الطعن 1005 لسنة 31 ق جلسة 2 / 10 / 1962 مكتب فني 13 ج 3 ق 148 ص 590 جلسة 2 من أكتوبر سنة 1962

برياسة السيد المستشار السيد أحمد عفيفى، وبحضور السادة المستشارين: عادل يونس، وتوفيق أحمد الخشن، وحسين السركى، ومحمد صبري.
—————
(148)
الطعن رقم 1005 لسنة 31 القضائية

نقض “ما لا يجوز الطعن فيه”. معارضة. محاكمة. قانون “القانون الأصلح. سريانه من حيث الزمان”.
(أ) حكم النقض الصادر في غيبة الطاعن. لا تجوز المعارضة فيه: ولو لم يكن الطاعن قد أعلن بالحضور للجلسة التي صدر فيها الحكم. علة ذلك: القانون 57 لسنة 1959 ألغى الطعن بطريق المعارضة في الأحكام التي تصدر من محكمة النقض، كما خلا من النص على وجوب تكليف الخصوم بالحضور أمامها.
التقرير بالطعن بالنقض. يدخل الطعن في جوزة المحكمة واتصالها به. محكمة النقض ليست درجة استئنافية تعيد عمل قاضى الموضوع. هي درجة استثنائية يقتصر عملها على رقابة عدم مخالفة القانون.
(ب) المعارضة التي ترفع في ظل أحكام القانون 57 لسنة 1959 عن حكم صدر بعد العمل به. غير جائزة. التمسك بقاعدة سريان القانون الأصلح. لا تجدى. مجال إعمال المادة 5 عقوبات يمس القواعد الموضوعية دون القواعد الإجرائية.
القواعد الإجرائية. سريانها من يوم نفاذها بأثر فورى على القضايا التي لم تكن قد تم الفصل فيها، ولو كانت متعلقة بجرائم وقعت قبل نفاذها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
طرق الطعن في الأحكام الجنائية. ينظمها القانون القائم وقت صدور الحكم محل الطعن.

—————-
1 – متى كان القانون رقم 57 لسنة 1959 قد خلا من النص على وجوب تكليف الخصوم بالحضور أمام محكمة النقض، كما كان يجرى ذلك نص المادة 428 إجراءات “الملغاة بمقتضى هذا القانون”، وأصبحت المرافعة الشفوية أمام محكمة النقض جوازية إذا رأت المحكمة لزوما لذلك، فإن الطعن يعتبر مرفوعا أمام المحكمة بمجرد إفصاح الطاعن عن رغبته في الاعتراض على الحكم بالشكل الذى ارتآه القانون وفى الأجل الذى حدده، ويترتب على هذا الإجراء الشكلي دخول الطعن في حوزة محكمة النقض واتصالها به. ولا يلزم لاعتبار الطعن مرفوعا لها تكليف الطاعن بالحضور أمامها؛ ذلك بأن محكمة النقض ليست درجة استئنافية تعمد عمل قاضى الموضوع، وإنما هي درجة استثنائية ميدان عملها مقصور على الرقابة على عدم مخالفة القانون. ولما كان القانون قم 57 لسنة 1959 قد نسخ المادة 430 إجراءات وألغى بذلك الطعن بطريق المعارضة في الأحكام التي تصدر من محكمة النقض، فإن المعارضة التي رفعت من المعارض في ظل أحكام هذا القانون عن حكم صدر بعد العمل به تكون غير جائزة.
2 – المعارضة التي ترفع في ظل أحكام القانون رقم 57 لسنة 1959 عن حكم صدر من محكمة النقض بعد العمل به تكون غير جائزة، ولا وجه لما يتحدى به المعارض من تمسكه بقاعدة سريان القانون الأصلح المقررة بالمادة الخامسة من قانون العقوبات، ذلك بأن مجال إعمال تلك القاعدة يمس في الأصل القواعد الموضوعية أمام القواعد الإجرائية فإنها تسرى من يوم نفاذها بأثر فورى على القضايا التي لم تكن قد تم الفصل فيها ولو كانت متعلقة بجرائم وقعت قبل نفاذها ما لم ينص على القانون على خلاف ذلك. ولما كان من المقرر أن طرق الطعن في الأحكام الجنائية ينظمها القانون القائم وقت صدور الحكم محل الطعن، وهو في خصوص الواقعة المطروحة لا يبيح المعارضة في الأحكام التي تصدر من محكمة النقض، فإنه يتعين الحكم بعدم جواز المعارضة.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة المعارض بأنه في يوم 25 من نوفمبر سنة 1957 بالإسماعيلية: دخل مع آخر مجهول منزلا مسكونا بقصد ارتكاب جريمة فيه – وطلبت عقابه بالمادتين 370 و372 من قانون العقوبات. ومحكمة الإسماعيلية الجزئية قضت حضوريا بتاريخ 23 فبراير سنة 1960 ببراءة المتهم “المعارض” مما أسند إليه. استأنفت النيابة هذا الحكم. ومحكمة بور سعيد الابتدائية بهيئة استئنافية قضت حضوريا اعتباريا بتاريخ 23 مايو سنة 1960 بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وتغريم المتهم عشرة جنيهات. طعنت النيابة العامة في ذلك الحكم بطريق النقض. قيد هذا الطعن بجدول هذه المحكمة برقم 1005 سنة 31 القضائية – وبتاريخ 12 فبراير سنة 1962 قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتصحيحه ومعاقبة المتهم (المطعون ضده) بالحبس مع الشغل لمدة شهرين. عارض الأستاذ المحامي الوكيل عن المحكوم عليه في هذا الحكم الأخير على أساس أن موكله لم يعلن بالحضور أمام محكمة النقض بالجلسة التي صدر فيها الحكم ولا يعلم بتاريخها … الخ.

المحكمة
من حيث إن المعارض قدم معارضة في الحكم الذى صدر من هذه المحكمة في الطعن رقم 1005 سنة 31 القضائية المرفوع من النيابة العامة والقاضي بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتصحيحه ومعاقبة المطعون ضده (المعارض) بالحبس مع الشغل لمدة شهرين، وأسس معارضته على أنه لم يعلن للجلسة التي صدر فيها الحكم المذكور ولم يكن لديه علم بها، ورتب على ذلك أن يكون له حق المعارضة فيه استنادا إلى حكم المادة 430 من قانون الإجراءات الجنائية الملغاة بالقانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض – واستطرد إلى القول في مذكرته الشارحة بأنه لا يضار بإلغاء تلك المادة بل إنه يتمسك بها على اعتبار أنها القانون الأصلح الواجب التطبيق، وأنها كانت سارية وقت اتهامه بارتكاب الجريمة التي دين بها وذلك أخذا بنص المادة الخامسة من قانون العقوبات.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية ضد المعارض بوصف أنه في يوم 25 نوفمبر سنة 1957 بالإسماعيلية دخل مع آخر مجهول منزلا مسكونا بقصد ارتكاب جريمة فيه، وطلبت عقابه طبقا للمادتين 370 و372 من قانون العقوبات. وقضت محكمة أول درجة حضوريا بتاريخ 23 فبراير سنة 1960 بتبرئته. فاستأنفت النيابة العامة. ومحكمة ثاني درجة قضت حضوريا اعتباريا بتاريخ 23 مايو سنة 1960 بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وبتغريم المتهم (المعارض) عشرة جنيهات. وبعد أن أعلن المحكوم عليه بهذا الحكم بتاريخ 8 سبتمبر سنة 1960 طعنت النيابة العامة فيه بطريق النقض بتاريخ 29 سبتمبر سنة 1960 وقيد طعنها بجدول هذه المحكمة برقم 1005 سنة 31 قضائية حيث أصدرت حكمها بجلسة 12 فبراير سنة 1962 بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتصحيحه ومعاقبة المتهم “المطعون ضده” بالحبس مع الشغل لمدة شهرين. لما كان ذلك، وكان الطعن في الحكم الصادر في موضوع الدعوى قد رفع إلى محكمة النقض بعد العمل بالقانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، وكان هذا القانون قد ألغى المواد من 420 إلى 440 من قانون الإجراءات الجنائية واستبدل بها المواد من 30 إلى 46 المرافقة لقانون إصداره وكان قد نص في المادة السادسة من قانون الإصدار على العمل به من تاريخ نشره – الحاصل في 21 من فبراير سنة 1959 – أما بالنسبة إلى الطعون المرفوعة أمام محكمة النقض عند العمل به فقد نص في المادة الخامسة في فقرتها الأولى على أنه تسرى في شأنها النصوص التي كانت سارية قبل العمل به. ولما كان القانون رقم 57 لسنة 1959 قد خلا من النص على تقرير حق الطعن بطريق المعارضة في الأحكام الصادرة من محكمة النقض مختطا في هذا ما جرى عليه قانون “تحقيق الجنايات الأهلي” الصادر بالقانون رقم 4 لسنة 1904 والذى سكت عن تقرير هذا الحق ولم يتضمن حكما كالذي أورده قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950 – الذى حل محله – والذى نص في المادة 430 منه على أنه “إذا غاب أحد الخصوم ولم يحضر وكيل عنه يحكم في الدعوى في غيبته ولا تجوز المعارضة في الحكم الذى يصدر إلا إذا ثبت أن الغائب لم يعلن إعلانا قانونيا” وهو في هذا قد أضاف حكما استثنائيا إلى نص المادة 460 كما وردت في مشروع قانون الإجراءات الجنائية إذ خلت من الاستثناء الذى ورد في ذيل المادة التي أصبحت في قانون الإجراءات برقم 430، وقد أفصحت المذكرة الإيضاحية للمشروع عن مراد الشارع من هذه المادة في قولها “وقررت المادة 460 قاعدة استقر عليها قضاء محكمة النقض في حالة غياب الخصوم فنصت على أنه إذا غاب أحد الخصوم ولم يحضر وكيل عنه يحكم في غيبته ولا تجوز المعارضة في الحكم الذى يصدر، والنص عام فسيان كان الغائب هو رافع الطعن أو غيره من باقي الخصوم”. أما ذلك الاستثناء – الذى بموجبه أبيحت المعارضة إذا ثبت أن الغائب لم يعلن إعلانا قانونيا – فقد رأت لجنة قانون الإجراءات الجنائية “بمجلس الشيوخ” إضافته وبررته في تقريرها تعليقا على تلك المادة بقولها “مادة 433 (أصلها مادة 460 في المشروع وأصبحت المادة 430) تنص هذه المادة على أنه لا تجوز المعارضة في الحكم الغيابي الصادر من محكمة النقض ورؤى أنه يجب استثناء حالة ما إذا كان الغائب لم يعلن إعلانا قانونيا بالحضور للجلسة لأن المادة 458 من مشروع الحكومة التي أصبحت مادة 431 (المادة 428 من القانون) أوجبت إعلان الخصوم بالحضور قبل الجلسة بثلاثة أيام كما أوجبت المادة 459 من مشروع الحكومة التي أصبحت مادة 432 (المادة 429 من القانون) على المحكمة سماع أقوال المحامين عنهم فإذا أهمل هذا الإعلان أصدرت المحكمة حكمها بدون سماع أقوالهم وجب أن يكون لهم حق المعارضة، ولذلك أضافت عبارة “إلا إذا ثبت أن الغائب لم يعلن إعلانا قانونيا”. وهى مبررات لا قيام لها بعد أن صدر القانون رقم 57 لسنة 1959 وجاء خلوا من النص على وجوب تكليف الخصوم بالحضور أمام محكمة النقض كما كان يجرى بذلك نص المادة 428 من قانون الإجراءات الجنائية، وأصبحت المرافعة الشفوية أمام محكمة النقض جوازية إذا رأت المحكمة لزوما لذلك (المادة 37 من القانون رقم 57 لسنة 1959). والواقع من الأمر أن الطعن يعتبر مرفوعا أمام محكمة النقض بمجرد إفصاح الطاعن عن رغبته في الاعتراض على الحكم بالشكل الذى ارتآه القانون وهو التقرير به في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم المراد الطعن عليه أو في الدفتر المعد لذلك بالسجن إذا كان المحكوم عليه محبوسا فيه، وذلك في خلال الأجل الذى حدده القانون. ويترتب على هذا الإجراء الشكلي دخول الطعن في حوزة محكمة النقض واتصالها به. ولا يلزم لاعتبار الطعن مرفوعا لمحكمة النقض تكليف الطاعن بالحضور أمامها، ذلك بأن محكمة النقض ليست درجة استئنافية تعيد عمل قاضى الموضوع وإنما هي درجة استثنائية ميدان عملها مقصور على الرقابة على عدم مخالفة القانون. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 57 لسنة 1959 قد نسخ المادة 430 من قانون الإجراءات الجنائية وألغى بذلك الطعن بطريق المعارضة في الأحكام التي تصدر من محكمة النقض، فإن المعارضة التي رفعت من المعارض في ظل أحكام القانون رقم 57 لسنة 1959 عن حكم صدر بعد العمل به تكون غير جائزة. ولا وجه لما يتحدى به المعارض من تمسكه بقاعدة سريان القانون الأصلح المقررة بالمادة الخامسة من قانون العقوبات، ذلك بأن مجال إعمال تلك القاعدة يمس في الأصل القواعد الموضوعية أما القواعد الإجرائية فإنها تسرى من يوم نفاذها بأثر فورى على القضايا التي لم تكن قد تم الفصل فيها ولو كانت متعلقة بجرائم وقعت قبل نفاذها، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. ولما كان من المقرر أن طرق الطعن في الأحكام الجنائية ينظمها القانون القائم وقت صدور الحكم محل الطعن، وهو في خصوص الواقعة المطروحة لا يبيح المعارضة في الأحكام التي تصدر من محكمة النقض كما سلف البيان، لما كان ذلك، فإنه يتعين الحكم بعدم جواز المعارضة.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .