بحث قانوني و دراسة عن ماهية حجية الأحكام القضائية و حجية الغائها

أ/ مصعب

مقدمة :

إن القرار الإداري ومن حيث الأصل وسيلة الإدارة للتعبير عن إرادتها ممثلة برجل الإدارة وهذه القرارات الصادرة عن رجل الإدارة للتعبير عن إرادة الإدارة قرارات تتمتع من حيث الأصل بقرينة السلامة لكافة أركان وأجزاء القرار الإداري من حيث آلية الصدور وسبب ومحل هذا القرار، ولكن قد يشوب القرار الصادر عن الإدارة عيب يمس بقرينة السلامة التي يحوزها القرار الإداري لذلك وجد القضاء الإداري الذي يمسى أيضا قضاء المشروعية حيث انه يبحث في مشروعية القرارات الإدارية التي ينعى المتعاملون مع الإدارة عليها أنها معيبة بعيب من العيوب التي تشوب هذه القرارات ، فتقوم المحكمة بفحص هذا القرار الإداري وتوافقه مع القانون وتصدر قرارها الذي إما ينفي العيب عن هذا القرار الإداري وبالتالي صلاحيته للنفاذ وإما أن تحكم المحكمة بأن هذا القرار مشوب بعيب يؤدى إلى تقرير بطلان هذا القرار ومحو ما ترتب عليه من آثار نظرا للطبيعة العينية التي تتصف بها الدعوى الإدارية .
والحكم الصادر في دعوى الإلغاء الذي يقرر إلغاء القرار الإداري الذي ثبت عدم صحته يحتاج إلى أن يدخل حيز التنفيذ حتى يؤدي الغرض الذي وجدت من أجله دعوى الإلغاء ، بأن لا يكون لهذا القرار الملغى أي أثر سواءً على الحاضر وحتى على طوال المدة التي تلت صدور القرار الملغى ، وأما الإشكالية التي يثيرها هذا الموضوع فهي مدى الحجية التي يتمتع بها هذا الحكم ، وقد يكون هذا الموضوع نقطة أكثر طرحا في الدول التي يكون فيها التقاضي الإداري على درجات وتقبل أحكامها الطعن ، أما في التشريع الأردني فليس هناك قضاء إداري بالمعنى الحرفي للكلمة وليس للأحكام الصادرة عن محكمة العدل العليا أي وسيلة من وسائل الطعن.
وعلى ذلك سأحاول في هذا البحث أن أدرس موضوع حجية الأحكام الصادرة في دعاوى الإلغاء ، ويتوجب عليّ قبل أن أشرع بجوهر هذه الفكرة أن أعالج الموضوع كما يلي
أولا : المبحث التمهيدي والذي سأعالج فيه ماهية حجية الأحكام القضائية والذي أبحث من خلاله ماهية الحكم القضائي في مطلب أول وحجية الحكم القضائي في مطلب ثانٍ.
ثانيا: أما المبحث الثاني فأنني سأعالج فيه فكرة الحكم في دعوى الإلغاء من خلال مطلبين الأول منهما حول حجية الحكم في دعوى الإلغاء والمطلب الثاني في تنفيذ حكم الإلغاء.

المبحث الأول :ماهية حجية الأحكام القضائية

إن الحديث عن حجية الأحكام الصادرة في دعوى الإلغاء تستلزم منا الحديث بداية عن بعض المصطلحات والمفاهيم والأمور المرتبطة بالحجية عموما وذلك كمدخل للتعمق في جزئية البحث وأيضا يتطلب منا التمييز بين مدلولات الحجية في بعض الأحكام القضائية ،
وعلى ذلك فسأقوم بتقسيم هذا المبحث إلى مطلبين الأول منهما يتحدث عن الأحكام القضائية عموما والثاني للحديث عن مدلول الحجية وبعض ما يتعلق به في الأحكام القضائية .

المطلب الأول : ماهية الحكم القضائي

إن الحكم هو القرار الصادر عن محكمة في خصومة أو في مسألة متفرعة عنها أقيمت بطريق الدعوى ، وصدر بها قرار وفقا لقواعد وأصول إصدار الأحكام {1}.
ثم إن الحكم حتى يتم اعتباره حكما قضائيا فإنه يلزم فيه مضمون وشكل ، وهنا تجدر الإشارة إلى أن القرار الصادر عن المحكمة بتنظيم سير الخصومة وإجراءات الإثبات فيها لا تعد أحكاما بالمعنى المقصود سابقا وذلك لعدم صدورها في خصومة .{2}
ويتم تقسيم الأحكام عادة لدى الفقه إلى عدة صور مختلفة {3} بحسب الجانب الذي يتم النظر له عند التقسيم ومن أهم هذه الصور تقسيم الأحكام إلى أحكام موضوعية وأحكام وقتية وأحكام مستعجلة وذلك استنادا لطبيعة الطلب في الدعوى ، من هذه الصور أيضا تقسيم الأحكام إلى قطعية وغير قطعية وذلك نظرا إلى حسم الحكم للنزاع القائم في المسألة الصادر فيها الحكم ، وكذلك تقسم الأحكام إلى وجاهية وغيابية وذلك من حيث صدورها في مواجهة الخصوم أو في غيبتهم {4} ، وأخيرا تقسم إلى أحكام ابتدائية وأحاكم نهائية سنداً لقابليتها للطعن من عدمه.
والخلاصة التي تسعى الأحكام لكي تحوزها هي قوة القضية المقضة ( حجية الأمر المقضي به ) {5} ، ومن الأحكام التي تحوز هذه الحجية الحكم القطعي والحكم المبرم ، والحكم القطعي هو الحكم الذي أصبح نهائيا إما بأنه لا يقبل الطعن أو أنه فوت مواعيد الطعن فأصبح قطعيا ، أما الحكم المبرم ( الباتّ) فهو الحكم الذي استنفذ كافة طرق الطعن بالأحكام فأصبح مبرما ، وهذه الأحكام كما قلنا سابقا فإنها تحوز قوة القضية المقضية وتصبح عنونا للحقيقة.

المطلب الثاني : الحجية في الأحكام القضائية

إن النتيجة التي تترتب على أن يكون الحم حائزا لقوة القضية المقضية هي أن تصبح هذه الأحكام صالحة للاحتجاج بها على الأفراد ويقصد بمصطلح الحجية أن الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون سندا فيما فصلت فيه ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية. وحتى تحوز الأحكام الحجية لابد من توافر بعض الشروط فيها وهذه الشروط هي {6} : {7}
1- وحدة الخصوم : أي أن الحجية تقوم بالنسبة لإطراف الخصومة ولا يتمسك بها من هو خارج على الخصومة بحجة أن المصالح متشابهة.
2- وحدة الموضوع : وهي مسألة موضوعية تستقل بالفصل فيها محكمة الموضوع ، والموضوع هو الحق المطالب به من قبل الخصم أو المصلحة التي يسعى إلى تحقيقها ، والعبرة في اتحاد الموضوع هي بما يرد في حكم المحكمة.
3- وحدة السبب : وهي الواقعة القانونية التي يستمد منها الخصم الحق الذي يدعيه وهو لا يتغير بتغير الأدلة والحجج التي يستند لها الخصم، فلا بد عند الاحتجاج أن يكون السبب هو ذاته في الحالتين.
والحجية التي تحوزها الأحكام القضائية تتراوح بين حالتين أو صورتين ، الأولى منهما هي الحجية النسبية والثانية هي الحجية المطلقة ، فالحجية النسبية تنحصر آثارها على أطراف الخصومة ولا تمتد إلى الغير حيث تكون حجة على من صدرت في حقه كالأحكام المقررة للالتزامات المالية على الأطراف في الدعوى المدنية على سبيل المثال أما الحجية المطلقة فيمتد أثرها وتسري في مواجهة الكافة أي أن أثرها يسري على الغير الذي لم يكن طرفا في الدعوى كالحجية التي تحوزها الأحكام الصادرة في المواد الجنائية على سبيل المثال أو حتى الأحكام التي هي مدار بحثنا (الأحكام الصادرة بإلغاء القرار الإداري) .{8}
ومن الأمور التي تجدر الإشارة إليها أن الأحكام القضائية – كما القوانين – إما أن تسري بأثر فوري (مباشر) أو أن يكون أثرها رجعيا ؛ فالأحكام التي تقرر الحقوق – مثلا – تسري بأثر رجعي أي منذ تاريخ نشأة هذا الحق لصاحبه وذلك أن دورها كان يقتصر على إثبات الحق لصاحبه دون إعطائه شيئا جديدا ،{9} وهذا الحال – كما سنرى – هو الذي يسري بخصوص دعوى الإلغاء إذ أن أثر الحكم الصادر بالإلغاء يعتبر القرار كأن لم يكن ويمحو جميع الآثار التي ترتبت على القرار الملغي {10} ، أما الأحكام المنشئة – على سبيل المثال أيضا – فإنها تسري بأثر فوري مباشر – ما لم ينص القانون على خلاف ذلك – إذ أنها ترتب للمحكوم له حقا لم يكن له قبل صدور الحكم ويحق له التمتع وممارسة هذا الحق منذ صدور الحكم وفي المستقبل دون أن يمس هذا الحكم الحالة أو المراكز القانونية التي كانت قائمة قبل صدور هذا الحكم .{11}

الهوامش :-

__________________
{1} – أمينة النمر ، أصول المحاكمات المدنية ، الدار الجامعية ، بدون مكان نشر وبدون سنة نشر ، صـ197ـ .
{2} ومثال ذلك : قرار تأجيل الدعوى ، قرار الإحالة ، قرار انتخاب الخبراء .
{3} أمينة النمر ، مرجع سابق، ص 200 وما بعدها . د. محمد سعيد نمور ، أصول الإجراءات الجزائية ، دار الثقافة ، عمان ، 2005، ص 517 وما بعدها.
{4} يظهر هنا أيضا مصطلحات أكثر دقة من الغيابي و الوجاهي وهي الوجاهي الاعتباري والذي يعني أن الخصم قد تبلغ بالدعوى تبليغا صحيحا ولكنه لم يحظر فيها بتاتا والمصطلح الآخر هو صدور الحم بمثابة الوجاهي وفيه يكون الخصم قد حضر بعض جلسات المحاكمة وغاب عن جلسة النطق بالحكم.
{5} – قوة الأمر المقضي : هي المرتبة التي يصل إليها الحكم إذا أصبح نهائيا غير قابل لأي طريق من طرق الطعن.
{6} إبراهيم أحمد ، حجية الأحكام ، دار الفكر الجامعي ، الإسكندرية ، 2001 ، ص 18 وما بعدها.
{7} وجدت أثناء بحثي رأي لدى الأستاذ الدكتور سامي جمال الدين في كتابه إجراءات المنازعة الإدارية في دعوى إلغاء القرارات الإدارية الصادر عن منشأة المعارف في الإسكندرية والصادر في عام 2004 في الصفحة 185 قوله (( ولا يشترط لإعمال حجية حكم الإلغاء المطلقة إتحاد الخصوم أو الموضوع أو السبب ، فيجوز لكل من لم يكن طرفا في دعوى الإلغاء أن يتمسك في دعوى الإلغاء )) وهو رأي خالف ما جاء في الفقه ومن الأراء المخالفة لهذا الرأي الدكتور أحمد محمود جمعة في كتابه أصول إجراءات التداعي أمام محاكم مجلس الدولة والمحكمة الدستورية العليا الصادر عن منشأة دار المعارف والصادر في عام 1985 في الصفحة 72 حيث يقول (( على أن حجية الشيء المقضي لا تترتب إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتعدد صفاتهم وتعلق بذات المحل سببا وموضوعا ))
{8} – مصطفى كمال وصفي، أصول إجراءات القضاء الإداري، مطبعة الأمانة، مصر،1978، ص 546و547.
{9} على سبيل المثال الحكم بصحة عقد البيع يكون مرتبا لأثره من تاريخ العقد وليس من تاريخ صدور الحكم ، وكذلك الحال في الحكم بملكية شخص ما لشيء ما فإن هذا الحق يترتب لصاحبه من تاريخ ثبوته وليس من تاريخ صدور الحكم.
{10} محمود خلف الجبوري، القضاء الإداري، دار الثقافة، عمان، 1998، ص127.
{11} على سبيل المثال الحكم الصادر بتعيين حارس قضائي يكون ذا أثر مباشر لا يمتد إلى الماضي ويرتب آثار فورية ، وكذلك الحال بالنسبة للحكم الصادر برد الحيازة . للمزيد حول هذا الموضوع لطفا أنظر : أمينة النمر، مرجع سابق، ص 209 وما بعدها.

المبحث الثاني : الحكم في دعوى الإلغاء

إن الحكم في دعوى الإلغاء له أهمية خاصة وذلك نظرا للطبيعة العينية لهذه الدعوى ، حيث يكون للحكم الصادر في دعوى الإلغاء حجية الأمر المقضي به مثل بقية الأحكام القضائية النهائية الأخرى كما سبق و أسلفنا، ونظرا للطبيعة العينية التي تتمتع بها دعوى الإلغاء فإن لها حجية مطلقة – كما سنوضح في هذا المبحث – ومن ثم سأتحدث عن تنفيذ حكم الإلغاء الواقع على القرار الإداري وسأحول توضيح هذه المسائل إن شاء الله.
وعلى ذلك سوف أقوم بتقسيم هذا المبحث إلى مطلبين كما يلي:
المطلب الأول : حجية الحكم في دعوى الإلغاء
المطلب الثاني : تنفيذ حكم الإلغاء

المطلب الأول : حجية الحكم في دعوى الإلغاء

إن القاعدة العامة في الحجية هي أن الأحكام القضائية النهائية تحوز حجية الأمر المقضي به وهذه هي القاعدة التي تسري على أحكام الإلغاء الصادرة عن محكمة العدل العليا وخصوصا أن نظام التقاضي لدى هذه المحكمة في الأردن هو قضاء على درجة واحده فقط {1} وقد دلّ على قطعية أحكام هذه المحكمة قانونها والعديد من القرارات القضائية الصريحة بهذا الخصوص فلقد جاء في قانون محكمة العدل العليا في المادة 26 منه :
(( أ – …..
ب- يكون حكم المحكمة في أي دعوى تقام لديها قطعيا لا يقبل أي اعتراض أو مراجعة بأي طريق من الطرق … ))
وجاء التأكيد على هذه القاعدة في العديد من أحكام هذه المحكمة حيث قالت (( 1- …
2- إن الحكم الصادر عن محكمة العدل العليا والتي تقام لديها في دعوى الإلغاء يصدر بدرجته النهائية ويكون قطعيا … )) {2} وجاء في حكم آخر لها (( … فإن الحكم الصادر في تلك القضية يكتسب قوة القضية المقضية …)) {3}
وأيضا يمكن لنا أن نفهم هذا بوضوح من خلال نص قانون البينات الأردني في المادة 41 منه والتي جاء في فقرتها الأولى ((الأحكام التي حازت الدرجة القطعية تكون حجة بما فصلت فيه من الحقوق ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه القرينة ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه القوة إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتعلق النزاع بالحق ذاته محلاً وسبباً .)) {4}
ثم إن دعوى الإلغاء كما يرى البعض {5} تكون حجة على الكافة استنادا إلى الطبيعة العينية أو الموضوعية لدعوى الإلغاء التي تقوم على اختصام القرار الإداري لإصابته بعيب من العيوب على زعم من القول الذي قد تثبته هذه الدعوى أو تنفيه وتبقي للقرار قاعدته التي تسبغ عليه قرينة السلامة، ولا تقوم هذه الدعوى على اختصام الجهة التي أصدرت هذا القرار أي أنها تبتعد عن فكرة القضاء الشخصي، وعلى ذلك يكون الحكم بإلغاء القرار الإداري إعداما له واعتباره كأن لم يكن وبناءً على هذه الحجية المطلقة للحكم بإلغاء القرار فإنه يجوز لكل شخص ذي مصلحة حق التمسك بإلغاء هذا القرار ولو لم يكن طرفا في دعوى الإلغاء وفي ذلك جاء أحد قرارات محكمة العدل العليا واضحا وصريحا في هذا الخصوص حيث جاء فيه ((إن الأحكام الصادرة بالإلغاء حجة على الكافة وحجيتها من النظام العام….)) {6} ، وبذلك يُمتنع نظر أي دعوى ترفع عن هذا القرار الذي قضي بإلغائه.
وهنا نتطرق لفكرة مهمة جدا وهي حدود أو نطاق هذه الحجية التي يطلق عليها على العموم أنها (حجية مطلقة) فهل هذا الإطلاق لعموم وجميع أركان القرار الإداري؟
أن قانون محكمة العدل العليا في المادة 26 منه المشار إليها سابقا دلّت صراحة على أن الحكم الصادر بإلغاء القرار الإداري بعد ثبوت عدم مشروعيته هي حجية مطلقة وفي كافة أنواع الدعاوى ( يكون حكم المحكمة في أي دعوى تقام لديها … ) {7}
وفي هذا المجال نستثني بعض الحالات من الحجية المطلقة للحكم الصادر في الدعوى وذلك حين يصدر الحكم برد الدعوى إذ يسري عليها والحالة هذه الحجية النسبية للأحكام {8}، أي أن حجيتها تكون قاصرة فقط على طرفي أو أطراف الدعوى مما يعني أنه قد يقوم شخص آخر برفع دعوى تثير عيبا آخر لم يثره الطاعن الأول وقد يحكم له بإلغاء القرار الطعين بحقه وليس هناك ما يمنع من أن يكون القرار بحق الأول صحيحا وخاطئا بحق الثاني كقرارات الترقية مثلا .{9}
فعند الحكم برد دعوى الإلغاء شكلا لغياب شرط من شروط تقديم هذه الدعوى فإن هذا لا يمنع بحال من أن تقام دعوى جديدة يستوفي فيها المستدعي شروط قبول هذه الدعوى شكلا كتصحيح الخصومة ولكن يجب في هذه الحالة التنبه إلى عدم انقضاء الميعاد اللازم لرفع هذه الدعوى وخصوصا أن هذا الميعاد قصير عادة لأن هذا أيضا سيكون سببا لرد الدعوى شكلا .
ونشير هنا إلى أن محكمة العدل العليا قد قالت في أحد قراراتها التي طعن فيها أحد الأشخاص الذين صدر بحقهم قرار بعدم تثبيتهم في الخدمة القضائية حيث قام مجموعة منهم بالطعن في هذا القرار وتم إلغاؤه بحقهم ورفضت محكمة العدل العليا دفع أحد الذين تقدموا بدعوى لاحقة بعد فوات المدة القانونية بحجة أن الحكم الصادر بإلغاء قرار عدم التثبيت يجعل منه قرارا منعدما ما يعني أنه لا يتقيد بميعاد طعن فقد ردت المحكمة على ذلك بقولها (( … لأن حجية الحكم بالإلغاء حجية نسبية تنحصر بالطاعن فقط في تلك القضايا …)) {10}
وبقي هنا أن نتطرق إلى فكرة أخيرة حول نطاق سريان الحجية المطلقة للحكم الصادر في دعوى الإلغاء وهي أن الحجية المطلقة تثبت لمنطوق الحكم والأسباب التي بني عليها الحكم والإجراءات المتبعة فيها والإدانة وقد جاء هذا في العديد من قرارات محكمة العدل العليا حيث جاء في بعض قراراتها (( 1- … ، 2- إن قيام الحجية بالإلغاء إنما تثبت بمنطوق الحكم وبالأسباب التي بني عليها … )) {11}، وجاء في حكم آخر لها (( فصل محكمة العدل العليا من حيث الإجراءات المتبعة فيها، والإدانة ، يعتبر فصلا قاطعا ويحوز حجية مطلقة ، …. أما من حيث العقوبة … وإعادة مجلس نقابة المحامين النظر فيها …. فإن العقوبة الجديدة تتناسب مع الذنب المسلكي )) {12}

الهوامش :-
_______________
{1} مع ملاحظة أن هذا القضاء قضاء غير كامل ؛ بمعنى أنه لا ينظر جميع الدعاوى الإدارية وإنما حصر المشرع دوره كما جاء في المادة التاسعة من قانون هذه المحكمة بمجموعة محددة وضيقة – إن صح التعبير- من الأمور الإدارية.
{2} عدل عليا أردنية، قرار رقم 533/2004 فصل 13/1/2005 (هيئة عادية)، منشور على الصفحة 781 من العدد 4 من مجلة نقابة المحامين للعام 2005.
{3} عدل عليا أردنية، قرار رقم 253/2000 فصل 31/10/2000 (هيئة عادية)، منشور على الصفحة 1355 من العدد 7 من مجلة نقابة المحامين للعام 2001.
{4} بل أن المشرع الأردني جعل هذه الحجية من النظام العام في التعديل الذي أجراه على قانون البينات الأردني عام 2005 ؛ حيث جاء في الفقرة الثانية من المادة 41 (2. ويجوز للمحكمة أن تأخذ بهذه القرينة من تلقاء نفسها)).
{5} انظر : سامي جمال الدين، إجراءات المنازعة الإدارية في دعوى إلغاء القرارات الإدارية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2004، ص184 وما بعدها . انظر أيضا : محمد رفعت عبدالوهاب، القضاء الإداري ( الكتاب الثاني )،منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت، 2003، ص238 وما بعدها . انظر أيضا : مازن ليو القاضي، القضاء الإداري، دار قنديل ،عمان، 2005، ص234 وما بعدها. وتجدر الإشارة هنا أن بعض الفقه وجد نصا صريحا يمكنه من إعطاء الحجية التي تسري على الكافة للحكم الصادر بالإلغاء في نص المادة 52 من قانون مجلس الدولة في مصر والتي جاء فيها (( …..على أن الأحكام الصادرة بالإلغاء تكون حجة على الكافة )).
{6} عدل عليا أردنية، قرار رقم 172/1991 المنشور على الصفحة 22 من مجلة نقابة المحامين الأردنيين للعام 1993.
{7} نواف كنعان، القضاء الإداري، دار الثقافة، عمان، 2006، ص 383.
{8} سامي جمال الدين ، مرجع سابق، ص 184 ، ويضيف الدكتور أيضا حالة رد الدعوى موضوعا إذ يرى أنها أيضا تحوز على حجية نسبية فقط حيث أن المدعي لم يوفق في إثبات دعواه وذلك لا يعني حتما مشروعية القرار المطعون فيه والمحكوم برد الدعوى فيه موضوعا، أنظر أيضا مازن ليو القاضي، مرجع سابق، ص 235.
{9} محمد رفعت عبدالوهاب، مرجع سابق، ص 340.
{10} عدل عليا أردنية، قرار رقم 155/2000 فصل بتاريخ 1/1/2000 (هيئة عادية)، منشور على الصفحة 1943 من العدد 10 من مجلة نقابة المحامين الأردنيين لعام 2001.
{11} عليا أردنية، قرار رقم 86/1985 فصل بتاريخ 1/1/1985 ( هيئة عادية)، منشور على الصفحة رقم 795 من العدد 4 من مجلة نقابة المحامين الأردنيين لسنة 1986.
{12} عدل عليا أردنية، قرار رقم 447/2001 فصل 18/4/2002 ( هيئة خماسية)، LawJO

المطلب الثاني: تنفيذ حكم الإلغاء

يشتمل الحكم بالإلغاء على أسلوب تنفيذه حسبما حدد القانون وقد جاء التأكيد على ذلك في المادة 26 من قانون محكمة العدل العليا في فقرتها الثانية والتي جاء فيها (( …. ويتوجب تنفيذه بالصورة التي صدر فيها وإذا تضمن الحكم إلغاء القرار الإداري موضوع الدعوى فتعتبر جميع الإجراءات والتصرفات القانونية والإدارية التي تمت بموجب ذلك القرار ملغاة من تاريخ صدور ذلك القرار))، وفي هذا الصدد صدر قرار لمحكمة العدل العليا باعتبار امتناع المستدعى ضده عن تنفيذ قرار محكمة العدل العليا بالرغم من الطلبات المقدم إليه من المستدعي فإنه يكون قد خالف أحكام المادة 26 من قانون المحكمة {1} ، وجاء في قرار آخر (( 2- … لأن من آثار مبدأ حجية الحكم التزام المحكوم عليه بتنفيذ قرار الحكم )) {2}.
* دور الإدارة في تنفيذ حكم الإلغاء
ويكون للحكم الصادر بالإلغاء أثر رجعي {3} ؛ أي أن القرار الإداري الذي قضي بإلغائه يعتبر وكأنه لم يصدر أصلا ، وتمحى جميع الآثار القانونية التي رتبها وأنشأها هذا القرار المعيب وهذا الأمر يرتب نوعين من الالتزامات فمن ناحية فإن على الإدارة بأن تعيد الحال إلى ما كنت عليه قبل صدور هذا القرار الملغى وهذا ما يطلق عليه ( الالتزام الإيجابي) و(الالتزام السلبي) المقابل الواقع على الإدارة هو الامتناع عن اتخاذ أي إجراء يمكن اعتباره تنفيذا للقرار الملغي ، أي أن على الإدارة أن تتخذ الإجراءات الكفيلة بتنفيذ مؤدى الحكم مع تطبيق نتائجه القانونية على افتراض عدم صدور القرار الملغي من بادئ الأمر وتسوية الحالة على هذا الوضع، وهذا لا يحول بحال من الأحوال من بقاء سلطة الإدارة في الإفصاح عن إرادتها لإحداث مراكز قانونية بما لا يتعارض مع الحكم الصادر بالإلغاء .{4}
وهذا الدور الإيجابي للإدارة الذي يلزمها بإعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل صدور القرار الملغي يمكن تقسيمه إلى قسمين:
1- التزام الإدارة بإزالة آثار القرار الملغي : ومقتضى هذا الالتزام أن تتولى الإدارة إصدار قرار إداري جديد بسحب القرار الملغي إن كان هذا القرار إيجابيا أما في حالة القرار السلبي فيجب على الإدارة إصدار قرار إيجابي بالموافقة على طلب صاحب الشأن، هذا فيما يخص الآثار القانونية ويسري هذا الحال أيضا على الآثار المادية التي رتبها القرار الملغي ، ويكون هذا في تلك الحالات التي لا يستحيل فيها تطبيق الأثر الرجعي للقرار الإداري . {5}
2- التزام الإدارة بهدم الأعمال القانونية : وهذا الالتزام يتعلق بتلك القرارات التي تصدرها الإدارة استنادا للقرار الذي صدر الحكم بإلغائه قبل صدور هذا الحكم أو ما يسمى بالقرارات التبعية فإذا قام المستدعي بالطعن بهذه القرارات الصادرة استنادا للقرار المطالب بإلغائه فإن المحكمة تقضي بإلغاء القرارات التبعية مع القرار الأصلي الملغى ، أما إذا لم يقم الطاعن بذلك فإذا كانت هذه الأحكام تشكل كتلة واحدة مع القرار الملغي {6} أو أن القرار الأصلي هو السبب الدافع لإصدار القرار المستند عليه {7} فإن القرارات التبعية ستسقط تبعا للقرار الأصلي بصورة آلية أما إذا كان القرار الأصلي سببا غير مباشر لصدور مثل هذه القرارات فإن إلغاء القرار الأصلي لا يؤدي إلى إلغاء القرار التبعي حيث أن هذا القرار التبعي يكتسب وضعا قانونيا مستقلا ويتحصن بمضي المدة القانونية ما لم يكن الطعن به يستند إلى سبب آخر مستقل عن القرار الأصلي.{8}
أما الدور السلبي الواقع على عاتق الإدارة فيتمثل بالتزام الإدارة بعدم انتهاك قوة الشيء المقضي به وذلك من خلال ما يلي:
1- امتناع الإدارة عن تنفيذ القرار الملغي: إن صدور حكم من المحكمة بإلغاء القرار الإداري يعني إعدام هذا القرار واعتباره كأن لم يصدر وبأثر رجعي، وكذلك يجب على الإدارة التوقف عن تنفيذ القرار الملغى إن كانت قد بدأت فعلا بتنفيذه ، وبما أن الإدارة عليها أن تلتزم باتخاذ كل قرار أو إجراء يكون ضروريا لإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل صدور القرار الملغي فإنه ومن باب أولى عليها أن تمتنع أي إجراء تنفيذي يرتب أثرا على القرار الملغي .{9}
2- امتناع الإدارة عن إعادة إصدار القرار الملغي: بما أن الإدارة تمتنع عن تنفيذ القرار الملغي فإنه عليها أيضا أن لا تحاول إصدار ذات القرار سواء بنفس منطوق القرار السابق أو بالتحايل على الحكم الصادر بتنفيذه صوريا أو التباطؤ والتراخي في تنفيذه أو رفض التنفيذ رفضا صريحا .{10}
وقد أكدت محكمة العدل العليا في حكم لها بهذا الخصوص يحوي الكثير من هذه الوسائل حيث جاء فيه (( 3- لا تملك أية جهة سواء أكانت الإدارة العامة أو غيرها أن تناقش في قرار قضائي، أو تشكك في قيمته، متى حاز حجية الأمر المقضي به واكتسب الدرجة القطعية ، ويعتبر أي تعقيب على حكم قضائي سواء بما أثبتته المحكمة من وقائع وما استندت عليه قانونا، إخلالا بحرمة الأحكام القضائية والتي هي عنوان الحقيقة وللأحكام وسائل للطعن بها حسب ما هو مرسوم لها وليس منها الامتناع عن تنفيذها بمقولة عدم دستورية القانون الذي استندت إليه المحكمة في حكمها)) .{11}
وهنا يجدر بنا الإشارة إلى أمر غاية في الأهمية ألا وهو أن قاضي الإلغاء هو قاضي مشروعية وليس مندوبا عن رجل الإدارة في إصدار القرارات الإدارية، أي أن دوره يتوقف على الحكم بصحة القرار الإداري أو عدم صحته ولا يتخذ من الإجراءات الإدارية ما يلزم لتنفيذ إلغاء القرار المقضي بإلغائه ولا بأي صورة من الصور وإنما ينقل هذا العبء على عاتق رجل الإدارة، وعلى رجل الإدارة أن يتخذ من الإجراءات ما يؤدي إلى تنفيذ القرار كما أسلفنا وليس له أن يقوم بما يؤدي إلى الحيلولة دون ذلك .{12}

* جزاء امتناع الإدارة عن تنفيذ أحكام القضاء الإداري

إن امتناع الإدارة عن تنفيذ الحكم القضائي لا يمسّ فقط بحق الفرد أو الموظف بل إنه يشكل إهدارا لقوة الأحكام وإهدارا لهيبة السلطة القضائية وسلطتها وخصوصا أنها تصدر أحكاما ناطقة بالحقيقة التي لا تحابي ولا تنحاز لأي جهة أو طرف من الأطراف.
لذلك كان لا بد من وجود جزاءات حاسمة توقع على الإدارة وعلى أي مسؤول إداري في حالة الامتناع عن تنفيذ الأحكام وخصوصا بعد أن علمنا أن لهذه الأحكام – كما سبق – حجية مطلقة في مواجهة الكافة وهذه الجزاءات التي أوجدها المشرع تنقسم إلى قسمين :
1- الجزاء المدني (التعويض): لقد استقر القضاء الإداري على أن امتناع الإدارة عن تنفيذ الأحكام الصادرة في مواجهتها حيث يعتبر عملها هذا عملا غير مشروع بل ويسمى أيضا قرارا سلبيا خاطئا ينشئ للمحكوم حقا في الحصول على تعويض يلتزم بدفع قيمته كل من الموظف المسؤول عن هذا الامتناع وقد يحكم بذلك أيضا على الجهة الإدارية . {13}
2- الجزاء الجنائي: يترتب على امتناع الموظف المكلف بتنفيذ الحكم القضائي تعرض لجزاء وعقوبة جنائية طبقا للنصوص التي تحتويها التشريعات المختلفة وهذا الجزاء قد يكون أكثر ردعا من الجزاء المدني المتمثل بالتعويض لأن العقوبات الجنائية فيها نوع من الخوف والرهبة وخصوصا أن كثيرا منها تمسّ جسد الإنسان فتقيد حريته مثلا، وفي التشريع الأردني نجد أن المشرع وفي قانون العقوبات قد أفرد المادة 182 من قانون العقوبات في فقرتها الأولى لتقول :(( كل موظف يستعمل سلطة وظيفته مباشرة أو بطريقة غير مباشرة ليعوق أو يؤخر تنفيذ أحكام القوانين أو ….. تنفيذ قرار قضائي …. يعاقب بالحبس من شهر إلى سنتين )) {14}
ومن تحليل النص السابق نجد أن المشرع الجنائي الأردني قد وسّع من نطاق التجريم في هذا النص حيث جعل الوسيلة المباشرة وغير المباشرة صالحة لتكون وسيلة صالحة للتجريم وساوى المشرع كذلك بين كافة أشكال الأوامر الرسمية – إن صح التعبير – وذلك حتى يعطي المشرع دلالة على مقدار الحماية التي يوفرها للقوانين والأنظمة والأحكام القضائية الواردة في هذا النص.

الهوامش :-
___________________
{1} عدل عليا أردنية، قرار رقم 173/1991 فصل بتاريخ 15/10/1991 ( هيئة ثلاثية) LawJO . وقد أشار ذات القرار على أنه يترتب على الإدارة التزامان عند تنفيذ قرار حكم الإلغاء وهما الالتزام الإيجابي والالتزام السلبي .
{2} عدل عليا أردنية، قرار رقم 303/1993 فصل بتاريخ 31/1/1994 المنشور على الصفحة 705 من العدد 4 من مجلة نقابة المحامين لعام 1994.
{3} محاولة لتفادي بعض النتائج الشاذة أو غير العادلة التي قد تترتب عن تطبيق الأثر الرجعي لحكم الإلغاء فإن مجلس الدولة يخرج أحيانا على هذا المبدأ، ويرتب أثرا على تنفيذ القرار على الرغم من الحكم بإلغائه فجاء في حكم له أن إلغاء قرار التعيين غير المشروع لا يمنع صاحب الشأن من التمسك بالخدمات والأعمال التي قام بها فعلا عقب هذا التعيين الباطل وذلك بصدد ترشيحه لمسابقة تعيين جديد، للمزيد أنظر : محمود محمد حافظ، القضاء الإداري في القانون المصري والمقارن، دار النهضة العربية، القاهرة، 1993، ص679 وما بعدها.
{4} سامي جمال الدين، مرجع سابق، ص 283.
{5} ومثال استحالة تطبيق الأثر الرجعي لحكم الإلغاء حالة تنفيذ الإدارة للقرار الإداري تنفيذا كاملا واستنفاذه للغرض الذي صدر من أجله قبل صدور الحكم القاضي بإلغائه فلا يكون للحكم الصادر بإلغاء القرار في مثل هذه الحالة إلا أثر نظري بحت ، ويشار هنا إلى أن مجلس الدولة الفرنسي حتى وإن ثبت له ذلك فإنه لا يتردد في الاستمرار بالسير في نظر مثل هذه الدعاوى وذلك للحيلولة دون وقوع أي نتائج جديدة لا يمكن تداركها حول هذا القرار.
{6} كاتفاق موظفين على أن يحل كل منهما مكان الآخر في الوظيفة بعد موافقة الإدارة فإلغاء قرار أحدهما يستتبع بالضرورة إلغاء قرار الموظف الآخر.
{7} مثل صدور قرار تأديبي بحق موظف، ونتيجة لذلك حرمانه من العلاوة ، فيلغى القرار بحرمانه من العلاوة بإلغاء القرار التأديبي.
{8} مازن ليو القاضي، مرجع سابق، ص 239 وما بعدها. ومثال الحالة الأخيرة كما يرى الدكتور مازن فيمل لو صدر عقوبة تأديبية مقنعة بحق موظف ونتيجة لصدور هذه العقوبة غضب الموظف وقدم طلبا لإحالته على التقاعد وبعد أن تم الموافقة على هذا الطلب كان قد تقدم بطعن لإلغاء القرار التأديبي وصدر حكم بإلغاء القرار بالعقوبة ، فهذا الإلغاء لا يطال القرار الصادر بإحالة الموظف على التقاعد الذي تم بناءً على طلبه حتى ولو كان دافعه لتقديم مثل هذا الطلب هو العقوبة المقنعة التي صدرت بحقه
{9} محمد رفعت عبدالوهاب، مرجع سابق، ص 343.
{10} نواف كنعان، مرجع سابق، ص 391.
{11} عدل عليا أردنية، قرار رقم 267/1993 فصل بتاريخ 11/12/1993 (هيئة عادية) منشور على الصفحة 659 من العدد 4 من مجلة نقابة المحامين الأردنيين لسنة 1994.
{12} محمد خلف الجبوري، مرجع سابق، ص146. وإنه ومن حيث الأصل فإن على الإدارة أن تمتنع عن ما يعطل تنفيذ الحكم الصادر بالإلغاء إلا أنه وفي حالات استثنائية يجوز للإدارة أن تمتنع ( مؤقتا ) عن تنفيذ حكم إلغاء القرار الإداري لأسباب تتعلق بالمصلحة العامة كحصول مجموعة من الملاكين على حكم بإلغاء قرار يمنعهم من هدم مبانٍ تعود لهم بالامتناع الإدارة عن تنفيذ تخلية المأجور بالقوة ، لأن تنفيذ هذا الحكم في ظل عدم وجود بديل للمستأجرين قد يؤدي إلى هيجان شعبي يؤثر على الاستقرار والأمن العام فللإدارة أن تمتنع مؤقتا عن التنفيذ.
{13} محمد رفعت عبدالوهاب، مرجع سابق، ص347 . ومناط مسؤولية الإدارة أن هذا الامتناع هو خطأ مرفقي فضلا عن كونه خطأ شخصي أيضا .
{14} نجد أن المشرع المصري جعل القاعدة التي تحمي تنفيذ الأحكام في نص من نصوص الدستور المصري ففي المادة 72 من الدستور جاء فيها : ( تصدر الأحكام باسم الشعب ويكون الامتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين جريمة يعاقب عليها القانون وللمحكوم له في هذه الحالة رفع الدعوى الجنائية مباشرة أمام المحكمة المختصة) ووضع قانون العقوبات المصري تنفيذا لهذا النص المادة رقم 123 من قانون العقوبات التي تعاقب على ما سبق ( إما بالعزل أو الحبس).

قائمة المراجع :

1. إبراهيم أحمد ، حجية الأحكام ، دار الفكر الجامعي ، الإسكندرية ، 2001.
2. أمينة النمر ، أصول المحاكمات المدنية ، الدار الجامعية ، بدون مكان نشر وبدون سنة نشر.
3. سامي جمال الدين، إجراءات المنازعة الإدارية في دعوى إلغاء القرارات الإدارية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2004.
4. مازن ليو القاضي، القضاء الإداري، دار قنديل ،عمان، 2005.
5. محمد رفعت عبدالوهاب، القضاء الإداري ( الكتاب الثاني )،منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت، 2003.
6. . محمد سعيد نمور ، أصول الإجراءات الجزائية ، دار الثقافة ، عمان ، 2005.
7. محمود محمد حافظ، القضاء الإداري في القانون المصري والمقارن، دار النهضة العربية، القاهرة، 1993.
8. محمود خلف الجبوري، القضاء الإداري، دار الثقافة، عمان، 1998.
9. مصطفى كمال وصفي، أصول إجراءات القضاء الإداري، مطبعة الأمانة، مصر،1978.
10. نواف كنعان، القضاء الإداري، دار الثقافة، عمان، 2006.
قائمة الدوريات :
1- مجلة نقابة المحامين الأردنيين ، أعداد مختلفة.
2- برنامج عدالة .