السمو الشكلي للدستور :

يقصد بالسمو الشكلي للدستور وجوب اتباع إجراءات وأشكال معينة في تعديل الدستور تختلف عن تلك المتبعة في تعديل القوانين العادية . لذلك فالحديث عن السمو الشكلي يكون بالنسبة للدساتير الجامدة فقط حيث ان الدساتير المرنة لا تتمتع الا بالسمو الموضوعي . كما ان السمو الشكلي يمتد الى جميع ما تحتويه الدساتير من نصوص بغض النظر عن مضمونها وطبيعتها .

وكما ان النصوص مهما اختلفت في أهميتها الا انها تعدل جميعها بذات الأشكال والإجراءات ويترتب على السمو الشكلي للدستور احتلاله لقمة التدرج الهرمي للنظام القانوني في الدولة بحيث يمتنع على السلطة التشريعية ان تخرج على قواعده او تخالف احكامه فيما تسنه من قوانين وبذلك تبرز الأهمية القانونية لسمو الدستور الذي يتحقق عن طريق السمو الشكلي لقواعده . ولكل ما تقدم يمكننا القول ان الدساتير المرنة لا يتحقق لها السمو الشكلي نظراً لان السلطة التشريعية تستطيع ان تعدلها بنفس الطريقة والإجراءات التي تعدل بها القوانين العادية .

ونخلص من ذلك الى ان الدساتير الجامدة تتمتع بالسمو الشكلي والموضوعي في حين ان الدساتير المرنة لا تتمتع الا بالسمو الموضوعي فقط دون السمو الشكلي .

السمو الموضوعي للدستور :

يكمن السمو الموضوعي للدستور في طبيعة ومضمون القواعد التي تضمنها وكذلك طبيعة الموضوعات التي ينظمها فهو يمثل سند شرعية السلطات الحاكمة وينظم اختصاصاتها وكيفية ممارستها ويحدد الفلسفة او الأيدلوجية التي يؤمن بها القابضون على السلطة ولهذا فأنه يجب على هذه السلطات والهيئات الحاكمة ان تخضع للدستور خضوعاً تاماً وان تحترم أحكامه في كل ما يصدر عنها من أعمال وتصرفات بحكم سموه وعلوه عليها ولأنه هو الذي أنشأها ومنحها اختصاصاتها . هذا وان السمو الموضوعي لا ينحصر في دساتير معينة بل هو عام يشمل جميع الدساتير المكتوبة منها والعرفية والجامدة منها والمرنة ويترتب على السمو الموضوعي للدستور تبعتين هما :

1 ــ احترام وتدعيم مبدأ المشروعية : المفهوم الضيق لهذا المبدأ يقضي بضرورة احترام التشريعات الموضوعة من قبل الحكام او المحكومين على حد سواء ، اذ ان كل انحراف عن مسار هذه التشريعات من أي كان يجعلنا أمام خروج عن مبدأ المشروعية وبناءً على ذلك يؤدي سمو الدستور باعتباره القانون الأعلى في الدولة والذي يحدد فكرة وفلسفة القانون الى التزام الحكام باحترام قواعده واحكامه والا كانت التصرفات الصادرة عنهم والمخالفة لاحكام الدستور وقواعده باطلة أي تصرفات ليس لها أي قيمة قانونية(1).

2 ــ تحريم تفويض الاختصاص : ما دام ان كل سلطة تستمد اختصاصها من الدستور مباشرة فالأصل انه لا يجوز ولاية سلطة من سلطات الدولة ان تفوض اختصاصها الى سلطة أخرى لكي تباشر هذا الاختصاص المسند أليها الا اذا استندت في ذلك الى الدستور نفسه أي انه يوجد نص في الدستور يقضي بذلك وفي هذه الحالة الأخيرة لا يجوز استخدام هذه الرخصة التي وردت على خلاف الأصل الا في الحدود التي رسمها الدستور

وبناءاً على ذلك اذا لم يوجد نص في الدستور يقضي بذلك فالتفويض في هذه الحالة يعتبر في الحقيقة تعديلاً بطريق غير مباشر لاحكام الدستور ويكون بالتالي باطلاً .

_________________

1- د . نزيه رعد – مرجع سابق – ص109 .

المؤلف : حسن ضياء حسن الخلخالي
الكتاب أو المصدر : نظرية الضرورة كاستثناء على مبدا سمو الدستور

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .