تحجيم دور البرلمان في مجال الوظيفة التشريعية والوظيفة الرقابية – بحث قانوني

ان الدعامة الأساسية التي يقوم عليها النظام النيابي وجود برلمان منتخب من الشعب مع تمتعه بسلطات حقيقية ومساهمة فعلية في ادارة شؤون الدولة ولاسيما تمتع البرلمان بسلطات تشريعية ومالية ورقابية ، فضلاً عن مهامه في تنوير الرأي العام والتعبير عن اراء الشعب وبذا يلعب الدور الأساسي في الساحة السياسية في الدولة(1)، غير ان الملاحظ ان بعض النظم المعاصرة قد عملت على تقوية السلطة التنفيذية على حساب صلاحيات البرلمان ، فاضحى هذا الأخير في مركز اضعف من مركز السلطة التنفيذية ، وقد جعلت بعض هذه النظم الدستورية دور البرلمان يتمثل بكونه هيأة استشارية واداة لتنفيذ رغبات السلطة التنفيذية ممثلة برئيس الدولة(2) . ولذا فقد اضحى دور البرلمان محدوداً سواء من ناحية التشريع أو من ناحية المسؤولية الوزارية وما يترتب على ذلك من تقوية للسلطة التنفيذية ممثلة برئيس الدولة، وهذا ما سنوضحه في فقرتين مستقلتين .

أولا : تحجيم دور البرلمان في مجال الوظيفة التشريعية

ان الوظيفة التشريعية للبرلمان قد اصابها التقييد في بعض دساتير النظم المعاصرة ، إذ اضحى البرلمان لا يمارس سوى جزء يسير من هذه الوظيفة واعطي الجزء الباقي إلى السلطة التنفيذية ، وهذا يظهر من خلال صور عدة وكالاتي :

الصورة الأولى : تحديد دور البرلمان في مجال القانون

وقد أخذ بهذه الطريقة الدستور الفرنسي الصادر عام 1958 والدستور التونسي الصادر عام 1959، فالدستور الفرنسي قيد من اختصاص البرلمان في ممارسة الوظيفة التشريعية وذلك في المادة (34) من الدستور إذ قضت هذه المادة بان القانون يحدد القواعد المتعلقة بـ: الحقوق المدنية ، الضمانات الرئيسة لتمكين المواطنين من ممارسة حقوقهم ، القضايا المتعلقة بواجب المواطن تجاه الدفاع الوطني ، تحديد الجرائم والجنح والعقوبات والإجراءات الجنائية ، العفو العام ، النظام الإنتخابي للجمعية الوطنية ولمجلس الشيوخ ، الضمانات الوظيفية للموظفين المدنيين والعسكريين تأميم المشاريع ونقل ملكية المشاريع العامة إلى القطاع الخاص .

كما ان القانون يحدد المبادئ الرئيسة لـ: التنظيم العام للدفاع الوطني ، ادارة المجموعات المحلية (من حيث اختصاصاتهاومواردها ) ، التعليم ،نظام الملكية ، الحقوق والالتزامات المدنية والتجارية ، قانون العمل والنقابات والضمان الاجتماعي، وتهدف القوانين المالية إلى تنظيم موارد واعباء الدولة ، اما قوانين البرامج فإنها تحددالاهداف الرئيسية للنشاط الاقتصادي والاجتماعي للدولة ، وقد اشارت الفقرة الأخيرة من المادة المذكورة إلى ان موضوعات المادة تحدد وتكمل بقانون أساسي(3) بينما نصت المادة (37/1) بان ((المواد خلاف التي تدخل في مجال القانون يكون لها طابع لائحي)) .

وكذلك سار الدستور التونسي(4) على نهج الدستور الفرنسي إذ قضت المادة (34) منه بان تتخذ شكل قوانين النصوص المتعلقة بـ : الأساليب العامة لتطبيق الدستور عدا تلك التي تتعلق بالقوانين الأساسية ، أحداث المؤسسات والمنشات العمومية ، الجنسية والحالة الشخصية والالتزامات ، الإجراءات امام المحاكم ، تحديد الافعال الاجرامية من جنايات وجنح والعقوبات المنطبقة عليها والمخالفات الجزائية إذا كانت تستوجب عقوبة سالبة للحرية ، العفو العام ، ضبط قاعدة الاداء ونسبه واجراءات استخلاصه مالم يعط تفويض في ذلك إلى رئيس الجمهورية بمقتضى قوانين المالية أو القوانين ذات الصبغة الجنائية، نظام إصدار العملة، القروض والتعهدات المالية للدولة ،الضمانات الأساسية الممنوحة للموظفين المدنيين والعسكريين ويضبط القانون المبادئ الأساسية لـ : نظام الملكية والحقوق العينية ، التعليم ، الصحة العمومية ، قانون الشغل والضمان الاجتماعي . هذا وقد نصت المادة (35) على أن ((ترجع إلى السلطة الترتيبية العامة المواد التي لاتدخل في مجال القانون ..))(5).ووفقا لما سبق عرضه نجد ان الدستور الفرنسي والتونسي قد قلبا علاقة القانون باللائحة حتى اوشكت العلاقة التقليدية بينهما ان تتغير تغيرا تاما ، وعلى ذلك ومنذ صدور الدستور الفرنسي عام 1958 ظهر منهج دستوري جديد إلى جانب المنهج التقليدي يمثل رابطة مختلفة تماما عن تلك الرابطة التي تجمع بين القانون واللائحة في النظم التقليدية (6) فلقد كانت القاعدة التقليدية السابقة على دستور 1958 الفرنسي تقرر الاختصاص المطلق للبرلمان في ممارسة الوظيفة التشريعية بحيث يحق له ان يقرر ما يشاء من التشريعات العادية ، وبالتالي تحدد دائرة معينة للسلطة التنفيذية لا يمكن لها مجاوزتها في ميدان التشريع (7) وحتى في الحالة التي تمارس فيها الادارة قدراً من التشريع فإن ما تضعه من قواعد قانونية (لوائح) يعد بمثابة تشريعات فرعية يتحتم عليها الخضوع لاحكام التشريع الذي تضعه السلطة التشريعية ، ذلك لأن العضو التنفيذي ليس له الا ان يتبع العضو التشريعي الاصيل ، فلا يملك العضو التنفيذي ان يخالف العضو الاصيل في ميدانه الحقيقي(8) ، فهناك إذن مجال مخصص للقانون لا يمكن للائحة ان تطرقه اي هناك مسائل معينة يتوجب تنظيمها بالقانون وحده دون تدخل من اللائحة وهذه المسائل يحددها الدستور عادة بنصوص صريحة ، كما يمكن للعرف الدستوري ان يبين هذه المسائل ، ويتوجب على اللائحة ان تتبع القانون فهو يعلوها من ناحية مبدأ التدرج التشريعي .فلا يجوز للائحة ان تعدل أو تلغي القانون ، فاختصاص جهة الادارة في التشريع يكون على سبيل الاستثناء وللبرلمان الاختصاص الاصيل في التشريع (9) .

غير ان الدستور الفرنسي قد عمل على التجديد في هذا الخصوص على نحو لم يسبق له مثيل ، إذ قرر توزيع الوظيفة التشريعية بين البرلمان والسلطة التنفيذية حتى غدت الأخيرة صاحبة الولاية العامة في ميدان التشريع وأصبح اختصاص البرلمان في هذا الميدان محدداً على سبيل الحصر ، حتى عد الفقه اللائحة هي الاصل والقانون هو الاستثناء في ميدان التشريع(10)، وبذلك أصبح مجال اللائحة غير محدود بحيث يشمل كل ما يخرج عن المجال المحتجز على – سبيل الحصر – للقانون بنص الدستور فأصبح الاختصاص اللائحي في التشريع هو الاصل أو القاعدة العامة ، واضحت السلطة التنفيذية تملك التشريع في كل المسائل والموضوعات عدا تلك التي نص الدستورعلى احتجازها للقانون(11) بل وحتى في المجال المحتجز للقانون لاتزال السلطة التنفيذية تستطيع العمل داخل المجال المذكور عن طريق إصدار اللوائح التنفيذية لتيسير وضمان تطبيق القانون (12) . والسؤال الذي يطرح نفسه على بساط البحث هل ان اللائحة تغير موقعها وأصبحت على قدم المساواة مع القانون بعد التغيير الذي جاء به كل من الدستور الفرنسي والتونسي؟ اجاب الفقه بان اللائحة لم تتغير طبيعتها القانونية على الرغم من التطور الذي طرأ عليها ، كما ان قوتها القانونية بقيت على ما كانت عليه فلم ترتق إلى مستوى القانون حتى في المجال المحتجز لها بنص الدستور ، لذا وبسبب طبيعتها الادارية التي ظلت محتفظة بها وقوتها التي بقيت ادنى من القانون فإنها لاتتمتع ((بقوة الشئ المشرع فيه)) كما هو حال القانون ، وإنما تكتسب فقط ما يعرف ((بقوة الشئ المقرر فيه)) وهي قوة مؤقتة قابلة للزوال إذ يمكن الطعن فيها ومنازعتها واثبات عدم مشروعيتها ومن ثم الغائها بعكس القانون الذي يكتسب حصانة منذ صدوره ومن ثم لا يجوز الطعن فيه امام جهة القضاء الاداري (13) ، فسواء كانت اللائحة صادرة في مجالهاالمحتجز لها اصلا اوفي مجال القانون – في ظروف عادية أم في ظروف استثنائية – في قوة ادنى من القانون أو في قوة معادلة لقوته ، فإنها في جميع الاحوال تبقى محتفظة بطابعها الاداري باعتبارها نوعا من القرارات الادارية ومن ثم فإنها تخضع لرقابة القضاء الاداري (14) . نستخلص مما سبق ان السلطة التشريعية قد وجدت سلطة اخرى توازيها فالتشريع لم يعد حكرا على السلطة التشريعية وهذا يؤدي بطبيعة الحال إلى تقوية السلطة التنفيذية ممثلة برئيس الدولة على حساب البرلمان(15) وهذا مما يزيد من ضعف المؤسسة التشريعية ويحولها إلى اداة تابعة لرئيس الجمهورية وبذلك يغدو رئيس الجمهورية في مركز اسمى من مركز البرلمان ، وتكون له الهيمنة على البرلمان إذا ما كانت الأغلبية البرلمانية مساندة لرئيس الجمهورية وهذا يؤدي إلى تعزيز مركز رئيس الدولة تجاه البرلمان وتكون لرئيس الدولة صلاحيات تشريعية تفوق ما للبرلمان من صلاحيات وذلك كله بنص الدستور(16) .

الصورة الثانية : تحديد دور البرلمان في مجال القوانين المالية

وهذه الصورة تتمثل في تحجيم دور البرلمان عند ممارسته لوظيفته في مجال القوانين المالية ولاسيما الميزانية العامة للدولة ، فنجد ان الدستور الفرنسي الصادر عام 1958 قد بين في المادة ( 40 ) بانه (( لاتكون الاقتراحات والتعديلات المقدمة من أعضاء البرلمان مقبولة إذا ما كان اقرارها يؤدي اما إلى تخفيض الموارد العامة أو إلى خلق عبء عام أو زيادته )).

يتضح من النص ان الدستور قد عمل على الغاء حق النواب في اقتراح زيادة النفقات العامة أو تخفيض الواردات العامة وهذا أول مظاهر اضعاف البرلمان لممارسة وظيفته التشريعية المالية(17) ، ثم جاء القانون الأساسي الصادر عام 1959 بشان تنظيم الإجراءات التشريعية المالية وبين بانه لا يحق للجان المالية البرلمانية ان تتدخل في امر تخصيص الميزانية وتوزيعها على الابواب المختلفة ذلك ان هذا الحق يقتصر على الحكومة وحدها(18) ، ولم يكتف الدستور بما سبق بل عمل على تقييد البرلمان بمدة زمنية معينة يتحتم عليه التصويت خلالها على الميزانية العامة إذا كان البرلمان منعقدا في دورته ، إذ قررت المادة (47 / 3 ) بانه (( إذا لم يبت البرلمان في المشروع خلال مدة سبعين يوما ، فمن الممكن وضع احكام المشروع موضع التنفيذ بمقتضى امر )) ، ويهمل بالتالي اختصاص البرلمان في هذا الخصوص ، فإذا ما مرت المدة المحددة في النص للموافقة على مشروع الميزانية ، فلا يمكن للبرلمان بعد ذلك ان يبدي رأيه فيه أو يعدل فيه(19) ، وهذا التدهور الذي اصاب البرلمان في ممارسة وظيفته المالية تم لصالح الحكومة التي هي بدورها تمثل رئيس الجمهورية فرئيس الجمهورية بذلك يتحكم في ممارسة الوظيفة التشريعية المالية وذلك لأن الحكومة في مركز التابع لرئيس الجمهورية(20) .

يتضح من ذلك ان لرئيس الجمهورية الدور الأساسي في التشريعات المالية وذلك بسبب تحديد الدستور لدور البرلمان في ممارسة الوظيفة المالية من ناحية والسلطة التي يتمتع بها رئيس الجمهورية على الحكومة من ناحية اخرى وذلك من خلال سلطته في التوقيع على القرارات الصادرة عن مجلس الوزراء الواردة بالمادة ( 13 )(21). اما دستور تونس لعام 1959 فقد نص في المادة ( 28/5 ) بان (( تعرض مشاريع قوانين الميزانية على كل من مجلس النواب ومجلس المستشارين يصادق مجلس النواب ومجلس المستشارين على مشاريع قوانين الميزانية وختمها طبق الشروط المنصوص عليها بالقانون الأساسي للميزانية ، إذا لم يصادق مجلس المستشارين على مشاريع قوانين الميزانية وصادق عليها مجلس النواب قبل 31 ديسمبر فإنها تعرض على رئيس الجمهورية للختم ويجب ان تتم المصادقة على الميزانية في اجل اقصاه 31 ديسمبر ،وإذا فات ذلك الاجل ولم يتخذ المجلسان قرارهما ، يمكن ادخال احكام مشاريع قوانين الميزانية حيز التنفيذ باقساط ذات ثلاثة أشهر قابلة للتجديد وذلك بمقتضى امر )) .

وبذلك فقد حرم الدستور البرلمان من ادخال أي تعديل على مشروع الميزانية المقدم من الحكومة فله ان يوافق عليه كاملا أو يرفضه برمته وذلك بعد ان يدرس المشروع في لجان برلمانية متخصصة (22) . وقد نصت الفقرة الثانية من المادة (28) على أن (( لا تكون مشاريع القوانين المقدمة من قبل أعضاء مجلس النواب مقبولة إذا كان اقرارها يؤدي إلى تخفيض في الموارد العامة أو إلى إضافة اعباء أو مصاريف جديدة وتنطبق هذه الاحكام على التعديلات المدخلة على مشاريع القوانين )) ووفقا للنص المتقدم فقد سلب من البرلمان أحد اختصاصاته الاصلية الهامة في المجال المالي المتصل بالتصرف في الموارد والنفقات العمومية وشؤون الميزانية فلم يعد من حق البرلمان اقتراح اي تغيير في مشاريع القوانين المالية التي تقدمها الحكومة إذا كان لهذا الاقتراح ، وطلب التعديل انعكاس مالي على الموارد العامة المقررة فلا يحق للنائب المطالبة بتخفيض اسعار الخدمات الادارية أو التغيير في نسبة الاداء غير ان هذا الانتقاص قابله هيمنة رئيس الجمهورية على مشاريع القوانين المالية ، وذلك لأن الاقتراحات المقدمة للمشاريع المذكورة إنما تقدم من رئيس الجمهورية ، الذي أصبح – وفقا لذلك – هو المتحكم بأهم اختصاصات البرلمان وهذا مما عزز دور رئيس الجمهورية تجاه باقي المؤسسات الاخرى ولاسيما السلطة التشريعية(23) الذي عد هذا الانتقاص من اختصاصها المالي أمراً شديد الوطأة على مجلس نيابي يفترض فيه تمثيله لمصالح الشعب واتجاهاته(24) . ولقد اقر دستور مصر لعام 1971 في المادة (115) بانه (( يجب عرض مشروع الموازنة العامة على مجلس الشعب قبل شهرين على الاقل من بدء السنة المالية ولا تعتبر نافذة الا بموافقته عليها ويتم التصويت على مشروع الموازنة باباً باباً وتصدر بقانون ولا يجوز لمجلس الشعب ان يعدل مشروع الموازنة الا بموافقة الحكومة ، وإذا لم يتم اعتماد الموازنة الجديدة قبل السنة المالية عمل بالموازنة القديمة إلى حين اعتمادها … )) . وعليه فعندما يقدم مشروع الموازنة إلى مجلس الشعب تقوم لجنة الموازنة ببحثه وتقديم تقرير عنه إلى المجلس الذي ليس له الا ان يقبل المشروع برمته أو يرفضه باكمله فليس لمجلس الشعب ان يعدل في مشروع الموازنة الا إذا وافقت الحكومة على ذلك الامر(25) ، وقد انتقد جانب من الفقه الدستوري المصري هذا الاتجاه من المشرع ورأى فيه اضعاف لسلطة البرلمان في المسائل المالية رغم ان هذه المسائل كانت من الناحية التاريخية تمثل الاختصاص الاصيل للبرلمانات وهي سبب وجودها (26) . واياً ما كانت الضمانات التي تحاول الدساتير ايجادها لجعل رقابة البرلمانات مجدية وفعالة في اعتماد الميزانية العامة والاشراف على تنفيذها فإنه لا يكون لهذه الرقابة اي أثر ملموس في الاحوال التي تكون هنالك أغلبية نيابية تساند السلطة التنفيذية(27) . وعلى هذا سيكون لرئيس الجمهورية في مصر الاثر في توجيه مشاريع القوانين المالية – خاصة – إذا ما علمنا ان حزبه يهيمن على مقاعد البرلمان وعليه سيكون له الدور الأساسي في توجيه السياسة المالية بل ويهيمن عليها ويقابل ذلك ضعف سلطة البرلمان على التشريعات المالية . وقد أخذ القانون الأساسي العراقي الصادر عام 1925 بتحديد دور البرلمان في ممارسة الوظيفة التشريعية المالية فقد نصت المادة (45) بان (( لكل عضو من أعضاء مجلس النواب ان يقترح وضع لائحة قانونية ما عدا ما يتعلق بالامور المالية )) ونصت المادة (100) بان (( يجب ان يعرض وزير المالية على مجلس النواب أولاً جميع اللوائح القانونية لتخصيص الاموال أو تزييد التخصيصات المصدقة أو تنقيصها أو الغائها وكذلك قانون الميزانية … )) وقد بينت المادة (105) بانه (( لا يجوز عرض لائحة قانونية أو إبداء اقتراح على أحد المجلسين بما يوجب صرف شيء من الواردات العمومية الا من قبل أحد الوزراء)).

يتضح مما سبق عرضه من النصوص الدستورية ان حق اقتراح القوانين المالية مقصور على الحكومة وحدها وهذا يمثل قيدا على سلطة المجلس المالية وانتقاصا منها إذ ان الامور المالية تتمتع بدرجة كبيرة من الأهمية في حياة الدولة (28) . لأن من يملك توجيه السياسة المالية يملك توجيه سياسة الدولة باكملها (29) ، فالمواد ( 45 ، 100 ، 105 ) قد جعلت من مجلس الوزراء المختص في ممارسة الوظيفة التشريعية المالية دون مجلس النواب، وبالتالي فإن هذا الاختصاص سينعقد للملك لأن قرارات مجلس الوزراء خاضعة للتصديق عليها من قبل الملك وفق المادة (65) (30) . بحيث تكون له القدرة على تعديلها أو الغائها ، لذا فإن ممارسة الملك حقه في التشريع المالي يتم من خلال حقه الوارد في المادة (65) وبذلك تكون للملك الهيمنة في ممارسة الوظيفة المالية بدلاً من البرلمان خاصة إذا علمنا ان الوزارة كانت خاضعة للملك تماماً وهذا ما اثبته الواقع العملي في العراق انذاك(31) . ومن المواد الاخرى التي وردت في القانون الأساسي والتي قيدت من وظيفة البرلمان المالية من ناحية الاقتراح أو التعديل فيها المادة (106) التي نصت على أنه (( لا يجوز لمجلس النواب ان يتخذ قرار أو يقترح تعديل لائحة تؤدي إلى تنقيص المصاريف الناشئة عن المعاهدات التي صدقها مجلس الامة أو المجلس التأسيسي الا بعد موافقة الملك ))(32) . وهذه المادة ايضا تظهر مدى تفوق الملك في المسائل المالية على مجلس النواب بأجمعه . اما في دستور العراق الصادر عام 1970 فالملاحظ ان سلطة البرلمان كانت مقيدة كثيرا في مجال ممارسة الوظيفة التشريعية المالية فالمادة (54 ) من الدستور نصت على أن (( ينظر المجلس الوطني في مشروعات القوانين التي يقدمها ربع عدد اعضائه وذلك في غير الامور العسكرية وشؤون الأمن العام ، فإذا وافق المجلس على مشروع القانون يرفع إلى مجلس قيادة الثورة للنظر فيه خلال خمسة عشر يوما من تاريخ وصوله إلى مكتب المجلس ، اما إذا رفضه مجلس قيادة الثورة أو عدل فيه فيعاد المشروع إلى المجلس الوطني )) . يتضح من النص السابق ان المجلس الوطني لا يملك سلطة تشريعية مستقلة بحد ذاته في مجال التشريع وإنما يمارس سلطته التشريعية بالاشتراك مع مجلس قيادة الثورة (المنحل)(33) ، وهذا أول قيد وضع على سلطة المجلس التشريعية ، ويلاحظ ان النص المذكور يذكر عبارة (مشروعات القوانين ) وهي عبارة عامة تشمل القوانين المالية وغير المالية ، فبالنسبة للقوانين المالية فإن المجلس الوطني لن يكون وحده المختص بهذه المشاريع وإنما تدخل معه جهة اخرى وهي مجلس قيادة الثورة ( المنحل) وهذه الجهة تمثل القابض الحقيقي على السلطة ورئيس المجلس هو رئيس الجمهورية حكما قبل تعديل 1995 وهو رئيس الجمهورية عملاً بعد تعديل 1995 ودستور 1970 قد ركز بين يديه العديد من الصلاحيات التشريعية والتنفيذية (34) ، وبذلك ساد في العراق حكم الفرد ، وقد اشار قانون المجلس الوطني رقم 26 لسنة 1995 بان (( لرئيس الجمهورية ان يطلب من المجلس الوطني مناقشة مبادىء مشروع اي قانون والتصويت عليه بالرفض أو القبول دون مناقشة مواده )) (35) ، وجاء فيه ايضا بان (( يناقش المجلس الوطني ويقر مشروع الموازنة العامة للدولة وخطة التنمية باستثناء ما تعلق منها بوزارة الدفاع وشؤون الأمن العام وما يرى رئيس الجمهورية استثنائه من المناقشة )) (36) .

وتعد المادة الأخيرة من أشد المواد في القانون المذكور في صرامة القيود المفروضة على المجلس الوطني إذ بموجب المادة (54) لم يعد للمجلس الوطني اي دور يذكر في مشروع الموازنة العامة وذلك بسبب الهيمنة الواضحة لرئيس الجمهورية على عمل المجلس إذ يشير النص (( وما يرى رئيس الجمهورية استثنائه من المناقشة )) وبذلك يستطيع رئيس الجمهورية استبعاد اي موضوع من المناقشة البرلمانية ومنها الموازنة العامة لأن النص جاء مطلقاً واعطى لرئيس الجمهورية سلطة تقديرية في استبعاد المواضيع التي يراها من نطاق المناقشة البرلمانية ، وبذلك يستطيع رئيس الجمهورية ان يصدر الموازنة العامة في صورة قرارات استنادا إلى سلطته في إصدار القرارات التي لها قوة القانون الواردة في المادة ( 57 / ج ) أو يصدرها على شكل قانون وذلك عن طريق مجلس قيادة الثورة وفقا للمادة ( 42 / ا ) وهو رئيس مجلس قيادة الثورة وله توقيع القوانين الصادرة عن المجلس وذلك وفقا للمادة ( 44 / 2 ) ، بل ان الدستور قد منح لمجلس قيادة الثورة المصادقة على مشروع الميزانية العامة للدولة(37) ، وبعد كل ذلك نستطيع القول ان رئيس مجلس قيادة الثورة ( رئيس الجمهورية ) يستطيع ان يصدر قانون الموازنة العامة لوحده من دون ان يمر على المجلس الوطني أو مجلس قيادة الثورة (المنحل) ، وذلك لأن الدستور قد اجاز لمجلس قيادة الثورة (المنحل) تخويل رئيسه بعض اختصاصاته المبينة في هذا الدستور(38). وعليه فقد أصبح وجود المجلس الوطني مجرد واجهه شكلية لا يمارس سلطة حقيقية ولذا أصبح رئيس الدولة الحاكم المطلق فعلا في جميع مجالات ممارسة السلطة ومنها السلطة التشريعية المالية وهذا ما أدى به إلى الحكم المنفرد والمستبد والذي عانى العراق في ظله ما عاناه من الإستبداد والطغيان وذلك بسبب التغييب الحقيقي لدور الشعب في ممارسة السلطة فضلاً عن الصلاحيات اللامتناهية التي اعطيت إلى رئيس الدولة –بموجب الدستور- .

الصورة الثالثة : تحديد دور البرلمان عند اللجوء إلى الإستفتاء التشريعي

يعني الإستفتاء التشريعي أخذ رأي جمهور الناخبين بقاعدة تشريعية عرضت على البرلمان للموافقة عليها أو رفضها أو ان يتم عرض هذه القاعدة التشريعية مباشرة على الشعب لأخذ رأيه فيها دون عرضها على البرلمان(39) والإستفتاء التشريعي يمثل قيدا على سلطة البرلمان التشريعية فعلى الرغم من أهميته ومركزه في الدولة الديمقراطية غير انه يبقى – ومما لا شك فيه – قيدا على البرلمان عند ممارسته لوظيفته التشريعية (40) ، فالإستفتاء التشريعي يقلل من أهمية البرلمان لأن الأخير سيفقد احترامه إذا ما رفض الشعب اعماله في الإستفتاء وهو يؤدي ايضا إلى عدم مشاركة المواطنين في الإنتخابات النيابية على أساس انهم يملكون التصويت مباشرةً على القوانين عن طريق الإستفتاء(41) . وقد أخذ الدستور الفرنسي الصادر عام 1958 بالإستفتاء التشريعي وذلك في المادة (11) والتي نصت على أن (( رئيس الجمهورية بناءً على اقتراح الحكومة خلال فترة دور انعقاد البرلمان أو بناءً على اقتراح مشترك من المجلسين يتم نشره في الجريدة الرسمية ، ان يطرح للإستفتاء كل مشروع قانون يكون متعلقا بتنظيم السلطات العامة أو باصلاحات خاصة بالسياسة الإقتصادية أو الإجتماعية للامة أو بالمرافق العامة التي تسهم في هذه السياسة أو يهدف إلى الإذن بالتصديق على معاهدة قد يكون لها – دون ان تكون مخالفة للدستور – تأثير على عمل المؤسسات … إذا ما اسفر الإستفتاء عن إقرار المشروع يقوم رئيس الجمهورية بإصداره خلال الخمسة عشر يوما التالية على اعلان نتيجة الإستفتاء )) . يتبين من النص ان مجرد موافقة الشعب على مشروع القانون المعروض على الإستفتاء يقوم رئيس الجمهورية بتصديقه خلال 15 يوم من دون الحاجة إلى عرضه على البرلمان لمناقشته أو لابداء الرأي فيه ، ومما يلاحظ ان مصطلح ( السلطات العامة) قد اثار سجالاً في اوساط الفقه الدستوري وذلك بسبب استناد رؤساء فرنسا عليه لادخال التعديلات على الدستور(42) ، ولاسيما الرئيس الفرنسي (( CH.DEGAULLE )).

فذهب رأي في الفقه إلى القول ان مصطلح ( السلطات العامة ) يشمل جميع السلطات سواء التي وردت في الدستور أم تلك التي لم ترد فيه – وتشمل الجيش والمجموعات المحلية – وذلك لأن النص يشير إلى ( السلطات العامة ) وهو لفظ يتسم بالعمومية التي لا يجب تقييدها بحال من الاحوال فهي على خلاف المادة (16) من الدستور التي اجازت لرئيس الجمهورية إستخدام السلطات الاستثنائية عند حدوث ما يسبب انقطاع أو توقف سير السلطات العامة الدستورية إذ ان مثل هذا الوصف لم يرد في المادة (11) لذا فهي تشمل جميع السلطات(43) .

اما الرأي الثاني – ويمثل اغلب الفقه – فيذهب إلى القول بان المادة (11) تسمح بطرح مشروعات بقوانين عادية وكذلك التنظيمية على الإستفتاء الشعبي ومن ثم فإنه لا يجوز تعديل نصوص الدستور بمقتضى هذه المادة لأن تعديل الدستور وفق المادة (11) يؤدي إلى اهدار نصوص الدستور التي تحدد طريقة تعديله الواردة في المادة (89) فالمادة (11) تشير إلى مشروع قانون بتنظيم السلطات العامة وهذا التعبير ينصرف معناه إلى القوانين التنظيمية والعادية ولا ينصرف بحال إلى مشروع القانون بتعديل الدستور الذي عبر عنه الدستور في المادة (89) بقوله مشروع التعديل (44) . ويلاحظ ان سلطة رئيس الجمهورية في اجراء الإستفتاء سلطة شخصية ينفرد بممارستها دون حاجة إلى توقيع وزاري وذلك استنادا إلى نص المادة (19) فضلاً عن التطبيق العملي الذي بين ان مرحلة الاقتراح كانت دائما بيد رئيس الجمهورية حيث انه يملك سلطة الاقتراح الفعلي عن طريق حكومته ، ولم يحدث أبداً ان اقترح البرلمان تطبيق الإستفتاء الوارد في المادة (11) كما ان طرح الموضوع على الإستفتاء تعد من اطلاقات رئيس الجمهورية يمارسها دون معقب عليه في ذلك ، فالمادة المذكورة قد جاءت خلوا من اي رقابة فعالة على سلطة رئيس الجمهورية في هذا المجال ، ما عدا رقابة الشعب المتمثلة في إبداء رايه في الإستفتاء وبذلك فقد تحولت أكثر تطبيقات الإستفتاء إلى إستفتاء شخصي ويستعمل من قبل الرئيس كوسيلة لتعضيد سلطته وفرض هيمنته على المؤسسات الاخرى(45) . ونحن نرى ان رقابة الرأي العام في فرنسا كافية كوسيلة رقابية والشواهد العملية خير دليل على ذلك فإستفتاء 27 ابريل عام 1969 قد أدى إلى استقالة الرئيس (( CH.DEGAULLE )) بسبب رفض الشعب لمشروع القانون المطروح في الإستفتاء وكذلك الإستفتاء الأخير في عام 2005 حول الدستور الاوربي فبالرغم من دعوة الرئيس (( J. CHIRAC )) إلى التصويت لصالح الدستور الا ان الشعب قد رفض هذا الدستور رفضا تاما ، فالرأي العام الفرنسي له دور فعال وهام في ادارة شؤون الحكم في البلاد .

وقد سار دستور تونس لعام 1959 على نهج الدستور الفرنسي في الأخذ بالإستفتاء التشريعي وذلك في المادة (47) منه التي نصت على أن (( لرئيس الجمهورية ان يستفتي الشعب مباشرةً في مشاريع القوانين ذات الأهمية الوطنية أو في المسائل التي تتصل بالمصلحة العليا للبلاد دون ان يكون كل ذلك مخالفا للدستور ، وإذ افضى الإستفتاء إلى المصادقة على المشروع فإن رئيس الجمهورية يصدره في اجل لا يتجاوز خمسة عشر يوما من تاريخ الاعلان عن نتائجه )) .

وطبقا للنص الدستوري المتقدم فإن الدستور التونسي قد أخذ بالإستفتاء التشريعي الذي يطلب فيه من الشعب الافصاح عن رأيه في مشاريع القوانين ذات الأهمية الوطنية (46) ، ويظهر من النص السابق ان الإستفتاء التشريعي يعد من اختصاصات رئيس الجمهورية يباشرها بصورة منفردة ، فالنص لم يشترط ان يقدم الاقتراح من جهة معينة كما فعل الدستور الفرنسي ولم يشترط النص كذلك انعقاد البرلمان ، وبذلك يكون لرئيس الجمهورية عرض اي مشروع قانون على الإستفتاء الشعبي وفي اي وقت ، وهذا ما حدى ببعض الفقه إلى القول بان هذا النوع من الإستفتاء الإختياري يعد طريقة غير متوازنة وهي تعد بمثابة ( العبور فوق رؤوس النواب ) (47) .

لذا فإن اقتراح موضوع الإستفتاء والعرض على الشعب من السلطات المطلقة لرئيس الجمهورية إذ لا معقب عليها ومما يؤكد وجهة نظرنا ان الدستور ذكر الإستفتاء التشريعي وهو في صدد بيان صلاحيات رئيس الجمهورية التي لم يشترط الدستور لنفاذها ان يوقع عليها رئيس الوزراء أو الوزير المختص ، هذا من ناحية وما اثبته الواقع العملي من انفراد الرئيس باقتراح المشاريع وعرضها على الإستفتاء من ناحية ثانية(48).

ثانيا : تحجيم دور البرلمان في مجال الوظيفة الرقابية

تتميز الأنظمة البرلمانية وشبه البرلمانية ( الأنظمة المختلطة ) بثنائية السلطة التنفيذية اي ان السلطة التنفيذية تتكون من طرفين رئيس الدولة و رئيس الوزراء (49) ، وعلى هذا فإننا سنبين ضعف دور البرلمان في الرقابة على اعمال طرفي السلطة التنفيذية .

الصورة الاولى : انعدام رقابة البرلمان على اعمال رئيس الدولة

رئيس الدولة قد يكون ملكا أو رئيس الجمهورية ، فإذا كان رئيس الدولة ملكا فهو غير مسؤول بصورة مطلقة ، إذ ان الوزارة هي المسؤولة الوحيدة امام البرلمان واما الملك فهو غير مسؤول لا مدنياً ولا سياسياً ولا جنائياً وذلك على افتراض ان الملك لا يخطىء (50)، وعلى ذلك قضت المادة (25 ) من القانون الأساسي العراقي بان (( الملك مصون وغير مسؤول )) .

اما إذا كان رئيس الدولة رئيسا للجمهورية فإنه يتمتع بعدم المسؤولية السياسية مع مسؤوليته المدنية والجنائية (51) ، فالدساتير الجمهورية تنص على مسؤولية رئيس الجمهورية في حالة الخيانة العظمى، فالدستور الفرنسي الصادر عام 1958 نص في المادة (68) على أن (( رئيس الجمهورية غير مسؤول عن الاعمال المرتكبة اثناء ممارسته لمهام منصبه الا في حالة الخيانة العظمى….. )) (52) . وكذلك نص الدستور المصري لعام 1971 في المادة (85) على أن (( يكون اتهام رئيس الجمهورية بالخيانة العظمى أو ارتكاب جريمة جنائية بناءً على اقتراح مقدم من ثلث أعضاء مجلس الشعب على الاقل … )) . وقد اثار مصطلح ( الخيانة العظمى ) الخلاف بين فقهاء القانون الدستوري حول طبيعة هذا المصطلح فهل هي جريمة جنائية أم سياسية وذهبوا في ذلك إلى ثلاثة اتجاهات :

الاتجاه الاول: يقرر اصحاب هذا الاتجاه الطبيعة السياسية للخيانة العظمى وذلك بسبب السلطات الواسعة المعطاة لرئيس الجمهورية والتي يمارسها بصورة فعلية ، وذلك على خلاف مايقضي به النظام البرلماني التقليدي الذي يوجب ان يمارس رئيس الدولة سلطاته بواسطة وزرائه لا بصورة منفردة ، وللموازنة بين سلطات رئيس الجمهورية ومسؤوليته، يذهب أنصار هذا الاتجاه إلى ان الرئيس يكون مسؤولا مسؤولية سياسية كاملة عما وقع منه تطبيقا لمبدا تلازم السلطة والمسؤولية(53) .

الاتجاه الثاني : يذهب أنصار هذا الاتجاه إلى تقرير الطابع الجنائي للخيانة العظمى لذلك فهم يصفونها بوصف الجريمة ، وذلك لأن المسؤولية السياسية لرئيس الجمهورية لا يمكن اعمالها الا بنص صريح وارد في الدستور وهذا ما لم يتحقق في الدستور الفرنسي لعام 1958 والمصري لعام 1971 (54) .

الاتجاه الثالث : يحاول أنصار هذا الاتجاه التوفيق بين الاعتبارات السياسية والاعتبارات الجنائية التي تتحكم بطبيعة ( الخيانة العظمى ) ، فهم يرون فيها جريمة جنائية ذات طابع سياسي وذلك من حيث النظر إلى جهة الاتهام واجراءاته والجهة المختصة بالمحاكمة ومن حيث العقوبة المترتبة في حالة ثبوت ( الخيانة العظمى ) بحق رئيس الجمهورية وهي العزل من المنصب(55) . ونجد ان الدستور التونسي لعام 1959 قد قرر في المادة (41) منه على أن (( يتمتع رئيس الجمهورية اثناء ممارسة مهامه بحصانة قضائية ، كما يتمتع بهذه الحصانة القضائية بعد انتهاء مباشرته لمهامه بالنسبة إلى الافعال التي قام بها بمناسبة ادائه لمهامه ))(56) ، وبذلك فإن الدستور التونسي قد نص على اعفاء رئيس الجمهورية وبصورة نهائية وابدية من اية مسؤولية مدنية أو جنائية أو سياسية ، فلا يسال رئيس الجمهورية وفقا للنص المتقدم حتى وان ارتكب ( الخيانة العظمى ) أو اية جريمة جنائية اخرى ، وهذا يجعل رئيس الجمهورية في تونس أحد مصاديق القاعدة القائلة بان (( الملك لا يخطىء )) فهو بذلك سيكون بمنزلة الملك من حيث عدم مسؤوليته وسيكون رئيس الجمهورية فوق جميع المؤسسات الدستورية بل فوق الدستور(57) . في حين لم ينص دستور العراق لعام 1970 على مسؤولية رئيس الجمهورية ، اي انه لم ينظم احكام مسؤولية الرئيس سواء المدنية أم الجنائية أم السياسية . وما ذلك الا دليل على دكتاتورية النظام السابق الذي لا يريد الاعتراف – ولو على سبيل النص الشكلي – بمسؤولية رئيس الدولة .ويجمع الفقه الدستوري بان عدم تنظيم الدساتير للمسؤولية السياسية لرئيس الدولة ما هو الا اعتراف بعدم مسؤولية رئيس الدولة امام البرلمان ولا امام اي هيأة اخرى فلا يستطيع البرلمان ان يوجه إلى رئيس الجمهورية اية اسئلة أو استجوابات على الرغم مما يتمتع به رئيس الجمهورية من صلاحيات واسعة (58) ، وانعدام المسؤولية السياسية لرئيس الدولة يؤدي إلى اختلال التوازن بين سلطة رئيس الدولة والتي هي على قدر من السعه وبين مسؤوليته السياسية والتي ظلت معدومة بل وحتى المسؤولية الجنائية لرئيس الجمهورية لـم تلق تطبيقا لها وهذا ما يؤدي إلى ظهور الدكتاتورية التي تجعل من جميع السلطات بيد شخص واحد مع غياب مسؤولية هذا الشخص (59) . غير ان رئيس الدولة قد يجمع بين منصبه ومنصب رئاسة مجلس الوزراء فما مدى رقابة البرلمان على اعمال رئيس الدولة في هذه الحالة ؟ نشير إبتداءً إلى ان الدستور الفرنسي لعام 1958 قد اجاز هذا الجمع فنصت المادة (9) على أن (( يرأس رئيس الجمهورية مجلس الوزراء )) (60) . وكذلك فعل الدستور التونسي لعام 1959 في المادة (50) التي نصت على أن ((…. رئيس الجمهورية يرأس مجلس الوزراء )) وهذا ما أخذ به دستور العراق لعام 1970 في المادة (61/ فقرة 8 ) التي نصت على (( يرأس رئيس مجلس الوزراء اجتماعات مجلس الوزراء ولرئيس الجمهورية ان يرأس اجتماعات المجلس متى راى ذلك ))(61) . وعلى النهج ذاته سار دستور مصر عام 1971 في المادة (142) التي نصت على أن (( لرئيس الجمهورية حق دعوة مجلس الوزراء للانعقاد وحضور جلساته وتكون له رئاسة الجلسات التي يحضرها … )) . اما عن مدى مسؤولية رئيس الجمهورية في حالة الجمع بين رئاسة الدولة ورئاسة مجلس الوزراء ، فإن رئيس الجمهورية غير مسؤول في حالة الجمع بين المنصبين وذلك لأن صفته كرئيس الجمهورية تجب صفته كرئيس لمجلس الوزراء وبالتالي لا يمكن للبرلمان مساءلته بصفته رئيسا لمجلس الوزراء(62) . وهذا الوضع الشاذ حدى بالفقه الدستوري إلى القول بعدم دستورية الجمع بين المنصبين للأسباب الاتية :

ان النصوص التي تعطي لرئيس الجمهورية ان يجمع بين المنصبين ما هي الا رخصة اعطاها الدستور للرئيس ولا تعطي هذه النصوص حقا بالمعنى الفني المصطلح عليه في مجال القانون الدستوري ، فالاصل ان يجتمع مجلس الوزراء برئاسة رئيس مجلس الوزراء ، ولا يجوز الانتقال من التخصيص إلى التعميم(63) . هذا الجمع يجعل من رئيس الجمهورية حكما وخصما في الوقت نفسه لأن المفروض ان رئيس الدولة حكم بين السلطات عند قيام خلاف بينهما ، فإذا جمع بيـن رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة يصبح بالضرورة حكما وخصما في الوقت ذاته وهذا يتعارض مع المبادئ القانونية العامة الأمر الذي يقتضي بعدم جواز الجمع بين المنصبين(64) .
الجمع بين المنصبين يؤدي إلى اهدار مبدا ثنائية السلطة التنفيذية(65) ، وكذلك يؤدي إلى ايقاف العمل ببعض نصوص الدستور المتعلقة باختصاصات رئيس مجلس الوزراء وكذلك النصوص المتعلقة بمسؤولية رئيس مجلس الوزراء السياسية وذلك لأن رئيس الوزراء في حالة الجمع بين المنصبين هو رئيس الدولة وبالتالي لا يمكن مساءلته على اعتبار ان رئيس الدولة غير مسؤول سياسيا ، وبذلك سيتم تعطيل النصوص المتعلقة بالمسؤولية السياسية لرئيس الوزراء ومن ثم عدم العمل بالمسؤولية التضامنية للوزارة واعمال المسؤولية الفردية وهذا بحد ذاته غير جائز لانه يؤدي إلى تعديل في احكام الدستور بغير الطرق المحددة في الدستور(66) . في حين ذهب راي منفرد في الفقه إلى القول بجواز الجمع بين المنصبين وهذا الجمع بحد ذاته يتصف بالدستورية لأن رئيس الجمهورية هو الرئيس الفعلي لمجلس الوزراء سواء اقتصر علىمنصبه أو جمع بينه وبين منصب رئاسة الوزراء فضلاً عن توليه السلطة التنفيذية . ويستدرك الرأي السابق بالقول ان هذا الجمع يتعذر تطبيقه من الناحية العملية وذلك لاستحالة اقامة مسؤولية رئيس الجمهورية من قبل البرلمان بصفته رئيسا لمجلس الوزراء(67) . وبذلك نخلص الى نتيجة واحدة من الرأيين السابقين وهي عدم امكانية البرلمان من مساءلة رئيس الجمهورية في حالة الجمع بين منصب رئاسة الدولة ورئاسة الوزراء ، وهذا مما سيعمل على اختلال التوازن المفترض بين السلطات ولاسيما رئيس الدولة الذي يملك العديد من الصلاحيات يمارسها بصورة فعلية مع انعدام مسؤوليته السياسية في الدستور .

الصورة الثانية : ضعف رقابة البرلمان على اعمال الوزارة

يمارس البرلمان وظيفة سياسية تتمثل بممارسة نوع من الرقابة على الوزارة ، وعند ممارسة البرلمان لهذا النوع من الرقابة قد ينتهي الأمر إلى تقرير مسؤولية الوزارة ،والتي قد تكون مسؤولية فردية ، أو تضامنية ، ولا تقتصر الرقابة البرلمانية على اعمال السلطة التنفيذية على ما تتخذه هذه الأخيرة من اعمال بصفتها الحكومية وإنما تمتد لتشمل ما يصدر عنها بصفتها سلطة ادارية ، وهذا مفاده ان اعمال السيادة ( اعمال الحكومة ) تخضع لهذه الرقابة كونها من الاعمال الصادرة من السلطة التنفيذية(68) . ومما يشار اليه ان التقليل من فاعلية الرقابة البرلمانية أصبحت ظاهرة متواترة في اغلب النظم الدستورية وذلك اما بنص الدستور واما من خلال الواقع العملي ، وذلك بسبب النزعة المتفشية في النظم المعاصرة الرامية إلى تقوية نفوذ السلطة التنفيذية ممثلة برئيس الدولة لتمكينها من القيام بمهامها المتزايدة ،غير ان هذا الأمر ينبغي ان لا يسوغ للنيل من مقدرة البرلمان من القيام بدوره الرقابي بصورة أكثر فاعلية (69) . ويلاحظ ان الدستور الفرنسي لعام 1958 قد تبنى الفكر الديغولي الذي كان ينزع إلى تقوية مركز رئيس الجمهورية مع ( عقلنة البرلمان ) وكان من اثار ذلك اضعاف الرقابة البرلمانية بشكل ملحوظ فقد الغى الدستور الاستجواب (70) . واستعاض عنه بالاسئلة الشفهية(71)، فالدور الرقابي للبرلمان على اعمال الوزارة فقد دوره الأساسي دستوريا وذلك من خلال الغاء الاستجواب (72) . وقد نظمت المادتان (49 – 50 ) احكام المسؤولية الوزارية(*). وهذه المسؤولية تثار امام الجمعية الوطنية (73) . بموجب المادة (49) بطريقتين :

الاولى : اقتراح حجب الثقة : ويجب ان يتقدم باقتراح حجب الثقة ( عشر أعضاء الجمعية الوطنية ) على الاقل ولا يجوز الاقتراع الا بعد ( 48 ساعة ) من ايداعه ، ويتم احصاء الأصوات الموافقة على اقتراح اللوم دون غيرها ، ولا يمكن إقرار الاقتراع الا بعد موافقة أغلبية الأعضاء المكونين للجمعية الوطنية .

الثانية : طرح الحكومة الثقة بنفسها : وتتم بان يطرح الوزير الأول مسؤولية الحكومة امام الجمعية الوطنية بعد التداول في ذلك بمجلس الوزراء اما على أساس برنامج الحكومة (بيان السياسة العامة ) واما بناءً على نص قانوني ( مشروع قانون عادي ، أساسي ، أو مالي ) وتريد الحكومة الا يصوت عليه البرلمان فتقرر طرح الثقة بنفسها امام الجمعية الوطنية فإن حصلت على تاييد الجمعية عُدّ مشروع القانون موافقا عليه دون تصويت (74) . وتشير المادة (49) إلى انه لا يقبل اقتراح اللوم الا بعد مرور (24) ساعة من تقديمه وتم الاقتراع عليه بالموافقة ، ولا يتمكن الأعضاء الذين وقعوا على حجب الثقة ان يقوموا باعادة الطلب بحجب الثقة في حالة عدم الحصول على الأغلبية في نفس الدورة البرلمانية . ويلاحظ ان الدستور الفرنسي قد ميز بين طريقتين لحجب الثقة عن الوزارة ، ففي الحالة الاولى لا يشترط الدستور أغلبية خاصة لسحب الثقة لذا فالأغلبية البسيطة تعد كافية لحجب الثقة عن الوزارة ، اما في الحالة الثانية فان الدستور يفرض اجراءات معقدة ولا يمكن حجب الثقة عن الحكومة الا بالأكثرية المطلقة لأعضاء الجمعية الوطنية (75) . وبذلك فإن الدستور الفرنسي بوصفه هذه الإجراءات اراد بذلك وضع العراقيل امام البرلمان لحجب الثقة عن الوزارة ، ولم يتسن إعمال ( الطريقة الثانية ) لحجب الثقة الا في حالات نادرة وذلك بسبب الأغلبية المطلوبة لحجب الثقة ، فلم تسقط وفقا لهذه الطريقة سوى حكومة (G.POMPIDOU) وبذلك فقد اراد واضعو الدستور من نص المادة (49) الحد من دور البرلمان الرقابي(76) . اما بالنسبة لمسؤولية الوزارة امام مجلس الشيوخ فهي غير متحققة لأن نص المادة (49) لا يشترط سوى موافقة مجلس الشيوخ على بيان السياسة العامة للحكومة (77) . اما المادة (50) فقد اشارت إلى انه (( متى وافقت الجمعية الوطنية على الاقتراح باللوم أو متى رفضت برنامج الحكومة أو التصريح المتعلق بسياستها العامة ، يجب على الوزير الأول تقديم استقالة الحكومة إلى رئيس الجمهورية )) وبذلك فقد اضحى البرلمان غرفة لتسجيل مشاريع رئيس الجمهورية ليس الا لأن الأغلبية المسيطرة في البرلمان – كثيرا – ما يكون رئيس الجمهورية أحد زعمائها ، لذا فمسؤولية الوزارة اضحت من الناحية العملية متحققة امام رئيس الجمهورية إذ ان بقاء اي وزارة في الحكم مستند على رغبة رئيس الجمهورية وحده ، ولان رئيس الجمهورية هو زعيم الأغلبية البرلمانية فلا تستطيع هذه الأغلبية حجب الثقة من وزارة متمتعة بثقة رئيس الجمهورية (78) . وقد أخذ الدستور التونسي لعام 1959 بمسؤولية الحكومة امام مجلس النواب ، ولم يأخذ الدستور بالاستجواب كأحد الوسائل الفعالة لقيام المسؤولية الحكومة ، وإنما أخذ بالسؤال وهو بذلك قد سار على المسلك ذاته الذي سلكه دستور فرنسا لعام 1958 ، وقد ذكرت المادة (61) بان (( … لكل عضو بمجلس النواب ان يتقدم إلى الحكومة باسئلة كتابية أو شفاهية ، يمكن ان تخصص جلسة دورية للاسئلة الشفاهية لأعضاء مجلس النواب واجوبة الحكومة ، ….. كما يمكن تخصيص حصة من الجلسة العامة للاجابة عن الاسئلة الشفاهية بشان مواضيع الساعة ))(79). وقد اشترطت المادة (62) في لائحة اللوم التي يقدمها مجلس النواب ان تكون مقدمة من ثلث أعضاء المجلس على الاقل ، وان لا يقع الاقتراع عليها الا بعد مضي (48 ساعة ) من تقديمها ومن ثم يقبل رئيس الجمهورية استقالة الحكومة المقدمة من رئيسها إذا وافق على اللائحة الأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس ، وهذه المادة تؤدي إلى اضعاف دور البرلمان الرقابي تجاه الحكومة ويتضح ذلك من حيث الإجراءات والأغلبية المتطلبة لسحب الثقة من الوزارة ، ونجد ان الدستور التونسي قد بين بانه إذا صادق مجلس النواب على لائحة لوم ثانية بأغلبية ثلثي اعضائه ، فلرئيس الجمهورية السلطة التقديرية في قبول استقالة الحكومة أو ان يحل مجلس النواب وذلك إذا تمت المصادقة على اللائحة خلال المدة النيابية نفسها (80) . يتضح من ذلك الدور الكبير المعطى لرئيس الدولة تجاه البرلمان وكذلك تجاه الوزارة فله سلطة تقديرية في الابقاء على الحكومة أو حل البرلمان ، ولذا فالحكومة قد تسقط لمجرد انها لا تتمتع بثقة رئيس الدولة ، لا ثقة البرلمان ، وقد تبقى الحكومة في الحكم على الرغم من عدم تمتعها بثقة البرلمان. بل نجد ان الدستور التونسي قد ذهب ما هو ابعد من ذلك حينما نص في المادة (51)منه على أن (( رئيس الجمهورية ينهي مهام الحكومة أو عضو منها تلقائيا أو باقتراح من الوزير الأول )) والمادة (59) نصت على أن (( الحكومة مسؤولة عن تصرفها لدى رئيس الجمهورية )). من خلال النصوص المتقدمة تكون الحكومة مسؤولة فعلياً ودستوريا امام رئيس الجمهورية وفي هذا اضعاف اكيد لسلطة البرلمان في مساءلة الحكومة ولذا فقد استقر الوضع الدستوري التونسي على تكريس قاعدة تفوق وهيمنة المؤسسة الرئاسية على باقي مؤسسات الدولة (81) ، وبذلك يبقى الوزراء مسؤولين امام رئيس الجمهورية وحده يخضعون لسلطته وحده ايضا (82) . وقد أخذ الدستور المصري لعام 1971 بحق البرلمان في مساءلة الحكومة وذلك من خلال الأخذ بوسائل الرقابة العديدة إبتداءً من السؤال وانتهاءً بالمسؤولية الوزارية التضامنية والفردية (83) . وقد بينت المادة (127) احكام المسؤولية الوزارية إذ قضت بانه لمجلس الشعب(84) . ان يقرر بناءً على طلب عشر اعضائه مسؤولية رئيس مجلس الوزراء ، ويصدر القرار بأغلبية أعضاء المجلس ، ولا يجوز ان يصدر هذا القرار الا بعد استجواب موجه إلى الحكومة ، وبعد ثلاثة ايام على الاقل من تقديم الطلب وفي حالة تقرير المسؤولية يعد المجلس تقريراً يرفعه إلى رئيس الجمهورية متضمنا عناصر الموضوع وما انتهى اليه من رأي في هذا الشان وأسبابه ،ولرئيس الجمهورية ان يرد التقرير إلى المجلس خلال (10) ايام ، فإذا عاد المجلس إلى اقراره من جديد جاز لرئيس الجمهورية ان يعرض موضوع النزاع على الإستفتاء الشعبي ، ويجب ان يجري الإستفتاء خلال (30) يوماً من تاريخ الاقرار النهائي للمجلس ، وتوقف جلسات المجلس في هذه الحالة ، فإذا جاءت نتيجة الإستفتاء مؤيدة للحكومة اعتبر المجلس منحلا والا قبل رئيس الجمهورية استقالة الحكومة . من خلال ما سبق عرضه يتضح ان الدستور قد احاط عملية الرقابة على رئيس الوزراء بضمانات لا داعي لها في الواقع ، إذ ان المشرع قد افترض ان البرلمان قد يسيء إستخدام هذا الحق وهذا افتراض نظري محض لانه لم يحدث ولن يحدث في ظل العلاقات غير المتوازنة بين البرلمان والسلطة التنفيذية في مصر(85) . ومن الملاحظ ان الدستور لم يطلق على قرار مجلس الشعب في هذا الصدد تسمية سحب الثقة وإنما اطلق عليه (( قرار بمسؤولية رئيس مجلس الوزراء )) ومرد ذلك إلى السلطة التقديرية التي يتمتع بها رئيس الجمهورية في قبول استقالة رئيس مجلس الوزراء ، إذ ان تقرير مسؤولية الأخير لا يترتب عليها استقالته الحتمية بل اعطيت الكلمة النهائية لرئيس الدولة الذي يجوز له حال احتدام الخلاف بين الحكومة والبرلمان ان يعرض الأمر على الإستفتاء (86) . فتقرير مسؤولية الحكومة على النحو السابق يمر بمراحل طويلة ومعقدة مما يؤدي إلى ضياع المسؤولية التضامنية للوزارة وان الرجوع إلى الإستفتاء الشعبي لحسم النزاع بين مجلس الشعب والحكومة امر لا طائل منه ، لأن تاريخ الإستفتاء الشعبي في مصر يؤكد انه كان يطبق كمظهر بلا جوهر لاضفاء الشرعية على موضوعه (87) ، وتنظيم مسؤولية الحكومة بهذه الصورة المنصوص عليها في المادة (127) وإستخدام الإستفتاء الشعبي كأسلوب للفصل في تقرير المسؤولية أو عدمها يؤدي إلى صعوبة تحقيق رقابة السلطة التشريعية على الحكومة ولاسيما إذا ما علمنا عدم حياد عملية الإستفتاء ، لأن السلطة التنفيذية ذاتها هي المشرفة على عملية الإستفتاء، وهذا ما يخل بعملية الإستفتاء وحيادها ، لذا فالإستفتاء في هذه الحالة يعد سلاحا بيد رئيس الجمهورية لتعطيل الدور الرقابي لمجلس الشعب على اعمال الحكومة(88) . والواقع يشير إلى ان البرلمان المصري لم يسحب ثقته من اي حكومة منذ عام 1952 إذ لم تستقيل اية حكومة بناءً على سحب البرلمان الثقة منها ، وإنما جرت العادة على أن رئيس الجمهورية هو الذي يقيل الوزارة برمتها أو أحد اعضائها حتى ولو كانت حائزة على ثقة البرلمان (89) ، بل ان مسؤولية الحكومة امام رئيس الجمهورية تستند في الواقع إلى نص المادة (141) التي تنص على أن (( يعين رئيس الجمهورية رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم ويعفيهم من مناصبهم )) . ومقتضى هذا النص ان سلطة رئيس الجمهورية في اقالة رئيس مجلس الوزراء أو اي عضو من أعضاء الحكومة هي سلطة مطلقة لم يعلقها الدستور على اي شرط (90) .

اما القانون الأساسي العراقي لعام 1925 فأخذ ايضا بالمسؤولية الوزارية إذ جاء في المادة (66) بانه ((… فإذا قرر مجلس النواب عدم الثقة بالوزارة بأكثرية الأعضاء الحاضرين فعليها ان تستقيل …)) غير ان القانون الأساسي قد الزم مجلس النواب ((… ان يؤجل تصويت عدم الثقة مرة واحدة إلى مدة لا تتجاوز ثمانية ايام إذا طلب ذلك رئيس الوزراء أو الوزير المختص …))(91) . ومن خلال النص السابق اتيح للوزارة فرصة الضغط على النواب وتهديدهم ولاسيما وان نيابة معظمهم كانت منحة من الحكومة لاثقة الناخبين(92) ، والواقع السياسي قد ايد النص الدستوري إذ عجز مجلس النواب عن ممارسة دوره الرقابي في الوقت الذي اسرفت الوزارة بإستخدام سلاح الحل ، فقد كان اكثار الوزارات من حل مجلس النواب من الأسباب التي أدت إلى عجز المجلس عن اداء وظيفته الرقابية ذلك لأن اغلب الوزارات قد عمدت فور تاليفها إلى حل مجلس النواب القائم ، اما رغبة في التخلص من العناصر المعارضة في هذا المجلس أو تنفيذا لرغبة الملك(93) ، ولم يستطع اي مجلس خلال فترة نفاذ القانون الأساسي من عام 1925 – 1958 ان يسحب الثقة من الوزارة رغم قيام ما يستوجب ذلك في كثير من الاحيان بينما افرطت الوزارات في إستخدام حق الحل(94) . ولكن هل هذا الحال يعني سقوط قاعدة المسؤولية الوزارية في العراق خلال العهد الملكي انذاك؟ ان عدم إستعمال مجلس النواب حقه في مساءلة الوزارة أو الوزير المختص لم ينجم عنه الغاء هذا الحق بعرف مسقط ما دامت متوفرة شروط تطبيق المادة (66) ، فعدم العمل بهذا الحق حتى سقوط القانون الأساسي عام 1958 لم يقم الإعتقاد بلزومه لدى الرأي العام ، وإنما ظل مجمدا طوال حقبة النظام الملكي(95) . إذن لم تكن مسؤولية الوزارة تثار امام مجلس النواب ، غير ان مسؤولية الوزارة الفردية والتضامنية كانت متحققة امام الملك عملاً ، إذ ان مجالس النواب كانت تتهيب من حجب الثقة عن الوزارة المتمتعة بثقة الملك ، فكما ان ثقة الملك كان أساس اختيار رؤساء الوزارات فإن هذه الثقة كانت ايضا أساس بقائهم في الحكم . فممارسة المسؤولية السياسية تحولت – مع اختلاف في الشكل – من مجلس النواب إلى الملك ، وبذلك فإن الوزارة مسؤولة عن اعمالها امام الملك وحده(96) .

اما دستور العراق لعام 1970 فقد عمل على الانتقاص من اختصاص البرلمان الرقابي وكان هذا نتيجة لتركيز السلطة بين يدي رئيس الدولة، إذ نصت المادة (59/ ب) من الدستور على أن (( للمجلس الوطني دعوة اي عضو من أعضاء مجلس الوزراء للاستيضاح منه أو استجوابه )) . اما قانون المجلس الوطني رقم 26 لسنة 1995 فقد جاء فيه (( يتولى المجلس الوطني مناقشة سياسة الدولة العامة الداخلية والخارجية ))(97) و (( للمجلس دعوة اي عضو من أعضاء مجلس الوزراء للاستيضاح منه أو استجوابه وفقا لاحكام النظام الداخلي للمجلس))(98)، في حين نصت المادة (58) من قانون المجلس الوطني(99) على أن (( للمجلس الوطني عند الاقتضاء ان يرفع إلى رئيس الجمهورية رايه في ضوء النتائج التي توصل اليها عن طريق سؤال أو استجواب اي عضو من أعضاء مجلس الوزراء وفق احكام المادة (57) من هذا القانون )) ، ونصت المادة (59) بان (( اولا – لرئيس الجمهورية ان يطلب من المجلس الوطني ولجانه المختصة القيام بما يأتي : ا …… ب – استدعاء رئيس مجلس الوزراء أو اي من الوزراء واي موظف في الدولة للتحقيق معه عن القضية التي احيل من اجلها على المجلس والتحري عن الحقيقة . ثانيا- للمجلس في ضوء النتائج التي توصل اليها ان يوصي بما هو مناسب بحق الاشخاص الذين تثبت مسؤوليتهم….)) في حين نصت المادة (60) من القانون المذكور((لرئيس المجلس الوطني ان يقترح محاسبة الوزير ومن هو بدرجته امام رئيس الجمهورية عن ادلائه بمعلومات غير دقيقة امام المجلس الوطني مع علمه بذلك أو امتناعه عمدا عن الادلاء بالمعلومات التي يطلب اليه بيانها الا إذا كانت هذه المعلومات مما يحظر عليه الادلاء بها بحكم وظيفته )) . من خلال استقراء النصوص السابقة يتضح ان المسؤولية الواردة في النصوص السابقة هي المسؤولية الفردية فقط جنائية أم سياسية وقد اشار قانون مجلس الوزراء رقم 20 لسنة 1991 في المادة (21/ثانيا) بان لا يؤدي اعفاء رئيس مجلس الوزراء من منصبه إلى اعفاء نوابه والوزراء من مناصبهم ، لذا فإن تطبيق المسؤولية التضامنية للوزارة وسحب الثقة منها امر بعيد التطبيق فالمجلس الوطني لا يستطيع سحب الثقة من الوزراء بشكل جماعي لعدم وجود نص يخوله ذلك(100) . بل ان المسؤولية الفردية للوزراء امام المجلس الوطني غير متحققة بصورة فعلية فالنصوص بينت بان (( يرفع إلى رئيس الجمهورية رايه )) م 58 من القانون المذكور أو ((يوصي بما هو مناسب )) م 59 من القانون أو ان رئيس المجلس الوطني (( يقترح محاسبة الوزير ومن هو بدرجته أمام رئيس الجمهورية )) م60 من القانون وكل من الاراء والتوصيات والمقترحات غير ملزمة لرئيس الجمهورية فله السلطة التقديرية في ذلك(101) ، وهذا ما افرزه الواقع فالمسؤولية الفردية للوزراء لم تحرك الا مرة واحدة وذلك في عام 1988(102) ، لذا فالمسؤولية الوزارية الفردية أم التضامنية متحققة امام رئيس الجمهورية فقط وهي متحققة من الناحية النصية والفعلية فقد نص الدستور في المادة (58/ د) على أن ((يمارس رئيس رئيس الجمهورية الصلاحيات التالية : …….د- تعيين رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء واعفائهم من مناصبهم ))

بل ان الدستور قد ذهب إلى ابعد من ذلك حيث نص في المادة (59) بان (( نواب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء مسؤولون عن اعمالهم امام رئيس الجمهورية وله احالة اي منهم إلى المحاكمة وفقا لاحكام الدستور ، عن الاخطاء الوظيفية التي يرتكبها وعن إستغلال السلطة أو التعسف في إستعمالها ))

وبهذا النص يكون الدستور قد جرد البرلمان العراقي من أي اختصاص رقابي فعال لاثارة المسؤولية السياسية للوزارة ، مع الاشارة بان المجلس الوطني لم يتضمن أي طرف معارض لسياسة الحكومة أو الحزب الحاكم أو النظام الذي كان قائما انذاك ، إذ ان المعارضة كانت محظورة والمجلس الوطني لم يكن الا تعبيرا عن ارادة السلطة الحاكمة ، ومع ذلك فالدستور قيد الاختصاص الرقابي للمجلس الوطني بدرجة كبيرة وبذلك اراد شخص الحاكم ان ينفرد في ممارسة السلطة وان ينفرد في مساءلة الوزراء الذين كانوا على ذات نهجه ومنفذين لسياسته وارادته ، وقد تحقق له ذلك نصاً وعملاً .

____________________

1- د. حسان محمد شفيق العاني : دستور الجمهورية الفرنسية الخامسة –نشأته تفاصيله مستقبله للحريات العامة- ، بغداد ، 2005 ، ص 51 – 52، د. محمد السناري : القانون الدستوري – نظرية الدولة والحكومة – ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1995 – 1996 ، ص . 89 .

2- د.محمود حسين علي : أسس الديمقراطية المعاصرة ، مجلة القانون المقارن ، العدد (3) ، بغداد ،
2001 ، ص 162 – 164 ويشير الفقه إلى أهم الأسباب التي تؤدي إلى اضعاف دور البرلمان والمتمثلة بالاتي :

أ- عدم ثقة الناخبين في نتائج الإنتخابات، لأن الناخب يعلم مقدما فوز المرشح الحكومي

هيمنة وقوة السلطة التنفيذية في تصريف الامور وبالتالي هيمنتها على عملية الإنتخابات ذاتها ومن ثم اتخاذها لجميع القرارات التي تهم السياسة الداخلية والخارجية للدولة وفي هذا اضعاف اكيد لدور البرلمان.

عدم مسؤولية رئيس الدولة امام البرلمان في الوقت الذي يلعب فيه الدور المحوري في توجيه السياسة الداخلية والخارجية

خشية البرلمان من سلاح الحل ولذلك يسعى أعضاء البرلمان إلى الحفاظ على قدر من العلاقات المتوازنة مع السلطة التنفيذية حتى في نطاق إستخدامه لوسيلته الفعاله والمتمثلة بالرقابة على اعمال السلطة التنفيذية .

لمزيد من التفاصيل ينظر د.علي الصاوي : مستقبل البرلمان في العالم العربي ،القاهرة ،دار النهضة العربية ،2000 ،ص15-17 د. عبدالله ناصف : مدى توازن السلطة السياسية مع المسؤولية ، المصدر السابق ، ص 220 -223 .

3- ولابد لنا من الاشارة إلى ان المواد المذكورة اعلاه ليست هي الوحيدة التي تعطي للقانون الحق في تنظيمها بل ان الدستور قد يشير إلى مسائل اخرى في الدستور لابد من تنظيمها بواسطة القانون ومنها على سبيل المثال : المادة (4) الخاصة بالأحزاب والتجمعات السياسية، المادة (35) الخاصة باعلان الحرب ، المادة (36) الخاصة بالاحكام العرفية ، المادة (53) الخاصة بالمعاهدات …

4- وذلك على أثر تعديله عام 1997 وعام 2002 .

5- وقد اوجب دستور تونس تنظيم حالات اخرى بموجب القانون غير المذكور اعلاه ومنها على سبيل المثال المادة (18) الخاصة بالأحزاب السياسية ، المواد ( 9 ، 10 ، 13 ، 14 ) الخاصة ببعض حقوق المواطنين ، المواد (18 – 20) الخاصة بإنتخاب أعضاء البرلمان ، المادة (32) الخاصة بالمعاهدات ، المادة (47) الخاصة بالقوانين الاستفتائية.

6- د.وسام صبار العاني : الاختصاص التشريعي للادارة في ظل الظروف العادية ، بغداد ، مطبعة الميناء،
2003، ص121 .

7- د . محسن خليل : علاقة القانون باللائحة ، مجلة الحقوق ، سنة ( 14) ، العدد ( 3، 4) ،جامعة
الاسكندرية ، 1969، ص 5 .

8- د. عبد الحميد متولي ، د. محسن خليل ، د. سعد عصفور: القانون الدستوري والنظم السياسية ، الإسكندرية ، منشأة المعارف ، بلا سنة طبع ، ص 210 .

9- د.عبد الحميد متولي واخرون : المصدر نفسه ،ص 210 – 211 ، د. محسن خليل : علاقة القانون باللائحة ، مجلة الحقوق ، السنة (14) ، العدد (3-4) ، جامعة الإسكندرية ، 1969 ، ص 4 .

10- جورج فيدل ، ييير دلفولفيه : القانون الاداري ، ترجمة منصور القاضي، الجزء الأول ، ط1، بيروت ، المؤسسة الجامعية، 001 2، ص29، د.حسان محمد شفيق العاني : دستور الجمهورية الفرنسية ، المصدر السابق ،ص 67- وما بعدها .

11- د. محمود محمد حافظ : القرار الاداري ، القاهرة ، دار النهضة العربية ،1993،ص241 .

12- د. سامي جمال الدين : اللوائح الادارية وضمانة الرقابة القضائية ، الاسكندرية ، منشاة المعارف ، 2003 ،ص151.

13- د. سامي جمال الدين : المصدر نفسه ، ص207 ، جورج فيدل ، بيير دلفولفيه : القانون الإداري ، ترجمة منصور القاضي ، الجزء الأول ، ط1 ، بيروت ، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 2001 ص33-35 .

14- د. محمود محمد حافظ : القرار الإداري ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1993 ، ص243 .

15- د. وسام صبار العاني : الاختصاص التشريعي للإدارة في الظروف العادية، بغداد ، مطبعة الميناء ، 2003 ، ص 163.

16- د. عبد الوهاب معطر: مشروع الاصلاح الدستوري الجوهري ، قراءة قانونية http://www.tunisie 2004 . net

17- د. زهير شكر : الوسيط في القانون الدستوري –القانون الدستوري والمؤسسات السياسية – ، الجزء الأول ، ط3 ، بيروت ، المؤسسة الجامعية ، 1994، ص309 .

18- د. ادمون رباط : الوسيط في القانون الدستوري العام ، الجزء الأول، ط2 ، بيروت ، دار العلم للملايين ، 1968، ص369- 370 .

19- د.عبد الحميد متولي واخرون : المصدر السابق ، ص221 .

20- د. ادمون رباط : الوسيط في القانون الدستوري العام ، الجزء الأول ، المصدر السابق ، ص349 .

21- تنص المادة (13) على أن (( يوقع رئيس الجمهورية على المراسيم والاوامر التي يقرها مجلس
الوزراء …)) .

22- سالم كرير المرزوقي: التنظيم السياسي والاداري بالبلاد التونسية، ط6، تونس، مكتبة المنار، 2000، ص88 .

23- د. عبد الوهاب معطر : مشروع الاصلاح الجوهري ، http://www.tunise .2004.net

24- سالم كرير المرزوقي : التنظيم السياسي والإداري بالبلاد التونسية ، ط6، تونس، مطبعة المنار ، 2000، ص112-113 .

25 د. ماجد راغب الحلو : القانون الدستوري ،الاسكندرية ، منشاة المعارف ، 1973 ، ص141 ،
د. يحيى الجمل : النظام الدستوري في جمهورية مصر العربية ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1974، ص195 .

26- اورد هذا الرأي د. ماجد راغب الحلو : المكان نفسه .

27- د. سعد عصفور : النظام الدستوري المصري (دستور سنة 1971) ، الإسكندرية، منشأة المعارف ، 1981 ، ص 248 .

28- د. حميد حنون خالد الساعدي : مبادىء القانون الدستوري وتطور النظام السياسي في العراق ، الموصل ، مطبعة دار الحكمة للطباعة والنشر ، 1990 ، ص 146 .

29- د. مصطفى كامل : شرح القانون الدستوري والقانون الأساسي العراقي ، بغداد ، مطبعة السلام ، 1947 – 1948 ، ص 63 – 64 .

30- نصت المادة (65) (( مجلس الوزراء هو القائم بادارة شؤون الدولة ……… ويعرض رئيس الوزراء ما يقرره المجلس على الملك للمصادقة عليه )) .

31- د. فائز عزيز اسعد : انحراف النظام البرلماني في العراق ، بغداد ، مطبعة السندباد ، 1984 ،
ص 147 – 149 .

32- د. حميد حنون خالد الساعدي : مبادئ القانون الدستوري وتطور النظام السياسي في العراق ، الموصل ، دار الحكمة للطباعة والنشر ، 1990، ص 164 .

33- د. رعد ناجي الجدَّة : التشريعات الدستورية في العراق ، بغداد ، بيت الحكمة ، 1998، ص 136 .

34- من المواد التي ركزت السلطة التشريعية والتنفيذية بيد رئيس الجمهورية المواد (44، 57، 58، 62 ) .

35- المادة (53) من القانون .

36- المادة (54) من القانون .

37- المادة ( 43/ فقرة ج ) .

38- المادة ( 43/ ز ) .

39- ينظر : جابر جاد نصار : الاستفتاء الشعبي والديمقراطية ، أطروحة دكتوراه ، جامعة القاهرة ، كلية الحقوق ، 1992 ، ص22-وما بعدها .

40- د. محسن خليل : القانون الدستوري والنظم السياسية ، الإسكندرية ، منشأة المعارف ، 1987، ص661 ، د. ماجد راغب الحلو : الاستفتاء الشعبي والشريعة الإسلامية ، الإسكندرية ، دار المطبوعات الجامعية ، 2004، ص 448 .

41- جابر جاد نصار : المصدر السابق ، ص501 .

42- يلاحظ ان جميع الإستفتاءات التي جرت في فرنسا إنما تمت وفقا للمادة (11) وهذه الإستفتاءات كالاتي:

– إستفتاء 11 يناير 1961 الخاص بالجزائر وتم في عهد الرئيس ( CH. DEGAULLE ) .

– إستفتاء 8 ابريل 1962 الخاص بالتصديق على اتفاقيات ايفان وتم في عهد الرئيس ( CH. DEGAULLE ).

– إستفتاء 28 اكتوبر 1962 الخاص بتعديل طريقة إنتخاب رئيس الجمهورية وتم في عهد الرئيس ( CH. DEGAULLE ) .

– إستفتاء 27 ابريل 1969 الخاص بتعديل بعض نصوص الدستور وعلى اثره استقال الرئيس ( CH.DEGAULLE ) من منصبه .

– إستفتاء 22 ابريل 1972 الخاص بقبول بريطانيا وايرلندا والدنمارك والنرويج في السوق الاوربية وتم في عهد الرئيس ( G. POHMPIDOU )

– إستفتاء 6 نوفمبر 1988 الخاص بمقاطعة توفيل كالدونيا و إستقلالها وتم في عهد الرئيس (F. MITTERRAND ) وهو الإستفتاء الوحيد الذي قدم كمشروع من الوزير الأول في حين ان جميع الإستفتاءات السابقة كانت مشاريعها تقدم من رئيس الجمهورية .

– إستفتاء 22 سبتمبر 2000 الخاص بتعديل مدة ولاية رئيس الجمهورية وتم في عهد الرئيس ( J. CHIRAC )

– إستفتاء 30 مايو 2005 الخاص بالتصديق على دستور الاتحاد الاوربي والذي رفض من قبل الشعب الفرنسي بالأغلبية (55.6%) والذي تم في عهد الرئيس ( J. CHIRAC ) ، ينظر د. حسان محمد شفيق العاني : دستور الجمهورية الفرنسية الخامسة –نشأته تفاصيله مستقبله للحريات العامة- ، بغداد ، 2005 ،ص84 – 85.

جابر جاد نصار : المصدر السابق : ص255 – وما بعدها ،

BENOIT JEANNEAU: OP. CIT، P. 184 .

وينظر كذلك ازمة رفض الدستور الاوربي http://www.alarabiya.net

43- اورد هذا الرأي عن الفقه الفرنسي جابر جاد نصار : المصدر السابق ، ص 179.

44- ينظر: د. محسن خليل : القانون الدستوري والنظم السياسية، المصدر السابق ، ص628 ، د. ماجد
راغب الحلو : الإستفتاء الشعبي ، المصدر السابق ، ص214 – 215 .

45- د. ماجد راغب الحلو : المصدر نفسه ، ص212 – 213 ، جابر جاد نصار : المصدر السابق ،
ص190 ، 192 .

46- ابتهال كريم عبد الله : الاستفتاء الشعبي ، رسالة ماجستير ، جامعة بابل ، كلية القانون، 2003، ص 74 .

47- اورد هذا الرأي سالم كرير المرزوقي : المصدر السابق ، ص 117 .

48- د. عبد الوهاب معطر : مشروع الاصلاح الجوهري ، Http : // www. Tunisie 2004 .net

49- د. محمد المجذوب : القانون الدستوري والنظام السياسي في لبنان (واهم النظم الدستورية والسياسية في العالم) ، ط4 ، بيروت ، منشورات الحلبي الحقوقية، 2002 ، ص114 .

50- د. مطهر علي صالح انقع : جرائم الخيانة العظمى في التشريع اليمني ، القاهرة ،
دار النهضة العربية ، 2003 ، ص 62 .

51- د. محمد المجذوب : المصدر السابق ، ص115 .

52- وعدم مسؤولية رئيس الجمهورية في النص الدستوري الفرنسي يشمل عدم المسؤولية المدنية والجنائية في شان الجرائم التي يرتكبها في ممارسته لوظيفته وعدم المسؤولية السياسية . د. عبد الله ناصف : مدى توازن السلطة السياسية مع المسؤولية في الدولة الحديثة ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1981 ، ص192-193 .

53- ينظر كاظم علي الجنابي :المسؤولية السياسية لرئيس الدولة في النظام البرلماني ، اطروحة دكتوراه ، جامعة بغداد ، كلية القانون ،2000 ،ص 107 – 109، د. عبد الله ناصف : مدى توازن السلطة السياسية مع المسؤولية ، المصدر السابق ، ص125 .

Benoit Jeanneau: op. cit، p. 174.

54- د. عبد الحميد متولي ، د. محسن خليل ، د. سعد عصفور: القانون الدستوري والنظم السياسية ، الإسكندرية ، منشأة المعارف ، بلا سنة طبع ، ص205-206 ، د. سعد عصفور : النظام الدستوري المصري (دستور سنة 1971) ، الإسكندرية، منشأة المعارف ، 1981، ص 86 ، د. يحيى الجمل : النظام الدستوري في جمهورية مصر العربية ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1974، ص509 .

Claude Leclercq: op. cit، p. 297 – 298 .

55- د. عمرو فؤاد احمد بركات : المسؤولية السياسية لرئيس الدولة في الأنظمة الدستورية المقارنة ، القاهرة ، بلا سنة طبع ، ص 36 – 38 ، 93 ، وما بعدها، كاظم علي الجنابي : المسؤولية السياسية لرئيس الدولة في النظام البرلماني ، أطروحة دكتوراه ، جامعة بغداد ، كلية القانون ، 2000،ص110 – 111، 114-115 .

56- لقد جاء النص هكذا بعد تعديل المادة عام 2002 .

57- د. عبد الوهاب معطر : مشروع الاصلاح الجوهري ، المصدر السابق http : // www. tuniese . net

58- د. عمرو فؤاد أحمد بركات : المسؤولية السياسية لرئيس الدولة في الأنظمة الدستورية المقارنة ، القاهرة ، بلا سنة طبع، ص55 ، وينظر بهذا المعنى ، د. ماجد راغب الحلو : القانون الدستوري ، الإسكندرية ، مؤسسة شباب الجامعة ، 1973، 157 د. يحيى الجمل : النظام الدستوري في جمهورية مصر العربية ، المصدر السابق ، ص 165 ، د. محسن خليل : النظم السياسية والدستور اللبناني ، بيروت ، دار النهضة العربية ، 1973، ص 277 . عبد الحميد متولي ، د. محسن خليل ، د. سعد عصفور: القانون الدستوري والنظم السياسية ، الإسكندرية ، منشأة المعارف ، بلا سنة طبع، ص 205.

59- د. عبد الله ناصف : مدى توازن السلطة السياسية مع المسؤولية في الدولة الحديثة ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1981، ص 225- وما بعدها .

60- لم يحدث ان ثار الخلاف في الفقه الفرنسي حول جواز ترأس رئيس الجمهورية لمجلس الوزراء ينظر د.
عبد الله ناصف : مدى توازن السلطة السياسية مع المسؤولية : المصدر السابق ، ص433 .

61- لقد تم استحداث مجلس الوزراء في التعديل الأول للدستور في 22/7/1973 وقد تم الجمع بين منصب رئاسة الدولة ورئاسة مجلس الوزراء حتى عام 1991 ، إذ صدر قانون مجلس الوزراء رقم 20 لسنة 1991 والمرسوم الجمهوري رقم 86 في 23/3/1991 القاضيان بفصل رئاسة الدولة عن رئاسة مجلس الوزراء وتم تشكيل أول مجلس وزراء برئاسة سعدون حمادي وعضوية 21 وزير وبذلك تحققت ولاول مرة ثنائية السلطة التنفيذية ، غير ان رئاسة مجلس الوزراء ادمجت مع رئاسة الجمهورية مرة اخرى في 29/5/1994، ينظر ساجد أحميد عبل الركابي : المسؤولية السياسية لرئيس الدولة في الأنظمة السياسية العربية ، أطروحة دكتوراه ، جامعة بغداد ، كلية العلوم السياسية ، 2000 ، ص332-333 . حتى عام 2003

62- كاظم علي الجنابي : المسؤولية السياسية لرئيس الدولة في النظام البرلماني ، أطروحة دكتوراه ، جامعة بغداد ، كلية القانون ، 2000، ص142 .

63- د. فؤاد العطار : النظم السياسية والقانون الدستوري ، ط2 ، القاهرة ، دار النهضة العربية ،1974 ، ص644 .

64- د. إبراهيم عبد العزيز شيحا : القانون الدستوري – تحليل النظام الدستوري المصري في ضوء المبادئ الدستورية العامة – ، بيروت ، الدار الجامعية ، 1983 ، ص694 .

65- د. إبراهيم عبد العزيز شيحا : المكان نفسه ، د. عبد الله ناصف : مدى توازن السلطة السياسية مع المسؤولية ، المصدر السابق ، ص434 .

66- ، د. عبد الله ناصف : المكان نفسه، د. فؤاد العطار : المصدر السابق ، ص644-645

67- د. عمرو فؤاد أحمد بركات : المسؤولية السياسية لرئيس الدولة في الأنظمة الدستورية المقارنة ، القاهرة ، بلا سنة طبع، ص45-47 .

68- د. ايهاب زكي سلام : الرقابة السياسية على اعمال السلطة التنفيذية في النظام البرلماني ، القاهرة ، عالم
الكتب ، 1983 ،ص10

69- د. محمد باهي ابو يونس : الرقابة البرلمانية على اعمال الحكومة في النظامين المصري والكويتي ،
الاسكندرية ، الدار الجامعية الجديدة للنشر ، 2002 ، ص 9 ولابد لنا من الاشارة إلى ان المقصود
بالمسؤولية في هذا البحث هي المسوؤلية السياسية التضامنية دون الفردية .

70- يعد الاستجواب من امضى وسائل الرقابة البرلمانية واشدها على الحكومة خطورة وذلك لانه اجراء ذو طبيعة اتهامية اي انه يحمل في ثناياه اتهام للوزارة ككل أو لأحد الوزراء ثم انه ذو أثر عقابي شديد الباس إذ انه ينتهي – غالبا – إلى تحريك مسؤولية الوزارة أو سحب الثقة من أحد الوزراء ، ينظر د. محمد باهي ابو يونس : المصدر نفسه ، ص 125 .

71- فالسؤال يعد من الوسائل الرقابية الا انه لا يعني سوى استفسار عضو البرلمان من الوزير المختص أو من رئيس الحكومة عن حقيقة امر معين خاص باعمال الوزارة فهو في مرتبة دون الاستجواب ولا يحمل في طياته تهمة موجهة للوزارة ، د. إيهاب زكي سلام : الرقابة السياسية على أعمال السلطة التنفيذية في النظام البرلماني ، القاهرة ، عالم الكتب ، 1983، ص 27 .

72- موريس دوفرجيه : المؤسسات السياسية والقانون الدستوري ، ترجمة د. جورج سعد، بيروت ، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ، 1992، ص 139 – 140 .

(*) لم يأخذ الدستور الفرنسي لعام 1958 بالمسؤولية الفردية للوزراء وإنما أخذ بالمسؤولية التضامنية فقط .

73- يتكون البرلمان الفرنسي من مجلسين (الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ) تنظر المادة (24) من الدستور .

74- د. زهير شكر : الوسيط في القانون الدستوري –القانون الدستوري والمؤسسات السياسية – ، الجزء الأول ، ط3 ، بيروت ، المؤسسة الجامعية ، 1994، ص 312 .

Claude Lecaercq: op. cit، p. 303-304 .

75- أندريه هوريو : القانون الدستوري والمؤسسات السياسية ، ترجمة علي مقلد ، شفيق حداد وعبد الرحمن سعد ، الجزء الثاني، بيروت ، الأهلية للنشر والتوزيع ، 1977 ، ص 357 – 358 .

76- د. حسان محمد شفيق العاني : دستور الجمهورية الفرنسية الخامسة –نشأته تفاصيله مستقبله للحريات العامة- ، بغداد ، 2005 ، ص 33 – 34، د. زهير شكر : المصدر السابق ، ص 284 .

77- د. محسن خليل : القانون الدستوري والنظم السياسية ، الإسكندرية ، منشأة المعارف ، 1987، ص 641.

78- بل قد تثار مسؤولية الحكومة ويتم الاقتراع بالثقة عليها الا ان رئيس الجمهورية يقرر الاحتفاظ بتلك الوزارة كما حدث مع حكومة ( ميشيل دوبريه ) ، د. حسان محمد شفيق العاني : دستور الجمهورية الفرنسية ، المصدر السابق ، ص 34 ، اندريه هوريو : القانون الدستوري والمؤسسات السياسية ، الجزء الثاني ، المصدر السابق ، ص 337 ، موريس دوفرجيه : المؤسسات السياسية والقانون الدستوري ، المصدر السابق ، ص 215

79- اقام المشرع التونسي مسؤولية الحكومة امام مجلس النواب فقط دون مجلس المستشارين ، فالبرلمان التونسي يتكون من المجلسين السابقين تنظر المادة (18) من الدستور .

80- تنظر المادة (63) من الدستور.

81- د. عبد الوهاب معطر : مشروع الاصلاح الجوهري المصدر السابق http: // www . tunisie 2004 . net

82- طه حميد حسن العنبكي : النظام السياسي التونسي 1956 – 1989 ، رسالة ماجستير ، جامعة بغداد ، كلية العلوم السياسية ، 1992، ص 71

83- لقد بينت المواد ( 124 – 133 ) حق البرلمان في مساءلة الحكومة .

84- يتكون البرلمان المصري من مجلس الشعب فقط اما مجلس الشورى فلا يعد سوى مجلس استشاري لا يتمتع باي صلاحيات تشريعية أو رقابية فعلية لذا فهو لا يعد المجلس الثاني في تكوين البرلمان ، ينظر
د. إبراهيم عبد العزيز شيحا : النظم السياسية – الدول والحكومات- ، الإسكندرية، منشأة المعارف ، 2003، ص 137 – 138 ، . د. عصمت عبد الله الشيخ : النظم السياسية ، ط2 ، القاهرة ، دار النهضة العربية، 1998 – 1999، ص 137 – 138، د. ع عبد الله ناصف : مدى توازن السلطة السياسية مع المسؤولية في الدولة الحديثة ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1981 ، ص 339

85- د. يحيى الجمل : النظام الدستوري في جمهورية مصر العربية ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1974، ص 234.

86- د. عبد الله ناصف : مدى توازن السلطة السياسية مع المسؤولية ، المصدر السابق ، ص 385 ،
د محمد انس قاسم جعفر : النظم السياسية والقانون الدستوري ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1999، ص 507 .

87- جابر جاد نصار : الاستفتاء الشعبي والديمقراطية ، أطروحة دكتوراه ، جامعة القاهرة ، كلية الحقوق ، 1992، ص 239 .

88- جابر جاد نصار :المصدر نفسه، ص240

89- د. عبد الله ناصف : مدى توازن السلطة السياسية مع المسؤولية ، المصدر السابق ، ص 391 د. ايهاب زكي سلام : المصدر السابق ، ص 187 – وما بعدها

90- د. عبد الله ناصف :المصدر نفسه، ص 390 – 391

91- أخذ القانون الأساسي بالمسؤولية الفردية للوزراء في المادة (54) واقامها ايضا امام مجلس النواب فالبرلمان العراقي انذاك يتكون من مجلسي النواب والاعيان تنظر المادة (28)

92- د. صالح جواد الكاظم ، د. علي غالب ، د. شفيق عبد الرزاق السامرائي : النظام الدستوري في العراق ، بغداد ، مؤسسة دار الكتب للطباعة والنشر ، 1980 – 1981، ص18

93- مروج هادي الجزائري : الحقوق المدنية والسياسية وموقف الدساتير العراقية منها، رسالة ماجستير ، جامعة بغداد ، كلية القانون ، 2004، ص87 .

94- د. احسان حميد المفرجي ، د. كطران زغير نعمة ، د. رعد ناجي الجدّة : النظرية العامة في القانون الدستوري والنظام الدستوري في العراق ، بغداد ، دار الحكمة ، 1990 ، ص339 .

95- د. سعد عبد الجبار العلوش : سقوط القاعدة الدستورية بعدم الإستعمال ، مجلة كلية النهرين للحقوق ، المجلد (5) ، العدد (8) ، بغداد ، 2001 ، ص160-161.

96- د. فائز عزيز اسعد : انحراف النظام البرلمان في العراق ، بغداد ، مطبعة السندباد ، 1984، ص241 ، علي جاسم العبيدي : رئيس الدولة في العراق 23 آب 1923 – 16 تموز 1968، أطروحة دكتوراه ، جامعة بغداد ، كلية القانون والسياسة ، 1983 ،ص216 – 217 .

97- المادة (56) من القانون

98- المادة (57/اولا) من القانون

99- يتكون البرلمان العراقي في ظل دستور 1970 من المجلس الوطني فقط، تنظر المادة (47) من الدستور

100 ساجد احميد عبل الركابي : المصدر السابق ، ص335-336

101- د. حميد حنون خالد الساعدي : مبادئ القانون الدستوري وتطور النظام السياسي في العراق ، الموصل ، دار الحكمة للطباعة والنشر ، 1990، ص218 .

102- ساجد أحميد عبل الركابي : المسؤولية السياسية لرئيس الدولة في الأنظمة السياسية العربية ، أطروحة دكتوراه ، جامعة بغداد ، كلية العلوم السياسية ، 2000، ص335 .

المؤلف : علي سعد عمران
الكتاب أو المصدر : ظاهرة تقوية مركز رئيس الدولة في بعض النظم الدستورية
الجزء والصفحة : ص59-84

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .