القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الالكترونية

الباحث / عبدالعزيز الزعابي

المقدمة
تتبع معظم الأنظمة القانونية نظاما ثنائيا في تحديد القانون الواجب التطبيق على العقود بين الأطراف ذات الطابع الدولي ، ويفرق بين حالتين ، الحالة الأولى تتمثل في وجود اتفاق بين الأطراف على القانون الواجب التطبيق الذي يحكم العلاقة ، وقد يكون هذا الاتفاق صريحا وقد يكون ضمنيا ، والحالة الثانية تتمثل في عدم وجود اتفاق بشأن تحديد القانون الواجب التطبيق في حال نشوب نزاع بين طرفي العقد ، وبالتالي سوف أقوم بدراسة الحالتين في مبحثين ، وأعنون المبحث الأول بالإسناد الشخصي ، والمبحث الثاني بالإسناد الموضوعي .

تمهيد :

بادئ ذي بدء ، أرى أن أوضح ماهية عقود التجارة الإلكترونية ، ثم أذكر خصائصها قبل أن أتطرق إلى موضوع هذا البحث .

أولا : ماهية عقود التجارة الالكترونية

تعددت تعريفات التجارة الالكترونية ، وفقا لتعدد المراجع واختلاف المشرعين ، كما لاحظت أن بعض القوانين لبعض الدول ذكرت مصطلح ” التجارة الالكترونية ” ، وبعضها الآخر ذكر مصطلح ” المعاملات الالكترونية ” ، ولكن على أية حال سوف أكتفي بعرض التعريفات المذكورة في بعض قوانين الدول .

عرف قانون المعاملات والتجارة الالكترونية لإمارة دبي([1])المعاملات الالكترونية في المادة رقم 2 ، بأنها ” أي تعامل أو عقد أو اتفاقية يتم إبرامها أو تنفيذها بشكل كلي أو جزئي بواسطة المراسلات الإلكترونية ” .

وفي فرنسا حدد مفهوم التجارة الالكترونية بأنها ” مجموعة المعاملات الرقمية المرتبطة بأنشطة تجارية بين المشروعات ببعضها البعض ، وبين المشروعات والأفراد ، وبين المشروعات والإدارة ” ([2]).

كما عرف الاتحاد الأوروبي التجارة الالكترونية بأنها ” كل الأنشطة التي تتم بوسائل الكترونية سواء تمت بين المشروعات التجارية والمستهلكين أو بين كل منهما على حدة وبين الإدارات الحكومية ” ([3]).

وفي قانون المعاملات الإلكترونية الأردني([4])، عرف المعاملات الالكترونية بأنها ” المعاملات التجارية التي تنفذ بوسائل إلكترونية “([5]).

ثانيا : خصائص عقود التجارة الالكترونية

1 – العقد الالكتروني عقد يبرم عن بعد

يقصد بالعقد الذي يبرم عن بعد ، كل ” عقد يتعلق بتقديم منتج أو خدمة يتم بمبادرة من المورد دون حضور مادي متزامن للمورد والمستهلك ، باستخدام تقنية الاتصال عن بعد بغية نقل عرض المورد وطلب الشراء من المستهلك ” ([6]).

2 – العقد الالكتروني عقد تجاري

العقد الالكتروني عقد تجاري ، فهو يدور غالبا في نطاق عقود البيع أو تقديم الخدمات أو الإجارة أو الوساطة أو السمسرة أو الضمان أو القرض وسواها من العقود . ولكن يمكن اعتبار العقد الالكتروني عقدا مختلطا ، إذ أن المتعاقدين قد يكون أحدهما تاجرا ، وبالمقابل الطرف الآخر ليس بتاجر ، ففي هذه الحالة لا يمكن اعتبار العقد عقدا مدنيا ، ولكن يمكن اعتباره مختلطا ([7]).

3 – عدم وجود علاقة مباشرة بين طرفي العقد

فهي تعتمد على التقنية الحديثة في التعاقد بين أطراف العقد ، فلا يكون هناك مجلس للعقد بالمعنى التقليدي ، لأن مجلس العقد الالكتروني هو مجلس افتراضي ، فقد يبعد أطراف العقد عن بعضهما البعض آلاف الكيلومترات ، فضلا عن اختلاف التوقيت الزمني([8])، ونتيجة لغياب العلاقات المباشرة بين الأطراف ، يكون هناك الوسيط الإلكتروني ، وهو جهاز الكمبيوتر والمتصل بشبكة الاتصالات الدولية([9]).

4 – عدم الاعتماد على الوثائق الورقية

فالعقد الالكتروني يبرم الكترونيا ، ولا توجد أي ورقة يتم التعامل بها في تجارة من هذا النوع ، وبالتالي فالسند القانوني الوحيد المتاح لكلا طرفي العقد في حال نشوب نزاع هي الرسالة الالكترونية([10]).

كما أن التعامل بالعقود الالكترونية ، يؤدي إلى الاستغناء عن التعامل بالمستندات الورقية التي تؤدي أصلا إلى بطء الإجراءات ، وكثرة غرف حفظها ، والحاجة إلى عاملين للقيام بهذا العمل ، وأيضا صعوبة التداول في ظل ثورة الاتصالات والمعلومات التي يشهدها عالمنا المعاصر([11]).

المبحث الأول : الإسناد الشخصي ( قانون الإرادة )

هناك قواعد إسناد أصلية وقواعد إسناد احتياطية ، ومن قواعد الإسناد الأصلية قانون الإرادة ، الذي اعترفت به الأنظمة القانونية ، سوف أقوم بعرض موضوع الاعتراف بهذا المبدأ في الأنظمة القانونية والمعاهدات الدولية ، وكذلك في الأحكام القضائية ، ثم أتطرق إلى موضوع تطبيق قانون الإرادة في مجال التجارة الالكترونية ، ثم أذكر كيفية تحديد إرادة الطرفين في مجال التجارة الالكترونية ، ثم أتعرض لصعوبات تطبيق هذا المبدأ .

المطلب الأول : ماهية المبدأ وتطبيقاته

أولا : الاعتراف بالمبدأ

أصبح مبدأ قانون الإرادة في تحديد القانون الواجب التطبيق على النزاع مبدأ ثابتا في القانون المقارن ، حيث تعترف به كافة التشريعات الوطنية([12]).

ففي قانون المعاملات المدنية الإماراتي ، نصت المادة رقم 19/1 على أن ” يسري على الالتزامات التعاقدية شكلا وموضوعا قانون الدولة التي يوجد فيها الموطن المشترك للمتعاقدين إن اتحدا موطنا ، فإن اختلفا موطنا يسري قانون الدولة التي تم فيها العقد ما لم يتفق المتعاقدان أو يبين من الظروف أن قانونا آخر هو المراد تطبيقه ” .

وفي القانون المدني المصري كذلك نجد المادة رقم 19 تنص على أن ” يسري على الالتزامات التعاقدية قانون الدولة التي يوجد فيها الموطن المشترك للمتعاقدين إذا اتحدا موطنا فإن اختلفا موطنا سرى قانون الدولة التي تم فيها العقد ، هذا ما لم يتفق المتعاقدان أو يتبين من الظروف أن قانونا آخر هو الذي يراد تطبيقه ” .

وأيضا نص القانون الأردني رقم 31/2011 الصادر في 14 يونيو 2001 بشأن التحكيم ، في المادة رقم 36 على أنه ” تطبق محكمة التحكيم على موضوع النزاع القواعد التي وضعها الأطراف في اتفاقهم ” .

وأيضا المعاهدات الدولية اعترفت بمبدأ قانون الإرادة ، ففي اتفاقية لاهاي مثلا ، والخاصة بالبيوع الدولية للمنقولات المادية الموقع في 15 يونيو 1955 والنافذة ابتداء من أول سبتمبر عام 1964 ، نصت في المادة 2/1 على أنه ” تسري على البيع القانون الداخلي للبلد الذي تحدده إدارة الأطراف ” ، كما نصت اتفاقية جنيف الأوروبية للتحكيم التجاري الدولي الموقعة في 21 ابريل 1961 والنافذة في 7 يونيو 1964 في المادة رقم 7/1 على أن ” الأطراف أحرار في اختيار القانون الذي يتعين على المحكمين تطبيقه على موضوع النزاع ” ، وأيضا في القانون النموذجي الذي وضعته لجنة الأمم المتحدة بشأن التحكيم التجاري الدولي في 21 يونيو 1985 ، نصت المادة رقم 28/1 على أن ” تفصل هيئة التحكيم في النزاع وفقا للقانون المختار بواسطة الأطراف ” ([13]).

أما بشأن الأحكام القضائية ، والتي تعترف بمبدأ قانون الإرادة ، فقد قضت محكمة النقض المصرية برفض تطبيق نص المادة رقم 212 من القانون البحري السوري التي تقضي ببطلان شروط الإعفاء من المسئولية ، واستندت في ذلك إلى عدم اتفاق الطرفين على تطبيق أحكامه ، وأن الطاعنة لم تتمسك بهذا القانون بوصفه القانون المتفق على إعماله ولكن باعتباره قانون محل الانعقاد الواجب التطبيق عملا بقاعدة الإسناد المنصوص عليها في المادة رقم 19 من القانون المدني المصري([14])، ونصت محكمة النقض على أنه ” يدل على أنه يتعين الوقوف ابتداء عندما تتجه إليه إرادة المتعاقدون الصريحة أو الضمنية لتحديد القانون الواجب التطبيق على الالتزامات التعاقدية ، فإذا لم يفصح المتعاقدون عن إرادتهما في هذا الشأن وجب تطبيق قانون الموطن المشترك وإلا فقانون الدولة التي تم فيها العقد ” ([15]).

ثانيا : تطبيق مبدأ قانون الإرادة في مجال التجارة الدولية

تسري قاعدة قانون الإرادة على العقود الدولية المبرمة عبر الانترنت أيا كانت نوعها ، ومن ذلك العقود المبرمة بين مستخدمي الشبكة وشركاء تقديم المواقع ، وشركاء تزويد خدمات الاشتراك في الشبكة ، وكذلك العقود المبرمة عبر الشبكة بين التجار والمستهلكين([16]).

ويستطيع طرفي العقد أن يتفقا على قانون معين لتطبيقه على أية نزاعات قد تنشأ إذا كانا مختلفي الموطن ، هذا ما ذهبت إليه المادة رقم 19/1 من قانون المعاملات المدنية ، عندما نصت على أنه ” يسري على الالتزامات التعاقدية شكلا وموضوعا قانون الدولة التي يوجد فيها الموطن المشترك للمتعاقدين إن اتحدا موطنا ، فإن اختلفا موطنا يسري قانون الدولة التي تم فيها العقد ما لم يتفق المتعاقدان أو يبين من الظروف أن قانونا آخر هو المراد تطبيقه ” .

كذلك في مجال المعاملات الالكترونية ، فإن اتفاق الأطراف له أهمية في مجال اختيار القانون الواجب التطبيق ، ففي المادة رقم 6/2 من قانون رقم 2 لسنة 2002 الخاص بالمعاملات والتجارة الالكترونية لحكومة دبي ، نصت على أنه ” يجوز أن يتفق الأطراف الذين لهم علاقة بإنشاء أو إرسال أو استلام أو تخزين أو معالجة أية سجلات الكترونية ، على التعاقد بصورة مغايرة لأي من الأحكام الواردة في الفصل الثاني حتى الفصل الرابع من هذا القانون ” .

ومن القوانين المتخصصة التي تعترف بحق الأطراف في اختيار القانون الواجب التطبيق على النزاعات التي قد تثور بينهم في مجال التجارة الالكترونية ، قانون الأونيسترال بشأن التجارة الالكترونية الصادر في سنة 1996 ، حيث تنص المادة رقم 4 على أن :

” 1 – في العلاقة بين الأطراف المشتركة في إنشاء رسائل البيانات أو إرسالها أو استلامها أو تخزينها أو تجهيزها على أي وجه آخر ، وما لم ينص على غير ذلك ، يجوز تغيير أحكام الفصل الثالث بالاتفاق .

2 – لا تخل الفقرة ( 1 ) بأي حق قد يكون قائما ، في أن تعدل بالاتفاق أية قاعدة قانونية ، مشار إليها في الفصل الثاني ” .

وبالتالي بيّن قانون الأونيسترال أنه بإمكان الأطراف أن يتفقوا على ما يرونه مناسبا لهم ، وأن اتفاقهم هذا يكون موضع احترام القانون واعترافه به .

وقد جاء أيضا قانون المعاملات الالكترونية الأردني رقم 85 لسنة 2001 ، منسجما مع المادة رقم 20 من القانون المدني الأردني ونصوص قانون الأونيسترال الخاص بالتجارة الالكترونية ، التي أعطت أطراف العقد حرية اختيار القانون الواجب التطبيق على العقد الالكتروني الدولي الخاص بالمعاملات والتجارة الالكترونية ، وفي المادة رقم 5/1 نص القانون على أنه ” تطبق أحكام هذا القانون على المعاملات التي يتفق أطرافها على تنفيذ معاملاتهم بوسائل إلكترونية ، ما لم يرد فيه نص صريح يقضي بغير ذلك ” ([17]).

والجدير بالذكر بأن هناك نتائج خطير مترتبة على خضوع عقود التجارة الالكترونية لقانون الإرادة ، نذكر منها : ([18])

1 – السماح للمتعاقدين باختيار أكثر من قانون ليحكم الجوانب الموضوعية في عقود التجارة الالكترونية .

2 – عدم لزوم توافر صلة بين القانون المختار والعقد .

3 – رفض فكرة الإحالة في مجال عقود التجارة الالكترونية

ثالثا : كيفية تحديد إرادة الطرفين في مجال التجارة الالكترونية

يمكن تحديد القانون الواجب التطبيق عن طريق الإرادة الحرة الصادرة من طرفي العقد ، فقد تكون تلك الإرادة صريحة ( كأن يذكر في العقد صراحة قانون الدولة الذي يحكم العقد ) ، وقد تكون تلك الإرادة ضمنية .

أ – الاختيار الصريح

يسري مبدأ الإرادة على التجارة العادية والتجارة الالكترونية ، إلا أن هناك خصوصية مميزة للتجارة الالكترونية على الرغم من أنها تتساوى مع التجارة العادية من ناحية تبادل السلع والخدمات مقابل مبلغ نقدي أو عيني ، حيث تشمل التجارة الالكترونية سواء من حيث تكوين العقد أو تنفيذه أو إنجازه على تقنيات نقل حديثة لبيانات التعاقد في إطار فضائي إلكتروني عن طريق شبكات المعلومات والاتصال مثل الانترنت([19]).

ومن المألوف في التجارة الالكترونية وجود عقود نموذجية يدرج فيها بند يحدد فيه الأطراف القانون الواجب التطبيق على عقدهم ، وهو ما درج الفقه على تسميته بشرط الاختصاص التشريعي([20]).

ويمكن أن يكون اختيار القانون الواجب التطبيق اختيار صريحا من خلال الرسائل الالكترونية المتبادلة ، كما يمكن أن يتم أيضا بالبريد الالكتروني وذلك بعد الاتفاق على البنود العقدية الأخرى كالمحل والثمن والتسليم والسعر والدفع والاحتفاظ بالملكية… إلخ([21])، كما يمكن للمتعاقدين أن يختاروا قانونا ليحكم علاقتهم العقدية دون اشتراط وجود أية صلة حقيقية أو جادة بين القانون المختار والعقد ، مثال ذلك العقد النموذجي للتجارة الالكترونية الذي وضعته غرفة التجارة والصناعة بباريس في 30 ابريل عام 1998 ليحكم المعاملات التي تتم بين المهنيين والمستهلكين ، فينص هذا العقد في أحد بنوده على أن القانون الواجب التطبيق هو القانون الفرنسي بصرف النظر عن جنسية المتعاقدين أو موطنهم أو محل إبرام العقد أو محل تنفيذه ، ونتيجة لذلك يمكن للمتعاقدين في مجال عقود التجارة الالكترونية أن يقدروا بحرية تامة إخضاع عقدهم لقانون دولة تقر بصحة التوقيعات الالكترونية دون اشتراط وجود أية صلة بين القانون المختار والعقد([22]).

وهذا الاختيار لقانون محايد من جانب الأطراف دون استلزام توافر علاقة أو رابطة ، يعتبر تمشيا مع طبيعة هذا العالم الافتراضي ، وإمكانية إطلاق حرية الأطراف في العقود الإلكترونية الدولية([23]).

ومن ناحية أخرى ، نص القانون السويسري على إمكانية اختيار الأطراف قانونا آخر يخضع له العقد غير القانون الذي تم اختياره مسبقا ، فنصت المادة رقم 116/3 من القانون الدولي الخاص السويسري على أن ” اختيار القانون يمكن إجراؤه أو تعديله في أي وقت … ” ، وأيضا هذا ما ذهبت إليه المادة رقم 3/2 من اتفاقية روما لعام 1980 المتعلقة بالقانون الواجب التطبيق على الالتزامات التعاقدية ، حيث نصت على أنه ” يحق للأطراف في أي وقت الاتفاق على إخضاع العقد لقانون آخر غير الخاضع له من قبل ، وسواء تم ذلك بإجراء اختيار لاحق يتم تبعا لنفس المادة أو بمقتضى نصوص أخرى ” ([24]).

ولكن هذا التعديل على اختيار القانون الذي يخضع له العقد ، يجب ألا يضر بحقوق الغير ، ولهذا السبب نص القانون الدولي الخاص السويسري في المادة ر قم 11/3 على أنه ” إذا تم – ذلك العدول – في مرحلة لاحقة على إبرام العقد ، فإن تعديل القانون المختار يسري بأثر رجعي يرتد إلى وقت إبرام العقد مع التحفظ الخاص بحقوق الغير ” ([25]).

ب – الاختيار الضمني

الاختيار الضمني هو اختيار حقيقي ولكنه غير معلن ، يستخلصه القاضي من ظروف الحال([26]).

يؤكد ذلك ما ذهبت إليه اتفاقيه لاهاي لعام 1986 في المادة 7/1 حين نصت أن ” اتفاق الأطراف فيما يتعلق باختيار القانون الواجب التطبيق على عقدهم يجب أن يكون صريحا أو يمكن استنتاجه بوضوح من نصوص العقد أو من سلوك الأطراف أو بالنظر إليهما معا ” .

وكذلك اتفاقية روما لعام 1980 في المادة 3/1 نصت على أن ” يسري على العقد القانون الذي يختاره الأطراف ، ويجب أن يكون هذا الاختيار صريحا أو مستمدا بطريقة مؤكدة من نصوص العقد أو من ظروف التعاقد ” .

أما العلامات والمؤشرات التي تساعد القاضي على معرفة اتجاه الإرادة الضمنية للمتعاقدين بخصوص قانون العقد ، فهي مثلا قرينة وجود نص في العقد يجعل الاختصاص بشأن المنازعات المتعلقة به من اختصاص محاكم دولة معينة ، أو يتم إبرام عقد يرتبط بعقد آخر سبق إبرامه وتم اختيار الأطراف للقانون الواجب التطبيق عليه . وأيضا قد ينظر إلى اللغة التي كتب بها العقد ، أو العملة التي اتفق على الوفاء بها ، أو قد يتجه القاضي إلى النظر إلى جنسية المتعاقدين أو بمحل إقامتهم أو ينظر إلى مكان إبرام العقد أو مكان تنفيذه ([27]).

ولكن بعض العناصر التي أقرها الفقه والقضاء باعتبارها ضوابط لاستخلاص الإرادة الضمنية تتضح عدم أهميتها في مجال التجارة الالكترونية ، فقد أصبحت اللغة الانجليزية هي اللغة الرسمية في مجال الروابط العقدية التي تتم عبر شبكات الاتصال الالكترونية ، وفي حالة استخدام لغة أخرى غير اللغة الانجليزية فإنها تترجم بطريقة آلية إلى اللغة الانجليزية بوساطة برامج موجودة في الحواسيب الآلية ، كما يظهر عدم فعالية معيار العملة التي يتم الوفاء بها ، وأيضا معيار مكان إبرام العقد أو مكان تنفيذه([28]).

وفي مجال عقود التجارة الالكترونية ، فإن العقد إذا كان يتصل بدولتين أو أكثر في نفس الوقت ( قانون مكان الإبرام وقانون محل التنفيذ مثلا ) وكان قانون أحدهما يتضمن أحكاما لتنظيم هذا النوع من العقود مثل العقود الالكترونية خلافا لقانون الدولة الأخرى ، الذي لا يتضمن مثل هذه الأحكام ، فمن المنطقي والطبيعي تطبيق قانون الدولة التي يتضمن قانونها أحكاما لمثل تلك العقود بوصفه قانون الإرادة([29]).

ومن أحكام القضاء في استخلاص الإرادة الضمنية ، ما ذهبت إليه محكمة الرباط سنة 1920 حين نص على أنه ” لو كان العقد يتصل بقانون دولتين في نفس الوقت وكان قانون إحداهما يتضمن أحكام لتنظيم هذا النوع من العقود خلافا لقانون الدولة الأخرى والذي لا يتضمن مثل هذه الأحكام فقد يبدو من المنطق تطبيق الدولة الأولى بوصفه قانون الإرادة ” ([30]).

المطلب الثاني : صعوبات تطبيق الإسناد الشخصي([31])

أولا : صعوبات تطبيق الاختيار الصريح

1 – صعوبة التحقق من وجود إرادة التعاقد

حيث أن التعاقد العادي يكون بين أطراف العقد ، الذي يتحققون من شخصية وهويات بعضهم البعض ، وفي مجال العقود التي تبرم عبر الانترنت يستطيع الطرفين التأكد من إرادة كل منهما عن طريق الإيجاب والقبول بالرسائل الالكترونية مثلا ، ولكن تثور المشكلة حين يتم التعبير عن تلك الإرادة دون تدخل إنساني مباشر عن طريق أجهزة ووسائط إلكترونية لا تملك إرادة أصلا ، أي عندما يقوم الحاسوب المبرمج ببث رسائل مشوبة بالخطأ بشكل يستحيل توقعه من جانب الشخص الذي يعمل الحاسوب لحسابه ، مما يثير التساؤل عن الآثار القانونية المترتبة على الخطأ في التعاقد الالكتروني، وعما إذا كان يتحملها الحاسوب أم الشخص الذي يعمل الحاسوب لصالحه ، وكذلك إن بُثت تلك الرسائل بدون إرادة صاحب العلاقة ، وإنما عن طريق طرف آخر تدخل وتلاعب في مضمون الرسائل الالكترونية .

2 – صعوبة تحديد هوية الأطراف المتعاقدة

حيث أن الطرف قد لا يعرف هوية الطرف الآخر الذي يرغب في التعاقد معه ، ولا أهليته القانونية ، ولا عن الدولة التي ينتمي لها ، خاصة إذا كانت العناوين الالكترونية يشار في المقطع الأخير منها بـ (.com) أو (.org).
3 – صعوبة التحقق من جدية التعاقد وإثباته

تعد قواعد الإثبات من أهم القواعد القانونية المنظمة للحقوق والالتزامات ، فالحق الذي ينكره الخصم ولا يستطيع صاحبه أن يقيم الدليل على وجوده يكون عديم الفائدة . فقد يكون الحق موجودا من الناحية القانونية ، لكن عدم إقامة الدليل على وجوده يحول دون حصول صاحبه على طلب الحماية القانونية ويصبح من الناحية العملية هو والعدم سواء([32]) .

وأيضا قد تصاب الأجهزة الالكترونية بمشاكل فنية تؤدي إلى ضياع الأدلة والبيانات المخزنة بداخلها ، أو قد تنتهي فترة الصلاحية المقررة لتخزينها بحيث تهلك أو تصبح غير مقروءة ، أو قد يتم التلاعب بمضمون السند الالكتروني مما يؤثر على إمكانية الإثبات([33]) .

4 – عدم تنظيم القانون المختار للعمليات الالكترونية

تثور المشكلة في اتفاق طرفي العقد الالكتروني على قانون دولة لا تعترف أصلا بصلاحية العقود التي تعتمد على الكتابة الالكترونية والتوقيعات الرقمية ، ففي هذه الحالة تظل الكتابة اليدوية والتوقيعات الخطية هي المعتمدة قانونا .
ثانيا : صعوبات تطبيق الاختيار الضمني

تتمثل صعوبة تطبيق الاختيار الضمني إلى صعوبة الاعتماد على القرائن أو العلامات الدالة على هذه الإرادة الضمنية للمتعاقدين في تحديد القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الالكترونية .

فمثلا لا يمكن الاعتماد على اللغة التي حُرر بها العقد في تحديد الإرادة ، لأن اللغة الانجليزية أصبحت لغة التخاطب في مجال المعاملات الالكترونية، وأيضا لا يمكن الاعتماد على العملة التي تتم الوفاء بها بعد أن أصبح مقابل الخدمة يؤدى بطريقة آلية عن طريق تحويل النقود الكترونيا أو بواسطة بطاقة الوفاء ، وبالتالي يستطيع الشخص أن يسدد بأي عملة وفي أي وقت .

ويصعب القول بتطبيق القانون الذي يحكم العقد الأصلي على العقود الالكترونية الأخرى المرتبطة به ، لأن مسألة الارتباط نادرة الحدوث على الشبكة ، وأيضا يصعب الاستناد إلى قانون الموطن المشترك أو الجنسية المشتركة للمتعاقدين ، لأن هذه الضوابط جميعها تؤدي في النهاية إلى توطين أو تركيز العلاقة مكانيا ، في حين أن توطين العقد وفقا لهذه المعايير التقليدية في العالم الالكتروني لن يكون أمرا سهلا .

المبحث الثاني : الإسناد الموضوعي ( الاختيار القضائي في ظل غياب اتفاق الأطراف 

الإسناد الموضوعي يعتبر من قواعد الإسناد الاحتياطية ، وعليه سوف أذكر ماهية الإسناد الموضوعي ، وأتطرق إلى الضوابط الجامدة والضوابط المرنة ، وفي النهاية أعرض الصعوبات التي تعترض تطبيق الإسناد الموضوعي.

المطلب الأول : ماهية المبدأ وتطبيقاته

إذا لم يتفق أطراف العلاقة في عقود التجارة الالكترونية ، على تحديد القانون الواجب التطبيق صراحة ، وتعذر استخلاص إرادتهم الضمنية ، فإنه لا يجوز للقاضي أن يمتنع عن أداء واجبه في الفصل في القضايا المعروضة عليه وإلا وقع تحت طائلة العقاب المقرر عن جريمة إنكار العدالة ، كما لا يجوز له أن يغض الطرف عن القوانين التي تتنازع لحكم الرابطة العقدية محل النزاع ويعمد الى تطبيق قانونه الوطني مباشرة ، وإنما عليه أن يجتهد حتى يصل الى تحديد القانون الواجب التطبيق على العقد بالنظر الى ما كان يقصده المتعاقدان([34])، غير أن القاضي لا يبحث عن الإرادة الحقيقية للمتعاقدين ، بل يفرض عليهما إرادة غير موجودة فعلا ، من خلال اللجوء الى مؤشرات أو عوامل ارتباط موضوعية تشير الى القانون الذي يرتبط بالعقد ارتباطا وثيقا([35]).

فيقوم القاضي بتحديد القانون الأوثق صلة وارتباطا بالعقد إما بإسناد تلك الرابطة لضوابط جامدة ( كمكان إبرام العقد ، أو تنفيذه ، أو الجنسية المشتركة ، أو الموطن المشترك للمتعاقدين ) ، وإما بإسناد تلك الرابطة العقدية لضوابط مرنة ( كضابط الأداء المميز للعقد )([36]).

أولا : الضوابط الجامدة

جدير بالذكر أن الضوابط الجامدة التالية يصعب تطبيقها على عقود التجارة الالكترونية التي تتم عن طريق الإنترنت([37])، وهي كالآتي :

1 – قانون دولة محل تكوين العقد

يعتد القضاء الفرنسي بمكان إبرام العقد كمعيار هام لتحديد القانون الذي يحكم العقد حال عدم اختيار الأطراف لهذه القانون ، ومع ذلك فإن إسناد الرابطة العقدية لقانون بلد محل إبرام العقد يصعب تحقيقه في مجال عقود التجارة الالكترونية التي تتم عن طريق الانترنت([38]).

2 – قانون دولة محل تنفيذ العقد

يعتد بمكان محل تنفيذ العقد على أساس أنه المكان الذي تتركز فيه مصالح المتعاقدين ، ففي هذا المكان سيجني ثمار تعاقدهم وتنعقد فيه مسؤولياتهم عن عدم تنفيذ التزاماتهم ، فمحل التنفيذ يعبر عن مركز الثقل والارتباط الاجتماعي والاقتصادي في الرابطة العقدية ، ويسمح بتطبيق قانون البلد التي يتأثر اقتصادها بالعقد([39]).

3 – قانون الجنسية المشتركة

فإذا اتحدت جنسية أطراف العلاقة التعاقدية في عقود التجارة الالكترونية ، وسكت الأطراف عن تحديد القانون الذي يحكم علاقتهم ، فإن القانون الدولة التي ينتمي إليها المتعاقدان يكون هو القانون الواجب التطبيق ، ولكن يصعب تطبيق هذا الضابط على عقود التجارة الالكترونية ، وذلك لضعف الصلة بين القانون الواجب التطبيق والعقد([40]).

4 – قانون الموطن المشترك

يعتمد ضابط الاسناد هذا على الموطن المشترك لكلا طرفي العقد ، فإن اتحدا موطنا ، كان قانون الموطن المشترك هو القانون الواجب التطبيق على العلاقة([41])، ولكن يصعب تطبيق هذا الضابط على عقود التجارة الالكترونية ، لأن التعامل عن طريق الانترنت يعتمد على العناوين الالكترونية وليس على العناوين الحقيقية ، وهذه العناوين لا تعطي دلالة واضحة على العنوان الحقيقي([42]).

ثانيا : الضوابط المرنة ( قانون دولة محل إقامة المدين بالأداء المميز للعقد )

صعوبة تطبيق الضوابط الجامدة على عقود التجارة الالكترونية ، جعل الفقه والقضاء والتشريع يتجه إلى تبني ضابط موضوعي آخر لتحديد القانون الذي يحكم العقد ، وهو ضابط الأداء المميز للعقد([43]).

أ – المقصود بفكرة الأداء المميز للعقد

يقوم هذا الضابط على فكرة مفادها تنوع معاملة العقود وتحديد القانون الذي يحكم العقد وفقا للالتزام الأساسي فيه ، فعلى الرغم من تعدد الالتزامات في العقد الواحد ، إلا أن أحد هذه الالتزامات هو الذي يميز العقد ويعبر عن جوهره ، وبالتالي يجب الاعتماد عليه لتعيين القانون الواجب التطبيق على العقد كله([44]).

وعرف الأستاذ VAN OVERSTRAETEN الأداء المميز للعقد بأنه ” ذلك الأداء الذي بمقتضاه يكون دفع المقابل النقدي واجبا ” ([45]).

وبالتالي يعد أداءً مميزا التزام البائع بتسليم المبيع ، أو التزامه بنقل الملكية للمشتري ، والتزام المورد بتوريد الخدمة في عقود المقاولة وعقود الوكالة ، على أساس أن هذه الأداءات تعبر عن مركز الثقل الاقتصادي والاجتماعي في الرابطة العقدية([46]).

وقد تبنت العديد من التشريعات فكرة الأداء المميز للعقد ، فعلى سبيل المثال نص القانون الدولي الخاص المجري في المادة رقم 25 لسنة 1979 ، على أنه إذا استحال تحديد القانون الواجب التطبيق ” يسري على العقد قانون موطن أو محل الإقامة العادية أو مركز منشأة الطرف المدين بتقديم الأداء المميز للعقد بطريقة جوهرية ” ، وأيضا نصت المادة رقم 1211 من القانون الروسي لسنة 2001 على أنه ” عند سكوت الأطراف عن تحديد القانون الذي يحكم العقد ، يسري على العقد قانون الدولة التي يرتبط بها العقد بروابط وثيقة . وتوجد هذه الروابط في قانون الدولة التي يوجد بها الموطن أو المركز الرئيسي للطرف الملتزم بتقديم الأداء المميز ” ([47]).

وأيضا تبنت الإتفاقيات الدولية نظرية الأداء المميز للعقد ، مثل اتفاقية لاهاي المبرمة في 15 يونيو 1955 ، وأيضا اتفاقية روما لسنة 1980 م([48]).

ب – مدى إمكانية تطبيق فكرة الأداء المميز على عقود التجارة الالكترونية

على الرغم من تبني معظم تشريعات القانون الدولي الخاص والاتفاقيات الدولي وأحكام القضاء في أغلب دول العالم فكرة الأداء المميز للعقد ، إلا أن الدكتور صالح المنزلاوي يرى أن إعمال هذه الفكرة في عقود التجارة الالكترونية لا يخلو من النقد ، وذلك من عدة جوانب ، منها أن إعمال هذه النظرية يؤدي إلى إسناد العقد لقانون الطرف القوي في العقد والتضحية بمصلحة الطرف الضعيف ، فمثلا في عقود البيع أو توريد الخدمات التي تتم عبر الانترنت ، يكون قانون دولة البائع أو مقدم الخدمة هو الواجب التطبيق على العقد حيث يعد أدء مميزا التزام البائع بتسليم المبيع ، والتزام المورد بتوريد الخدمة([49]).

المطلب الثاني : صعوبات تطبيق الإسناد الموضوعي

الفقه الغالب يرى أن الإسناد الموضوعي لا زال في طور عدم الاكتمال ، وعدم امكانية تغطيته لكافة المنازعات المتعلقة بعقود التجارة الالكترونية([50])، فضوابط الاسناد الموضوعية هي ضوابط مادية إقليمية تقوم على روابط جغرافية ( محل ابرام العقد أو محل تنفيذه أو موطن أو محل إقامة المدين بالأداء المميز ) ، وهذه الضوابط لا تتلاءم مع طبيعة عقود التجارة الالكترونية التي تقوم على مرتكزات غير مادية أو افتراضية ، فعقود التجارة الالكترونية تتم عبر الانترنت ، وهي تقود الى عالم غير مادي ، بينما ضوابط الإسناد المعروفة في القانون الدولي الخاص لم توضع إلا من أجل عالم مادي ، ومن ثم فإن تطبيقها على عقود التجارة الالكترونية يثير الكثير من الصعوبات([51]).

ويمكن تلخيص صعوبات تطبيق الإسناد الموضوعي على عقود التجارة الالكترونية بما يلي :

أولا : صعوبة توطين أو تركيز الرابطة العقدية في عقود التجارة الالكترونية التي يكون موضوعها أشياء غير مادية ، مثل بيع البرامج التجارية والخدمات المالية على الخط ، وبيع المعلومات عن طريق قواعد البيانات الموجودة في الانترنت ، فيصعب تحديد مكان إبرام العقد ومكان تسليم الأشياء غير المادية المبيعة عبر الخط ، وبالتالي يصعب تطبيق ضوابط الإسناد التقليدية على تلك النوعية من العقود ، وأيضا يصعب معه تحديد المكان الحقيقي لتنفيذ العقد([52]).

ثانيا : الحاجة لقواعد إسناد تحكم بعض المسائل مثل مسألة الأهلية ، والتقادم ، والتراضي([53]).

ثالثا : وجود قوانين وطنية ذات طبيعة آمرة يجب تطبيقها والأخذ بها عند التعاقد ، مثل قوانين حماية المستهلك ، وحماية الملكية الفكرية ، فإذا كان الانترنت هو إحدى آليات العولمة التي تعمل على تحرير الاقتصاد وإلغاء الحدود لخلق قرية كونية صغيرة ، فليس معنى ذلك تراجع دور القوانين الوطنية الناتجة عن إعمال منهج تنازع القوانين أو منهج القواعد الآمرة([54]).

رابعا : صعوبة تحديد المكان الحقيقي لإبرام العقد ، إذ أن العالم الالكتروني لا يقوم على تواجد حقيقي في مكان محدد([55])، فدولة تصدير الإيجاب قد تكون مصر ، في حين أن العنوان الالكتروني للشركة موجود في فرنسا ، وربما كانت الشركة التي تدير الموقع مجرد وسيط ، وبالتالي يكون على من يدعي إبرام العقد في مكان ما ، أن يقدم الدليل على صحة إدعائه([56]).

خامسا : صعوبة تحديد محل إقامة الأطراف ، فالعنوان الإلكتروني لا يشكل بأي حال محل إقامة ثابت بالمعنى المفهوم في الاتفاقيات الدولية التي تعتمد على محل إقامة الأطراف في تحديد القانون الواجب التطبيق على العقد ، وأيضا هناك عناوين إلكترونية لا تحمل أي مؤشرات صحيحة تدل على الإقامة ، وعلى فرض أن التاجر قام بتسجيل موقعه على عنوان الكتروني وطني يسمح بالتوطين الذي تم فيه تسجيل العنوان الالكتروني ، فإن سياسة منح هذه العناوين الالكترونية متنوعة من مكان لآخر ، ولا تطابق توطينا حقيقيا للأطراف([57]).

ويرى الدكتور صالح المنزلاوي أن تلك الصعوبات هي التي دعت لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي الى الاقرار بضعف قيمة التوطين في العناوين الالكترونية([58]).

سادسا : لا يمكن الإدعاء بوجود مجتمع إفتراضي مستقل عن كل الدول في الإنترنت ، لأن مستخدمي الانترنت والقائمون على خدماتها هم في الحقيقة أشخاص حقيقيون ، ولهم جنسية معينة ، وموطن ومقار عمل حقيقية ، وأيضا الوسائل الفنية للإتصالات تتمركز في إقليم دولة محدد([59]).

نخلص من ذلك إلى :

عدم نضوج القواعد الموضوعية للتجارة الالكترونية([60])، بالتالي تطبيق منهج تنازع القوانين على عقود التجارة الالكترونية يطرح صعوبات عديدة تتعلق بقانون الإرادة ، وصعوبات كذلك في القانون المعين بواسطة القاضي وفقا لقواعد الإسناد الموضوعية ، ولكن تلك الصعوبات والمشاكل لا يجب أن تنتهي بنا إلى التسليم بعدم ملاءمة تطبيق منهج تنازع القوانين على عقود التجارة الالكترونية ، وإنما يجب أن تكون حافزا على تفادي تلك الصعوبات([61])، من خلال طرح الأفكار والحلول التي تؤدي الى عدم الوقوف أمام تطور التجارة الإلكترونية .

وبالله التوفيق .

المصادر والمراجع
المراجع المتخصصة :
· د. الياس ناصيف ، العقد الالكتروني في القانون المقارن ، منشورات الحلبي الحقوقية ، الطبعة الأولى ، سنة 2009 م .
· د. سلطان عبد الله محمود الجواري ، عقود التجارة الالكترونية والقانون الواجب التطبيق ، دراسة قانونية مقارنة ، منشورات الحلبي الحقوقية ، الطبعة الأولى ، سنة 2010 م .
· د. صالح المنزلاوي ، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الالكترونية ، دار الجامعة الجديدة ، الإسكندرية ، 2006 م .
· د. عبد الفتاح بيومي حجازي ، التجارة الإلكترونية في القانون العربي النموذجي لمكافحة جرائم الكمبيوتر والإنترنت ، دار الكتب القانونية ، المحلة الكبرى ، مصر ، سنة 2007 م .
· أ . فادي محمد عماد الدين توكل ، عقد التجارة الإلكترونية ، منشورات الحلبي الحقوقية ، الطبعة الأولى ، سنة 2010 م .
الرسائل :
· د. نبيل زيد مقابلة ، النظام القانوني لعقود خدمات المعلومات الالكترونية في القانون الدولي الخاص ، دراسة مقارنة ، رسالة دكتوراه ، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، الطبعة الأولى ، سنة 2009 م .

[1] قانون رقم 2 لسنة 2002
[2] د. مدحت عبد الحليم رمضان ، الحماية الجنائية للتجارة الالكترونية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، سنة 2001 ، ص 12 ، مشار إليه في : د. عبد الفتاح بيومي حجازي ، التجارة الإلكترونية في القانون العربي النموذجي لمكافحة جرائم الكمبيوتر والإنترنت ، دار الكتب القانونية ، المحلة الكبرى ، مصر ، سنة 2007 ، ص 28
[3] أشار إليه : فادي محمد عماد الدين توكل ، عقد التجارة الإلكترونية ، منشورات الحلبي الحقوقية ، الطبعة الأولى ، سنة 2010 ، ص 25
[4] قانون رقم 85 لسنة 2001
[5] فادي محمد عماد الدين توكل ، المرجع السابق ، ص 33 – 34
[6] أشار إليه : د. صالح المنزلاوي ، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الالكترونية ، دار الجامعة الجديدة ، الإسكندرية ، 2006 ، ص 21
[7] د. الياس ناصيف ، العقد الالكتروني في القانون المقارن ، منشورات الحلبي الحقوقية ، الطبعة الأولى ، سنة 2009 ، ص 43
[8] د. سمير برهان ، إبرام العقد في التجارة الالكترونية ، بحث مقدم إلى مؤتمر الجوانب القانونية للتجارة الالكترونية ، والمنعقد بالقاهرة الفترة 12 – 13 يناير 2002 ، مشار إليه في : فادي محمد عماد الدين توكل ، المرجع السابق ، ص 37 – 38
[9] فادي محمد عماد الدين توكل ، المرجع السابق ، ص 37 – 38
[10] د. رأفت رضوان ، عالم التجارة الالكترونية ، ص 13 ، مشار إليه في : فادي محمد عماد الدين توكل ، المرجع السابق ، ص 40
[11] فادي محمد عماد الدين توكل ، المرجع السابق ، ص 39 – 40
[12] د. صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 263
[13] د. صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 265 – 266
[14] نص المادة 19 ” يسري على الالتزامات التعاقدية قانون الدولة التي يوجد فيها الموطن المشترك للمتعاقدين إذا اتحدا موطنا فإن اختلفا موطنا سرى قانون الدولة التي تم فيها العقد ، هذا ما لم يتفق المتعاقدان أو يتبين من الظروف أن قانونا آخر هو الذي يراد تطبيقه ” .
[15] مجموعة المكتب الفني ، الطعن رقم 1114 لسنة 52 القضائية ، جلسة 4 ديسمبر سنة 1989 ، ص 249 ، مشار إليه في : د. صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 267 – 268
[16] د. أحمد عبد الكريم سلامة ، القانون الدولي الخاص النوعي الالكتروني ، ص 82 ، مشار إليه في : د. نبيل زيد مقابلة ، النظام القانوني لعقود خدمات المعلومات الالكترونية في القانون الدولي الخاص ، دراسة مقارنة ، رسالة دكتوراة ، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، الطبعة الأولى ، سنة 2009 ، ص 114
[17] د. نبيل زيد مقابلة ، المرجع السابق ، ص 116
[18] د. صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 275 – 283
أيضا أنظر المطلب القادم من بحثنا هذا ، والمتعلق بصعوبات تطبيق الإسناد الموضوعي .
[19] د. سلطان عبد الله محمود الجواري ، عقود التجارة الالكترونية والقانون الواجب التطبيق ، دراسة قانونية مقارنة ، منشورات الحلبي الحقوقية ، الطبعة الأولى ، سنة 2010 ، ص 103
[20] د. أحمد عبد الكريم سلامة ، قانون العقد الدولي ، دار النهضة العربية بالقاهرة ، ص 83 ، مشار إليه في : د .صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 283
[21] أشار إليه : د. صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 284
[22] د. صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 283 – 284
[23] د. نبيل زيد مقابلة ، المرجع السابق ، ص 117 – 118
[24] د. صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 284 – 285
[25] أشار إليه : د. صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 285
[26] د. صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 286
[27] د. أحمد عبد الكريم سلامة ، علم قاعدة التنازع والاختيار بين الشرائع أصولا ومنهجا ، ص 1100 ، مشار إليه في : د. صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 287 – 288
[28] أنظر : د. نبيل زيد مقابلة ، المرجع السابق ، ص 119 ، وأيضا : د. صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 288
[29] د. سلطان عبد الله محمود الجواري ، المرجع السابق ، ص 107 – 108
[30] حكم محكمة الرباط في 13/4/1920 ، مشار إليه في : د. سلطان عبد الله محمود الجواري ، المرجع السابق ، ص 106
[31] د. صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 350 – 363
[32] د. محمد السعيد رشدي ، حجية وسائل الاتصال الحديثة في الإثبات ، بحث مقدم للمؤتمر العلمي الأول حول ( الجوانب القانونية والأمنية للعمليات الالكترونية ) بإمارة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة ، في الفترة من 26 – 28 ابريل سنة 2003 ، المجلد الثاني ، ص 363 ، نقلا عن : صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 357
[33] د. بلال عبد المطلب بدوي ، البنوك الالكترونية : ماهيتها – معاملاتها – والمشاكل التي تثيرها ، بحث مقدم لمؤتمر الأعمال المصرفية الالكترونية بين الشريعة والقانون ، كلية الشريعة والقانون بجامعة الإمارات العربية المتحدة ، في الفترة 10 – 12 مايو سنة 2003 ، المجلد الخامس ، ص 1972 وما يليها ، نقلا عن : صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 358
[34] د. أحمد عبد الكريم سلامه ، علم قاعدة التنازع والاختيار بين الشرائع أصولا ومنهجا ، بند 796 ، ص 401 وما يليها ، مشار إليه فيه : د. صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 322
[35] د. صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 322 – 323
[36] د. هشام علي صادق ، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الدولية ، بند 369 ، ص 548 وما يليها ، مشار إليه في : د. صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 323
[37] د. صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 336
[38] د. صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 327 – 329
[39] د. صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 331
[40] د. صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 332 – 333
[41] د. صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 333
[42] د. يوسف العلي ، مدى صلاحية قواعد تنازع القوانين لحكم التعاملات التي تتم على شبكة الإنترنت ، بحث مقدم للمؤتمر الأول حول الجوانب القانونية والأمنية للعمليات الالكترونية بمركز البحوث والدراسات بأكاديمية شرطة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة ، المجلد الثاني ، 26 – 28 إبريل 2003 ، ص 240 وما بعدها ، مشار إليه في : د. صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 334
[43] د. صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 336
[44] د. أحمد عبد الكريم سلامة ، علم قاعدة التنازع والاختيار بين الشرائع أوصولا وفقها ، بند 797 ، ص 1104 ، مشار إليه في : د. صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 336
[45] أشار إليه : د. صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 336 – 337
[46] أشار إليه : د. صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 337
[47] أشار إليه ” د. صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 341
[48] د. صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 342 – 344
[49] د. صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 344 – 345
[50] أشار إليه : د. نبيل زيد مقابلة ، المرجع السابق ، ص 99
[51] د. صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 366 – 367
[52] د. صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 367 – 370
[53] د. نبيل زيد مقابلة ، المرجع السابق ، ص 99
[54] د. نبيل زيد مقابلة ، المرجع السابق ، ص 99 – 100
[55] د. يوسف العلي ، مدى صلاحية قواعد تنازع القوانين لحكم التعاملات التي تتم على شبكة الإنترنت ، بحث مقدم للمؤتمر الأول حول الجوانب القانونية والأمنية للعمليات الالكترونية بمركز البحوث والدراسات بأكاديمية شرطة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة ، المجلد الثاني ، 26 – 28 إبريل 2003 ، ص 243 وما يليها ، مشار إليه في : د. صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 369
[56] د. صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 369
[57] د. صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 370 – 371
[58] د. صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 371
[59] د. أحمد عبد الكريم سلامة ، القانون الدولي الخاص النوعي الالكتروني ، مشار إليه في : د. نبيل زيد مقابلة ، المرجع السابق ، ص 101
[60] د. نبيل زيد مقابلة ، المرجع السابق ، ص 103
[61] د. صالح المنزلاوي ، المرجع السابق ، ص 371 -372