بحث ودراسة قانونية حول أثر انتقال الكويت الى نظام السجل العقاري العيني على التملك بدعاوى الحيازة .

The Impact of Kuwait’s transition to the real estate registry system in the case of acquisition, on the grounds of possession

أ. هشام العبيدان، أستاذ منتدب لدى كلية الدراسات التجارية في الكويت

Hisham Al- Obaidan, Delegated Lecturer at the College of Business Studies – Kuwait

Abstract

Through this research, I try to remove the almost applied practical ambiguity about possession claim that leads to the ownership of Kuwaiti real estate. Possessor will have a title regardless of whether the original right of title is proven or not, or even the absence of a legal reason for possession from its basis.

The legal nature of this claim has become more ambiguous after Kuwaiti real estate system has come under the physical real estate registry system in accordance with the Law No. 21 of 2019.

Consequently, it was necessary to clarify the provisions related to possession claims in the light of the law of the register of 2019. Also to discuss the constitutional rules imposed by the Constitution of the State of Kuwait, in light of the same general rules and the principles relating to possession claim.

Key Words: Possession Claim, Real Estate Title, Presumption of Ownership, Long Obsolescence, Personal Real Estate Registry, Physical Real Estate Registry.

مُلخَّص

نُحاوِل من خلال هذا البحث إزالة الغموض العملي شبه المُطْبِق حول دعوى الحيازة التي تؤدِّي إلى تملُّك العقار الكويتي بمجرَّد مرور مدَّة التقادم الطويل على حيازة العقار، ذلك بغضِّ النظر عن ثبوت أصل الحق بالملكية من عدمه، أو حتى عدم وجود سبب قانوني للحيازة من أساسه.

وقد ازداد غموض الطبيعة القانونية لهذه الدعوى -وما إذا كانت نتيجتها ستؤدِّي إلى نقل ملكية العقار- بعد أن باتت العقارات الكويتية تخضع لنظام السجل العقاري العيني بموجب القانون رقم 21 لعام 2019 فيما يخصُّ توثيق العقارات والملكية العقارية.

وبالتالي فقد كان لزاماً توضيح الأحكام الخاصَّة بدعوى تملُّك العقار بالحيازة، ذلك في ظلِّ بقاء نفس القواعد العامة وأصول المرافعات الخاصَّة بدعوى الحيازة نافذةً على تملُّك العقار بدعوى الحيازة في الكويت، وفي ظلِّ المبادئ الدستورية الخاصة بالملكية في الكويت.

الكلمات المفتاحية: دعوى الحيازة، الملكية العقارية، الحق العيني، حجية الملكية، أصل الحق بالملكية، التقادم الطويل، سجل الشهر العقاري الشخصي، السجل العقاري العيني.

مُقدِّمة

يعني تملُّك العقار بالحيازة، مرور مدة التقادم الطويل على سيطرة الحائز للعقار مع ظهوره بمظهر المالك على مرأى ومسمع الجمهور، دون أن يُطالِب المالك بحقِّه في هذا العقار؛ الأمر الذي يؤدي إلى قيام حق قانوني للحائز بالحفاظ على حيازته؛ خوفاً على الأمن العام، ذلك في الوقت الذي يحقُّ فيه للمالك المطالبة باسترداد ملكه أمام القضاء قبل انقضاء مدة التقادم الطويل.

أم بعد انقضاء هذه المدة، فيحق للحائز المطالبة بنقل ملكية العقار لاسمه بموجب “الحق العيني” الذي اكتسبه الحائز على العقار بفعل سيطرته المادية عليه[1]، وذلك عبر “دعوى الحيازة” “Adverse Possession Claims”[2]؛ بغرض التملُّك عبر الحيازة كما يُشيرُ جانب من الفقه[3].

وقد بدأت حالات واقعية من القضايا تُطرح أمام القضاء الكويتي، تلك التي يهدف الحائز فيها إلى تملُّك العقارات عبر الحيازة[4].

وتكمن حلقة الوصل بين دعوى الحيازة ونظام السجل العقاري في مدى حجية الملكية الناتجة عن تسجيل العقار في هذا السجل، فالعقار ليس منقولاً لا مالك له أو شيئاً متروكاً[5]؛ ولذلك إذا كانت حجية الملكية غير مؤكدة في السجل، فيمكن حينئذٍ الحديث عن التملُّك بالحيازة. أمَّا إن كانت حجية الملكية مطلقة فلا يمكن نشوء أي حق عيني على العقار إلاَّ لمالكه المُسجَّل؛ لأنَّ قيام أي شخص بالسيطرة على العقار يُعتبَر استيلاءً غير مشروعاً وخرقاً لحق الملكية العلني ذو الحجية المطلقة.

وبناءً عليه، تحظى قواعد السجل العقاري بأهمية بالغة الأثر على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في الدولة، هذا إلى جانب أنَّها تؤثِّر في مستوى اقتناع الناس بقوة سلطة الدولة وقدرتها على حفظ الحقوق.

وذلك ببساطةٍ لأنَّ العقار هو مال غير منقول ذو قيمة باهظة جداً قد لا يستطيع الشخص تعويضها إن ضاعت، وهو الأمر الذي سيقوده نحو التشرد أو عدم الاستقرار على أقل تقدير من جهة، كما أنَّه يُشكل بالنسبة للمواطن حلقة الارتباط بالدولة التي ينتمي الشخص إليها من جهة أخرى.

وبالتالي، فقد كان لا بدَّ على الدولة أن تحفظ حق الملكية العقارية بشكلٍ دقيقٍ وصارمٍ في آن معاً، وعلى هذا نرى الدول تأخذ على عاتقها مسألة مسك السجلات العقارية بكل جدية وانتظام، ثم توثيق التعاملات الجارية عليه.

ويسمح نظام سجل الشهر العقاري الشخصي في الكويت بتشكيل قلق كبير لمالكي العقارات؛ حيث إنَّ هذا النظام النافذ بفعل المرسوم رقم 5 لعام 1959 قد أثبت عدم انضباطه بشكلٍ تامٍّ، ذلك كما سبق وأن أظهر تطبيقه ذات النتائج في مصر؛ وذلك لأنَّه يُركِّز في التوثيق العقاري على شخصية المالك والعقود التي يُجريها على العقار، ثم على المالك التالي وهكذا[6].

ونتيجةً لذلك، فلم يحظرْ نظام الشهر العقاري الشخصي في الكويت تملُّك العقارات الواردة فيه بالحيازة بعد مرور مدة التقادم الطويلة، حتى على العقارات الواردة في سجلاَّت هذا النظام.

وكان لا بدَّ في ظلِّ الخطة التنموية الكبرى “كويت جديدة 2035″ تصحيح كافة الأوضاع القانونية التي تشكل قلقلاً اجتماعياً للمواطنين، وحذراً استثمارياً للأجانب الراغبين بالاستثمار في الكويت؛ الأمر الذي فرض على المشرع الكويتي تغيير نظام الشهر العقاري الشخصي.

وبالفعل، فقد صدر القانون رقم 21 لعام 2019 بغاية الانتقال نحو نظام السجل العقاري العيني، وكان نتيجة هذا الانتقال أنَّ السجل العقاري سيَعتَمِد على خريطة المناطق المساحية لكامل المدن في الدولة بغاية توثيق مواصفات العقارات، ثم قيد تسلسل الملكية القائمة عليها؛ الأمر الذي يعني الانتقال نحو منح قيود السجل العقاري القوة الإثباتية القطعية تجاه الجميع، وهو ما يترافق عادةً مع حظر تملُّك العقار بالحيازة مهما مرَّ الزمن؛ نتيجة وجود حجية علنية مطلقة لملكية العقارات في ظلِّ نظام السجل العيني.

وبناءً عليه، فإنَّنا سنعالج أفكار دعوى الحيازة من منظور تغير أحكام السجل العقاري في الكويت من نظام الشهر العقاري الشخصي إلى السجل العيني.

أهداف البحث

يهدف البحث بشكل أساسي إلى:

تحليل النصوص الحاكمة لدعوى الحيازة وفق القواعد العامة ونظام الشهر العقاري الشخصي الكويتي، وتكييف طبيعة هذه الدعوى ومدى دستوريتها في ظلِّ هذا النظام.
تحليل التغييرات في القواعد العقارية التي تمسُّ دعوى الحيازة وفق نظام السجل العيني، وتكييف طبيعة قواعدها في هذا النظام، والخروج بنتيجة توضح مدى إمكانية قيام دعوى الحيازة في ظلِّ هذا النظام.
توضيح أثر انتقال الكويت من نظام الشهر العقاري الشخصي إلى نظام السجل العقاري العيني على تملُّك العقارات بدعوى الحيازة من حيث الأثر الواقع بالفعل، ومن حيث الأثر الذي كان يجب أن يقع.

أهمية البحث

يحظى البحث بأهمية استثنائية، ليس فقط من باب أنَّه يُعالج إشكالية اجتماعية واقتصادية تمسُّ بالاستقرار الأهلي الخاص بالملكية العقارية نتيجة بدء اصطياد العقارات المتروكة وحيازتها فقط في الكويت[7]، بل لأنَّ الكويت تعيش حالياً مرحلةً عقاريةً انتقاليةً وحسَّاسةً، سيتمُّ فيها إنشاء مُخطَّطات مساحية جديدة؛ وبالتالي فإنَّ ضرورة الانتقال نحو نظام عقاري قانوني عادل وناجح ومتوافق مع دستور الدولة يبلغ من درجات الأولويات الدرجة الأولى، في حين يبدو تملُّك العقار بالحيازة أحد العقبات في وجه هذا الانتقال.

إشكالية البحث

يمكن اختصار إشكالية هذا البحث بالتساؤل التالي:

“هل يصحُّ أن تَمنَحَ دعوى الحيازة ملكيَّة العقار رغم انتقال الكويت من نظام الشهر العقاري الشخصي إلى نظام السجل العيني؟”

منهج البحث

تَعتَمِد دراستنا على المناهج التالية:

المنهج التحليلي النقدي لقواعد دعوى الحيازة؛ حيث سنعالج النصوص القانونية بطريقة الانتقال من النص العام إلى التفاصيل بغرض تحديد ثغرات هذه النصوص وعيوبها.
المنهج الاستقرائي بغرض تكييف هل إنَّ الحيازة هي سبب من أسباب الملكية أم قرينة عليها، وأثر حجية الملكية على دعوى الحيازة وفق كل من نظام الشهر العقاري الكويتي ثم السجل العيني الجديد في الكويت؛ وذلك عبر الانتقال من الجزئيات التي استخرجناها من التحليل إلى النتائج العامة التي ستحدد الطبيعة القانونية لدعوى الحيازة في ظلِّ النصوص القانونية النافذة، وتوضح أثر طبيعة الحيازة وحجيتها على تملك العقارات عبر الحيازة في كل من نظام الشهر الشخصي ثم العيني للعقارات.
المنهج التأصيلي بغرض تحديد مدى دستورية هذه القواعد؛ وذلك عبر استقراء الأفكار والجزئيات الخاصة بالأفكار القانونية، ثم الخروج بمبدأ عام يُعلن عن دستورية أو عدم دستورية تملُّك العقارات بدعوى الحيازة في ظلِّ كل من نظام الشهر العقاري الشخصي ثم السجل العقاري العيني.

مُخطَّط البحث

حتى نصل إلى أقصى درجات الوضوح بخصوص أثر انتقال الكويت نحو السجل العقاري العيني، علينا دراسة القواعد العامة لدعوى الحيازة أولاً، ثم دراسة القواعد العقارية المرتبطة بدعوى الحيازة في ظلِّ نظام الشهر الشخصي ثانياً، وأخيراً القواعد العقارية المرتبطة بدعوى الحيازة في ظلِّ السجل العيني ثالثاً، وذلك وفق المخطط التالي:

المبحث الأول: القواعد العامة لدعوى الحيازة في القانون الكويتي

المبحث الثاني: القواعد العقارية المرتبطة بدعوى الحيازة في ظلِّ نظام الشهر العقاري “الشخصي”

المبحث الثالث: القواعد العقارية المرتبطة بدعوى الحيازة في ظلِّ السجل العقاري “العيني”

المبحث الرابع: بين الآثار المُتوقَّعة والواقِعَة من انتقال الكويت إلى السجل العيني فيما يتعلَّق بدعوى الحيازة.

المبحث الأول

القواعد العامة لدعوى الحيازة في القانون الكويتي

تنقسم القواعد العامة لدعوى الحيازة في القانون الكويتي إلى: القواعد المنصوص عليها في القانون المدني أولاً، ثم في قانون المرافعات المدنية والتجارية ثانياً.

المطلب الأول

موقف القانون المدني الكويتي من دعوى الحيازة بالارتباط مع نظام الشهر العقاري

سنرى ماهية الحيازة أولاً، ثم نبحث في فكرة حيازة العقار طيلة مدة التقادم الطويل ثانياً، وأخيراً نناقش الحيازة كقرينة على الملكية أو كسبب لاكتسابها ثالثاً.

أولاً: ماهية الحيازة

لقد جاء القانون المدني الكويتي بتعريف “الحيازة” في هذا السياق، فعرَّفها بأنَّها: ” … سيطرة شخص، بنفسه أو بواسطة غيره، على شيءٍ ماديٍّ، ظاهراً عليه بمظهر المالك أو صاحب حق عيني آخر، بأن يُباشِرَ عليه الأعمال التي يُباشِرُهَا عادةً صاحب الحق”[8]. وقد كان الفقه الأمريكي عملياً أكثر في تعريفه للحيازة، فقال أنَّها: “انتقال الملكية دون مقابل”[9]؛ فتكون الحيازة هنا سند الحق العيني الذي ينتج عنه انتقال الملكية.

وقد أكد العلامة السنهوري بحق على أنَّ الحيازة ليست حقاً بحد ذاتها؛ بل هي واقعة مادية بسيطة تؤدي لاكتساب الحق العيني، وترخي آثارها تبعاً لذلك[10]، ثم سار جانب من الفقه العربي في هذا المسار مُعتبراً الحيازة “حالة واقعية”[11]، وهذه الحالة هي سندُ دعوى الحيازة[12].

ويبدو أنَّ الشخص الذي يدَّعي بملكية العقار بالحيازة يجب أن يستبق دعواه بإثبات عناصر الحيازة التي تؤول إلى المساس بالملكية، وهي:

السيطرة على العقار[13]، بالذات أو بالواسطة (العنصر المادي[14])؛ وذلك عبر ممارسة التصرُّفات التي يُمارِسُها صاحب الحق، والتي يجب أن تكون أعمالاً مادية وفق المذكرة الإيضاحية للقانون المدني الكويتي: “كالبناء على الأرض أو إحداث تعديلات في الشيء أو المرور في أرض الجار، أما التصرُّفات القانونية كالبيع والتأجير فلا تكفي بذاتها للدلالة على السيطرة”[15]. فإذاً، الحائز هو ذلك الشخص المسيطر على العقار بشكل مستمر[16] طيلة فترة التقادم الطويل التي تسبق دعوى الحيازة.
الظهور بمظهر المالك[17] (العنصر المعنوي[18])؛ فالحارس أو الوكيل أو المندوب أو المستأجر، وغيرهم من الحائزين العرضيِّين لا يمكن يُطلق عليهم وصف: الحائز[19]؛ لأنَّهم لا نيَّة لديهم في التملُّك، في حين أنَّ الحيازة هي بالأساس النيَّة التي تمنح سند الملكية كما أشار جانب من الفقه الإنكليزي[20].

كذلك لا يمكن أن تفضي الحيازة إلى الملكية إن كانت واقعة الحيازة تنحصر ببعض الأعمال التي يتسامح معها المالك[21]، فهي لا تُعتبَر حيازةً؛ لأنَّها لا تدلُّ على وجود عنصر القصد المعنوي لاكتساب الحق، فالحائز يعرف أنَّ المالك يتسامح معه صراحةً أو ضمناً، فلا يمارس الحائز حينئذٍ تعدياً على الملكية بل حيازةً ماديةً مُتجرِّدةً من قصد الظهور بمظهر صاحب الحق[22]، وتُعتَبَر الحيازة في هذه الحال معيبةً بالغموض وغير ذات أثر[23]؛ فمن شروط الحيازة الهدوء والوضوح[24].

مباشرة أعمال صاحب الحق؛ مثل التأجير أو جمع الثمار أو غير ذلك من النشاطات التي لا يصحُّ أن يقوم بها سوى المالك، وذلك بشكل مترافق مع السيطرة المادية. ويرى جانب من الفقه الأمريكي أنَّ مباشرة هذه الأعمال يجب أن تكون دون موافقة المالك؛ أي بالمخالفة لإرادته[25]، وليس فقط أن تكون علنيةً وهادئةً ومُستمرَّةً بعلم المالك.

ولكن أركان الحيازة هذه وإن توافرت فلا أثر لها على عقارات الدولة[26] أو الأموال الوقفية[27]؛ فلا يمكن الادعاء بملكية هذه العقارات مهما مرَّ الزمن على حيازتها والسيطرة عليها وعلى الرغم من الظهور بمظهر المالك خلال هذه الحيازة.

ثانياً: حيازة العقار طيلة مدة التقادم الطويل

لقد شرح القانون المدني الكويتي واقعة الحيازة التي تؤدي إلى الملكية بانقضاء مدة التقادم الطويل كما يلي:

“مَنْ حاز عقاراً أو منقولاً، ظاهراً عليه بمظهر المالك أو صاحب حق عيني آخر، واستمرَّت حيازته مدة خمس عشرة سنة، اعتُبِرَت حيازته دليلاً على الحق، ويُحْكَمُ له به، إذا أنْكَرَ حقَّ الغيرِ فيهِ وادَّعاهُ لنفسه، ولو لم يُبيِّن سبب كسبه”[28]؛ ويبدو ظاهراً أنَّ التقادم المقصود بمرور 15 عاماً على الحيازة هو التقادم المكسب للحق العيني بعد انقضاء مدة التقدم على حيازة العقار، دون إصابتها بأي عيب من عيوب الحيازة كالانقطاع أو الخفاء أو الإكراه أو الغموض في عنصر القصد[29]، حيث يرتبط التقادم المكسب بالحيازة[30].

ويبدو من هذه المادة الأركان التالية لاكتساب ملكية العقار بالحيازة:

الحيازة المترافقة بمظاهر سيطرة المالك.
مرور مدة التقادم الطويل؛ أي 15 سنة.
إنكار حق المالك الأصلي استناداً على انقضاء مدة التقادم مع استمرار الحيازة؛ أي إنكار حق المالك المُسجَّل في السجل العقاري بالنظر لواقعة استمرار الحيازة وليس بالاستناد على وجود أصل الحق أو عدمه[31].

والقاعدة الأهم في هذا الخصوص هو عدم إلزام الحائز ببيان السبب المشروع لاكتساب الحيازة؛ فالسيطرة على العقار بالحيازة المادية لمدة 15 عاماً تمنح الحائز المستولي على العقار حق المطالبة بنقل الملكية لاسمه استناداً على هذه الحيازة فقط. فهل الحيازة والحال كذلك قرينة على الملكية أم سبب لاكتسابها؟

ثالثاً: الحيازة قرينة على الملكية أم سبب لاكتسابها؟

تكون واقعة الحيازة في القوانين الوضعية سبباً لاكتساب الملكية بعد انقضاء التقادم الطويل، ذلك حتى وإن كانت بسوء نية كما ذكر العلامة السنهوري[32]، وكما أكد عليه جانب من الفقه العربي بكل صراحة[33]، وهذا ما نرى أنَّه سيؤدي إلى ما يسميه جانب من الفقه الكندي بـ: “الملكية غير مستقرة” “Precarious Property”[34].

ولكن هل يمكن اعتبار واقعة الحيازة قرينةً على الملكية أم سبباً لاكتسابها وفق القانون المدني الكويتي؟ فهل تعتبر واقعة الحيازة سببا لدعوى الملكية أم مجرد دليلاً يُساقُ فيها؟

نستطيع القول مبدئياً أنَّ الفقه الإسلامي قد رفض فكرة أن تكون الحيازة كواقعة مادية منفصلة عن الحق سبباً لاكتساب لملكية، إلاَّ أنَّ الفقه المالكي أجازها أساس ادِّعاء الحائز بأنَّه هو المالك، عندها لا تُسمَعُ دعوى خصمه[35]. وهذا ما أكَّدت عليه المذكرة الإيضاحية للقانون المدني الكويتي على اعتبار أنَّ المشرع الكويتي لم يعتبرْ الحيازة سبباً لاكتساب الملكية[36]؛ وهذا ما يعني أنَّ انتفاء الحيازة يتوازَى مع عدم إثبات الدعوى وليس انعدام الحق[37].

وقد ذكر المشرع الكويتي جملة: “اعتُبِرَت حيازته دليلاً على الحق”[38] التي توحي من الناحية السطحية بأنَّ الحيازة هي قرينة إثبات للملكية وليست سبباً لاكتسابها، وعلى هذا سار قضاء محكمة التمييز الكويتية[39].

وقد استكملت المذكرة الإيضاحية للقانون المدني شرحها، حيث ذكرت نص المادة (518) من مشروع تقنين الشريعة الإسلامية على مذهب الإمام مالك كما أعدَّته اللجنة التحضيرية الخاصة بتقنين الشريعة الإسلامية تحت إشراف مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة، التي نصَّت على أنَّه: “مَن حاز عقاراً أو منقولاً مدةً يقضي العرف بأن الحيازة فيها حيازة ملك، فإنه يّستحقُّه ولا تُسمَعُ معها دعوى من يُنازِعُهُ في ملكيَّته له ولا بنيَّته…”. ولكن في غير المذهب المالكي ما يزال سبب حيازة الحائز محل اعتبار وليس عنصراً ساقطاً من التزامات الحائز على عكس ما ذكرت المادة 935 من القانون المدني الكويتي: “… ويُحْكَمُ له به (الحق)، إذا أنْكَرَ حقَّ الغيرِ فيهِ وادَّعاهُ لنفسه، ولو لم يُبيِّن سبب كسبه”[40]؛ وذلك لأنَّ الكثير من الفقه الإسلامي –عدا المالكي- يرفض فكرة منح الملكية للحائز لسبب غير شرعي كالاستيلاء بسوء نيَّة مثلاً[41].

فإن قمنا باستقراء العناصر الجزئية من قواعد القانون المدني السابقة جميعاً، سيبدو لنا واضحاً أنَّ المشرع الكويتي قد اقترب من اعتبار الحيازة سبباً لاكتساب الملكية وليس قرينةً عليها من حيث روح النص القانوني.

وذلك بشكل أساسي لأنَّ الحائز غير ملزم ببيان سبب حيازته على العقارات التي يتمُّ نقل ملكيَّتها عبر نظام الشهر العقاري الشخصي؛ فقد يكون غاصباً للعقار بالقوة وليس لحيازته أي سند شرعي أو قانوني، ورغم ذلك تنتقل الملكية إليه بعد مرور مدة التقادم، وهو ما يرفضه جل الفقه الإسلامي كما جاء في المذكرة الإيضاحية للقانون المدني الكويتي[42].

وسنرى كيف قام قانون المرافعات المدنية والتجارية الكويتي بالفصل التام بين الحيازة كواقعة مادية وبين حق الملكية الأصلي في دعوى الحيازة، وأثر ذلك على التملُّك بالحيازة.

المطلب الثاني

موقف قانون المرافعات المدنية والتجارية الكويتي من دعوى الحيازة بالارتباط مع نظام الشهر العقاري

سنرى تفريق قانون المرافعات الكويتي بين واقعة الحيازة وحق الملكية الأصلي أولاً، ثم نناقش كون الحيازة قرينة على الملكية أم سبب لاكتسابها في قانون المرافعات ثانياً.

أولاً: بين واقعة الحيازة وحق الملكية الأصلي

بعد أن قام القانون المدني الكويتي بتحديد ماهية الحيازة وشرح واقعة حيازة العقار التي تفضي إلى الملكية، قام المشرع الكويتي بتحديد قواعد التقاضي الخاصة بدعوى الحيازة عبر قانون المرافعات المدنية والتجارية.

حيث جاء في هذا القانون القاعدة الأكثر أهمية على الإطلاق بخصوص دعاوى الحيازة ومنها دعوى الحيازة بغرض التملك بعد انقضاء مدة التقادم الطويل، وهي أنَّه:

“لا يجوز أن يجمع المدعي في دعوى الحيازة بينها وبين المطالبة بالحق وإلاَّ سَقَطَ ادِّعاؤه بالحيازة. ولا يجوز أن يدفع المدعى عليه دعوى الحيازة بالاستناد إلى الحق. ولا تُقبَلُ دعواه بالحق قبل الفصل في دعوى الحيازة وتنفيذ الحكم الذي يَصدُرُ فيها إلاَّ إذا تخلَّى بالفعل عن الحيازة لخصمه. وكذلك لا يجوز الحكم في دعوى الحيازة على أساس ثبوت الحق أو نفيه”[43].

يمكننا استنتاج الأحكام التالية من هذا النص:

عدم جواز الجمع بين دعوى الحيازة والملكية[44]؛ فيبدو لنا أنَّ دعوى الحيازة مستقلَّة في طبيعتها عن دعوى أصل الحق، وتتنافى معها أيضاً؛ أي أنَّ المدعي لا يمكن أن يكون حائزاً ومشترياً في آنٍ معاً خلال ادعاء قضائي واحد، حيث إنَّ الحائز يستند على حقه النابع من واقعة استمرار الحيازة طيلة فترة التقادم الطويل، بينما المشتري يستند على انتقال أصل الحق إليه بفعل واقعة الشراء.

فإن كان المشتري ذاته حائزاً للعقار، ثم أقام دعوى تثبيت شراء استناداً على عقد بيع، فإنَّه يخسر لا محالة حقَّه بالمطالبة بنقل الملكية إليه استناداً على واقعة الحيازة؛ لأنَّ دعوى الحيازة ليست فقط مستقلَّة عن دعوى أصل الحق، بل تتنافى معها أيضاً.

أمَّا إن كان المدعي بالحيازة الذي يُنكرُ حق المالك، قد أظهر الرغبة بالادعاء بأصل الحق، فهنا؛ وحرصاً على أصل الحق، فإنَّه يجوز للمدعي قديماً بالحيازة وحديثاً بأصل الحق أن يُطالِب بحقه، ولكن بشرط أن يتنازل عن الحيازة لخصمه عبر تخلِّيه عن الحيازة لخصمه فتزول الحيازة عنه[45]؛ وهكذا يعود النقاش لأصل الحق بغضِّ النظر عن مسائل الحيازة والتقادم.
إنَّ ثبوت أصل الحق لا أثر له في دعوى الحيازة؛ بما يعني أنَّ ثبوت شراء الشخص المدعي بالحيازة للعقار لا يعني شيئاً إن كان قد أسَّس دعواه على الحيازة في الوقت الذي كان قد حاز العقار لمدة 14 سنة فقط، أو أنَّه حاز هذا العقار لمدة 15 سنة إلاَّ أنَّه لم يَظهرْ بمَظهر المالك؛ ففي هذه الحالات يخسر المدعي بالحيازة دعواه.

ثانياً: الحيازة قرينة على الملكية أم سبب لاكتسابها في قانون المرافعات؟

باستقراء النتائج المستخرجة عن نص المادة 3 من قانون المرافعات الكويتي المذكور، نستطيع القول بأنَّه لا يمكن أن تكون الحيازة قرينة على الملكية وفق قانون المرافعات برأينا؛ لأنَّ دعوى الحيازة تتنافى مع المطالبة بأصل الحق بالملكية، بل يُطالِب الحائز في دعوى الحيازة بتثبيت الحيازة كأمر واقع قادر على منح الملكية إليه؛ وهكذا يبدو لنا اعتماد الحيازة من المشرع كسبب لاكتساب الملكية بأوضح صورة.

ويبدو لنا أيضاً أنَّ الفصل التام بين واقعة الحيازة وبين الحق الأصلي وفق المشرع الكويتي قد أدَّى إلى الربط بين الحيازة في حالة التقادم الطويل وبين اكتساب الملكية وليس إثباتها كقرينة؛ فإن كانت الحيازة التي تُفضِي إلى الملكية بالتقادم قرينة على الملكية، لكان الدليل على أصل الحق دليلاً صحيحاً في دعوى الحيازة، وهو أمر غير ممكن وفق قانون المرافعات عندما نصَّ على أنَّه: “وكذلك لا يجوز الحكم في دعوى الحيازة على أساس ثبوت الحق أو نفيه”[46].

وبخصوص دعوى تملك العقار بالحيازة بعد انقضاء مدة التقادم الطويل، فنرى أنَّ أحكام دعوى الحيازة هذه قد جاءت نتيجة اضطرار المشرع الكويتي لعدم اعتبار الملكية الصادرة عن السجل العقاري الشخصي ملكية مطلقة من حيث الحجية؛ فالحائز على عكس بيانات السجل الشخصي لا يُعتبَر دائماً مستولياً على العقار. إلاَّ أنَّ المشرع قد خاطر بحقوق المالك في حال استيلاء الحائز على العقار دون سبب قانوني، وذلك أدى إلى احترام واقعة الحيازة إلى الدرجة التي باتت فيها أقرب لأن تكون سبباً الملكية العقارية.

المبحث الثاني

القواعد العقارية المُرتَبِطَة بدعوى الحيازة في ظلِّ نظام الشهر العقاري “الشخصي”

صدر في الكويت المرسوم رقم 5 لعام 1959 الخاص بقانون التسجيل العقاري، وقد جاءت أحكامه على أساس نظام الشهر العقاري الشخصي الذي يستند على شخصية المالك وليس عين العقار؛ فالعقارات وفق هذا النظام لا تُعرَف بأرقامها أو مواقعها بل بأسماء مالكيها[47].

وحتى نصل إلى موقف نظام الشهر العقاري الشخصي الكويتي وفق هذا المرسوم من دعوى الحيازة التي تؤول إلى ملكية العقار، علينا بدراسة أثر حجية الملكية الواردة في سجل الشهر العقاري الشخصي على دعوى الحيازة أولاً، ثم في التأصيل الدستوري لملكية العقار بالحيازة وفق نظام الشهر العقاري الشخصي ثانياً.

المطلب الأول

أثر حجية الملكية الواردة في سجل الشهر العقاري الشخصي على دعوى الحيازة

سنبحث في حجية الملكية لدى سجل الشهر العقاري الشخصي أولاً، ثم مشاكل سجل الشهر العقاري الشخصي ثانياً، وأخيراً أثر تكييف الحيازة كقرينة على الملكية أم سبب لاكتسابها على حجية الملكية في سجل الشهر العقاري الشخصي ثالثاً.

أولاً: حجية الملكية في سجل الشهر العقاري الشخصي

إنَّ أهم قاعدة عقارية من حيث المغزى على دعوى الحيازة هي حجية الملكية الواردة بموجب القيد على السجل العقاري؛ وذلك لأنَّ هذه الحجية تُمثِّل مدى قوة القيد العقاري كإثبات من جهة، وتُحدِّد إمكانية تملُّك العقار بالحيازة من جهة أخرى.

ففي الحقيقة، لا يمكن إنكار حجية القيد العقاري في نظام السجل العقاري الشخصي، فالعقد المُسجَّل وفق هذا النظام يحوز حجية رسمية، هذا إلى جانب عدم الاعتدادِ بانتقال الملكية أساساً إذا انتَفَى التسجيل[48]، ولكن النقطة الإشكالية ليست في مدى صحة العقد المُصدَّق لدى دوائر الشهر العقاري بل في مدى قطعية الملكية لدى كل من البائع والمشتري.

وحيث إنَّ البائع بشخصه هو محل التركيز في نظام الشهر العقاري الشخصي؛ فلا يمكن التأكد من تسلسل المالكين السابقين للعقار بشكل قطعي.

وقد كان المشرع الكويتي أمام خيارَيْن مع نهاية الخمسينات؛

إمَّا أن يَفرِضَ نظام السجل العقاري الشخصي بأسرع وقت؛ حتى يتمَّ توثيق البيوع العقارية على البيانات العقارية المتاحة للدولة،
أو الانتظار حتى يتمَّ تحديد وتحرير المُخطَّطات العقارية في الدولة ليتسنَّى تقسيم مساحتها إلى مُخطَّطات عقارية مُفصَّلة يَنتجُ عنها صحيفة عقارية خاصة بكلِّ عقار، وهو الأمر الذي كان سيستغرق وقتاً طويلاً جداً.

وبنتيجة المفاضلة بين حفظ الحقوق بأسرع وقت عبر نظام الشهر العقاري الشخصي، وبين المخاطرة بالحقوق حتى يُصبح نظام الشهر العقاري العيني ممكناً، فقد اختار المشرع الخيار الأول حرصاً على توثيق واستقرار الحقوق بأسرع وقت.

وبناءً عليه، فقد صدر الرسوم رقم 5 لعام 1959 بإصدار قانون التسجيل العقاري، وقد جاء فيه: “تختصُّ دائرة التسجيل العقاري بتسجيل المُحرَّرات المُتعلِّقة بالعقارات”[49].

ويبدو وضحاً من هذا الاختصاص أنَّ دائرة التسجيل العقاري في الكويت هي سجل شهر عقاري شخصي يهدف إلى تسجيل وتصديق المُحرَّرات العقدية التي تُثبِتُ التصرُّفات على العقار.

ثانياً: مشاكل سجل الشهر العقاري الشخصي

نتساءل هنا: ما هي المشكلة الجوهرية في نظام الشهر العقاري الشخصي من حيث حجية الملكية؟

الواقع أنَّ المشكلة الكبرى التي تَظهَرُ من سجل الشهر العقاري الشخصي تكمن في أنَّ التركيز يكون فيه مُطلقاً على شخصيَّة المالك وليس العقار[50]؛ فكيف يمكن إثبات أنَّ المالك المُسجَّل في سجل الشهر العقاري الشخصي قد اشترى من مالك آخر قبله، ثم باعه للمالك التالي هكذا دون تنقطع السلسلة[51]؟، فهذا الأمر غير قطعي في نظام التسجيل الشخصي.

فالشخص غير المالِك إن قام بالتصرُّف في عقار غيره عبر وثائق مزورة مثلاً، ثم قام المالك بذات التصرف على ذات العقار، فتمَّ تسجيل التصرُّفين في أوقات زمنية مختلفة ولكن على ذات العقار، فلا يمكن لصاحب المصلحة التأكُّد من سلامة الملكية إلاَّ إذا كان يعرف أسماء كل المالكين السابقين[52]، ثم قد تقعُ مشكلةٌ في حال التشابه بالأسماء[53].

فإذا كان العقار مَمْلوكاً بين عددٍ من الشركاء، فإنَّ تصرُّف كل منهم على حصته سيتمُّ تسجيله وشهره في السجل الشخصي بشكلٍ منفصلٍ؛ ولذا فلا يمكن التأكُّد إلى مَنْ آلت ملكية كل حصة من الحصص بشكلٍ قطعيٍّ بعد أن تمَّت مجموعة من التصرُّفات المنفصلة على نفس العقار، حتى وإن تمَّ تصديقها كلها في الشهر العقاري الشخصي.

فلو افترضنا أنَّ أحد العقارات كان مملوكاً بين شريكَيْن، وقام أحدهما ببيع العقار إلى شخص آخر، فيما بقي شريكه مالكاً لهذا العقار، فهنا إن أراد الشريك الذي ما يزال مالكاً للعقار بيع حصته، وجاء المشتري حتى يشتري كامل حصص العقار، فكيف لهذا المشتري أن يعرف أنَّ الشريك الأول قام ببيع حصته إن كانت كل الوثائق القديمة تشير إلى الشريك البائع على أنَّه هو المالك؟

وببساطة فإنَّ قيام المالك ببيع العقار مرَّتَيْن هو أمر ممكن في ظلِّ نظام الشهر العقاري لعدم وجود أي ترتيب إداري محكم لبيانات تسلسل الملكية؛ الأمر الذي لا يمنح حجية قطعية لبيانات الملكية الواردة في السجل الشخصي.

وباستقراء هذه المعطيات جميعاً، يمكننا القول بأنَّ المشرع الكويتي إذ هو قد اعتمد على نظام الشهر العقاري، فهو لا يملك فرض حجيةٍ مطلقةٍ للملكية وفق سجل الشهر العقاري الشخصي؛ لأنَّ وجود ثغرة بين تصرُّفات المالكين هو أمرٌ واردٌ، وهذا الواقع يطعن في حق الملكية، وينفي القوة المطلقة لبيانات السجل الشخصي[54]؛ حيث إنَّ حجية الملكية التي يمنحها السجل العقاري الشخصي هي “حجية نسبية” بامتياز[55].

ونتيجةً لذلك، فقد أكَّد جانب من الفقه العربي على اقتران الشهر العقاري الشخصي بإمكانية اكتساب الملكية عن طريق التقادم[56].

وبالتالي فلم يكنْ أمام المشرع الكويتي سوى أن يسمح بتملُّك العقارات عبر دعوى الحيازة بعد مرور مدة التقادم الطويل في ظلِّ عدم يقينه من حجية الملكية في السجل الشخصي؛ ولكن ما أثر تكييف الحيازة كقرينة أم سبب لاكتساب الملكية على حجية الشهر العقاري الشخصي؟

ثالثاً: أثر تكييف الحيازة كقرينة على الملكية أم سبب لاكتسابها على حجية الملكية في سجل الشهر العقاري الشخصي

بدايةً نتساءل هنا:

هل إنَّ المشرع الكويتي قد نظر تجاه الحائز على أنَّه صاحب الحق الأرجح أم صاحب الحق بالحيازة فقط؟

فإذا نظر المشرع للحائز على أنَّه صاحب الحق الأرجح في ظلِّ عدم إطلاق حجية الملكية في الشهر العقاري نتيجة ظهوره بمظهر المالك طيلة 15 عاماً وسكوت المالك المقيد على ذلك، فإنَّ الحيازة تكون قرينة على الملكية وليست سبباً لاكتسابها؛ لأنَّ الحائز يمتلك حينئذٍ الظروف القانونية الأقرب لمظهر المالك الحقيقي في ظلِّ عدم الوثوق بقطعية الملكية.
أمَّا إذا كان الحائز هو صاحب الحق المطلق في الحيازة التي تؤول إلى الملكية، فإنَّ الحيازة حينئذٍ تكون سبباً حقيقياً مستقلاًّ لاكتساب الملكية دون النظر لسوء نيَّة الحائز أو انتقال الحق الأصلي، فينشأ هكذا حدٌّ زمني تنتهي بموجبه صلاحية حق الملكية إذا حاز العقار شخص آخر غير المالك كما قال الفقه الأمريكي[57].

وبغضِّ النظر عن وجهة نظرنا في أنَّ نصوص القانون المدني والمرافعات الكويتي أقرب ما تكون لاعتبار الحيازة سبباً للملكية وليس قرينةً عليها، فما هو تأثير اعتبار الحيازة قرينة أم سبب للملكية على حجية سجل الشهر العقاري الشخصي؟

إذا اعتبر المشرع الحيازة قرينة على الملكية، فهذا الأمر يُساعِد في ترميم أخطاء الشهر العقاري الشخصي؛ لأن حجية الملكية غير قطعية فيه ولا ثقة مطلقة في قوة هذا السجل الثبوتية، أمَّا إن كانت الحيازة سبباً للملكية وفقاً لتكييف المشرع فإنَّ الحيازة تصلح كبديل للتصرف الناقل للملكية الذي يتمُّ إشهاره في السجل، وهو أمر يمكن أن يتقبَّله المشرع بهدف إصلاح الواقع النظري المُسجَّل بالاعتماد على الواقع العملي القائم لمدة التقادم الطويل.

فما هو التأصيل الدستور لهذا الواقع القانوني؟

المطلب الثاني

مدى دستورية القواعد العقارية المرتبطة بدعوى الحيازة وفق نظام الشهر العقاري الشخصي

سنبحث في المبادئ الدستورية أولاً، ثم في تأصيل الوضع الخاص بدعوى الحيازة بغرض تحصيل الملكية العقارية في ظلِّ نظام الشهر العقاري الشخصي ثانياً.

أولاً: المبادئ الدستورية

لقد صدر الدستور المكتوب لدولة الكويت بتاريخ 11 نوفمبر 1962، أي بعد حوالي ثلاث سنوات من صدور قانون التسجيل العقاري بالمرسوم رقم 5 لعام 1959.

وقد جاء دستور الكويت بمبدأَيْن أساسيَّيْن بخصوص الملكية، وهما:

“الملكية ورأس المال والعمل مقومات أساسية لكيان الدولة الاجتماعي وللثروة الوطنية، وهي جميعاً حقوق فردية ذات وظيفة اجتماعية يُنظِّمها القانون”[58].

ويبدو واضحاً أنَّ الملكية الفردية تتمتَّع باحترام دستوري كبير؛ كونها تُعتبَر جزءاً من كيان الدولة؛ حيث إنَّ هذه الملكية هي العنصر المُحفِّز لاقتصاد الدولة، وبالتالي فإنَّ أيَّ اهتزازٍ في ثقة الناس بحماية الدولة لملكيَّتهم الفردية سيؤدِّي إلى عزوفهم عن التملُّك في هذه الدولة، وستخسر الدولة سيولتهم، وستفقد عوامل النشاط الاقتصادي كافَّة؛ ممَّا سيدفع الدولة نحو انهيار اقتصادي حتمي.

“الملكية الخاصة مصونة، فلا يمنع أحد من التصرف في ملكه إلاَّ في حدود القانون، ولا ينزع عن أحد ملكه إلاَّ بسبب المنفعة العامة في الأحوال المبينة في القانون، وبالكيفية المنصوص عليها فيه، وبشرط تعويضه عنه تعويضا عادلاً”[59].

وبالتالي، يبدو ظاهراً أنَّ الدستور الكويتي قد تبنَّى فكرة الملكية الفردية المَصُونَة، حتى أنَّه منعَ يدَ الدولة في التسلُّط على الأملاك دون قيام حقٍّ كما شرح جانب من الفقه الكويتي[60]، وهذا المُنطلَقُ ناتجٌ عن كون الملكية الفردية هي جزء من كيان الدولة كما جاء في المبدأ الدستوري السابق، ولكن الأهم أنَّ الدستور الكويتي قد حظر بكل صراحة نزع الملكية إلاَّ للمنفعة العامة وفق القانون وبعد التعويض.

ثانياً: التأصيل الدستوري

رغم أنَّ انتقال الملكية لا يمكن تصنيفها نزعاً للملكية بأيِّ حال من الأحوال، فلا يوجد مكان للمبدأ المرتبط بفكرة التملُّك بالحيازة الذي أطلق عليه جانب من الفقه الإنكليزي جملة: “استعمل العقار وإلاَّ ستفقده”[61] وفقاً لروح الدستور الكويتي.

فإذا قام شخص سيء النية بالسيطرة غير المشروعة على عقار مُسجَّل بالشهر العقاري لمدة 15 عام، ثم ادَّعى على مالكه المُسجَّل في السجل العقاري الشخصي تأسيساً على الحيازة فقط[62]، ثم إذا أقرَّ القضاء للحائز نقل الملكية؛ فهل يُعتبر ذلك ظلِّماً غير مبرر دستورياً للمالك؟

لقد حاول الفقه بقيادة العلامة السنهوري وضع المبررات لوقوف القانون إلى جانب الحائز المستولي في مواجهة المالك المُسجَّل في سجل الشهر العقاري الشخصي، حيث إنَّ المشرع يجب أن يقف مع الاستقرار والأمن العام، كما أنَّ الاحتمال الأكبر أنَّ الحائز هو صاحب الحق الأصلي، في ظلِّ عدم يقين حجية الملكية المذكورة في السجل الشخصي، وإن حدثت حالات استيلاء بسوء نية فهي أقلية –وفق هذا الرأي- ويترافق مع إهمال جسيم من المالك[63].

وبغضِّ النظر عمَّا نراه من أنَّ تصنيف الحيازة كسبب لاكتساب الملكية بهذه الطريقة يُخالِف روح الدستور الكويتي[64]، فإنَّ المبرِّر القانوني الأساسي الذي لا يمكن إنكاره لهذا الرأي يكمن في الحجية القانونية غير القطعية –والضعيفة أحياناً- للملكية العقارية في السجل العقاري الشخصي، فكيف ستكون عليه الأمور في ظلِّ السجل العيني؟

المبحث الثالث

دعوى الحيازة في ظلِّ السجل العقاري “العيني”

انتقلت الكويت إلى نظام السجل العقاري العيني بموجب القانون رقم 21 لعام 2019، فنشأ النظام العيني الذي يُعاكس المفهوم الشخصي في تسجيل الملكية، حيث بات التركيز على العقار بدلاً عن شخصية مالكه. إلاَّ أنَّ هذا الانتقال كان شكلياً ورسمياً وليس واقعياً بعدُ؛ لأنَّ عمليات التحديد المساحي التي يتطلَّبها السجل العيني ما تزال في مراحلها الأساسية.

واستمراراً في تقصي ذات المنهج في البحث، فإنَّنا سنقوم بدراسة أثر حجية الملكية الواردة في السجل العقاري “العيني” على دعوى الحيازة أولاً، ثم مدى دستورية القواعد العقارية المرتبطة بدعوى الحيازة وفق نظام السجل العقاري العيني ثانياً.

المطلب الأول

أثر حجية الملكية الواردة في السجل العقاري “العيني” على دعوى الحيازة

سنبحث في ظروف الانتقال نحو نظام السجل العقاري العيني أولاً، وفي حجية الملكية وفق سجل الشهر العقاري العيني ثانياً، ثم في تعارض الملكية عبر الحيازة مع الحجية المطلقة للملكية في السجل العيني، وأخيراً في أثر تكييف الحيازة كقرينة أم سبب لاكتساب الملكية على حجية الملكية في سجل الشهر العقاري الشخصي رابعاً.

أولاً: ظروف الانتقال نحو نظام السجل العقاري العيني

في ظلِّ سعي دولة الكويت نحو تطوير قوانينها بغرض النهوض بالبيئة الاجتماعية والاستثمارية، خاصةً بعد اعتماد رؤية كويت جديدة 2035، فقد كان لزاماً على المشرع الكويتي فرض نظام تسجيل عقاري عيني مُحكَم من حيث حجية الملكية.

حيث إنَّ نظام التسجيل العقاري الشخصي النافذ بموجب المرسوم رقم 5 لعام 1959 ليس بالنظام اليقيني من حيث حجية الملكية العقارية، لكنه كان ضرورياً لإسباغ الصفة الرسمية على التصرُّفات العقارية بصفة مستعجلة في ظلِّ عدم وجود تقسيم مساحي شامل لأرجاء الدولة.

ولكن بعد أن أصبحت الكويت على أعتاب مرحلة انتقالية، وهي مرحلة ما بعد الثروة النفطية، فإنَّ إصلاح نظام الملكية العقارية يُعتبر من الأساسيات بهدف كفالة الحقوق والالتزامات؛ ولذلك كان من الواجب الانتقال من سجل الشهر العقاري الشخصي إلى السجل العيني. وفي ذلك تجنُّب للإشكاليات التي قد تُسبِّبها الملكية بالحيازة على خطط النمو الاقتصادي في الكويت استشرافاً لرؤية كويت جديدة 2035[65].

وبالفعل فقد صدر القانون رقم 21 لعام 2019 في شأن نظام السجل العيني، وقد عرَّف هذا القانون السجل العيني بأنَّه: “مجموعة من الصحائف التي تُبيِّن أوصاف كل عقار وحالته القانونية والحقوق المترتبة له وعليه والمعاملات المتعلقة به”[66].

ثانياً: حجية الملكية وفق سجل الشهر العقاري العيني

لقد آثر المشرع الكويتي التغيير الجذري في نظام التسجيل العقاري من التركيز على شخصية المالك عبر توثيق وشهر تصرُّفاته إلى التركيز على عين العقار عبر تخصيص صحيفة خاصة بكل عقار، فلا يكون الغرض منها فقط تحديد أوصاف العقار وحالته، بل الأهم تسجيل الحقوق والالتزامات المرتبطة بكل عقار والتصرُّفات التي تجري عليه.

وبهذه الطريقة، فلا يمكن الاحتجاج تجاه المالك بأنَّ ملكيته غير مؤكدة، ذلك حتى وإن كانت ملكية العقار موزَّعة على عددٍ من الشركاء، ففي هذه الحالة يجب أن يتمَّ تسجيل كافة الحقوق أو التصرُّفات على كل حصة عقارية على ذات الصحيفة العقارية الخاصة بهذا العقار.

وبناءً عليه، فإنَّ حجية الملكية المقيدة على الصحيفة العقارية هي حجية مطلقة وعلنية تجاه الجميع، فالسجل العقاري العيني يتمتَّع بالقوة الثبوتية التي تمنح قيوده قرينة قاطعة على الملكية[67].

حيث إنَّ قيد اسم المالك على الصحيفة العقارية يعني أنَّ هذا الشخص هو المالك للعقار أو لحصته من العقار، وذلك ضمن تسلسل مالكين واضح من المالك الأول حتى الأخير.

ولذلك، فإنَّ المالك وفق نظام السجل العقاري العيني لا يقوم في دائرة التسجيل العقاري بتصديق تصرُّفاته العقارية بيعاً أو شراءً، بل يقوم بتسجيل تلك التصرُّفات على صحيفة العقار وفق ترتيبها الوارد على الصحيفة بكل دقة من حيث التوقيت؛ وهذا يعني أنَّ القوة المطلقة للبيانات يتمُّ منحها للمستندات المشروعة فقط، وهو ما يسمى بـ: “مبدأ المشروعية” الخاص بالسجل العيني[68].

وبالتالي، فلا يمكن الحديث في ظلِّ نظام السجل العقاري العيني عن عدم سلامة الملكية، أو إمكانية وجود تصرُّفات في السجل العقاري غير مُسجَّلة على صحيفة العقار؛ ولذلك فإنَّ حجية الملكية العقارية هي حجية مطلقة في السجل العيني، ويخسر هذه الحجية مَن يتراخى في التسجيل.

ونتيجة إطلاق حجية الملكية العقارية في السجل العيني، فلا يمكن الحديث عن التملُّك بالحيازة كقرينة على الملكية؛ لأن الملكية قائمة وثابتة بشكل قطعي بموجب التسجيل على الصحيفة العقارية العينية[69]. فيما تبدو الحيازة حينئذٍ كواقعة مادية أشبه بالخيال القانوني وليس الحجية القانونية كما أشار جانب من الفقه الإنكليزي[70].

ثالثاً: تعارُض الملكية عبر الحيازة مع الحجية المطلقة للملكية في السجل العيني

نتساءل هنا:

كيف يمكن لحائز العقار المُسجَّل في السجل العيني أن يُطالِب بانتقال الملكية إليه استناداً على مرور مدة التقادم الطويل؟

هل يمكن ذلك في ظلِّ الحجية المطلقة للملكية للسجل العيني؟

يبدو لنا أنَّه وفق أحكام المنطق القانوني ومبادئ العدالة لا يمكن الحديث عن الحيازة التي تؤول إلى الملكية في ظلِّ الحجية المطلقة للملكية للسجل العيني، ففي الوقت الذي يمكن الحديث عن العدالة[71] نسبياً إبان السجل الشخصي، فلا قيمة للسجل العيني الذي يكفل سلامة الملكية إن كان بالإمكان السيطرة عليها بالحيازة؟

ولكن الإشكالية في القانون الكويتي باتت الآن تكمن في أنَّ القواعد العامة المدنية الكويتية قد تمَّ بناؤها على أساس الحجية غير المطلقة للملكية العقارية وفق نظام سجل الشهر العقاري الشخصي، فكيف ستكون المواجهة بين تلك القواعد العامة وبين قواعد السجل العيني في المستقبل؟

الواقع يقول أنَّ الدول التي سبقت الكويت في تطبيق نظام السجل العيني قد حظرت اكتساب الملكية بمرور الزمن عبر الحيازة كما في سورية ولبنان[72]، إلاَّ أنَّ قانون السجل العيني في الكويت قد أغفل النص على حظر الملكية بالحيازة رغم اكتساب الملكية المُسجَّلة على الصحيفة العقارية للحجية المطلقة.

وهذا الأمر في غير محله إطلاقاً، حيث كان يجب حظر تملُّك العقارات بالحيازة في المناطق التي تدخل السجل العيني تباعاً بعد التحديد المساحي لها، وأن يتمَّ استبقاء هذه الدعوى في المناطق غير المحددة كما فعل المشرع الجزائري[73]؛ أي التي لم يشملها المسح العيني كما شرح جانب من الفقه الجزائري[74].

فالأثر الواجب للسجل العقاري العيني من الحجية المطلقة للملكية يتنافى مع الحيازة كسبب للملكية، حيث إنَّ الحيازة في ظلِّ الحجية المطلقة للملكية لا أثر لها، بل إنَّ الحيازة –في هذه الحال- يجب أن تكون دليلاً على جرم الاستيلاء على العقار[75].

رابعاً: أثر تكييف الحيازة كقرينة أم سبب لاكتساب الملكية على حجية الملكية في سجل الشهر العقاري الشخصي

بغضِّ النظر عن وجهة نظرنا في تكييف المشرع الكويتي للحيازة كقرينة أم سبب لاكتساب الملكية، فما هو تأثير هذا التكييف على حجية سجل الشهر العقاري العيني؟

في حالة كون الحيازة قرينة على الملكية، فمن حيث المبدأ لا أثر لهذه القرينة في ظلِّ الحجية المطلقة للسجل العيني؛ بدليل أن قانون السجل العيني قد قال:

“يكون للسجل العيني قوة إثبات لصحة البيانات الواردة فيه ولا يقبل في إثبات أصل الملكية أو الحق العيني سوى صحيفة العقار أو الشهادات المستخرجة من السجل العيني”[76].

ولكن هذا النص لا يتناول مسألة التقادم الطويل بشكل صريح، وقد يؤدي هذا الغموض إلى تخبُّط في إمكانية تطبيق التملُّك بالحيازة حتى إن تمَّ تكييف الحيازة كقرينة على الملكية، هذا إلى جانب إمكانية تكييفها كسبب للملكية كما سنرى.

فإن كانت الحيازة سبباً للملكية بدليل فصل قانون المرافعات بين واقعة الحيازة التي تستند على التقادم وبين أصل الحق في دعوى الحيازة[77]، فإنَّ الحجية القطعية للسجل العيني لا أثر لها في دعوى الحيازة؛ لأنَّ الحيازة ستحل محل التصرف حتى في السجل العيني، وهو الأمر الواجب مواجهته تشريعياً عبر حظر التملُّك بالحيازة في العقارات المُسجَّلة بصحائف خاصة في السجل العيني؛ وذلك بغرض سد أية ثغرة في النظام العقاري الكويتي قد تنتج عن اختلاف تفسير إرادة المشرع تجاه دعوى الحيازة.

ونتساءل أخيراً: ما مدى دستورية قواعد السجل العيني المرتبطة بدعوى الحيازة؟

المطلب الثاني

مدى دستورية القواعد العقارية المرتبطة بدعوى الحيازة وفق نظام السجل العقاري العيني

الحقيقة أنَّ البحث في دستورية القواعد العقارية المرتبطة بدعوى الحيازة بعد انتقال الكويت نحو نظام السجل العيني تنقسم إلى قسمين أساسيِّن؛ القسم الأول هو ما يخص الأثر الواجب لاعتماد نظام السجل العيني، فيما يكون القسم الثاني خاصاً بالأثر الواقع وفق الثغرة القانونية القائمة في قانون السجل العيني الحالي.

أولاً: التأصيل الدستوري في ظلِّ الأثر الواجب لاعتماد نظام السجل العيني

بالنسبة للأثر الواجب تبعاً لاعتماد نظام السجل العيني، فإنَّ الحجية المطلقة للملكية تمنع أي نقاش حول إمكانية الحصول على ملكية العقار بحيازة السيطرة مهما مرَّ الزمن على هذه الحيازة غير المشروعة وفق هذا النظام.

فطالما أنَّ حجية الملكية مطلقة وعلنية تجاه الكافَّة، فإنَّ الحائز المسيطر يُعتبَر مُخالِفاً للقانون؛ كونه مستولياً على عقار يُفترَض علمه باسم مالكه المُسجَّل على صحيفة العقار؛ وذلك لأنَّ حجية قيود السجل العيني مطلقة تجاه الجميع كما مرَّ معنا.

وهذا الواقع القانوني هو الواقع المتناسب تماماً مع الدستور الكويتي في حماية الملكية الخاصة، وعدم جواز المساس بها إلاَّ للمصلحة العامة.

ثانياً: التأصيل الدستوري في ظلِّ الأثر الواقع وفق الثغرة القانونية القائمة في قانون السجل العيني الحالي

إنَّ الأثر الواقعي لاعتماد نظام السجل العقاري العيني وفق الثغرة القانونية القائمة في قانون عام 2019 الحالي يقول بأنَّ الحجية المطلقة للملكية في السجل العقاري ستتعارض مع القواعد العامة للحيازة التي ما زالت تُجيزُ للحائز الحصول على الملكية دون أن يُلزم ببيان سبب الحيازة فيما يخص السجل العيني.

فإن كانت إمكانية الحديث عن دعوى الحيازة في العقارات غير المحدَّدة في السجل العيني والتي ستبقى خاضعةً لسجل الشهر العقاري الشخصي –بغض النظر عن طبيعتها كسبب أم قرينة للملكية-، فإنَّ الحديث عن دعوى الحيازة في العقارات المحددة بصحيفة خاصة في السجل العيني يُعتبَر ثغرة في النظام القانوني العقاري.

وفي ظلِّ وجود إشكالية التعارض مع دعوى الحيازة والحجية المطلقة للملكية في السجل العيني، فإنَّ كافة مسائل التعارض بين الحيازة كسبب للملكية والدستور الكويتي ستبقى قائمةً حتى بعد صدور قانون السجل العيني.

حيث إنَّ قواعد الحيازة ستصطدم مع قيام حجية مطلقة للملكية العقارية وغموض قانون السجل العيني إزاء اكتساب الملكية بمرور الزمن، الأمر الذي سيضع القضاء الكويتي في حرجٍ كبيرٍ إزاء تطبيق القواعد العامة للحيازة على العقارات ذات الصحائف العقارية المُحدَّدة.

ذلك على الرغم من وجود اتجاه لدى المشرع الألماني باعتماد نظام التملُّك بالحيازة بموجب استصدار قرار قضائي ومضي 30 عاماً على واقعة الحيازة حتى في ظلِّ السجل العيني؛ وذلك نظراً لاعتبارات خشية المشرع على اختلاف الواقع مع قيود السجل العيني كما شرح جانب من الفقه العربي[78]، إلاَّ أنَّ هذا الرأي لا يتوافق مع الظروف العقارية في الكويت؛ خوفاً من انتشار جريمة الاستيلاء على العقارات على نحو مُنظَّم.

وفي نهاية النقاش الدستوري حول دعوى حيازة العقار بغرض كسب ملكيتها نذكر المبدأ الدستوري التالي:

“العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع، والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين”[79]، هذا إلى جانب مبادئ حماية الملكية الفردية[80].

فأين اعتبار الحيازة بسوء نية سبب لاكتساب الملكية من هذا المبدأ أولاً؟

وإن كان التغاضي عن الظلِّم الذي يحيق بالمالك في ظلِّ عدم قطعية ملكيته في سجل الشهر العقاري الشخصي مبرَّراً، فأين هذا المبدأ العام من سلب الملكية العقارية ذات الحجية المطلقة في السجل العيني بفعل الحيازة ثانياً؟

الواقع يقول أنَّه كان من واجب المشرع الكويتي التدخل مبكراً لإعادة ميزان الحقوق إلى مكانها الأصلي منذ أيام مرسوم التسجيل العقاري الشخصي، فكان يجب أن يتم التمهيد لمجموعة من الخرائط العقارية ذات الصحائف التي لا يجوز تملُّكها بالحيازة مهما مرَّ الزمن.

المبحث الرابع

بين الآثار المُتوقَّعة والواقِعَة من انتقال الكويت إلى السجل العيني فيما يتعلَّق بدعوى الحيازة

سنرى كيف كانت هذه الآثار من حيث المُتوقَّع أولاً، ثم من حيث الواقِع ثانياً.

المطلب الأول

الآثار التي كانت مُتوقَّعة من إنشاء السجل العقاري العيني في الكويت على دعوى الحياة

لقد كان من المُتوقَّع بعد اعتماد الكويت لنظام السجل العيني أن يتمَّ التالي:

أولاً: ترسيخ التكييف الأساسي لدعوى الحيازة كقرينة على الملكية

كما كانت المذكرة الإيضاحية للقانون المدني الكويتي قد أكَّدت -وإن نظرياً- على أنَّ الحيازة ليست سبَبَاً مباشراً لكسب الملكية كما يراها المشرع الكويتي[81]، فقد كان يجب أن تتناغم وجهة النظر التشريعية هذه القائمة منذ عام 1980 مع الاتِّجاه التشريعي العقاري بشكلٍ صريحٍ.

وبالتالي، فقد كان من المُتوقَّع أن يتناول قانون السجل العقاري في أحكامه الحديثة موقفه من دعوى الحيازة.

ثانياً: حظر تملك العقار المُسجَّل في صحيفة السجل العيني بالحيازة

لقد كان مُتوقَّعاً في ظلِّ انتشار دعاوى المطالبة بملكية عقارات في الكويت لمجرَّد السيطرة عليها طيلة مدة التقادم الطويل، أن يقومَ المشرع الكويتي بحظرِ تملُّك العقارات المُسجَّلة بصحائفٍ عقاريةٍ تُوضِّح أوصافها وملاَّكها والحقوق المرتبطة بها بحجية قطعيَّة تجاه الكافة، وذلك مهما مرَّ الزمن على واقعة حيازتها.

حيث إنَّ النتيجة المنطقية الواضحة لقيام قرينة الملكية العلنية القطعية تجاه الجميع أن يُعتبَرَ الحائز مستولياً غيرَ شرعيٍّ على العقار؛ الأمرُ الذي كان سيُخوِّلُ مالك هذا العقار إخلاءَ الحائز بالإضافة إلى مطالَبَتِه بالتعويض، وحتى تحريك الدعوى العامَّة بحقِّه نتيجة انتهاكه لحُرمة ملكيته الفردية التي حماها الدستور.

إلاَّ أنَّ هذه الآثار المُتوقَّعة قد قابلتها من المشرع الكويتي آثارٌ واقِعَةٌ مختلفةٌ تماماً.

المطلب الثاني

الآثار الواقِعَة من إنشاء السجل العقاري العيني في الكويت على دعوى الحياة

بدلاً من ترسيخ طبيعة دعوى الحيازة كقرينةٍ على الملكية وحظر امتلاك العقار بالحيازة في ظل السجل العقاري العيني، فقد كانت الآثار الواقعة بعد نفاذ القانون رقم 21 لعام 2019 كما يلي:

أولاً: ترسيخ حالة الغموض

رغم التأثير الذي كان مُتوقَّعاً من القواعد العينية العقارية التي كانت تُوجِبُ توضيح المشرع لموقفه من تملُّك العقارات عبر الحيازة، إلاَّ أنَّ قانون السجل العيني الكويتي لم ينصْ على مسألة مرور الزمن أو التقادم البتَّة، وهو ما يُوضِّح برأينا أنَّ المشرع الكويتي لم يربِطْ الأثار القانونية بين القواعد العقارية وغيرها من الدعاوي المرتَبِطَة بها بشكلٍ محكمٍ؛ الأمر الذي أدَّى به إلى ترسيِخِ حالة الغموض إزاء طبيعة دعوى الحيازة بدلَ ترسيخ التكييف الأساسي لهذه الدعوى كقرينةٍ على الملكية لا سبباً لاكتسابها.

ثانياً: فتح باب تملُّك العقار المُسجَّل في صحيفة السجل العيني بالحيازة

لا يبدو من السكوت التشريعي الواقع في قانون السجل العيني بخصوص الحيازة وجودَ أيَّةِ إمكانيةٍ لحظر تملُّك العقارات عبر الحيازة؛ فعلى الرغم من إمكانية التأسيس على شروح المذكرة التوضيحية في اعتبار الحيازة –كواقعةٍ- هي دليلٌ مُجرَّدٌ لا يصل إلى مرتبة سبب اكتساب الملكية، ممَّا سيؤدِّي إلى رفض الحيازة كدليلٍ في ظلِّ الحجية القطعية للسجل العيني، إلاَّ إنَّ هذه التفسيرات تبقى محضَ تقديرِ واستقراءِ قضاة الموضوع التي قد تختلف وتتعارض، فتضيعُ معها ملكية الشخص بسبب مرور مدة التقادم.

فعلى الرغم من قطعية الملكية الواردة على صحيفة العقار بشكلٍ علنيٍّ، فإنَّ الحيازة -بالمقابل- هي حقٌّ منفصلٌ عن أصل الحق بالملكية وفق قانون المرافعات الكويتي كما مرَّ معنا؛ وهذا ما يفتح المجال لانتهاك القرينة العلنية للملكية نتيجة نفاذ أحكام دعوى الحيازة من جهة، وعدم حظر المشرع الكويتي لامتلاك العقار بالتقادم الطويل بموجب دعوى الحيازة في قانون السجل العيني من جهة أخرى.

الخاتمة

بصفة عامة، تبدو فكرة دعوى الحيازة كسبب من أسباب الملكية العقارية غير مقبولة على الإطلاق في ظلِّ انتقال الكويت نحو نظام السجل العقاري العيني؛ لأنَّ هذه الدعوى تستند على حق العيني المُكتسَب بالحيازة بعد انقضاء مدة التقادم الطويل في ظلِّ عدم قطعية حجية الملكية التي كانت واردة في وثائق سجل الشهر العقاري الشخصي القديم في الكويت.

أمَّا برؤية شخصية، فتبدو دعوى الحيازة كسبب من أسباب كسب الملكية وسيلة استيلاء واحتيال خطيرة على المجتمع والاقتصاد الكويتي؛ فقد أدَّت مع مرور الوقت إلى تسهيل قيام عصابات لسرقة الأملاك العقارية بالاستناد على ثغرات القانون وضعف حجية الملكية في السجل العقاري الشخصي.

وبالتالي، فإنَّ تعديل الرؤية التشريعية نحو الحيازة هو الأمر الضروري في هذا الزمن العقاري الانتقالي من السجل الشخصي إلى العيني في الكويت، خاصةً أنَّ هذه المسألة تمس الملكية العقارية التي تربط الإنسان بوطنه وأرضه إلى جانب استثماراته؛ حيث قال الفقه الكندي أنَّ: “الأرض هي الحياة” “land is life”[82].

النتائج

الحيازة هي قرينة على الملكية وفق المذكرة الإيضاحية للقانون الكويتي؛ إلاَّ أنَّ اعتبار الحيازة -كواقعة مادية منفصلة عن أصل الحق- سبباً للملكية هو أمر ممكن بدليل:

نَصُّ القانون المدني الكويتي في المادة 935 على عدم إلزام الحائز بإظهار سبب حيازته (قانوني أم استيلاء) لدى إنكاره حق المالك الأصلي بعد مرور مدة التقادم الطويل في دعوى الحيازة،
فَصْلُ قانون المرافعات المدنية والتجارية الكويتي بين الحيازة (قانونية أم استيلاء) وبين الحق الأصلي في جميع دعاوى الحيازة، ومنها دعوى التملُّك بالحيازة بالاستناد على التقادم الطويل، وحظر الاستناد على الدليل الناتج عن دعوى أصل الحق في دعوى التملُّك عبر الحيازة.

سجل الشهر العقاري الشخصي لا يمنح حجية مطلقة للملكية نظراً لتركيزه على شخصية المالك وتصرُّفاته، على عكس السجل العيني الذي يُركز على عين العقار فيمنح تبعاً لذلك حجية ملكية مطلقة تجاه الجميع.
يُفترَضُ ألاَّ يكون للحيازة بعد مرور التقادم الطويل أيَّ أثرٍ في ظلِّ السجل العقاري العيني الذي يمنح حجية ملكية مطلقة، إلاَّ أنَّ المشرع الكويتي قد أغفل النص على حظر اكتساب الملكية بمرور الزمن في القانون رقم 21 لعام 2019.
تملُّك العقارات بالحيازة في ظلِّ السجل العيني يتنافى مع بنية النظام القانوني العقاري الجديد في الكويت، ويخالف الدستور الكويتي.

التوصيات

من الضروري النص على حظر تملُّك العقارات بالحيازة حتى وإن افترضنا تكييف المشرع الكويتي للحيازة كقرينة وليس سبب لاكتساب الملكية؛ للأسباب التالية:

التأكيد على الحجية المطلقة للملكية المُسجَّلة في السجل العيني التي لا ينال منها مرور الزمن.
رفع الغموض عن مصير دعوى التملُّك بالحيازة إزاء العقارات المُسجَّلة في السجل العيني.
مواجهة أي تناقض مُمْكن في الأحكام القضائية إن ظهر اختلاف في تكييف المشرع الكويتي لطبيعة الحيازة (قرينة أم سبب لاكتساب الملكية)، خاصةً في ظلِّ بدء ظهور دعاوى تُطالب بملكية العقارات على أساس واقعة الحيازة أمام القضاء الكويتي.

ضرورة إعادة المشرع للنظر في القواعد المدنية العامة لدعوى الحيازة التي تخصُّ العقارات التي مازالت خاضعة لنظام السجل العقاري الشخصي، خاصةً في ظلِّ قواعد مثل عدم إلزام الحائز بإثبات سبب حيازته القانوني، والفصل بين الحيازة المستندة للتقادم الطويل وبين أصل الحق في الملكية، وكل ذلك بالإسقاط على مبدأ حماية الملكية الفردية واعتبارها جزءاً من الثروة الاجتماعية الكويتية في الدستور الكويتي.
إقامة ورشة عمل قضائية عقارية مشتركة بغرض تأكيد نفي أية قيمة للحيازة في الدعاوى التي تتناول العقارات ذات الصحائف العينية في السجل العقاري العيني، وإظهار الغموض في حجية الملكية وفق السجل الشخصي وكيف أنَّ انتقال الكويت لنظام السجل العيني قد أنهى هذا الغموض.

المراجع

أولاً: المراجع باللغة العربية

1- الكتب:

– أبو الليل، إبراهيم، أصول القانون، الجزء 2، أصول الحق، لجنة التأليف والتعريب والنشر، مجلس النشر العلمي، جامعة الكويت، عام 2006.

– الاهواني، حسام، عقد البيع في القانون المدني الكويتي، جامعة الكويت، عام 1989.

– السنهوري، عبد الرزاق، الوسيط في شرح القانون المدني:

ج3، نظرية الالتزام بوجه عام، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، 1968.
ج8، حق الملكية، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، 1968.
ج9، أسباب كسب الملكية، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، 1968.

– عبد الفتاح، عزمي، الوسيط في قانون المرافعات الكويتي، قانون القضاء المدني الكويتي، مؤسسة دار الكتب، الكويت، الطبعة الثانية، عام 2011.

– المقاطع، محمد عبد المحسن، الوسيط في النظام الدستوري الكويتي ومؤسساته السياسية، منشورات كلية القانون الكويتية العالمية KILAW، الكويت، الطبعة الثانية، عام 2012.

2- الأبحاث المحكمة:

– البدري، علي، القيد الأول، مجلة أهل البيت، العدد 8، عام 2009.

– صاعو، عبد الإله، دعاوى الحيازة، مجلة منازعات الأعمال، العدد 24، مايو 2017.

– فاضل، أسماء سعدون، انتقال الحيازة وحمايتها في القانون المدني العراقي، مجلة مداد الآداب، العدد 13، عام 2017.

– نوري، إيمان يوسف، التنظيم القانوني لاكتساب ملكية عقار غير مُسجَّل، مجلة جامعة تكريت للحقوق، العدد 3، مارس/آذار 2018.

3- الرسائل العلمية

– بوشراي، بلقاسم، إجراءات الشهر العقاري في التشريع الجزائري، مذكرة لنيل شهادة ماجستير في القانون الخاص: فرع العقود والمسؤولية، كلية الحقوق، جامعة الجزائر 1، نوقشت عام 2014.

– جباري، رضا، التصرف في ملك الغير، أطروحة لنيل درجة الدكتوراه في القانون، كلية الحقوق، جامعة الجزائر 1، نوقشت عام 2017.

– سليماني، مصطفى ويوسفي، جلول، الحيازة كسبب من أسباب كسب الملكية العقارية الخاصة، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون العقاري، كلية الحقوق، جامعة أدرار، الجزائر، نوقشت عام 2014.

– عينبوسي، غدير، خصوصية دعوى الحيازة “دراسة مقارنة”، أطروحة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في القانون، كلية الدراسات العليا، جامعة النجاح الوطنية، نابلس، فلسطين، نوقشت عام 2015.

– فردي، كريمة، الشهر العقاري في التشريع الجزائري، بحث مقدم لنيل شهادة الماجستير في علم القانون الخاص، فرع القانون العقاري، جامعة قسنطينة، الجزائر، نوقشت في 2008.

– لمطاعي، نور الدين، نقل الملكية العقارية على ضوء القضاء الجزائري، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في العقود والمسؤولية، جامعة الجزائر 1، نوقشت عام 2011.

4- أحكام محكمة التمييز الكويتية https://www.eastlaws.com/

– الطعن رقم 116، جلسة 16-3-1983.

– الطعن رقم 218، جلسة 29-5-1985.

– الطعن رقم 171، جلسة 2-4-1989.

– الطعن رقم 233، جلسة 9-10-2000.

– الطعن رقم 118، جلسة 4-2-2009.

ثانياً: المراجع باللغة الإنكليزية

1- Papers:

– Blomley, Nicholas, Precarious Territory: Property Law, Housing, and the Socio-Spatial Order, Antipode Journal, Vol. 0, 2019.

– Dunk, Thomas, The Best Approach to Adverse Possession, and the Decline of Factual Possession, The Conveyance and Property Lawyer, Vol. 80 (6), 2016.

– Pawlowski, Mark and Brown, James, Adverse Possession and the Transmissibility of Possessory Rights The Dark Side of Land Registration?, 2017. See:

https://gala.gre.ac.uk/id/eprint/16493/2/16493%20PAWLOWSKI_Adverse_Possession_2017.pdf (15-2-2020).

– Stern, Shai, David Against Goliath: The Distributive Justification for the Adverse Possession Doctrine, New Perspectives on Acquisitive Prescription, 2019.

2- Thesis

– Nicol, Michael, The Fiction of Adverse Possession: an alternative conceptualisation of the right to control land, thesis submitted for the degree of Doctor of Philosophy PhD, Lancaster University, 2017.

[1] د. السنهوري، عبد الرزاق، الوسيط في شرح القانون المدني، ج8، حق الملكية، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، 1968، الصفحة 209.

بينما الحق الشخصي هو في حقيقته رابطة بين شخصين؛ ولذلك فلا يمكن تصور تملك الحق الشخصي بالتقادم. أنظر: المرجع السابق، الصفحة 211.

[2] Dunk, Thomas, The Best Approach to Adverse Possession, and the Decline of Factual Possession, The Conveyance and Property Lawyer, Vol. 80 (6), 2016, page 331.

[3] Pawlowski, Mark and Brown, James, Adverse Possession and the Transmissibility of Possessory Rights – The Dark Side of Land Registration?, 2017, page 1. See:

https://gala.gre.ac.uk/id/eprint/16493/2/16493%20PAWLOWSKI_Adverse_Possession_2017.pdf (15-2-2020).

[4] لازم، أحمد، مواطن يتقدم بدعوى لوضع اليد على 131 عقاراً في الكويت – يطالب بإثبات ملكيته بالتقادم كون أصحابها لا يعلمون عنها شيئاً، جريدة الرأي الكويتية، 18 سبتمبر 2012. أنظر:

https://www.alraimedia.com/Home/Details?Id=78dd1c44-0f64-4769-94ed-6a37621e0b0b (15-2-2020).

[5] د. السنهوري، عبد الرزاق، الوسيط في شرح القانون المدني، ج9، أسباب كسب الملكية، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، 1968، الصفحات من 17 إلى 25.

[6] أي أنَّ الغاية من السجل الشخصي هذا تنحصر في شهر التصرفات التي يُجريها المالك على العلن وإسباغ الصفة الرسمية عليها دون ضمان سلامة الملكية، الأمر الذي لا يمنح قيود السجل القوة الشكلية الكافية لحماية المالك والغير حسن النية؛ حيث إنَّ نظام شهر العقود لا يترافق عادةً مع قواعد شكلية صارمة تفرض قوة إثبات قطعية لقيود السجل بل مجرد قواعد تكفل شهر العقود التي يطلب أطرافها شهرها.

[7] أحد صيَّادي العقارات المهجورة يدعي ملكية أراض ومنازل بقيمة 350 مليون دينار، من يهجر أملاكه 15 عاماً.. يمتلكها غيره.. بالقانون!!، جريدة الوطن الكويتية، بتاريخ 2-3-2013.

[8] المادة 905، القانون المدني الكويتي. أنظر أيضاً: د. السنهوري، عبد الرزاق، الوسيط في شرح القانون المدني، ج9، أسباب كسب الملكية، مرجع سابق، الصفحة 992.

[9] “… adverse possession, in which title to property may change hands without compensation”. See: Roth, M. Garrett, Reconciling Competing Systems of Property Rights through Adverse Possession, Libertarian Papers, Vol. 10, No. 1, 2018, page 113.

[10] د. السنهوري، عبد الرزاق، الوسيط في شرح القانون المدني، ج9، أسباب كسب الملكية، مرجع سابق، الصفحة 785.

[11] فاضل، أسماء سعدون، انتقال الحيازة وحمايتها في القانون المدني العراقي، مجلة مداد الآداب، العدد 13، عام 2017، الصفحة 453.

[12] للمزيد من الاطِّلاع على نظرية الدعوى المدنية في قانون المرافعات المدنية والتجارية الكويتي، أنظر: عبد الفتاح، عزمي، الوسيط في قانون المرافعات الكويتي، قانون القضاء المدني الكويتي، مؤسسة دار الكتب، الكويت، الطبعة الثانية، 2011، الصفحة 11 وما بعد.

[13] أو “وضع اليد”. أنظر: صاعو، عبد الإله، دعاوى الحيازة، مجلة منازعات الأعمال، العدد 24، مايو 2017، الصفحة 202.

[14] فاضل، أسماء سعدون، مرجع سابق، الصفحة 459.

[15] المذكرة الإيضاحية للقانون المدني الكويتي، شرح المادة 905. أنظر في قضاء محكمة التمييز الكويتية:

الطعن رقم 116، جلسة 16-3-1983.

الطعن رقم 218، جلسة 29-5-1985.

الطعن رقم 171، جلسة 2-4-1989.

[16] عينبوسي، غدير، خصوصية دعوى الحيازة “دراسة مقارنة”، أطروحة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في القانون، كلية الدراسات العليا، جامعة النجاح الوطنية، نابلس، فلسطين، نوقشت عام 2015، الصفحة 25.

[17] فيقول الحائز عن العقار: “ملكي”، ويقول الناس: “ملك فلان (أي الحائز)”. أنظر: المرجع السابق، الصفحة 203.

[18] فاضل، أسماء سعدون، مرجع سابق، الصفحة 459.

[19] نوري، إيمان يوسف، التنظيم القانوني لاكتساب ملكية عقار غير مسجل، مجلة جامعة تكريت للحقوق، العدد 3، مارس/آذار 2018.

[20] Nicol, Michael, The Fiction of Adverse Possession: an alternative conceptualisation of the right to control land, thesis submitted for the degree of Doctor of Philosophy PhD, Lancaster University, 2017, page 282.

[21] المادة 907، القانون المدني الكويتي.

“فالتسامح يفيد الترخيص من المالك، وبالتالي لا يمكن القول إن من يباشر هذه الأعمال يظهر بمظهر المالك أو صاحب الحق العيني، فلا يعتبر حائزًا من يمر من أرض جاره تسامحًا من الجار مراعاةً منه لما يقتضيه الجوار من حسن العلاقات بين الجيران ولا يعتبر حائزًا الابن الذي ينتفع بملك أبيه تسامحًا من الأب وهكذا”. أنظر المذكرة الإيضاحية للقانون المدني الكويتي، شرح المادة 907.

[22] د. السنهوري، عبد الرزاق، الوسيط في شرح القانون المدني، ج9، أسباب كسب الملكية، مرجع سابق، الصفحات 820 إلى 823.

[23] د. السنهوري، عبد الرزاق، الوسيط في شرح القانون المدني، ج9، أسباب كسب الملكية، مرجع سابق، الصفحة 859.

[24] عينبوسي، غدير، مرجع سابق، الصفحة 27 و28.

ويمكننا طرح مثال عن هذه الحالة، كأن يقوم الحائز بالجلوس في مجلس جاره مع حمله لمفاتيح المجلس بشكل مستمر لمدة 15 عاماً، فلا يحق له تملُّك المجلس بالتقادم؛ لأن مالكه قد تسامح مع جاره في إدارة المجلس بغرض استضافة ضيوفهما حفاظاً على حسن الجوار، كما أنَّ الحائز لم تكنْ لديه نية الاعتداء على ملك جاره في هذه الحالة لأنَّه يعلم أن جاره قد تسامح معه.

[25] “The legal doctrine of adverse possession is recognized in most western jurisdictions. The doctrine enables the transfer of legal title to property upon the fulfillment of certain conditions, one of which is that the property should have been occupied without the owner’s consent”. see: Stern, Shai, David Against Goliath: The Distributive Justification for the Adverse Possession Doctrine, New Perspectives on Acquisitive Prescription, 2019, page 159.

[26] التي تعدُّ جزءاً من الأموال العامة أو “الدومين العام”. أنظر: د. السنهوري، عبد الرزاق، الوسيط في شرح القانون المدني، ج9، أسباب كسب الملكية، مرجع سابق، الصفحة 998.

[27] المادة 906، القانون المدني الكويتي.

[28] المادة 935، القانون المدني الكويتي.

[29] د. السنهوري، عبد الرزاق، الوسيط في شرح القانون المدني، ج9، أسباب كسب الملكية، مرجع سابق، الصفحة 840.

[30] د. السنهوري، عبد الرزاق، الوسيط في شرح القانون المدني، ج3، نظرية الالتزام بوجه عام، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، 1968، الصفحة 995.

[31] أنظر في الفرق بين الملكية عبر الحيازة وبين الملكية الناشئة عن القيد الأول للملكية لدى: البدري، علي، القيد الأول، مجلة أهل البيت، العدد 8، عام 2009، الصفحة 349.

[32] د. السنهوري، عبد الرزاق، الوسيط في شرح القانون المدني، ج9، أسباب كسب الملكية، مرجع سابق، الصفحة 984.

[33] سليماني، مصطفى ويوسفي، جلول، الحيازة كسبب من أسباب كسب الملكية العقارية الخاصة، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون العقاري، كلية الحقوق، جامعة أدرار، الجزائر، نوقشت عام 2014، الصفحة أ.

[34] Blomley, Nicholas, Precarious Territory: Property Law, Housing, and the Socio-Spatial Order, Antipode Journal, Vol. 0, 2019, page 1.

[35] حتى أنَّ الفقه الإنكليزي قد أكَّد على الوثائق التي تربط بين تسجيل الملكية وحق الملكية وليس الحيازة، واعتبر أنَّ التملك عبر الحيازة هو الجانب المظلِّم من سوق العقارات. أنظر:

“where title is registered, the basis of title is primarily the fact of registration rather than possession”. See: Pawlowski, Mark and Brown, James, op. cit., page 16.

[36] المذكرة الإيضاحية للقانون المدني الكويتي، شرح المادة رقم 935.

[37] فيما يتعلَّق بقيام الحق في الدعوى المدنية وفق القانون الكويتي، أنظر لدى: عبد الفتاح، عزمي، مرجع سابق، الصفحة 37.

[38] المادة 935، القانون المدني الكويتي.

[39] “من المقرر أن حيازة العقار والظهور عليه بمظهر المالك مدة خمس عشرة سنة يُعتبر قرينة شرعية وقانونية على ملكية الحائز…”. أنظر: محكمة التمييز الكويتية:

الطعن رقم 233، جلسة 9-10-2000.

الطعن رقم 118، جلسة 4-2-2009.

[40] المادة 935، القانون المدني الكويتي. أنظر أيضاً: المذكرة الإيضاحية للقانون المدني الكويتي، شرح المادة 935.

[41] جاء في شرح المادة 935 من المذكرة الإيضاحية للقانون المدني الكويتي: “يُشتَرََط أن ينكر الحائز، عند المنازعة، حق الغير ويدعي الحق لنفسه ولو لم يبين سبب كسبه لهذا الحق، وهذا الشرط هو الذي يبرز الفارق الجوهري بين النظام الإسلامي والنظم الوضعية. ولا خلاف بين فقهاء الشريعة الإسلامية في ضرورة ادعاء الحائز أنه هو المالك ولكنهم اختلفوا في مطالبته ببيان سبب تملكه، وقد أخذ المشروع بما ذهب إليه مشروع تقنين الشريعة الإسلامية على مذهب الإمام مالك من أنه يشترط أن يدعي الحائز حين المنازعة ملكيته للشيء المحاز ولو لم يبين سبب الملكية، وذكرت اللجنة التي وضعت المشروع أن ما جرى عليه (من أنه لا يشترط بيان سبب الملكية هو القول المعتمد للاستغناء عن بيانه بدلالة الحيازة عليها وقيل لا بد من بيان سببها)”.

[42] المرجع السابق.

[43] المادة 3، قانون المرافعات المدنية والتجارية الكويتي.

[44] د. السنهوري، عبد الرزاق، الوسيط في شرح القانون المدني، ج9، أسباب كسب الملكية، مرجع سابق، الصفحة 956. أنظر أيضاً: أنظر: صاعو، عبد الإله، مرجع سابق، الصفحة 207.

[45] السنهوري، عبد الرزاق، الوسيط في شرح القانون المدني، ج9، أسباب كسب الملكية، مرجع سابق، الصفحة 897.

[46] المادة 3، قانون المرافعات المدنية والتجارية الكويتي.

[47] فردي، كريمة، الشهر العقاري في التشريع الجزائري، بحث مقدم لنيل شهادة الماجستير في علم القانون الخاص، فرع القانون العقاري، جامعة قسنطينة، الجزائر، نوقشت في 2008، الصفحة 29.

[48] المادة 7، المرسوم رقم 5 لعام 1959 بإصدار قانون التسجيل العقاري. أنظر أيضاً لدى: أبو الليل، إبراهيم، أصول القانون، الجزء 2، أصول الحق، لجنة التأليف والتعريب والنشر، مجلس النشر العلمي، جامعة الكويت، عام 2006، الصفحة 399.

[49] المادة 3، المرسوم رقم 5 لعام 1959 بإصدار قانون التسجيل العقاري.

[50] الاهواني، حسام، عقد البيع في القانون المدني الكويتي، جامعة الكويت، عام 1989، الصفحة 286.

[51] السنهوري، عبد الرزاق، الوسيط في شرح القانون المدني، ج9، أسباب كسب الملكية، مرجع سابق، الصفحة 988.

[52] فردي، كريمة، مرجع سابق، الصفحة 29.

[53] الاهواني، حسام، مرجع سابق، الصفحة 285.

[54] الاهواني، حسام، مرجع سابق، الصفحة 285.

[55] فردي، كريمة، مرجع سابق، الصفحة 31.

[56] فردي، كريمة، مرجع سابق، الصفحة 32.

[57] “… a temporal dimension to property rights…”. See: Roth, M. Garrett, op. cit., page 124.

[58] المادة 16، دستور الكويت.

[59] المادة 18، دستور الكويت.

[60] المقاطع، محمد عبد المحسن، الوسيط في النظام الدستوري الكويتي ومؤسساته السياسية، منشورات كلية القانون الكويتية العالمية KILAW، الكويت، الطبعة الثانية، عام 2012، الصفحة 217.

[61] “Use It or Lose It”. See: Raz, Itzchak Tzachi, Use It or Lose It: Adverse Possession and Economic Development, Working Paper, August 2017, page 1. See:

http://www.eh.net/eha/wp-content/uploads/2017/08/Raz.pdf (15-2-2020).

[62] السنهوري، عبد الرزاق، الوسيط في شرح القانون المدني، ج9، أسباب كسب الملكية، مرجع سابق، الصفحة 863.

[63] السنهوري، عبد الرزاق، مرجع سابق، الصفحة 989.

[64] فكان الأفضل أن يتم منح الاحترام أكثر للملكية المسجلة في السجل العقاري الشخصي، والسماح بالملكية عبر الحيازة بعد انقضاء مدة التقادم الطويل فقط في العقارات غير المسجلة في هذا السجل. أنظر في هذه الفكرة لدى: نوري، إيمان يوسف، مرجع سابق، الصفحة 268.

[65] ينظر في إشكالية التملك بالحيازة بالارتباط مع النمو الاقتصادي في الفقه الإنكليزي لدى: Raz, Itzchak Tzachi, op. cit., page 1.

[66] المادة 1، قانون السجل العيني رقم 21 لعام 2019.

[67] فردي، كريمة، مرجع سابق، الصفحة 36.

[68] الاهواني، حسام، مرجع سابق، الصفحة 287.

[69] لمطاعي، نور الدين، نقل الملكية العقارية على ضوء القضاء الجزائري، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في العقود والمسؤولية، جامعة الجزائر 1، نوقشت عام 2011، الصفحة 19.

[70] Nicol, Michael, op. cit., page 11.

[71] فاضل، أسماء سعدون، مرجع سابق، الصفحة 468.

[72] “إن مرور الزمن لا يعترض به على الحقوق المسجلة في السجل العقاري”. أنظر: المادة 19، قانون السجل العقاري النافذ في سورية ولبنان، رقم 188، عام 1926.

[73] فردي، كريمة، مرجع سابق، الصفحة 37. أنظر في تسلسل التنظيم القانوني لعملية الشهر العقاري في الجزائر لدى: بوشراي، بلقاسم، إجراءات الشهر العقاري في التشريع الجزائري، مذكرة لنيل شهادة ماجستير في القانون الخاص: فرع العقود والمسؤولية، كلية الحقوق، جامعة الجزائر 1، نوقشت عام 2014، الصفحة 1.

[74] جباري، رضا، التصرف في ملك الغير، أطروحة لنيل درجة الدكتوراه في القانون، كلية الحقوق، جامعة الجزائر 1، نوقشت عام 2017، الصفحة 182.

[75] أنظر في تجاذبات جريمة الاستيلاء على العقارات المهجورة مع الحيازة السلبية مع سوء نية في الفقه الإنكليزي لدى:

Dunk, Thomas, op. cit., page 337.

[76] المادة 19، قانون نظام السجل العيني رقم 21 لعام 2019.

[77] المادة 3، قانون المرافعات المدنية والتجارية الكويتي.

[78] سليماني، مصطفى ويوسفي، جلول، مرجع سابق، الصفحة 60.

[79] المادة 7، الدستور الكويتي.

[80] للمزيد من التوسُّع في هذه المبادئ، أنظر لدى: المقاطع، محمد عبد المحسن، مرجع سابق، الصفحة 217.

[81] المذكرة الإيضاحية للقانون المدني الكويتي، شرح المادة رقم 935.

[82] Blomley, Nicholas, op. cit., page 15.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .