أنه يتضمن عنصرين أولهما عنصر مادي يتمثل في هجر الإقامة في العين على وجه نهائي، وثانيهما عنصر معنوي بأن يصاحب هجر الإقامة عنصر التخلي عن العلاقة الإيجارية للغير، وكانت الوقائع التي أوردها الحكم في مدوناته لا تقطع بتوافر هذين العنصرين فإن الحكم يكون معيبا بالفساد في الاستدلال وبمخالفة الثابت في الأوراق بما يوجب نقضه دون ما حاجة لبحث باقي الأسباب.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .