مضمون نظرية الأعمال التجارية بالتبعية :

الأعمال التجارية بالتبعية هي أعمال مدنية – بحسب الأصل – ولكن قام بها تاجر بمناسبة أعماله التجارية. وهى تستمد صفتها التجارية من صفة القائم بها. وعلى ذلك ففكرة التبعية تفترض وجود عملين أحدهما أصلى والآخر فرعى وتطبيقاً لقاعدة أن الفرع يتبع الأصل في الحكم فإن العمل الفرعي يتجرد من صفته القانونية ويكتسب الصفة القانونية التي يتمتع بها العمل الأصلي. ومثال ذلك قيام تاجر بشراء سيارة لنقل بضائعه، أو شراء أجهزة كمبيوتر للاستعانة بها في مباشرة عمله التجاري … الخ. فهذه الأعمال قد يقوم بها تاجر أو غير تاجر على حد سواء. فإذا قام بها غير التاجر فإنها تظل أعمالاً مدنية وتخضع لأحكام القانون المدني، أما إذا قام بها التاجر لحاجة تجارية فإنها تفقد صفتها المدنية وتكتسب الصفة التجارية تبعاً لحرفة القائم بها وتخضع بالتالي لأحكام القانون التجاري(1) وتجدر نظرية الأعمال التجارية بالتبعية تبريرها في ضرورة توحيد النظام الواجب التطبيق على الأعمال التي يقوم بها التاجر وترتبط بنشاطه التجاري. وحتى تمتد الحماية والضمانات المقررة للغير في تعاملهم مع التجار إلى هذه الأعمال (2)

______________

1- د. سميحة القليوبي: الوسيط في شرح القانون التجاري المصري ، الجزء الأول – دار النهضة العربية ، ٢٠05 ، ص ١٦٢.

2- د. محمود مختار بريري: قانون المعاملات التجارية ،الجزء الأول ، دار النهضة العربية ، ٢٠٠٠ ، ص ٩ .

نطاق تطبيق نظرية الأعمال التجارية بالتبعية :

1– الالتزامات التعاقدية:

تنص المادة ٨ /1من قانون التجارة المصري رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ على أنه: (( الأعمال التي يقوم بها التاجر لشئون تتعلق بتجارته تعد أعمالاً تجارية)) يتبين من هذا النص أن نظرية الأعمال التجارية بالتبعية تنطبق على كل العقود التي يبرمها التاجر وتتعلق بشئون تجارته. وعلى ذلك تعد أعمالاً تجارية العقد الذى يبرمه التاجر بشراء سيارة لنقل بضائع، وعقود القروض، وعقود التأمين، وعقود الوكالة … الخ. وكذلك تعد تجارية عقود الكفالة وعقود العمل والعقود الواردة على العقارات إذا ما ترتب عليها التزامات شخصية لا علاقة لهاب ملكية العقار أو حيازته أو تقرير حق عيني عليه. فبالنسبة لعقد الكفالة فهو بحسب الأصل يعد من العقود المدنية وذلك سواء كان أحد طرفيه تاجراً أم غير تاجر وبغض النظر عن طبيعة الدين. فالكفالة تعد مدنية حتى ولو كان الدين المكفول تجارياً. وقد نصت على ذلك صراحة المادة ٧٧٩/1 من القانون المدني بقولها ((كفالة الدين التجاري تعتبر عملاً مدنياً ولو كان الكفيل تاجراً )) بيد أن المشرع قد خرج على هذا الأصل وأضفى الصفة التجارية على عقد الكفالة في ثلاث حالات نصت عليه المادة ٤٨ من قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ بقولها (( لا تعتبر كفالة الدين التجاري عملاً تجارياً إلا إذا نص القانون على ذلك أو كان الكفيل بنكاً أو كانت تاجراً وله مصلحة في الدين المكفول)) وقد نص القانون على تجارية الكفالة في حالة الضمان الاحتياطي(1) وذلك بمقتضى نص المادة ٧٧٩/١ من القانون المدني . وتكون الكفالة تجارية إذا كان القائم بها بنكاً وذلك استناداً إلى تجارية كل عمليات البنوك متى تمت مزاولتها على سبيل الاحتراف (م/ ٥ من قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ ). وأخيراً تكون الكفالة تجارية متى كان القائم بها تاجراً وكان له مصلحة في الدين المكفول. ومثال ذلك الكفالة التى يقدمها تاجر لصالح تاجر لوجود مصالح مشتركة بينهما(2) وبالنسبة لعقد العمل فقد حدث بشأنه خلاف فقهى. فذهب البعض إلى أنه عملاً مدنياً وذلك استناداً إلى الطبيعة الخاصة لعقد العمل. وذهب البعض الآخر ونميل إلى ترجيحه إلى أن عقد العمل يعد عملاً مدنياً بالنسبة للعامل ويعد عملاً تجارياً بالتبعية بالنسبة للتاجر وذلك استناداً إلى توافر شروط تطبيق هذه النظرية وهى صدور عقد العمل من تاجر وتعلقه بشئون تجارية. وأخيراً بالنسبة للعقود الواردة على العقارات، فقد جرى الفقه والقضاء على التفرقة بين العقود التي ترد على العقارات ويكون الغرض منها نقل ملكية العقار أو حيازته أو تقرير حق عيني أصلى أو تبعى عليه، فهذه العقود تعد أعمالاً مدنية وتخضع لأحكام القانون المدني. والعقود التي ترد على العقارات يكون الغرض منها إنشاء التزامات شخصية في ذمة التاجر وتكون متعلقة بشئون تجارته، فهذه العقود تعد أعمالاً تجارية تطبيقاً لنظرية التبعية. ومثال ذلك قيام التاجر بإبرام عقد تأمين على العقار الذى يزاول فيه تجارته(3)

2 – الالتزامات غير التعاقدية:

لا يقتصر نطاق تطبيق نظرية الأعمال التجارية بالتبعية على الالتزامات التعاقدية فقط بل تتعداها لتشمل الالتزامات غير التعاقدية. وتضم هذه الأخيرة الالتزامات الناشئة عن العمل غير المشروع (الفعل الضار) والفعل النافع (الإثراء بلا سبب) والفضالة. ومن أمثلة الأعمال المشروعة (الأفعال الضارة) التي قد يقوم بها التاجر وينشأ عنها التزامه بتعويض الغير عن الأضرار الناشئة عنها، التزام التاجر بتعويض تاجر آخر بسبب تقليد علامة تجارية أو براءة اختراع أو كل ما يتعلق بأعمال المنافسة غير المشروعة. ويعد التزام التاجر بالتعويض في هذه الحالات التزاماً تجارياً لأنه نشأ بمناسبة مباشرته لتجارته. ومن أمثلة الأفعال النافعة (الإثراء بلا سبب). كالتزام التاجر بتعويض المهندس الذى قام بوضع تصميمات لديكورات محله التجاري. فالتزامه بالتعويض يعد عملاً تجارياً لأنه نشأ بمناسبة مباشرته لتجارته. وأخيراً بالنسبة للفضالة والتي تعد إحدى تطبيقات قاعدة الإثراء بلا سبب، تعد التزامات التاجر الناشئة عنها التزامات تجارية تطبيقاً لنظرية الأعمال التجارية بالتبعية، كالتزام التاجر برد مصاريف أنفقها على إطفاء حريق شب فى مخازن التاجر.

________________

1- الضمان الاحتياطي هو الضمان الذى بموجبه يضمن أحد الأشخاص من غير الموقعين على الكمبيالة قبول أو وفاء الكمبيالة أو ضمان أحدهما فقط وذلك لصالح أحد الموقعين على الكمبيالة.

2- د. سامى عبد الباقي: قانون الأعمال ،الأعمال التجارية و التاجر و المحل التجاري ، دار النهضة العربية ، 2007 ، ص ٢٠٧

3- د. سامى عبد الباقي: المرجع السابق، ص209

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .