الشروط المتعلقة بمبادئ الحزب وأهدافه في الدول المقارنة :

سنتولى في هذا الموضع من الدراسة بحث موضوع الشروط المتعلقة بمبادئ الحزب السياسي واهدافه في القوانين المنظمة للجمعيات والأحزاب السياسية في كل من فرنسا ومصر والاردن واليمن والجزائر .فيما يتعلق بفرنسا نجد ان قانون الجمعيات الصادر في 1/7/1901 (1). قد تضمّن تعريفاً للجمعية في م(1) حيث نصت على ان (( الجمعية هي اتفاق يتعهد بموجبه شخصان أو اكثر بان يخصصوا معلوماتهم أو نشاطهم بصفة دائمة لتحقيق غرض غير اقتسام الارباح )) (2) .ويلاحظ من هذا التعريف ان المشرع الفرنسي لا يميز بين الحزب السياسي وبين غيره من الجمعيات ، ولا يفرد احكاماً خاصة بها من حيث قسم قانون 1901 الجمعيات إلى ثلاثة طوائف هي:

1-الجمعيات المشهرة ( المعلن عنها ) .

2- الجمعيات غير المشهرة .

3-الجمعيات ذات النفع العام .

ولم نجد في ظل هذا التقسيم أية إشارة إلى الأحزاب السياسية مما يحملنا إلى القول بأنه لا يوجد في فرنسا حالياً قانون مستقل وخاص بتنظيم شؤون الأحزاب السياسية (3) .أما الشروط المتعلقة بمبادئ الجمعية وأهدافها فقد أشارت إليها م(3) حيث نصت على ان (( كل جمعية تقوم على سبب أو لأجل تحقيق غرض غير مشروع مخالف للقوانين أو الآداب العامة ، أو يكون غرضها المساس بسلامة إقليم الدولة ، أو الشكل الجمهوري للحكومة هي باطلة ولا اثر لها )) .وجاء قانون 10/1/1936 ليحظر تشكيل الجمعيات التي تهدف إلى القيام بتظاهرات مسلحة في الاماكن العامة ، أو تحرض على القيام بها فضلاً عن تلك التي تظهر في صورة تشكيلات شبه عسكرية (4) .واجازت م(2) منه مصادرة الاسلحة والملابس والشعارات الموجودة في حوزة الجمعيات المذكورة سواء استعملت أم كانت معدة للاستعمال (5) .وبالنسبة لمصر (6). نجد ان القانون رقم (40) لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية قد عرّف الحزب السياسي في م(2) منه بانه (( كل جماعة منظمة تؤسس طبقاً لاحكام هذا القانون وتقوم على مبادئ واهداف مشتركة ويعمل بالوسائل السياسية الديمقراطية لتحقيق برامج محددة تتعلق بالشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة وذلك عن طريق المشاركة في مسؤوليات الحكم )) .يتضح من التعريف السابق انه جمع العناصر الاساسية اللازمة لتعريف الحزب السياسي مع التأكيد على الوسائل الديمقراطية التي يتبناها الحزب لتحقيق اهدافه . اما الشروط المتعلقة بمبادئ الحزب واهدافه فقد اشار اليها المشرع المصري في م(4) من القانون ، والتي نصت على (( يشترط لتأسيس أو استمرار أي حزب سياسي ما يلي :-

أولاً : عدم تعارض مقومات الحزب أو مبادئه أو اهدافه أو برامجه أو سياساته أو اساليبه في ممارسة نشاطه مع :

1- مبادئ الشريعة الاسلامية باعتبارها مصدراً رئيسياً للتشريع(7) .

2- مبادئ ثورتي 23 يوليو 1952 ، 15 / مايو / 1971.

3- الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الاشتراكي الديمقراطي والمكاسب الاشتراكية .

ثانيا : تميز برامج الحزب وسياساته أو اساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الاخرى .

ثالثا : عدم قيام الحزب في مبادئه أو برامجه أو في مباشرة نشاطه أو اختيار قياداته أو اعضائه على اساس طبقي أو طائفي أو فئوي أو جغرافي أو على اساس التفرقة بسبب الجنس أو الاصل أو الدين أو العقيدة .

رابعاً : عدم انطواء وسائل الحزب على اقامة أي تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية .

خامساً : عدم قيام الحزب كفرع لحزب أو تنظيم سياسي في الخارج ، وعدم ارتباط الحزب أو تعاونه مع اية احزاب أو تنظيمات أو جماعات أو قوى سياسية تقوم على معاداة أو مناهضة المبادئ أو القواعد أو الاحكام المنصوص عليها في البند التالي .

. . . ثامنا : الا يترتب على قيام الحزب اعادة تكوين أي حزب من الأحزاب التي خضعت للمرسوم بقانون رقم (27) لسنة 1953 بشان حل الأحزاب السياسية .

تاسعا : علانية مبادئ واهداف وبرنامج ونظام وتنظيمات وسياسات ووسائل واساليب مباشرة نشاط الحزب وعلانية تشكيلاته وقياداته وعضويته ووسائل ومصادر تمويله )).

من خلال النص السابق نلاحظ ان المشرع المصري اسهب في وضع القيود على تاسيس الأحزاب السياسية وحق الافراد في انشائها ، وان تبريرات هذه القيود قد تمثلت في حماية المكاسب التي حققتها الثورة من ذوي المصالح الحزبية التي افسدت الحياة السياسية سواء قبل ثورة 23/ يوليو/ 1952 أم بعدها ولحماية الدعائم الديمقراطية والحريات العامة التي جاءت بها ثورة 15 / مايو ((الحركة التصحيحية)) ممن يحاول النيل منها أو اساءة استعمالها(8) .ويرى جانب من الفقه المصري – ونحن نؤيده – إلى عدم كفاية التبريرات – السالفة الذكر- لوضع هذه القيود على حرية الافراد في تاسيس الأحزاب السياسية لان مجرد التخوف والخشية من اساءة استعمالها لا يمكن ان يتخذ كذريعة لتقييد هذه الحرية بمثل هذه القيود طالما ان القوانين تحدد الاطار الصحيح الذي تمارس فيه ، وانتهى هذا الفريق إلى ان هذه القيود تشكل اعتداءً واضحاً لايقتصر على حرية تاسيس الأحزاب السياسية والانضمام اليها وانما يشمل الحقوق السياسية كافة مما حمل انصار هذا الاتجاه إلى المطالبة بالغائها (9) . وقد حدد المشرع المصري عقوبة الحبس أو الغرامة بما لايتجاوز (500) جنيه أو باحدى هاتين العقوبتين في حالة مخالفة الشروط المتعلقة بمبادئ الحزب واهدافه(10). اما المشرع الاردني فقد تولى تنظيم الأحزاب السياسية بموجب قانون الأحزاب السياسية رقم (32) والصادر في 1/9/1992 (11). اشار هذا القانون إلى تعريف الحزب السياسي في م(3) منه حيث نصت على ان (( الحزب كل تنظيم سياسي يتألف من جماعة من الاردنيين وفقاً للدستور واحكام القانون بقصد المشاركة في الحياة السياسية وتحقيق اهداف محددة تتعلق بالشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، ويعمل بوسائل مشروعة وسلمية )) .يتبين لنا ان هذا التعريف قد جمع بين عناصر الحزب السياسي – التي اشرنا اليها سابقاً – فضلاً عن اشارته إلى الوسائل التي يتولى الحزب من خلالها تحقيق اهدافه ، واشترط فيها ان تكون مشروعة وسلمية . كما نرى انه ليس هناك مبرر لذكر كلمة (الاردنيين) في التعريف بعد ان قصر الدستور الاردني حرية تاسيس الأحزاب السياسية على الاردنيين (12) .اما الشروط المتعلقة بمبادئ الحزب واهدافه فقد نظمها المشرع الاردني بموجب م(21) والتي نصت على (( يتعين على الحزب التقيد بالمبادئ والقواعد الآتية في ممارسة اعماله ، وان ينص على ذلك بشكل واضح في نظامه الاساس :

آ . الالتزام باحكام الدستور واحترام سيادة القانون .

ب. الالتزام بمبدأ التعددية السياسية في الفكر والرأي والتنظيم .

ج. الالتزام بالمحافظة على استقلال الوطن وامنه وصون الوحدة الوطنية ونبذ العنف بجميع اشكاله وعدم التمييز بين المواطنين.

د. الالتزام بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين عند تولي المسؤولية أو المشاركة فيها .

هـ. الالتزام بعدم الارتباط التنظيمي والمالي باي جهة غير اردنية أو توجيه النشاط الحزبي بناء على اوامر وتوجيهات من أي دولة أو جهة خارجية .

و. الامتناع عن التنظيم والاستقطاب الحزبي في صفوف القوات المسلحة واجهزة الامن العام والدفاع المدني والقضاء أو اقامة تنظيمات عسكرية أو شبه عسكرية باي صورة من الصور .

ز . عدم استخدام مؤسسات الدولة والمؤسسات العامة وجميع مؤسسات التعليم للتنظيم الحزبي والمحافظة على حياد هذه المؤسسات تجاه الكافة في اداء مهامها )).

يتضح من النص السابق ان كلاً من الفقرتين (هـ ، و) هما تكرار لاحكام قانونية واردة في ذات القانون ، فالفقرة (هـ) قد حظرت الارتباط المالي بأية جهة غير اردنية في حين ان هذا الحظر منصوص عليه في (19/ آ / 1 ) حيث نصت (( على الحزب الاعتماد الكلي في موارده على مصادر اردنية محلية معروفة ومعلنة ومحددة )) ، اما الفقرة (و) فهي تكرار لاحكام م(5) ف(ح) و (ط) حيث منعت ف(ح) بدلالة م(16) منتسبي القوات المسلحة الاردنية أو الاجهزة الامنية أو الدفاع المدني من الانتماء إلى الأحزاب السياسية ، فيما حظرت ف(ط) بدلالة م(16) القضاة من الانتساب إلى الأحزاب السياسية . ولم يحدد المشرع الاردني عقوبة خاصة لمخالفة هذه الشروط وهذا يعني خضوع المخالفة في هذه الحالة إلى حكم م(24) ف(د) التي نصت على ان (( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة اشهر أو بغرامة لا تتجاوز مئتي دينار كل من ارتكب مخالفة لاحكام هذا القانون ولم تعين فيه عقوبة خاصة لها . ..)).اما المشرع اليمني فقد نظم حرية تاسيس الأحزاب السياسية بموجب قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية رقم (66) الصادر في 16/10/1991 (13).

اشار هذا القانون إلى تعريف الحزب السياسي في م(2) حيث نصت على ان الحزب هو
(( كل جماعة يمنية منظمة على اساس مبادئ واهداف مشتركة وفقاً للشرعية الدستورية وتمارس نشاطها بالوسائل السياسية والديمقراطية بهدف تداول السلطة سلمياً أو المشاركة فيها )) يتضح من التعريف السابق ان المشرع اليمني قد اشار بشكل صريح الى حصر التنظيم الحزبي باليمنيين ، بعد ما اشارت إلى ذلك م(39) المعدلة من الدستور ، فضلاً عن التاكيد على الاسلوب الديمقراطي السلمي في الوصول إلى السلطة أو المساهمة فيها . اما الشروط المتعلقة بمبادئ الحزب واهدافه فقد حددتها م(8) من القانون حيث نصت على (( يشترط لتاسيس أي حزب أو تنظيم سياسي أو للاستمرار في ممارسة نشاطه مايلي :

أولاً : عدم تعارض مبادئه واهدافه وبرامجه ووسائله مع :

1-الدين الاسلامي الحنيف .

2-سيادة واستقلال الوطن ووحدته ارضاً وشعباً .

3-النظام الجمهوري واهداف ومبادئ ثورتي سبتمبر واكتوبر ودستور الجمهورية .

4-الوحدة الوطنية للمجتمع اليمني .

5-الحريات والحقوق الاساسية والاعلانات العالمية لحقوق الانسان .

6-الانتماء القومي العربي والاسلامي للمجتمع اليمني .

ثانياً : عدم تطابق برنامج الحزب أو التنظيم السياسي مع برامج الأحزاب والتنظيمات السياسية الاخرى عند التقدم بطلب تأسيسه وذلك فيما يتعلق بالسياسات التي يعتمد عليها في تحقيق اهدافه في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية .

ثالثاً : ان يكون له نظام داخلي وبرنامج عمل سياسي مقر من اعضائه عند التقدم بطلب التأسيس.

رابعاً : عدم قيام الحزب أو التنظيم السياسي على اساس مناطقي أو قبلي أو طائفي اوفئوي أو مهني أو التمييز بين المواطنين بسبب الجنس أو الاصل أو اللون.

خامساً : عدم قيام الحزب أو التنظيم السياسي على اساس مناهض للدين الاسلامي أو على اساس تكفير الأحزاب أو التنظيمات السياسية الاخرى أو المجتمع وافراده أو الادعاء بالتفرد بتمثيل الدين أو الوطنية أو القومية أو الثورة .

سادساً : يحظر على الحزب أو التنظيم السياسي الآتي :

أ . اقامة تشكيلات عسكرية أو المساعدة في اقامتها .

ب. استخدام العنف بكل اشكاله أو التهديد به أو التحريض عليه .

ج. ان تتضمن برامجه أو نشراته أو مطبوعاته ما يحرض على العنف أو اقامة تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية علنية أو سرية .

سابعاً : ان لا يكون الحزب أو التنظيم السياسي تابعاً لاي حزب أو تنظيم سياسي أو دولة اجنبية ويحق لأي حزب أو تنظيم سياسي اقامة علاقات ثنائية متكافئة مع أي حزب أو تنظيم سياسي غير يمني وبما لايتعارض مع المصلحة الوطنية العليا ونصوص الدستور والقوانين النافذة .

ثامناً : علانية مبادئ واهداف ووسائل الحزب أو التنظيم السياسي وتشكيلاته وقيادته.

تاسعا : قيام الحزب أو التنظيم السياسي على اساس وطني بحيث لا تحصر العضوية في منطقة جغرافية معينة )) .

من دراسة ما تضمنه النص السابق يمكننا ان نورد الملاحظات الآتية :

1. فيما يتعلق بالحكم الذي اشار اليه البند (رابعاً) ، نجد انه يعكس واقع التكوين الاجتماعي للشعب اليمني ، الذي برز فيه الولاء للقبيلة أو الطائفة بدلاً من الدولة بوصفها اطاراً واسعاً للعمل السياسي (14) .

2. يبين الحكم الوارد في البند (خامساً) طبيعة المناخ السياسي في السنة الاولى من عمر الوحدة اليمنية حيث دفعت القوى الاسلامية داخل مجلس النواب إلى صياغة هذا الحكم لوجود مخاوف من سعي الحزب الاشتراكي إلى تطبيق الانموذج العلماني في الحكم ، وفي الجانب الآخر أثار الحزب الاشتراكي مسألة قيام الجماعات الاسلامية بتكفيره فضلاً عن الادعاء بالتفرد بالدين (15).

3. يجسد الحكم الوارد في البند (سابعا) حالة بعض الأحزاب اليمنية التي ترتبط فكرياً وتنظيمياً مع الأحزاب ذات الاهداف والمبادئ القومية في الوطن العربي حيث اباح النص اقامة علاقات متكافئة وندية مما يعني حظر كل ارتباط أو علاقة تجعل من الأحزاب اليمنية كفروع تابعة لاحزاب اخرى (16).

4. هناك تكرار لبعض الاحكام الواردة في هذا النص ، فالحكم الذي اشار اليه البند (تاسعاً) هو الحكم ذاته الذي تضمنه البند (رابعاً) وكان على المشرع اليمني الاكتفاء به والاستغناء عن البند (تاسعاً) وكذلك الحال مع ما نص عليه البند (أولاً) (ف1) من عدم تعارض مبادئ الحزب واهدافه مع مبادئ الدين الحنيف ، وما اورده البند (خامساً) من عدم قيام الحزب على اساس مناهض للدين الاسلامي . ومن الجدير بالملاحظة ان المشرع اليمني لم يحدد جزاء مخالفة الشروط المتعلقة بمبادئ الحزب واهدافه . اما موقف المشرع الجزائري فيتمثل في قانون الأحزاب السياسية الصادر في 6/3/1997(17) . والملاحظ على هذا القانون انه لم يتضمن تعريفاً مباشراً للحزب السياسي ويمكننا التوصل إلى هذا التعريف من خلال ما اوردته م(2) حيث نصت على ان (( يهدف الحزب السياسي في اطار احكام م(42) من الدستور إلى المشاركة في الحياة السياسية بوسائل ديمقراطية وسلمية من خلال جمع مواطنين جزائريين حول برنامج سياسي ، دون ابتغاء هدف يدر ربحاً )) . يتضح لنا من النص السالف الذكر ان المشرع الجزائري قد حصر حرية تاسيس الأحزاب السياسية بالجزائريين ليقيد بذلك نص م(42) من الدستور الذي جاء عاماً دونما تحديد . ونود الاشارة إلى ان عبارة (( دون ابتغاء هدف يدر ربحاً )) زائدة لان قانون 6/3/1997 خاص بالأحزاب السياسية دون غيرها من الجمعيات التي يمكن ان تنطوي نشاطاتها على تحقيق الربح فضلاً عن ان مفهوم الحزب السياسي يبتعد عن قصد الحصول على الارباح أو المزايا المادية. اما الشروط المتعلقة بمبادئ الحزب واهدافه فقد اشارت اليها المواد (5-8) من القانون ، فقد نصت م(5) على (( لا يجوز لاي حزب سياسي ان يبني تأسيسه و / أو عمله على قاعدة و / أو اهدف تتضمن ما يأتي :

– الممارسات الطائفية والجهوية والاقطاعية والمحسوبية .

– الممارسات المخالفة للخلق الاسلامي والهوية الوطنية .

وكذا قيم ثورة اول / نوفمبر / 1954 والمخلة برموز الجمهورية ، كما يجب على الحزب ان لايبني تأسيسه أو عمله على اساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جنسي أو مهني أو جهوي )) بينما نصت م(6) على (( يندرج تاسيس أي حزب سياسي وسيره وعمله ونشاطاته ضمن الاحترام الصارم للدستور والقوانين المعمول بها ، كما يمتنع عن أي تحويل لوسائله أو اية وسيلة اخرى لغرض اقامة تنظيم عسكري أو شبه عسكري )). اما م (7) فقد نصت على ان (( يمتنع الحزب السياسي عن أي تعاون أو ربط اية علاقة مع أي طرف اجنبي على قواعد تخالف أو تناقض احكام الدستور والقوانين المعمول بها ، كما يمتنع عن أي عمل بالخارج أو الداخل يهدف إلى المساس بالدولة وبرموزها وبمؤسساتها وبمصالحها الاقتصادية والدبلوماسية ويمتنع عن أي ارتباط أو اية علاقة من شانهما ان يعطيانه شكل فرع أو جمعية أو تجمع سياسي اجنبي )) .في حين نصت م (8) على (( تحظر اية علاقة عضوية أو علاقة ولاء أو تبعية أو رقابة بين حزب سياسي ونقابة أو جمعية أو اية منظمة مدنية اخرى مهما كانت طبيعتها )). وقد احال المشرع الجزائري إلى قانون العقوبات في حالة مخالفة احكام كل من م(5) و ف(2) م (6) و م(7) (18). .في حين يشمل المخالف لاحكام م(6) ف(1) و م(8) بالاحكام التي حددتها م(38) من القانون حيث نصت على (( دون الاخلال بالاحكام التشريعية الاخرى السارية المفعول يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة تترواح ما بين خمسة آلاف دينار جزائري ومائة الف دينار جزائري أو باحدى هاتين العقوبتين فقط كل من يخالف احكام هذا القانون . . . )) . وبعد ان فرغنا من عرض وتحليل النصوص القانونية المنظمة للاحزاب السياسية والخاصة بتعريف الحزب السياسي وبيان الشروط الواجب توافرها في مبادئ الحزب واهدافه نود ان نشير إلى الملاحظات الآتية :

1. حرصت التشريعات العراقية التي سبقت قانون 1991 على ذكر تعريف للجمعية ويلاحظ المتتبع لهذه التعريفات بانها لا تختلف في جوهرها عن بعضها البعض فضلاً عن تاثرها بالتعريف الذي اورده المشرع الفرنسي في قانون الجمعيات الصادر 1922.

2. اجمعت التشريعات العربية المقارنة على ابراز العناصر المكونة للحزب السياسي
( التنظيم والآيديولوجية والوصول إلى السلطة أو المشاركة فيها ) عند تعريفها له في حين اغفل المشرع العراقي في قانون 1991 عن ذكر العنصر الثالث على الرغم من اهميته في تحديد مفهوم ودور وهدف الحزب السياسي .

3. فيما يتعلق بالشروط المتعلقة بمبادئ الحزب واهدافه لاحظنا بان التشريعات العراقية التي سبقت قانون 1991 قد اشارت إلى مجموعة من الشروط العامة والمألوفة في هذا الاطار كاحترام الدستور والقوانين والمحافظة على كيان وأمن الدولة والمجتمع والعمل العلني . اما قانون الأحزاب السياسية رقم (30) لسنة 1991 فقد تضمن اضافة لما تقدم شروطاً اخرى يشترك فيها مع غيره من التشريعات المقارنة وخاصة العربية منها والمتمثلة في المحافظة على النظام الجمهوري أو على مبادئ الثورة التي اقامت نظام الحكم .ونرى ان التقيد بمبادئ ثورة معينة يقف امام أي محاولة للتجديد وينطوي على التمسك بمبادئ قد لا تصلح للتطبيق في كل زمان فضلاً عن ان هذا القيد يعني القضاء على حق الافراد في معارضة انظمة الحكم القائمة على هذه المبادئ . واذا نظرنا إلى هذا الموضوع من زاوية اخرى نجد ان انظمة الحكم التي تبنت هذه النصوص قد تسلمت السلطة عن طريق الثورة أو الانقلاب وتعد ذلك وصولاً مشروعاً للسلطة في حين لا تعده كذلك إذا صدر عن غيرها من الأحزاب والتنظيمات السياسية .

__________________________

1- لايزال هذا القانون نافذاً إلى الوقت الحاضر برغم التعديلات التي وردت عليه ، وبصدوره فقد اعترف المشرع الفرنسي للافراد بحرية تكوين الجمعيات بعد حقب زمنية طويلة من تقييدها سواء اكان ذلك في الفترة التي سبقت الثورة الفرنسية عام 1789 أو التي تلتها حيث سمح للافراد في تلك الفترات تنظيم الاجتماعات العامة في اطار نوادٍ سياسية لا ترقى إلى الجمعيات بالمعنى القانوني الدقيق لهذا المصطلح ، ويرجع اغلب الباحثين هذا الامر – ونحن نؤيدهم – إلى تاثير المذهب الفردي الحر الذي صاغته افكار كتاب القرن الثامن عشر ، ومما يدل على صحة هذا الرأي ما ذكره (جان جاك روسو) في كتابه العقد الاجتماعي (( لكي نتمكن من الاهتداء إلى الارادة العامة يجب ان لاتوجد جمعيات خاصة في الدولة وان يبدي كل مواطن رأيه بنفسه )) Guillaume BASILE . op. cit. P.P.83-86.

2- نقلاً عن د. سعد عصفور ، حرية تكوين الجمعيات في انكلترا وفرنسا ومصر ، بحث منشور في مجلة الحقوق للبحوث القانونية والاقتصادية ، ع1-ع2 ، السنة الخامسة ، 1959 ، ص101 .

3- د. حسن البدراوي ، الأحزاب السياسية والحريات العامة ، الاسكندرية : دار المطبوعات الجامعية ، 2000 ، ص101.

4- م(1) من قانون 10/1/1936 .

5- كان الدافع من وراء صدور هذا القانون هو مواجهة انتشار موجة الفاشية في معظم الدول الاوربية .

Guillaume BASILE ، op.cit.p.p85-87

6- ارتبط تاريخ الأحزاب السياسية في مصر بخضوعها للاستعمار البريطاني وقيام النظام البرلماني أو الدعوة إلى قيامه ، ففي عام 1907 تأسس كل من الحزب الوطني بقيادة (مصطفى كامل) الذي قاد الحركة الوطنية وحزب الامة الذي مثل كبار الملاك الموالين لسلطات الاحتلال ، وحزب الاصلاح على المبادئ الدستورية الذي كان موالياً (للخديوي) ومصالحه .

وفي عام 1918 تاسس حزب الوفد بزعامة (سعد زغلول) وكانت اهم اهدافه جلاء المحتلين الانكليز والاستقلال ، وقد شهد هذا الحزب عدة انشقاقات مهدت لقيام عدة احزاب كحزب الاحرار الدستوريين عام 1922 وحزب السعديين عام 1936 وحزب الكتلة الوفدية عام 1942 .وفي عام 1928 تاسست جمعية الاخوان المسلمين بقيادة الشيخ (حسن البنا) واتخذت من الإسلام والقرآن وسيلة للاصلاح الا انها كانت في الواقع حزباً سياسياً لان اهدافها ومبادئها تتصل بالسياسة والحكم ، وبقيام ثورة 23/تموز/1952 اصدر القائد العام للقوات المسلحة في 31/تموز/1952 بياناً الزم فيه الأحزاب السياسية القائمة بتطهير صفوفها ، وفي 9/9 من السنة نفسها صدر المرسوم بقانون (179) لسنة 1952 ليتولى تنظيم الأحزاب السياسية ، غير ان قيادة الثورة اصدرت قراراً بالغاء وحل جميع الأحزاب السياسية في 16/1/1953 بموجب المرسوم رقم (27) وعملت على انشاء هيئة التحرير لسد الفراغ الذي خلفه قرار حل الأحزاب ولتتولى تعبئة قوى الشعب ، وفي 28/5/1957 صدر قرار بحل هيئة التحرير وتشكيل الاتحاد القومي الذي الغي بعد انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة ، واعلن عن تشكيل الاتحاد الاشتراكي العربي بديلاً عنه في 6/11/1962 ليمثل تحالف القوى الشعبية في اطار الوحدة الوطنية . وعلى الرغم من اختلاف تسميات التنظيمات السابقة الا انها لاتعدو ان تكون تطبيقاً لنظام الحزب الواحد ، وبصدور قانون الأحزاب السياسية رقم (40) لسنة 1977 فقد اتجه النظام الحزبي في مصر نحو الاخذ بالتعددية ، حيث نص القانون على استمرار قيام كل من حزب مصر العربي الاشتراكي الذي مثل اتجاه الوسط ، وحزب الاحرار الاشتراكيين ومثل اتجاه اليمين ، وحزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي ومثل اتجاه اليسار . لمزيد من التفصيل ينظر : د. يونان لبيب رزق . الحياة الحزبية في مصر في عهد الاحتلال البريطاني ، ط1، القاهرة : مكتبة الانجلو مصرية ، 1970 ، ص21-53 . كذلك : د. جلال يحيى . الثورة والتنظيم السياسي ، القاهرة: دار المعارف ، 1966 ، ص303 –310 .

7- تمت صياغة هذه الفقرة على هذا النحو بموجب قانون تعديل قانون الأحزاب السياسية رقم (144) لسنة 1980 لكي ينسجم مع نص م(2) من دستور 1971 المعدلة بموجب الاستفتاء الشعبي الذي جرى في 22/5/1980 .

8- أشار الرئيس المصري الراحل (أنور السادات) الى أسباب فرض هذه القيود في القرار رقم (214) لسنة 1978) بشأن الاستفتاء على مبادئ قانون حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعي.

ينظر: د. إبراهيم عبد العزيز شيحا. القانون الدستوري ، تحليل النظام الدستوري المصري في ضوء المبادئ الدستورية العامة، بيروت : الدار الجامعية للطباعة والنشر، 1983، ص528.

9- د. سعد عصفور ، النظام الدستوري المصري (دستور 1971) الاسكندرية : منشأة المعارف ، 1980 ، ص48-49.

10- م(26) من القانون رقم (40) لسنة 1977 .

11- يعد قانون الأحزاب السياسية رقم (15) لسنة 1955 اول قانون يعنى بشؤون الأحزاب السياسية في الاردن ، وقد شهد هذا القانون قيام عدد من التنظيمات السياسية التي سرعان ما حلت بقرار من مجلس الوزراء بتاريخ 25/4/1957 بحجة مخالفتها لاحكام الدستور ومصالح البلاد وذلك بموجب نص م(10) من القانون نفسه التي اجازت لمجلس الوزراء بناءً على توصية من وزير الداخلية بحل الحزب في حالة مخالفته لاحكام الدستور أو لعدم مشروعية وسائله أو اهدافه ، وقد الغي هذا القانون بصدور قانون الأحزاب السياسية رقم (32) لسنة 1992 حيث نصت على ذلك م(27) منه . ينظر : د. محمد سليم محمد غزوي ، المصدر السابق، ص82.

12- م(26) من الدستور الاردني .

13- مثل هذا القانون المبادرة التشريعية الاولى لتنظيم شؤون الأحزاب السياسية بعد وحدة شطري اليمن في 22/5/1990 ، اما قبل ذلك فلم يكن هنالك أي تشريع يتولى هذا التنظيم في كلا الشطرين الا ان هذا لا يعني عدم قيام احزاب في كل منهما، ففي الشطر الجنوبي لليمن تاسست عدة احزب بعدما سمحت بهذا السلطات البريطانية المستعمرة لقناعتها التامة بالسيطرة على هذه التنظيمات ومن هذه الأحزاب الحزب الوطني الذي تاسس عام 1945 وضم في عضويته ابناء منطقة حضرموت وكان من ابرز اهدافه الاستقلال عن بريطانيا ، وفي عام 1949 تاسست الجمعية العدنية ودعت إلى استقلال عدن ورفعت شعار (عدن للعدنيين ) لمنع الاجانب من الاستقرار والتوطن فيها وانبثق عن هذه الجمعية في عام 1954 حزب المؤتمر الشعبي الذي يعد ابرز الأحزاب في الميدان السياسي سواء قبل الوحدة أم بعدها ، وفي عام 1956 تاسس حزب البعث العربي الاشتراكي في اطار ارتباط تنظيمي بحزب البعث الام في سوريا والعراق . وخلال الفترة المحصورة بين 1963-1967 شهد شطر اليمن الجنوبي قيام عدة تحالفات حزبية اسفرت عن قيام الجبهة القومية ومنظمة التحرير وجبهة تحرير الجنوب المحتل ، غير ان الجبهة القومية تسلمت الحكم بعد جلاء الاستعمار البريطاني واعلان انتخابات عام 1967 ، وفي عام 1978 تم الاعلان عن تبني نظام الحزب الواحد ممثلا بالحزب الاشتراكي واستمر هذا الحال حتى عام 1989 حيث اعلنت اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي الحاكم في دورتها الثانية عشرة عن اقرارها التعددية الحزبية .

اما الشطر الشمالي فلم يشهد خلال فترة حكم المملكة المتوكلية قيام تنظيمات سياسية يمكن ان ترقى إلى الأحزاب السياسية بمفهومها الحديث ، وبقيام الجمهورية في عام 1967 واعلان دستور 1970 تم حظر تاسيس الأحزاب السياسية بموجب نص م (37) ، واستمر سريان هذا الحظر حتى اعلن في عام 1982 عن قيام المؤتمر الشعبي العام الذي ضم مختلف التيارات والقوى الشعبية في صيغة تنظيم سياسي واحد لحين قيام الوحدة واقرار التعددية الحزبية .

لمزيد من التفصيل ينظر : الهام محمد مانع ، الأحزاب والتنظيمات السياسية في اليمن ، صنعاء ، الآفاق للطباعة والنشر، 1994 ، ص43-185 . كذلك : د. علي عبد القوي علي الغفاري . الوحدة اليمنية الواقع والمستقبل ، اطروحة دكتوراه، كلية العلوم السياسية ، جامعة بغداد ، 1996 ، ص136-149 .

14- الهام محمد مانع ، المصدر السابق ، ص234 .

15- د. عبد العزيز محمد ناصر الكميم ، التعددية الحزبية في الجمهورية اليمنية ، واقع التشريع وابعاد الممارسة ، اطروحة دكتوراه ، كلية العلوم السياسية ، بغداد ، 2000 ، ص84 .

16- الهام محمد مانع ، نفس المصدر ، ص235 .

17- يعد هذا القانون امتداداً لقانون الجمعيات رقم 89-11 الصادر في 5/7/1989 من حيث اعتناقه لنظام التعددية الحزبية بعد هجر نظام الحزب الواحد الذي ساد في الجزائر ممثلاً بهيمنة حزب جبهة التحرير الوطني منذ اعلان الاستقلال عن فرنسا في 5/7/1962 وحتى احداث تشرين الاول / 1988 المتمثلة في رد الفعل الشعبي الذي ادى إلى مهاجمة واحراق المقرات الرسمية للحزب والدولة . لمزيد من التفصيل ينظر : د. حسان محمد شفيق العاني ، الاشكالية الاجتماعية للمشاركة السياسية (نموذج الجزائر) ، بحث منشور في مجلة العلوم السياسية ، ع19 ، تموز ، 1999 ، ص27-33 . كذلك : د. خيري عبد الرزاق الخفاجي ، ازمة الحكم في الجزائر ، اطروحة دكتوراه ، كلية العلوم السياسية ، جامعة بغداد ، 1999 ، ص113-117 .

18- م (39) و م(40) من قانون 6/3/1997 .

الشروط المتعلقة بمبادئ الحزب وأهدافه في العراق :

يعد قانون تأليف الجمعيات الصادر في 2/7/1922 اول التشريعات التي نظمت الأحزاب السياسية في اطار الدولة العراقية الحديثة (1) .وقد عرّف هذا القانون الجمعية في م(3) منه حيث نصت على انها (( الهيئة المؤلفة من عدة اشخاص موحدين معلوماتهم أو مساعيهم بغير قصد الربح وهي تشمل النوادي ايضاً )). ويلاحظ على هذا التعريف عدم دقته في بيان مفهوم الحزب السياسي ويتبين ذلك من خلال اغفاله الاشارة الصريحة إلى الأحزاب السياسية ، أو عناصرها ، أو اهدافها. ولا يمكن التذرع بعبارة (( بغير قصد الربح )) في تحديد مفهوم الجمعية السياسية وتمييزها عن غيرها ، وذلك لان هناك جمعيات لا تقصد من نشاطها تحقيق الربح ومع ذلك لايمكن ان تصنف في عداد الجمعيات السياسية كالجمعيات الثقافية والدينية والخيرية . كما يتبدى لنا ضعف صياغة نص م(3) من الناحية اللغوية والقانونية ، ويرجع ذلك إلى اقتباس معظم نصوص واحكام قانون الجمعيات الصادر عام 1922 من قانون الجمعيات العثماني وترجمتها حرفياً من التركية إلى العربية (2) . وقد اشترط قانون عام 1922 لانشاء الجمعية مجموعة من الشروط تضمنتها م(4) ، حيث نصت على ان ( . . . لا يجوز اعطاء الاذن لتأسيس جمعية من الجمعيات الآتية :

1. الجمعية التي ترمي إلى غرض منافٍ للقوانين والآداب العامة .

2. الجمعية التي لها مقاصد مخلة بالأمن العام أو بتمامية البلاد .

3. الجمعية التي تقصد بث الشقاق بين العناصر العراقية المختلفة .

4. الجمعية التي تقصد تغيير شكل الحكومة المقرر .

5. الجمعية السياسية المؤسسة على اسس القوميات أو المذاهب العراقية .

6. الجمعية السياسية بعنوان لا يستدل منه غرضها .

7. الجمعية السرية أو التي لاتبوح بغرضها الاساسي ) .

يتضح من خلال نص م(4) ان القانون ميز بين الجمعيات السياسية والجمعيات غير السياسية الا انه لم ينشئ حدوداً فاصلة بين كل من الصنفين . وقد امتدت فترة نفاذ قانون الجمعيات الصادر عام 1922 (3). إلى عام 1954 حيث الغي بصدور مرسوم الجمعيات رقم (19) في 28/آب/1954 . وقبل الشروع بتناول احكام مرسوم الجمعيات رقم (19) لسنة 1954 قد يثار تساؤل عن السند الدستوري لقانون عام 1922 ؟ في الواقع ان السند الدستوري لهذا القانون يتمثل في م(113) من القانون الاساسي العراقي الصادر عام 1925 ، حيث نصت هذه المادة على ان (( القوانين العثمانية التي كانت قد نشرت قبل تاريخ 5 تشرين الثاني 1914 والقوانين التي نشرت في ذلك التاريخ وبعده وبقيت مرعية في العراق إلى حين نشر هذا القانون تبقى نافذه فيه . . . )).

عرّف مرسوم الجمعيات رقم (19) لسنة 1954 (4).في م ( ف ( أ ) الجمعية بانها (( هيئة ذات صفة دائمة مؤلفة من عدة اشخاص طبيعية أو معنوية موحدين معلوماتهم أو مساعيهم لتحقيق اغراض مشروعة غير الربح وتشمل النوادي )) . وهذا التعريف لا يختلف في جوهره عن تعريف الجمعية الذي جاء به القانون السابق. كما ان الشروط المتعلقة بمبادئ الجمعية واهدافها لا تختلف هي الاخرى عن الشروط التي اوردها قانون عام 1922 (5). . بتاريخ 29/5/1955 صدر قانون الجمعيات ذي الرقم (63) (6). الذي اشار إلى تعريف الجمعية في م (2) ف (أ) وهو تعريف مطابق بشكل عام لما اورده مرسوم الجمعيات رقم (19) لسنة 1954 ، وكذلك الحال بالنسبة إلى شروط تاسيس الجمعية المتعلقة بمبادئ الجمعية واهدافها(7). استمر نفاذ قانون الجمعيات رقم (63) لسنة 1955 حتى بعد اندلاع ثورة 14/تموز/1958 واقامة النظام الجمهوري في العراق حيث لم يلغ بنص صريح ، الا ان احكام هذا القانون عطلت من الناحية الفعلية بعد اعلان مجلس الوزراء للاحكام العرفية منذ اليوم الاول للثورة (8) . وفي 1/1/1960 صدر قانون الجمعيات رقم (1) (9). الذي الغى قانون 1955 . جاء هذا القانون باحكام شملت الجمعيات بشكل عام فضلاً عن سريان بعض احكامه على الأحزاب السياسية بشكل خاص ( المواد 30-36) . عرّف قانون الجمعيات رقم (1) لسنة 1960 الجمعية في م(1) منه بانها (( جماعة ذات صفة دائمة مكونة من عدة اشخاص طبيعية أو معنوية لغرض غير الربح المادي ويشمل ذلك النوادي والمنظمات والهيئات وكل ما يدخل مفهومه تحت هذا التعريف )). وهذا التعريف لا يختلف عن غيره من التعريفات الواردة في القوانين السابقة .وقد نصت م(30) من القانون على ان (( الحزب جمعية ذات هدف سياسي …)) دون ان تتكفل بصياغة تعريف واضح ومحدد للحزب السياسي . اما الشروط المتعلقة بمبادئ الجمعية واهدافها فقد اشارت اليها م(4) حيث الزمت الجمعية بان :

1. لا تتعارض مع استقلال البلاد ووحدتها الوطنية .

2. لا تتعارض مع النظام الجمهوري .

3. لا تتعارض مع متطلبات نظام الحكم الديمقراطي .

4. لا تهدف إلى بث الشقاق أو احداث الفرقة بين القوميات أو الاديان أو المذاهب العراقية المختلفة .

5. لا يكون غرضها مجهولاً أو سرياً مستوراً تحت اغراض ظاهرية .

6. لا تكون مخالفة للنظام العام والآداب .

والملاحظ ان النص السابق قد اختلف في بعض شروطه عن نظرائه من النصوص وخاصة كل من (ف2 ، ف3) وهذا امر طبيعي لتحقيق الملاءمة مع متطلبات المرحلة الجديدة المتمثلة بقيام النظام الجمهوري (10) .وفي 1/9/1991 صدر قانون الأحزاب السياسية رقم (30) ليلغي بموجب م (33) منه المواد (30-36) من قانون الجمعيات رقم (1) لسنة 1960 الخاصة بالأحزاب السياسية ، اما باقي مواد قانون 1960 فقد استمرت بالنفاذ حتى صدور قانون الجمعيات رقم (1) لسنة 2000 . ويعد قانون الأحزاب السياسية رقم (30) لسنة 1991 اول وثيقة قانونية تتولى تنظيم شؤون الأحزاب السياسية بشكل مستقل عن سائر الجمعيات . اشتمل هذا القانون على (34) مادة موزعة على ستة فصول ، وقد عرّفت م(1) الحزب السياسي بانه (( تنظيم سياسي يتكون من اشخاص تجمعهم مبادئ واهداف مشتركة ومنهاج محدد ومعلن ويعمل الحزب بوسائل مشروعة وسلمية وديمقراطية في اطار النظام الجمهوري طبقاً للدستور والقانون ))

يتضح لنا من خلال التعريف السابق ما ياتي :

1. ان المشرع العراقي في صياغته لتعريف الحزب السياسي ابرز كل من عنصري التنظيم والمنهاج ( الايديولوجية ) في حين اغفل ذكر عنصر الوصول إلى السلطة أو المشاركة فيها في الوقت الذي يجمع فيه اغلب الفقهاء على اهمية هذا العنصر لان الوصول إلى السلطة أو المشاركة فيها يمثل الغاية الاسمى التي تسعى الأحزاب السياسية إلى بلوغها .

2.اشار التعريف إلى الوسائل التي يتبعها الحزب في تحقيق اهدافه واشترط ان تكون مشروعة وسلمية وديمقراطية كما قيد انشطة الحزب ووسائله في عدم تجاوز النظام الجمهوري والدستور والقانون .ونحن نرى ان ذكر هذه المسائل امر غير ضروري في مجال تعريف الحزب السياسي وتحديد مفهومه (11) .اما الشروط المتعلقة بمبادئ الحزب السياسي واهدافه فقد اشار اليها القانون في م(3) حيث نصت على (( يشترط في الحزب السياسي ان تكون مبادئه واهدافه ومناهجه واضحة بشأن التمسك والدفاع عن استقلال العراق ووحدة اراضية وسيادته ووحدته الوطنية وان يقدر ويعتز بتراث العراق وتاريخه المجيد والمنجزات التي حققها النضال الوطني وبخاصة ثورتي 14 تموز 1958 و 17-30 تموز 1968 العظيمة ، وان لايتخذ موقفاً معادياً من الطموح المشروع للامة العربية في استكمال تحررها والسعي لتحقيق التضامن والوحدة العربية )) .

ومما يلاحظ على هذا النص انه قد تضمن مجموعة من الشروط والمواصفات التي يتعين توافرها في الحزب السياسي بدون وجود معايير واضحة ومحددة المعالم يلجأ اليها للتأكد من توافر شروط انشاء الحزب السياسي من عدمها (12). فضلاً عن ان هذا النص وبسبب مرونة الفاظه وسعتها يمنح الجهات المسؤولة عن اجازة الأحزاب السياسية سلطات تقديرية واسعة في رفض طلبات تأسيسها . واضافت م(5) من القانون شروطاً اخرى حيث نصت على ان (( لايجوز تأسيس الحزب السياسي على اساس الالحاد أو الطائفية أو العنصرية أو الاقليمية أو الشعوبية ولا يجوز له ان يشترط في نظامه الداخلي شروطاً تقوم على اساس العنصر أو الطائفة )). وقد يثار تساؤل يتمثل في موقف المشرع العراقي من مخالفة الشروط المتعلقة بمبادئ الحزب واهدافه ؟ ولغرض الاجابة على هذا التساؤل يتعين علينا ان نميز بين حالتين :-

الحالة الاولى : وتتمثل في مخالفة الشروط المتعلقة بمبادئ الحزب واهدافه قبل السماح بتأسيس الحزب ، في هذه الحالة من البديهي ان ترفض الجهة المختصة بالتثبت من توافر هذه الشروط طلب تاسيس الحزب السياسي.

الحالة الثانية : فتتجسد في مخالفة هذه الشروط بعد تاسيس الحزب وممارسة نشاطه ، حيث سكت المشرع العراقي عن اعطاء حكم لهذه الحالة ، ونرى ان ينص على تنبيه الحزب السياسي من قبل وزارة الداخلية عن هذه المخالفة بشكل تحريري يتضمن طلب ازالتها ، وفي حالة تكرار هذا الامر يتم اللجوء إلى القضاء مع امكانية صدور قرار قضائي بحل الحزب السياسي .

_____________________________________

1- خضع العراق بوصفه احد اجزاء الدولة العثمانية إلى احكام قانون الجمعيات العثماني الصادر في (29/رجب/1327هـ – 1909 م) وكانت الأحزاب التي تأسست في العراق بمثابة فروع للاحزاب والجمعيات العثمانية في حين اتبعت معظم الأحزاب والجمعيات العراقية اسلوب العمل السري لتحقيق اهدافها في التحرر والاستقلال عن السيطرة العثمانية . ينظر: عبد الجبار حسن الجبوري . الأحزاب والجمعيات السياسية في القطر العراقي 1908 –1958 ، بغداد : دار الحرية للطباعة ، 1977 ، ص17-28.

2- استاذنا د. رعد ناجي الجدة . في قانون الأحزاب السياسية رقم 30 لسنة 1991 (دراسة مقارنة) ، بحث منشور في مجلة العلوم القانونية ، ع1-ع2 ، 2000 ، ص 67 ولمزيد من التفصيل حول تشريعات الجمعيات والأحزاب السياسية في العراق ينظر أستاذنا د. رعد ناجي الجدة. تشريعات الجمعيات والأحزاب السياسية في العراق، بغداد: مطبعة الفرات، 2002.

3- شهدت هذه الفترة تأسيس العديد من الأحزاب السياسية ويعد الحزب الوطني العراقي اول الأحزاب التي تأسست في ظل الحكم الوطني بتاريخ 2/8/1922 برئاسة (جعفر أبو التمن) وتلى ذلك قيام حزب النهضة بتاريخ 19/8/1922 بزعامة (محمد امين الجرجفجي) ثم توالى بعد ذلك تاسيس الأحزاب والجمعيات السياسية حتى عام 1935 ، حيث الغت وزارة (ياسين الهاشمي) جميع الأحزاب بموجب مرسوم الادارة العرفية رقم (18) لسنة 1935 ، حيث نصت م(14) ف (8) على (( منع أي اجتماع عام وحله بالقوة وكذلك منع أي نادٍ أو جمعية أو اجتماع وحله بالقوة )) ولم يسمح بتشكيل الأحزاب السياسية بشكل رسمي الا في 2/4/1946 حيث اجازت وزارة الداخلية كل من حزب الاستقلال وحزب الاحرار والحزب الوطني الديمقراطي وحزب الشعب وحزب الاتحاد الوطني وذلك بعد الخطاب الذي القاه الوصي ( عبد الأله ) في 27/12/1945 وبتوجيه من الانكليز وتضمن السماح بتأليف احزاب سياسية تعبر عن وجهات النظر المختلفة لمواجهة المتغيرات التي فرضتها ظروف الحرب العالمية الثانية .

لمزيد من التفصيل ينظر : عبد الرزاق الحسني . تاريخ الأحزاب السياسية العراقية 1918-1958 ، بيروت : مركز الابجدية، 1980 ، ص124-126. ، كذلك : د. فاروق صالح العمر . الأحزاب السياسية في العراق 1921-1932 ، بغداد : مطبعة الارشاد ، 1978 ، ص69-71.

4- كان هذا المرسوم من بين مجموعة مراسيم اصدرتها وزارة (نوري السعيد) الثانية عشر قيدت بموجبها الحريات العامة كمرسوم النقابات رقم 18 لسنة 1954 ومرسوم المطبوعات رقم 24 لسنة 1954 ومرسوم الاجتماعات العامة والمظاهرات رقم 25لسنة 1954 . ينظر : د. عبد الامير هادي العكام ، تاريخ حزب الاستقلال العراقي 1946-1958 ، بغداد ، دار الحرية للطباعة ، 1980 ، ص299-301 . كذلك : ازهار عبد الكريم عبد الوهاب ، الحقوق والحريات في ظل الدساتير العراقية ، اطروحة ماجستير ، كلية القانون – جامعة بغداد ، 1983، ص87.

5- ينظر : نص م(3) من مرسوم الجمعيات رقم (19) لسنة 1954.

6- شهدت فترة نفاذ هذا القانون نهاية الحياة الحزبية العلنية في العراق بسبب عدم اجازة الحكومة لأي حزب سياسي بعد حل الجمعيات والأحزاب السياسية بموجب بيان وزير الداخلية الصادر في 29/9/1954 بالاستناد إلى احكام م(25) من مرسوم الجمعيات رقم (19) لسنة 1954 . ينظر : عبد الرزاق الحسني ، المصدر السابق ، ص346 ، كذلك : عبد الرحمن البياتي ، سعيد قزاز ودوره في سياسة العراق حتى عام 1959 ، بيروت : المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، 2001 ، ص133-134 .

7- ينظر : نص م(4) من قانون الجمعيات رقم (63) لسنة 1955 .

8- ليث الزبيدي . ثورة 14 تموز في العراق ، بغداد : دار الرشيد للنشر ، 1979 ، ص477-478. كذلك : سعدون عنتر الجنابي ، احكام الظروف الاستثنائية في التشريع العراقي ، بغداد ، دار الحرية للطباعة ، 1981 ، ص132.

9- حدد هذا القانون يوم 6/1/1960 تاريخاً لنفاذة ويرجع السبب في ذلك إلى الخطاب الذي القاه رئيس الوزراء (عبد الكريم قاسم) في نفس اليوم بمناسبة عيد الجيش واعلن فيه عن السماح بتشكيل احزاب وجمعيات جديدة . لمزيد من التفصيل ينظر : محمد كاظم علي . العراق في عهد عبد الكريم قاسم ، دراسة في القوى السياسية والصراع الايدلوجي 1958-1963 ، بغداد : مطبعة الخلود ، 1989 ، 101-102.

10- جاء في الاسباب الموجبة لقانون الجمعيات رقم (1) لسنة 1960 (( . . . البدء بتشكيل احزاب وجمعيات جديدة تأخذ مكانها في خدمة جمهوريتنا الخالدة ولضمان ممارسة هذه الجمعيات لنشاطها في جو من الديمقراطية وعلى اسس الحرية التي نادت بها ثورة الرابع عشر من تموز )).

11- مما يؤكد صحة هذا الرأي ان المشرع العراقي اورد هذه القيود بموجب م(6) من القانون حيث نصت على ان (( يكون لكل حزب منهاج معلن يسعى إلى تحقيقه بالوسائل السلمية والديمقراطية في اطار القانون ويلتزم الحزب باحترام حقوق وحريات المواطنين التي نص عليها الدستور ..))

12- د. رعد ناجي الجدة ، في قانون الأحزاب السياسية رقم (30) لسنة 1991، المصدر السابق ، ص85.

المؤلف : ميثم حنظل شريف
الكتاب أو المصدر : التنظيم الدستوري والقانوني للاحزاب السياسية في العراق

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .