بحث قانوني هام حول عقد الشغل المغربي

تقديم:

يعتبر عقد الشغل من العقود المسماة التي تلعب دورا هاما وأساسيا داخل المجتمع لكونه يرد على العمل الإنساني، والمشرع المغربي من خلال مدونة الشغل لم يحدد مفهوم عقد الشغل وأبقى على التعريف الذي أعطاه قانون الالتزامات والعقود في الفصل 723 لعقد الشغل الفرد، حيث جاء فيه:

” إجازة الخدمة أو العمل عقد يلزم بمقتضاه أحد طرفيه بأن يقدم للأمر خدماته الشخصية لأجل محدد أو من اجل أداء معين في نظير أجر يلزم هذا الأخير بدفعه له”.

ولقد انتقد الفقه[1] هذا التعريف لكونه قاصرا على اعتبار أنه لا يشير إلى أحد أهم عناصر عقد الشغل وهو عنصر علاقة التبعية، الأمر الذي تداركته مدونة الشغل في عدة مواد-سبقت عليها في حينها- حيث تعرضت إلى أشكال عقد الشغل وصوره وطريقه إبرامه والعناصر التي تحدده، وبذلك أمكن تحديد مفهوم عقد الشغل بأنه : “عقد يتعهد بمقتضاه أحد طرفيه وهو الأجير بأن يعمل في خدمه الطرف الآخر وهو المشغل وتحت إشرافه ورقابته أو إدارته مقابل أجر يلتزم هذا الأخير بدفعه له”[2].

وفي هذا الإطار يبرز دور القضاء في تكييف عقد الشغل بناء على مجموعة من العناصر الجوهرية التي يقوم عليها، ومن هنا تتجلى أهمية دراسة هذا الموضوع من الناحية العملية، والنظرية، فعلى المستوى النظري تكتسي أهمية بالغة على اختيار خصوصية عقد الشغل المتمثلة في طابعه الحمائي ووقوفه إلى جانب الطبقة العاملة في الغالب ومناصرتها فقها وقضاء وتشريعا.

أما على المستوى العملي فتتجلى أهمية الموضوع في معرفة الاتجاه الذي يذهب إليه القضاء بخصوص تكييف عقد الشغل بناء على مجموعة من المحددات.

وفي إطار هذه الدراسة سنركز على شقين أساسين في عقد الشغل:

الأول: يتعلق بعنصر التبعية ودروه الجوهري في تكييف عقد الشغل، والذي اعتمد عليه الاجتهاد القضائي المعزى في تكييف عقد الشغل وتمييزه عن باقي العقود التي قد تلبس به في بعض الجوانب.

الثاني: ينصب على معرفة موقف الاجتهاد القضائي في التمييز بين أنواع عقد الشغل وخصوصا المحدد المدة، وغير المحدد المدة، وعليه فإن دراستنا لموضوع تكييف عقد الشغل ستقصر على هذين العنصرين فقط، ولن نتعرض إلى الجوانب المتعلقة بعقد الشغل خاصة، بكيفية إبرام عقد الشغل أو بأطراف أو بالآثار المترتبة عنه، لكن هذا لا يمنع من الإشارة إلى هذه النقط كلما دعت الضرورة إلى ذلك.

ومن كل ما سبق نرى إن الإشكالية المرتبطة لهذا الموضوع هي مدى مساهمة الاجتهاد القضائي في إيجاد حلا للإشكالات المرتبطة لعقد الشغل، أما من حيث التكييف أو من حيث التمييز بين نوعي عقد الشغل ( المحدد المدة والغير محددة)، ولمعالجة هذه الإشكالية اقترحنا التصميم التالي.

الفصل الأول: التكييف القانوني لعقد الشغل.

المبحث الثاني: عنصر التبعية ودروه في تكييف عقد الشغل.

المبحث الثاني: تمييز عقد الشغل عن غيره من العقود المشابهة له.

الفصل الثاني: دور القضاء في تكييف علاقة الشغل

المبحث الأول: دور الاجتهاد القضائي في تحديد إشكال عقد الشغل.

المبحث الثاني: التمييز بين عقد الشغل المحدد المدة والغير محدد المدة من خلال الاجتهاد القضائي.

الفصل الأول: التكييف القانوني لعقد الشغل:

يراد بتكييف العقد إعطاؤه الوصف الذي يلائم ما احتوى عليه العقد من عناصر أساسية[3] تميزه عن غيره من العقود الأخرى والتي تجعل هذا العقد خاضعا لإحكام وقواعد مدونة الشغل ، فقد يثار نزاع بين طرفي العقد، يدعي فيه الجير بان العلاقة التي تجمع الطرفين هي علاقة يحكمها قانون الشغل، وذلك قصد إخضاع هذه الخيرة إلى الحكام والقواعد التي نص عليها قانون الشغل، في حين يدعي الطرف الثاني أن العلاقة التي تربطه بالمدعي لا يحكمها قانون الشغل، وإنما يحكمها قانون آخر[4]، وذلك قصد استبعاد هذا النزاع من الخضوع لأحكام وقواعد قانون الشغل، هنا تطرح مسألة إعطاء الوصف القانوني لهذه العلاقة تقع على كاهل القضاء من خلال تدخله في هذا النزاع لإعطائه الوصف الذي يلائم هذا النزاع أو ما يصطلح عليه بالتكييف القانوني للعقد، اعتمادا على مجموعة من العناصر والمقومات التي لا غنى لها بالتكييف القانوني للعقد[5]، والقضاء المغربي وأثناء نظره في هذا النزاع، أو إعطاء الوصف القانوني لهذا العقد، يعتمد على جملة من العناصر الأساسية التي تحدد عقد الشغل[6]، عن غيره من العقود الأخرى، وتتجلى في التعهد بأداء العمل، والالتزام بأداء الأجر[7] ووجود علاقة تبعية.

وفي دراستنا لتكييف عقد الشغل سنركز على عنصر التبعية باعتباره أهم العناصر التي اعتمد عليها القضاء المغربي في تكييف عقد الشغل ( المبحث الأول) على أن نتولى التمييز بين عقد الشغل وغيره من العقود الأخرى المساهمة له والتي ترد على العمل الإنساني اعتمادا على عنصر التبعية من خلال رصد موقف القضاء المغربي بخصوص التميز ( المبحث الثاني).

المبحث الأول: عنصر التبعية ودوره في تحديد عقد الشغل.

سبق وأشرنا أن عقد الشغل يتكون من عناصر ثلاثة: تأدية العمل من طرف العامل، وتأدية الأجر من طرف صاحب العمل كمقابل لذلك الداء، ثم خضوع الأول للثاني حالة تنفيذه للعمل المطلوب منه، وهذا الخضوع هو ما يعبر عنه عادة بعلاقة التبعية.

والتبعية من أهم عنصر في عقد الشغل، إذ بالإضافة إلى كونها هي المعيار الأساسي لتطبيق القانون الاجتماعي على الرابطة الموجودة بين العامل وصاحب العمل، فهي المميز الرئيسي بين عقد الشغل وعقود أخرى قد تلتبس به من عدة وجوه.

ودراسة في هذا المبحث تتطلب منا الوقوف عند مفهومها وصورها ( المطلب الأول) على أن نتطرق لنطاق التبعية وحدودها ( المطلب الثاني).

المطلب الأول: مفهوم التبعية وصوره.

سوف نتطرق في هذا الإطار إلى مفهوم التبعية ( الفقرة الأولى) على أن نتناول بالتفصيل صور التبعية ( الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: مفهوم عنصر التبعية.

يفترض عقد الشغل وجو د العامل في مركز تابع بالنسبة إلى صاحب العمل.

وحسب بعض الفقه[8]، تفيد التبعية خضوع العامل أثناء أو بمناسبة أدائه لعمله للإدارة وإشراف أو سلطة من يمارس العمل لحسابه.

وبمقابل ذلك من وجهة أخرى، تمتع هذا الأخير بحق توجيه العامل فيها يقوم به من عمل وإصداره الأوامر غليه بشأنه، ومراقبته حالة تنفيذه، بل وتوقيع عقوبات عليه عند مخالفته للأوامر لمواجهة إليه، فهي إذن تبعية في أداء العمل وتنفيذه تصيغ عقد الشغل بصيغة خاصة، وتميز مركز العامل بمقتضاه عن مركز من يقوم بعمل حر ومستقل لا يخضع فيه لتوجيه أو رقابة المتعاقد معه عليه[9].

ويلعب القضاء دوراً مهما في تقرير وجود أو انتفاء ركن علاقة التبعية، وذلك على ضوء ظروف وملابسات كل قضية على حدى، انطلاقا من طبيعة المؤسسة ونوعية نشاطها، ووضعية العامل، وطريقة تنفيذه، ويتعين على القاضي أن يسترشد بكل الوسائل والقرائن التي تدل على وجود أو انتفاء عقد الشغل، وذلك لأنه يتعين على القاضي التأكد أولا من وجود علاقة التبعية أو عقد الشغل، قبل تطبيق القانون الاجتماعي، خصوصا وان بعض الأشخاص أو الأطر قد يمارسون مهمهم غما بصورة حرة أو بصورة تابعة مثل الأطباء والمهندسين والمحاميين على سبيل المثال لا الحصر[10].

ويمكن القول بأن مفهوم التبعية مفهوم واسع ونسبي[11]وذلك لأن تبعية الأجير لصاحب العمل تنفيذ خضوعه لإشرافه ورقابته، لكن التساؤل بطرح بخصوص بداية ونهاية ذلك الإشراف وتلك الرقابة[12].

وأمام صعوبة ضبط وحصر مفهوم علاقة التبعية يهتدي القضاء أو يستأنس ببعض العناصر أو القرائن والمؤشرات لتكييف عقد الشغل.

وقسم الفقه الاجتماعي التبعية إلى عدة أنواع بالإضافة إلى التبعية القانونية والتبعية الاقتصادية، هناك التبعية الفنية، والتبعية التنظيمية، والتبعية المهنية، ويمكن إرجاع كل هذه الأنواع من التبعية إلى نوعين أساسين وهما: التبعية القانونية والتبعية الاقتصادية، وهو ما يجرنا للحديث عن أهم صور التبعية (الفقرة الثانية) على أن نتطرق لنطاق وحدود هاته التبعية، وذلك في مطلب مستقل ( المطلب الثاني).

الفقرة الثانية: صور علاقة التبعية

سبق أن اشرنا إلى أن علاقة التبعية متعددة، وسوف نقتصر بدراسة التبعية القانونية ( أولا) والتبعية الاقتصادية ( ثانيا) ثم سنتعرض لموقف المشرع ( ثانيا).

أولا: التبعية القانونية وتكييف عقد الشغل.

تعتبر التبعية من العناصر الأساسية في عقد الشغل، وهي مبدئيا تتمثل في الإشراف على الأجير وتوجيهه ومراقبته أثناء تأديته لعمله[13].

والعامل عندما يدخل كطرف في عقد الشغل، فإنما يلتزم ضمنياً بأن يتنازل عن جانب من حريته، بوضع نفسه تحت إشراف صاحب العمل، مقابل حصوله على أجر ما دام ذكر العقد قائما، وبعض النظر عن الظروف التي تمر بها المؤسسة[14].

وعرف المشرع المصري التبعية القانونية بكونها:” الرابطة القانونية الناشئة عن عقد العمل التي تربط شخص العامل… بأوامر وتعليمات وإشراف لرب العمل، وهي التي تخول لهذا الأخير سلطة تأدية، واعتماداً عليها، تبرر مختلف الإجراءات التنظيمية التي يخضع لها العامل بالمؤسسة”[15].

ومن كل ما سبق يعين انه متى تحققت التبعية القانونية في الواقع العلمي، والمتمثلة في الإشراف والمراقبة التي يباشرها صاحب العمل على من يشتغل لديه أو يؤدي عملا لمصلحته، كنا أمام رابطة تعاقدية تكيّف بعقد الشغل، ولو لم يعبر أطراف الرابطة التعاقدية صراحة عن ذلك، دون الالتجاء إلى باقي العناصر الأخرى ككيفية أداء العمل وكيفية أداء الأجر[16].

وإذا كانت التبعية عنصراً قانونيا في عقد الشغل،ت فمن حيث تصورها الفني هي عبارة عن واقع نستخلص من الكيفية التي يؤدي بها الجير عمله داخل المؤسسة، أو خارجها مع العلم أن التبعية نفسها قد تسع لتشمل نشاط العامل في كل جزئياته، وقد تضيق حتى تقترب العلاقة من مقتضيات عقد المقاولة[17]،

وتجب الإشارة أخيرا إلى أن التبعية في مفهومها وفي نطاقها وفي عناصرها تتأثر حالياً بالتطور التكنولوجي الذي غزا بعض المؤسسات الصناعية والتجارية، فالأجير مثلا قد يشتغل في منزله ويرتبط بمشغله عن طريق الإنترنت، كما أن قابلا تتم عن بعد، وقد تمتد إلى أدوات عمله[18]-[19].

ثانيا: التبعية الاقتصادية وتكييف عقد الشغل.

ظلت التبعية القانونية وجوها أهم عنصر في عقد الشغل والمميز الرئيسي بينه وبين غيره من العقود إلى أن بدأت تظهر نظرية التبعية الاقتصادية لحماية بعض الطوائف من العمال وإخضاعهم لقانون العمل أو تقوم هذه النظرية على اعتبار عنصر التبعية متحققا متى كان من يقوم بالعمل تابعا اقتصاديا لمن يؤدي العمل لمصلحته[20]، وقد أثارها لأول مرة الفقيه الفرنسيCUCHE[21]، وذلك سنة 1913.

وحسب مفهوم التبعية الاقتصادية ليس من اللازم لتكييف العقد بأنه عقد شغل، وانصياعه لأوامره، بل يكفي- رغم تخلف مظاهر الخضوع والانصياع- قيام حاجة الأجير إلى الأجر الذي يحصل عليه من المشغل، واعتماده عليه في عيشه باعتباره مورده ورقة الوحيد أو الأساسي[22]، كما يقضى في سبيل الحصول عليه جميع وقته، بحيث لا يكون لديه فرصة للعمل في مجال آخر[23].

وقد ظهر هذا الاتجاه الجديد في التبعية، استجابة للوعي الاجتماعي النامي بضرورة حماية الفئات العمالية الضعيفة اقتصاديا، والتي رغم استقلالها بالعمل وعدم دخولها في تبعية قانونية مع من تؤدي العمل لحسابهم، إلا أنها لا تقل عن الأجراء المرتبطين بمثل هذه العلاقة حاجة إلى الحماية، وإلى الضمانات التي توفرها تشريع الشغل، إذ من توجد مثلهم في نفس مركز الخضوع الاقتصادي للمشغل، بل قد يكون خضوعها أشد وأظهر من بعض الأجراء، وهو ما من شأنه أن يؤدي من جهة إلى التوسع في نطاق الحماية القانونية للشغل، من خلال صفر أجراء يتمتعون بكامل الاستقلال في أداء عملهم، وذلك انطلاقا من مركزهم الاقتصادي الضعيف، ومن جهة أخرى يؤمن إلى إحلال فكرة علاقة الشغل كأساس لتطبيق قواعد قانون الشغل بدل عقد الشغل[24].

ثالثا: موقف المشرع المغربي من علاقة التبعية.

تميز هنا بين موقفه بخصوص التبعية القانونية، على أن نتعرض إلى موقفه فيما يخص التبعية الاقتصادية.

1- موقف المشرع المغربي من التبعية القانونية.

أشار المشرع المغربي[25]للتبعية القانونية وهو بصدد تحديد مفهوم الجير، وذلك حينما نص بمقتضى المادة السادسة[26]من مدونة الشغل، على انه يعد أجيراً كل شخص التزم ببدل نشاطه المهني، تحت تبعية مشغل واحد، أو عدة مشغلين، مما يجعلنا نقول إن المشرع المغربي يأخذ بالتبعية القانونية كعنصر من عناصر عقد الشغل، وكمناط لتطبيق قواعد مدونة الشغل، وإن كان ذلك من حيث المبدأ على اعتبار أن هناك بعض الفئات من الأجراء، رغم قيامها بعملها في إطار من التبعية، أي تحت مراقبة وإشراف وتوجيه من يؤدي العمل لحسابه، ومع ذلك لا يخضع لمدونة الشغل، كما هو الشأن بالنسبة لخدم المنازل، وأجراء الصناعة التقليدية الصرفة[27].

2- موقف المشرع المغربي من التبعية الاقتصادية.

سبق وأشرنا سابقا أن المشرع المغربي يأخذ مبدئيا بالمفهوم القانوني للتبعية لتطبيق قواعد مدونة الشغل، غير أن المشرع المغربي اكتفى بعنصر التبعية الاقتصادية لإضفاء حماية القانون الاجتماعي على بعض الفئات، مثل عمال المنازل[28]، والصحفيون المحترفون[29]والممثلون والوسطاء التجاريون.

خلاصة القول في هذا المحور أن المشرع المغربي وإن كان يأخذ بعنصر التبعية القانونية من حيث المبدأ، فإنها تأخذ أيضا بعنصر التبعية الاقتصادية، ولكن في حالات استثنائية منصوص عليها على سبيل الحصر.

المطلب الثاني: نطاق وحدود التبعية.

سبق وأشرنا إلى أن علاقة التبعية هي خضوع العامل لرقابة وإشراف وتوجيهات من يمارس العمل لحسابه.

لكن التساؤل ينصب حول نطاق هذه التبعية ( الفقرة الأولى) وحدودها ( الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: نطاق علاقة التبعية.

يخضع العامل فقط لتبعية صاحب العمل أثناء ممارسته لنشاطه المهني، أي فقط أثناء قيامه بالعمل الذي طلب منه القيام به داخل المؤسسة من هذا المنطلق نقول بأن التبعية تمارس في مكان معين ( مقر العمل) وهي تمارس في زمن معين ( وقت العمل).

وإذا كان العامل يخضع لتبعية العمل بمناسبة ممارسة لنشاطه المهني أثناء تواجد في مقر العمل وأثناء الوقت العادي الذي يفرض عليه فيه القيام بمثل هذا النشاط، فإنه يستفاد من ذلك ضمنيا أن العامل يسترد كامل حريته بعد مغادرته للمؤسسة على إثر انتهاء الوقت المحدد للعمل غير أن مثل هذا الاستنتاج إذا كان مستساغا عقلا فهو ليس منطقيا دائما وفي كافة الحالات، إذ قد يحدث أن يمارس العامل نشاطه المهني أو أي نشاط آخر خارج المؤسسة بأمر من صاحب العمل نفسه، وقد يحدث كذلك أن يطلب هذا الأخير من العامل – بالرغم من انتهاء الوقت المعتاد المخصص للعمل- البقاء داخل المؤسسة للقيام بعمل إضافي، ومن ثم فمتى تعرض العامل في الحالتين السابقتين معا لحادثة ما اعتبر انه قد أصيب في حادثة شغل[30]، وإذا صدر من جانبه فعل خاطئ فاحدث ضرراً ما بالغير اعتبر صاحب المؤسسة مسؤولا منه مسؤولية مدنية لأنه كان إذ ذاك تحت تبعيته[31].

لكن ماذا عن حدود علاقة التبعية؟

الفقرة الثانية: حدود علاقة التبعية.

حاول المشرع المغربي أن يؤمن حد أدنى من الحماية للعمال في العديد من المؤسسات الصناعية، حيث تشتغل التبعية، ويستمد المؤاجر سلطته على الأجير ليصل إلى حد التدخل في الحياة الخاصة له ومنعه من الحريات العامة التي يضمنها له دستور المملكة[32].

وبذلك يثبت العامل حق دائم في الامتناع عن تنفيذ أوامر صاحب العمل أو من له سلطة النيابة عنه عندما تكون هذه الأوامر مخالفة للقانون أو النظام العام، والخلاق الحميدة، كمثال على ذلك، إذا أمر صاحب صيدلية من العامل الذي يشتغل تحت إمرته، تركيب دواء ما بطريقة مغشوشة، أو طالب منه بيع بعض الأدوية بأثمان تفوق سعرها القانوني، أو بيعها بعد انتهاء مدة صلاحيتها، كان لهذا العامل أن يمتنع عن كل ذلك، وكل إجراء يتخذه صاحب العمل ضده يعتبر في حقيقته إجراء غير مشروع وفي هذا الصدد جاء في قرار للمجلس الأعلى بأن:

” … الطاعة، أي تبعية العامل لرب العمل يجب أن تبقى في حدود القانون…”[33].

وفي قرار آخر:

“… وحيث أن المحكمة المطعون في حكمها أو ثبت لها ما ذكر كان يجب أتن تعتبره تابعا للمراكشي فقط فيها، وقع في معمل الصباغة وان تحصر مسؤولية إحراق السيارة بين العامل الذي قام بإحراقها والمراكشي الذي يعتبر هذا العامل تابعا له في الأشياء التي وضعها تحت حراسته وإنها بحكمها مسؤولية بوعويد الذي لا يعتبر بنخيدة تابعا له وقت حراسته معمل الصباغة لصاحبه المراكشي تكون خرقت الفصل 85 من فلع…”[34].

فمن خلال هذا القرار يتبين إلى انه عندما يكون العامل تابعا لشخصين مختلفين لكل منهما عمله الخاص به فإن الضرر الذي يتسبب فيه العامل للغير أثناء عمله لا سؤال عنه إلا رب العمل الذي وقع الضرر أثناء أو بمناسبة العمل عنده ولا تمتد هذه المسؤولية إلى رب العمل الأخر.

المبحث الثاني: تمييز عقد الشغل عن غيره من العقود المشابهة.

عقد الشغل ليس الوحيد الذي ينصب على النشاط الإنساني بل هناك من العقود التي ترد على عمل الإنسان، كعقد المقاولة والشركة والتسيير الحر للأصل التجاري وغيرها من العقود التي تختلط بعقد الشغل خاصة عندما يكون عنصر التبعية غير واضح[35]، مما يؤدي إلى ضرورة التمييز بين عقد الشغل والعقود المشابهة له نظرا لاختلاف النظام القانوني لكل من عقد الشغل وغيره من العقود المشابهة له، خاصة وان لهذا التمييز اثر كبير على طرفي العقد عند حدوث نزاع حول طبيعة العقد الأمر الذي يلقى على كاهل القضاء عبء تكييف العقد وإعطائه الوصف الذي يلائمه بناء على جملة من العناصر، لكن يبقى أهمها عنصر التبعية.

وسنقف في إطار التمييز بين عقد الشغل وغيره من العقود على بعض النماذج باعتبارها مجرد أمثلة[36]، وعليه سنميز بين عقد الشغل وعقد المقاولة ( المطلب الأول)، ثم عقد الشغل وعقد الشركة ( المطلب الثاني)، وأخيرا نميز بين عقد الشغل وعقد التسيير موقف الاجتهاد القضائي المغربي في إطار التمييز.

المطلب الأول: عقد الشغل وعقد المقاولة:

يقتضي التمييز بين العقدين من الناحيتين التشريعية ( الفقرة الأولى) ومن الناحية القضائية ( الفقرة الثانية).

·الفقرة الأولى: التمييز بين عقد الشغل وعقد المقاولة من الناحية التشريعية.

ينص الفصل 723 من ق.ل.ع على ما يلي:

“إجازة الخدمة أو العمل عقد يلتزم بمقتضاه احد طرفيه بأن يقدم للآخر خدماته الشخصية لجل محدد أو من أجل أداء عمل معين في نظير أجر يلتزم هذا الأخير بدفعه له.

وإذا كان العقد ثابتا بالكتابة أعمى من رسوم التنبر والتسجيل وإجازة الصنعة عقد بمقتضاه يلتزم أحد الطرفين بمنع شيء معين في مقابل أجر يلتزم احد طرفيه بمنع شيء معين في مقابل أجر يلتزم الطرف الآخر يدفعه له.

وفي الحالتين يتم العقد بتراضي الطرفين”.

فمن خلال الفصل السابق يتضح أن المشرع عرف عقد الشغل، حيث أطلاق عليه مصطلح إجازة الخدمة، وعرف عقد المقاولة، حيث أطلق عليه مصطلح إجازة الصنعة، وقد اعتبر بعض الفقه[37] أن التعريفين السابقين فيهما نوع من التضارب، خاصة فيما يتعلق بإغفال عنصر التبعية، واعتبر أن ذلك مجرد سهو وقع فيه المشرع تداركه من خلال مدونة الشغل[38]، والتي جاء في مادتها السادسة ما يلي:

يعد أجير كل شخص التزم يبدل نشاطه المهني تحت تبعية مشغل…” ومن خلال مقابلة النصين السابقين ( الفصل 723 من ق.ل.ع) والمادة 6 من مدونة الشغل يلاحظ بأن المشرع من إطار العمل 723 من ق.ل.ع اعتمد في تمييزه بين عنصر التبعية التي اعتمدت عليه مدونة الشغل في الاعتماد على عنصر التبعية التي اعتمدت عليه مدونة الشغل في عدة مواد[39]، بالإضافة إلى العناصر التي نص عليها الفصل 723 من ق.ل.ع المتمثلة في أداء العمل وأداء الأجر.

إلا انه يبقى لعنصر التبعية أهمية بالغة في التمييز، وهذا ما ذهب الدكتور محمد الكشبور[40]، الذي يقول في هذا الإطار:

” ومن البديهي أن هذه العناصر مجمع عليها فقها وقضاء، كما انه من البديهي أن عنصر التبعية هو أهم عنصر تلك العناصر، لأنه العنصر الميز لعقد الشغل عند اشتباهه بعقود مدنية أو تجارية أخرى”.

إذا كان هذا هو موقف الفقه المغربي، فكيف تعامل الاجتهاد القضائي المغربي في مسألة التمييز بين عقد الشغل وعقد المقاولة؟.

·الفقرة الثانية: التمييز بين العقدين من خلال الاجتهاد القضائي المغربي:

لقد كان للاجتهاد القضائي دور حاسم في العمل بين عقد الشغل وعقد المقاولة، وفي هذا الإطار نقف على محاكم الموضوع (أولا) ثم نتعرف على موقف أو اتجاه المجلس العلى ( ثانيا).

أولا: دو معالم الموضوع في تكييف عقد الشغل عن عقد المقاولة.

كان لمحاكم الموضع أسبقية في تكييف عقد الشغل عن عقد المقاولة اعتمادا على عنصر التبعية- فإذا كان المشرع قد اقتصر فقط على عنصر بأداء العمل وأداء الأجر- فإن اتجاه محاكم الموضع، كان سباقا إلى تكييف عقد الشغل بكونه خاضعا للقانون الاجتماعي، قبل أن يرها المشرع من خلال مدونة الشغل، وفي هذا السياق نمثل بقرار لمحكمة الاستئناف بسطات[41] جاء فيه ما يلي:

“وحيثأن عنصر التبعية القانونية هو أساس التمييز بين عقد الشغل والأوضاع القانونية الأخرى، وهو خضوع الأجير في أداء العمل لإدارة وإشراف المؤاجر.

وحيث أن وصف العلاقة الرابطة بين المستأنفة والمستأنف لا يرتبط لكيفية أداء الأجر سواء كان محددا بالمدة أو بالقطيعة أو بنسبة معينة من الدخل بل العبرة بمدى تبعية الثاني للأول من حيث الرقابة والإدارة والإشراف”.

وبالعودة إلى القرار نلاحظ أن المحكمة اعتمدت في تكييفها للعقد المتنازع في طبيعته على عنصر التبعية، المتمثلة في الرقابة والإدارة والإشراف التي يمارسها رب العمل على العامل أو الأجير، فالعبرة بعنصر التبعية لا بعنصر كيفية أداء العمل أو كيفية للاتجاه الذي سارت عليه معالم الموضوع، فكيف كان اتجاه المجلس الأعلى؟.

ثانيا: دور المجلس الأعلى في تمييز عقد الشغل عن عقد المقاولة.

لقد صدر عن المجلس العلى عدة قرارات تهم مسألة التمييز بين العقدين، ومن هذا الإطار سنقف على ثلاث قرارات قضائية متعلقة بالموضوع، ونظراً لأهميتها سنقف عندها بنوع من التفصيل.

* القرار الأول:

المؤرخ في 15-4-1997، وقد جاء في حيثياته ما يلي:

” وحيث أن الذي يميز عقد الشغل هو عنصر التبعية من إشراف وتوجيه ورقابة المشغل تجاه أجيره ذلك العنصر غير موجود في عقد المقاولة”.

وحيث أن القرار المطعون فيه لما اعتبر أن العلاقة الرابطة بين الطرفين هي علاقة شغل اعتماداً على الأجر فقط دون أن يبرر العناصر من إشراف وتوجيه ورقابة يكون القرار ناقص التعليل الموازي لانعدامه مما يعرضه للنقص”[42].

* القرار الثاني:المؤرخ في 17-03-[43]1998.

وقد جاء في حيثيات هذا القرار ما يلي:

” معيار التمييز بين عقد العمل وغيره من العقود هو وجود علاقة التبعية.

العمل بالقطعة لا يعد وحده معيار للتمييز بين عقد الصنع وعقد إجازة الخدمة”.

وقد علل المجلس الأعلى قراره، لكن حيث أن المحكمة قد استخلصت في إطار سلطاتها التقديرية وجود علاقة التبعية من كون الأجير المطلوب في النقص يشتغل لدى الطاعنة لمحلها وتحت مراقبتها وإشرافها وبمواد وأدوات إنتاجها ودون القطاع طيلة هذه العمل وبذلك تكون قد أخذت في إطار سلطاتها التقديرية شهادة الإثبات التي قدمها الأجير والتي تفيد انه اشتغل على النحو المذكور طيلة ثماني سنوات مقابل أجر يومي وليس بالقطعة رغم أن المحكمة اعتبرت عن الصواب أنالعمل بالقطعة لا يعد وحده معيارا لتمييز عقد الصنع عن عقد إيجاره الخلمة،ما دام أن الثابت لديها هو مميزات عقد الشغل المرتكزة أساسا على علاقة التبعية التي استخلصتها المحكمة من مجموع العناصر المذكورة أعلاه التي تفيد أن العلاقة بين الطرفين هي علاقة شغل وليس علاقة الإجارة على الصنع”.

من خلال هذا القرار يتضح الأسس التي بنى عليها المجلس قراره الذي أقر ما اتجهت إليه محكمة الموضوع من خلال التكييف الذي أعطاه للعقد بناء على عنصر التبعية.

* القرار الثالث: والمؤرخ في 17 ماي 1994، ومن ضمن ما جاء فيه:

” لتمييز عقد الشغل عن عقد المقاولة ينبغي تحديد طبيعة العقد الذي عبر عنه الطرفين بشكل صريح وضمني وواضح طبقا للفصل 461 من ق.ل.ع وطالما أن بنود العقد صريحة في ارتباط الطرفين بعقد المقاولة في الكهرباء وليس بعقد الشغل متميز بعلاقة التبعية التي أثبتها البحث المنجز وأكد من خلاله الطاعن أنه سجل لدى المطلوبة في النقص بواسطة غيره وتحت مسؤولية وهي عناصر لا تستقيم وعقد الشغل الذي يجب تنفيذ من طرف الأجير المتعاقد شخصيا وتحت مسؤوليته”[44].

من خلال القرارات السابقة وغيرها[45] نلاحظ أن الاجتهاد القضائي المغربي بشقيه اعتمد على عنصر التبعية كمحد أساسي في تمييز عقد الشغل عقد المقاولة، لكن هنا يثار تساؤل حول عنصر التبعية وبالأخص استخلاصها من طرف معالم الموضوع، هل هي مسألة واقع نخضع إلى السلطة التقديرية لقضاه الموضوع ولا رقابة للمجلس الأعلى عليها؟ أم هي مسألة قانون؟.

في هذا الإطار يرى الإستاد محمد كشبور[46]، أن التبعية القانونية حسب القرار رقم[47]283، نستخلص من ظروف الواقع الذي ينفد فيه عقد العمل فالمسألة تندرج في إطار السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع[48].

ويبقى عنصر التبعية لا على مستوى الفقهي وإنما القضائي هو المحدد الأساسي ليس فقط بين عقد الشغل وعقد المقاولة وإنما أيضا هو معيار الفصل والتمييز بين عقد الشغل وعقد الشركة.

المطلب الثاني: تمييز عقد الشغل عن عقد الشركة:

ينبغي التمييز هنا استنطاق النص التشريعي ( الفقرة الأولى) وتقصي موقف الاجتهادي القضائي ( القرة الثانية).

* الفقرة الأولى: على المستوى التشريعي.

لقد عرف الفصل 981 من ق.ل.ع عقد الشركة بحيث ينص الفصل السابق على ما يلي: ” الشركة عقد بمقتضاه يضع شخصان أو أكثر أموالهم أو عملهم أوهما معا لتكون مشتركة بينهم بقصد تقسيم الربح الذي قد ينشأ عنها”.

وإذا قابلنا هذا التعريف بتعريف عقد الشغل يظهر أن هناك نوع من اللبس فللشريك في عقد شركة قد يكون شريكا بعمله فقط، كما أن أجر الأجير في إطار عقد الشغل قد يأخذ شكل نسبة من الأرباح التي تحققها الشركة المستقلة، ففي الحالة التي يلتزم فيها الشريك بتقديم عمله كحصة في الشركة[49]، فإن التزامه هذا قد يختلط بالالتزام الناشئ عن عقد الشغل بتقديم العمل وبالتالي يشتبه مركز الشريك بالعمل بمركز الأجير[50] ذلك أن هذا الأخير يساهم أيضا بعمله مع مشغله في المشروع هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنه في الحالة التي يكون فيها المشرع أجراً لأجيره عبارة عن جزء من الأرباح فإن مركزه يختلط بمركز الشريك الذي يحصل على نسبة من الأرباح.

أمام هذا الوضع ورفعا لكل التباس، اقترح الفقه جملة من المعايير[51]، يبقى أهمها معيار التبعية وهو الرأي الغالب في الفقه[52]،وكان لهذا الرأي أثره الإيجابي على الاتجاه القضائي بخصوص التمييز بين عقد الشغل وعقد الشركة.

الفقرة الثانية: موقف الاجتهاد القضائي.

لقد ساير الاجتهاد القضائي المغربي الرأي الغالب في الفقه من خلال اعتماده على عنصر التبعية في إطار تمييزه بين عقد الشغل وعقد الشركة وهذا ما ترجمه في عدة قرارات قضائية منها ما يلي:

* قرار المجلس العلى بتاريخ 7 دجنبر 1992، وقد جاء في إحدى حيثياته:

” لكن حيث أن القرار المطعون فيه تأييده الحكم الابتدائي فقد تبنى عليه وأسبابه وقد ردَّ الحكم الابتدائي على شهادة الضعيف المحتاج لها بقوله: وحتى على فرض التسليم لما يشهده لشهود اللفيف الذي أدلى به من كون المتوفى كان يتقاضى نصف المحصول الفلاحي مقابل عمله مع الحد عليه، فإن ذلك يعتبر نوعا من الجر وليس شركه بين الطرفين، وهو تحليل بتسليم لا يشوبه أي فساد وليس في القرار أي خرق للفصول المجنح لهما”[53].

ومن خلال القرار السابق والحيثيات التي بنى عليه والقاضي بتأكيد الحكم المستأنف يتضح أن المجلس العلى لم يشر إلى عنصر التبعية، وإنما اعتمد على عنصر الأجر وكيفية أدائه قصد التمييز بين العقدين من خلال الحيثيات المشار إليها آنفا.

والاتجاه الذي ذهب إليه المجلس العلى سبق أن اتجهت إليه محكمة الاستئناف بالقنيطرة[54]، في احد قراراتها، والذي جاء فيه:

” وحيث إنه إذا كان المستأنف عليه ابتدأ عمله مع المستأنفة كأجير يخضع لتعليمات وأوامر رؤسائه، فإن تعيينه كمدير عام لشركة وبإجماع أعضاء المجلس الإداري للشركة طبقا للفصل 1022 من ق.ل.ع مع تملكه 280 سهما من أسهم الشركة بغير وضعيته كأجير ويجعل منه شريكا ومساهما في الشركة يحق له ما يحق لباقي الشركاء من مواقفه على القرارات الصادرة ومشاركة في اتخاذ القرارات ويضر به ما يلحق الشركة من خسارة وبالتالي فيصبح خاضعا من هذه العلاقة للقانون المنظم لعقد الشركة ولا يطبق عليه عقد العمل ولا قانون عقد الشغل نظراً لعدم توفر أي نوع من التبعية والتي تعتبر ركنا أساسيا لقيام عقد العمل”.

أداء من خلال القرارين السابقين يتضح أن الاجتهاد القضائي المغربي إلا أنه قد يثور خلاف بين أطراف العقد من حيث طبيعته هل هو عقد شغل أو عقد تسيير حر للأصل التجاري، هنا يأتي دور القضاء للفصل في الأمر، فكيف تعامل الاجتهاد القضائي مع هذا الأمر”.

الفقرة الثانية: دور الاجتهاد القضائي في التمييز بين العقدين:

كان للاجتهاد القضائي دور حاسم في مسألة التمييز بين عقد الشغل وعقد التسيير الحر للأصل التجاري من خلال عدة قرارات من ضمنها ما يلي:

-حكم المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء بتاريخ 5 يونيو 1984[55]، والذي جاء فيه:

“متىكان النائب من الوثائق المدلي بها أن المدعي تربطه بالمدعى عليه علاقة تسيير حر لمحل تجاري مقابل نصيف من الأرباح فغن هذه العلاقة ليست علاقة شغلية لافتقارها عنصر التبعية الذي هو العنصر الوحيد المميز لعقد الشغل”.

إذ الفضاء يميز ما إذا كان عقد التسيير حرا أم أن عقد التسيير مؤجراً نظراً لاختلاف الآثار المترتبة عن مسألة التكييف، فالمسير الحر يستقل باستغلال الأصل التجاري لحاسبه الخاص وتحت مسؤولية، وبالتالي فهو ليس مستخدما أو أجير لانعدام عنصر التبعية، أما في إطار السير المأجور فإن المدير يخضع لقانون الشغل، أما إذا تعلق بوكيل مأجور ويبقى للقضاء دور كبير في التمييز بين هذه الأنواع وإعطاء الوصف الذي يلائم كل حالة أو كل نوع، استنادا إلى وجود عنصر التبعية من عدمها.

وفي نفس الاتجاه صدر قرار المجلس الأعلى جاء فيه[56]:

” إن الطاعن لا ينكر أنه ارتبط مع المطلوبة مند سنة 1972 على الأقل في تسيير محطة البنزين حسب العقد الذي أدلى به الطرفين، وادعاؤه الجهل بمحتوى العقد يتنافى مع عمله القضاء المغربي وهو بصدد النظر في طبيعة العقد المتنازع بشأنه اعتمد على عنصر التبعية قصد تكييف العقد والتمييز بينه وبين عقد الشركة[57] – وهو نفس المعيار الذي يأخذ به الاجتهاد القضائي في تمييز عقد الشغل عن عقد آخر يقترب كثيرا منه- وهو عقد التسيير الحر للأصل التجاري.

المطلب الثالث: تمييز عقد الشغل عقد السير الحر للأصل التجاري.

بمقتضى التمييز بين العقدين الوقوف على عقد التسيير الحر للأصل التجاري ( الفقرة الأولى) وموقف الاجتهاد القضائي من التمييز العقدين ( الفقرة الثانية).

*الفقرة الأولى: مفهوم التسيير الحر للأصل التجاري.

يعتبر التسيير الحر للأصل التجاري بمثابة مال منقول معنوي يشمل جميع الموال المنقولة المخصصة لممارسة نشاط تجاري أو عدة أنشطة تجارية ومن ضمن ما يشتغل عليه الأصل التجاري الزبناء والسمعة…

وما يهمنا في هذا المقام معرفة ما إذا كان التسيير حراً أو مأجورا، أو ما يعبر عنه بالإدارة المأجورة والتي تعنى أن المسير هنا هو عن بعد بمثابة أجير يخضع في علاقته بمالك الأصل التجاري أو مشغله بمقتضاه 15 سنة وإقراره باستخلاص أجرته وأجرة العمال معه وواجب الضرائب وبذلك يكون سكوت القرار عن الدفع بالجهل بالعقد بمثابة رفض ضمني له لأنه دفع غير ثابت وقد اعتمد الحكم الابتدائي المؤيد على وجود عقد التسيير الحر وانتفاء علاقة الشغل بين الطرفين لانتفاء علاقة التبعية والإشراف بينهما وهو تحليل كاف لما انتهى إليه”.

من خلال الأمثلة التي أوردناها بخصوص مسألة تمييز عقد الشغل عن بعض العقود المشابهة له- لأنه يصعب تمييز العقد المذكور عن باقي العقود الأخرى التي قد تتشابه مع – وذلك حرصا منا على تفادي الإطناب والحشو- وبذلك توقفنا على بعض النماذج باعتبارها مجرد أمثلة لا غير، الهدف منها الوقوف على الاتجاهات الفقهية وتقصي العمل القضائي للتمييز بين عقد الشغل وباقي الأنواع التي تمت الإشارة إليها.

وفي إطار هذه العملية خلصنا إلى أن القضاء المغربي اعتمد على عنصر التبعية، الذي يفيد الإشراف والتوجيه والرقابة التي يمارسها رب العمل على الأجير، وجعله محددا أساسيا عن لم يكن الوحيد في بعض القرارات والحكام القضائية، ليس فقط في تجديد عقد الشغل عن غيره من العقود وغنما اعتبار عنصر التبعية مناط تطبيق القانون الاجتماعي برمته، ولهذا خصصنا المبحث الأول بكامله لهذا العنصر باعتباره الأساس الجوهري الذي يبني عليه الاجتهاد القضائي مسألة تكييف عقد الشغل وتحديد طبيعته من خلال تمييزه عن بعض العقود الأخرى المشابهة له، وهذا ليس هو المجال الوحيد الذي يتحمل فيه القضاء في علاقة الشغل الفردية، وإنما هناك مظاهر أخرى لتدخل القضاء في إعادة تكيف علاقة الشغل وتحديد طبيعتها.

فأين يتجلى تدخل القضاء في إعادة تكييف عقد الشغل؟

والإجابة على هذا السؤال ستكون من خلال الفصل الثاني.

[1]- المصطفى شنضيض: عقد الشغل الفردي، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2004، ص: 18.

[2]- مصطفى حنين: القانون الاجتماعي: علاقات الشغل الفردي، مطبعة سلكي إخوان، طنجة، الطبعة الأولى 2004، ص: 97.

[3]- محمد كشبور: انتهاء عقد الشغل: دراسة مفصلة لأحكام الفصل التعسفي، مطبعة النجاح الجديدة، مطبعة 208، ص: 240.

[4]- أما القانون المدني أو القانون التجاري مثلا.

[5]- أستاذنا: عبد الرزاق أيوب تكييف العقود، مجلة طنجس عدد 6 سنة 2007، ص: 198 وما بعدها.

[6]- يعرف عقد الشغل بكونه ” عقد بمقتضاه يتعهد أحد طرفيه وهو الأجير بان يعمل في خدمته الطرف الآخر وهو المشغل وتحت إشرافه ورقابته مقابل أجر يلتزم هذا الحير بدفعه له”

من خلال هذا التعريف ( الفقهي) يتضح عناصر عقد الشغل، وهي قيام الجير بالعمل ووجود علاقة تبعية ثم أداء الأجر من طرف المشغل.

أما أطراف عقد الشغل فتتمثل في كل من الأجير والمشغل..

– الأجير حسب المادة السادسة من مدونة الشغل في فقرتها الأولى هو:

” كل شخص التزم يبدل نشاطه المهني تحت تبعية مشتغل أو عدة مشتغلين لقاء أجر أيا كان نوعه وطريقة أدائه.

– والمشغل حسب الفقرة الثانية من نفس المادة هو:

” يعد مشغلا شخص طبيعي أو اعتبار يها خاصا أو عاما يستأجر خدمات شخص ذاتي أو أكثر”.

[7]- الأجر: هو المقابل الذي يؤديه رب العمل خاصا لفائدة الأجير مقابل أداء العمل.

وقد ثم التنصيص على الأجر من خلال المادة 6 من مدونة الشغل

” … لقاء أجر أيا كان نوعه وطريقة أدائه”

ولتوضيح أكثر حول هذا الموضوع ” الأجر” انظر:

– محمد الكشبور: عناصر عقد الشغل في التشريع الاجتماعي المغربي، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، طبعة 1995، ص: 71.

– عبد اللطيف خالفي: الوسيط في مدونة الشغل ج الأول، مطبعة الوارقة الوطنية مراكش، الطبعة الأولى 2004، ص: 282.

– موسى عييدد: دروس في القانون الاجتماعي، مطبعة المركز الثقافي العربي، الطبعة الثانية 1994، ص: 140 وما بعدها.

[8]- انظر: أستاذنا: محمد الكشبور: عناصر عقد الشغل في التشريع الاجتماعي المغربي، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، طبعة 1995، ص: 114.

[9]- محمد الكشبور: المرجع السابق ص: 114 وما بعدها، حيث عرفها الأستاذ الكشبور أنها حالة قانونية تنتج عن عقد العمل، وتجعل العامل خاضعا لإدارة وإشراف من ينفد العمل لحسابه، أو لمن خول له هذا الأخير تلك السلطة.

للإطلاع أكثر حول مفهوم التبعية انظر على وجه الخصوص:

– الدكتور الحاج الكوري: القانون الاجتماعي، مطبعة الحرف المعتدل، الطبعة الأولى 1999، ص: 128 وما بعدها.

– محمد الكشبور، المرجع السابق، ص: 114 وما بعدها.

– موسى عبود: دروس في القانون الاجتماعي، مطبعة المركز الثقافي العربي، الطبعة الثانية1994، بيروت- لبنان ص: 167 وما بعدها.

– محمد الكشبور: إنهاء عقد الشغل، دراسة تشريعية وقضائية مقارنة، مطبعة النجاح الجديدة، طبعة 2008، ص: 244.

[10]- فالطبيب مثلا قد يزاول أو يمارس مهنة حرة أو قد يشتغل كأجير لدى شركة معينة لفحص الأجراء والمهندس قد يكون موظفا تابعا للدولة، وقد يزاول مهنة حرة في مكتبه، وقد يشتغل كأجير لدى شركة عقارية من هنا تظهر لنا أهمية توافر أو عدم توافر ركن التبعية في علاقة قانونية معينة، وذلك لأن علاقة التبعية، هي الأساس القانوني لعقد الشغل، وبالتالي هي الأساس تطبيق القانون الاجتماعي لأن هذا القانون هو قانون الأجراء لا قانون الوظيفة العمومية، والقانون المطبق على المحامين أو الأطباء والمهندسين الذينيخضعوه لأنظمة قانونية خاصة.

للمزيد من الإطلاع انظر: الحاج الكوري: المرجع السابق ص: 128 وما بعدها.

[11]-قلنا مفهوم واسع ونسبي لأنها ليست من درجة واحدة في جميع الحالات: فهي ليست تبعية قارة أو جامدة ذلك أن تبعية الطبيب الأجير مثلا تختلف عن تبعية الأجير المهندس وعن تبعية الممثل التجاري وتبعية السائق ليست هي تبعية المستخدم في ذلك البنك مثلا.

ويمكن القول هنا أن الشخص المهني للأجر يساعدنا كثيراً في تحديد طبيعة علاقته مع الغير وفي تحديد درجة تبعيته.

[12]- وأهم هذه القرائن هي قرينة طرفي عقد الشغل وقرينة الأجراء، وظروف تنفيذ عقد الشغل.

[13]- يعرف الأستاذ محمد الكشبور التبعية القانونية:

” يفترض عقد العمل وجود العامل في مركز تابع بالنسبة لصاحب العمل، وأوضحفي هذا الصدد أن التبعية المقصودة هنا هي التبعية القانونية… والتي تعني خضوع العامل في أداء العمل لإدارة وإشراف أو سلطة صاحب العمل، وهو مقابله تمتع صاحب العمل، بحق توجيه العامل فيما يقوم به من عمل، وإصدار أوامر إليه في شأنه ومراقبته في تنفيذ ذلك وتوقيع جزاءات عليه في حالة المخالفة ، فهي إذن تبعية من أداء العمل، وتنفيذه تصبغ عقد العمل بصبغة خاصة، وتميز مركز العامل بمقتضاه عن مركز من يقوم بعمل مستقل لا يخضع فيه لتوجيه أو إشراف ورقابة المتعاقد معه عليه”

[14]- محمد الكشبور: عناصر عقد الشغل في التشريع الاجتماعي المغربي، مرجع سابق، ص: ة114.

[15]- علي عوض حسن: الفصل التأديبي في قانون العمل، دار الثقافة العربية، طبعة 1975، ص: 19-20.

[16]- للإطلاع أكثر حول مفهوم التبعية ودوره في تكييف عقد الشغل انظر:

محمد التبعية كعنصر مميز لعقد الشغل، مقال منشور بالمجلة المغربية للاقتصاد والقانون المقارن العدد 12، ص: 7 وما بعدها.

[17]-فهي مثلا بالنسبة للنجار والحداد والخياط والميكانيكي ليست هي نفسها بالنسبة للطبيب والمهندس، وهكذا فالتبعية المفروضة على أجير لبسيط في ورشة للبناء أو للنجارة ليست هي نفس التبعية التي تفرض على طبيب يشتغل داخل نفس الورشة.

[18]- محمد الكشبور: إنهاء عقد الشغل، مرجع سابق، ص: 250.

[19]- جاء في قرار لمحكمة الاستئناف بسطات: ” وحيث إن وصف العلاقة الرابطة بين المستأنفة والمستأنف عليه لا ترتبط بكيفية أداء الأجر السنوي كان محدداً بالمدة أو بالقطعة أو بنسبة معينة من الدخل بل العبرة لمدى تبعية الثاني للأول من حيث الرقابة والإدارة والإشراف…)

– قرار رقم 7444 الصادر عن محكمة الاستئناف بسطات الصادر 25 سبتمبر 1984 منشور بمجلة القضاء والقانون، عدد 135-136، ص: 148 مر فوق بتعليق للأستاذ عبد الوهاب إعبابو.

[20]- دنيا مبارك: المرجع السابق، ص: 124-125.

[21]-Cuche: le rapport de dépendance, élément constitutif du contact du contrat de travail, revie critique,1913 p: 412.

للمزيد من الإطلاع حول مفهوم التبعية الاقتصادية انظر:

– Durandedet Vitu, ” traité de droit du travail”, ed. Dalloz. 1950 p: 241 et suiv

– محمد الكشبور إنهاء عقد الشغل، مرجع سابق، 246، وما بعدها.

[22]-Durandedet Vitu: op.citp.241

[23]-عبد اللطيف الخالفي: الوسيط في مدونة الشغل، الجزء الأول، علاقات الشغل الفردية، مطبعة الوراقة الوطنية، الطبعة الأولى 2004، ص: 252.

[24]- نفس المرجع: ص: 254 وما بعدها، نشير هنا أن الفقه رفض هذا المفهوم لأسباب متعددة من بينها أنه مفهوم غير محدد، يصعب أن يعرف أين يبدأ وأين ينتهي ومن جهة ثانية، أنه يعلق تكييف القانون للعقد على عنصر أجنبي عنه، هو المركز الاقتصادي والاجتماعيللأجير، ومن جهة ثانية أن الاكتفاء بالتبعية الاقتصادية من شانه أن يهدد بطغيان عقد الشغل على غيره من العقود التي ترد على العمل.

– للمزيد من الإطلاع حول هذا الموضوع انظر:

– جلال العدوي – عصام أنور سليم: قانون العمل، الإسكندرية، منشأة المعارف، الطبعة 1995، ص: 46.

– حسن كيرة: أصول قانون العمل: عقد العمل، الإسكندرية منشأة المعارف الطبعة الثالثة 1979، ص: 149.

[25]- وإن كان المشرع المغربي لم يعرف عقد الشغل في مدونة الشغل.

[26]- المادة 6 ” يعد أجيراً كل شخص التزم ببدل نشاط المهني، تحت تبعية مشغل واحد أو عدة مشغلين، لقاء أجر أيا كان نوعه، وطريقة أدائه.

[27]- عبد الطيف خالفي: الوسيط في مدونة الشغل، الجزء الأول، المرجع السابق، ص: 354.

[28]- حيث تنص المادة الثانية: ” تسري احكام هذا القانون أيضا على:

1-…

2-…

3- الأجراء المشتغلون بمنازلهم.

[29]- الفصل 12 من ظهير 22 فبراير 1995 الخاص بالصحفيين المحترفين وكذلك المادة الثالثة من مدونة الشغل.

[30]- أمال جلال، مسؤولية المؤاجر عن حوادث الشغل والأمراض المهنية في التشريع المغربي، مطبعة دار النجاح الجديدة بالدار البيضاء، سنة 1975، ص: 210 وما يليها.

[31]- محمد الكشبور: عناصر عقد الشغل…م.س.ص: 118 وما بعدها.

[32]-مثل شروط عدم الزواج، حيث أصبحنا نجد شرط العزوبة في عقود العمل أو ضمن لوائح المشروع تمنع العاملات من الزواج أثناء فترة العمل، والإخلال بهذا الشرط يتسبب في إنهاء عقودهن:

انظر في هذا الصدد: دنيا مبارك، الوجيز في القانون الإجتماعي، مطبعة دار النشر الجسور، الطبعة الثالثة، ص: 128 وما بعدها، ونشير

[33]- هذا القرار أورده الأستاذ محمد سعيد بناني في مرجعه حول قانون الشغل بالمغرب: الجزء الثاني، علاقات الشغل الجماعية، دار النشر المغربية، 1985 ( هامش الصفحة 113).

[34]- قرار رقم 758، صادر في 15 دجنبر 1976 ملف اجتماعي عدد 41799/73.

[35]- عبد اللطيف خالفي.م.س، ص: 381.

[36]- هناك بعض العقود التي تتشابه مع عقد الشغل، حيث سنقف على النماذج السالف ذكرها، إلا أن عقد الشغل قد يشتبه مع عقد الوكالة وعقد الإيجار.

وللإطلاع حول هذين النوعين انظر:

·عبد الطيف خالفي: م.س. ص: 395، حتى 400..

·الحاج الكوري : القانون الاجتماعي المغربي، مطبعة العرف المعتدل، الطبعة الأولى 19999 صفحة 136.

[37]- محمد الكشبور: مرجع ” إنهاء عقد الشغل” م.س ص: 242

– خالفي عبد اللطيف.م.س. ص: 268.

[38]- ظهير شريف رقم 1.03.194 صادر في 11 سبتمبر 2003 بتنفيذ القانون رقم 65.99 المتعلق لمدونة الشغل، الجريدة الرسمية عدد 5167، بتاريخ 8 دجنبر 2003 ص: 3969.

[39]- من ضمنها، المادة 6 و 21 وتنص هذه الأخيرة على ما يلي: على ما يلي

” يمتثل الأجير لأوامر المشغل في نطاق المقتضيات القانونية…”.

[40]- محمد الكشبور: مرجع ” انتهاء عقد الشغل…” م.س.ص: 243

ومن نفس الإتجاه: انظر كذلك:

-الحاج الكوري.م.س.ص: 136.

-خالفي عبد اللطيف.م.س. ص: 267.

-دنيا مباركة: الوجيز في القانون الاجتماعي، مطبعة دار النشر، الجسور وجدة، الطبعة الثالثة، 1998، ص: 136 وما بعدها.

[41]- قرار رقم 744 بتاريخ 25 شتنبر 1984 في الملف المدني عدد 1841، أورده خالفي عبد اللطيف، م.س. ص: 268.

[42]- قرار عدد 442 المؤرخ في 15 أبريل 1997 في الملف الاجتماعي عدد 41298/1/95.

وتتلخص وقائع هذا النزاع ( القرار) في أن شخصا كان يشتغل مع آخر في بناء بئر في ملكية هذا الأخير مقابل أجره يومية قدرها… وبتاريخ 10-8-91- سقط العامل في البئر وأصيب بكسر في جمجمته أدى إلى وفاته وقام ورثة الهالك بدفع دعوى ضد المشغل على أساس علاقة الشغل إلى جانب تربط الهالك بصاحب البئر مطالبة من الاستفادة من الحقوق التي يخولها لهم القانون الاجتماعي، خاصة فيما يتعلق بالإيراد. فحكم لهم في المرحلة الأولى وقف الطلب وفي المرحلة الثانية ثم تعديل القرار إلا أن ما يهمها هو التكييف الذي أعطاه خصما الموضوع إلى العلاقة التي كانت بين الطرفين بأنها علاقة شغل اعتماداً على عنصرين أداء العمل وأداء الأجر دون الإشارة إلى عنصر التبعية مما جعل هذا الحكم معرضا للنقض من طرف المجلس الأعلى وهو ما برره من خلال القرار السابق بناء على تخلف عنصر التبعية.

* القرار المنشور بمجلة المناهج عدد 6-5 سنة 2004، ص: 136.

[43]-قرار عدد 283، المؤرخ ص: 17-03-1998، الملف الاجتماعي عدد 505/4/1/19996، منشور بمجلة المناهج عدد 5-6 سنة 2004، ص: 140، مرفق بتعليق للأستاذ محمد الكشبور المعنون: التبعية معيار للتمييز بين عقد الشغل وعقد المقاولة قرار في قرارين للمجلس الأعلى، مجلة المناهج عدد 6/5 سنة 2004، ص: 145 وما بعدها.

[44]- قرار رقم 496 ملف اجتماعي عدد 9637/ 88 بتاريخ 17 ماي 1994 منشور في قرار المجلس الأعلى في المادة الاجتماعية ( 1962-1996)، منشورات المجلس الأعلى في ذكراه الأربعين، ص: 111.

[45]- قرار المجلس العلى رقم 758/76، ملف اجتماعي عدد 41799/73 الصادر في 15 دجنبر 1976، منشورات المجلس الأعلى م.س.ص: 9.

[46]- محمد الكشبور علاقة التبعية معيار للتمييز بين عقد الشغل وعقد المقاولة من خلال قرارين للمجلس الأعلى (قرار رقم 442 المؤرخ في 15-4-97 والقرار رقم 283 المؤرخ في 17-03-1998).، مجلة المناهج، عدد 6-5 سنة 2004، ص: 136 وما بعدها.

[47]- لقد تمت الإشارة إلى هذا القرار، سابقا، انظر الصفحة 14.

[48]- للإطلاع أكثر حول هذه النقطة انظر:

– الكشبور محمد: رقابة المجلس الأعلى على محاكم الموضوع، محاولة للتميز بين القانون والواقع، مطبعة النجاح الجديدة، طبعة 2001، ص: 322 وما بعدها

[49]-للإطلاع حول هذه النقطة: راجع كتب القانون التجاري

– فؤاد معلال: شرح القانون التجاري المغربي، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء.

[50]- عبد اللطيف خالفي: م.س ص: 386، الطبعة الثانية، 2001، ص: 183 وما بعدها.

[51]- من ضمنها المعيار الذي يقضي بأن الأجير لا يتحمل مخاطر المشروع بل يتحملها مخاطر المشروع بل يتحملها المشغل، وكذلك انتفاء بين المشاركة وضرورة توفرها في عقد الشغل .

[52]- للوقوف على هذا الرأي انظر:

– خالفي عبد اللطيف.م.س ص: 389.

– الكشبور محمد/ مرجع: عناصر عقد الشغل…م.س ص: 172.

– دنيا المباركة: م.س. ص: 137.

– مصطفى حنيني: القانون الاجتماعي، علاقات الشغل الفردية، مطبعة سليلي إخوان، طنجة، الطبعة الأولى 2005/206.، ص: 139.

[53]- قرار الغرفة الاجتماعية بالمجلس العلى رقم 592 بتاريخ 7 دجنبر 1992، في الملف المدني عدد 9103/90 منشور بمجلس المحاكم المغربية عدد 67 سنة 1997، ذكره عبد اللطيف خالفي، م.س. ص: 389 وما بعدها.

[54]- قرار محكمة الاستئناف بالقنيطرة بتاريخ 20 ماي 1991 في الملف الاجتماعي عدد 1760/90 منشور بمجلة الإشعاع العدد 6 سنة سنة 1996 أورده خالفي عبد اللطيف م.س. ص: 389، وكذلك محمد الكشبور في مرجعه : إنهاء عقد الشغل، م.س. ص: 255.

[55]- حكم المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء صادر بتاريخ 5 يونيو 1984 منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 36 ، أورده محمد الكشبور مرجع ” إنهاء عقد الشغل ” صفحة 261 ( الهامش)

وفيه أيضا عدده قرارات في نفس الاتجاه

[56]- قرار الغرفة الاجتماعية بالمجلس الأعلى بتاريخ 25 أبريل 1985 م أورده محمد الكشبور ، مرجع من صفحة 262.

[57]- ينبغي الاشارة هنا إلى عقد الشغل وقد يلتبس أيضا مع عقد ادارة الشركة ، وفي هذا الإطار صدر أيضا قرار عن المجلس الأعلى بتاريخ 28 يونيو 2006 عن الغرفة الاجتماعية رفض فيه طلب مدير شركة تم عزله ودعى فيه بأنه يرتبط مع الشركة بعقد شغل تنتفي معه علاقة التبعية بينه وبين مجلس الإدارة وهذه العلاقة تعتبر عنصرا أساسيا في عقد الشغل .

للوقوف على هذا القرار بتفصيل أنظر :

محمد الكشبور ، مرجع إنهاء عقد الشغل ” م س ” صفحة 256 والقرار مأخوذ عنه .