المسؤولية الجنائية لصاحب العمل – اجتهادات قضائية مصرية

الطعن 4540 لسنة 51 ق جلسة 20/ 3/ 1982 مكتب فني 33 ق 79 ص 391 جلسة 20 من مارس سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ الدكتور إبراهيم علي صالح نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ هاشم محمد قراعه وصفوت خالد مؤمن ومحمود بهي الدين ومحمد نبيل رياض.
——————-
(79)
الطعن رقم 4540 لسنة 51 القضائية

1 – نيابة عامة. نقض. “المصلحة في الطعن والصفة فيه”. أسباب الطعن. ما يقبل منها”. طعن. “الصفة في الطعن”.
للنيابة العامة الطعن في الحكم. ولو كانت المصلحة للمحكوم عليه. أساس ذلك؟
2 – عمل. تأمين. قانون. “تفسيره”. مسئولية جنائية.
صاحب العمل في مفهوم قانون التأمين الاجتماعي الموحد الصادر به القانون رقم 79 لسنة 1975؟
تطبيق هذا القانون على صاحب العمل الذي لم ينفذ التزاماته بشأن من يستخدمهم من عمال. لا يتعارض مع التزامه بالتأمين على نفسه.

—————
1 – النيابة العامة – في مجال المصلحة والصفة في الطعن – خصم عادل تختص بمركز قانوني خاص بمثابتها تمثل الصالح العام وتسعى إلى تحقيق موجبات القانون من جهة الدعوى الجنائية فلها بهذه المثابة أن تطعن في الأحكام وإن لم يكن لها – كسلطة اتهام – مصلحة خاصة في الطعن بل كانت المصلحة هي للمحكوم عليه – كما هو الحال في الطعن الماثل – ومن ثم فإن مصلحتها في الطعن تكون قائمة ولو أن الحكم المطعون فيه قضى بإدانة المطعون ضده.
2 – متى كان قانون التأمين الاجتماعي على أصحاب الأعمال ومن في حكمهم الصادر بالقانون رقم 108 لسنة 1976 – ومن قبله القانون رقم 61 لسنة 1973 بسريان بعض أحكام قانون التأمينات الاجتماعية على أصحاب الأعمال – لم يورد تعريفاً لصاحب العمل، غير أنه لما كان هذا القانون قد التزم في تحديد الفئات الثلاث عشرة التي نص في مادته الثالثة على سريان أحكامه عليها بضابط عام وهو – على ما هو مستفاد في هذا التحديد ووفقاً لما أشارت إليه المذكرة الإيضاحية وتقرير لجنة القوى العاملة بمجلس الشعب عن مشروع هذا القانون – أن أفراد هذه الفئات جميعاً من المشتغلين لحساب أنفسهم، وإذ كان لا يتأبى مع ذلك وإنما يتسق معه استخدام أفراد بعض هذه الفئات وأخصهم من يزاول لحساب نفسه نشاطاً تجارياً أو صناعياً أو زراعياً وأصحاب وسائل النقل الآلية للأشخاص والبضائع – لعامل أو أكثر، يدل على ذلك المفهوم اللغوي للفظ “أصحاب الأعمال” الذي استخدمه القانون فضلاً عن المدلول الاصطلاحي لهذا اللفظ في قوانين العمل والتأمينات الاجتماعية المتعاقبة التي تعتبر أن صاحب العمل هو من يستخدم عاملاً أو أكثر للعمل لديه بالأجر تحت إشرافه ورقابته، كما يدل عليه كذلك تدرج السياسة التشريعية للدولة في مد مظلة التأمينات الاجتماعية لتغطي جميع فئات الشعب بما في ذلك المشتغلين لحساب أنفسهم بعد أن كان المشرع يقصر نطاق هذه التأمينات – في البداية – على طوائف من العاملين لحساب غيرهم، وإذ كان لا مشاحة في أن صاحب العمل المخاطب بأحكام قانون التأمين الاجتماعي الموحد الصادر به القانون رقم 79 لسنة 1975 – عملاً بالبند “د” من المادة الثالثة منه – هو كل من يستخدم عاملاً أو أكثر من الخاضعين لأحكامه، ومن ثم فإنه لا تعارض البتة بين تطبيق هذا القانون على صاحب العمل الذي يتخلف عن تنفيذ الالتزامات التي ألقاها على عاتقه بشأن من يستخدمهم من عمال وبين التزامه في الوقت ذاته – طبقاً للقانون سالف الذكر – بالتأمين على نفسه.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: (1) وهو صاحب عمل لم يؤمن على نفسه. (2) لم ينشئ ملفات وسجلات للعمال على النحو المبين بالمحضر. (3) لم يقدم للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية البيانات والنماذج الخاصة بهؤلاء العمال، وطلبت عقابه بالمواد 3، 56 من القانون رقم 108 لسنة 1976، 151/ 1، 2 من القانون رقم 79 لسنة 1975. ومحكمة جنح ملوى قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم خمسة جنيهات عن التهمة الأولى تتعدد بعدد العمال ومائتي قرشاً عن التهمة الثانية ومائتي قرشاً عن التهمة الثالثة. فاستأنف.. ومحكمة المنيا الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة المقضى بها لمدة ثلاث سنوات.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.. إلخ.

المحكمة
حيث إنه ولئن كانت النيابة العامة – الطاعنة – قد فوتت على نفسها استئناف الحكم الصادر من محكمة أول درجة لتدارك ما شابه من خطأ في تطبيق القانون إلا أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النيابة العامة – في مجال المصلحة والصفة في الطعن – خصم عادل تختص بمركز قانوني خاص بمثابتها تمثل الصالح العام وتسعى إلى تحقيق موجبات القانون من جهة الدعوى الجنائية فلها بهذه المثابة أن تطعن في الأحكام وإن لم يكن لها – كسلطة اتهام – مصلحة خاصة في الطعن بل كانت المصلحة هي للمحكوم عليه – كما هو الحال في الطعن الماثل – ومن ثم فإن مصلحتها في الطعن تكون قائمة ولو أن الحكم المطعون فيه قضى بإدانة المطعون ضده.
وحيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن حاصل ما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجرائم عدم التأمين على نفسه بصفته صاحب عمل وعدم إنشائه ملفات وسجلات لعماله وعدم تقديمه البيانات والنماذج الخاصة بهؤلاء العمال للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية قد شابه التناقض والخطأ في تطبيق القانون فضلاً عن القصور في التسبيب، وذلك بأن القانون رقم 108 لسنة 1976 – المنطبق على الجريمة الأولى لا يسري على أصحاب الأعمال الذين يستخدمون عمالاً في حين أنه يفترض طبقاً للقانون رقم 79 لسنة 1957 – الذي دين به المطعون ضده عن الجريمتين الثانية والثالثة – وجود عمال لدى صاحب العمل فلا يستقيم وجود هاتين الجريمتين مع توافر الجريمة الأولى، وإذ دان الحكم المطعون ضده رغم ذلك بهذه الجرائم جميعاً فإنه يكون معيباً بالتناقض وشابه الخطأ في تطبيق القانون، هذا إلى أنه جاء قاصراً عن استظهار استخدام المطعون ضده للعمال الذين أطلق مفتش التأمينات الاجتماعية في محضره القول بأن الجريمتين الثانية والثالثة وقعتا في شأنهم الأمر الذي نفاه محرر المحضر نفسه في مذكرته المقدمة بعد الحكم.
وحيث إن قانون التأمين الاجتماعي على أصحاب الأعمال ومن في حكمهم الصادر بالقانون رقم 108 لسنة 1976 – ومن قبله القانون رقم 61 لسنة 1973 بسريان بعض أحكام قانون التأمينات الاجتماعية على أصحاب الأعمال – لم يورد تعريفاً لصاحب العمل، غير أنه لما كان هذا القانون قد التزم في تحديد الفئات الثلاث عشرة التي نص في مادته الثالثة على سريان أحكامه عليها بضابط عام وهو – على ما هو مستفاد في هذا التحديد ووفقاً لما أشارت إليه المذكرة الإيضاحية وتقرير لجنة القوى العاملة بمجلس الشعب عن مشروع هذا القانون – أن أفراد هذه الفئات جميعاً من المشتغلين لحساب أنفسهم، وإذ كان لا يتأبى مع ذلك وإنما يتسق معه استخدام أفراد بعض هذه الفئات وأخصهم من يزاول لحساب نفسه نشاطاً تجارياً أو صناعياً أو زراعياً وأصحاب وسائل النقل الآلية للأشخاص والبضائع – لعامل أو أكثر، يدل على ذلك المفهوم اللغوي للفظ “أصحاب الأعمال” الذي استخدمه القانون فضلاً عن المدلول الاصطلاحي لهذا اللفظ في قوانين العمل والتأمينات الاجتماعية المتعاقبة التي تعتبر أن صاحب العمل هو من يستخدم عاملاً أو أكثر للعمل لديه بالأجر تحت إشرافه ورقابته، كما يدل عليه كذلك تدرج السياسة التشريعية للدولة في مد مظلة التأمينات الاجتماعية لتغطي جميع فئات الشعب بما في ذلك المشتغلين لحساب أنفسهم بعد أن كان المشرع يقصر نطاق هذه التأمينات – في البداية – على طوائف من العاملين لحساب غيرهم، وإذ كان لا مشاحة في أن صاحب العمل المخاطب بأحكام قانون التأمين الاجتماعي الموحد الصادر به القانون رقم 79 لسنة 1975 – عملاً بالبند “د” من المادة الثالثة منه – هو كل من يستخدم عاملاً أو أكثر من الخاضعين لأحكامه، ومن ثم فإنه لا تعارض البتة بين تطبيق هذا القانون على صاحب العمل الذي يتخلف عن تنفيذ الالتزامات التي ألقاها على عاتقه بشأن من يستخدمهم من عمال وبين التزامه في الوقت ذاته – طبقاً للقانون السالف الذكر – بالتأمين على نفسه، ويكون ما تثيره النيابة العامة في طعنها في هذا الصدد غير قويم. ولئن كان ما تقدم إلا أنه. لما كان البين من المفردات المضمومة أن المطعون ضده يشتغل حائكاً للملابس الإفرنجية وخلا محضر ضبط الواقعة من أي بيان عن عمله بما لا يعرف معه ما إذا كان من أفراد الطائفة التي نص عليها البند الأول من المادة الثالثة من قانون التأمين الاجتماعي على أصحاب الأعمال ومن في حكمهم فيلتزم عندئذ بالتأمين على نفسه عملاً بالمادة الخامسة من هذا القانون أو أنه على العكس من ذلك يعتبر صاحب صناعة منزلية أو بيئية أو أسرية أو من صغار المشتغلين لحساب أنفسهم فيشمله في هذه الحالة الاستثناء من الخضوع لأحكام هذا القانون وفقاً لما نص عليه في مادته الرابعة، كما لا يبين من المفردات كذلك أن المطعون ضده يستخدم عاملاً أو أكثر وهو مناط انطباق قانون التأمين الاجتماعي الموحد رقم 79 لسنة 1975 عليه، وإذ خلا الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه من استظهار هذين الأمرين معاً وقضى رغم ذلك بإدانة المطعون ضده بالجرائم الثلاث المشار إليها فإنه يكون معيباً بالقصور الذي يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإحالة.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .