بسم الله الرحمن الرحيم

عقد الإعلان التجـــــــــــاري
مفهومه وتكييفه الفقهي
اعداد :بعمارة الحاج إبراهيم· والدكتور أحمد ياسين القرالة**
كلية الدراسات الفقهية والقانونية
جامعة آل البيت

A commercial advertising:
its concept and adaptation in jurisprudence
BAAMARA ALHAJ IBRAHEEM
DR. AHMAD YASIN ALGARALLAH

_
· باحث في الفقه الإسلامي .
** استاذ مشارك كلية الدراسات الفقهية والقانونية ، جامعة آل البيت .

عقد الإعلان التجـــــــــــاري : مفهومه وتكييفه الفقهي
ملخص
يعدُّ الإعلانُ التجارِي مِن أهمِّ الركائزِ التي يقومُ عليها الاقتصادُ المعاصرُ، كما أنهُ عصبٌ محركٌ له، ووسيلةٌ للتعريفِ بالسلعِ والخدماتِ وترغيبِ المستهلكينَ في الإقبالِ عليها واقتنائِها، كما أنهُ يعدُّ وسيلةً مِن وسائلِ المنافسةِ بين المنتجينَ، ويعنى هذا البحثُ بدراسةِ الإعلانِ التجارِي كعقدٍ، وما هو معيارُ هذا العقدِ؟ وما هي الصورُ التي يردُ عليها؟ ثم ما تكييفُ كلِّ صورةٍ؟
ويتضمنُ هذا البحثُ على النقاطِ الآتية:
1. تعريفُ الإعلانِ التجاريِ في اللغةِ والاصطلاحِ؛ وفي عرفِ علمِ التسويق، ثم محاولةُ صياغةِ تعريفٍ فقهي للإعلانِ التجاري.
2. البحثُ في مشروعيةِ الإعلانِ التجارِي.
3. محاولةُ إيجادِ معيارٍ لعقدِ الإعلانِ التجارِي، لاحتواءِ العملية الإعلانيةِ على مجموعةٍ كبيرة مِن العقودِ المتشابهة، قصد التفريقِ بينهما وبين عقدِ الإعلانِ التجاري، ثم إسقاطُ هذا المعيارِ على مجموعة ِ العقودِ التي يشتبهُ فيها أنها من ضمن عقدِ الإعلانِ، ثم استخراج الصورِ التي يردُ بها هذا العقد.
4. التكييفُ الفقهِي للصورةِ الأولَى التي يردُ بها عقدُ الإعلانِ التجارِي، وهي تعاقدُ المعلنِ مع وسيلةِ النشرِ لنشرِ الرسالةِ الإعلانيةِ، وهي عقدُ إجارةٍ.
5. التكييفُ الفقهِي للصورةِ الثانيةِ التي يردُ بها عقدُ الإعلانِ وهي تعاقدُ المعلِنِ مع وكالةٍ إعلانيةٍ لإنتاجِ الرسالةِ الإعلانيةِ ونشرها، وهي عقدُ مقاولةٍ.
الكلمات الدالة : الفقه الإسلامي ،المعاملات المالية ، الإعلان التجاري .
A commercial advertising: its concept and adaptation in jurisprudence
Commercial advertising is the most important pillars of the modern economy, and its the backbone, and a means to identify the goods and services, attract consumers to buy it., and it’s a way of competition among producers, which means this research study advertising contract, and is the standard of this contract? What is the response to them? And who we can form each image?
This research includes the following points:
1. The definition of commercial advertising in the language and terminology; and the concept of marketing, and then attempt to formulate a doctrinal definition of commercial advertising.
2. the legality of commercial advertising.
3. Try to find a criterion for a commercial advertising, operation to contain a large group of similar contracts, in order to differentiate between them and the advertising contract, then drop this standard to the group of contracts that are suspected to be from within the advertising contract, and then extract images which are by this contract .
4. Jurisprudence law in the first formula , which are held by commercial advertising, an advertiser contracted with the means of publication for the dissemination of advertising message, which is a lease or contract.
5. Jurisprudence law in second formula, which are held by the declaration, a contract with the advertiser and advertising agency for the production and dissemination of advertising message, which held a contract.
Key words: Islamic Jurisprudence
financial transactions, commercial advertising

المقدمة
الحمدُ لله ربَّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على أشرفِ المرسلينَ؛ سيدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ وسلم، وبعدُ :
فقد أضحَى للإعلانِ في هذه الأيامِ مكانةً خاصةً ومتميزةً، ولا توجدُ وسيلةٌ إعلاميةٌ تخلُو منه بل فرضَ نفسَه على جميعِ جوانبِ الحياةِ، وأصبحَ الإعلانُ من وسائلِ التسويقِ المهمةِ؛ وله دورٌ كبيرٌ في التعريفِ بالسلعِ والخدماتِ، ويرشدُ المستهلكينَ إليهَا وإلى مميزاتِها.
أهدافُ البحثِ :
يهدفُ هذا البحثُ إلى تحقيقِ الأمورِ الآتيةِ:
تحديدُ مفهومُ الإعلانِ والتمييز بينه وبين وسائلِ الترويجِ الأخرَى للسلعِ والخدماتِ.
بيانُ التكييفِ الفقهِي لعقدِ الإعلانِ التجارِي، ليتمكنَ الفقهاءُ من تحديدِ شروطهِ وبيانِ آثارهِ، لتحديدِ حقوقِ طرفيهِ وواجباتِه.
مشكلةُ البحثِ:
يمكنُ تحديدُ إشكاليةِ البحثِ في الأسئلةِ الآتيةِ:
‌أ- ما هو مفهومُ الإعلانِ التجارِي ؟
‌ب- ما الفرقُ بين الإعلانِ التجارِي وبينَ غيرهِ من وسائلِ التعريفِ الأخرَى ؟
‌ج- ما هو التكييفُ الفقهِي لعقدِ الإعلانِ التجارِي ؟
حدودُ المشكلةِ:
الإعلانُ التجارِي موضوعٌ واسعٌ ومتشعبٌ، لا يمكنُ لبحثٍ كهذا أن يتناولَ كل ما يتعلقُ بهِ، لذلك وانطلاقاً من قاعدةِ ” الحكمُ على الشيءِ فرعٌ عن تصورهِ”، فإنهُ لا يمكنُ تنظيمُ أحكامِ الإعلانِ التجارِي، إلا بعد بيانٍ دقيقٍ لمفهومهِ، وتحديدٍ دقيقٍ لتكييفِه الفقهِي، وما عدا ذلكَ يأتِي تبعاً لهُ ومبيناً، لذلك فإنَّ مشكلةَ البحثِ محددةٌ بتعريفِ مفهومِ الإعلانِ التجارِي، والتكييفُ الفقهِي لعقدِ الإعلانِ، وبالتالِي فلن يتعرضَ البحثُ إلى ما هو خارجُ عن تلكَ الحدودِ.
فرضياتُ البحثِ:
ينطلقُ هذا البحثُ من الفرضيةِ التاليةِ وهي: أنَّ الإعلانَ التجارِي لهُ تعريفٌ محددٌ يختلفُ عن غيرهِ من طرقِ الترويجِ والدعايةِ الأخرَى، وأنَّ عقدَ الإعلانِ له صورتانِ: إحداهمُا يكيفُ العقدُ بناءً عليهَا على أنهُ عقدُ إجارةٍ، والثانيةُ على أنهُ عقدُ مقاولةٍ، وهذا البحثِ يسعَى إلى إثباتِ صدقِ هذهِ الفرضيةِ أو خطئِها.
منهجُ البحثُ:
اعتمدَ هذا البحثُ على منهجينِ اثنينِ همَا:
‌أ. المنهجُ الاستقرائِي: باستقراءِ أقوالِ العلماءِ في مفهومِ الإعلانِ التجارِي وصورِه، لتحديدِ مفهومٍ محددٍ لهُ، واستقراءِ العقودِ في الفقهِ.
‌ب. المنهجُ الاستنباطِي: بدراسةِ عقدِ الإعلانِ التجارِي لبيانِ الوصفِ الفقهِي الذي ينطبقُ عليه، لتحديدِ شروطِ العقدِ وأحكامِه الواجبِ تطبيقُها عليه.
خطةُ البحثِ:
التمهيد.
المبحث الأولُ: مفهومُ الإعلانِ التجارِي، وفيه أربعةُ مطالبٍ:
المطلبُ الأولُ: تعريفُ الإعلانِ لغةً.
المطلبُ الثانِي: تعريفُ الإعلانِ التجارِي اصطلاحاً.
المطلبُ الثالث: المقصودُ منَ الإعلانِ التجارِي في الدراسةِ.
المطلبُ الرابعُ: مشروعيةُ الإعلانِ التجارِي.
المبحثُ الثانِي: التكييفِ الفقهِي لعقدِ الإعلانِ التجارِي، وفيهِ ثلاثةُ مطالبٍ:
المطلبُ الأولُ: المقصودُ بعقدِ الإعلانِ التجارِي ومعيارهُ.
المطلبُ الثّانِي: التكييفُ الفقهيُّ لعلاقةِ المعلنِ بالنّاشر.
المطلبُ الثالثُ: تكييفُ عقدِ الإعلانِ بينَ المعلنِ والوكالةِ الإعلانيةِ.
والحمدُ لله ربِّ العالمينَ.

المبحثُ الأولُ: مفهومُ الإعلانِ التجارِي ومشروعيتهُ.
المطلبُ الأوّلُ: تعريفُ الإعلانِ التجاري لغةً.
مصطلحُ الإعلانِ التجارِي مركبٌ من كلمتينِ: “الإعلانُ” و” التجارِي”، ويجبُ تعريفُ كلِّ واحدٍ منهما على حدةٍ من الناحيةِ اللّغويةِ.
1. الإعلانُ: مصدرٌ للفعل “عَلَنَ”؛ من بابِ ضَرَبَ، وتدل على إظهار الشيء والإشارة إليه([1])، يقال: عَلَنَ الأَمْرُ يَعْلُنُ عُلُوناً ويَعْلِنُ، وعَلِنَ يَعْلَنُ عَلَناً وعَلانية؛ إذا شاع وظهر([2])،وأعْلَنْتُهُ وأَعْلَنْتُ به وعَلَّنْتُهُ بالتشديد أظهرته ([3])، والعِلانُ والمُعالَنَةُ والإِعْلانُ: المجاهرة بالشيء ([4]).
وبما أن الإعلان يحمل معنى المجاهرة بالشيء وإظهاره؛ فإن الإعلان بصفة عامة؛ والتجارِي بالأخص يحمل المعنى نفسه، حيث أن المعلن يعمدُ إلى إظهار المعلَن عنه؛ ويجاهر به بين الناسِ قصد تحقيق غاية ابتغاها من وراء ذلك الإعلان، كالإعلام أو التوعية؛ أو الربح المادي أو كسب ولاء الجمهور لما يعلن له.
2. التّجارِي: الكلمةُ مشتقةٌ من الفعلِ الثلاثِي: تَجَرَ يَتْجُرُ، وكذلك من الفعلِ: اتَّجَرَ يتَّجِرُ، والمصدرُ: تَجْرٌ واتِّجارٌ وتِجَارَةٌ، ويعنِي البيعُ والشراءُ ([5])، والياءُ التي في آخرِ الكلمةِ هي ياءُ النسبِ، وتعنِي كلُّ ما هوَ منسوبٌ إلى التجارةِ، والإعلانُ التجارِي هو كلُّ إعلانٍ كانَ الغرضُ منه البيعُ والشراءُ وتحقيقُ الربحِ المادّي.
المطلبُ الثانيُ: تعريفُ الإعلانِ التجارِي اصطلاحاً
ذهبَ المتخصصونَ في علمِ التسويقِ إلى تعريفِ الإعلانِ التجارِي بتعريفاتٍ عدةٍ، نظرا لاختلافِ المدارسِ الاقتصاديةِ، فالمدرسةُ الفرنسةُ قالت بأنَّ “الإعلانَ التجاريَّ أو الإعلانَ بمعنى الكلمةِ؛ هو مجموعُ الوسائلِ الفنيةِ ذاتِ الأثرِ الجماعيِّ المستخدمةِ لصالحِ مؤسسةٍ أو مجموعةِ مؤسساتٍ لاكتسابِ العملاءِ وزيادةِ عددهم أو الاحتفاظِ بهم” ([6])، ومما يتميزُ بهِ هذا التعريفُ؛ هو تفريقُه بين الإعلانِ بصفةٍ عامةٍ والإعلانِ التجاريِّ الذي يعملُ لكسبِ العملاءِ أو تكثيرهم أو الاحتفاظِ بهم.

أما المدرسةُ البريطانيةُ فعرَّفت الإعلانَ بأنهُ:” وسيلةٌ للتعريفِ بسلعةٍ أو خدمةٍ بغرضِ البيعِ أو الشراءِ” ([7])، ومما يُلاحظُ حولَ هذا التعريفِ أنَّهُ وسَّعَ من مهمةِ الإعلانِ؛ بعد أن كان محصوراً في السلعِ والمنتجاتِ؛ فزادَ الإعلانَ عن الخدماتِ، ويُعدُّ هذا تطوراً لوظيفةِ الإعلانِ، أما المدرسةُ الأمريكيةُ وعلى لسانِ جمعيةِ التسويقِ الأمريكيةِ (AMA) فقالت بأنهُ: “شكلٌ من أشكالِ جهودِ الاتصالِ غيرِ الشخصيةِ المدفوعةِ الأجر؛ لتقديمِ الأفكارِ والسلعِ والخدماتِ وترويجها؛ بواسطةِ معلنٍ محددٍ ومعروفٍ” ([8])، وهنا نلاحظُ توَسُّعَ وظيفةِ الإعلانِ ليشملَ السلعَ والخدماتِ والأفكار، والمقصودُ بالأفكارِ تقديمُ الاستشاراتِ بجميعِ أنواعها.

ولقد رسمَ هذا التعريفُ معالمَ الإعلانِ الحديثِ ووضَّحَ حدودهُ بدقةٍ، فاشترطَ شروطاً كي يُفصلَ بينه وبين ما يماثله في الوظيفة كالدعايةََِ والترويجِ، ومن جملةِ ما احتوى عليه أن الإعلانَ عمليةُ اتصالِ غير شخصيةٍ؛ بمعنى أنَّه يتمُ عن طريقِ وسائلِ الإعلامِ المختلفةِ المكتوبةِ والمسموعةِ والمرئيةِ، ويخرجُ بهذا القيدِ جميعُ أنواعِ الترويجِ والبيعِ الشخصي التي تعتمدُ على المواجهةِ المباشرةِ([9])، لأنَّ الإعلانِ التجارِي يعتمدُ على وسائلِ الاتصالِ غيرِ الشخصيةِ في تعريفهِ بالمعلنِ عنهُ.

أما القيدُ الثاني الذي وردَ في هذا التعريفِ أنه مقابلَ أجرٍ مدفوعٍ ليُخرجَ بعضَ أشكالِ الإعلانِ الذي هو بلا مقابلٍ كالدعايةِ، والقيدُ الثالثُ هو ظهورُ شخصيةِ المعلِنِ؛ فخرجَ بهذا الأخيرِ كلُّ أنواعِ الإعلاناتِ التي تغيبُ عنها شخصيةُ المعلِنِ أو تكونُ مخفيةً، أضف إلى ذلك الجانبَ المعرفيَّ الذي يحتوِي عليه الإعلانُ إذ يسعَى إلى إقناعِ المتلقِي باقتناءِ المعلَنِ عنهُ أو تقبُّلِهِ وتكوينِ صورةٍ ذهنيةٍ جيدةٍ أو انطباعٍ إيجابِي حولَ المعلَنِِ عنه([10])، وهذا كلهُ من أجلِ كسبِ ثقةِ المتلقي وولائهِ تجاهَ المعلَنِ عنه، وكلُّ هذه الأساليبِ والطرقِ تَصبُوا في الأخيرِ إلى غايةٍ واحدةٍ وهي تحقيقُ الربحِ الماديِّ.

ويلاحظُ أنَّ هذا التعريفَ بينَ معالمَ الإعلانِ التجارِي بدقةٍ، ووضع لهُ شروطاً محددةً وهي استعمالُ وسيلةِ اتصالٍ غيرِ شخصيةٍ؛ ومعلوميةُ الأجرِ، وبيانُ هويةِ المعلنِ، وكان مِن المفروضِ أن يقتصرَ التعريفُ على بيانِ ماهيةِ الإعلانِ التجاري فقط دون ذكرِ الشروطِ والغاياتِ.

وقبلَ طيِّ الحديثِ عن تعريفِ الإعلانِ التجارِي في عرفِ علمِ التسويقِ، يبدو من المهمِّ بمكانِ الحديثُ عن الترويجِ ومعناهُ في علمِ التسويقِ، ثم بيانُ الفرقِ بينه وبينَ الإعلانِ التجارِي، أما تعريفُ الترويجِ فهو: “التنسيقُ بينَ جهودِ البائعِ في إقامةِ منافذَ للمعلوماتِ؛ وفي تسهيلِ بيعِ السلعةِ أو الخدمةِ أو قبولِ فكرةٍ معينةٍ”([11])، وحسبَ هذَا التعريفِ فالترويجُ يقومُ بدورِ الوسيطِ بين المنتجِ أو صاحبِ الخدمةِ؛ وبينَ البائعِ أو المستهلكِ، لأجلِ تقديمِ معلوماتٍ وبياناتٍ عمَّا يروَّجُ لهُ، قصدَ استمالتِهم لاقتناءِ ما يروِّجونَ لهُ أو قبولِهِ. وبهذا المفهومِ فالترويجُ بقومُ بعملِ الإعلانِ التجاريِّ، فهل يُمكنُ تسميةُ الإعلانِ التجاريِّ ترويجاً أو العكسُ؟

إذا ما فَحَّصتَ النظرَ في مفهومَيْ الإعلانِ التجاريِّ والترويجِ وَجَدْتَ بينهمَا أوجهَ توافقٍ وأوجهَ اختلافٍ، أما التوافقُ؛ فكلاهمَا يقومُ بعمليةِ التعريفِ بالسلعِ والخدماتِ والأفكارِ وتقديمِ بياناتٍ عنها، وشخصيةُ المعلنِ أو المُرَوِّجِ واضحةٌ ومعروفةٌ، وتكونُ كلتَا العمليتينِ مقابلَ أجرٍ مدفوعٍ، والهدفُ من ذلكَ هو الربحُ الماديُّ، أمَّا وجهُ الاختلافِ بينهمَا فالإعلانُ التجاريُّ يقومُ علَى وسيلةَ اتصالٍ غيرِ شخصيةٍ؛ والترويجُ يعتمدُ علَى المواجهةِ المباشرةِ، وأنَّ في عمليةِ الإعلانِ التجاريِّ لا يمكنُ بيعُ المعلَنِ عنهُ مباشرةً، فهو يقتصرُ على التعريفِ بالمعلَنِ عنهُ ومحاولةِ إقناعِ الناسِ بهِ، أما المروجُ فيمكنهُ بيعُ ما يروجُ لهُ، وعلى هذا الفرقِ قد ينبني عليهِ أثرٌ فقهيٌ، كمَا أنهُ يمكنهُ التَّعَرُّفُ على نسبةِ استجابةِ المستهلكِ لمَا يروجُ لهُ لأنهُ عملٌ ميدانيٌّ، أما في الإعلانِ التجاريِّ فينعدمُ ذلك، وعلى هذا لا يمكنُ إطلاقُ اسمِ الإعلانِ التجارِي على الترويجِ ولا العكسُ بالمعنى الدقيقِ، أما فَي المعنَى العامَ فيمكنُ إطلاقُ احدهمَا علَى الآخرِ تجاوزاً.
المطلب الثالث: المقصودُ منَ الإعلانِ التجارِي في الدراسةِ.
منُ الضروريِّ بمكانٍ توضيحُ المقصودِ بالإعلانِ التجارِي في هذه الدراسةِ، كي لا يكونَ في الأمرِ لبساً وخلطاً بالإعلانِ بصفةٍ عامةٍ، كالذي يشملُ الإعلانَ الثقافيَّ أو التَّوْعَوِيِّ أو التربويِّ….، وحتَّى يتحققَ المقصودُ فلا ضيرَ من الاستعانةِ ببعضِ مصطلحاتِ القانونيين؛ لأنها حسبَ ما يبدو تساعدُ على تحديدِ موضوعِ الدراسةَ بدقةِ ووضوحٍ.
وجرياً معَ عُرفِ أصحابِ القانونِ فإنهُ يمكنُ القولُ بأنَّ الإعلانَ التجارِي يحتوِي على عُنصرين: عنصرٌ ماديٌّ وعنصرٌ معنويٌّ([12])، وسأتناولُ كل عنصرٍ على حدةٍ.
أولاً:العنصرُ الماديُّ:
يتكونُ العنصرُ الماديُّ في الإعلانَ التجارِي من مجموعِ الأدواتِ والوسائلِ التي تُستعملُ للإعلانِ مهما كانت طبيعتُها، سواءً كانت مكتوبةً أو مقروءةً كالصحفِ والمجلاتِ والدورياتِ وصفحاتِ الإنترنت واللوحاتِ الحائطيةِ والنّشراتِ..، أو سمعيةً كالإعلانِ في المذياعِ، أو سمعيةً بصريةً كالتلفزةِ والسينما والشاشاتِ المتحركةِ أو على صفحاتِ الإنترنت…، وبصفةٍ عامةٍ كلُّ وسائلِ الإعلامِ يمكنُ استخدامها لأغراضٍ إعلانيةٍ([13])، فمتى ما استعملت لإرسالِ رسائلَ غرضهَا التأثيرُ النفسيُّ على المتلقِي؛ فإنَّ هذا يعتبرُ إعلاناً.
ثانياً:العنصرُ المعنويُّ:
ويُقصدُ به نيةُ المعلِنِ أو الهدفُ الذي يرمِي إليهِ من وراءِ القيامِ بالعمليةِ الإعلانيةِ، وبتحديدِ الهدفِ تتضحُ معالمُ هذا العنصرِ، فمتَى كانَ الهدفُ تحقيقُ الربحِ الماديِّ بصورةٍ مباشرةٍ أو غيرِ مباشرةٍ، فإنهُ إعلانٌ تجاريٌّ([14])، وهذَا الذي نَعنِيهِ في هذا البحثِ، لأنَّ العنصرَ المعنويَّ – الربح الماديّ- لا نجدهُ في الإعلاناتِ الأخرَى كالإعلانِ الصحيِّ الذي غرضهُ توعيةُ الناسِ؛ أو الإعلانُ الذي تنشرهُ جهةٌ حكوميةٌ ما بغرضِ إعلامِ الناسِ ببعضِ الإجراءاتِ أو القوانينِ المستجدةِ.
وخلاصةُ القولِ إنهُ لا بدَّ من توفرِ عنصرين في الإعلانِ حتى يكونَ تجارياًّ: عنصرٌ ماديٌّ وهو مجموعُ الوسائلِ والأساليبِ المستخدمةِ في الإعلانِ، وعنصرٌ معنويٌّ وهوَ قصدُ الربحِ المادِي، وهذا هو المقصودُ بالإعلانِ التجارِي في دراستنا هذه، ولو أنَّ هذا الأخير موجودٌ في الترويجِ والدّعايةِ، إلاَّ أن العنصرَ الماديَّ في الإعلانِ التجارِي ليس هو في الترويجِ والدعايةِ، مما هذه المصلحاتِ ليست واحدةً بالمعنى الدقيقِ، ولو أنَّ بينها تشابهاً في الوظيفةِ.
المطلبُ الرابعُ: تعريفُ الإعلانِ التجارِي في الفقهِ:
وردَ استعمالُ الفقهاءِ مصطلحَ الإعلانِ في كتبهم كثيراً، وفي مواضيعَ مختلفةٍ؛ كالإعلانِ عن النكاحِ والرجعةِ والشهادةِ والمجاهرةِ بالمعصيةِ…([15])، إلاَّ أنَّ هذه الاستعمالاتِ كانت في نطاقِ المعنَى اللغوي للكلمةِ؛ والذي هو المجاهرةُ والإشهار والإظهار، وبما أنَّ موضوعَ الدّراسةِ موضوعٌ مستجدٌ لم يكن معروفاً لدى الفقهاءِ قديماً بمعناهُ الحديثِ، فإنَّ طبيعةَ الدراسةِ تحتّمُ إيجادَ تعريفٍ اصطلاحيٍّ للإعلانِ التجارِي في الفقهِ الإسلامِي كونُها دراسةٌ فقهيةٌ.
وعرفهُ أحد الباحثين بأنه: “علمُ وفنُّ التّقديمِ المشروعٍ إسلامياً للسلعِ أو الخدماتِ أو التسهيلاتِ أو المنشآتِ الشرعيةِ، وذلك لخلقِ حالةٍ مِن الرضا النّفسِي والقبولِ لدى الجمهورِ؛ مقابلَ أجرٍ مدفوعٍ، يقومُ بها وسيطٌ إعلاميُّ إسلاميٌ، يتخذُ مِن وسائل الإعلامِ والاتصالِ، مفصحًا فيه عن شخصيةِ وطبيعةِ المعلنِ” ([16])، ومما يلاحظُ على هذا التعريفِ أنّهُ يشبهُ تعريفاتِ الغربيينِ للإعلانِ وخاصةً تعريفُ جمعيةِ التسويقِ الأمريكيةِ([17])، إلا أنَّ الباحثَ نقحهُ وجعلهُ موافقاً للشرعِ، وهذه محاولةُ تنظيرٍ للإعلانِ التجارِي الإسلاميٍ بذكرهِ ما يجبُ أن يكونَ عليهِ؛ وهذا أمرٌ مهمٌّ كفكرةٍ، إلاَّ أنهُ طويلٌ وفيهِ نوعُ إطنابٍ وتكرارٍ، إذ مِن شأنِ التعريفاتِ الاختصارُ والدّقةُ في استعمال المصطلحاتِ، فمثلاً ذكرَ في بدايةِ التعريفِ “علمُ وفنُّ التّقديمِ المشروعِ إسلامياً للسلعِ أو الخدماتِ أو التسهيلاتِ أو المنشآتِ الشرعيةِ” نلاحظُ فيها نوعاً مِن التكرارِ، فكانَ يمكنُ أن يقولَ مثلاً “التعريفُ بشيءٍ معلومٍ مباحٍ…”، وكذلك قولهُ: “… يقومُ بها وسيطٌ إعلاميُّ إسلاميٌ”، فلو تولى مهمةَ الإعلانِ وسيطٌ إعلاميٌ غير مسلمٍ، وحققَ الغايةَ المقصودةَ للمعلنِ؛ ألا يعتبرُ هذا إعلاناً تجارياً؟
وذهبَ باحثٌ آخرَ إلى تعريفهِ بأنهُ:” وصفٌ بأسلوبٍ مباحٍ سلعةً أو منفعةً مباحةً بغرضِ ترويجهاَ بوسائلِ نشرٍ عامّةٍ، وذلكَ نظيرَ مبلغٍ معينٍ يدفعهُ المعلنُ أو من خلالِ الاتصالِ الشّخصِي بين المنتجِ والمستهلكِ”([18])، ويلاحظُ في هذا التعريفِ أنهُ اشتملَ تقريباً على العناصرِ التي تحدّدُ ماهيةَ الإعلانِ التجارِي، إلاَّ أنهُ يؤخذُ عليهِ عدمُ الدّقةِ وأنهُ جامعٌ غيرُ مانعٍ، أما عدمُ الدّقةِ فلأنهُ استخدمَ مصطلحَ الترويجِ؛ وسنبينُ لاحقاً الفرقَ بين الإعلانِ والترويجِ؛ وهذا الفرقُ جوهريٌ ينبنِي عليه أثرٌ فقهي، وأنهُ خلطَ بين الترويجِ والإعلانِ في تعريفٍ واحدٍ، فوصفُ السلعِ باستعمالِ وسائلِ النّشر العامةِ مِن خصائصِ الإعلانِ، والاتصالِ الشّخصِي بين المنتجِ والمستهلكِ مِن خصائصِ الترويجِ؛ وهذا لا يستقيمُ في تعريفِ الحدودِ، وعلى هذا فهو تعريفٌ جامعٌ لجزئياتِ الحدِّ، إلا أنهُ غيرُ مانعٍ مِن دخولِ غيره فيهِ، ثمَّ إنهُ قصرَ مقابلَ الإعلانِ في النّقدِ باستخدامهِ كلمةَ “مبلغ”؛ وهذا ليسَ دقيقٌ، إذ يمكنُ تصوُّرُ المقابلِ شيئاً غيرَ النقدِ، ولعلَّ الأصوبَ استخدامُ كلمةَِ “عوضٍ” فهي جامعةٌ مانعةٌ.
ويمكنُ أن نقترحَ للإعلانِ التجارِي تعريفاً هو: “التَّعرِيفُ بِشيءٍ معلومٍ، بِوَسِيلَةِ اتِّصَالٍ غَيرِ شَخصِيَّةٍ؛ مِن قِبَلِ جِهَةٍ مَعلُومَةٍ لِقَاءَ عوضٍ مَعلُومٍ “.
شرحُ مفرداتِ التعريف.
í “التَّعرِيفُ ” المقصودُ جنسُ التعريفِ فيدخلُ فيهِ ذِكرُ محاسنِ المعلَنِ عنهُ وإطراؤهُ أو مدحهُ، أو الاكتفاءُ بمجردِ الذكرِ فقط.
í “بِشيءٍ” عُبِّرَ بهذا اللفظِ ليشملَ الموجودَ دون المعدومِ، إذ المعدومُ لا يصحُّ التعريفُ بهِ، وكذلكَ ليشملَ الماديَّ كالسلعِ؛ والمعنويَّ كالخدماتِ.
í “بِوَسِيلَةِ اتِّصَالٍ غَير شَخصِيَّةٍ” ليَخرجَ بهذا الترويجُ الذي يعتمدُ على المواجهةِ المباشرةِ ([19]).
í “مِن قِبَلِ جِهَةٍ مَعلُومَةٍ” إذ يجبُ أن يكونَ المُعلِنُ معروفَ الهويةِ غير مجهولٍ؛ فيخرجُ هذا القيدُ الدعايةُ التي لا يُشتَرَطُ فيهاَ أن يكونَ الداعيةُ معروفَ الهويةِ ([20]).
í ” لِقَاءَ عوضٍ مَعلُومٍ” هذا القيدُ يُخرِجُ الدعايةَ التي عادةً ما تكونُ بدونِ عوضٍ وكونُ العوضِ “معلوماً” قيدٌ؛ لأنَّ الإعلانَ التجارِي عقدٌ على معاوضةٍ، فوجبَ أن يكون العوضُ معلوماً؛ وكذلك المنفعةُ.
المطلب الرابع: مشروعية الإعلان التجارِي.
الإعلانُ في معناهُ العامِ إظهارُ الشيءِ والمُجاهرةُ بهِ؛ وفي معناهُ الخاصِ الذي نقصدهُ التعريفُ بالمعلَنِ عنهُ وإطراؤهُ ومدحهُ وترغيبُ الناسِ فيهِ، وهوَ موجودٌ منذُ قديمِ العصورِ؛ وحاجةُ الناسِ ومصلحةُ معاشاتِهم اقتضت ذلكَ.
إننا إذَا بحثنَا في النصوصِ الشرعيةِ من كتابٍ وسنّةٍ وإجماعٍ؛ فإننَا نفتقرُ إلى دليلٍ يدلُّ دلالةً صريحةً على جوازِ الإعلانِ مِن عدمهِ، لأنَّ هذا النوعَ من المعاملاتِ مما استجدَّ في الفقهِ الإسلامِي، غيرَ أننا إذا بحثنَا في القواعدِ العامةِ للفقهِ الإسلامِي، فإنهُ يمكنُ أن نستنتجَ ما يدلُ على مشروعيةِ هذا النوعِ من الإعلانِ.
أولاً: الأصلُ في الأشياءِ الحلُّ والإباحةُ، بما في ذلك المعاملاتُ، عملاً بالقاعدةِ الفقهيةِ: “الأصلُ في الأشياءِ الإباحةُ حتى يردَ الدليلُ على التحريمِ” ([21])، فما لم يرد دليلٌ مِن الكتابِ أو السنةِ يحرمُ الإعلانَ التجارِي، فهو باقٍ على أصلهِ من الحلِّ والإباحةِ.
ثانيا: منَ الأسسِ التي قامَ عليهَا الدينُ الإسلاميُّ الحنيفُ تحقيقُ المصالحِ الرّاجحةِ؛ ورفعُ الحرجِ ونفيُ المشقةِ، فكلُّ مَا دعت إليهِ حاجةَُ النّاسِ؛ ومِن شأنهِ أن يحقّقَ منفعةً؛ وخلاَ مِن أيِّ محظورٍ شرعيِّ؛ فهوَ مباحٌ ومأذونٌ فيه، عملاً بقاعدةِ:” الأصلُ في المنافعِ الإذنُ أو الإباحةُ وفي المضارِّ المنعُ” كمَا هوَ مذهبُ الكثيرِ منَ الأصوليينَ ([22]).
والمنافعُ التي يقدمهَا الإعلانُ التجارِي متعدّدةٌ؛ فهوَ يُعرّفُ المستهلكَ بالمعلَنِ عنهُ ويبيّنُ لهُ صفاتهِ ومحاسنهِ، ويزوّدهُ بتعليماتٍ حولَ مجالاتِ استعمالهِ وكيفَ يتمُّ ذلكَ، ويدلّهُ على أماكنِ تواجدهِ([23])، إضافةً إلى أنهُ يدعو إلى المنافسةِ النزيهةِ بين المعلنينَ وهذا يساهمُ في تطويرِ الاقتصادِ.
كما أنَّ حاجةَ المعلِنِ صاحبَ الخدماتِ أو المنتجِ إلى الإعلانِ كبيرةٌ، فهو بحاجةٍ إلى مَن يُعرِّفُ الناسَ بنشاطهِ، كمَا أنَّ تطلّعَهُ إلى تصريفِ منتوجهِ وزيادةِ المبيعاتِ أمرٌ مشروعٌ، وفوقَ هذا وذاكَ المصلحةُ التي تعودُ على المعلِنِ والمستهلكِ بالسّواءِ؛ وهي تحسينُ الإنتاجِ وتجويدهُ، إضافةً إلى أنهُ عاملٌ ضروريٌ في تطويرِ الاقتصادِ الإسلامِي والتمكينِ له، فيساعدُ على تدعيمِ مكانةِ السلعِ والمنتجاتِ والخدماتِ الإسلاميةِ في السوقِ ويعرِّفُ بها، فكلُّ هذهِ المنافعِ وغيرهاَ ممَّا فيها منافع راجحةٌ، ومما تدعو إليهِ حاجةُ الناسِ وتستدعيهِ مصلحةُ معاشهِم في هذا العصرِ، وإلغاءُ هذه المصالحِ قد يسبّبُ للنّاسِ حرجاً.
ثالثاً: إنَّ مما أكّدَ عليه الشّرعُ الحنيفُ نفي الحرجِ والمشقةِ وجلبُ التيسيرِ للعبادِ، وإزالةِ الضررِ عنهم، وقد دلت على هذا جملةٌ من القواعدِ الفقهيةِ؛ نذكرُ منها قاعدة: ” المشقّةُ تجلبُ التيسيرَ” ([24]) وقاعدةُ: “الضررُ يزالُ” ([25])، ولا شكَّ أنَّ الإعلانَ التجاري يقدّمُ خدماتٍ جليلةً للمستهلكِ، فيقدمُ له معلوماتٍ عن السلعِ المعلنِ عنها، وكيفياتِ استخدامِها، ومجالاتِ استعمالِها، وأماكنِ تواجدِها، وغير ذلك مما يمكنُ أن يسببَ للمستهلكِ عنتاً وحرجاً وحيرةً؛ إذا قلنا بعدمِ جوازِ الإعلانِ التجاري، كما أنهُ يساعدهُ على حُسنِ الاختيارِ بين مَا يعرضُ عليهِ، واتخاذِ القرارِ الشرائِي الصائبِ، وكلُّ هذا من أوجهِ نفيِ الحرجِ و ورفعِ المشقةِ والتيسيرِ على الناسِ في الشرعِ.
رابعاً: أنَّ مدحَ السلعِ والثناءَ عليهاَ متى كان ذلك بصدقٍ وبنيةٍ حسنةٍ؛ لا تشوبُها نوايا الكذبِ والخداعِ والتضليلِ والتغريرِ، أمرٌ جائزٌ، وليس هذا من النجشِ الذي نهَى عنهُ النبيُ r ([26])، وقد فسّرَ بعضُ العلماءِ النجشَ أنه مدحُ السلعةِ بما ليس فيهَا؛ وإطراؤُها بالكذبِ ([27])، فمتى تعرَّى الإعلانُ عن أيِّ محذورٍ شرعيٍّ؛ كالكذبِ والخداعِ والتضليلِ والغشِّ، فإنَّه جائزٌ ومباحٌ.

وبناء على ما تقدمَ ؛ فلا مناصَ منَ القولِ بأنَّ الإعلانَ التجارِي أمرٌ مشروعٌ في الجملةِ، وقد ذهبَ إلى هذا عددٌ مِن الباحثينَ المعاصرينَ ([28]).
أما حكمُ الإعلانِ التجارِي مِن الناحيةِ التكليفيةِ فهوَ مباحٌ مِن حيثُ الأصلُ كما تقدمَ بيانهُ، إلاَّ أنّهُ تعتريهِ بعضُ الأحكامُ التكليفيةِ ، شأنهُ شأنُ المباحاتِ في الشريعةِ الإسلاميةِ ([29])، وذلك حسبَ طبيعيةِ المُعلنِ عنهُ وطريقةُ الإعلانِ.

فيكونُ مباحاً إذا تضمّنَ الترويجَ لسلعةٍ أو خدمةٍ مباحةٍ كالموادِّ الاستهلاكيةِ أو خدماتِ الرّعايةِ الصّحيةِ مثلاً، وينتقلُ إلى درجةِ النّدبِ إذا كانَ يروجُ لأمورٍ ندبَ الشّرعُ الحنيفُ إليها كالإعلانِ عن السواكِ وإشاعةِ ثقافةِ استعمالهِ بين الناسِ، أو خدماتِ النّوادِي الرّياضيةِ التي تعلّمُ النَّشءَ السّباحةَ والرّمايةَ وركوبَ الخيلِ؛ كونُ هذه الرّياضاتِ مما حثَّ النبي r على تعليمها للناشئةِ.

وعلى عكسِ ما سبقَ يكونُ الإعلانُ مكروهاً؛ إذا تضمنَ الترويجَ لشيءٍ مكروهٍ في الشّرعِ، كاحتواءِ الإعلانُ على سلوكاتٍ تخالفُ الآدابَ الإسلاميةَ، كأن يتضمنَ إعلانٌ حولَ عصيرٍ أو مياهٍ معدنيةٍ مشهدَ شخصٍ يتناولُ المعلَنَ عنهُ بيدِه اليُسرى أو يشربُ واقفاً.

وقد يكونُ الإعلانُ محرماً إذا تضمنَ الإشهارَ لشيءٍ محرّمٍ؛ أو استعملَ طريقةً محرمةً للتعريفِ بمباحٍ، ومثالُ الأوّلِ الإعلانُ عن الدّخانِ والخمورِ وخدماتِ البنوكِ الرّبويةِ وإحياءِ الحفلاتِ الغنائيةِ، وأما مثالُ الثانيةِ الإعلانُ عن بعضِ الموادِّ المنظّفةِ باستعمالِ المرأةِ بشكلٍ يثيرُ الغريزةَ الجنسيةِ أو استعمالُ الحيلةِ والكذبِ في الإعلانِ مثلاً.
وعلى العمومِ فالإعلانُ التجارِي يتراوح حكمهُ التكليفيُ بين الإباحةِ والندبِ والكراهةِ والحرمةِ؛ حسبَ طبيعتهِ وموضوعهِ؛ والظروفِ والأحوالِ المحيطةِ به والحاجةِ إليهِ.

المبحثُ الثاني: معيارُ عقدِ الإعلانِ التجارِي وصورهُ وتكييفُها.
مما تميّزَت بهِ العقودُ في الفقهِ الإسلامِي بجميعِ أنواعِها الدّقةُ الكبيرةُ في التعريفِ والتوصيفِ، وهذا راجعٌ إلى دقّةِ الفقهِ ومصطلحاتهِ، وبما أنَّ الإعلانَ التجارِي معاملةٌ تتمُّ بينَ أطرافٍ عدةٍ كالمعلِنِ ووكالةِ الإعلانِ ووسيلةِ النشرِ، وكلُّ طرفٍ عليهِ واجباتٌ وله حقوقٌ تجاهَ الطرفِ الآخرِ، لزمَ أن يكونَ هناكَ عقدٌ يحفظُ لكلِّ طرفٍ حقّهُ، وهذا العقدُ هو عقدُ الإعلانِ التجارِي.
فما حقيقةُ هذا العقدِ؟ وما معيارهُ؟ وهل له صورةٌ واحدةٌ أم متعدّدةٌ ؟ وفي حالِ التعدّدِ ما هي هذه الصورُ؟ وما تكييفُ كلِّ صورةٍ؟
المطلبُ الأولُ: المقصودُ بعقدِ الإعلانِ التجارِي ومعيارهُ.
حتى يتسنَى لنا معرفةُ المقصودِ بعقدِ الإعلانِ التجارِي، وإيجادِ معيارٍ له؛ لا بدَّ مِن فهمِ طبيعةِ هذهِ المعاملةِ وتوصيفِها مِن النّاحيةِ الفقهيّةِ؛ والعلاقاتِ التي تحكمُ أطرافهَا، ثم إلحاقِها بأصلٍ فقهيٍّ مثلهِ أو قريبٍ منهُ، وإجراءِ حكمهِ عليهِ، وهذا ما يُسمى بالتّكييفِ الفقهِي([30]).
والتحقيقُ يستلزمُ بيانَ المقصودِ مِن الإعلانِ التجارِي كعقدٍ، والصورِ التي يرِدُ عليها، وما هو تكييفُها؟ وحتى يتسنَى لنا ذلكَ لا مناصَ مِن البحثِ عن معيارٍ به نستطيعُ تحديدَ المقصودِ مِن الإعلانِ التجارِي كعقدٍ؛ فما المقصودُ بعقدِ الإعلانِ التجارِي؟
إنَّ الإجابةَ عن هذا السؤالِ تقودناَ للرجوعِ إلى التعريفِ الاصطلاحيِّ للإعلانِ التجارِي لأنهُ هو الكفيلُ بإيجادِ المعيارِ الدّقيقِ، وسبقَ القولُ بأنَّ تعريفَ الإعلانِ التجارِي هو “التَّعرِيفُ بِشيءٍ معلومٍ، بِوَسِيلَةِ اتِّصَالٍ غَيرِ شَخصِيَّةٍ؛ مِن قِبَلِ جِهَةٍ مَعلُومَةٍ لِقَاءَ عوضٍ مَعلُومٍ”([31])، وما نستخلصُه مِن التعريفِ أنَّ كلَّ إعلانٍ انطبقَ عليه التعريفُ هو إعلانٌ تجاريٌّ، وهنا نطرحُ سؤالا آخرَ وهو: مَن يقومُ بهذه العمليةِ؟ الجوابُ واضحٌ وبسيطٌ: القائمُ بالإعلانِ أياً كانت جهتهُ -وكالةً أو وسيلةَ نشرٍ- لصالحِ المعلِنِ، إذاً الإعلانُ التجارِي معاملةٌ بين طرفين: يلتزمُ أحدهُما بالقيامِ بنشرِ الإعلانِ ويلتزمُ الآخرُ بدفعِ مقابلٍ، وبما أنَّ هذه المعاملةَ تحوي التزاماتٍ بين طرفين أو جهتين فهي عقدٌ، وبالتالي نخلصُ إلى النّتيجةِ التاليّةِ: عقدُ الإعلانِ التجارِي عقدٌ يردُ على التعريفِ بالمُعلَنِ عنهُ بواسطةِ وسيلةِ اتصالٍ غيرِ شخصيةٍ، وهذا هو الالتزامُ الجوهريُّ فيه، وبما أنَّ التعريفَ بالمُعلَنِ عنهُ هنا لا يحصلُ إلاَّ بالنشرِ، فنستطيعُ القولَ بأنَّ معيارَ العقدِ هو كلُّ عملٍ يردُ على تحقيقِ عملٍ إعلانيٍّ ونشرِه، وهو المعيارُ الذي يحدّدُ الغايةَ مِن عقدِ الإعلانِ التجارِي بالضبطِ، وسنعتمدُ عليهِ في استخراجِ صورِهِ.

وسوفَ نستعينُ بالمنهجِ الاستقرائِي لاستقراءِ كل الصورِ التي يتمُّ بها الإعلانُ أو يظنُ أنّها كذلك، ثم نعرضُها على المعيارِ الذي وضعناهُ، فما انطبقَ عليها فهو مِن عقدِ الإعلانِ التجارِي، وما خالفهُ فهوَ ليسَ منهُ، والخياراتُ المتاحةُ للمعلِنِ لإنجازِ عملهِ الإعلاني أربعةٌ وهي:
1. أن يكونَ للمعلنِ إدارةٌ متخصّصةٌ بالإعلانِ في منشأتهِ؛ وتتولىَ إعدادَ الحملةِ الإعلانيةِ؛ بما فيها مِن دراساتٍ وإعدادٍ وإنتاجٍ، ثم تتصلُ بالنّاشر لتتعاقدَ معهُ على نشر الإعلانِ.
2. استعانةُ المعلنِ بمجموعةٍ مِن الوكالاتِ المتخصّصةِ في أعمالِ الإعلانِ في إعدادِ حملته، فيتعاقدُ مع كلِّ وكالةٍ على حدة؛كلٌّ حسبَ تخصّصها وحاجتهِ إليها، مثل الوكالاتِ الاستشاريةِ التي تقدمُ النصحَ والإرشاداتِ في مجالِ الإعلانِ، والوكالاتِ الفنيةِ التي مهمتها إنتاجُ الإعلانِ… حتى نشرِ الإعلانِ.
3. أن يستعينَ المعلِنُ بعدَ تحضيرِ الإعلانِ في منشأتهِ بوكالةٍ إعلانيةٍ يعهدُ إليها مهمَّةَ النّشر؛ بحكمِ خبرتِها ومعرفتِها بوسائلِ الإعلانِ التي تناسبُ موضوعَ إعلانهِ، وكذا قدراتهِ الماليةِ، وتكونُ الوكالةُ في هذه الصورةِ كوسيطٍ بين المعلنِ والنّاشر.
4. أن يكِلَ مهمّةَ إعدادِ الحملةِ الإعلانيةِ إلى وكالةٍ إعلانيةٍ تتولى القيامَ بإعدادِ الحملةِ الإعلانيةِ وتنفيذها؛ بدءً بالدراساتِ والتخطيطِ وانتهاءً بدراسةِ جدوى الحملةِ، وجديرٌ بالذكرِ أن بعضَ وسائلِ النّشر كبعضِ دورِ الصحافةِ أو القنواتِ الفضائيةِ أو الإذاعاتِ تقومُ بهذه المهمةِ أيضا، وفي الحقيقةِ هذا ليس مِن مهامها، لأنهُ مخالفٌ للمعايير الدوليةِ للإعلانِ، وهذا يتنافى معَ الاحترافيةِ والتخصّصِ، وهذه الصورةُ منتشرةٌ في البلادِ التي صناعةُ الإعلانِ فيها بدائيةٌ وبسيطةٌ ([32]).
هذه أشهرُ أربعِ صورٍ يستطيعُ أن يسلكَها المعلِنُ لنشرِ إعلانهِ، والتي تهمُّنا الصورُ التي يتم التعريفُ بالمعلنِ عنهُ بواسطةِ وسيلةِ اتصالٍ غيرِ شخصيةٍ، وقد يتساءلُ متسائلٌ قائلاً: ألا يمكنُ للمعلنِ أن يباشرَ عمليةَ الإعلانَ بنفسهِ دون أن يكونَ هناك التزامٌ بين جانبين؟ والجوابُ أنَّ المعلِنَ إذا تولىَ عمليةَ التعريفِ بالمُعلَنِ عنه بنفسهِ؛ فلا يعتبرُ ذلك إعلاناً تجارياً؛ بل هو من قبيلِ الترويجِ وهو خارجٌ عن موضوعنا، لأنهُ يعتمدُ على الاتصالِ المباشرِ بالجمهورِ، وحتى يكونَ إعلاناً يجبُ أن يكونَ التعريفُ بالمُعلَنِ عنه بواسطةِ وسيلةِ اتصالٍ غيرِ شخصيةٍ، إلا أن يكونَ المعلِنُ مالكاً لوسائلِ النشرِ غيرِ الشخصيةِ.
وإذا أسقطنا المعيارَ الذي وضعناهُ آنفا على هذه الصورِ ينتجُ لدينا صورتانِ اثنتانِ لعقدِ الإعلانِ التجارِي وهما:
أولا: أن يطلبَ المعلِنُ أو وكيلهُ ([33]) مِن النّاشر نشرَ الإعلانِ؛ طبعاً بعدَ أن يكونَ قد أعدَّ الرسالةَ الإعلانيّةَ، سواء أعدّها هو أو أيّ جهةٍ مختصّةٍ، وطرفَا المعاملةِ في هذهِ الصورةِ المعلِنُ أو مَن ينوبُ عنهُ والنّاشر فقط.
ثانياً: أن يعهدَ المعلنُ إلى وكالةٍ إعلانيةٍ بالتّخطيطِ للحملةِ الإعلانيةِ كاملةً ونشرِها ومتابعةِ تنفيذِها، ويكونُ المعلِنُ والوكالةُ الإعلانيةُ طرفانِ أصيلانِ في هذه الصورةِ.
فإذا طلبَ المعلِنُ مِن وكالةٍ أو جهةٍ ما التخطيطَ للحملةِ الإعلانيةِ وإعدادَ الرسالةِ دون نشرها، أو طلبَ مِن مطبعةٍ أو مِن مختصٍ صنعَ لافتةٍ إعلانيّةٍ دون نشرها، أو غيرها مِن الصورِ التي لا تتضمنُ نشرَ الإعلانِ فليست مِن عقدِ البابِ، لأنها لا تحققُ الغايةَ من هذا العقدِ وهي النشرُ.
ومما لا يغيبُ عن الذكرِ هنا الإشارةُ إلى نكتةٍ دقيقةٍ في إطلاقِ تسميةِ الإعلانِ أو العمليةِ الإعلانيةِ على كلِّ الأعمالِ التي تسبقُ نشرَ الرسالةِ الإعلانية والتي تليها، والتحقيقُ يوجبُ القولَ أنَّ الإعلانَ لا يسمى كذلكَ إلا حينَ يُنشرُ، لأنَّ المعنىَ اللغويَّ لكلمةِ الإعلانِ إظهارُ الشيءِ والمجاهرةُ بهِ، والأهمُّ مِن ذلكَ المعنى الاصطلاحي إذ لا يسمى العقدُ إعلاناً إلا بالنشرِ، وأما الأعمالُ التي تسبقُ نشرَ الإعلانِ هي أعمالٌ تمهيديةٌ وتحضيريةٌ لهُ، أو هي أجزاءٌ مكونةٌ له، وبدونها لا يكونُ الإعلانُ، إلا أنها إذا افتقرت إلى النشرِ فلا تسمى إعلاناً، ولعلَّ إطلاقَ تلكَ التسميةِ عليها هي مِن قبيلَ المجازِ اعتباراً لما سيكونُ.
وبعدَ هذه المقدّمةِ المهمّةِ سنحاولُ تكييفَ كلِّ صورةِ مِن صورتَيْ الإعلانِ التجارِي، مِن النّاحيّةِ الفقهيّةِ، وسننهجُ منهجَ السبرِ والتقسيمِ في تكييفهما، حتى نصلَ إلى التكييفِ الصحيحِ الذي يتناسبُ وتوصيفَ عقدِ البابِ، و مِن الله نسألُ العونَ والتوفيقَ والسدادَ.

المطلبُ الثّانِي: التكييفُ الفقهيُّ لعلاقةِ المعلنِ بالنّاشر.
ذكرنا سابقاً أنَّ معيارَ عقدِ الإعلانِ التجارِي هو كلُّ عقدٍ يرِدُ على تحقيقِ عملٍ إعلانيٍّ، وبهِ استخرجنا صورتينِ إحداهما تعاقدُ المعلِنِ أو من ينوبُ عنهُ مع وسيلةِ النّشر لنشرِ الإعلانِ؛ وهي محلُ دراستنا في هذا المطلبِ الذي سنخصصُه للحديثِ عن التكييفِ الفقهِي لهذا العقدِ .
إذا أمعنتَ النظرَ في هذا العقدِ مِن حيثُ أطرافُه وجدتَ أنهُ يحتوي على طرفينِ: معلِنٌ ووسيلةُ إعلانٍ، ولكلِّ طرفٍ واجباتٌ يقومُ بها تجاهَ الآخرِ، وهو ما يُسمى في عرفِ القانونِ بالالتزامِِ، فوسيلةُ النّشرِ أو النّاشرُ يلتزمُ للمعلِنِ بنشرِ الرسالةِ الإعلانيةِ، والمعلنُ يلتزمُ لهذا الأخيرِ بدفعِ بدلٍ.
وبتدقيقِ النّظرِ في هذه المعاملةِ نجدُهَا تتضمَّنُ أربعةَ عناصرَ هي: معلِنٌ يقابلهُ ناشرٌ، ونشرُ الرسالةِ الإعلانيةِ مقابلَ عوضٍ، وبالمصطلحاتِ الشّرعيّةِ نقولُ بأنَّ هناك عاقدانِ وهماَ المعلِنُ والنّاشر، ومعقودٌ عليهِ وهو العملُ المتفقُ عليه ويقابلهُ بدلٌ، وكلُّ عنصرٍ من العناصرِ الأربعةِ يمكنُ أن نسمّيهِ ركناً، ومجموعُ هذهِ الأركانِ يكوِّنُ ما يُسمَى بالعقدِ، فإلى هنَا معالمُ المعاملةِ قد اتّضحت مِن حيثُ مكوِّناتُها أو أركانُها، ولكن ما طبيعةُ هذا العقدِ مِن حيثُ نوعُهُ؟

الحديثُ عن نوعِ العقدِ يستلزمُ النّظرَ إلى البدلينِ في العقدِ وهما العملُ والبدلُ، فكلُّ طرفٍ في العقدِ يلتزمُ بتقديمِ شيءٍ مقابلَ شيء آخر يأخذهُ، فيتبيّنُ لك أنَّ هناك تبادلاً بين طرفي العقدِ، أو ما يَصطلِح عليهِ الفقهاءُ بالمعاوضةِ، إذن يمكنُ القولُ بأنَّ نوعَ العقدِ هو عقدُ معاوضةٍ، أو مجالهُ في عقودِ المعاوضاتِ ([34])، إلا أنّها كثيرةٌ؛ فأيُّ عقدٍ من هذهِ العقودِ هوَ؟ وبعبارةٍ أدقُّ: ما هيَ الغايةُ مِن هذا العقدِ؟ أو ما هو المقصدُ الأصليُّ مِن هذه المعاملةِ؟

إنَّ حقيقةَ الخدماتِ التي يقدّمُها النّاشر للمعلِنِ هي نشرُ الإعلانِ تحقيقاً لإرادتهِ لقاءَ عوضٍ؛ وهي الغايةُ مِن العقدِ، وهذا النشرُ بالنسبةِ للمعلِنِ يعتبرُ منفعةً، والعوضُ يُعتبرُ أجرةً بالنسبةِ للناشرِ، والمحصِّلةُ في الأخيرِ المعادلةُ التاليةُ: تمليكُ منفعةٍ لقاءَ عوضٍ، ومدلولُ تمليكِ المنفعةِ بعوضٍ مطابقٌ لمقتضَى الإجارةِ عند الفقهاءِ([35]) ، إذاً لا مناصَ منَ الإقرارِ بأنَّ العقدَ عقدُ إجارةٍ، وهو في تصنيفِ العقودِ مِن حيثُ التسميةُ مِن العقودِ المسمّاةِ، ومِن حيثُ اللزومُ وعدمهُ فهو عقدٌ لازمٌ، ومِن حيثُ الضمانُ وعدمهُ حسبَ نوعِ الأجير([36]).
وأمَّا أركانُ عقدِ البابِ هي: أجيرٌ وهو النّاشر أو من هو في مقامِه؛ يقابلهُ مستأجِرٌ وهو المعلِنُ أو من هو في مقامِه، والمنفعةُ هي نشرُ الإعلانِ؛ وتقابلُها الأجرةُ وهي العوضُ، ولما كان النّاشر لا يختصُّ بنشرِ الإعلاناتِ لشخصٍ معينٍ؛ بل هو منتصبٌ لكلِّ مِن يريدُ النّشر فهو أجيرٌ مشتركٌ، وأحكامُهُ تنطبقُ على النّاشر.
وقبل طَيِّ الكلامِ عن التّكييفِ فإنّهُ مِن المهمِّ بمكانٍ التعرّفُ إلى حقيقةِ وسيلةِ النّشر ودورِها في عقدِ البابِ، حتى نتعرّفَ إلى حقيقةِ المعقودِ عليهِ بالضبطِ، وقد سبقَ القولُ في تعريفِ الإعلانِ التجارِي أنَّ مهمّتهُ التعريفُ بالمعلَنِ عنهُ، ويتمُّ هذا بواسطةِ الوسيلةِ، وبالمثالِ الحسّي الوسيلةُ بمنزلةِ الحقنةِ التي بها يُحقنُ الدواءُ في دمِ المريضِ، يعني ذلك أنَّ دورَها إيصالُ الدواءِ إلى الدّمِ، أو نقلُ سببِ الشّفاءِ إلى المريضِ؛ وهذه هي منفعتُها، وكذلك الوسيلةُ، دورها إيصالُ الرسالةِ الإعلانيةِ إلى الجمهورِ، أما التعريفُ بالمعلَنِ عنهُ وإقناعُ الجمهورِ على الإقبالِ عليهِ فمن خواصِّ الرسالةِ الإعلانيةِ لا الوسيلةِ، كما أنَّ الشفاءَ يكونُ بتأثيرِ الدواءِ لا الحقنةِ، إذن وسيلةُ النّشرِ أداةٌ لإيصالِ الرسالةِ الإعلانيةِ إلى الجمهورِ، وهذا هو المحلُّ أو المنفعةُ في عقدِ البابِ.

المطلبُ الثالثُ: تكييفُ عقدِ الإعلانِ بينَ المعلنِ والوكالةِ الإعلانيةِ.
مرَّ معنا فيما سبقَ تكييفُ عقدِ الإعلانِ التجارِي بالصّورة التي بين المعلِنِ والوسيلةِ، وبين أيدينا الآنَ الصّورةُ الثانيةُ لهذا العقدِ؛ وهي بين المعلنِ والوكالةِ الإعلانيةِ، وحيثياتُها أن يعهدَ المعلنُ إلى وكالةٍ إعلانيةٍ مهمّةَ تخطيطِِ حملةٍ إعلانيةٍ كاملةٍ وتنفيذِها؛ تبدأُ بدراسةِ المُنتَجِ والسوقِ إلى الاستشاراتِ وإعدادِ الرسالةِ الإعلانيةِ وإنتاجِها ونشرِها؛ ثم تقويمُ جدوَى الحملةِ ، ويدفعُ المعلنِ لقاءَ ما سلفَ بدلاً، فما تكييفُ هذا العقدِ؟
إنَّ النّظرَ في التزاماتِ الوكالةِ تبدو للوهلةِ الأولَى أنها خدماتٌ أو منافعٌ تقدّمها للمعلنِ أو تملّكُها إياهُ لقاء بدلٍ، وهذه الصّورةُ أو الصّيغةُ يبدو أنّها مطابقةٌ لمقتضَى عقدِ الإجارةِ الذي هو: “تمليكُ منفعةٍ بعوضٍ”([37])، فهل يمكنُ القولُ أنَّ عقدَ البابِ مِن هذا القبيلِ؟
بدايةً يمكنُ القولُ كذلكَ، لأنَّ التزاماتِ عقدِ البابِ تتطابقُ وعقدَ الإجارةِ، فإذا سلّمنَا بذلك تساءلنَا عن المعقودِ عليهِ هل هو منفعةٌ محضةٌ؟ وبعبارةٍ أخرى: ما هي التزاماتُ الوكالةِ تجاهَ المعلِنِ؟
سبقَ القولُ أنَّ الوكالةَ تلتزمُ للمعلنِ بإعدادِ الحملةِ الإعلانيةِ؛ وما يستلزمُ ذلكَ مِن تخطيطٍ ودراسةٍ للمنتجِ والسوقِ المرتقبةِ، ثم إعدادِ الرسالةِ الإعلانيةِ ونشرِها، ولا شكَّ أنَّ كلَّ هذه الخدماتِ تحتاجُ إلى مختصينَ وفنانينَ وممثلينَ…؛ كما أنها تفتقرُ إلى موادٍ أوليةٍ بها تُنتجُ الرسالةُُ وتَخرجُ من حيزِ الفكرةِ إلى الواقعِ المحسوسِ في شكلِ لافتةٍ أو صورةٍ أو مجسّمٍ أو شريطٍ مسجلٍ، وتكاليفُ إنتاجِ الرسالةِ تتحملُها الوكالةُ لا المعلنُ([38])، وبعدَ الانتهاءِ من إعدادِ الرسالةِ تُعرضُ على المعلِنِ أو من هو في مقامهِ ليُبديَ رأيهُ فيهاَ؛ ثم الشّروعُ في نشرِ الإعلانِ ومتابعتِه بتعاقدِ الوكالةِ مع وسيلةِ النشرِ.
إنَّ إلقاءَ نظرةٍ فاحصةٍ في المعقودِ عليهِِ مِن جهةِ الوكالةِ يتبيّنُ أنها تقدمُ عملاً في شكلِ خدماتٍ محضةٍ؛ أو منافعَ بعبارةِ أدقُّ، وإلى هنا لازلنَا في فلكِِ عقدِ الإجارةِ ندورُ، وإذا فحّصنا النّظر أكثرَ نجدُ أنَّ الوكالةَ تلتزمُ بإنتاجِ الإعلانِ وتتحمّلُ تكاليفِه أيضاً؛ وهذا يعني أنَّ الوكالةَ تقومُ بتوفيرِ الموادِّ الأوليّةِ التي تنتجُ بها الرسالةَ الإعلانيةَ، وهذا مخالفٌ لمقتضى عقدِ الإجارةِ الذي هو عقدٌ يردُ على تمليكِ منفعةٍ لا على تمليكِ عينٍ.
وإذا كان العقدُ إجارةً فالمادةُ الأوليّةُ التي يُنتجُ بها الإعلانُ يُفترضُ أن يقدمَها المعلِنُ لا الوكالةُ؛ وهنا وقعَ العكسُ، ثم ما مصيرُ الرسالةِ الإعلانيّةِ التي تتمثلُ في اللاّفتةِ أو الصّورة أو المجسَّمِ أو الشّريط المسجّلِ هل تصيرُ ملكاً للمعلِنِ أم للوكالةِ؟
لا شكَّ أنَّ الرسالة الإعلانيةَ هي ملكٌ للمعلِنِ لا الوكالةِ؛ لأنهُ يدفعُ على إنتاجِها مقابلاً، وتحملُ اسمهُ أو العلامةَ التجارِيةَ التي هي ملكهُ أيضاً، وتُراعى فيها حقوقُ الملكيّةِ الفكريّةِ ([39])، ومعنى هذا أنَّ الوكالةَ تلتزمُ ببيعِ عينٍ وهي الرسالةُ الإعلانيةُ في شكلِها المحسوسِ أو المادّي، ويستلزمُ مما سبقَ أنَّ التزاماتِ الوكالةِ ليست منافعَ محضةً، وهذا يقودُنا إلى نتيجةٍ مفادهاَ أنَّ عقدَ البابِ عقدٌ على عينٍ وعملٍ كما تبيّن لنا، ولا مناصَ مِن الإقرارِ بأنَّ تكييفَهُ بأنّهُ عقدُ إجارةٍ غيرُ متجهٍ، ويستفادُ مِن النتيجةِ التي توصّلنا إليها أنَّ هذا العقدَ يجمعُ بين البيعِ والإجارةِ؛ بيعٌ للرسالةِ الإعلانيةِ كعينٍ، وإجارةٌ على نشرهاَ ، فهل صورةُ هذا العقدِ لها نظيرٌ في العقودِ المسماةِ في الفقهِ الإسلامي؟
إذا استقرينا العقودَ المسمّاةَ في الفقهِ الإسلاميِّ؛ وبالضّبطِ عقودَ المعاوضاتِ كونُ عقدِ البابِ منها؛ وجدنا عقداً يجمعُ بين الإجارةِ والبيعِ، ويتطابقُ في ظاهرهِ وعقدَ البابِ، فما هو هذا العقدُ؟ وهل يمكنُ تكييفُ عقدِ البابِ وفقَهُ؟
قد يحتاجُ الإنسانُ ضمنَ حاجاتهِ المعيشيّةِ أو العمليّةِ إلى سلعٍ أو أدواتٍ أو خدماتٍ تلبي حاجتهُ؛ فيَعدَمُها بالصفاتِ التي يريدها، فيقصدُ منتجِي هذه السلعِ أو الأدواتِ ويطلبُ منهم أن يصنعوهَا له بالمواصفاتِ التي يرغبُ فيها، ويُسمى هذا في اللّغةِ استصناعاً، أي طلبُ صنعِ شيءٍ ما، وبما أنهُ معاملةٌ بينَ جهتين فهو التزامٌ بين طرفين بتحقيقِ شيءٍ معينٍ، لذلكَ عدّهُ فقهاءُ الحنيفةِ عقداً مستقلاً، وسموهُ عقدَ الاستصناعِ.
وعرّفَ السرخسي في المبسوطِ الاستصناعَ بأنهُ:” بيعُ عينٍ شُرطَ فيهِ العملُ”([40]) أما صاحبُ البدائعِ فقالَ: هو” عقدٌ على مبيعٍ في الذّمّةِ شُرطَ فيهِ العملُ”([41])، وعرّفتهُ مجلةُ الأحكامِ العدليةِ بأنّهُ “عقدُ مقاولةٍ مع أهلِ الصّنعةِ على أن يعملُوا شيئًا”، وشرطهُ أن يكونَ العينُ والعملُ مِن الصانعِ، فإذا كانت العينُ مِن المستصنِعِ انقلبَ العقدُ إجارةً([42]).
إنَّ تكييفَ عقدِ البابِ بأنّهُ عقدُ استصناعٍ يستلزمُ تماثُلَ العقدينِ في الالتزاماتِ، أما من حيثُ أطرافُ العقدِ فالمعلِنُ مستصنِعٌ والوكالةُ صانعٌ والإعلانُ مستصنَعٌ فيه، وشرطُ أن يكونَ العينُ والعملُ من الصانعِ متحققٌ كذلك ؛ فالوكالةُ الإعلانيةُ التي تمثّلُ الصانعَ تتعهّدُ بإنتاجِ الإعلانِ مِن نفقاتها، دونَ أن ُيقدّمَ المعلِنُ أيّ مادةٍ أوّليةٍ مِن عندِه، وقصدَ التأكّدِ مِن صحّةِ التّكييفِ علينا بيانُ المحلِّ في عقدِ الاستصناعِ ما هو؟ وهل يطابقُ نظيرَهُ في عقدِ البابِ؟
اختلفت آراءُ الحنفيةِِ في محلِّ العقدِ أو المعقودِ عليهِ ما هو؟ هل هو العينُ دونَ العملِ أو العملُ أو هما جميعاً؟ ثلاثةُ أقوالٍ في المذهبِ وتفصليها كالآتي:
القولُ الأوّلُ: المحلُّ هو العينُ دون العملِ؛ وعليه إذا جاءَ الصّانعُ بالمستصنَعِ فيهِ بالمواصفاتِ التي طلبَها المستصنِعُ ورضيَ بهِ جازَ العقدُ؛ سواءً كانَ مِن صَنعَةِ غيرهِ أو مِن صَنعتهِ قبلَ العقدِ، وهذا هو القولُ الراجحُ في المذهبِ وبه أخذت المجلةُ ([43])، ولكن قد يريدُ المستصنِعُ العينَ مِن صنعِ الصانعِ، لأنهُ لما قصدَ ذلك المستصنِعَ إنما قصدهُ لأجلِ صنعتهِ، فيتعينُ على الصانعُ صُنعها، فلا يجوزُ للمستصنِع أن يقدمَ العين مِن صنعِ غيرهِ، وهذا ما يعترضُ على القولِ بأنَّ المعقودَ عليهِ هو العينُ دون العملِ.
القولُ الثّانِي: المعقودُ عليهِ العملُ؛ لأن الاستصناعَ حقيقتهُ طلبُ الصّنعِ وهوَ العملُ؛ فلزمَ أن يكونَ هو المعقودُ عليهِ، وهذا قولٌ مرجوحٌ في المذهبِ وانفردَ به أبو سعيدٍ البردعي ([44])([45])، فإذا كانَ المعقودُ عليهِ العملُ فإنَّ العقدَ في هذه الحالةِ يشبهُ عقد الإجارةِ، لأنَّ المعقودَ عليهِ فيها هو العملُ أو المنفعةُ.
القولُ الثّالثُ: المعقودُ عليه العينُ والعملُ معاً، وعمدةُ هذا القولِ أنَّ الاستصناعَ عقدٌ وقعَ على بيعِ عينٍ موصوفةٍ في الذّمّةِ شُرطَ فيها العملُ، ولأنَ العقدَ اختصَّ باسمٍ فيه معنى العملِ وهو الاستصناعُ؛ فلا بدَّ من اعتبارهِ، لذلك لزمَ أن يكونَ المحلُّ هو العينُ والعملُ معاً، وقالَ بهذا القولِ الكاسانيُ في البدائعِ ورجّحهُ؛ وبهِ أخذَ مجمعُ الفقهِ الإسلامِي حديثاً ([46]) لمناسبتِه تطوّرَ الصناعةِ في عصرناَ هذا؛ وعليه نعتمدُ، لأنه غالباً عندما يقصدُ مستصنعٌ صانعاً ما، يكونُ قد اختارهُ مِن جملةِ مجموعةٍ مِن الصناعِ، وهذا الاختيارُ ينبني أساساً على معايير؛ كالخبرةِ وإتقانِ العملِ والتكلفةِ وغيرها، لأنَّ المستصنعَ لما اختار ذلك الصانعَ إنما اختارهُ لإتقانهِ عملهً ولخبرتهِ الطويلةِ…، فيجبُ أن يكونَ المعقودُ عليهِ مِن صنعِ الذي اختارهُ، ويجبُ أخذُ هذه المعاييرِ بعين الاعتبارِ، احتراما لإرادتهِ.
والحالُ كذلك في صناعةِ الإعلانِ، فالمعلِنُ عندما يقصدُ وكالةً ما لإعدادِ الرسالةِ الإعلانيةِ، فإنه إنما رامَ الاستفادةَ من خبرتهاَ في ذلك المجالِ مثلاً، ليس إعدادَ الرسالةِ فحسب، ولذلك يتعينُ على تلكَ الوكالةِ إعداد الرسالةِ الإعلانيةِ لا أي وكالةٍ أخرى، لأنه قصدَها بعينِها، فلا يجوزُ أن تعدَّ الرسالةَ الإعلانيةَ وكالةٌ أخرى، وبذلك يكونُ المعقودُ عليهِ في العقدِ هو العينُ والعملُ.
وعلى ما سبقَ يستلزمُ مِن تكييفِ عقدِ البابِ بأنهُ عقدُ استصناعٍ؛ إنتاجُ الرسالةِ الإعلانيةِ مِن طرفِ الوكالةِ لقاءَ ثمنٍ يدفعهُ المعلِنُ لها فقط، ولكنَّ التزاماتِ الوكالةِ في عقدِ البابِ تجاهَ المعلِنِ لمَّا تَنْتَهِ؛ فأينَ نشرُ الإعلانِ وتقويمُ جدوَى الحملةِ الإعلانيةِ؟
يظهرُ أنَّ عقدِ الاستصناعِ لا يتّسعُ ليحويَ كل التزاماتِ العقدِ محلّ الدراسةِ؛ فنشرُ الإعلانِ ليس مِن مقتضاهُ وكذا التّقويمُ، وكأنَّ وعاءَهُ امتلأ بتمامِ إنتاجِ الرسالةِ الإعلانيةِ؛ و لا مجالَ لدخولِ النشرِ ضمنَ التزاماتهِ بله التّقويم، وعلى هذا يتبيّنُ أنَّ تكييفَ عقدِ البابِ بأنّهُ عقدُ استصناعٍ ليسَ صحيحاً؛ لأنَّ النشرَ لا يشملهُ هذا الأخيرُ، ويعنى هذا أنَّ النشرَ يحتاجُ إلى عقدٍ آخر، وسبقَ أن رأينا سابقاً أنَّ العقدَ الذي يتضمّنُ نشرَ الإعلانِ هوَ عقدُ إجارةٍ.
هذا ولقد ذهبَ الباحثُ عبدُ المجيدِ الصّلاحين في بحثهِ حولَ الإعلاناتِ التجارِيةِ وأحكامِها إلى تكييفِ عقدِ البابِ بأنهُ عقدُ وكالةٍ بأجرٍ، إذ الوكالةُ تتقاضى أجراً على تصميمِ الإعلانِ وتعهدُ به إلى إحدى وسائلِ النشرِ العامةِ لتنشرهُ([47])، ويمكنُ اعتبارُ هذا التكييفِ صحيحاً بدايةً، إلا أنهُ يُتعرضُ عليهِ مِن وجهين:
الوجهُ الأولُ: إذا سلّمنا بأنَّ عقدَ البابِ وكالةٌ بأجرٍ، وهذه الأخيرةُ حقيقتُها أنها إجارةٌ على عملٍ، لأنَّ الوكيلَ يتقاضَى أجرةً على العملِ الموكولِ إليه، وقد تبيّنَ سابقاً بأنَّ هذا التكييفَ ليسَ صواباً، لأنَّ الوكالةَ الإعلانيةَ تتحمَّلُ أعباءَ إنتاجِ الرسالةِ الإعلانيةِ، ثمَّ تعودُ على المعلِنِ بثمنِها، وهذا مخالفٌ لمقتضى الإجارةِ التي هي تمليكُ منفعةٍ بعوضٍ.
الوجهُ الثانِي: على القولِ بأنَّ عقدَ البابِ وكالةٌ بأجرٍ؛ يعنِي أنَّ الوكالةَ الإعلانيةَ تكونُ وكيلاً عن المعلنِ في إنتاجِ الرسالةِ الإعلانيةِ ونشرِها.
وفي هذه الصورةِ نجدُ الوكيلَ – الوكالةُ الإعلانيةُ- تعاقدَ مع نفسهِ، لأنهُ هوَ من يتحمّلُ تكاليفَ إنتاجِ الرسالةِ الإعلانيةِ، ويعنِي أنهُ يبيعها للمعلِنِ مِن نفسهِ، وبالتالي يَرِدُ على ما تقدّمَ إشكالاتٌ وهي :كيفَ يكونُ الوكيلُ مسلِّماً ومُتسلِّماً؛ مُطالِباً ومُطالَباً في آنِ واحدٍ ؟ ([48]) وكيفَ يوفِّقُ بينَ الاستقصاءِ لموكِّلهِ والاسترخاصِ لنفسهِ؟ ([49]) وهل يتصورُ صدورُ الإيجابِ والقبولِ مِن طرفٍ واحدٍ في آنِ واحدٍ ([50])؟
كلُّ هذا يؤدِّي إلى التّضادِّ في الأحكامِ والتّنافِي بينها، لذلكَ ذهبَ جمهورُ الفقهاءِ من الحنفيةِ والمالكيةِ والشافعيةِ والحنابلةِ والإباضيةِ والإماميةِ والزيديةِ في القولِ الراجحِ إلى عدمِ جوازِ تعاقدِ الوكيلِ مع نفسهِ للأسبابِ التي تقدّمت ([51])، ولهذا لا نتّفقُ مع الأستاذِ فيما ذهبَ إليهِ في تكييفهِ لعدمِ وجاهتِه.
ثم إنَّ الأستاذَ الصّلاحين وقعَ له شبهُ خلطٍ حولَ تسميةِ الطرفِ الذي يقابلُ المعلِنَ في عقدِ البابِ، فتارةً يستعملُ شركةَ الدّعايةِ والإعلانِ وأخرى يستعملُ وكالةَ الإعلانِ ([52])، والصّوابُ أنَّ شركةَ الإعلانِ غيرُ وكالةِ الإعلانِ، فبينهما كبيرُ فرقٍ؛ كما يقرّرهُ المتخصّصونَ في هذا المجالِ ([53])، ووظيفةُ كل واحدةٍ منهما مختلفةٌ عن الأخرى، والاختلافُ في الوظيفةِ يؤثّرُ في التّكييفِ الذي ينبني أساساً على التّوصيفِ الصحيحِ لأطرافِ العقدِ والتزاماتهم، فالدّقةُ في استعمالِ المصطلحاتِ أمرٌ مهمُّ جداً.
جديرٌ بالإشارةِ إلى أنَّ القانونَ الوضعيَ اعتبرَ عقدَ الإعلانِ التجارِي بصفةٍ عامةٍ عقدَ مقاولةٍ([54])؛ وعرّفَهُ القانون المدنيُ الأردنِيُ في المادةِ 780 بأنهُ “عقدٌ يتعهّدُ أحدُ الطرفينِ بمقتضاهُ بأن يصنعَ شيئاً أو يؤديَ عملاً لقاءَ بدلٍ يتعهّدُ به الطرفُ الآخرُ”، وجاءَ في الفقرةِ الأولى من المادة 781: “يجوزُ أن يقتصرَ الاتفاقُ على أن يتعهّدَ المقاولُ بتقديمِ العملِ؛ على أن يقدّمَ صاحبُ العملِ المادةَ التي يستخدمُها أو يستعينُ بها في القيامِ بعملهِ” وفي الفقرةِ الثانيةِ مِن المادةِ نفسِها:”كما يجوزُ أن يتعهّدَ المقاولُ بتقديمِ المادّةِ والعملِ”([55]).
وإذا قرأنا المادتين قراءةً فقهيةً شرعيةً فإننا نفهمُ أنهما تتحدثانِ عن عقدين منفصلينِ وهما: عقدُ الإجارةِ على عملٍ وعقدُ الاستصناعِ، وهو ما بيّنَتهُ فقرتا المادةِ الثانيةِ، ونستنتجُ مما تقدّمَ أنَّ عقدَ المقاولةِ في القانونِ الوضعي مجالهُ واسعٌ حيثُ يضمُّ عقدينِ بالتصنيفِ الفقهي، وهذا ما يدلُّ على دقّةِ الفقهِ الإسلامي وضبطهِ للعقودِ، وليسَ مِن الصوابِ القولُ بأنَّ عقدَ المقاولةِ في القانونِ الوضعِي يقابلهُ عقدُ الاستصناعِ في الفقهِ بالمعنَى الدقيقِ، إذ يدخلُ تحت حدّهِ الاستصناعُ والإجارة…، فهو عقدٌ مختلطٌ أو مركبٌ.
وإذا كان الأمرُ كذلك فالنظرُ يوجبُ القولَ بأنَّ عقدَ البابِ هو عقدٌ مركبٌ من عقدينِ؛ عقدُ الاستصناعِ في جانبِ إعدادِ الرسالةِ الإعلانيةِ وإنتاجِها، وعقدُ الإجارةِ في جانبِ نشرِ الإعلانِ، ونحنُ بصددِ عقدٍ مركبٍ تتجاذبهُ أحكامُ العقدينِ وتتزاحمانِ على بابهِ.
ولهذا النوعِ مِن العقودِ -المركّبةِ- نظيرٌ في الفقهِ الإسلامِي، فلقد كيَّفَ فقهاءُ الحنفيةِ عقدَ الاستصناعِ لما أوجدُوهُ؛ وقالوا هو إجارةٌ ابتداءً ويصيرُ بيعاً انتهاءً قبلَ التسليمِ ([56])، فالعقدُ له شبهٌ بالإجارةِ مِن حيثُ عدمُ وجودِ المعقودِ عليهِ واشتراطُ العملِ فيه، وله شبهٌ بالبيعِ مِن حيثُ تمليكُ العينِ، ولكن ما هو المقصدِ الأصلي أو الغايةُ مِن هذا العقدِ ؟
لاشكَّ أنَّ المقصدَ الأصليَّ منه هو تملّكُ العينِ بالمواصفاتِ التي يريدُها المستصنِعُ، وهو التزامٌ جوهريٌّ في العقدِ، بدليلِ أنَّ القولَ الراجحَ في المذهبِ أنَّ المعقودَ عليهِ في الاستصناعِ العينُ لا العملُ ([57])، ولما كان المُستَصْنَعُ فيهِ لا يوجدُ إلا بعملِ الصّانعِ أو غيرهِ اعتُبِر في العقدِ؛ لأنهُ لا يتمُّ إلا بهِ، بدليلِ أنهُ لو أتَى الصّانعُ بالمستَصنَعِ فيه مِن صنعِ غيرهِ جاز، فلما استحال الجمعُ بينهما في حالةٍ واحدةٍ كانَ إجارةً ابتداءً بيعاً انتهاءً وهو المقصودُ، فأُجرِيت فيه أحكامُ العقدين على التّعاقبِ([58]).
ومما سبقَ نستنتجُ أنَّ الحنفيةَ نظروا في تكييفِهم للاستصناعِ إلى المقصدِ الأصلي مِنهُ وهو تملّكُ العينِ بالمواصفاتِ التي يرغبُ فيها المستصنِعُ، بمعنىً آخرَ نظرُوا إلى عنصرِ إرادةِ المتعاقدين ونيّتِهما مِن التعاقدِ؛ أو إلى الباعثِ والسّببِ عليهِ فاعتبرُوه مقصداً أصلياً في تكييفِ العقدِ([59])، وفي عقدِ البابِ المقصدُ الأصليُّ فيه هو نشرُ الإعلانِ، ولا يتمُّ ذلك إلاَّ بإنتاجهِ، وهذا عملٌ سابقٌ للنّشرِ، أي أنهُ عملٌ تمهيديُّ، لكنهُ جزءٌ مِن المعقودِ عليهِ؛ فلا يمكنُ أن نغضَّ الطرفَ عنهُ، لأنَّ ما لا يتمُّ الواجبُ إلا به فهو واجبٌ.
إذاً الصورةُ التي أمامنا عقدٌ يتكونُ مِن عقدينِ، استصناعٌ في إعدادِ الإعلانِ وإنتاجهِ، وإجارةٌ في نشرِ الإعلانِ، وهما عقدانِ مختلفانِ؛ فالأولُ مقتضاهُ تمليكُ عينٍ شُرِطَ فيها العملُ، والثّانِي تمليكُ منفعةٍ، فهل يجوزُ الجمعُ بين الاستصناعِ والإجارةِ في عقدٍ واحدٍ؟ وإذا جازَ فأحكامُ أيِّهما نعتبر؟
إننا إذا استقرينا أقوالَ الفقهاءِ -إضافةً إلى ما ذكرناهُ عن الحنفيةِ سابقاً- وجدنا ما يدلُّ على جوازِ الجمعِ بين عقدينِ في عقدٍ واحدٍ مِن حيثُ العمومُ، ومِن ذلك قولُ ابن القيّم في إعلامِ الموقعينَ: ” لا محذورَ في الجمعِ بين عقدينِ كلٌّ منهما جائزٌ بمفردِه؛ كما لو باعهُ سلعةً وأجّرهُ دارَه شهراً بمائةِ درهمٍ” ([60])، وهذا المثالُ يشبهُ إلى حدٍ كبيرٍ عقدَ البابِ كونهُ يجمعُ بينَ البيعِ والإجارةِ، ويقولُ القرافي في الفروقِ” وأمَّا نحوُ الإجارةِ والهبةِ مما يماثلُ البيعَ في الأحكامِ والشّروطِ ولا يضادّهُ فيهِ؛ بأنهُ يجوزُ اجتماعُه مع البيعِ؛ كما يجوزُ اجتماعُ أحدهِما معَ الآخرِ في عقدٍ واحدٍ لعدمِ التّنافِي”([61]).
ويقولُ الشاطبي في الموافقاتِ في معرضِ حديثهِ عن الشروطِ مع مشروطاتها:” والقاعدةُ المستمرةُ في أمثالِ هذا التفرقةُ بين العباداتِ والمعاملاتِ…وما كان مِن العادياتِ يُكتفى فيهِ بعدمِ المنافاةِ؛ لأنَّ الأصلَ فيها الالتفاتُ إلى المعانِي دونَ التّعبدِ؛ والأصلُ فيها الإذنُ حتى يدلَّ الدليلُ على خلافِه واللهُ أعلمُ”([62])، والمقصودُ مِن قولهِ في الأولِ عدمُ التضادِّ في الأحكامِ والشّروطِ؛ وفي الثانِي عدمُ المنافاةِ أي استحالةُ اجتماعِ حكمينِ متضادينِ في عقدٍ واحدٍ في آنٍ واحدٍ كاللّزومِ وعدمهِ مثلاً.
وبناءً على ما سبقَ يمكنُ القولُ أن الجمع بين الاستصناعِ والإجارةِ في عقدِ واحدٍ ممكنٌ لعدمِ وجودِ تناقضٍ أو تضادٍّ بينهما ([63])؛ فكلاهما يرِدُ على تمليكِ شيءٍ بعوضٍ، وكلاهما لازمٌ، وكلاهما يجبُ فيه الضمانُ…، ولو أنَّ أحكامَ كلٍّ منهما مختلفةٌ نوعاً ما؛ إلا أنهُ يمكنُ أن تجتمعَ، لأنَّ الاختلاف غيرُ التضادِّ أو التّنافِي، فكيفَ السبيلُ إلى الجمعِ بين أحكامِ العقدينِ؟
إنَّ الغايةَ أو المقصدَ مِن عقدِ البابِ نشرُ الإعلانِ؛ ولا يتمُّ إلا بإنتاجِ الرسالةِ الإعلانيةِ، وما لا يتمُّ الواجبُ إلا به فهو واجبٌ، والنّتيجةُ النظرُ إلى كلا العقدينِ بعينِ الاعتبارِ؛ لأنّهُ بمجموعهِما يتكونُ عقدُ البابِ، فلا يمكنُ أن نُجريَ أحكامَ عقدٍ دون آخر، بل يجبُ النّظرُ إليهما -العقدين- كوحدةٍ متكاملةٍ لا تقبلُ التفريقَ أو التجزئةَ، بحيثُ تعتبرُ سائرُ التزاماتِ العقدينِ وموجباتهِ بمثابةِ آثارِ العقدِ الواحدِ ([64])، وهذا ما يُعرفُ حديثاً بعقدِ المقاولةِ.
وعرّف مجمعُ الفقهِ الإسلامي عقدَ المقاولةِ بأنهُ:” عقدٌ يتعهّدُ أحدُ طرفيهِ بمقتضاهُ بأن يصنعَ شيئاً أو يؤديَ عملاً مقابلَ بدلٍ يتعهّدُ بهِ الطرفُ الآخرُ”([65]) وهو عقدٌ مستجِدٌ في الفقهِ الإسلامي ليس ضمنَ العقودِ المسماةِ، إلاَّ أنَّ تطورَ الحياةِ وتعقّدها وتداخلِ المصالحِ دعت إليه؛ أخذاً بنظريةِ حريّةِ الشّروطِ العقديّةِ في الفقهِ ([66]) أو مبدأ سلطانِ الإرادةِ العقديةِ في القانونِ الوضعِي.
وعلى ما سبقَ يتبينُ – واللهُ أعلمُ- أنَّ تكييفَ عقدِ البابِ مِن قبيلِ عقدِ المقاولةِ، وهو مِن العقودِ الأصليةِ لا التبعيةِ، وجائزٌ مِن حيثُ المشروعيةُ لحاجةِ الناسِ إليهِ، ومِن العقودِ المسمّاةِ مِن حيثُ التسميةُ، ومِن عقودِ المعاوضاتِ مِن حيثُ التصنيفُ ([67]).
الخاتمة
بعد هذه الدراسةِ للإعلان التجارِي كعقدٍ، والصورِ التي يمكنُ أن يردَ عليها؛ وتكييفُها الفقهِي، يمكنُ أن نخلصَ إلى النتائج الآتيةِ:
1. الهدفُ مِن الإعلانِ التجاري بيانُ صفاتِ المعلنِ عنهُ؛ وترغيبُ الناسِ فيهِ، وهو عمليةٌ مشروعةٌ، تذكِي روحَ المنافسةِ المشروعةِ بين المعلنينَ، وتساهمُ في تنميةِ الاقتصادِ وازدهارهِ.
2. الإعلانُ التجاريُ مباحٌ في أصلهِ؛ وتعتريهِ بعضُ الأحكامِ التكليفيةِ؛ كالإباحةِ والندبِ والكراهيةِ والحرمةِ، حسبَ وسائلهِ ومقاصدهِ، وملابساتهِ الزمانيةِ والمكانيةِ.
3. عقدُ الإعلانِ التجارِي هو كلُّ عقدٍ يردُ على التعريفِ بالمعلنِ عنهُ بوسيلةِ اتصالٍ غيرِ شخصيةٍ.
4. الصورةُ الأولَى لعقدِ الإعلانِ التجارِي هي تعاقدُ المعلِنِ مع وسيلةِ نشرٍ لنشرِ الرسالةِ الإعلانيةِ دون إنتاجِها، وتكييفُها الفقهي أنها عقدُ إجارةٍ على عملٍ.
5. الصورةُ الثانيةُ لعقدِ الإعلانِ التجارِي هي تعاقدُ المعلِنِ مع وكالةٍ إعلانيةٍ على إنتاجِ الرسالةِ الإعلانيةِ ونشرِها، وتكييفُها الفقهِي أنها عقدُ مقاولةٍ.
6. الوكالةُ الإعلانيةُ في الصورةِ الثانيةِ لعقدِ الإعلانِ التجارِي مطالبةٌ بتحقيقِ غايةٍ، وهي نجاحُ الحملةِ الإعلانيةِ مِن حيثُ الإعدادُ الجيدُ، أما مِن حيثُ النتائجُ فليست مطالبةٌ بها.
وأما التوصياتُ التي يمكنُ أن يخلص إليها البحثُ فأهمها:
1. دراسةُ موضوعِ تكييفِ عقدِ الإعلانِ التجاري دراسةً متعمقةً، لأنَّ الموضوعَ لا يزالَ بكراً ويحتاجُ إلى مزيدِ بحثٍ.
2. العملُ على صياغةِ أحكامِ عقدِ الإعلانِ التجارِي صياغةً قانونيةً على شكلِ موادٍّ؛ حتى يسهلَ على العاملينَ في هذا المجالِ معرفةُ أحكامِه، والحرصُ على إدراجِها في قانونٍ للإعلانِ التجارِي الإسلامِي .

· باحث في الفقه الإسلامي .
** استاذ مشارك كلية الدراسات الفقهية والقانونية ، جامعة آل البيت .

[1]- أحمد بن فارس بن زكريا أبو الحسين(ت:390هـ/1000م)، معجم مقاييس اللغة، ت: عبد السلام محمد هارون، دار الفكر، (د.ط.س)، مادة: “ع ل ن”، ج04/111.
[2]- إبن منظور(ت:711هـ/1311م)، لسان العرب، دار المعارف، القاهرة، ج.م.ع، (د.ط.س)، مادة: “ع ل ن”، 04/3086.
[3]- الزبيدي، محمد مرتضى الحسيني (ت:817هـ/1414م)، تاج العروس من جواهر القاموس، ت: مصطفى حجازي، المجلس الوطني للثقافة والفنون والأدب، الكويت، ط01: 1421هـ/2001م، مادة: “ع ل ن”، ج35/408.
[4]- الفيروزبادي، محمد بن يعقوب مجد الدين(ت:817هـ/1415م)، القاموس المحيط، دار الفكر، بيروت- لبنان، 1415هـ/1995م، ص174.
[5]- انظر: ابن منظور: لسان العرب، 05/420. الزبيدي، تاج العروس، 10/279.
[6]- انظر: منى الحديدي، الإعلان، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، ط01: 1419هـ/1999م، ص20.
[7]- طاهر مرسي عطية، فن الإعلان وتخطيط الحملات الإعلانية، دار النهضة العربية، القاهرة، (د.ط) 1993م، ص08.
[8]- “Advertising: is the structure and composed nonpersonal communication of information usually persuasive in nature, about products (goods ,services and ideas)by identified sponsor through various media. ” CONTEMPORARY ADVETISIN, WILLAM E. Arens, MCGRAW- HILL, New York. 9th Edition, 2004,p07. WILLIAM WELLS, JOHN BURNETT, SANDRA MORIARTY, ADVERTISING PRANCIPLES AND PRACTICE, Prentice-Hall ,USA ,3rd edition,1995. p11. J.N. Jain. P.P. Singh, Modern Advertising Management, Principles and Techniques, Regal Publications, New Delhi,2007,p05. MAURICE I. MANDELL. ADVERTISIGN, Prentice-Hall ,USA , 2nd edition,1974,p04.
العارف، نادية، أبو قحف، عبد السلام ، الإعلان: الأسس العلمية، الأدلة التطبيقية، بناء المهارات، الدار الجامعية، (د.ط)، 1994م،ص04. بتصرف.
[9]-انظر: الحديدي، الإعلان، ص17.
[10]-انظر: الحديدي، مرجع سابق، ص17. دفع الله أحمد. الإعلان، الأسس والمبادئ، دار الكتاب الجامعي، العين، الإمارات العربية المتحدة، ط01: 1425هـ/2005م، ص24.
[11]- العلاق، الترويج والإعلان، ص09. محمد جاسم محمد، استراتجيات التسويق، مدخل كمي وتحليلي، دار الحامد، عمّان، الأردن،2004م، ص260. العبدلي، الترويج والإعلان، ص07. الحديدي، الإعلان، ص39.
[12]- انظر: عبد الفضيل محمد أحمد، الإعلان عن المنتجات و الخدمات من الوجهة القانونية، مكتبة الجلاء الجديدة، المنصورة، (د.ط.س)،ص20.
[13]- انظر: المرجع السابق. الناشف، أنطوان، الإعلانات والعلامات التجارِية بين القانون والاجتهاد، دراسة تحليلية شاملة، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت- لبنان، 1999م، ص23.
[14]- انظر: المرجع السابق، ص23.
[15]- انظر: شيخي زاده، عبد الرحمن بن محمد بن سليمان الكليبولي(ت:1078هـ/1667م)، مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر، ت: خليل عمران المنصور، دار الكتب العلمية، بيروت- لبنان، (د.ط)، 1419هـ/1998م، ج02/82. الشرواني، عبد الحميد، العبادي، أحمد بن قاسم، حواشي تحفة المحتاج بشرح المنهاج، المكتبة التجارِية الكبرى، مصر، (د.ط)، 1357هـ/1938م، ص07/255.
[16]- عيساوي، أحمد، الإعلان من منظور إسلامي، كتاب الأمة، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، قطر،(د.ط)،1420هـ، ص72.
[17]- انظر ص 05.
[18]- الصلاحين، عبد المجيد، “الإعلاناتُ التجارِية أحكامها وضوابطها في الفقه الإسلامي”، مجلة الشريعة والقانون، جامعة الإمارات، العدد:21، 2004م، ص29.
[19]- الترويج في علم التسويق هو “التنسيقُ بينَ جهودِ البائعِ في إقامةِ منافذَ للمعلوماتِ؛ وفي تسهيلِ بيعِ السلعةِ أو الخدمةِ أو قبولِ فكرةٍ معينةٍ”. انظر: العلاق، الترويج والإعلان، ص09. محمد جاسم محمد، استراتجيات التسويق، مدخل كمي وتحليلي، دار الحامد، عمّان، الأردن،2004م، ص260. العبدلي، الترويج والإعلان، ص07. الحديدي، الإعلان، ص39.
[20]- الدعاية هي ” فنُّ التأثيرِ في الناسِ بقصدِ تغييرِ سلوكِهم باتجاهٍ مستهدفٍ”، و لا يشترط في الداعية أن يكون معروف الهوية بل قد يكون مجهولا، وهذه من أهم الفروق التي تفرق بين الإعلان والدعاية. أنظر: الغانمي، الإعلان بين النظرية، ص78.
[21]- عبد الرحمن السيوطي جلال الدين(ت:911هـ/1505م)، الأشباه والنظائر في فروع الفقه الشافعي، دار الكتب العلمية، بيروت- لبنان، ط01: 1403هـ/1983م، ص60.
[22]- انظر:الرازي، محمد بن عمر بن الحسين فخر الدين(ت:606هـ/1209م)، المحصول في علم أصول الفقه، ت: د.طه جابر فياض العلواني، مؤسسة الرسالة، (د.ط.ت) ج06/105. السبكي، علي بن عبد الكافي(ت:756هـ/1355م) وابنه عبد الوهاب بن علي(ت:771هـ/1370م)، الإبهاج في شرح المنهاج على منهاج الوصول إلى علم الأصول للقاضي البيضاوي، دار الكتب العلمية، بيروت- لبنان، 1316هـ/1995م، ج03/165. الشاطبي، إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي المالكي أبي إسحاق (ت:790هـ/1388م)، الموافقات في أصول الشريعة، ت: عبد الله دراز، دار الفكر العربي، (د.ط.ت)، ج02/358.
[23]- انظر: المصلح، خالد بن عبد الله ، الحوافز التجارِية التسويقية، دار ابن الجوزي، الدمام، م.ع.س، ط01: 1420هـ/1999م، ص203.
[24]- عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكي تاج الدين(ت:771هـ/1369م)، الأشباه والنظائر، دار الكتب العلمية، بيروت- لبنان، ط01: 1411هـ/1991م، ج01/59. السيوطي، الأشباه والنظائر، ص 76.
[25]- السبكي، المرجع السابق، ج01/52. السيوطي، المرجع السابق، ص83.
[26]- رواه البخاري، كتاب الحيل، باب ما يكره من التناجش، ح رقم: 6963، ج04،ص290. مالك بن أنس (ت:179هـ/795م)، الموطأ، رواية يحي بن يحي الليثي الأندلسي، ت: بشار عواد معروف، دار الغرب الإسلامي، ط02: 1417هـ/1997م، كتاب البيوع، باب ما ينهى عنه من المساومة والمبايعة، ح رقم: 1998، ج02،ص217.
[27]- النووي، صحيح مسلم بشرح النووي، المطبعة المصرية بالأزهر، ط01: 1347هـ/1929م، ج10/159. العسقلاني، فتح الباري، 01/188.
[28]- انظر: عيساوي، الإعلان، ص63 وما بعدها. المصلح، المرجع السابق، ص203 وما بعدها. الصلاحين، الإعلانات التجارِية، ص35. الكاملي، محمد بن علي ، أحكام الإعلانات التجارِية والجوائز الترويجية، دار طيبة الخضراء، مكة المكرمة، ط01: 1422هـ/2001م، ص128.
[29]- انظر: الصلاحين، مصدر سابق، ص40-41.
[30]- عرفه أحد الباحثين المعاصرين بأنه:”تحديد حقيقة الواقعة المستجدة لإلحاقها بأصل فقهي خصّه الفقه الإسلامي بأوصافٍ فقهية، بقصد إعطاء تلك الأوصافِ للواقعة المستجدة عند التحقق مِن المجانسة والمشابهة بين الأصل والواقعة المستجدة في الحقيقة.” شبير، محمد عثمان ، التكييف الفقهي للوقائع المستجدة وتطبيقاته الفقهية، دار القلم، دمشق، ط01: 1425هـ/2004م، ص30.
[31]- انظر تعريف الإعلان التجارِي ص08.
[32]- انظر: شيرزاد، المصدر السابق، ص189-190. الناشف، الإعلانات والعلامات التجارِية، ص53-54.
[33]- يقصد بالوكيل هنا الجهة التي يكلفها المعلنُ بمباشرة نشر الإعلان فقد يكون وكيلا بالعمولة أو بأجرٍ، وقد يكون وكالة إعلانية.
[34]- انظر: عرّف الدسوقي عقد المعاوضة بقولهِ:”عَقدٌ مُحتوٍ عَلَى عِوضٍ من الجَانبَينِ”، بينما ذهب أحذ الباحثين المعاصرين إلى القول بأنه:”التزامٌ بينَ طرفينِ يتضَمّنُ العوضَ مِن الجَانبَينِ” الدسوقي، محمد عرفة شمس الدين (ت:1230هـ/1815م)، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، ت: محمد عليش، دار إحياء الكتب العربية، (د.ط.س)، ج03/02. الهاشمي، سلطان بن إبراهيم بن سلطان، أحكام تصرفات الوكيل في عقود المعاوضات المالية، دار البحوث للدراسات الإسلامية وإحياء التراث، دبي، الإمارات العربية المتحدة، ط01: 1422هـ/2002م، ص70.
[35]- السرخسي، شمس الدين (ت:483هـ/1090م)، كتاب المبسوط، دار المعرفة، بيروت، (د.ط.س)، ج23/79. الكاساني، البدائع، ج04/201. المالكي، عبد الوهاب علي بن نصر أبي محمد القاضي(ت:422هـ/1031م)، المعونة على مذهب عالم المدينة، ت: محمد حسن إسماعيل الشافعي، دار الكتب العلمية، بيروت- لبنان، ط01: 1418هـ/1998م، ج02/99. الرافعي، الشرح الكبير، ج06/82. النووي، يحي بن شرف الدمشقي أبي زكريا(ت:676هـ/1277م)، روضة الطالبين، عادل أحمد عبد الموجود، علي محمد معوض، دار عالم الكتب، 1423هـ/2003م، ج04/248. اطفيش، النيل، ج10/09. الطوسي، جعفر بن محمد بن علي ابن حمزة(ت:560هـ/1164م)، الوسيلة إلى نيل الفضيلة، ت: محمد الحسون، مكتبة آية الله العظمي المرعشي النجفي، قم، ط01: 1408م، ص267.
[36]- انظر: الزرقا، مصطفى، المدخل الفقهي العام، دار القلم، دمشق، ط01 :1418هـ/1998م، ج01/632، ف 47/3 وما بعدها
[37]- السرخسي، شمس الدين (ت:483هـ/1090م)، كتاب المبسوط، دار المعرفة، بيروت، (د.ط.س)، ج23/79. الكاساني، البدائع، ج04/201. الرافعي، الشرح الكبير، ج06/82. النووي، يحي بن شرف الدمشقي أبي زكريا(ت:676هـ/1277م)، روضة الطالبين، عادل أحمد عبد الموجود، علي محمد معوض، دار عالم الكتب، 1423هـ/2003م، ج04/248. الطوسي، جعفر بن محمد بن علي ابن حمزة(ت:560هـ/1164م)، الوسيلة إلى نيل الفضيلة، ت: محمد الحسون، مكتبة آية الله العظمي المرعشي النجفي، قم، ط01: 1408م، ص267. الحلي، يحي بن سعيد الهذلي (ت:690هـ/1291م)، الجامع للشرائع، ت: مجموعة من المحققين، مؤسسة سيد الشهداء العلمية، قم، 1405هـ، (د.ط) ص292.
[38]- يمكنُ أن يتحمل المعلن تكاليف ما تستلزمه الحملة الإعلانية مِن موادٍ أولية، وتقدم الوكالة العمل وخبرتها، وتكييف هذه الصورة هو عقد إجارة محضة؛ وتترتب عليه أحكام عقد الإجارة على عمل، وهذه الصورة يمكن تصورها؛ إلا أنها في الواقع العملي غير موجودة ولم يذكرها الذين كتبوا في هذا التخصص.
[39]- انظر: شيرزاد، عقد الإعلان، ص194.
[40]- السرخسي، المبسوط، ج15/84.
[41]- الكاساني، البدائع، ج05/02.
[42]- حيدر، علي، درر الأحكام شرح مجلة الأحكام، تر:فهمي الحسيني، دار عالم الكتب، الرياض، 1423هـ/2003م، ج01/114.
[43]- السرخسي، المبسوط، ج05/85، المرغيناني، علي بن أبي بكر بن عبد الجليل الرشداني (ت:593هـ/1196م)، الهداية شرح بداية المبتدي، مكتبة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، مصر، ط. الأخيرة، (د.س)، ج03/78. السيواسي، محمد بن عبد الواحد الكمال بن الهمام(ت:861هـ/1457م)، شرح فتح القدير على الهداية شرح بداية المبتدي، دار الفكر، بيروت- لبنان، ط02، (د.س)، ج07/115. الزيلعي، تبيين الحقائق، ج04/124. ابن عابدين، الحاشية، ج05/225. حيدر، درر الأحكام، ج01/423.
[44]- السرخسي، المبسوط، ج12/139. ابن نجيم، زين الدين بن إبراهيم بن محمد المصري(ت:970هـ/1562م)، البحر الرائق شرح كنز الدقائق، ت: زكريا عميرات، دار الكتب العلمية، بيروت- لبنان، ط01: 1418هـ/1997م، ج06/285. ابن عابدين، الحاشية، ج05/354.
[45]- أبو سعيد أحمد بن الحسين البردعي؛ نسبة إلى بلدة بردعة في أقصى أذربيجان، أحد كبار فقهاء الحنفية في بغداد ومتقدميها، أخذ العلم عن أبي علي الدقاق وموسى بن نصر، ومن تلاميذه أبو الحسن الكرخي وأبو طاهر الدباس، اشتغل بالتدريس في بغداد، وناظر داود الظاهري، قتل في واقعة القرامطة لما كان ذاهبا إلى الحج سنة 317هـ. الشيرازي، أبي إسحاق الشافعي(ت:393هـ/1003م)، طبقات الفقهاء، ت: إحسان عباس، دار الرائد العربي، بيروت- لبنان، (د.ط.س)، ص141. القرشي، عبد القادر بن محمد بن محمد الحنفي (ت:775هـ/1373م)، الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية، ت:عبد الفتاح محمد الحلو، هجر للطباعة والنشر، (د.ط.س)، ج01/163، تر103.
[46]- الكاساني، البدائع، ج05/02. قرارت مجمع الفقه الإسلامي بشأن عقد الاستصناع، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، الدورة السابعة 1412هـ/1992م، عدد07، ج02/777.
[47]- انظر: الصلاحين، الإعلانات التجارية، ص41-42. المناصير، علي عبد الكريم محمد ، الإعلانات التجارِية مفهومها وأحكامها في الفقه الإسلامي، أطروحة دكتوراه، الجامعة الأردنية، 2007م، ص55.
[48]- الكاساني، البدائع، ج05/136. الزيلعي، تبيين الحقائق، ج05/221.
[49]- الشيرازي، إبراهيم بن علي يوسف الفيروزبادي (ت:393هـ/1083م)، المهذب في فقه الإمام الشافعي، ت: زكريا عميرات، دار الكتب العلمية، بيروت- لبنان، ط01: 1416هـ/1995م ج02/168.الرافعي، الشرح الكبير، ج05/226.
[50]- محمد علاء الدين أفندي، حاشية عيون الأخيار تكملة رد المحتار على الدر المختار، دار الفكر، بيروت- لبنان،(د.ط)، 1415هـ/1995م، ج01/791. الشربيني، محمد بن الخطيب (ت:977هـ/1569م)، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، ت: محمد خليل عيتاني، دار المعرفة، بيروت- لبنان، ط01: 1418هـ/1997م ج02/291.
[51]- السرخسي، المبسوط، ج12/218. الكاساني، البدائع، ج05/136. القرافي، أحمد بن إدريس شهاب الدين(ت:684هـ/1285م)، الذخيرة، ت: محمد بوخبزة، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط01: 1994م، ج08/10. الخرشي(ت:1101هـ/1689م)، الخرشي عل مختصر سيدي خليل، وبهامشه حاشية العدوي، دار صادر، بيروت، (د.ط.س)، ج06/77. الجويني، عبد الملك بن عبد الله بن يوسف إمام الحرمين (ت:478هـ/1085م)، نهاية المطلب في دراية المذهب، ت: عبد العظيم محمد الديب، دار المنهاج، جدة، ط1: 1428هـ/2007م، ج07/43. النووي، روضة الطالبين، ج03/538. المقدسي، عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة الدمشقي…أبو محمد(ت:620هـ/1223م)، المغني شرح مختصر الخرقي، ت: عبد الله بن عبد المحسن التركي، عبد الفتاح محمد الحلو، دار عالم الكتب، الرياض، ط03: 1417هـ/1997م، ج07/228. الزركشي، شرح الزركشي، ج04/146. الشقصي، خميس بن علي بن مسعود الرستاقي، منهج الطالبين وبلاغ الراغبين، ت: سالم بن حمد الحارثي، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عُمان، (د.ط.س)،ج18/301. اطفيش، شرح النيل،ج09/549. الطوسي، محمد بن الحسن أبي جعفر(ت:460هـ/1067م)، الخلاف، ت: السيد علي الخراساني وآخرون، مؤسسة النّشر الإسلامي، قم، (د.ط)،1411هـ، ج03/346. الحلي، محمد بن منصور بن أحمد بن إدريس (ت:598هـ/1201م)، كتاب السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي، ت: لجنة من المحققين، مؤسسة النّشر الإسلامي، قم، ط02: 1410هـ، ج02/97. المرتضى، أحمد بن يحي بن (ت:840هـ/1436م) البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار، ومعه جواهر الأخبار والآثار المستخرجة من لجة البحر الزخار، مكتبة الخانجي، مصر، ط01: 1368هـ/1949م، ج06/60. العنسي، أحمد بن قاسم اليماني الصنعاني، التاج المذهب لأحكام المذهب، مكتبة اليمن الكبرى، (د.ط.س)، ج02/355. الهاشمي، أحكام تصرفات الوكيل، ص237.
[52]- انظر: الصلاحين، الإعلاناتُ التجارِية، ص42-43.
[53]- الفرق بين شركة الإعلان ووكالة الإعلان أنَّ الأولى لا تمتلكُ وسيلةً من وسائلِ الإعلانِ أو النّشرِ، ولا تقوم بإعدادِ الرسالةِ الإعلانيةِ، وإنّمَا تحتكرُ امتيازَ حقَّ الإعلانِ في وسيلةٍ أو أكثرَ، وتتعاملُ معَ الإعلانِ على أنهُ سلعةٌ تباعُ وتشترى، أما الوكالةُ فوظيفتها التخطيطُ للحملةِ الإعلانية وإنتاج الرسالةِ الإعلانيةِ ونشرها. انظر: الغانمي: الإعلان بين النظرية..، ص89، دفع الله، الإعلان، ص115.
[54]- انظر: شيرزاد، عقد الإعلان، ص83. السنهوري، عبد الرزاق أحمد ، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، دار النهضة العربية، القاهرة، (د.ط.س)، ج07،ق01،ص364.
[55]- القانون المدني الأردني، ص138.
[56]- نظام وجماعة من علماء الهند الأعلام، الفتاوى الهندية في مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان، وبهامشه فتاوى قاضيخان والفتاوى البزازية، دار صادر، بيروت، (د.ط.س)، 03/207. ابن الهمام، فتح القدير، ج07/116.
[57]- السرخسي، المبسوط، ج05/85، المرغيناني، الهداية، ج03/73. ابن الهمام، فتح القدير،ج07/115. حيدر، درر الحكام، ج01/423. القره داغي، علي محي الدين ، “عقد الاستصناع”، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، عدد07، ج02،ص342 وما بعدها.
[58]- الزيلعي، تبيين الحقائق، ج04/124.
[59]- عبد الرزاق أيوب، تكييف العقود، مجلة طنجيس، 2007، العدد:07، ص26. WWW.ArabLawInfo.Com
[60]- ابن قيم الجوزية، محمد بن أبي بكر بن أيوب (ت:751هـ/1350م)، إعلام الموقعين عن رب العالمين، ت: أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان، دار ابن الجوزي، م.ع.س، ط01: 1423هـ، ج05/310-311.
[61]- القرافي، أحمد بن إدريس الصنهاجي أبي العباس(ت:684هـ/1285م)، الفروق، أنوار البروق في أنواء الفروق، ومعه: إدرار الشروق على أنواء الفروق لابن الشاط، ت: خليل منصور، دار الكتب العلمية، بيروت- لبنان، ط01: 1418هـ/1998م. ج03/262.
[62]- الشاطبي، الموافقات، ج01/284-285.
[63]- انظر: حماد، نزيه، العقود المركبة في الفقه الإسلامي، دار القلم، دمشق، ط01: 1426هـ/2005م، ص24.
[64]- انظر: حماد، نزيه، قضايا فقهية معاصرة في المال والاقتصاد، دار القلم، دمشق، الدار الشامية، بيروت، ط01: 1421هـ/2001م، ص274.
[65]- انظر: قرارات المجمع بشأن عقد المقاولة، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، الدورة 14، عدد 14، ج02،ص287، قرار رقم: 129 (3/13).
[66]- انظر: ابن تيمية تقي الدين(ت:728هـ/1328م)، الفتاوى الكبرى، ت: محمد عبد القادر عطا، مصفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت- لبنان، ط01: 1408هـ/1987م، ج04/92 وما بعدها. الزرقا، المدخل الفقهي، ج01/552، ف42/4.
[67]- انظر: الزرقا، مرجع سابق، ج01/632، ف47/3 وما بعدها.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت