الطاقات الإلكترونية.. بين قوانين المعلوماتية وانعدام حاضنات الهاكرز
منصور الزغيبي
في ظل العصر الرقمي، تغيرت كثير من الموازين والمفاهيم، وأصبح من القوة والدهاء والسياسة الجديدة توظيف هذا الذكاء الصناعي الذي أنتجه الإنسان في هذا القرن، وذلك يكمن في الاستفادة من أصحاب القدرات الباهرة والبارعة في امتلاك المفاتيح والأدوات لهذا العالم الرقمي واحتضانهم، بحكم أن هذا العالم أصبح فيه تنافس وحروب وتزييف على جميع المستويات، وتأثير يخترق كل أنواع وأشكال الحواجز على شكل تهديدات كبيرة لمجتمعاتنا العربية. ومن الناحية الإيجابية جعل العالم كقرية كونية واحدة، وكذلك هو بمثابة مستودع معلوماتي هائل متجدد، سهّل نقل المعلومة والوصول إليها.

المؤرخين لعالم الهاكرز يرون أن تاريخ وأصل كلمة هاكرز Hackers تعود إلى ما قبل فترة الستينات من القرن الـ20 قبل ظهور الكمبيوتر، أثناء انتشار شركات الهاتف، وهي تعتبر المكان الأول لظهور الهاكرز، والمرحلة الثانية لظهورهم كانت في عام 1980-1989، ويطلق عليها أحد الراصدين بالعصر الذهبي للهاكرز. تحديداً في عام 1983، إذ ظهر فيلم سينمائي اسمه «حرب الألعاب»، تحدث هذا الفيلم عن عمل الهاكرز، وكيف أن الهاكرز يشكلون خطورة على الدولة واقتصادها، وحذّر الفيلم من الهاكرز.

والمرحلة الثالثة كانت في عام 1990-1994 «حرب الهاكرز العظمى».

ويقصد بهم المبرمجين المهرة، القادرين على التعامل مع الكمبيوتر ومشكلاته بخبرة عميقة ودراية شاملة، وحل لمشكلاته ومشكلات برمجته، وهناك كذلك مصطلح آخر، «الكراكز» هم الأشخاص الذين يقومون بالدخول إلى الأنظمة عنوة مستخدمين أساليبهم ومهاراتهم المبنية على اكتشاف أخطاء البرمجة التي يخلفها الهاكرز في برامجهم.

يعتبر الهاكرز من أهم الطاقات الإلكترونية، وهم الفئة الذهبية التي يجب استثمارها وحمايتها، ومنحها الحصانة التي تحمي حقوقهم المعنوية كذلك.

إن معظم المتخصصين والراصدين لعالم الهاكرز يقسمونهم إلى ثلاثة أنواع وهم:

1- الهاكر ذو القبعة البيضاء White hat hacker، ويطلق على الهاكر المصلح أو الهاكر الأخلاقي.

2- الهاكر ذو القبعة السوداء Black hat hacker، يطلق على الهاكر المفسد، وهو يسمى بالإنكليزية Cracker.

3- الهاكر ذو القبعة الرمادية Grey hat hacker، المترنح بين الإصلاح والعبث، ويمكننا القول أيضاً بأنه كراكر Cracker، بل إنه ربما يكون أخطر من ذلك.

من يتأمل حال الهاكرز في العالم يجد أن الكثير منهم تعرض لضرر، ودرجات الضرر مختلفة تصل حد الموت، وعلى وجه الخصوص الهاكرز الأخلاقيين أصحاب القبعات البيضاء.

من أشهر القصص في الوقت الراهن، التي يجب ألَّا تتكرر قصة آرون شوارتز Aaron Swartz، الذي يعتبر أحد أهم عباقرة الإنترنت بالعالم، وعلى وجه الخصوص في أميركا، وهو مبتكر النسخة الأولى من نظام تغذية الإنترنت RSS، وقد اشتهر في استخدام مواهبه الكبيرة كمبرمج وتقني لإثراء العالم ونشر المعرفة ضد احتكارها، وكان ملتزماً بالعدالة الاجتماعية. لكنه مات منتحراً في شقته قبل شهر من محاكمته، بسبب اتهام له في قضية سرقة ملايين الملفات الإلكترونية المثيرة للجدل.

خلاصة القول، من الضروري في هذه المرحلة الراهنة سن قانون يوفر لهم الضمانات التي تجلبهم وتجعلهم يوظفون إمكاناتهم في ما يخدم الإنسان والوطن وقضاياه بدلاً من ضياعها، أو أن توظف بشكل ضار أو لا فائدة منه، وإنشاء نوادي تحويهم.

الآن القوانين المختصة في الجرائم المعلوماتية تجرم الهاكرز من دون تناول التفاصيل لإزالة الكثير من اللبس.

إن العقول الرقمية هي من تقود العالم، فمن الدهاء استثمارها بشكل مقنن وأخلاقي.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت