المفهوم القانوني و الفقهي للخطورة الإجرامية

المؤلف : صلاح هادي صالح الفتلاوي
الكتاب أو المصدر : الخطورة الاجرامية واثرها في تحديد الجزاء الجنائي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت

التعريف الفقهي للخطورة الإجرامية

تعتبر الخطورة الإجرامية فكرة مرنه تحتمل التأويل في المفهوم حسب الظروف والمتغيرات في كل مجتمع من المجتمعات(1) ، وهذا يتضح من تعرض العديد من الفقهاء(2) لاعطاء تعريف واضح لفكرة الخطورة الإجرامية يبتعد عن كافة الاحتمالات والافتراضات المبنيه على اسس غير ثابتة أصلاً .

وقد عرف ( كاروفالو ) الخطورة الإجرامية انها ( الأهلية الجنائية التي تبين ما يبدو على المجرم من فساد دائم فعال ، كما انها تحدد كمية الشر التي يتوقع حدوثها عنه ولتقدير هذه الخطورة يجب مراعاة مدى قابلية ذلك المجرم للتجاوب مع المجتمع)(3) .

ويتضح من تعريف (كاروفالو) الى انه من انصار الاتجاه الاجتماعي في تعريف الخطورة الإجرامية وهو في ذلك ينطلق من حيث أن مدى قابلية ذلك المجرم للتجاوب مع المجتمع هي احد العناصر الاساسية في تعريف (كاروفالو) للخطورة ، اذ انه ولكي يعتبر مجرم ما خطراً على المجتمع يتعين البحث في مدى توافر الاحوال الاجتماعية التي يمكن أن يفترض أنها ستؤدي الى جعل مجرم ما خطراً على المجتمع(4) أي أن الخطورة الإجرامية تتنامى حيث تلقى البيئة الاجتماعية المناسبة التي يمكن مع وجودها أن تأخذ الخطورة مكانها. وبالرغم من صحة هذا الفرض ، إلا أن القول أن الخطورة الإجرامية قد اخذت من وجهة نظر (كاروفالو) اتجاها اجتماعياً هو قول غير سليم ، فصحيح أن قابلية المجرم للتجاوب مع المجتمع هو عنصر من عناصر الخطورة الإجرامية لدى (كاروفالو) إلا انها ليست العنصر الوحيد ، فالاهلية الجنائية ، والتي تمثل مدى استعداد وقابلية الشخص النفسية متأثرة بجميع العوامل الأخرى ، اجتماعية كانت أم وراثية أم غيرها لان يصبح مجرماً(5) تمثل العنصر الاخر لهذا التعريف ، وبالتالي فأن هناك عنصراً نفسياً يدخل في التعريف بجانب العنصر الاجتماعي إما من حيث التلازم بين العنصرين أي العنصر النفسي مع العنصر الاجتماعي فأنه يمكن القول بعدم اشتراط التلازم بين الاهلية الجنائية ومدى التجاوب الاجتماعي للمجرم(6) اذ أن هناك بعض الاشخاص من يتوفر لديهم الاهلية الجنائية دون أن يكون لديهم امكانية التجاوب الاجتماعي ، ومع ذلك فأنهم قد يشكلون خطراً على المجتمع .

بمعنى آخر ، فان الخطورة الإجرامية يمكن لها أن تتكون بمجرد أن يكون لدى الشخص اهلية جنائية من دون أن تقترن مع التجاوب الاجتماعي ، وهذا من وجهة نظرنا اهم انتقاد يمكن أن يوجه الى التعريف الذي وضعه (روفائيل كاروفالو ) .وقد تصدى الفقيه ( جرسبيني )(7) الى تعريف الخطورة الإجرامية ، وقد عرفها بأنها ( اهلية الشخص الواضحة في أن يصبح على جانب من الاحتمال مرتكباً لجريمة في المستقبل ) والواقع فان الخطورة من وجهة نظر (جرسبيني) هي عبارة عن الاستعداد الجرمي ، الذي يمثل حصيلة التكوين النفسي في مجموعه ، ويرتبط بمدى قوة الروادع الذاتية التي تتحكم في الدوافع الداخلية والخارجية فأذا اشتد هذا الاستعداد وازدادت فاعليته فقد تحول من مجرد امكانية ارتكاب جريمة الى احتمال وقوعها بالفعل أي خطورة إجرامية ، وهذا ما يقصده (جرسبيني) بالاهلية الجنائية(8). وللخطورة من وجهة نظر (جرسبيني) جاتبان ، جانب نفسي يتمثل في حالة الشخص النفسية وصفاته وظروفه الاعتيادية في أن يصبح مرتكبا للجريمه وجانب قانوني يتمثل في حالة غير قانونية تتكون لدى الشخص فيترتب عليها توقيع جزاء جنائي(9) .
ولكن يلاحظ على هذا التعريف أمران : -(10)
أن (جرسبيني) اعتد في تعريف الخطورة الإجرامية بما يتوافر في الشخص من حالة النفسية تدفعه الى العود نحو ارتكاب الجريمة . انه ربط بين الخطورة الإجرامية في نظر القانون وبين الجزاء الجنائي ، فجعلها صفة شخصية تلحق بصاحبها وتعرضه من الوجهة القانونية للجزاء الجنائي . ومن الفقهاء الذين عرفوا الخطورة الإجرامية الفقية (جيني دي أسوا ) الذي عرفها بأنها (الاحتمال الاكثر وضوحاً في أن يصبح شخص ما مرتكباً للجرائم أو في أن يعود لارتكابها) وقد أضاف الاستاذ (دي أسوا) بأن الخطورة الإجرامية تنطوي على احتمال أن يرتكب الشخص اعمالاً غير اجتماعية ، إلا انه عند التحدث عن القانون الوضعي يجب تقييد الفكرة باحتمال الاقدام على ارتكاب الجريمة(11) ، وقد اخذ المؤتمر الدولي الثاني لعلم الأجرام المنعقد في باريس عام 1953 الذي يتضمن من بين موضوعاته موضوع ((تحديد الخطورة الإجرامية)) بالتعريف الذي صاغه كل من (جرسبيني) و (دي أسوا) ومضمونه : (أن حالة الخطورة تقوم لدى الشخص متى كان من المحتمل اقدامه مباشرة على عمل غير مشروع وسواء كان ذلك بصورة مؤقته أم بصفة مستمرة على الحقوق الشخصية القانونية ، كالحق في الحياة والحق في سلامة الجسم والحق في الحرية والحق في الملكية ، ولو لم يكن هذا الجزاء مقصوداً في ذاته(12) .
وقد لوحظ على هذا التعريف ما يلي : –
انه خلا من بيان طبيعة الاحتمال ، وما اذا كان يرجع الى حالة داخلية كامنة في شخص المجرم ، وما طبيعة هذه الحالة هل هي حالة نفسية أم بيولوجيه أم يرجع الى ظروف خارجية . انه تأثر بالتعريف الاجتماعي للجريمة في علم الأجرام(13) الذي لايتلاقى مع التعريف القانوني للجريمة ، فالفقيه (دي اسوا) يعتقد بأن الخطورة في نظر القانون الوضعي هي التي تفيد الاحتمال نحو ارتكاب الجريمة وانها في نظر علم الأجرام الاحتمال نحو ارتكاب عمل غير اجتماعي(14)

وقد عرف (لوديه) الخطورة الإجرامية عن طريق وضع تعريف للشخص الخطر وهو في نظره الشخص الذي تتوافر لديه حالة نفسية – سواء بناءً على ذاتيته غير الاجتماعية أم بسبب ما لديه من عدم توازن دائم أو مؤقت أو عادات مكتسبة أو مفروضة بحكم الحياة الاجتماعية أو غير ذلك من الأسباب البسيطة أو المجتمعة ويتوافر فيها الاحتمال المؤقت أو الدائم نحو القيام بعمل غير اجتماعي(15) ويتميز هذا التعريف بأنه يرجع الخطورة الإجرامية الى أسباب وعوامل مختلفة تطرأ على الفرد تؤدي الى هدم التوازن المفروض بين دوافع الأجرام وموانعه بشكل يؤدي الى توافر حالة نفسية تجعل من ارتكاب الجريمة امراً محتملاً ، فهي حالة نفسية حتى وان كان الدافع المباشر لارتكاب الجريمة هو دافع اجتماعي .

فأن هذا الدافع لابد أن يؤثر على الحالة النفسية للشخص بشكل يجعل احتمال الاقدام على ارتكاب الجريمة كبيراً(16) . بالاضافه لما سبق ، فقد تعرض فقهاء اخرون الى تعريف الخطورة الإجرامية مثل العالم الالماني (فون ليست) الذي عرف الخطورة الإجرامية انها (طبيعة خاصة في الفرد بمقتضاها لايمكن منعه من ارتكاب وقائع إجرامية بالتهديد بالعقاب أو بتنفيذه)(17) وهذا التفسير لا يتفق مع طبيعة الخطورة الإجرامية من وجهة نظرنا ، ذلك لان التسليم به يعني أن وقوع الجريمة من قبل الشخص الخطر هو امر حتمي لايمكن الحيلولة دون وقوعه ، في حين سنرى أن الخطورة هي احتمال على درجة كبيرة من القوة ينذر بالاقدام على ارتكاب الجريمة ، كما أن هذا التعريف خلا من بيان ماهية الطبيعة الخاصة وما اذا كانت تعود الى عوامل بيولوجية أم نفسية ؟ ومن الفقهاء الغربيين الاخرين يعرف كل من (نورفال موريس ومارك ميلر) الخطورة الإجرامية انها (الحكم على وفق أسس علمية ثابته على شخص معين انه من المحتمل أن يقدم على ارتكاب جريمة معينه في المستقبل)(18) . ويلاحظ على هذا التعريف انه قد خلا من بيان طبيعة الخطورة فيما اذا كانت حالة نفسية أم بيولوجية .

وفي الفقه العربي ، تعددت ايضاً التعريفات التي وضعها الفقهاء للخطورة الإجرامية واخذت اتجاهين : ركز الاتجاه الاول على الاستعداد الاجرامي بينما ركز الاتجاه الثاني على عنصر الاحتمال(19) . وعلى الرغم من اختلاف التعاريف التي وضعت للخطورة الإجرامية إلا انها في حقيقة الامر تدور حول مضمون واحد هو أن الخطورة الإجرامية حالة نفسية تلحق شخص المجرم مع احتمال ارتكاب هذا المجرم لجريمة في المستقبل أو العودة الى ارتكابها(20) ، ولذلك افردنا بالذكر بعض هذه التعاريف دون البعض الاخر ، فقد عرضها الدكتور (محمود نجيب حسني) بأنها (احتمال ارتكاب المجرم جريمة تاليه)(21) ويلاحظ على هذا التعريف امرين الاول انه قد وصف الشخص الخطر بالمجرم فقال انها (احتمال اقدام المجرم) وهو تعبير من أوجه التعاريف في هذه الناحية ذلك لان من شروط الخطورة الإجرامية والامارات التي تكشف عنها هو ارتكاب الجريمة وبالتالي فأن الخطورة الإجرامية لا تكون إلا لدى المجرم(22) .

و الأمر الثاني الذي يلاحظ على هذا التعريف هو انه قد خلا في بيان طبيعة الاحتمال ، وما اذا كان يعود الى حالة داخلية كامنه في شخص المجرم وما هي طبيعة هذه الحالة ؟ هل هي نفسية أم بيولوجية أم ترجع الى ظروف خارجية ؟ . وقد عرف الدكتور (احمد فتحي سرور) الخطورة الإجرامية بأنها (حالة تتوفر لدى الشخص تفيد أن لديه احتمالاً واضحاً نحو ارتكاب الجريمة أو العوده الى ارتكابها)(23) . ويلاحظ على هذا التعريف انه قد جمع في مفهوم الخطورة بين الخطورة الإجرامية والخطورة الاجتماعية وذلك يتضح لنا من تعبير (ارتكاب الجريمة أو العوده الى ارتكابها) وان الحالة الشخصية التي توضح أن الفرد سيقدم على ارتكاب الجريمة – أي تلك السابقة على الجريمة تعد من قبيل الخطورة الاجتماعية ، إما ارتكاب الجريمة فعلاً وصدور افعال تنم عن احتمال العوده الى ارتكابها فأن ذلك يعد من قبيل الخطورة الإجرامية أي انها لاحقة على ارتكاب الجريمة (24) .

إما الاستاذ (رمسيس بهنام) فيعرفها بأنها (حالة نفسية تجعل من صاحبها أن يكون مصدراً لجريمة ما مستقبلاً)(25) وعلى هذا المنوال نفسه يسير الدكتور (جلال ثروت) في تعريفة للخطورة الإجرامية ، مع التأكيد من جانبه على ضرورة أن يكون الشخص الذي توصف شخصيته بذات الخطورة الإجرامية قد ارتكب جريمة سابقة ويتخوف من أن يرتكب جريمة لاحقه ، وهو الامر الذي لم نجده في التعريف الذي وضعه الاستاذ (رمسيس بهنام) ويضع الدكتور (جلال ثروت) التعريف التالي لها (حالة في نفس الشخص تنذر باحتمال ارتكابه جريمة أخرى في المستقبل) (26) .

من الفقهاء الذين تعرضوا لتعريف الخطورة الإجرامية الدكتور (مأمون محمد سلامة) الذي عرفها بأنها (قدرة الشخص على ارتكاب الجرائم بناءً على استعداد متواجد لديه ، وهذا الاستعداد قد يكون أصلياً اذا الفرد قد ولد لديه ، وقد يكون مكتسباً اذا كان نتيجة لعوامل ناتجة عن البيئة الاجتماعية ساهمت في تكوين الشخصية)(27) وما يمكن ملاحظته على هذ التعريف انه قد استعاض عن لفظ (الاحتمال) الذي غالباً ما يورده الفقهاء عند تعريف الخطورة الإجرامية بلفظ (القدرة) وفي حقيقة الامر فأن ذلك لايكون له أهمية كبيرة فما دام الاحتمال يعني كل نتيجة معينة يمكن التنبؤ بها ما دامت مسبباتها ثابته وواضحة ومعلومة وليست موضعاً للشك (28) ، وبالتالي فما دامت المسببات موجودة فالقدرة على تحقيق النتيجة لدى الفرد الذي تتوفر امامه مسبباتها تكون موجودة ايضاً .

وهكذا بقيت التعاريف الأخرى التي اوردها الفقهاء حول الخطورة الإجرامية تدور في فلك التعاريف السابقة ، فهي تركز على كونها حالة في الشخص وانها احتمال ارتكاب الجريمة ، فقد عرفها الدكتور (عبد الفتاح مصطفى الصيفي) على انها (مجموعة الظروف التي اذا توافرت في الفرد أصبح سبباً محتملاً لوقوع جريمة مستقبلاً)(29) كما يعرفها الدكتور (قدري عبد الفتاح الشهاوي) انها(حالة نفسية تكشف عما لدى الشخص من نزعات قوية بل واضحة الاحتمال في اقتراف الجرائم أو استمرار العود الى التردي فيها وارتكابها)(30) .

ويضع الدكتور (علي عبد القادر القهوجي) تعريفاً دقيقاً للخطورة الإجرامية بقوله انها (حالة أو صفة نفسية لصيقه بشخص الجاني تنذر باحتمال اقدامه على ارتكاب جريمة أخرى في المستقبل) (31) ، ووجه الدقة في هذا التعريف هو انه بين طبيعة هذه الخطورة واوضح انها حالة نفسية ثم بين انها لاتصدر إلا عن المجرم أي الشخص الذي ارتكب جريمة في السابق ومن المحتمل أن يرتكب جريمة مستقبلاً . واخيراً يعرف الدكتور (محمد شلال حبيب) الخطورة الإجرامية بأنها (حالة نفسية تتكون لدى الشخص نتيجة عوامل داخلية وخارجية تجعله اكثر ميلاً لارتكاب جريمة في المستقبل) (32) .

ونحن بدورنا نفضل صياغة التعريف التالي للخطورة الإجرامية :
حالة نفسية تتكون لدى شخص المجرم نتيجة لعوامل وظروف معينه ومختلفة تتفاعل فيما بينها لتجعل من احتمال اقدام المجرم لجريمة أخرى امراً وارداً .
___________________
1- Clara CHassel Cooper K Acomporitive study of Deliqunts and NoN Deliqunts ، London ، p 107
2- يعتبر الفقيه الايطالي (روفائيل كاروفالو) اول من تصدى لتعريف الخطورة الإجرامية ، وذلك في المقال الذي نشره في مجلة الفلسفة والاداب التي كانت تصدر في نابولي سنة (1878) تحت عنوان ( دراسة حديثه في علم العقاب )
د- محمد شلال حبيب ، الخطورة الإجرامية – دراسة مقارنة – الطبعة الأولى ، دار الرسالة ، بغداد 1979 ، ص 15 الهامش
3- Garofalo ، La Criminology ، Paris 1982 ، p329 .
ذكره : د- أحمد فتحي سرور، نظرية الخطورة الإجرامية، مجلة القانون والاقتصاد، العدد الثاني، السنة الرابعة والثلاثون، مطبعة جامعة القاهرة، يونيه 1964، ص 496 .
4- د- الخطورة الإجرامية – دراسة مقارنة -، الطبعة الأولى، دار الرسالة، بغداد، 1980، ص 25 .
5- H.j Eysenck ، Crime and Persenality ، London 1964 ، p 127 .
6- Pinatel : Criminologe 1963 pp 410 ، 411 .
ذكره د- احمد فتحي سرور ، المرجع السابق ، هامش رقم (1) ص 497 .
7- يذهب د(رمسيس بهنام) للقول أن الفضل في صياغة نظرية الخطورة الإجرامية يعود الى الاستاذ (جرسبيني) .
د- رمسيس بهنام ، النظرية العامة للقانون الجنائي ، منشأة المعارف الاسكندرية 1971 ، الطبعة الثالثة ، ص 1055 ، هامش رقم (1) ، ص 497 .
في حين ينتقد الدكتور (محمد شلال حبيب) وجهة النظر هذه بالقول ( أن الاستاذ بهنام لم يقصد من قوله أن الفضل في صياغة النظرية هو الدراسة والتحليل لان الصياغة شيئ والدراسة والتحليل شيئ آخر ) . د- محمد شلال حبيب ، ص 27 ، الهامش
8- د- يسر انور علي ، النظرية العامة للتدابير والخطورة الإجرامية ، مجلة العلوم القانونية والاقتصادية ، العدد الاول ، السنه الثالثة عشر مطبعة عين شمس 1971 ، ص 196 .
9- د- رمضان السيد الألفي، نظرية الخطورة الإجرامية، رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة، 1966، ص 88 .
10-Aly Badawi ، Letat deingereux . du delinquent ، Revve ، AL – Qanoun eal dqtisad 1931 ، p48
11- De Asua ،la systematization juridique ، de letat dang – ereux ، Deuxieme cours ، international de criminology، Raris 1953 ، p 358 ذكره د- احمد فتحي سرور ، المرجع السابق ، ص 498 هامش رقم (1)
12- د- رمضان السيد الألفي ، المرجع السابق ، ص 88 .
13- يقصد بالتعريف الاجتماعي للجريمة في علم الأجرام ، ذلك التعريف الذي رد الظاهرة الإجرامية الى عوامل اجتماعية ، أن (كاروفالو) هو اول من اهتم بالجانب الاجتماعي للجريمة اكثر من التعريف القانوني لها ويعتبر العالم الامريكي (ثورستن سيلن) اول من وضع نظريته المسماة (نظرية التفكك الاجتماعي) التي تتميز بدعوتها الى تشبه المجتمع المتحضر بالمجتمع الريفي في حرصه على الحفاظ على الروابط الاسرية والاجتماعية على أساس أن المجتمع الريفي اقل تعرضاً للظاهرة الإجرامية بناءً على احصائيات قام بها (ثورستن سيلن) على المجتمع الامريكي .
انظر في ذلك بالتفصيل .
Hj Eysenck ، Crime And Persenality op . cit .p118 إدوين سذرلاند ، دونالد اركوبي ، مبادئ علم الأجرام ، ترجمة محمود السباعي وحسن صادق المرصفاوي ، المكتبة الانكلو – مصريه ، القاهره 1968 ، ص 98 .
وكذلك انظر : حيدر البصري، عوامل السلوك الإجرامي بين الشريعة والقانون، مجلة النبأ، العدد الثاني والخمسون، كانون الأول 2000، ص 7 – 8 .
واضافة الى نظرية التفكك الاجتماعية هناك نظرية العوامل الاقتصادية التي ردت الظاهرة الإجرامية الى العوامل الاقتصادية السيئة التي يمر بها البشر .
انظر : د- محمد شلال حبيب ، علم الأجرام ، بغداد 1990 ، ص 123 .
14- د- احمد فتحي سرور ، المرجع السابق ، ص 498 .
15- د- احمد فتحي سرور ، المرجع السابق ، ص 498 .
16- Walter Bromberg ، Grime And The Maind ، New York 1977 ، p 71 .
17- د- يسر أنور علي، النظرية العامة للتدابير والخطورة الإجرامية، مجلة العلوم القانونية والاقتصادية، العدد الأول، السنة الثالثة عشر، مطبعة جامعة عين شمس، 1971، ص 196 . وهو يشير الى : –
Slilvio Ranien ، Manualedi diritto penale padova ، Cedam 1956 ، p 518
18- Norval Mouris And Mark Miller ، Predicting Criminal Dengerousness ، Chicago Vnivercity ، Crims Departmcnt 2001 p 9 .،
19- د- رمضان السيد الألفي ، المرجع السابق ، ص 87 .
20- المرجع نفسه ، ص 87 ، 88 .
21- د- محمود نجيب حسني ، علم العقاب، دار النهضة العربية، 1973، ص 135 .
وكذلك بحثه المنشور في مجلة ادارة قضايا الحكومة ، تحت عنوان ، النظرية العامة للتدابير الاحترازية ، العدد الاول ، السنة الحادية عشر 1967 ، ص 16 .
22- وهي بذلك تختلف عن الخطورة الاجتماعية التي لايشترط في صاحبها أن يكون قد ارتكب جريمة ما سابقاً ، وسنأتي على بيان المقصود بالخطورة الاجتماعية وتمييزها عن الخطورة الإجرامية في موضع القادم أن شاء الله .
انظر نفس هذا الرأي لدى : د- محمد فتحي النجار، الخطورة الإجرامية، المجلة الجنائية القومية، العدد الثالث، المجلد الرابع عشر، نوفمبر 1971، ص 463 .
23- د- احمد فتحي سرور ، المرجع السابق ، ص 500 .
24- انظر د- يسر أنور علي ، النظرية العامة للتدابير الاحترازية والخطورة الإجرامية ، المرجع السابق ، ص 200 – 2001 .
د- عادل عازر ، طبيعة حالة الخطورة واثارها الجزائية في مشروع قانون العقوبات لسنة 1966 ، المجلة الجنائية القومية ، العدد الأول ، مارس 1968 ، المجلد الحادي عشر ، ص 193 – 194 .
د- عبد الفتاح الصيفي ، حول المادة (57) من مشروع قانون العقوبات المصري ، المجلة الجنائية القومية ، العدد الأول ، مارس 1968 ، المجلد الحادي عشر ، ص 98 .
25- د- رمسيس بهنام ، علم الوقاية والتقويم ، الاسلوب الامثل لمكافحة الجريمة ، منشأة المعارف الاسكندرية 1986 ، ص 63 .
كذلك مؤلفه في النظرية العامة للقانون الجنائي ، المرجع السابق ، ص 1030 .
26- د- جلال ثروت ، الظاهرة الإجرامية ، ص 245 .
27- د- مأمون محمد سلامة ، قانون العقوبات – القسم العام ، الطبعة الرابعة ، دار الفكر العربي 1984 ، ص 726 .
28- انظر د- يسر أنور علي ، النظرية العامة للتدابير الاحترازية والخطورة الإجرامية ، المرجع السابق ، ص 198 .
د- قدري عبد الفتاح الشهاوي ، الموسوعة الشرطية القانونية ، عالم الكتب ، القاهره 1977 ، ص 75 .
د- جلال ثروت و د- محمد زكي أبو عامر، علم الأجرام والعقاب، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت، 1983، ص 308 .
29- د- عبد الفتاح مصطفى الصيفي ، الجزاء الجنائي – دراسة تاريخية فلسفية وفقهية -، بيروت، دار النهضة العربية، 1972، ص 130 .
30- د- قدري عبد الفتاح الشهاوي، الخطورة الإجرامية، الموسوعة الشرطية القانونية، عالم الكتب، 1977، ص 74 .
31- د- علي عبد القادر القهوجي ، قانون العقوبات – القسم العام ، الدار الجامعية ، بيروت 2000 ، ص 631 .
32- د- محمد شلال حبيب ، الخطورة الإجرامية – دراسة مقارنة -، الطبعة الأولى، دار الرسالة، بغداد، 1980، ص 32 .

التعريف القانوني للخطورة الإجرامية
بالنظر للاهمية التي شكلتها فكرة الخطورة الإجرامية على مجمل النظام الجنائي باعتبارها من الموضوعات التي تقف على الحدود بين علم الأجرام وعلم العقاب وقانون العقوبات نظراً لما تثيره من مشكلات إجرامية وعقابية وقانونية (1) . فنجد أن هذه الفكرة قد شقت سبيلها لتكون حاضرة في نصوص القوانين العقابية المختلفة .

وكان اقرار هذه الفكرة ظاهرة تشريعية عرفت في القرن العشرين ، إلا أن البحث التاريخي يكشف عن ظهور هذه الفكرة في بعض التشريعات القديمة(2) . ففي عهد الملك (تشارلز) في انكلترا نص قانون العقوبات لسنة (1532) في المادة (176) على انه اذا تبين أن الشخص بعد ارتكاب جريمته الأولى يهدد بأرتكاب جريمة ثانية فأن للقاضي أن يأمر بحبس هذا الشخص حتى يقدم كفيلاً أو ضماناً كافياً . وفي عام (1777) أجاز القانون الاسباني حبس المحكوم عليه لمدة سنتين بعد قضاء عقوبته اذا تبين أن الافراج عنه قد يشكل خطراً واجازت التشريعات الاوربية القديمة منها القانون الفرنسي القديم اتخاذ تدابير ادارية ضد الخطرين وفي نهاية القرن الثامن عشر نظم القانون الوضعي التدابير التي توجه ضد الخطورة الإجرامية ، ومع ذلك فيلاحظ أن هذه الحركة التشريعية قد اتجهت الى مجرد الاعداد نحو الاخذ بفكرة الخطورة الإجرامية. وبالرغم من ميل بعض التشريعات في القرن التاسع عشر الى الاخذ بفكرة الخطورة إلا انها اقتصرت على اعتناق بعض نتائجها دون ايضاح تعريفها وقد تجلى ذلك في الأخذ بنظام التدابير الاحترازية من دون بيان ماهية الخطورة أو تحديد فكرتها .

وفي الولايات المتحدة الامريكية ظهرت فكرة العقوبة غير محددة المدة في نهاية القرن التاسع عشر ، وهي تدبير يفترض ايداع نوع من المجرمين الخطرين في السجون طوال المدة اللازمه لعلاج خطورتهم . ومع ذلك فقد خلا الامر من ايضاح فكرة الخطورة الإجرامية ذاتها التي تعد أساساً لهذا التدبير .وفي القرن العشرين ظهرت فكرة الخطورة الإجرامية في الميدان التشريعي لأول مرة في قانون العقوبات النرويجي عام (1902) ، ووجدت تطبيقاً لها في هذا القانون بالنسبة الى فئتين من المجرمين الخطرين هما ، المعتادون على الأجرام ، والشواذ . ومنذ ذلك الوقت بدأت فكرة الخطورة الإجرامية تدخل القانون الوضعي وخاصة في القوانين الصادرة في الفترة ما بين الحربين العالميتين أي منذ سنة (1919) الى سنة (1939) . والملاحظ على التشريعات التي اخذت بفكرة الخطورة الإجرامية انها قد سارت في اتجاهين (3) .

الاتجاه الاول : (الاتجاه الموضوعي) ويظهر هذا الاتجاه في اقتصار القانون على تحديد الشروط التي يجب أن تتوافر في الشخص الخطر لأمكان تطبيق التدابير الاحترازية عليه ، مثال ذلك ما سلكه القانون الفرنسي الصادر في عام 1885 الخاص بأبعاد العائدين والمعتادين بعد تنفيذ العقوبة ، وكذلك قانون نيويورك لسنة 1926 بالنسبة الى اعتقال المعتادين على الأجرام الذين سبق ادانتهم اربع مرات (4) .
الاتجاه الثاني : (الاتجاه الشخصي) ويعتمد هذا الاتجاه على تقدير شخصية المجرم على ضوء الفحص العلمي ، حيث يكلف القانون القاضي بالبحث فيما اذا كان المجرم يعتبر شخصاً خطراً أم لا مع افتراض عدم تطبيق شروط قانونية مجردة سبق تحديدها على نحو تحكمي ، فاذا أقر ذلك اجيز له توقيع التدبير الاحترازي ومثال التشريعات التي أخذت بهذا النظام قانون العقوبات الاسباني الصادر في العام 1928 وقانون العقوبات الايطالي الصادر في العام 1930 .

ونلاحظ في إطار الاتجاهين فيما يتعلق بالسلطة التقديرية للقاضي انها تضيق في الاتجاه الموضوعي أي حيث يحدد القانون الشروط اللازمه لاعتبار شخص من الاشخاص خطر بغية فرض التدابير الاحترازية عليه وبالتالي فأن القاضي سيكون ملزماً بهذه الشروط القانونية من دون أن تكون له السلطة التقديرية في خلق أسباب وشروط جديدة لخطورة الاشخاص .

في حين أن الاتجاه الثاني يعمل على التوسيع من سلطة القاضي التقديرية في هذا المجـال . حيث يسترشد القاضي ببعض الامارات الكاشفة عن الخطورة التي يحددها القانون.

ومن خلال ما سوف نعرضه من القوانين التي تناولت فكرة الخطورة الإجرامية نجد أن معظمها قد درج على الاخذ بالاتجاه الشخصي للخطورة الإجرامية بناءً على ما يلاحظه القاضي من امارات ودلائل توحي بوجود الخطورة الإجرامية في داخل شخص المتهم وهو الاتجاه السليم من وجهة نظرنا . ذلك لان الخطورة الإجرامية لا يمكن تحجيمها وتحديد اطارها عن طريق وضع شروط معينة لها ، فهي … فكرة متغيرة تبعاً لشخصية الانسان تلك الشخصية التي لا يمكن التنبؤ بها أو وضع ملامحها الواضحة وبالتالي لا يمكن توحيدها بين الاشخاص حتى يمكن وضع شروط لخطورتها .

وفيما يلي استعراض ببعض القوانين التي أخذت بفكرة الخطورة الإجرامية فبالنسبة للقانون الايطالي لسنة 1930 فهو يعتبر القانون الرائد في مجال الأخذ بفكرة الخطورة الإجرامية ، وقد افرد لها نصاً خاصاً يتعلق بمفهومها والامارات الكاشفة عنها وهو نص المادة (133) التي عبرة عن مفهوم الخطورة الإجرامية بكونها استعداد الفرد للاجرام(5) كما وضعت المادة المذكورة امارات ودلائل يستند اليها القاضي يبين على اساسها فيما اذا كانت هناك خطورة إجرامية متوفرة في الفرد أو لا .

تلك الامارات هي : جسامة الجريمة المستخلصة من :
1- الطبيعة والنوع والوسائل والموضوع والوقت والمكان ومن كل طريقة بالنسبة للفعل .
2- من جسامة الضرر والخطر المسبب على شخص المتضرر من الجريمة .
3- من شدة القصد ودرجة الخطأ .
وكذلك يأخذ القاضي بنظر الاعتبار الأهلية الجنائية للمحكوم عليه والمستخلصة من :-
1- الأسباب الدافعة للجريمة واخلاق المجرم .
2- السوابق الجنائية والقضائية وبشكل عام سلوك وحياة المجرم السابقة على ارتكاب الجريمة .

3- السلوك اثناء ارتكاب الجريمة والسلوك اللاحق عليها .
4– ظروف الحياة الشخصية والعائلية و الاجتماعية(6) .
إما المادة (203) فقد عرفت الشخص ذا الخطورة الإجرامية بأنه (من ارتكب فعلاً يعد جريمة اذا كان محتملاً أن يرتكب افعالاً تالية ينص عليها القانون كجرائم) (7)
إما قانون العقوبات الاسباني الصادر في العام (1928) فقد عرف في المادة (71) منه الخطورة الإجرامية بأنها (حالة خاصة لاستعداد الشخص ينجم عنها احتمال ارتكاب الجريمة)(8) ويتميز هذا التعريف بأنه شامل لنوعي الخطورة سواء كانت الخطورة إجرامية أم اجتماعية لان المادة قد خصت بوصف الخطورة كل شخص سواء كان مجرماً عائداً أم ارتكب الجريمة لأول مرة . كما ويلاحظ أن القانون الاسباني قد أخذ بالاتجاه الشخصي في تعريف الخطورة الإجرامية إلا انه اطلق التعريف بصورة يترك معها للقاضي سلطة تقديرية في الحكم على كل شخص من الاشخاص بما يتناسب مع حالته وما يتوفر لديه من دلائل وامارات تكشف خطورته الكامنة .

في حين عرفها قانون العقوبات البرازيلي الصادر في العام (1940) بأنها (حالة تتوفر لدى الشخص الذي تسمح شخصيته وماضيه وبواعثه وظروف الجريمة بأحتمال أن يرتكب مستقبلاً جريمة جديدة) (9) .

ويرى البعض على هذا التعريف انه لايتسع لفكرة الخطورة قبل الجريمة على أساس انه يفترض اتصافه على شخص سبق له ارتكاب الجريمة(10) على أن هذا الامر لايعد من وجهة نظرنا قصوراً في التعريف الذي وضعه قانون العقوبات البرازيلي مادمنا بصدد بيان المقصود بالخطورة الإجرامية ، وهي تلك التي تتحقق بعد أن يكون الشخص قد ارتكب فعلاً يعد جريمة في نظر قانون عقابي ، إما تلك التي تتكون في الشخص وهو لم يرتكب جريمة بعد فأن الفقه قد درج على تسميتها بالخطورة الاجتماعية .

هذا وقد اعتنق القانون البرازيلي المبادئ الشخصية في التعريف بالخطورة الإجرامية ، وهذا الامر واضح من خلال المبدأ العام الذي وضعه القانون حول الحالة الخطرة من دون أن يحدد بالضبط شروطاً عامة بها توجد بوجودها الخطورة الإجرامية . بل جعل الامر متروكاً للقاضي المختص الذي من واجبه أن يستخلص من شخص المتهم وماضيه وبواعثه وظروف الجريمة أن هذا الشخص يمثل خطراً مستقبلاً . إما قانون العقوبات الكوبي المسمى (قانون الدفاع الاجتماعي) فقد عرف الخطورة الإجرامية بأنها (استعداد معين مرضي أو تكويني ، أو مكتسب بالعادة ، يقضي على وسائل المقاومة لدى الشخص ويقوي ما لديه من ميل نحو الأجرام) ، ويلاحظ بأن هذا التعريف قد عني ببيان أسباب الخطورة الإجرامية الداخلية والخارجية (11) . وذلك من حيث انه قد ردها الى مجمل الأسباب والعوامل التي تؤثر في نفسية الانسان سواء كانت تعود الى أسباب مرضية أو بيولوجية أو وراثية تؤدي مجتمعة أو منفردة الى تعزيز قوة الدافع نحو الأجرام لديه .

كما يمكن ومن ملاحظة هذا التعريف معرفة أن قانون الدفاع الاجتماعي الكوبي قد اخذ بالمسلك الشخصي في تعريف الخطورة الإجرامية . وقد عرف قانون عقوبات أورغواي الصادر سنة (1941) الخطورة الإجرامية بأنها (حالة تتوافر لدى الشخص فتكون سلوكه وحالته النفسية والخلقية السابقة أو الحالية ، وتفيد خطره اجتماعياً) وما يمكن أن يلاحظ على هذا التعريف أنه غامض قاصر لانه لايكفل في ذاته معنى الخطر الاجتماعي الذي تنبئ عنه حالة الشخص(12) .

ويلاحظ أن القانون الاورغواياني سلك المسلك الشخصي كبقية القوانين في تعريف الخطورة الإجرامية(13) . إما في عالمنا العربي فقد تأرجحت مواقف القوانين التي أخذت بفكرة الخطورة الإجرامية في الاخذ بكل من الاتجاه الشخصي والاتجاه الموضوعي في التعريف بالخطورة الإجرامية(14) فقد عرف قانون العقوبات اللبناني فكرة الخطورة الإجرامية بأسم (الخطورة على السلامة العامة) وقد عرفها في المادة (211) الفقرة (3) منه بالقول (يعد خطراً على المجتمع كل شخص أو هيئة معنوية اقترف جريمة اذا كان يخشى أن يقدم على افعال أخرى يعاقب عليها القانون) .

ولما كانت الخطورة الإجرامية حالة كامنة في النفس لذلك فأنه يجب الاهتداء اليها عن طريق امارات تدلل عليها ، لذلك وضع قانون العقوبات اللبناني في المادة (211) قاعدة عامة بينت انه لايمكن الحكم على شخص بتدبير احترازي إلا اذا ثبت انه خطرٌ على السلام العام أو أن القانون قد افترض فيه هذا الخطر حكماً(15) ونصت المادة على ( لاينزل بأحد تدبير احترازي ما لم يكن خطراً على السلام العام . ويقضي بالتدابير الاحترازية بعد التثبت من حالة الخطر إلا في الحالات التي يفترض القانون وجود الخطر فيها) . والقانون اللبناني يعتبر الشخص خطراً على السلام العام بحكم القانون اذا قضي عليه بعقوبة غير الغرامة الجنائية أو جنحه مقصودة وحكم عليه بعقوبة مانعة للحرية لمدة سنة على الاقل في جناية أو جنحه مقصودة أخرى فوجود هذه الحالة يعني أن الشخص خطرٌ على المجتمع (م263 عقوبات لبناني) .

وقد يفترض قانون العقوبات اللبناني الشخص خطراً على السلامة العامة وذلك في حالات اربع(16) . الأولى اعتبرت الشخص خطراً على السلامة العامة اذا كان مجرماً معتاداً محكوماً عليه بغير الغرامة ومن ثم يحكم علية بعقوبة مانعة للحرية من اجل تكرار قانوني آخر .

فهذه الحالة يستلزم فيها أن يتوافر تكراران لكل جريمة ارتكبها المجرم العائد (م264/1) .

إما الحالة الثانية فهي تخص معتاد الأجرام الذي صدر عليه في خلال خمس عشرة سنة لا تحتسب فيها المدة التي قضاها في تنفيذ العقوبات والتدابير الاحترازية إما اربعة احكام بالحبس عن جنايات اقترفت بعذر أوعن جنح مقصودة شرط أن تكون كل من الجرائم الثلاثة الاخيرة قد اقترفت بعد أن أصبح الحكم بالجريمة السابقة باتاً (م264/2، 3). أما الحالة الثالثة التي اعتبرها المشرع اللبناني قرينة على وجود الخطورة فهي تلك التي بينتها المادة (264/4) بأن يصدر على الشخص ثلاثة احكام ، حكمان منها تماثل الأحكام التي بينها القانون في الفقرة السابقة ، وذلك بالحبس عن جنايات أقترنت بعذر اوعن جنح مقصوده ، وحكم ثالث صادر عن عقوبة جناية على أن تكون الأحكام الثلاثة قد صدرت خلال خمس عشرة سنة لاتحتسب فيها المدة التي قضيت في تنفيذ العقوبات والتدابير الاحترازية . واخيراً فأن الحالة الرابعة الدالة على الخطورة الإجرامية الحكمية تتوفر اذا ارتكب الشخص خلال اقامته في السجن أو في الخمس سنوات التي تلت الافراج عنه جناية أو جنحة مقصوده قضي عليه من اجلها بالحبس سنة واحدة (م265) .
فهذه الحالات الاربعة التي وضعها المشرع اللبناني هي الحالات التي يفترض المشرع معها وجود خطورة إجرامية في شخص المجرم من دون الحاجة الى التحقق من مدى وجود هذه الخطورة في نفسية المجرم – باعتبارها حالة نفسية – أم لم توجد وهذا يعني أن المشرع اللبناني قد سلك في التعريف بالخطورة الإجرامية مسلكاً مادياً مبنياً على أساس تحقيق شروط معينه متأتية عن طريق الافعال الجرمية التي ارتكبها الجاني وحقيقة لانرى أي معنى للتفرقة بين حالة الخطر على السلامة العامة التي يتطلب القانون التثبت من وجودها وبين حالة الخطر المفترض المنطوي على الحالات الاربعة التي اوردها المشرع اللبناني ، اذ أن المشرع في جميع هذه الحالات قد وضع شروطاً مادياً يفترض مع وجودها وجود الخطورة الإجرامية لدى هذا الشخص .

هذا وقد عرف قانون العقوبات اللبناني في المادة (262) المجرم الخطر عن طريق تعريفه للمجرم العتاد فعرفه بأنه ( هو الذي ينم عمله الاجرامي على استعداد نفسي دائم فطرياً كان أم مكتسباً لارتكاب الجنايات والجنح ) ويتضح من هذا التعريف أن المجرم المعتاد ، هو مجرم ينطوي على شخصية ذات خطورة إجرامية كبيرة بسبب الاستعداد النفسي الذي لديه لارتكاب الجرائم . وقد خصص المشرع الليبي الباب السادس من الكتاب الاول منه لبيان الأحكام الخاصة بالمجرمين الخطرين ، والتدابير الوقائية وذلك في المواد من (135- 164) وايضاً افرد الباب العاشر من الكتاب الرابع عشر من قانون الاجراءات الجنائية للتدابير الاحترازية وذلك في المواد من (511 – 523)(17) .

لقد عرف المشرع الليبي الخطورة الإجرامية عن طريق تعريف الشخص الخطر فنصت الفقرة الأولى من المادة (135) على أن ( الشخص الخطر هو من يرتكب فعلاً يعده القانون جريمة ، ويحتمل ، نظراً للظروف المبينه في المادة (28) أن يرتكب أفعالاً أخرى يعدها القانون جرائم وان لم يكن مسؤولاً أو معاقباً جنائياً) .ويتضح بصورة جلية أن التعريف الذي اورده المشرع الليبي شاملاً لكل من الخطورة الإجرامية والخطورة الاجتماعية ، وذلك عندما شمل بوصف الخطورة حتى الاشخاص غير المسؤولين والمعاقبين جنائياً عند توفر أي مانع من موانع المسؤولية الجنائية كما هو الحال بالنسبة للمجنون أو الصغير أو فاقد الادراك والارادة .
كما ويلاحظ ايضاً بأنه يشترط أن يتوافر شرطان للخطورة الإجرامية(18) وهما : –
الأول : أن يكون الشخص قد ارتكب فعلاً يعد جريمة في القانون سواء كان مرتكبه مسؤولاً جنائياً أو غير مسؤول . ويعني هذا أن التشريع الليبي لم يذهب الى المدى الذي طالب به انصار المدرسة الوضعية ويطالب به أنصار حركة الدفاع الاجتماعي الحديث في امكان القول بوجود حالة الخطورة ولو لم يرتكب الشخص جريمة . وهو ما يعني أن المشرع الليبي قد استند الى معيار موضوعي يتمثل في الجريمة المرتكبه ، وبذلك لايكون هناك محل للتحكم أو للاختلاف في التقدير مما قد يؤدي الى الافتئات على الحرية الفردية .
الثاني : أن تتوافر دلائل أخرى الى جانب الجريمة تدل على احتمال ان يقدم الجاني على ارتكاب جرائم في المستقبل وهذه الدلائل هي مانصت عليه المادة (28) من قانون العقوبات الليبي وهي :
جسامة الضرر أو الخطأ الناتج عن الفعل .
مدى القصد الجنائي .
دوافع ارتكاب الجريمة وخلق المجرم .
سلوك المجرم وظروف حياته الشخصية والاجتماعية .

هذا ويجدر بالملاحظة أن المشرع الليبي قد قصر حالات الخطورة الإجرامية على خمسة حالات وهي : الاعتياد على الأجرام ، احترافه ، الانحراف في الأجرام ضد الاشخاص ، الشذود الاجرامي ، اجرام الاحداث .

إما بالنسبة الى قانون العقوبات المصري فهو وأن لم يتطرق صراحة الى تعريف الخطورة الإجرامية بين طياته إلا أن الأحكام التي جاء بها تشير جميعاً الى أن المشرع المصري قد أخذ بنظر الاعتبار فكرة الخطورة الإجرامية في جميع المواضيع التي يتطلب وجود هذه الفكرة خاصة فيما يتعلق بتنفيذ العقوبه ولكن يمكن القول أن المشرع المصري قد تطرق في المادة (52) الى تعريف الخطورة الإجرامية عن طريق تعريف المعتاد على الأجرام بالقول : (يجوز للمحكمة اعتبار المتهم مجرماً اعتاد الأجرام متى تبين أن هناك احتمالاً جدياً لاقدامه على اقتراف جريمة جديدة ) .
وذلك يتضح لنا من خلال النصوص التالية(19) : –
ما جاءت به المادة (55) التي اجازت للقاضي الحكم بوقف تنفيذ العقوبة لمن توحي ظروفه بعدم خطورته ، كما لو أن المحكمة قد رأت من اخلاق المحكوم عليه وماضيه وسوابقه أو سنه أو ظروف ارتكاب الجريمة ما يبعث على الاعتقاد انه لن يعود الى مخالفة القانون .

نص المادة (17) و (49) من قانون العقوبات المصري بشأن تفريد العقاب في النوع والمقدار حسب درجة الخطورة الإجرامية ، فقد أجازت المادة (17) تبديل العقوبة المقررة للجنايات الشديدة بعقوبة خفيفة وذلك في الاحوال التي تستدعي رأفة القضاة فيها .

في حين اشارت المادة (49) الى العود وما يمثله من مصدر من مصادر تشديد العقوبة وذلك كونه يمثل قرينة على خطورة المجرم العائد .
كذلك فيما يتعلق بالفقرة الثانية من المادة (18) من قانون العقوبات المصري بشأن اسلوب تنفيذ الجزاء اعتماداً على تقدير مدى الخطورة الإجرامية بنصها (لكل محكوم عليه بالحبس البسيط لمدة لاتتجاوز الثلاثة شهور أن يطلب بدلاً من تنفيذ عقوبة الحبس عليه تشغيله خارج السجن طبقاً لما تقرر من قيود بقانون تحقيق الجنايات إلا اذا نص الحكم على حرمانه من هذا الخيار) .

كذلك فأن قانون الاجراءات الجزائية المصري يبين في المادة (543) منه على جواز ازالة اثار الحكم ضد الجاني الذي لا تفصح حالته عن خطورة إجرامية تسهيلاً لاعادة اندماجه مع الهيئة الاجتماعية .

إما قانون تنظيم السجون رقم (396) لسنة (1956) فقد تبنى في العديد من المواد التي جاء بها فكرة الخطورة الإجرامية نذكر منها ما جاء في المادة (52) منه بشأن الإفراج المؤقت عن المحكوم عليه قبل انتهاء تنفيذ مدة العقوبة اذا كان سلوك المحكوم عليه يدعو اثناء وجوده في السجن الى الثقة وتقويم نفسه .

وكذلك ما جاءت به المادة (13) من القانون المذكور حول تقسيم المحكومين الى درجات بحسب خطورة كل منهم ، والمادة (18) التي تطرقت الى منح المسجون فترة انتقال تخفف فيها القيود قبل حلول اوان الإفراج عنه وتهييء له وسطاً نصف حر وهذا رهن بسلوك المجرم وما تنم عنه شخصيته من خطورة كامنة فيها .
___________________
1- د- أحمد فتحي سرور، نظرية الخطورة الإجرامية، مجلة القانون والاقتصاد، العدد الثاني، السنة الرابعة والثلاثون، مطبعة جامعة القاهرة، يونيه 1964، ص 500 .
2- كل ما سيذكر عن تأصيل الفكرة في التشريعات الوضعية مقتبس من البحث القيم للدكتور احمد فتحي سرور السابق الإشارة اليه الصفحات 501 ، 502 .
3- د- رمضان السيد الألفي، نظرية الخطورة الإجرامية، رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة، 1966، ص 90 .
4- د- احمد عبد العزيز الألفي ، العود والاعتياد على الأجرام ، المطبعة العالمية ، منشورات المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية ، 1965 ، القاهره ، ص 138 .
5- د- علم الوقاية والتقويم، الأسلوب الامثل لمكافحة الأجرام – منشأة المعارف، الإسكندرية، 1986، ص 63 .
6- سنأتي على تفصيل المقصود بالامارات الكاشفة في الفصل القادم أن شاء الله .
7- د- محمود نجيب حسني ، المجرمون الشواذ ، الطبعة الثانية ، دار النهضة العربية ، القاهره 1974 ، ص 15 الهامش .
8- Rosal ، L`etat dangerous en drit penal ، Epagnal et Allemand ، Deuxiewc coursr international criminologle1955، p.494 ذكره د- رمضان السيد الألفي ، المرجع السابق ، ص 91 ، هامش رقم (1) .
9- Herzog : Le probleme de Letat dangereux en Amerique Latin ، Dexieme courintenational decriminologie 1953، p.2/9 .
ذكره د- رمضان السيد الألفي ، المرجع السابق ، ص 91 ، هامش رقم (2)
10- د- احمد فتحي سرور ، المرجع السابق ، ص 504 .
11-المصدر السابق للدكتور رمضان الألفي ، ص 91 . Herzog : p 518
12- د- احمد فتحي سرور ، المرجع نفسه ، ص 504 .
13- وقد ورد في القانون السويسري أن الخطورة على الامن العام هي حالة الشخص الشاذ عقلياً الذي يسلك سلوك غوغائياً أو فوضوياً يضايق الناس ويقلقهم ويخل بالسكينة العامة أو الراحة العامة أو النظام العام .
عبد الكاظم الواسطي ، العقوبات البدنية الاصلية ، رسالة دكتوراه جامعة بغداد 1998 ، ص 212 هامش رقم (2) .
14- د- رمضان السيد الألفي ، المرجع السابق ، ص 92 .
15- د- علي عبد القادر القهوجي ، قانون العقوبات – القسم العام -، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت، 2000 ، ص 831 .
16- د- علي عبد القادر القهوجي ، ص 833 ، 834 .
17- يعد قانون العقوبات الليبي من افضل القوانين العربية في تبنيه لبعض الاتجاهات الحديثه وقد كان القانون في بداية صدوره عام (1953) متسقى كلية من القانون الايطالي لسنة 1930 ثم عدل بالكثير من احكامه بالقانون رقم (48) لسنة 1956 مما جعله في صورته الحاليه موفقاً في الآخذ بين الاتجاه الوضعي الذي يمثله القانون الايطالي وبين فقه المدرسة التقليدية الحديثة الذي يمثله القانون المصري .
انظر في ذلك : د- احمد عبد العزيز الألفي ، الخطورة الإجرامية والتدابير الوقائية في التشريع الليبي ، المجله الجنائية القومية ، المجلد الثالث عشر ، العدد الثالث ، نوفمبر 1970 ، ص 379 .
18- د- احمد عبد العزيز الألفي ، الخطورة الإجرامية والتدابير الوقائية في التشريع الليبي ، المرجع السابق ، ص 80 .
19- في حين عرف المشرع المصري الخطورة الإجرامية في مشروع قانون العقوبات لسنة (1966) الذي لم ير النور وذلك في المادة (106) منه بقولها أن الخطورة الإجرامية هي (الاحتمال الجدي لاقدام المجرم على اقتراف جريمة جديده) .
انظر في تفصيل ذلك : د- رمضان السيد الألفي ، المرجع السابق ، ص 98 ، 99 .
وكذلك د- عبد الفتاح مصطفى الصيفي، حول المادة (57) من مشروع قانون العقوبات المصري، المجلة الجنائية القومية، العدد الأول، المجلد الحادي عشر، مارس 1968 ، ص 105 .