الحمل أثناء الخطوبة

إعداد الطالب:
عماد الخرواع
باحث بمسلك ماستر أحكام الأسرة في الفقه والقانون
بجامعة القرويين كلية الشريعة اكادير

تحت إشراف الدكتور
إسماعيل شكري

تـقـديـم :

كان لزاما على المغرب بعد الاستقلال أن يفكر في قانون ينظم الجانب الأسري في المملكة ، وبالتالي صدرت مدونة الأحوال الشخصية سنة 1957 تجمع عدة أحكام مأخوذة من المذهب المالكي بإشراف لجنة من العلماء، وبعد مضي مدة من الزمن ظهرت الحاجة إلى تجديد هذا القانون فتم تعيين لجنة خاصة سنة 1993 لإعادة النظر في مدونة الأحوال الشخصية ، فظهرت بذلك بعض التعديلات .لكن الإشارة القوية بتعميق الإصلاحات بهيكل قانون الأسرة إنما جاءت في خطاب ملكي بتاريخ 10 أكتوبر 2003

وقد استند عمل اللجنة الملكية على مقاصد الإسلام في تكريم الإنسان.والى العدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف، ووحدة المذهب المالكي، والاجتهاد واعتبارا لكل فئة من المجتمع المغربي ، إذ جاءت مدونة الأسرة بتوجهات ومبادئ جديدة جعلت مسؤولية الأسرة تحت رعاية الزوجين وجعل الولاية حق للمرأة الراشدة وتوحد سن الأهلية في 18 سنة ،وتساوت البنت والولد المحضونين في بلوغ سن 15 سنة لاختيار الحاضن وتقيد التعدد وفق شروط شرعية إلى غيرها من الإصلاحات المعروفة ومقاصد المشرع من هذه الإصلاحات الجوهرية هو رفع الحيف والظلم الذي لحق بالطفل والمرأة طيلة عقود ،و المرتبط أساسا بمسار تطور الأسرة المغربية .
غير أنه بدخول هذه المدونة حيز التطبيق، ظهرت عدة إشكالات سواء على المستوى القضائي، أو الواقعي، خصوصا بالخطبة موضوع حديثنا في هذا العرض وتتمثل أهم إشكالية في هذا العرض في معاشرة الخاطب لخطيبته وحصول حمل بها هل ينسب الحمل للخاطب في هذه الحالة أم لا . وهل تتعلق المادة 156 بالخطبة أم بالزواج ؟ هذا ما سنراه وفق التصميم التالي :

مقدمة :

المبحث الأول : ضبط مصطلحات الموضوع
المطلب الأول : مصطلح الخطبة
المطلب الثاني : مصطلح الشبهة
المبحث الثاني : الحمل أثناء الخطبة بين مدونة الأسرة والفقه الإسلامي
المطلب الأول : دراسة تحليلية للمادة 156
المطلب الثاني : بعض الانتقادات الموجه للمادة 156
المطلب الثالث : الحمل أثناء الخطبة في الفقه الإسلامي
خاتمة .

المبحث الأول : ضبط مصطلحات الموضوع

لابد لنا قبل الحديث عن موضوع الحمل أثناء الخطبة والإشكالات الواردة على هذا الموضوع من أن نتطرق إلى توضيح بعض المصطلحات التي لها علاقة بموضوعنا والتي ستساعدنا في تحديد زوايا إشكالية الحمل أثناء الخطبة من منظور الفقه الإسلامي والقانون المغربي وبالتالي فلابد لنا قبل استرسال الحديث عن هذه الإشكالية من الإحاطة بمفهومين وهما مفهوم أو مصطلح الخطبة وذلك في المطلب الأول ومصطلح الشبهة في المطلب الثاني

المطلب الأول : مصطلح الخطبة

الفقرة الأولى : الخطبة في اللغة

( الخطبة )في اللغة هي : طلب المرأة للزواج[1] ، يقال خَطَب (بفتح الخاء والطاء) يخطُب (بضم الطاء) خِطْبةً (بكسر الخاء) الرجلُ فلانةً من أهلها إذا طلبها للزواج. وهو بذلك خطيب أو خاطب.
والمطلوب زواجُها يقال عنها خطيبة ونقول : “أقيمت حفلة خِطْبة (بكسر الخاء) فلان إلى فلانة أو إلى أهلها”.
وجاءت صِيغة الخِطبة في الآية القائلة : “ولا جُناحَ عليكمْ فيما عرَّضْتُمْ به من خِطْبة النساء أو أكْنَنْتُم في أنفسِكم”[2] .
وجاء في بعض المعاجم ضم الخاء في خطبة بهذا المعنى، لكن الخُطبة (بالضم) شائعة في الكلام الذي ينطق به الخطيب. والخطبة (بالكسر) في طلب الزواج.

الفقرة الثانية : الخطبة في الاصطلاح الفقهي

الخُطوبة في اصطلاح الفقهاء تَدُلُّ على الفترة التي تعقُب خِطبة المرأة وتمتد إلى الزواج.[3]
وجاء في فقه السنة للسيد سابق ان الخطبة هي طلب المرأة للزواج بالوسيلة المعروفة بين الناس ،والخطبة من مقدمات الزواج شرعها الله قبل الارتباط بعقد الزوجية ليعرف كل من الزوجين صاحبه، ويكون الإقدام على الزواج على هدى وبصيرة[4]
وفي تعريف آخر : هي إبداء الرجل رغبته في الزواج من المرأة وقبولها هي ووليها لهذه الرغبة، والتواعد على إبرام عقد الزواج مستقبلاً. واختلف الفقهاء في حكمها بين قائل بالإباحة أو الاستحباب؛ وذلك لِفِعْلِهِ -صلى الله عليه وسلم- حَيْثُ خطب عَائشة بنت أبي بكرٍ رضي الله عنهما، وَخطب حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- والحديثان رواهما البخاري وأحمد وغيرهما.
والخطبة ليست زواجًا ولا شبهة زواج؛ وإنما هي مواعدة على الزواج بين رجل وامرأة، لا تُثبت حقًّا ولا تُحِلُّ حرامًا، وإنما ينبني عليها بعض الأحكام أهمها:
أولا: إباحة النظر للمرأة عند الخطبة، وتظل أجنبية عنه حتى ينعقد العقد.
ثانيا: لا يجوز شرعًا لرجل أن يتقدم لخطبة امرأة مخطوبة لغيره.
ثالثا: يكره شرعًا لكل من الخاطب والمخطوبة العدول عن الخطبة إلا لمصلحة مشروعة..

فهذه بعض الأحكام الشرعية التي تنبني على الخطبة ومنها يتبين أن ما يسمى بالخطبة العصرية والتي ينبسط فيها الخاطب مع مخطوبته ويعاملها معاملة الأزواج في الخلوة والنظر واللمس، وربما تطرق الأمر إلى ما هو أعظم من ذلك مخالفة لشرع الله وذلك لا يجوز[5].

الفقرة الثالثة : الخطبة في القانون

أما الخطبة في الجانب القانوني فنبدأ بما أوردته مدونة الأسرة في المادة الخامسة منها بقولها : “الخطبة تواعد رجل وامرأة على الزواج ، تتحقق الخطبة بتعبير طرفيها بأي وسيلة متعارف عليها تفيد التواعد على الزواج، ويدخل في حكمها قراءة الفاتحة وما جرت به العادة والعرف من تبادل الهدايا ”
وجاء في المادة 6: يعتبر الطرفان في فترة خطبة إلى حين الإشهاد على عقد الزواج، ولكل الطرفين حق العدول عنها.
بناء على المقتضيات المشار إليها في المادتين (5 و6) أعلاه، يتضح أن الخطبة هي تواعد بين رجل وامرأة على الزواج؛ وتعتبر المرحلة التي تجمعهما مرحلة خطبة إلى حين توثيق عقد الزواج والإشهاد عليه. وتتحقق الخطبة؛ بتبادل الوعد بين الخطيبين وبتعبيرهما بأي وسيلة متعارف عليها.
واعتبارا لاختلاف الأعراف بين منطقة وأخرى باختلاف العادات والتقاليد والمعطيات الثقافية التي تحكم كل منطقة، فإن التعبير عنها يكون متناسبا مع الأعراف والتقاليد المتعارف عليها وكل ما يفيد التواعد على الزواج، من قراءة الفاتحة وتبادل الهدايا وما يؤكد رغبة الطرفين في التواعد على الزواج. كما أن الخطبة بهذا المعنى لا تعتبر زواجا بل تواعد من أجل الإشهاد على عقد الزواج فيما بعد، ولا تلزم الطرفين ولا تنشأ أية آثار حيث يمكن العدول عن الخطبة من قبل كلا الطرفين.[6]

وجاء في تعريف الدكتور محمد الشافعي للخطبة أنها : تعبير واضح عن رغبة رجل في الزواج من امرأة معينة وإعلان هذه الرغبة إليها أو إلى ذويها بنفسه أو بمن يوفده لهذا الغرض بعضا من أقاربه أو أصهاره أو أصدقائه ، ويشترط في صحة الخطبة أن تكون المرأة صالحة شرعا للزواج منها اي خالية من المونع الشرعية سواء كانت مؤبدة أو مؤقتة[7]
هذا بخلاصة توضيح مبسط لمفهوم الخطبة لننتقل إلى مصطلح لا يقل عن الخطبة في الأهمية خصوصا في موضوعنا هذا آلا وهو مصطلح الشبهة

المطلب الثاني : مصطلح الشبهة

الفقرة الأولى : الشبهة في اللغة

الشِّبْهُ والشَّبَهُ والشَّبِيهُ المِثْلُ والجمع أَشْباهٌ وأَشْبَه الشيءُ الشيءَ ماثله ، وفي المثل ” مَنْ أَشْبَه أَباه فما ظَلَم ” والمُشْتَبِهاتُ من الأُمور المُشْكِلاتُ والمُتَشابِهاتُ المُتَماثِلاتُ وتَشَبَّهَ فلانٌ بكذا والتَّشْبِيهُ التمثيل ، والشبهة كذلك الإشكال يقال اشتبه الأمر إذا أشكل [8]
و جاء في المعجم الوسيط ان “الشُبْهَةُ هي : الالتباس، واشتبه الأمر عليه: اختلط، واشتبه في المسألة: شكَّ في صحتها” [9]

الفقرة الثانية : الشبهة في اصطلاح الفقهاء

و تعددت تعريفات العلماء لمصطلح الشبهة وهي في مجملها يمكن ردها إلى التعريفات اللغوية السابقة :
فقيل : الشبهة ما لم يُتيقن كونه حلالا أم حراما.
وقيل : ما جُهل تحليله على الحقيقة وتحريمه على الحقيقة.
وهذان التعريفان يدل عليهما حديث النعمان بن بشير ( الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ……….) متفق عليه . فسمي ما جُهل حكمه شبهة
وجاء في الكشاف : الشبهة خفاء الأمر والإشكال في العمل.[10]

الفقرة الثالثة : أنواع الشبهة

وتتنوع الشبهة إلى ثلاثة أنواع

شبهة الفعل : وتسمى أيضا شبهة الاشتباه, أي اشتباه الأمر على صاحبه, وظنه ما ليس بدليل دليلا على الحلّ, ومن صورها :
1 – وطء المطلقة ثلاثا وكذا المختلعة في العدة.
2 – وطء من زفت إليه, وهي غير الزوجة التي عقد عليها, معتمدا على قول النساء: قولهم هي زوجتك.

ويثبت النسب في الصورتين, شرط أن تأتي بالولد بعد ستة أشهر أو لتمامها من حين الوقاع.

2 – شبهة المحل : ومعناها قيام الدليل النافي للحرمة, فليست مبنية على ظن المكلف واعتقاده, بل على كون محل الفعل, فيه وجه حل للفعل المأتي به, وتسمى أيضا شبهة حكمية, لكون الثابت فيها شبهة الحكم بالحل, وهذا النوع من الشبه مسقط للحد أيضا.

وقد مثّل العلماء لهذا النوع من الشبهة بصور عدة, منها :
1 – الرجل يواقع معتدته من طلاق بائن بلفظ من ألفاظ الكناية.
2 – وطء الرجل جارية ولده.
والمعنى في هذه الشبهة, ثبوت الملك ولو من وجه, فمثلا في وطء جارية ولده لا يحد, لقيام المقتضى للملك, وهو قول النبي : أنت ومالك لأبيك.

3 – شبهة العقد : وهي ما كان الاشتباه بحل الوطء فيها ناشئا عن عقد غير صحيح. كأن يجري رجل عقد زواجه على امرأة, ثم يتبين فساد العقد لسبب من الأسباب الموجبة للفساد, كالذي يدخل بزوجته ثم يظهر له أنها من المحرمات عليه من جهة الرضاع, أو أنه جمع بين الأختين, أو زواج من خامسة وفي عصمته أربع, أو الرجل يطأ امرأة تزوجها بغير شهود أو بغير ولي, لاختلاف العلماء والاختلاف يورث الشبهة[11] .

المبحث الثاني : الحمل أثناء الخطبة بين مدونة الأسرة والفقه الإسلامي

إن مسألة الحمل أثناء الخطبة هي إشكالية في القانون فقط و بالتحديد في مدونة الأسرة أما في الفقه الإسلامي فلا إشكال فيها فهي محض زنا لا يترتب عليها أي اثر وفيها الحد إذا ثبت أن الحمل حصل خارج مؤسسة الزواج بخلاف مدونة الأسرة المغربية التي راعت حقوق الطفل في انتسابه إلى أبيه مم أوقعها في انتقادات كثير من قبل الفقهاء والمفكرين فهل المدونة حللت الزنا كما قال بعضهم أو هل أنها اعترفت بأبناء الزنا وخالفت بذلك شرع الله الحكيم كل هذه الإشكالات وغيرها سنجيب عنا في هذا المبحث الذي قسمناه إلى ثلاث مطالب .

المطلب الأول : دراسة تحليلية للمادة 156

من خلال بحثنا حول هذا الموضوع وجدنا معظم الآراء الفقهية تذهب إلى أن نص المادة 156 يتحدث عن إثبات نسب المولود خلال فترة الخطوبة وبالتالي إثبات نسب أبناء الزنا
وهو محرم شرعا ، فهل فعلا تتحدث هذه المادة عن إثبات نسب المولود خلال فترة الخطوبة؟
إن تحليل مقتضيات هذه المادة يقتضي منا الأخذ بعين الاعتبار باقي المواد الأخرى التي لها ارتباط وثيق بها، ومن أهم هذه المواد المادة 16 التي تتحدث عن إثبات العلاقة الزوجية. ويمكن القول أن المادة 16 هي المفتاح لفهم المادة 156 .
حيت جاء في المادة 16 أنه:
“تعتبر وثيقة عقد الزواج الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج.
إذا حالت أسباب قاهرة دون توثيق العقد في وقته، تعتمد المحكمة في سماع دعوى الزوجية سائر وسائل الإثبات و كذا الخبرة.
تأخذ المحكمة بعين الاعتبار وهي تنظر في دعوى الزوجية وجود أطفال أو حمل ناتج عن العلاقة الزوجية، وما إذا رفعت الدعوى في حياة الزوجين.
يعمل بسماع دعوى الزوجية في فترة انتقالية لا تتعدى عشر سنوات، ابتداء من تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ”.

واضح أن المشرع المغربي من خلال هذه المادة أراد أن يقطع أية صلة بعقود الزواج العرفية التي تستغني عن توثيق عقد الزواج والتي يكتفى فيها بالإشهاد عليه من طرف عموم الناس. فهذه العقود التي كانت سائدة قبل صدور المدونة بشكل كبير ، والتي لا زالت تعرف في بعض المناطق من المغرب إلى حد الآن، طرحت العديد من المشاكل دخل المجتمع وكانت السبب وراء تشتيت العديد من الأسر وتدميرها، إذ غالبا ما يتملص الأزواج من الالتزامات والواجبات الملقاة على عاتقهم تجاه زوجاتهم وتجاه أولادهم أيضا، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالنفقة والسكنى وإلى غير ذلك من الالتزامات ذات الطبيعة المالية التي تفرض على الزوج، حيث كان العائق الكبير أمام الزوجة هو إثبات هذه العلاقة الزوجية…لكل هذه الأسباب ولأسباب أخرى ذات أغراض إدارية تدخل في سياسة الدولة، قرر المشرع المغربي وضع قطيعة مع هذه العقود العرفية والاعتداد فقط بالعقود الموثقة من طرف العدلين والمصادق عليها من قبل قاضي التوثيق، حتى أصبح يشكك في حقيقة شكلية الكتابة المتطلبة إذ لم يعد دورها يقتصر على مجرد إثبات العلاقة الزوجية، بل يمكن القول أنها أصبحت شرط صحة لانعقاد الزواج.

وعليه فإنه بعد انتهاء الفترة الانتقالية، لا يمكن إثبات العلاقة الزوجية إلا عن طريق عقد الزواج الموثق من طرف العدلين المنتصبين للإشهاد والمخاطب عليه من طرف قاضي التوثيق الذي يضفي عليه صبغة الرسمية، بمعنى أن عقود الزواج العرفية التي يتم فيها الاستغناء عن شهادة العدلين والاكتفاء بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين من جمهور الناس الذين يحضرون مراسيم الزواج، لن يرتب المشرع عليها أية آثار إلا استثناء. كما سيصبح أيضا في حكم العدم تلك العلاقات الزوجية غير الموثقة التي أبرمت في الماضي ولم يرفع بشأنها دعاوى ثبوت الزوجية خلال هذه الفترة الانتقالية.

إذن تبين أن المشرع المغربي في توجهه الجديد قرر أن عقد الزواج هو الوسيلة الوحيدة لإثبات العلاقة الزوجية دون اعتداد بأية وسيلة أخرى من الوسائل التي كانت معروفة قديما. وعليه فإنه لم يعد يعترف بأية رابطة زوجية لم يوثق عقدها من طرف العدلين . مادام الدليل الوحيد على وجودها –وهو العقد- غير متوفر . إلا أن المشرع المغربي ومراعاة منه لظروف مجتمعه وبعض العادات التي لازالت قائمة في بعض المناطق التي تكتفي بزواج الفاتحة، اعترف ببعض الآثار المترتبة عن هذا الزواج، وهنا يكمن وجه الالتقاء بين المادة 16 والمادة 156 إذ في الوقت الذي يقرر المشرع في الأولى أن الزواج غير الموثق من طرف العدلين غير معترف به بعد انتهاء الفترة الانتقالية، يقرر في المادة 156 أن هذا الزواج إذا نتج عنه حمل فإن الولد يلحق بأبيه. واعتراف المشرع هذا ببنوة الولد لأبيه لا يعني الاعتراف بثبوت الزوجية من الناحية القانونية، مع العلم أن العقد يعتبر قائما من الناحية الدينية.

كما أن المشرع يتحدث في كلا المادتين عن الظرف القاهر الذي منع الزوجين من توثيق عقد زواجهما أمام العدلين، حيث منح في المادة 16 فرصة للزوجين لرفع دعوى ثبوت الزوجية متى أثبتا هذا الظرف القاهر، إلا أن هذه الفرصة مؤقتة ورهينة بعدم انتهاء الفترة الانتقالية المحددة في 10 سنوات . وفي المادة 156 نجد المشرع يتحدث عن نفس الظرف القاهر والمانع من التوثيق، فقرر ثبوت نسب الأولاد من هذا الزواج غير الموثق، وهذا طبعا إذا كانت الفترة الانتقالية قد انتهت، أما إذا كانت لا زالت قائمة فإنه يمكن رفع دعوى ثبوت الزوجية وإثباتها بكافة الوسائل ومن ثم ينسب الولد لأبيه إذا ثبتت هذه العلاقة الزوجية [12].
وعند العودة للمادة 156 نجدها تقول : ” إذا تمت الخطوبة، وحصل الإيجاب والقبول وحالت ظروف قاهرة دون توثيق عقد الزواج وظهر حمل بالمخطوبة ، ينسب للخاطب للشبهة إذا توافرت الشروط التالية:

أ ) إذا اشتهرت الخطبة بين أسرتيهما، ووافق ولي الزوجة عليها عند الاقتضاء؛
ب ) إذا تبين أن المخطوبة حملت أثناء الخطبة؛
ج ) إذا أقر الخطيبان أن الحمل منهما.
تتم معاينة هذه الشروط بمقرر قضائي غير قابل للطعن.
إذا أنكر الخاطب أن يكون ذلك الحمل منه، أمكن اللجوء إلى جميع الوسائل الشرعية في إثبات النسب”.

واضح أن المشرع لم ينتق المصطلحات المناسبة، إذ تارة يتحدث عن الزواج وتارة أخرى يتحدث عن الخطبة، إلا أنه في الحقيقة يقصد الزواج الصحيح غير الموثق من قبل العدلين، ذلك أنه يتحدث أولا عن “الإيجاب والقبول” بين الخطيبين بمعنى أن عقد الزواج مبدئيا منعقد ما دام الركنين متوافرين وأن فترة الخطوبة انتهت طبقا لمقتضيات المادة 10 من مدونة الأسرة التي جعلت الإيجاب والقبول من الأركان الرئيسية في عقد الزواج ، وما يؤكد هذا هو أن المشرع نفسه أردف قائلا “وحالت ظروف قاهرة دون توثيق عقد الزواج…” مما يعني بشكل واضح أن المقصود هو الزواج الذي لم يتم الإشهاد عليه من طرف العدلين وتوثيقه.
كما أنه في البند (أ) من نفس المادة نجده يشترط موافقة الولي عن الاقتضاء، رغم أنه يتكلم عن الخطوبة !! ونحن نعلم أن الولاية هي شرط صحة في الزواج وليس شرطا في الخطبة.

كل هذا يؤكد أن المشرع يقصد إثبات نسب المولود خلال فترة الزواج الذي لم يوثق فيه العقد لأسباب قاهرة، وليس خلال فترة الخطوبة. ذلك أنه لو اعترف المشرع بثبوت نسب المولود للأب خلال فترة الخطوبة فإنه سيكون قد وقع في تناقض صارخ مع المواد 144 و152 و153.

هاته المواد التي تقرر أن البنوة شرعية بالنسبة للأب تثبت في حالات قيام سبب من أسباب النسب، ومن بين أسباب لحوق النسب الفراش، الذي يقصد به فراش الزوجية وليس فراش الخطوبة. مصداقا للحديث الشريف الذي يقرر أن “الولد للفراش وللعاهر الحجر”. كما أن الولادة خلال فترة الخطوبة كما قرر المجلس الأعلى سابقا في العديد من القرارات هو زنا لا يترتب عليه لحوق النسب بالأب .

فالخطبة كما يقول الأستاذ الشافعي ” فالخطبة مرحلة سابقة عن الزواج تمهد له فقط ، وهذا الحكم متفق عليه في جميع القوانين الحديثة للأحوال الشخصية والأسرة في العالم العربي والإسلامي ومن بين هذه القوانين مدونة الأسرة المغربية التي تقضي بان الخطبة ” تواعد رجل وامرأة على الزواج ….. [13]ونعتقد أن المشرع المغربي في المادة 156 قد تعمد استعمال مصطلحات مشتقة من “الخطبة”، لسبب بسيط وهو أنه يريد قطع كل صلة بالزواج غير المشهود عليه من طرف العدلين، فلا يعتد به ويعتبر طرفاه لا زالا في مرحلة الخطوبة، رغم أنهما متزوجان من الناحية الدينية. وهذا يطرح بعض المشاكل للعديد من الأسر التي تكونت على أساس الزواج العرفي.

فقد يحدث مثلا أن يتزوج رجل بامرأة دون توثيق عقدهما – فيعتبر زواجهما صحيحا من الوجهة الدينية لأن الكتابة ليست شرط صحة في الزواج – ثم يعمدان بعد مدة من زواجهما العرفي إلى توثيق عقدهما. فالقانون في هذه الحالة لا يعتبرهما متزوجان إلا من تاريخ توثيق هذا العقد أمام العدلين وليس من تاريخ تطابق الإيجاب والقبول في زواجهما العرفي، وعليه إذا ما نتج قبل هذا التاريخ –أي تاريخ توثيق العقد أمام العدلين-ولادة أولاد، فإن المادة 156 تسمح فقط بثبوت نسبهم إلى أبيهم رغم ولادتهم قبل الزواج القانوني أي في ظل الزواج العرفي. لكن إذا كانت الزوجة – وهي الخطيبة حسب تعبير المشرع في المادة 156- حاملا أثناء توثيق العقد أمام العدلين، فإن هذا الزواج يعتبر باطلا من الوجهة القانونية نظرا لوجود مانع مؤقت من الزواج (وجودها في حالة إستبراء) وقت إبرام العقد مما يترتب معه بطلان العقد الموثق.

وهذا الرأي الذي يقول بأن المادة 156 تتعلق بزواج الشرعي هو الذي أميل إليه مستدلا في ذلك إلى ما ذهبت إليه المحكمة الابتدائية بالراشدية بتاريخ 2006 وهي كالتالي :
هذه نازلة قضائية يهدف الطلب فيها الحكم بمعاينة شروط المادة 156 من مدونة الأسرة وإصدار مقرر بإثبات النسب بين الطرفين
وحيت دفعت المدعية بتوفر مقاضيات المادة 156 من المدونة من كونها كانت على خطوبة من المدعى عليه ولم يوثقا عقد الزواج وظهر حمل بها ينسب للخاطب للشبهة انطلاقا من المادة 156 فإن أنكره يمكن اللجوء إلى جميع وسائل الإثبات الشرعية لإثبات النسب بما فيها الخبرة الطبية ، كما دفعت أيضا بكون المدعى عليه اعترف بمحضر الضابطة القضائية بممارسة الفساد معها ومعاشرته لها معاشرة الأزواج ، مما يكون معه ذلك إقرارا ببنوة الولد له طبقا لمدونة الأسرة

لكن حيث إن ما دفعت به المدعية أمر غير مسلم به ذلك أن إثارة توفر مقتضيات المادة 156 من المدونة ليس عليه دليل ، فمن جهة لم تُثبت لنا تمام الخطوبة ولا حصول الإيجاب والقبول بينها وبين المدعى عليه قبل عقد الزواج ، ناهيك عن عدم توضيحها لأسباب عدم توثيق الزواج لتمكين المحكمة من إعمال رقابتها على جدية الظرف الحائل دون ذلك هذا علاوة على عدم إثباتها لأي شرط من شروط نسل الولد للخاطب للشبهة النصوص عليها في المادة 156 من المدونة ، والمتمثلة في اشتهار الخطبة بين أسرتي الخاطب والمخطوبة وموافقة ولي الزوجة عليها عند الاقتضاء ، وكون المخطوبة حملت أثناء الخطبة واقر الخطيبان بأن الحمل منهما ، ومن جهة أخرى فإن اللجوء إلى الخبرة الطبية لإثبات النسب ليس لها محل في نازلة الحال ، لأن ذلك لا يكون إلا في حالة إنكار الخاطب للحمل رغم توفر شروط وظروف المادة 156 من المدونة كما فصلناها أنفا ولما لم تتوفر تلك الشروط والظروف فإنه لا مجال لإعمال المقتضيات المتعلقة باللجوء إلى الخبرة الطبية لإثبات نسب المولود للمدعى عليه[14] .

بعد هذا التحليل الذي يقول أن المادة 156 من مدونة الأسرة تعني الزواج وليس الخطبة سننتقل إلى الرأي الأخر الذي يعتبرها مجرد خطبة وليست زواجا وهذا ما سنراه في المطلب الثاني .

المطلب الثاني : بعض الانتقادات الموجه للمادة 156

إن المتفحص لهذه المادة يلاحظ الحضور القوي لهاجس إثبات النسب لدى المشرع المغربي, وبعيدا عن الخوض في الضغوط والإكراهات وما استتبع التوقيع على اتفاقية حقوق الطفل, سنحاول في ما يلي بيان أوجه التناقض التي تكتنفها مضامين المادة 156 من مدونة الأسرة في منظور القائلين بان هذه المادة تتعلق بالخطبة ليس بالزواج , والإشكالات التي تعتري تكييفها العملي وسأحاول إعطاء وجهة نظري على كل انتقاد على هذه المادة .

الانتقاد الأول : الخطبة كما عرفتها مدونة الأسرة في المادة 5 :” تواعد رجل وامرأة على الزواج”, ومجرد الوعد لا ينشئ التزاما إعمالا للفصل 14 من قانون الالتزامات والعقود المغربي, فضلا عن عدم ذكر الصداق الذي يعد شرط صحة في عقد الزواج.

أما عن حصول الإيجاب والقبول, فاستحضارا لمنطوق المادة 10 فهو ركن في انعقاد الزواج لا الخطبة, وعليه فثم خلط واضح بين المؤسستين في محاولة لترتيب نفس الآثار عنهما.[15]
الجواب : انطلاقا من المادة 5 التي تعتبر الخطبة مجرد وعد بالزواج والوعد كما نص عليه الفصل 14 من قانون الالتزامات والعقود لا ينشى التزاما فكيف يمكن القول أن المشرع سيقع في هذا الخطأ ويعتبر الخطبة تثبت النسب وسيكون هذا تناقض صريح بين أقواله ، والقول الصحيح هنا هو أن المشرع لا يعترف بالزواج إلا إذا كان موثقا بنص المادة 16 من مدونة الأسرة وبالتالي ما عدا عقد الزواج فهو خطبة ولو كان شرعيا .

الانتقاد الثاني: بخصوص الظروف القاهرة التي تحول دون توثيق عقد الزواج, السؤال: ما هي حدود هذا الظرف القاهر؟ ولماذا لم يعبر المشرع بمصطلح القوة القاهرة كما هو الشأن في منطوق الفصل 269 من قانون الالتزامات والعقود؟ فنستخلص أن الحكم في المسألة يظل تقديريا, تبعا لظروف كل نزاع.[16]

الجواب : إن الظرف القاهر المنصوص عليه في المادة 16 والمادة 156 هي في العمل القضائي من شروط ثبوت الزوجية إذا تعلق الامر بمقتضيات المادة 16 ومن شروط إثبات النسب في المادة 156 بدون إثبات هذه الظروف يكون الطلب غير مبني على أساس خصوصا ما يتعلق بالمادة 156.
الانتقاد الثالث: عند التمحيص في مقتضيات هذه المادة, يتبادر إلى الذهن سؤال حول ماهية الشبهة المقصودة؟ فالشبهة كما لا يخفى على حضراتكم إما شبهة فعل, أو شبهة عقد, أو شبهة محل, وليس في الخطبة شيء من ذلك. فالخاطب والمخطوبة يعرفان بعضهما تماما. والعلاقة الجنسية التي أدت إلى الحمل, تم السعي إليها من الطرفين عن وعي واقتناع.
الجواب : يمكن القول أن المدونة أخذت هنا بالقول المرجوح في المذهب المالكي الذي يعتبر الخطبة يثبت بها النسب لاعتبارها عقدا وفي رأيي أن المدونة أوردة لفظ شبهة في هذه المادة للرد على القائلين بان المشرع خالف شرع الله في إثباته لنسب أبناء الزنا .

الانتقاد الرابع : انعدام التوافق بين مقتضيات المادة 156 والمادتين 19 و20 من مدونة الأسرة, واللتان تنصان على أهلية الزواج التي تكتمل بإتمام الفتى والفتاة المتمتعين بقواهما العقلية ثمانية عشرة سنة, واستثناء من القاعدة يمكن لقاضي الأسرة المكلف بالزواج أن يأذن لزواج الفتى والفتاة دون الأهلية .
الجواب : لا يوجد هنا تناقض بين المادة 156 التي تثبث النسب وبين المادة 20 التي تتعلق بزواج القاصرين فالمادة 156 لم تذكر السن لأنه معلوم أن سن الزواج الشرعي يختلف من منطقة إلى أخرى فبمجرد كان هناك زواج بالفاتحة ووجد حمل كان أمام الخطيبين مسطرتان لابد منهما : الأولى تتعلق بثبوت زواجهما وهو يكون بشهادة الشهود والمسطرة الثانية إثبات نسب ابنهما إذا ولد بعد ذلك .
أما إذا لم يثبت الخاطب واقعة الزواج الشرعي بشروطه سيكون متابعا أمام النيابة العام بتهمة التغرير بقاصر طبقا لمقتضيات الفصل 475 من القانون الجنائي.
الانتقاد الخامس: نفس الشيء يلاحظ على مقتضيات المادة 154 و 156, حيث إن أقصى مدة الحمل هي سنة من تاريخ الفراق فقد يتقدم رجل لخطبة امرأة فور انتهاء عدتها من مطلقها, فيظهر حمل بالمخطوبة, فيتقدم الخاطبان بطلب إثبات النسب في إطار المادة 156, ويتدخل أيضا المطلِّق ويتقدم بدعوى إثبات النسب في إطار المادة 154, فهل ستقضي المحكمة بنسبة الحمل للخاطب أم للمطلق [17]؟
الجواب : لقد أجابت نفس المادة على هذا التناقض فإذا طلقت المرأة وخطبها شخص أخر وحملت داخل مدة سنة من طلاقها وادعى الخطيب أن ذلك الحمل منه فالولد للفراش طبقا لما ورد في هذه المادة زيادة على المواد 152 و153 من مدونة الأسرة وسيتابع الخاطب بجنحة الفساد في حالة كانت هناك شكاية من الطليق أو من النيابة العامة طبقا لمقتضيات المادة 490 من القانون الجنائي.

الانتقاد السادس: تنص المادة 490 من القانون الجنائي على” أن كل علاقة جنسية بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة الزوجية تكون جريمة فساد يعاقب عليها بالحبس من شهر واحد إلى سنة .”
وقد يحدث أن تتابع النيابة العامة الطرفين, من أجل جنحة الفساد, فيدليان أمام القضاء الجنحي بحكم شرعي سبق أن قضى بنسبة الحمل للخاطب في إطار المادة 156 فهل هذا الحكم سيشفع لهما في البراءة؟[18]..
الجواب : أنه لا يمكن متابعتهما خصوصا إذا تبين للمحكمة أنهما استوفيا الشروط المنصوص عليها في المادة 156 التي لا تترك الشك في أن هذه الشروط تتعلق بعقد زواج شرعي .

المطلب الثالث : الحمل أثناء الخطبة في الفقه الإسلامي

إن موضوع الحمل أثناء الخطبة في الفقه الإسلامي واضح وضوح الشمس في أنه محض زنا باتفاق علماء الأمة وذلك راجع لاعتبارهم أن الخطبة مجرد وعد بالزواج والشريعة فرَّقت بين الأمرين تفريقًا واضحًا، فالخطبة ليست أكثر من إعلان الرغبة في الزواج من امرأة معينة، أما الزواج فعقد وثيق، وميثاق غليظ، له حدوده وشروطه وحقوقه وآثاره
ولكن من خلال بحثي في هذا الموضوع وجدت أن الفقهاء المالكية يختلفون في اعتبار الخطبة هل هي وعد أم عقد إلى ثلاثة أقوال :
القول الأول : من الفقهاء من قال إن الخطبة لا تعتبر عقدا لان العقد لا يتم بين الزوجين إلا بأمور منها : الصيغة التي تدل على الإيجاب والقَبول ، والمهر وهو الصداق ، والولي الذي يتولى التزويج ، والإشهار وهو شرط كمال في العقد ، وشرط صحة في الدخول ، وقال ابن الطاهر السوسي التناني وبهذا القول أخذت المدونة في حال عدم وجود حمل بالمخطوبة
القول الثاني : منهم من قال إنها تعتبر عقدا لان الرجل عندما يخطب امرأة فيجاب بالقَبول ثم يبعث بحناء وحوائج تتزين بها ويولون النساء ويسمع الناس والجيران بان فلان تزوج فلانة وغير ذلك مما يدل على التراكن والتراضي بالفعل ، فان الخطبة حينئذ تنزل منزلة العقد ، لان أركان النكاح كلها حاصلة والدلالة الفعلية أقوى من الدلالة القولية قال المقري في قواعده ” كل نكاح فالمعتبر في انعقاده ما دل على معناه لا في صيغة مخصوصة ” قال ابن الطاهر السوسي التناني وبه أخذت المدونة في حال ما ظهر حمل بالمخطوبة فينسب للخاطب للشبهة ولكنه قول مرجوح فقها ومردود واقعا لما قد يترتب عليه من ظلم وحيف خصوصا على المرأة والأطفال ، إذا عدل أحد الطرفين عن إتمام الزواج ولم توجد وثيقة رسمية تثبت ذلك .

القول الثالث : من الفقهاء من رأى آن الحكم في الخطبة يرجع إلى العادة والعرف ، فإن كانت العادة تجري على أن هذا الاتفاق يكفي في عقد النكاح وثبوته ويعتبر الناس أن العقد الذي يتم ليلة الزفاف إنما هو تقرير لما تم قبل ذلك ، فإن الخطبة حينئذ تعتبر عقد نكاح . وإن كانت العادة تجري على أن الخطبة وما يقع معها من الإتصالات والهدايا إنما تعتبر مقدمة للعقد وإمارة على ميل كلٍ لصاحبه فإنها لا تعتبر عقد ولا يترتب عليها آثار عقد الزواج .[19]

خاتمــة :

إن الشروط التي تتطلبها مدونة الأسرة في المادة 156 تجعل الزواج قائما حكما من الناحية الفقهية دون الإشهاد عليه من عدلين وإن كان الأمر من الناحية القانونية يطرح تساؤلا حولا ما إذا كان يجب إبرام عقد زواج وفق شكلياته أمرا ضروريا أم لا في حالة لحوق نسب الطفل بأبيه ؟
وثبوت النسب للشبهة هو تطبيق لقاعدة فقهية أخرى نصت عليها المادة 151 من مدونة الأسرة ، وهي أن النسب يثبت بالظن ولا ينتفي إلا بحكم قضائي يفيد اليقين ،إذ المقرر فقها أن أحكام النسب تطبق عليه القواعد التي تعتبر من قبيل الناذر وذلك حفظا على الأنساب .

المراجع

1 – المعجم الوسيط تحقيق / مجمع اللغة العربية
2- معجم تصحيح لغة الإعلام العربي
3- فقة السنة المكتبة العصرية 1999 م 4- http://www.maghress.com/attajdid/1845
5- كتاب الزواج في مدونة الأسرة للدكتور محمد الشافعي سلسلة البحوث القانونية
6- http://fatwa.islamweb.net/Fatwa رقم الفتوى: 113459
7- لسان العرب لابن منظور مادة شبه ج 13 دار صادر – بيروت
8- مجمع اللغة العربية، المعجم الوسيط، دار الدعوة، إستانبول، 1989، ص 471.
9- http://droitagadir.blogspot.com
10-المنتقى من عمل القضاة في تطبيق مدونة الأسرة
11- شرح مدونة الأسرة في إطار المذهب المالكي وأدلته لعبد الله السوسي التناني

الهوامش
[1] المعجم الوسيط باب الخاء ج 1 ص 506
[2] سورة النساء الآية 235
[3] معجم تصحيح لغة الإعلام العربي ج 1 ص 116 [3] فقة السنة ج 2 ص 17

[5] http://fatwa.islamweb.net/Fatwa رقم الفتوى: 113459
[6] http://www.maghress.com/attajdid/1845
[7] كتاب الزواج في مدونة الأسرة للشافعي ص 41
[8] لسان العرب مادة شبه ج 13
[9] المعجم الوسيط ص 471
[10] مقال تحت عنوان إثبات النسب بالشبهة في مدونة الأسرة المغربية للباحث حاتم دكان http://droitagadir.blogspot.com

[11] نفس المرحع السابق
[12] بحت تحث عنوان قراءة تحليلة للمادة 156 من مدونة الأسرة للباحث زكرياء الرابط http://www.marocdroit.com
[13] كتاب الزواج في مدونة الأسرة للشافعي ص 42

[14] المنتقى من عمل القضاة في تطبيق مدونة الأسرة ص 272

[15] مقال إثبات النسب بالشبهة في مدونة الأسرة المغربية للباحث حاتم دكان http://droitagadir.blogspot.com/2013/08/blog-post_26.html

[16] مقال إثبات النسب بالشبهة في مدونة الأسرة المغربية للباحث حاتم دكان http://droitagadir.blogspot.com/2013/08/blog-post_26.html
[17] مقال إثبات النسب بالشبهة في مدونة الأسرة المغربية للباحث حاتم دكان http://droitagadir.blogspot.com/2013/08/blog-post_26.html

[18] نفس المقال أعلاه
[19] شرح مدونة الأسرة في إطار المذهب المالكي وأدلته لعبد الله السوسي التناني