مقابل الوفاء:

يعرف بعض الفقه مقابل الوفاء بانه ((يتمثل في مديونية المسحوب عليه للساحب او للمسحوب على ذمته بمبلغ من النقود مساو لمبلغ الشيك ومستحق الطلب عند السحب وقابل للتصرف فيه بموجب شيك(1). ويعرفه آخرون أنه ((الدين الذي للساحب لدى المسحوب عليه. فمقابل الوفاء يمثل التزام المسحوب عليه قبل الساحب والذي على اساسه يتلقى امراً من هذا الاخير بدفع المبلغ المبين بالشيك الى المستفيد)) (2).ويرى فيه اخرون انه (دين الساحب على المسحوب عليه بمبلغ من النقود(3). يعادل في الاقل قيمة الشيك ويكون متوفراً بتاريخ السحب وقابلاً للتصرف به عن طريق اصدار الشك. فضلاً عن كونها مبلغاً من النقود يمكن ان تكون اعتماداً فتحه المصرف لحساب الساحب(4). ولابد من الاشارة بهذا الصدد الى الفقه العراقي الذي يعرفه بأنه ((دين يتمثل في مبلغ من النقود يستطيع الساحب ان يسحب منه لشخصه او لغيره متى اراد بموجب شيكات يسحبها بناء على الاتفاق الصريح او الضمني بينه وبين المسحوب عليه)) (5).

هذا ويشترط في الرصيد ما يأتي من الشروط:

1- ان يكون مقابل الوفاء موجوداً وقت اصدار الشيك:

تتفق اغلب التشريعات على اعتبار وجود مقابل الوفاء شرطاً لصحة الشيك(6). الا انها تختلف في تحديد الوقت الذي يوجد فيه مقابل الوفاء. حيث تذهب بعض التشريعات الى تقرير وجوب ان يكون الرصيد موجودا وقت اصدار الشيك (أي انشائه)، كالتشريع الفرنسي مثلا (7).وذلك استنادا الى قاعدة ان الشيك واجب الاداء لدى الاطلاع، عليه فان وجود المقابل وقت تقديم الشيك يجعله اداة ائتمان في حين انه اداة وفاء ، هذا من ناحية ، ومن ناحية اخرى ، قد يقوم الحامل بتقديم الشيك الى المسحوب عليه المصرف حال حصوله عليه أي بمجرد اصداره (8). مما يستدعي وجود المقابل وقت الاصدار والا عد الشيك من دون مقابل وفاء(9). بيد ان الرأي الاخر والذي يمثله التشريع الانكليزي يكتفي بضرورة توافر مقابل الوفاء وقت تقديم الشيك للوفاء، ولم يشترط القانون المذكور وجود المقابل وقت انشاء الشيك . ويشترط هذا الاتجاه على ان المقابل او ما يعرف بالرصيد يمثل الضمان الاساسي للحامل في الوفاء بقيمة الشيك . فالحامل لا يضره كون الرصيد غير موجود وقت الانشاء انما المهم توافره عند قيام الحامل بتقديمه للمسحوب عليه لغرض الوفاء (10). اما من الناحية العملية فيرى بعض (11). الفقه انه لا تترتب أي نتائج عند عدم وجود المقابل وقت الاصدار ما دام الرصيد موجودا عند تقديم الشيك للوفاء. ذلك ان من الصعب على المستفيد او الحامل العلم بوجود الرصيد . اذا ان المصرف حريص على اسرار عملائه . فضلاً عن ان الحامل وان علم بهذا الامر، فانه لن يتمكن من اثباته ومن ثم لا يستطيع المطالبة بتوقيع الجزاء الجنائي على الساحب. ومن الجدير بالاشارة، الى ان الساحب غالباً ما يلجأ او المتعاملين في الشيك(12). في حاله عدم وجود الرصيد الى وضع تاريخ على الشيك لاحق لتاريخ اصداره . حتى يتأكد الساحب من ان المسحوب عليه قد تلقى الرصيد . وتأخير التاريخ لا يؤثر على صحة الشيك باعتباره واجب الوفاء لدى الاطلاع ولم تم الوفاء قبل التاريخ المبين في الشيك ، رعاية لمصلحة الحامل حسن النية(13).

2 – ان يكون الرصيد مبلغا” من النقود : –

يجب ان يكون الساحب دائنا” للمسحوب عليه بمبلغ من النقود ، وذلك باعتبار ان حق الساحب على المسحوب عليه المصرف هو حق شخصي يتمثل بمبلغ من النقود . وعلى هذا فلا يعد الرصيد موجودا” ان كان للساحب لدى المسحوب عليه شيء اخر غير النقود وعلى سبيل التمثيل مجوهرات، اوراق مالية. بيد انه لا يهم مصدر هذا الدين النقدي الذي للساحب لدى المسحوب عليه ان كان نتيجة فتح اعتماد او وديعة نقدية . ومن الجدير بالاشارة ، الى ان المسحوب عليه (المصرف) قد يلجا احيانا الى دفع قيمة الشيك على المكشوف رغم عدم وجود الرصيد . وهذا يحصل غالباً عندما يكون الساحب عميلا” للمصرف المسحوب عليه ولديه ضمانات فيه(14) .

3- ان يكون المقابل قابلاً للتصرف فيه :-

أي ان الرصيد يجب ان يكون مستحق الاداء أي غير مقترن باجل وخاليا” من جميع الموانع التي تحول دون الوفاء به(15). ويمكن ان نحصر هذه الحالات بالاتي :

أ.ان يكون المبلغ النقدي محقق الوجود أي منجز وغير(16). معلق على شرط . فاذا كان حق الساحب معلقاً على شرط واقف اعد الرصيد غير موجود. بيد انه اذا كان الحق معلقاً على شرط فاسخ اعتبر دين الرصيد منجزاً الا اذا تحقق الشرط الفاسخ قبل تقديم الشيك عند اذ يعد الرصيد غير موجود منذ اصدار الشيك وبفعل الاثر الرجعي للشرط(17).

ب. يجب ان يكون دين الرصيد مستحق الاداء ، اي غير مقترن باجل و الا اعتبر المقابل غير موجود . وكثيرا” ما يحصل عند اقتران الرصيد باجل ان يؤخر الساحب تاريخ الشيك لحين توفر دين الرصيد .

ج. يجب ان يكون الرصيد معين المقدار وخالياً من النزاع وقت اصدار الشيك ، كي يتمكن الحامل عند تقديمه للمسحوب عليه من قبضه حالاً دون حاجة الى اجراء حسابات وتصفية لتحديد مقدار المبالغ الموجودة . اما ان كان الرصيد غير معين كما لو كان حسابا لم يقفل بعد كالحساب الجاري مثلا” او الدين محل النزاع ، فان ذلك لا يصلح ان يكون رصيدا ولو كان باديا” انه لصالح الساحب لان الدين يظل محتملاً وغير معين المقدار لحين تصفيته(18) .

د. يجب ان يكون قابلا” للسحب بموجب شيك :-

ومعنى هذا انه يجب ان يكون في مقدور الساحب التصرف بالرصيد(19). وذلك بمقتضى الاتفاق الصريح او الضمني بينه وبين المسحوب عليه وبناء عليه يرخص المصرف للساحب في التصرف بمقابل الوفاء لتسوية الدين بطريق الشيك فاذا لم يوجد مثل هذا الاتفاق فلا يمكن الزام المسحوب عليه بالوفاء بالشيك وله ان يرفض ذلك . هذا ولابد من الاشارة ، الى انه يتم اثبات الاتفاق بين المصرف والعميل على قابلية السحب والتصرف بالشيك بكافة طرق الاثبات(20) . وقد عد ان تسليم دفتر الشيكات الى العميل يعتبر دلالة واضحة على موافقته على التصرف بالمقابل عن طريق اصدار الشيكات(21).

4- ان يكون مساويا على الاقل لمبلغ الشيك :-

اذا قام الساحب باصدار الشيك فانه يفترض ان يكون لديه مقابل وفاء كاف لتغطية الشيك اما اذا كان المقابل اقل من قيمة الشيك فما حكم الرصيد الناقص ؟ ان الرصيد الناقص يعد في حكم المنعدم بالنظر الى الساحب (22).مما يترتب عليه تعرض الساحب للعقوبة المتمثلة بجريمة اصدار شيك بدون رصيد .اما بالنسبة الى حامل الشيك فيكون له على هذا الرصيد الناقص الحقوق التي تكون على الرصيد الكامل كافة من حيث تملكه لمقابل الوفاء (23). والحق في استيفائه من المسحوب عليه (المصرف) .(24). هذه هي شروط الرصيد عموما بيد انه لابد من الاشارة الى ان ايجاد وتقديم مقابل الوفاء يقع على عاتق الساحب وحده(25). والعلة في ذلك هي ان الساحب يتلقى من المستفيد الاول مقابلا او نظير لهذا الشيك(26). فمن اللازم ان يزود المسحوب عليه بما يدفعه مقابلا لهذا الشيك والا اثرى دون وجه حق وايا كان الامر فان ملكية مقابل الوفاء تنتقل بمجرد اصدار الشيك الى الحملة المتعاقبين وبحكم القانون (27). ويترتب على الاعتراف لحامل الشيك بملكية مقابل الوفاء ما يأتي من النتائج:-

1.لا يجوز للساحب بعد اصدار الشيك ان يسترد المقابل كله او بعضه او ان يصدر امرا الى المصرف المسحوب عليه بالامتناع عن الدفع وبعكسه يعاقب بجريمة اصدار شيك بدون رصيد(28).

2.لا يجوز لدائني الساحب توقيع الحجز على رصيد الساحب الموجود لدى المسحوب عليه المصرف لانه اصبح بمجرد اصدار الشيك ملكا للحامل (29) .

3. اذا افلس الساحب بعد اصدار الشيك قبل ان يتقدم الحامل لاستيفاء حقه ،فان رصيد الساحب الموجود لدى المسحوب عليه المصرف ،لا يدخل في التفليسة بل يعد ملكا للحامل ومن ثم فلا يتعرض هذا الاخير(30). لمزاحمة الدائنين .ومن هنا تنشأ علاقة قانونية بين الحامل والمسحوب عليه. ومن الجدير بالاشارة الى انه اذا توفي الساحب او حجر عليه لجنون او عته او سفه بعد اصدار الشيك وقبل تقديمه للوفاء فلا يكون لذلك اثر على ملية الحامل للرصيد ولا يكون بعد ذلك للورثة او القيم استرداد الشيك (31) .

4. اذا امتنع المسحوب عليه عن الوفاء، للحامل ان يرجع بدعوى ملكية مقابل الوفاء وللمسحوب عليه في الجانب الاخر التمسك قبله بالدفوع التي له قبل الحامل (32)

5. اذا سحبت عدة شيكات على مقابل الوفاء ولم يكن كافيا لسدادها جميعا، قدم حامل الشيك الاسبق في التاريخ .

______________________

1- انظر: د. امين محمد بدر، الاوراق التجارية في التشريع المصري، مرجع سابق، ص450.

2- انظر: د. سميحة القليوبي، الموجز في الاوراق التجارية، مرجع سابق ذكره، ص195.

3- انظر: د. حسين النوري، مرجع سابق ذكره، ص 256.

4- انظر: الياس ناصيف، الكامل في قانون التجارة، مطبعة بيروت، بدون سنة طبع، ص 391.

5- انظر: د. فائق الشماع ود. فوزي محمد سامي، مرجع سابق ذكره، ص 330.

6- انظر: د. الياس ناصيف، مرجع سابق ذكره، ص 391.

7- انظر: المادة الثالثة من المرسوم الفرنسي قانون 1935، والمادة (4) من مشروع الشيك المصري، والمادة(141) من قانون التجارة العراقي رقم 30 لسنة 1984.

8- انظر: د. رضا عبيد ،مرجع سابق ذكره ، ص442.

9- انظر: د. سميحة القليوبي ، الموجز ، مرجع سابق ذكره ، ص198.

0[1]- انظر: د. محسن شفيق ، القانون التجاري الكويتي ،مرجع سابق ذكره.

1[1]- انظر: د. مصطفى كمال طه ، الموجز ، مرجع سابق ذكره.

2[1]- انظر: د. مصطفى كمال طه ، الاوراق التجارية ، مرجع سابق ذكره ، ص265 .

3[1]-انظر كذلك: د. محمد محمود ابراهيم ، اوراق التجارية ، مرجع سابق ذكره ، ص235.

4[1]- انظر د. محمد محمود ابراهيم ، مرجع سابق ذكره ، ص234 .

5[1]-انظر: د. سميحة القليوبي ، الموجز ، مرجع سابق ذكره ، ص211 .

6[1]- محمد حسني عباس ، القانون التجاري الكويتي ، مرجع سابق ذكره ، ص258 .

7[1]-محمد حسني عباس ، القانون التجاري الكويتي ، مرجع سابق ذكره ، ص258 .

8[1]-انظر: د. محسن شفيق ، القانون التجاري المصري ، مرجع سابق ذكره ، ص760 .

9[1]-انظر: د. مصطفى كمال طه ، القانون التجاري المصري ، مرجع سابق ذكره ، ص760.

20- محمد حسني عباس ، الاوراق التجارية في التشريع الكويتي ، مرجع سابق ذكره ، ص259 .

[1]2-انظر د. محمد محمود ابراهيم ، مرجع سابق ذكره ، ص238 .

22- انظر د.مصطفى كمال طه ،الموجز ،مرجع سابق ذكره ،ص266

23- انظر المادة (137) من قانون التجارة العراقي رقم 30 لسنة 1984 بدلالة المواد 63/65 من القانون ذاته

24- انظر د. زينب سلامة ،مرجع سابق ذكره ،ص64.

25- انظر د.على جمال الدين عوض ،القانون التجاري ،مرجع سابق ذكره ،ص450.

26- انظر د. محسن شفيق ، القانون التجاري الكويتي ،مرجع سابق ذكره ،ص355.

27- انظر نص المادة (137) من قانون التجارة العراقي النافذ بدلالة المادة 65،اولا منه

28- انظر د. فائق الشماع ،ايلولة الحق في مقابل الوفاء ،بحث غير منشور ، بغداد و 1994.

29- انظر د.مصطفى كمال طه ،الموجز ،مرجع سابق ذكره ،ص268.

30- انظر د.محمد حمود ابراهيم ،مرجع سابق ذكره ،ص235.

[1] 3- انظر د. محسن شفيق ،القانون التجاري المصري ،مرجع سابق ذكره ،ص769

32- انظر د. مصطفى كمال طه ، الموجز مرجع سابق كره ،ص268

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .