الطعن 2366 لسنة 31 ق جلسة 2 / 10 / 1962 مكتب فني 13 ج 3 ق 150 ص 599 جلسة 2 من أكتوبر سنة 1962

برياسة السيد/ محمد متولى عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود حلمى خاطر، وعبد الحليم البيطاش، وأديب نصر، ومختار رضوان.
—————–
(150)
الطعن رقم 2366 لسنة 31 القضائية

حكم “ما لا يعيبه”. قتل عمد. عقوبة. ارتباط .
(أ) تحرير الأحكام. لم يرسم لها القانون حدودا شكلية. كل ما أوجبه: ذكر البيانات المنصوص عليها في المادة 310 أ. ج .
توافر نية القتل وظرفي سبق الإصرار والترصد. استخلاص ذلك في الحكم استخلاصا سليما. جمعه بين هذين الظرفين عند تحدثه عنهما. لا يعيبه.
(ب) تعدد العقوبات. لجرائم مرتبطة. يستوجب تطبيق عقوبة واحدة المقررة للجريمة الأشد. إعمال المادة 32 عقوبات. دون ذكر الجريمة الأشد أو الفقرة المطبقة من المادة ذلك لا يؤثر في سلامة الحكم.

————–
1 – لم يرسم القانون حدودا شكلية تتعين مراعاتها في تحرير الأحكام غير ما أوجبه من ذكر البيانات المنصوص عليها في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية. فإذا كان الحكم المطعون فيه قد استخلص توافر نية القتل وظرفي سبق الإصرار والترصد استخلاصا سليما فلا يعيبه أن جمع بين هذين الظرفين عند تحدثه عنهما.
2 – إذا كان الحكم قد بين الجرائم التي ارتكبها الطاعن والمستوجبة لعقابه وأنها ارتكبت لغرض واحد مما يوجب الحكم عليه بعقوبة واحدة هي المقررة لأشد هذه الجرائم، لأشد هذه الجرائم, وكان الحكم قد قضى على الطاعن بعقوبة واحدة عملا بالمادة 32 من قانون العقوبات فإنه يكون قد أعمل حكم هذه المادة؛ ولا يؤثر في سلامته أنه أغفل ذكر الجريمة الأشد أو الفقرة التي طبقها من المادة 32 عقوبات.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما في يوم 16 أبريل سنة 1959 بدائرة مركز زفتى مديرية الغربية: المتهم الأول “الطاعن” – أولا – شرع في قتل عد الرازق أبو العلا شهاب الدين عمدا مع سبق الإصرار والترصد بأن بيت النية على قتله وأعد لذلك سلاحا ناريا وكمن له في طريق عودته من زراعته حتى إذا ما ظفر به أطلق عليه عيارين ناريين قاصدا قتله فأخطأ العيار الأول وأحدث به العيار الثاني إصابته المبينة بالتقرير الطبي الشرعي، وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو عدم إحكام الرماية وإسعاف المجنى عليه بالعلاج. وثانيا – أحرز سلاحا ناريا مششخن “بندقية خرطوش” بدون ترخيص. وثالثا – أحرز ذخيرة “طلقتين” مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصا له في إحراز السلاح. ورابعا – أحدث ببكر أبو العلا شهاب الدين إصابته المبينة بالمحضر والتي لا تحتاج لعلاج. والمتهم الثاني – أحدث بعبد العاطي عبد الستار شوشه إصابته المبينة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أعماله الشخصية مدة تزيد على عشرين يوما – وأحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمة الأول بالمواد 45 و46 و230 و231 و242/ 1 من قانون العقوبات و1 و6 و26/ 1 – 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 546 لسنة 1954، 75 لسنة 1958 والجدول رقم 2 الملحق به، والثاني بالمادة 241/ 1 من قانون العقوبات. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضوريا بتاريخ 15 ديسمبر سنة 1960 عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 32، 17 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الأول “الطاعن”. أولا – بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات ومصادرة السلاح المضبوط . وثانيا – ببراءة المتهم مما أسند إليه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض … إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن الخطأ في الإسناد إذ عزا الحكم المطعون فيه إلى المجنى عليه أنه قرر أن الطاعن أطلق عليه بادئ الأمر عيارا ناريا قاصدا قتله وأنه شعر بهذا العيار يمر بجواره، في حين أن هذا القول لا سند له من أقواله في التحقيقات إذ قرر تارة أن العيار مر أمام أخيه أثناء سيرهما معا وتارة أخرى أن الطاعن أطلق عيارا ناريا لم يصب أحدا. وقد أثر هذا الخطأ في عقيدة المحكمة عند تحصيلها لواقعة الدعوى وبيان الأدلة على توافر نية القتل فقالت إن المجنى عليه كان هو المقصود بإطلاق العيار نحوه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه في تحصيله لواقعة الدعوى أثبت أن الطاعن أطلق على المجنى عليه عيارا ناريا قاصدا من ذلك قتله فأخطأه، ثم ذكر عند إيراده شهادة المجنى عليه قوله “إنه شعر بعيار ناري يمر بجواره وشاهد المتهم جاثما في قناة … فانقض عليه وأمسك به”. لما كان ذلك، وكان لا فرق بين هذين القولين من حيث مدلولهما وأثرهما في تكوين عقيدة المحكمة وهى أن العيار الأول لم يصب المجنى عليه. فإن هذا النعي يكون في غير محله.
وحيث إن مبنى الوجهين الثاني والثالث هو قصور الحكم في التدليل على توافر نية القتل وظرفي سبق الإصرار والترصد في حق الطاعن وقد جمع بين هذين الظرفين عند بيان أسباب توافرهما مع استقلال كل منهما عن الآخر مما يعيبه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه عرض لنية القتل فقال “وبما أنه عن نية القتل فهي متواجدة لدى المتهم الأول من إعداده سلاحا ناريا قاتلا بطبيعته (بندقية) وحشوه ماسورتيها بظرفين وتربصه للمجنى عليه في الطريق حتى إذا ما رآه قادما صوبها عليه وأطلق عيارا ناريا قاصدا قتله ولما أخطأه عاد ليطلق عيارا آخر فلم يحكم الرماية في مقتل بسبب شل حركته بتماسك المجنى عليه به”. ثم قال الحكم المطعون فيه عن ظرفي سبق الإصرار والترصد “إنهما ثابتان من الضغينة القائمة بين المجنى عليه والمتهم الأول بسبب مشادتهما في اليوم السابق إثر تناطح جاموستيهما وتوعد هذا المتهم المجنى عليه بالشر ومن مجيء المتهم من بلده التى تبعد عن محل الحادث حوالى خمسة كيلومترات ومن تربصه للمجنى عليه بالطريق الذى سيمر فيه حتى إذا ما رآه أطلق عليه عيارين ناريين”. لما كان ذلك، وكان القانون لم يرسم حدودا شكلية تتعين مراعاتها في تحرير الأحكام غير ما أوجبه من ذكر البيانات المنصوص عليها في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص توافر نية القتل وظرفي سبق الإصرار والترصد استخلاصا سليما، فلا يعيبه أن جمع بين هذين الظرفين عند تحدثه عنهما – لما كان ذلك، فإن هذين الوجهين من الطعن لا محل لهما.
وحيث إن مبنى الوجه الرابع من الطعن هو قصور الحكم المطعون فيه إذ طبق المادة 32 من قانون العقوبات في حق الطاعن دون أن يبين سبب تطبيقها أو الفقرة التي طبقها أو الجريمة التي اعتبرها أشد عقوبة حتى يتسنى مناقشته ويمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون.
وحيث إنه لما كان الحكم قد بين الجرائم التي ارتكبها الطاعن والمستوجبة لعقابه وأنها ارتكبت لغرض واحد بما يوجب الحكم عليه بعقوبة واحدة هى المقررة لأشد هذه الجرائم، وكان الحكم قد قضى على الطاعن بعقوبة واحدة عملا بالمادة 32 من قانون العقوبات، فإنه يكون قد أعمل حكم المادة. ولا يؤثر في سلامته أنه أغفل ذكر الجريمة الأشد أو الفقرة التي طبقها من المادة 32 عقوبات. لما كان ذلك، فإن هذا النعي يكون غير سديد.
وحيث إن مبنى الوجه الخامس من الطعن هو قصور الحكم في الرد على دفاع الطاعن في خصوص تصوير الحادث فقد صور الحادث على أنه سرقة بحمل سلاح من المتهم لأخيه المجنى عليه، وساق على ذلك قرائن متعددة منها أنهما كانا يحملان “شرشرة” أثناء السرقة وأن تقرير مفتش صحة المركز أثبت إصابة الطاعن بجروح يجوز حدوثها من الضرب “بشرشرة” ولكن الحكم لم يعرض لهذه الوقائع وأخذ برواية المجنى عليه. كما قال الحكم عند تحصيله لواقعة الدعوى أن الطاعن كان يواصل الاعتداء على المجنى عليه بسكين دون أن يبين سنده في ذلك أو الإصابات التي أحدثها الطاعن بالسكين، وما قاله الحكم للتوفيق بين التقرير الطبي الشرعي وتقرير طبيب زفتى غير سديد، إذا أثبت الأول أن الإصابة بعيار من سلاح ماسورته في مستوى يعلو الإصابة تقريبا في حين أثبت التقرير الثاني أن الإصابة في مستوى منخفض عن مستوى الجرح. أما ما قاله الحكم عند تحدثه عن التقرير الطبي الشرعي تعقيبا على وصف الإصابة وأنه يحتمل حدوثها أثناء التماسك فليس لها سند من التقرير وكان يتعين على المحكمة مناقشة الطبيب الشرعي فيه.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى كما استقرت في عقيدة المحكمة في حدود سلطتها التقديرية استنادا إلى ما هو وارد بالأوراق وأورد على ثبوتها في حق الطاعن أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، وكان قد عرض إلى تصوير الطاعن للحادث ولم يأخذ به بقوله “إن المحكمة لا تعول على إنكار المتهم ولا تلتفت إلى دفاع الحاضر عنه بعد أن اطمأنت إلى أقوال المجنى عليه والشهود والمعاينة وما يثبت من التقرير الطبي الشرعي” .. ثم عرض إلى تقرير مستشفى زفتى وناقشه وخلص إلى أن إصابة المجنى عليه بالجرحين القطعيين حدثت من آلة حادة أخذا بالتقرير الطبي الشرعي. لما كان ذلك، كان ما ذكره الحكم سائغا في الرد على دفاع الطاعن الذى لم يمنع على الحكم أنه أخطأ في الإسناد في شأن ما نقله عن التقرير الطبي الشرعي، وكان الطاعن لم يطلب من المحكمة استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته. لما كان ذلك، فإن ما يثيره في هذا الوجه هو جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى وفى تصوير الواقعة على صورتها الصحيحة كما استقرت في عقيدة محكمة الموضوع مما تستقل به ويكون هذا الوجه من الطعن غير سليم.
وحيث إنه لذلك يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .