تنشأ الورقة التجارية ابتداءً وهي لاتحمل سوى توقيع واحد هو توقيع الساحب او المحرر ثم تتوالى عليها التواقيع من المظهرين او الضمّان او القابلين بالتدخل فضلا عن توقيع المسحوب عليه إذا قبل الحوالة . وقد جعل المشرع التجاري مسؤولية جميع الملتزمين بموجب الورقة التجارية مسؤولية تضامنية تجاه حامل تلك الورقة . ولما كان التضامن يعد وصف قد يلحق التزام المدين الاصلي وقد يلحق التزام الكفيل فان هذا الامر يثير التساؤل عما إذا كان المتضامنين في الورقة التجارية في مركز قانوني واحد او في مراكز قانونية شتى ، او بعبارة اخرى هل يعد المتضامنون في مركز المدين الاصلي المتضامن ام في مركز الكفيل المتضامن ؛ وبحث هذه المسالة يعد أمراً مهماً لان المركز القانوني للمدين المتضامن يختلف عن مركز الكفيل المتضامن من نواح عديدة تجدر الاشارة إلى اهمها كالاتي :

1.ان التزام الكفيل المتضامن تابع لالتزام الشخص المكفول في صحته وبطلانه وبقائه وانقضائه ، في حين يعد التزام المدين الاصلي المتضامن التزاماً مستقلا عن التزامات غيره من الملتزمين .

2.يترتب على افلاس المدين المتضامن سقوط اجل الدين بينما لايؤدي افلاس الكفيل المتضامن إلى سقوط ذلك الاجل .

3.ابراء الدائن المدين من الدين يوجب براءة الكفيل ايضا، ولكن براءة الكفيل لاتوجب براءة المدين(1).

4.تبرأ ذمة الكفيل بقدر ما اضاعه الدائن بخطئه من ضمانات(2). بينما لايصلح هذا السبب اساساً لا عفاء المدين المتضامن من التزامه قبل الدائن .

5.يجب على الكفيل المتضامن اخطار المدين قبل القيام بوفاء الدين والا سقط حقه في الرجوع على المدين إذا كان الاخير قد وفى الدين او كانت عنده وقت الاستحقاق اسباب تقتضي بطلان الدين او انقضائه بينما لايقع هذا الواجب على المدين الاصلي(3) .

ومن اجل معرفة النطاق الشخصي للتضامن الصرفي وبيان المركز القانوني للمتضامنين الصرفيين فاننا سنقوم بأفراد نقطة مستقلة لكل شخص من اشخاص التضامن الصرفي وحسب التفصيل الاتي:

اولا: الساحب او المحرر :

يلتزم ساحب الورقة التجارية او محررها التزاماً صرفياً بضمان قبول المسحوب عليه للحوالة التجارية وبضمان اداء قيمة الورقة التجارية في ميعاد استحقاقها(4) . وقد يحصل ان يتعدد ساحبو الورقة التجارية فيكونوا مسؤولين جميعا مسؤولية تضامنية فيما بينهم من جهة وما بينهم وبين باقي الملتزمين الصرفيين من جهة اخرى بأداء قيمة الورقة التجارية للحامل في حالة رجوعه عليهم(5) . ويجب على ساحب الحوالة او الصك ان يوجد مقابل الوفاء لدى المسحوب عليه(6). ولكي يعد مقابل الوفاء موجوداً يجب ان يكون الدين النقدي الذي يمثل ذلك المقابل موجوداً وقت الاستحقاق بالنسبة للحوالة او وقت الانشاء بالنسبة للصك وان يكون مستحق الاداء في ذلك الوقت وان يكون مساوياً على الاقل لمبلغ الورقة التجارية(7) . ويعد ساحب الصك مقترفاً لجريمة اصدار صك بدون رصيد إذا لم يوجد مقابل الوفاء لدى المسحوب عليه(8).اما في القانون الانكليزي فان المقابل يعد ركناً من اركان الورقة التجارية على اعتبار ان الاوراق التجارية تعد من العقود البسيطة عند الانكليز فكان لابد من توافر اركان ذلك العقد فيها من تراضٍ ومقابل ونيةٍ لخلق رابطة قانونية(9) . ولايجوز للساحب او المحرر اعفاء نفسه من ضمان الاداء(10). وان جاز لساحب الحوالة اعفاء نفسه من ضمان القبول(11).الا ان اتفاقية الاونسيترال لعام 1988 قد اجازت لساحب السفتجة الدولية ان يعفي نفسه من التزامه بدفع قيمتها، او ان يحد من هذا الالتزام واشترطت لنفاذ شرط الاعفاء ان يكون هناك موقع اخر ملتزم في السفتجة او اصبح ملتزما فيها ويقتصر اثر شرط الاعفاء على الساحب فقط دون ان يمتد اثره لباقي الموقعين على السفتجة(12).اما بصدد تحديد المركز القانوني لساحب الورقة التجارية او محررها فيمكن القول بانه لايوجد خلاف بين فقهاء القانون التجاري حول تحديد المركز القانوني لساحب الصك ومحرر السند للامر وكذلك مركز ساحب الحوالة التجارية غير المقبولة ، إذ اجمعوا على اعتباره مدينا اصليا بموجب الورقة التجارية بوصفه الشخص الذي انشأها والمدين الاول بها(13) . الا ان الخلاف قد ثار حول تحديد المركز القانوني لساحب الحوالة التجارية بعد قبولها من قبل المسحوب عليه فذهب جانب من الفقهاء إلى اعتبار ساحب الحوالة المقبولة في مركز الكفيل المتضامن(14). على اساس ان الحامل لايستطيع الرجوع على الساحب ومطالبته بالوفاء الا بعد مطالبة المسحوب عليه وامتناع الاخير عن الوفاء واثبات ذلك الامتناع بعمل احتجاج عدم الوفاء ، كما ان افلاس الساحب بعد قبول الحوالة لايرتب سقوط اجل الحوالة. بينما يرى جانب اخر من الفقهاء ان الساحب بعد قبول المسحوب عليه يصبح في مركز المدين الاصلي الاحتياطي على اعتبار ان مركز الساحب وان لم يتغير بعد قبول المسحوب عليه ولكنه يصبح مدينا احتياطيا بحيث لايمكن الرجوع عليه الا إذا لم يفِ المسحوب عليه بقيمة الورقة التجارية(15) . الا ان هذا الرأي منتقد على اعتبار عدم امكانية تصور كون الشخص مديناً اصلياً واحتياطياً في التزام واحد في الوقت نفسه فهو اما ان يكون مديناً اصلياً او احتياطياً(16). بينما يذهب راي ثالث إلى القول بان ساحب الحوالة بعد قبول المسحوب عليه يعد في مركز صرفي خاص على اساس ان مركز الساحب يجمع بين ملامح المدين الاصلي من جهة وبين مركز الكفيل المتضامن من جهة اخرى(17) .في حين يذهب راي رابع إلى القول بان القبول لايؤثر على المركز القانوني للساحب بمعنى انه يبقى في مركز المدين الاصلي(18). وهو راي جدير بالتأييد ذلك لان الساحب يلتزم التزاماً مستقلاً بذاته غير تابع لغيره من الالتزامات كما ان الساحب هو الذي انشأ الحوالة والمدين الاول بها ومسؤولاً صرفياً قِبَل جميع الملتزمين بالورقة التجارية عند قيامهم بوفاء مبلغ الحوالة للحامل ؛ ويمتنع على الساحب التمسك باهمال الحامل حتى وان قبل المسحوب عليه الحوالة ما لم يكن الساحب مقدما لمقابل الوفاء ، اما القول بان الحامل ملزم بمطالبة المسحوب عليه القابل اولا وقبل الرجوع على الساحب فيمكن الرد عليه بالقول أن الحامل ملزم بالبدء بمطالبة المسحوب عليه سواء اكان المسحوب عليه قابلاً للحوالة ام لم يكن قابلاً لها مما يعني ان البدء بمطالبة المسحوب عليه يعد مجرد اجراء قانوني لايترتب عليه تغيير مركز ساحب الحوالة ، كما ان القبول يعد ضمانة كبيرة للحامل إذ انه يضيف إلى المدين الاصلي في الحوالة (الساحب) مدينا اصليا اخر ينشا التزامه بالتوازي مع التزام الساحب دون ان يغير في مركز الساحب (19).

ثانياً: المظهر:

يلتزم المظهر التزاما ذا طبيعة صرفية بضمان قبول ووفاء الورقة التجارية(20). والتزام المظهر هو التزام تضامني مع الساحب ومع بقية الملتزمين الصرفيين تجاه المظهر اليه وجميع الحملة اللاحقين عليه(21). مما يعني ان التظهير لايقطع علاقة المظهر بالورقة التجارية ، إذ يبقى حتى وفاؤها ضامنا لذلك الوفاء الا ان القانون التجاري قد اجاز للمظهر ان يتخلص من عبء الضمان الثقيل باحدى الصورتين الاتيتين:-

الصورة الاولى: الاعفاء من الضمان: حيث اجاز القانون للمظهر ان يعفي نفسه من الضمان(22). بشرط يضعه في صيغة التظهير يفيد هذا المعنى ويترتب عليه تنصل المظهر واضع الشرط من الالتزام الصرفي والتحلل من المسؤولية التضامنية التي القاها عليه المشرع التجاري(23).

الصورة الثانية: تحديد الضمان وذلك عن طريق حظر تظهير الورقة التجارية من جديد وفي هذه الحالة لايكون المظهر ملزما بالضمان تجاه من تؤول اليه الورقة التجارية بتظهير لاحق (24). قد اختلف فقهاء القانون التجاري في تحديد المركز القانوني للمظهر : فذهب بعض الفقهاء إلى اعتباره في مركز المدين الاصلي المتضامن(25).وقد عللوا ذلك بالقول ان القانون التجاري قد جعل جميع الملتزمين بمن فيهم المظهر في مرتبة واحدة بوصفهم جميعاً متضامنين تجاه الحامل وبالتالي فهو يعد في نفس مركز الساحب والمسحوب عليه (مديناً اصلياً) . كما ان اعتبار المظهر في مركز المدين الاصلي المتضامن ادعى لتحقيق مصلحة الحامل من اعتباره مجرد كفيل متضامن وذلك لانه ينبغي مراعاة مصلحة الحامل في جميع المواطن التي لم ينظمها المشرع التجاري وبما ان الاخير لم يحدد مركز المظهر فينبغي اعتباره في مركز المدين الاصلي(26). من جانب اخر فان التزام المظهر هو التزام مستقل عن التزامات غيره من الملتزمين استناداً لقاعدة استقلال التواقيع السائدة في الاوراق التجارية. بينما يرى جانب اخر من الفقهاء ان المظهر يعد في مركز الكفيل المتضامن(27). وقد برروا رأيهم بعدة حجج منها ان الحامل لا يستطيع الرجوع على الا بعد مطالبة المسحوب عليه او المحرر(28). كما ان التزام المظهر هو التزام هش يسقط بمجرد اهمال الحامل باتخاذ الواجبات التي فرضها عليه المشرع التجاري كما ان افلاس المظهر لايؤثر على حلول اجل الورقة التجارية بعكس حالة افلاس الساحب او المسحوب عليه الذي يترتب عليها حلول ذلك الاجل(29). واخيراً فان المظهر يعد ضامناً للموقعين اللاحقين عليه ومضموناً من الموقعين السابقين له ولما كان المظهر ملتزماً بالضمان بالنسبة لبعض الملتزمين في الورقة التجارية دون البعض الاخر فانه لايمكن اعتباره مديناً اصلياً بالورقة التجارية(30). الا ان هذا الراي منتقد على اساس ان طبيعة التزام الكفيل وما يتميز به من تبعية لالتزام المكفول تتعارض مع الصفة الاصلية لالتزام المظهر والمستقل عن التزامات غيره من الملتزمين . وتلافياً للانتقادات الموجهة إلى الرأيين السابقين حاول جانب من الفقهاء الجمع بين الرأين وذلك من خلال اعتبار المظهر في مركز قانوني خاص يجمع بين صفتي المدين الاصلي المتضامن والكفيل المتضامن(31). وهو رأي جدير بالتأييد وذلك لان المظهر في الواقع يحتل مركزاً وسطاً بين المدين الاصلي المتضامن والكفيل المتضامن ، فله من ملامح المدين الاصلي المتضامن استقلالية التزامه عن التزامات غيره من الملتزمين الصرفيين ، وله من ملامح الكفيل المتضامن عدم تأثير افلاسه على حلول اجل الورقة التجارية وكون التزامه هشاً يسقط بمجرد اهمال الحامل(32) .

ثالثا: المسحوب عليه القابل :

يلتزم المسحوب عليه بمجرد التوقيع بالقبول على الحوالة التجارية(33). التزاماً ذا طبيعة صرفية بالتضامن مع باقي الملتزمين الصرفيين في اداء قيمة الحوالة في ميعاد استحقاقها. اما قبل التوقيع بالقبول فانه يكون بمنأى عن الحوالة وغير ملزم صرفياً بها إذ انه قبل التوقيع لم يعبر عن ارادته في الالتزام بموجبها وان كان عالماً بصدورها (34). فالقبول اذن هو الذي (يُقحم المسحوب عليه في الالتزام الصرفي ويظل قبل وقوعه اجنبياً عن الالتزام لايصله بالحامل الا مقابل الوفاء)(35). ويكون التزام المسحوب عليه القابل التزاماً مباشراً متولد عن التوقيع على الورقة التجارية ذاتها ومستقل عن العلاقات التي تربط المسحوب عليه بالساحب وبالتالي فان القابل يكون ملتزماً بالوفاء وان لم يكن قد تلقى مقابل الوفاء من الساحب(36). بل انه يكون ملتزماً بالدعوى الصرفية حتى تجاه الساحب نفسه عند صيرورته حاملاً للورقة التجارية(37). وهي فرضية ممكن تحققها باحدى صورتين: الاولى ان يحرر الساحب الورقة التجارية لا مره دون ان يطرحها للتداول اما الصورة الثانية فتتمثل في حالة ايلولة الورقة التجارية للساحب وذلك من خلال اعادة تظهيرها له . ولايمكن للمسحوب عليه القابل اعفاء نفسه من الضمان إذ انه في قبوله للحوالة يكون قد تعهد بدفع مبلغها للحامل وهذا التعهد قطعي و لا يجوز العدول عنه(38). وقد اجمع الفقهاء على اعتبار المسحوب عليه القابل في مركز المدين الاصلي المتضامن(39).، الذي يترتب على وفائه براءة ذمة سائر الملتزمين الصرفيين ، كما ان افلاسه يجيز للحامل الرجوع بالورقة التجارية قبل ميعاد استحقاق تلك الورقة(40).

رابعا: القابل بالتدخل :

إذا قُدمت الورقة التجارية للمسحوب عليه لغرض قبولها فهو اما ان يقبلها ويصبح ملتزما صرفيا بأداء قيمتها للحامل واما ان يرفض القبول وفي هذه الحالة يجوز للحامل الرجوع الصرفي على الملتزمين الصرفيين قبل حلول ميعاد استحقاق الحوالة التجارية ،وتلافيا لهذه النتيجة فقد يعمد احد الاشخاص إلى التوقيع على الحوالة كقابل بالتدخل لمصلحة احد الملتزمين وعندئذ يمتنع على الحامل الرجوع المبتسر على من حصل التدخل لمصلحته وعلى الموقعين اللاحقين عليه(41). ويمكن ان يُعطى القبول بالتدخل من قبل شخص اجنبي عن الحوالة او من قبل احد الملتزمين بها كما يجوز للمسحوب عليه ان يكون قابلا للتدخل (42). ويكون القابل بالتدخل ملتزما صرفيا باداء مبلغ الحوالة في ميعاد استحقاقها إذا امتنع المسحوب عليه عن الوفاء ، وقد يتعدد القابلون بالتدخل فيكونون متضامنين فيما بينهم وبين باقي الملتزمين في مواجهة الحامل. ويبقى القابل بالتدخل ملتزما بالضمان حتى لو قبل المسحوب عليه الحوالة التي سبق له ان رفض قبولها ، ولايجوز للقابل بالتدخل اعفاء نفسه من ضمان الوفاء والتنصل من الالتزام الصرفي، ذلك لانه عندما يوقع على الحوالة كقابل بالتدخل انما يتعهد بدفع مبلغها في حالة عدم ادائه من قبل المسحوب عليه في ميعاد الاستحقاق وبالتالي لايجوز له العدول عن هذا التعهد.

خامسا: الضامن :

الضامن هو الشخص الذي يتقدم لضمان مبلغ الورقة التجارية كله او بعضه، وقد يكون شخصا اجنبيا عن الورقة التجارية او ان يكون ملتزما بها ويكون الضمان بكتابة هذا اللفظ او باية صيغة تفيد هذا المعنى ويوقعه الضامن(43). ويلتزم الضامن التزاما صرفيا بالتضامن مع الشخص الذي حصل الضمان لمصلحته ومع بقية الملتزمين الصرفيين باداء مبلغ الورقة التجارية للحامل ، وقد جاء في قرار لمحكمة القاهرة التجارية الجزئية بان “الضامن الاحتياطي يتضامن مع المدين في المسؤولية عن الدين رغم عدم النص على التضامن في السند(44). ويتحدد التزام الضامن بمقدار التزام الشخص المضمون(45). لذا ينبغي تعيين الشخص المضمون ، وفي حالة عدم تعيينه يعد الضمان حاصلا لمصلحة الساحب عند اغلب القوانين التجارية كقانون جنيف الموحد والقوانين المشتقة منه(46). بينما اعتبرت بعض التشريعات التجارية كاتفاقية الاونسيترال لعام 1988 ان الضمان في هذه الحالة يعد حاصلا لمصلحة القابل او المسحوب عليه في السفتجة الدولية ولمصلحة المحرر في السند الاذني الدولي (47). ويقع التزام الضامن في الاصل على ضمان القبول وضمان الاداء الا انه يستطيع حصر ضمانه بالقبول دون الاداء ، او بالاداء دون القبول ، او ان يحصر ضمانه بحامل معين دون الحملة اللاحقين او ان يحصره لمصلحة ملتزم معين دون الملتزمين الاخرين(48).وقد اختلف الفقهاء حول تحديد المركز القانوني للضامن (وهو ذات الخلاف الذي دار حول تحديد مركز القابل بالتدخل) فذهب بعض الفقهاء إلى اعتبار الضامن والقابل بالتدخل في مركز المدين الاصلي(49). على اساس ان القانون التجاري قد ساوى بين جميع الملتزمين الصرفيين في المسؤولية التضامنية كما ان مصلحة الحامل وضرورة حمايته حماية كاملة تقتضي اعتبار جميع الملتزمين مدينين اصليين في مواجهته. بينما يرى جانب اخر من الفقهاء ان الضامن والقابل بالتدخل يعدان في مركز الكفيل المتضامن(50) . وقد استدلوا على ذلك من ان المشرع التجاري قد اعتبر الضامن والقابل بالتدخل يلتزمان بالكيفية التي يلتزم بها الشخص الذي حصل الضمان او القبول لمصلحته ، مما يعني ان التزامهما تابعاً لالتزام من تدخلوا لمصلحته ومرتبط به من حيث صحته وبطلانه وانقضائه(51). في حين يذهب راي ثالث إلى اعتبار الضامن والقابل بالتدخل كفلاء صرفيين(52). وهو الراي الذي نذهب لتاييده ، ذلك لان المركز القانوني للضامن والقابل بالتدخل يجمع بين ملامح الكفيل المتضامن من جهة وبين خصائص القانون الصرفي من جهة اخرى ، وتبرز صفة الكفيل من خلال كون الضامن والقابل بالتدخل تابعان في التزامهما لالتزام الشخص الذي تدخلا لمصلحته فيما يتعلق بكيفية التزامهما الصرفي ومقدار ذلك الالتزام(53). وبترتيب التزامهما بين سلسلة الموقعين على الورقة التجارية ومن حيث امكانية او عدم امكانية التمسك بسقوط حق الحامل المهمل . بينما تبرز الصفة الصرفية بوضوح فيما يتعلق باستقلال التواقيع ، فبينما تقتضي القواعد العامة بالكفالة ان التزام الكفيل يكون تابعا لالتزام المكفول تبعية مطلقة في بقاءه وانقضائه وصحته وبطلانه ، نجد ان قاعدة استقلال التواقيع تقف حاجزا يفصل بين توقيع الكفيل الصرفي وتوقيع المدين المضمون وتجعل لكل من التزامهما كيانا مستقلا عن الاخر(54). ، وهذا ما نلمسه من نص القانون التجاري على اعتبار التزام الضامن صحيحا حتى ولو كان التزام المضمون باطلا لاي سبب غير عيب في الشكل(55) .

__________________________

1- انظر المادة (1041) من القانون المدني العراقي .

2- انظر المواد (1027) من القانون المدني العراقي ، (784) من القانون المدني المصري.

3- د. عزيز العكيلي ، انقضاء الالتزام الثابت في الشيك ، دراسة في التشريعات المقارنة واتفاقيات جنيف الموحدة ، الدار العلمية الدولية ودار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان ، 2001 ، ص79.

4- انظر بشان التزام ساحب الحوالة المواد (50) من قانون التجارة العراقي ، (55) من قانون الحوالات التجارية الانكليزي ، (38) من اتفاقية الاونسيترال لعام 1988 ؛ وانظر بشان التزام محرر السند للامر المواد (136) من قانون التجارة العراقي ، (88) من قانون الحوالات التجارية الانكليزي، (39) من اتفاقية الاونسيترال لعام 1988 ؛ اما بشان الالتزام ساحب الصك فانظر المواد (146) من قانون التجارة العراقي ، (485) من قانون التجارة المصري .

5- نصت المادة (165) من القانون التجاري المغربي لعام 1939 “ان جميع الساحبين للكمبيالة والقابلين لها والمظهرين والضامنين الاحتياطيين ملزمين بالتضامن نحو الحامل”.

6- انظر المادتين (62 ، 141) من قانون التجارة العراقي ، وتطبيقا لذلك قضت محكمة التمييز العراقية بان “الشخص الذي يسحب صكا عليه ان يؤدي مقابل وفاءه” ، قرار رقم 727/مدنية اولى /1989 بتاريخ 17/2/1990 ، ابراهيم المشاهدي ، مصدر سابق ، ص38.

7- انظر في تفصيل ذلك د. فوزي محمد سامي ، مقابل الوفاء في السفتجة، بحث منشور في مجلة القانون المقارن ، العدد المزدوج (4 ، 5) ، السنة الخامسة ، 1972، ص147-150.

8- انظر المادة (459) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969.

9- د. مجيد حميد العنبكي ، مفهوم المقابل في الحوالة التجارية (السفتجة) في القانون الانكليزي ، مجلة العلوم القانونية ، المجلد العاشر ، العدد الثاني ، 1994، ص271.

10- انظر المواد (50 ، 146) من قانون التجارة العراقي ، (390 ، 485) من قانون التجارة المصري ، (39) من اتفاقية الاونسيترال لعام 1988 .

11- انظر المادة (50) من قانون التجارة العراقي والمقابلة للمادة (390) من قانون التجارة المصري .

12- انظر المادة (38/2) من اتفاقية الاونسيترال لعام 1988 .

13- د. امين محمد بدر ، الاوراق التجارية … ، مصدر سابق ، ص206. د. محمود سمير الشرقاوي، القانون التجاري ، ج2 ،دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1984، ص377. د. علي البارودي ، القانون التجاري…، مصدر سابق ، ص138. د. حسين النوري، مصدر سابق ،ص218.

14- د. مصطفى كمال طه ود. مراد منير فهيم ، القانون التجاري (الاوراق التجارية والافلاس) ، الدار الجامعية ، بيروت ، 1984، ص127. د. علي حسن يونس ،مصدر سابق، ص202. د. مصطفى كمال طه ، الاوراق التجارية … ، مصدر سابق ، ص145.

15- د. اكثم الخولي ، دروس في الاوراق التجارية ، بيروت ، بدون سنة طبع، ص200.د. ادوار عيد، الحماية القانونية للشيك … ، مصدر سابق ، ص39.

16- د. كمال محمد ابو سريع ، الاوراق التجارية في القانون التجاري ، دار النهضة العربية، القاهرة، 1983 ، ص190.

17- د. علي البارودي ، القانون التجاري ، مصدر سابق ، ص139.د. محمود سمير الشرقاوي، مصدر سابق ، ص379.د. محمد اسماعيل علم الدين، موجز القانون التجاري ، ج2، جامعة حلوان، 1975، ص93.

18- R. Roblot، op. cit.، p. 202; Lescot et. Roblot ، op. cit.، p. 540. ، د. علي سلمان العبيدي ، الاوراق التجارية في القانون العراقي ، بغداد ، 1973، ص386. د. ابو زيد رضوان ، مصدر سابق، ص294. د. امين محمد بدر ، الاوراق التجارية …، مصدر سابق ، ص206.

19- د. ابو زيد رضوان ، مصدر سابق، ص294.

20- انظر المادتين (55 ، 149) من قانون التجارة العراقي، المادة (55) من قانون الحوالات التجارية الانكليزي ، المادة (44) من اتفاقية الاونسيترال لعام 1988.

21- د. سميحة القليوبي ، الاوراق التجارية ، دار النهضة العربية ، 1987، ص111. د. حسين محمد سعيد ، مصدر سابق، ص38.

22- انظر المادتين (55 ، 149) من قانون التجارة العراقي النافذ.

23- د. عبد الرزاق عبد الوهاب ، التظهير واثاره في قانون التجارة الجديد ، دراسة مقارنة ، مطبعة الشعب ، بغداد ، 1989، ص 84.

24- انظر المادة (55 / 2) من قانون التجارة العراقي ، كما ان المادة (35) من قانون الحوالات التجارية الانكليزي قد اجازت حصر التظهير باسم شخص معين.

25- د. علي سلمان العبيدي ، الاوراق التجارية في القانون العراقي، مصدر سابق، ص386. د. ابو زيد رضوان ، مصدر سابق ، ص297. د. فريد شرقي ، اصول القانون التجاري المصري ، القاهرة، بدون سنة طبع ، ص282 وهو ما ذهب اليه ايضاً: R. Roblot، op. cit.، p. 202.

26- د. عبد الله محمد العمران ، مصدر سابق ، ص186 – 187، د. امين محمد بدر ، الاوراق التجارية … ، مصدر سابق ، ص207.

27- د. حسين النوري، مصدر سابق ، ص218 ؛ د. محمد علي راتب ، السندات الاذينية ، ط1 ، مكتبة النهضة العربية ، القاهرة ، 1948،ص213 ؛ د. علي حسن يونس ، مصدر سابق ، ص204.

28- د. حسين النوري ، مصدر سابق ، الالتزام الصرفي 218.

29- د. مصطفى كمال طه ود. مراد منير فهيم ، مصدر سابق ، ص127.

30- د. علي حسن يونس ، مصدر سابق ، ص203.

31- د. امين محمد بدر ، الاوراق التجارية … ، مصدر سابق ، ص208؛ د. علي البارودي ، القانون التجاري ، مصدر سابق ص139. د. السيد محمد اليماني ، القانون التجاري ، ج2 (العقود التجارية ، الاوراق التجارية ، عمليات البنوك ، الافلاس) ، مصر ، 1986، ص288.

32- هناك راي رابع يقول ان المظهر في مركز المدين الاصلي الاحتياطي الا انه راي ضعيف وانفرد به د. ادوار عيد ، الحماية القانونية للشيك …، مصدر سابق ، ص39.

33- ان القبول هو نظام خاص بالحوالة التجارية دون غيرها من انواع الاوراق التجارية الاخرى، فقد نص القانون صراحة على ان “لاقبول في الصك” (المادة 142) تجارة عراقي ، كما ان المشرع التجاري قد جعل محرر السند للامر ملتزم بالكيفية التي يلتزم بها قابل الحوالة (المادة 136) تجارة عراقي .

34- د. فائق الشماع ، احكام التزام المسحوب عليه القابل ، مجلة العلوم القانونية ، المجلد السابع عشر، العددان ( 1،2) ، جامعة بغداد ، 2002 ، ص1.

35- المذكر التفسيرية لقانون التجارة العراقي السابق رقم 149 لسنة 1970 ، ص199.

36- د. عاشور عبد الجواد عبد الحميد، موجز القانون الصرفي ، ط1 ، جامعة القاهرة ، 1992، ص171. د. مصطفى كمال طه ، الاوراق التجارية … ، مصدر سابق ، ص131.

37- انظر المواد (78/2) من قانون التجارة العراقي ، (416) من قانون التجارة المصري .

38- د. خالد الشاوي ، الاوراق التجارية في التشريعين الليبي والعراقي ، مطابع دار الكتب ، بيروت ، 1971 ، ص277. د. رزق الله انطاكي ود. نهاد السباعي ، الوسيط في الحقوق التجارية البرية ، ج2، مطبعة جامعة دمشق، 1962، ص399.

39- د. محمد اسماعيل علم الدين ، مصدر سابق ، ص92. د. كمال محمد ابو سريع ، مصدر سابق، ص190. د. محمود سمير الشرقاوي ، مصدر سابق ، ص377. د. السيد محمد اليماني ، مصدر سابق ، ص287.

40- انظر د. علي البارودي ، الوجيز في القانون التجاري ، القاهرة ، 1966، ص132.

41- انظر المادة (115) من قانون التجارة العراقي ، وهذا على خلاف موقف القانون المصري السابق الذي لم يحرم الحامل من حقه في الرجوع على الساحب والمظهرين بالرغم من قبول الحوالة من قبل متدخل ، (انظر المادة 126 منه) .

42- انظر المادة (116/ثانياً) من قانون التجارة العراقي .

43- انظر المادة (81) من قانون التجارة العراقي وكذلك ما قضت به محكمة التمييز العراقية بقرارها رقم 581/مدنية منقول/2001 بتاريخ 28/6/2001 ، الموسوعة العدلية ، العدد94، 2002، ص8،9.

44- قرار محكمة القاهرة التجارية الجزئية بتاريخ 16/4/1949 ، المحاماة ، السنة التاسعة والعشرون، 1948 – 1949، ص803.

45- انظر المواد (82) من قانون التجارة العراقي ، (47) من اتفاقية الاونسيترال لعام 1988

46- انظر المواد (31) من قانون جنيف الموحد ، (81/ثالثا) من قانون التجارة العراقي .

47- انظر المادة (46) من اتفاقية الاونسيترال لعام 1988 .

(48) د. ابراهيم اسماعيل ابراهيم ، الضمان الاحتياطي في الاوراق التجارية ، دراسة قانونية ، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان ، 1999 ، ص150-152.

49- د. رزق الله انطاكي ، السفتجة او سند السحب ، مصدر سابق ، ص257. د. علي سلمان العبيدي، الاوراق التجارية في القانون العراقي ، مصدر سابق ، ص386. د. فوزي محمد سامي، شرح القانون التجاري (1999) ، مصدر سابق ، ص203.

50- د. مصطفى كمال طه ، الوجيز في القانون التجاري (الاوراق التجارية ، العقود التجارية ، عمليات البنوك ، الافلاس) ، الاسكندرية ، 1973، ص116. د. السيد محمد اليماني ، مصدر سابق ، ص286. د. حسين النوري ، مصدر سابق ، ص218. د. فريد شرقي ، مصدر سابق ، ص282.

51- انظر د. حسين النوري ، مصدر سابق ، ص218.

52- د. علي البارودي ، القانون التجاري …،مصدر سابق ،ص138 .د.عزيز العكيلي،انقضاء الشيك…، مصدر سابق ،ص80 .وقد جاء في قرار لمحكمة التمييز العراقية بان “الكفيل بالافال او الضامن الاحتياطي علاوة عن كونه كفيلا فانه يعتبر مدينا ايضا امام حامل السند” ، قرار رقم 1420/حقوقية /1966، بتاريخ 17/11/1966 ، نقلا عن المحامي عبد الرزاق القيسي ، الصيغ القانونية … ، مصدر سابق ، ص150-153.

53- انظر المادتين (82/اولا، 120) من قانون التجارة العراقي ، والمقابلة للمادتين (32 ، 58- من قانون جنيف الموحد لعام 1930 .

54- د. علي البارودي ، القانون التجاري … ، مصدر سابق ، ص138.

55- المادة (82) من قانون التجارة العراقي .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .