1- اتفاق المتعاقدين :

طبقا لنص المادة الثانية من قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ والمشار إليها سابقا يعد اتفاق المتعاقدين هو المصدر الأول للقانون التجاري . و ذلك إعمالا لقاعدة أن العقد شريعة المتعاقدين (م/ ١٤٧/1) من القانون المدني و ذلك على اعتبار أن إبرام العقود و عقد الصفقات هو المظهر الخارجي و الرئيسي للأنشطة التجارية (1) و يشترط لإعمال اتفاق المتعاقدين ألا يكون مخالفا لقواعد النظام العام و الآداب في مصر (٢). و من المعلوم أن هذه القواعد تستهدف الحفاظ على المقومات الأساسية للمجتمع و لا يجوز لأي من الأفراد تجار أم غير تجار الاتفاق على ما يخالفها . وعلى ذلك ومتى وجد اتفاق المتعاقدين غير المخالف لقواعد النظام العام و الآداب في مصر يجب على القاضي إنزال حكمه على النزاع المطروح أمامه . ولا شك في أن جعل اتفاق المتعاقدين هو المصدر الأول لأحكام القانون التجاري فيه إعلاء لشأن لإرادة و تدعيما لمبدأ سلطانها (3)

2- التشريع :

يعد قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩(4) هو المصدر الأول لأحكام القانون التجاري و كذلك جميع التشريعات التجارية اللاحقة عليه سواء كانت معدلة أو مكملة له . و قد صدر قانون التجارة متضمنا خمسة أبواب على النحو التالي:

١- الباب الأول : يتناول أحكام التجارة بوجه عام ( المواد من ١ -46).

٢- الباب الثاني : ينظم الالتزامات و العقود التجارية . ( المواد من 47-299).

٣- الباب الثالث : خاص بعمليات البنوك ( المواد من ٣٠٠- 377)

٤- الباب الرابع : يتناول الأوراق التجارية (المواد من ٣٧٨ -549)

٥- الباب الخامس: ينظم أحكام الإفلاس والصلح الواقي منه(المواد من . (٥٥٠ -772) أما بالنسبة للقوانين المكملة لقانون التجارة ، فهي عبارة عن عدة تشريعات تجارية صدرت بعد صدور المجموعة التجارية الملغاة التي صدرت سنة ١٨٨٣ و لا تزال سارية النفاذ بعد صدور قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ بشرط عدم تعارضها مع ما يشتمل عليه من أحكام .

ومن أهم القوانين المكملة لقانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ :

١- قانون بيع و رهن المحال التجارية رقم ١١ لسنة ١٩٤٠.

٢- قانون الأسماء التجارية رقم ٥٥ لسنة ١٩٥١ .

٣- قانون الدفاتر التجارية رقم ٣٨٨ لسنة ١٩٥٣ .

٤- قانون السجل التجاري رقم ٣٤ لسنة ١٩٧٦ ، و المعدل بالقانون رقم ٩٨ لسنة ١٩٩٦

٥- القانون رقم ١٥٩ لسنة ١٩٨١ في شأن شركات المساهمة و التوصية بالأسهم و ذات المسئولية المحدودة و المعدل بالقانون رقم ٣ لسنة ١٩٩٨

٦- القانون رقم ١٤٦ لسنة ١٩٨٨ في شأن شركات تلقي الأموال .

٧- القانون رقم ٢٠٣ لسنة ١٩٩١ في شأن قطاع الأعمال العام .

٨- القانون رقم ٩٥ لسنة ١٩٩٢ في شأن سوق رأس المال .

٩- القانون رقم ٩٥ لسنة ١٩٩٥ في شأن التأجير التمويلي .

١٠ – القانون رقم ٨ لسنة ١٩٩٧ في شأن حوافز الاستثمار .

١١ – قانون حماية حقوق الملكية الفكرية رقم ٨٢ لسنة ٢٠٠٢ و الذي ألغي كل من قانون العلامات و البيانات التجارية رقم ٥٧ لسنة ١٩٣٩ و قانون براءات الاختراع و الرسوم و النماذج الصناعية رقم ١٣٢ لسنة ١٩٤٩

3- العرف التجاري و العادات التجارية :

يقصد بالعرف التجاري اطراد سلوك التجار على إتباع قاعدة معينة في معاملاتهم التجارية على نحو يولد لديهم اعتقادا في إلزامها و ضرورة احترامها (5) و العرف بهذا المعنى له ركنان ، الركن الأول مادي يتمثل في وجود قاعدة معينة اطرد سلوك التجار على إتباعها في معاملاتهم التجارية ، والركن الثاني معنوي يتمثل في تولد الاعتقاد لدى هؤلاء التجار بإلزام هذه القاعدة ووجوب إتباعها . وعلى ذلك فالعرف قانون تلقائي لا إرادي وهو عبارة عن اتفاق ضمني على لزوم إتباع قواعد معينة في حالات معينة (6) و العرف قد يكون محليا أي خاص بمدينة معينة أو عام أي يشمل جميع مناطق الدولة ، و أخيرا قد يكون عرفا دوليا أي تتبعه معظم الدول وقد يكون العرف خاص بأحد أنواع التجارة أو يسود جميع المعاملات التجارية . و الأصل أن القواعد العرفية قواعد غير آمرة ، أي يجوز للأطراف الاتفاق على استبعادها (7) هناك العديد من القواعد العرفية التي قننها قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ منها على سبيل المثال قاعدة افتراض التضامن بين المدنيين بدين تجاري إذا تعددوا (م/ ٤٧ ) ، قاعدة سريان الفوائد التأخيرية في الوفاء بالديون التجارية بمجرد استحقاقها ما لم ينص القانون أو الاتفاق على غير ذلك (م/ ٦٤) كذلك أقر المشرع في قانون التجارة ما استقر عليه العرف في شأن الاكتفاء بإنذار المدين بورقة عادية دون حاجة إلي إنذاره بورقة من أوراق المحضرين ( م/ ٥٨) فضلا عن ذلك فقد قنن قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ ما كان يقضى به العرف في معظم الأحكام الخاصة بخطابات الضمان و الاعتمادات المستندية و الحساب الجاري . و لما كان العرف يعد مصدر أساسي من مصادر القانون التجاري خاصة و أن الأصل التاريخي لنشأة هذا الأخير تمثل في مجموع القواعد العرفية التي سادت معاملات التجار في العصور القديمة و الوسطي فقد حرص قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ على الاعتداد بالعرف و من أمثلة ذلك ما نصت عليه المادة ٥٣ من أنه :

١- ا ذا كان محل الالتزام التجاري تسليم شيء خلال موسم معين ” أو فصل من فصول السنة وجب الرجوع إلي العرف السائد في مكان التسليم لتعيين الوقت الذي يجب أن يتم فيه . فإذا لم يوجد عرف وجب أن يتم التسليم في وقت مناسب قبل نهاية الموسم أو الفصل .

٢- يعتبر العرف السائد في مكان التسليم فيما يتعلق بكيفية قياس البضائع أو وزنها أو عدها أو كيلها متمما للعقد ما لم يتفق على غير ذلك .”

وتجدر الإشارة إلي أن القواعد العرفية تفترض العلم بها كما هو الحال بالنسبة للقواعد التشريعية و يلتزم القاضي بإنزال حكم العرف على النزاع المطروح أمامه دون أن يطلب ذلك منه أحد الخصوم طالما لم يثبت اتفاقهم على استبعاد حكم العرف . و يخضع القاضي في ذلك لرقابة محكمة النقض لأن الأمر يتعلق بتطبيق و تفسير القانون الذي يشمل القواعد التشريعية و القواعد العرفية على حد سواء (8) و إذا كان من المسلم به أنه لا يجوز تطبيق القاعدة العرفية التجارية إذا خالفت قاعدة آمرة من قواعد القانون التجاري ، فان الخلاف قد ثار حول مدى جواز مخالفة القاعدة العرفية التجارية لقاعدة آمرة من قواعد القانون المدني . ذهب البعض ( 9) إلي عدم جواز تطبيق القاعدة العرفية التجارية إذا خالفت قاعدة آمرة من قواعد القانون المدني . و استند هذا الرأي في ذلك إلي أن قواعد القانون المدني الآمرة مثلها مثل قواعد القانون التجاري الآمرة تتعلق بالنظام العام و من ثم وجب إعمالها و طرح القاعدة العرفية التجارية جانبا إذا خالفتها . بينما يذهب البعض الآخر( 10) إلي أنه يجوز تطبيق القاعدة العرفية التجارية قبل قواعد القانون المدني الآمرة حتى ولو كانت تخالفها.

و يستند هذا الرأي إلي الحجج الآتية :

١- أن القاعدة العرفية التجارية تعد في حكم قاعدة تجارية خاصة ومن ثم يجب تطبيقها حال وجودها ولا حاجة لتطبيق قواعد القانون المدني حتى و لو كانت آمرة .

٢- قواعد القانون المدني تطبق على معاملات مدنية لا تعوزها الحاجة إلى عنصري السرعة و الائتمان اللذين هما قوام المعاملات التجارية بينما القاعدة العرفية اقتضتها طبيعة المعاملة التجارية و فرضتها البيئة التجارية . و يكون منطقيا أن تطبق القاعدة العرفية التجارية قبل قواعد القانون المدني الآمرة .

و نرى أن هذا الرأي هو الأقرب إلي المنطق فالقاعدة العرفية التجارية قد نشأت لتلبي مقتضيات البيئة التجارية وطبيعة المعاملة التجارية التي تعوزها السرعة و الائتمان وهو مالا تستلزمه المعاملة المدنية التي تحتاج إلي التأني و التروي لإتمامها .ومن ثم تكون القاعدة العرفية التجارية أولى بالتطبيق قبل قواعد القانون المدني الآمرة حتى ولو كانت تخالفها . و بالنسبة للعادة التجارية فيقصد بها اطراد سلوك التجار على إتباع قاعدة معينة في معاملاتهم التجارية دون أن يرقى هذا الاطراد إلي الاعتقاد في لزومها و ضرورة احترامها . وعلى خلاف العرف الذي يستلزم تكوينه توافر ركنيه المادي الذي يتمثل في اطراد سلوك التجار على إتباع قاعدة معينة في معاملاتهم التجارية ، و الركن المعنوي الذي يتمثل في تولد الشعور بالاعتقاد بلزوم هذه القاعدة وضرورة احترامها نجد أن العادة التجارية تفتقد إلي هذا . الركن المعنوي (11) ومن أمثلة العادات التجارية ، نسب السماح في حالة نقص كمية البضاعة عما هو متفق عليه في عقد البيع ، حزم و تغليف أو رص البضائع ………….. الخ . وأيضا و على خلاف العرف الذي يطبقه القاضي من تلقاء نفسه ودون ما حاجة إلي أن يطليه أحد الخصوم فأن القاضي لا يستطيع تطبيق العادة التجارية من تلقاء نفسه و إنما يتعين أن يطلبها أحد الخصوم وأن يثبت اتجاه إرادة الأطراف صراحة أو ضمنا إلي الأخذ بها . فضلا عن قيام المدعى بإثبات وجود العادة التجارية ( 12). و تثبت العادة التجارية بكافة طرق الإثبات وخير دليل عليها ما كان مستمدا من طبيعة العمل ذاته (13) . و من المسلم به أنه لا يجوز تطبيق العرف التجاري أو العادة التجارية إذا تعارضت مع قواعد النظام العام في مصر . وذلك طبقا لما تقضي به م/ ٢/ 2من قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ و التي نصت على أنه ” لا يجوز تطبيق الاتفاقات بين المتعاقدين أو قواعد العرف التجاري أو العادات التجارية متى تعارضت مع النظام العام في مصر “. وتحتل العادة التجارية مرتبة تالية لقواعد القانون التجاري و المدني الآمرة. بينما تتقدم على القواعد القانونية المقررة . فالأمر يتعلق في هذه الحالة بتفسير إرادة الأطراف .

4- القانون المدني :

يقصد بالقانون المدني الأحكام الواردة بالمجموعة المدنية الصادرة بالقانون رقم ١٣١ لسنة ١٩٨٤ و التي بدأ العمل به في ١٥ أكتوبر ١٩٤٩ ، و كذلك القوانين المكملة له . ومن المعلوم أن أحكام القانون المدني هي الشريعة العامة للمعاملات بغض النظر عن طبيعة المعاملة أو صفة القائم بها و من ثم تطبق أحكام القانون المدني على المعاملات المدنية و التجارية و سواء كان القائم بها تاجر أم غير تاجر .

بيد أنه بالنسبة للمعاملات التجارية و طبقا لما تقضي به المادة ٢/2 من قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ يتعين الرجوع أولا إلي اتفاق الطرفين ثم قواعد القانون التجاري الآمرة و يليها العرف التجاري والعادات التجارية فإذا خلا كل ذلك من حكم للنزاع المطروح أمام القاضي وجب اللجوء إلي أحكام القانون المدني . و تثور الصعوبة عندما يوجد تعارض بين أحكام القانون التجاري و أحكام القانون المدني و لا يخلو الأمر من أحد الفروض الآتية :

الفرض الأول :

أن يكون التعارض بين النص المدني الآمر و النص التجاري المفسر لا مناص في هذا الفرض من تغليب النص المدني الآمر على النص التجاري المفسر و ذلك لتعلق النص المدني الآمر بالنظام العام .

الفرض الثاني :

أن يكون التعارض بين نص مدني آمر و نص تجاري آمر أو نص مدني مفسر أو نص تجاري مفسر . في هذا الفرض يتم تقديم النص التجاري على النص المدني(م/2/2 من قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ إعمالا لقاعدة أن الخاص يقيد العام ، و لما كان النص التجاري نصا خاصا و النص المدني نصا عاما فيجب تطبيق النص التجاري أولا. و كذلك الأمر إذا كان النص التجاري لاحقا في صدوره على النص المدني (14) .

_____________

1- د.محمد فريد العريني د. هاني دو يدار : مبادئ القانون التجاري و البحري ، دار الجامعة الجديدة للنشر ، ٢٠٠٣ ، ص ٨

٢- نقض مصري جلسة ٢٥ يونيو ١٩٩٤ ، مجموعة أحكام النقض لسنة ١٥ ق، ص ٧٩٤ .

٣- د. سامي عبد الباقي : قانون الأعمال ،الأعمال التجارية و التاجر و المحل التجاري ، دار النهضة العربية ، 2007 ، ص26 .

4- صدر هذا القانون في ١٧ مايو ١٩٩٩ و نشر بالجريدة الرسمية العدد ١٩ (مكرر) بذات التاريخ و بدأ تطبيقه اعتبارا من أول أكتوبر ١٩٩٩ باستثناء الشيك الذي يعمل بأحكامه من أول أكتوبر ٢٠٠٣.

5- مصطفى كمال طه : القانون التجاري ، الدار الجامعية ١٩٩١ ، ص ٣٧ .

6- د. سميحة القليوبي الوسيط في شرح القانون التجاري المصري ، الجزء الأول – دار النهضة العربية ، ٢٠ ، ص ٢٤ و ما بعدها .

7- R.Houin et M. Pedamon : Droit commercial ، 1980 ، éd Dalloz p21 ،

8- محمود مختار بريري : قانون المعاملات التجارية ،الجزء الأول ، دار النهضة العربية 2000 ص ٤١ وما بعدها .

9- R.Rodière et R.Houin : Droit commercial ، éd Dalloz ، Paris ،1970 P12

10- على البار دوى : القانون التجاري ، الأعمال التجارية و المنشأة التجارية و شركات الأشخاص ، دار المطبوعات الجامعية ١٩٩٩ ، ص ٣٥

11- Ripert et Roblot “ op.cit ، P25 .

12- محمود نختار بريري : المرجع السابق ، ص ٤٢ .

. جلسة ٢٧ يونيو ١٩٦٣ ، مجموعة أحكام النقض السنة ١٤ ، الجزء الثاني ، ص ٩٤٦ 13-

14- سامي عبد الباقي : قانون الأعمال ،الأعمال التجارية و التاجر و المحل التجاري ، دار النهضة العربية ،7 ٢٠٠ ، ص ٤٧

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .