من اجل الإحاطة بتعريف عقد الوساطة التجارية لابد من بيان ما المقصود بالوساطة لغة ثم نتطرق لتعريف العقد اصطلاحا فالوساطة في اللغة هي مصدر للفعل الثلاثي ( وسط) الذي يأتي بمعنى وعد(1). والوساطة عمل الوسيط ، والوسيط هو المتوسط بين المتخاصمين (2) . اما في الاصطلاح القانوني فإن معظم القوانين التي نظمت هذا العقد قد عرفته ، فالقانون العراقي عرفه بانه (( عمل يبتغي القائم به تسهيل ابرام عقد من العقود لقاء أجرة )) (3).

ويلاحظ على تعريف المشرع العراقي انه لم يعرفه كعقد بين الطرفين يرتب حقوقاً والتزامات بينهما وانما عرفه كعمل يحترف القيام به شخص معين ويتخذه مهنة له ، في حين ان القانون المصري والاردني قد عرفاه على انه عقد بين طرفين يترتب عليه حقوق وواجبات على كل من طرفيه ، فقد عرفه القانون المصري بانه ((عقد يتعهد بمقتضاه السمسار لشخص بالبحث عن طرف ثان لا برام عقد معين والتوسط في ابرامه ))(4).اما القانون الاردني فقد عرفه بأنه (( عقد يلتزم به فريق يدعى السمسار بأن يرشد الفريق الاخر الى فرصة لعقد اتفاق ما او ان يكون وسيطا له في مفاوضات التعاقد وذلك لقاء اجر )) (5).وقد عرفه أيضاً قانون الوكلاء والوسطاء التجاريين الاردني بأنه (( قيام الشخص بالوساطة بين طرفين لعقد العقود او تسهيل عقد المعاملات التجارية وما يتفرع عنها لقاء اجر دون تحمل تبعتها ))(6).

ويلاحظ ان قانون التجارة الفرنسي حتى في طبعته الاخيرة لم يعرف هذا العقد وقد عرفته لجنة تعديل القانون بأنه ((العقد الذي يتعهد بمقتضاه السمسار بالبحث عن شخص يضعه في علاقة مع اخر بهدف إتمام عقد ويكون له الحق في الحصول على عمولته اذا ما ابرم العقد الذي توسط بإبرامه سواء تم تنفيذه ام لم ينفذ))(7). اما في الفقه فهناك عدة تعاريف لعقد الوساطة التجارية منها انه (( العقد الذي يلتزم فيه احد الطرفين ويسمى السمسار بان يكرس جهوده للبحث عن متعاقد بشأن صفقة معينة مقابل اجر يسمى السمسرة ))(8).

ويلاحظ على هذا التعريف أنه يحصر مهنة الوساطة بالبحث عن متعاقد للموسط ولكنه يغفل الدور الاساسي للوسيط في التقريب بين الطرفين من اجل اتمام التعاقد بينهما. وقد عرفه اخر (( بأنه التقريب بين متعاقدين لتسهيل تلاقي العرض والطلب نظير مبلغ من المال غالبا ما يكون نسبة مئوية من الصفقة))(9). وقد عرفه فقيه اخر بأنه (( الوساطة بين متعاقدين لابرام صفقة معينة نظير حصول السمسار على نسبة مئوية من قيمة الصفقة مقابل جهوده في التقريب بين وجهة نظر المتعاقدين))(10).

ويلاحظ على التعريفين انهما يبينان جوهر عقد الوساطة التجارية وهو التقريب بين المتعاقدين ولكنهما يوحيان لأول وهلة بأن المتعاقدين يعرفان بعضهما البعض وهما موجودان أصلاً ولكنهما يلجأن الى الوسيط من اجل التقريب بينهما وتسهيل إبرام العقد. وعرفه احد الفقهاء بقوله (( هو العقد الذي يلتزم السمسار بمقتضاه في نظير عمولة معينة يتقاضاها من عملية اما بالعثور على شخص يرضى التعاقد مع العميل وأما بإقناع شخص معين عن طريق التفاوض بالتعاقد مع هذا العميل ))(11). ويلاحظ على هذا التعريف انه أدق من التعاريف السابقة لانه يبين مهمة الوسيط في إيجاد متعاقد للموسط والتقريب بينهما من اجل إبرام العقد مقابل اجر يحصل عليه نظير خدمته هذه .

ويمكن تعريفه بأنه عقد من العقود التجارية المسماة يلتزم بمقتضاه الوسيط التجاري للموسط بان يؤدي له خدمة بالبحث عن طرف ثانٍ لإبرام صفقة معينة والتقريب بينهما بحيث تؤدي جهوده الى إبرام العقد مقابل أجرة معينة وينتهي دوره عند هذا الحد بحيث لا يلتزم بتنفيذ هذا العقد . يتضح مما تقدم ان عمل الوسيط التجاري يتمثل بمجرد عمل مادي وليس قانونياً ويتمثل هذا العمل المادي بالبحث عن شخص للتعاقد مع الموسط (( الشخص الذي طلب خدمة الوسيط التجاري )) وحمل الطرفين على التعاقد واستحقاقه الاجر على عمله هذا وعدم التزامه بأي التزام اخر كتنفيذ العقد بين الطرفين المتعاقدين .

__________________________

[1]- محمد بن ابي بكر بن عبد القادر الرازي ، مختار الصحاح ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، لبنان ، 1981 ، ص 720 .

2- المنجد في اللغة والاعلام ، الطبعة السابعة والعشرون ، دار المشرق ، بيروت ، لبنان ، 1973 ، ص900 .

3- المادة (1) من قانون الدلالة العراقي المرقم58 لسنة 1987 .

4- المادة (192) من قانون التجارة المصري المرقم17 لسنة 1999 .

5- المادة (99) من قانون التجارة الاردني المرقم12 لسنة 1966 .

6- المادة (2) من قانون الوكلاء والوسطاء التجاريين الاردني المرقم28 لسنة 2001 .

7- أشار إليه : د. سعيد يحيى ، الوجيز في القانون التجاري ، الجزء الاول ، مطابع روائي للإعلان ، القاهرة 1979 ، ص 53؛ Code De Ccommerce، Dolloz. 2001.

8- د. محسن شفيق ، الوسيط ، ص 93 ؛ اشار اليه د. رضا عبيد ، القانون التجاري ، الطبعة الرابعة ، مطابع شركة النصر للتصدير والاستيراد ، 1984 ، ص 230 .

9- د. اكثم امين الخولي ، قانون التجارة اللبناني المقارن ، جزء اول ، طبعة ثانية ، دار النهضة العربية ، بيروت ، 1967 ، ص 146 .

0[1]- د. احمد محرز ، القانون التجاري الجزائري ، ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر ، 1988 ، ص66.

1[1]- د.علي البارودي، مبادئ القانون التجاري والبحري، دار المطبوعات الجامعية، الاسكندرية، ص ص65-66

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .