القرار رقم 7/2263
المؤرخ في 98/10/1
الملف الجنحي رقم 98/8774

القاعدة:
– لا يوجد في القانون ما يعفي مدير شركة ما باعتباره ممثلا للشخص المعنوي من المسؤولية الجنائية متى ثبت أن الأفعال التي ارتكبها ولو باسم الشركة التي يمثلها أو بتفويض منها تندرج ضمن الأفعال المجرمة قانونا.

– إن صفة التمثيل أو رخصة التفويض التي تسمح له بالتصرف نيابة عن الشخص المعنوي لا تعتبر اطلاقا رخصة للتصرف خلافا للقانون ولا تعذره أن يكون جاهلا لمقتضياته.

باسم جلالة الملك

إن المجلس الأعلى
وبعد المداولة طبقا للقانون
وبعد الاطلاع على المذكرة المدلى بها من لدن طالب النقض بواسطة محاميه الأستاذ محمد لمدور المقبول للترافع أمام المجلس الأعلى.

في شأن وسيلة النقض الفريدة المتخذة من نقصان التعليل الموازي لانعدامه، ذلك ان القرار المطلوب نقضه اعتمد في تعليله لإلغاء الحكم الابتدائي المصادف للصواب على أسباب هي : ” انكار المشتكى به في جميع مراحل الدعوى الأفعال المنسوبة إليه موضحا بأن المجلس الاداري للشركة التي يمثلها هو الذي اتخذ قرارا بالتبليغ عن المشتكي بخصوص سحبه لنظير الرسم العقاري من المحافظة العقارية،

وأنه بالرجوع الى وثائق الملف تبين للمحكمة أن المشتكي تقدم بشكاية الوشاية الكاذبة في مواجهة المشتكى به شخصيا، في حين أن هذا الاخير سبق له أن تقدم بشكاية النصب والاحتيال في مواجهة المشتكي باسم شركة لاكسوال وهي شركة مجهولة الاسم وبصفته ممثلها كمتصرف منتدب،

وأن الوقائع الواردة بشكاية شركة لاكسوال هي وقائع صحيحة، وأن المشتكى جناح مصطفى يعترف بكونه يحتفظ بنظير الرسم العقاري ولن يسلمه للمشتكى به إلا إذا دفع له هذا الاخير المبالغ المالية المتبقاة بذمته، وانه لم يثبت للمحكمة ما يفيد أن المشتكى به عند تقديمه للشكاية باسم الشركة التي يمثلها كان ينوي الإضرار بالمشتكي،

وبأنه كان عالما بكذب الوقائع التي بلغ عنها خاصة وأن الشركة تتوفر على عقد بيع نهائي يلتمس فيه الطرفان من السيد المحافظ على الأملاك العقارية تقييد نقل الملكية بالرسم العقاري موضوع البيع “غير أن هذا التعليل جانب الصواب من عدة وجوه .

فمن جهة أن شكاية طالب النقض قد تقدم بها في مواجهة السيد حاميلو عبد الرحمان باعتباره مدير وممثل شركة لاكسوال ومن جهة أخرى فانه على عكس ما خلص إليه القرار المطعون فيه بالنقض فان الوقائع الواردة بشكاية شركة لاكسوال في شخص ممثلها السيد حاميلو عبد الرحمان هي وقائع غير صحيحة بل كاذبة بالرغم من تصريحات طالب النقض بكونه كان يحتفظ بنظيرالرسم العقاري وانه لن يسلمه إلا إذا استخلص ما بقي بذمة المشتكى به ذلك إن محكمة الاستئناف اعتمدت في اعتبار وقائع الشكاية بالنصب التي تقدم بها المطلوب في النقض صحيحة على عقد البيع الاولي للعقار والمصادق على توقيعاته بتاريخ 1992/3/20 في حين أنها لم تتطرق إطلاقا لملحق عقد البيع المؤرخ في 1992/3/26 المدلى به في النازلة

والذي يتضمن أن عملية البيع انصبت على شركة جفاطيكس وكذلك على العقار المشيد عليه بنايات تلك الشركة وأنه بعد إجراء الحسابات حول ثمن البيع وخصم قيمة دين البنك المغربي للتجارة الخارجية من ثمن البيع الذي سيؤديه ويتحمله المشتري بجميع مصاريفه، وبعد تصفية الحساب بقي بذمة المشتري لفائدة البائع مبلغا اجماليا عن كافة البيوعات قدره 87، 159 4 366 درهم وقد اتفق الطرفان على أداء هذا المبلغ حسبما يتضمنه العقد الملحق المذكور والذي بمقتضاه ألغيت بنود العقد السابق المؤرخ في 1992/3/20.

وانطلاقا من هذا الواقع يحق لطالب النقض الإحتفاظ بنظير الرسم العقاري إلى حين اتمام أداء باقي الثمن مما تكون الشكاية التي تقدم بها المطلوب ضده بالنصب كاذبة حينما اعتمد في معاينة على بنود العقد الأول في حين أنه لا يزال لحد الآن لم يف بالتزاماته ولم يؤد باقي الثمن طبقا لملحق العقد..

فكانت تصريحاته بمقتضى الشكاية المذكورة كاذبة، وكان عالما بكذب الوقائع التي بلغ عنها خاصة وأنه لم يشر إطلاقا في شكايته الى ملحق العقد الذي أصبح هو العقد الوحيد المعتمد بين الطرفين بغية الاضرار بالطاعن كما كانت بمقتضى هذه الوقائع جميع عناصر الوشاية الكاذبة طبقا للفصل 445 من القانون الجنائي متوفرة وأن القرار المطعون فيه عندما لم يذكر الوسائل والوثائق المستدل بها من قبل الطاعن ولا موقف المطلوب ضده في شأنها رغم وضوحها والتي من شأنها أن تؤثر على القرار واستبعد سند الطاعن المتعلق بملحق البيع دون الاشارة إليه أو الى مضمونه يكون ناقص التعليل الموازي لانعدامه ومعرض للنقض.

بناء على الفصلين 347 و352 من قانون المسطرة الجنائية.
حيث إنه بمقضى الفصل 347 في فقرته السابعة والفصل 353 في فقرته الثانية يجب أن يكون كل حكم معللا من الناحيتين الواقعية والقانوية ولو في حالة البراءة وإلا كان باطلا وأن نقصان التعليل يوازي انعدامه.

وحيث يستفاد من تنصيصات الحكم الابتدائي أنه أدان المطلوب في النقض بجنحة الوشاية الكاذبة بناء على التعليلات التالية : ” حيث أن المحكمة بعد دراستها للقضية واطلاعها على وثائق الملف تبين لها بأن المشتكى به سبق له وأن تقدم بشكاية ضد المطالب بالحق المدني تتعلق بالنصب والاحتيال على أساس أن هذا الأخير أبرم معه عقد بيع وتوصل بجميع الثمن ورغم ذلك امتنع من اتمام البيع حيث احتفظ بنظير الرسم العقاري وعند الاستماع الى الطرفين من طرف الضابطة القضائية صرح المطالب بالحق المدني بأن الشكاية كيدية ولا أساس لها من الصحة وأن المشتكى به لم ينفذ جميع التزاماته حيث بقي بحوزته جزء من ثمن المبيع وبالتالي بقي من حقه الاحتفاظ بنظير الرسم العقاري مادام أنه لازال المالك الحقيقي للعقار ..

وحيث أن المحكمة بعد فحصها لوثائق الملف وخاصة نسخة الاتفاق الملحق بعقد البيع المبرم بين الطرفين والمؤرخ في 1992/3/26 تبين لها بأن المشتكى به لم يؤد جميع الثمن الى المشتكي وذلك خلافا لما أكده بالشكاية التي تقدم بها لدى الضابطة القضائية الشيء الذي يؤكد على أنه كان على علم بكذب الوقائع التي بلغ عنها..

وحيث إنه علاوة على ما سبق فإن الشكاية التي تقدم بها المشتكى به لدى الضابطة القضائية قد حفظت من طرف النيابة العامة … وحيث أن المحكمة بناء على ما ذكر أعلاه اقتنعت بأن جنحة الوشاية الكاذبة مستجمعة لكافة عناصرها القانونية ثابتة في حق المشتكى به ويتعين بالتالي التصريح بمؤاخذته من أجلها.

وحيث اعتمدت محكمة الاستئناف بمقتضى قرارها المطعون فيه للقول بالغاء الحكم الابتدائي وتصديا للحكم ببراءة المطلوب ضده على التعليلات التالية : » حيث أن المحكمة بعد رجوعها الى وثائق الملف تبين لها أن المشتكي تقدم بشكاية الوشاية الكاذبة في مواجهة المشتكى به شخصيا في حين أن هذا الأخير سبق له أن تقدم بشكاية النصب والاحتيال في مواجهة المشتكي باسم شركة لاكسوال وهي شركة مجهولة الاسم وبصفته يمثلها كمتصرف منتدب ..

وحيث من جهة أخرى فإن الوقائع الواردة بشكاية شركة لاكسوال هي وقائع صحيحة وأن المشتكي جناح مصطفى يعترف بكونه يحتفظ بنظير الرسم العقاري ولن يسلمه للمشتكى به إلا إذا وضع هذا الاخير المبالغ المالية المتبقاة بذمته ..

وحيث لم يثبت للمحكمة ما يفيد أن المشتكى به عند تقديمه الشكاية باسم الشركة التي يمثلها كان ينوي الاضرار بالمشتكي وبأنه كان عالما بكذب الوقائع التي بلغ عنها خاصة وأن الشركة تتوفر على عقد بيع نهائي يلتمس فيه الطرفان من السيد المحافظ تقييد نقل الملكية بالرسم العقاري …«.

لكن حيث من جهة فإنه طبقا لمقتضيات الفصل 132 من القانون الجنائي يكون كل شخص سليم العقل قادر على التمييز مسؤولا شخصيا عن الجرائم التي يرتكبها ما عدا في الحالات التي نص القانون فيها صراحة على خلاف ذلك ..

وانه لا يوجد في القانون ما يعفي مدير شركة ما باعتباره ممثلا للشخص المعنوي من هذه المسؤولية متى ثبت أن الأفعال التي ارتكبها ولو باسم الشركة التي يمثلها أو بتفويض منها تندرج ضمن الأفعال المجرمة قانونا ..

ذلك أن صفة التمثيل أو رخصة التفويض التي تسمح له بالتصرف نيابة عن الشخص المعنوي لا تعتبر إطلاقا رخصة للتصرف خلافا للقانون ولا تعذره أن يكون جاهلا لمقتضياته ..

الأمر الذي يكون معه القرار المطعون قد خالف هذه المقتضيات عندما أعفى المطلوب ضده في النقض من المسؤولية الجنائية بعلة أن الشكاية التي سبق له أن تقدم بها في مواجهة الطالب مدعيا في حقه بوقائع النصب والاحتيال إنما تقدم بها باسم شركة لاكسوال التي يمثلها وهي شركة مجهولة الاسم ..

ومن جهة أخرى فإن المحكمة المطعون في قرارها وخلافا لماذهبت اليه المحكمة الابتدائية عندما انتهت الى القول بكون وقائع الشكاية موضوع تهمة الوشاية الكاذبة كانت صحيحة اعتمادا على عقد البيع المؤرخ في 92/3/20 واستبعدت العقد الملحق المؤرخ في 1992/3/26 والمصادق على توقيع طرفيه بما فيهما المطلوب في النقض ودون أن تبين سبب ذلك بالرغم من كونه لم يكن موضوع إنكار أو نقاش من هذا الاخير وبالرغم من كونه وثيقة لو أخذت به المحكمة باعتباره معللا لمحل وطريقة أداء الثمن التي يتضمنها العقد الأول لغيرت من نتيجة القرار الذي أصدرته.

تكون بذلك قد أساءت في الأخذ بوقائع الدعوى وغيرت في مضمونها التابثة لديها وتجنبت الرد عن دفوع أحد الأطراف فجاء قرارها ناقص التعليل الموازي لانعدامه ومعرضا للنقض والإبطال نقضا يخص المقتضيات المدنية المتعلقة بالمطالب بالحق المدني والمنصب على المسؤولية وما ينتج عنها.

من أجله
قضى المجلس الأعلى بنقض وإبطال القرار المطعون فيه الصادر عن محكمة الاستئناف بالبيضاء بتاريخ 1997/7/15 في القضية ذات الرقم 96/1/568 في خصوص الدعوى المدنية وباحالة القضية والطرفين على نفس المحكمة لتبت فيها من جديد طبقا للقانون وفي حدود ما ذكر وهي مشكلة من هيئة أخرى وبرد المبلغ المودع لمودعه كما قرر إثبات قراره هذا بسجلات محكمة الاستئناف بالبيضاء إثر القرار المطعون فيه أو بطرته.

وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بالمجلس الاعلى بالرباط وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة الطاهر السميرس رئيس غرفة والمستشارين : محمد الحليمي، حكمة السحيسح، زينب سيف الدين، محمد القادري، بمحضر المحامي العام السيد حسن البقالي الذي كان يمثل النيابة العامة وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة ربيعة الطهيري.