شراكة العدل والسلطة التنفيذية

ماجد محمد قاروب

إن المتتبع لأعمال وزارة العدل الحقيقية وليس مجرد خططها الورقية في الأدوات المساندة للعمل القضائي -خاصة في مكاتب الصلح- يجد أن الوزارة بذلت في هذا غاية وسعها وهي تنتظر الاعتماد المؤسسي لمشروعها بالموافقة على نظامه الذي يؤمن الوظائف والمقار لخدمة الأسرة والمرأة خصوصاً، والمتابع القريب يعلم عن تضافر جهود الوزارة مع برنامج الأمان الأسري الوطني ووزارة الشؤون الاجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني المتخصصة في مجالات العمل الاجتماعي والأسرة من ناحية الحقوق والواجبات والالتزامات مع سعيها لقانون موحد للأحوال الشخصية، كل هذا يجعل ملاحظة أعضاء مجلس الشورى الموقرين الصحيحة والتي وإن كانت تعبر عن واقع فإنها في غير محلها لأنها تستوجب تعديل الطرح؛ وهو أن تبادر السلطة التشريعية في إنهاء إجراءات اعتماد نظام المرافعات الشرعية والإجراءات الجزائية الأساسية للبدء في عمل المحاكم المتخصصة و سرعة إنهاء جميع مشاريع الأنظمة والقوانين الخاصة بالأحوال الشخصية والأسرية، وأن تبادر السلطة التنفيذية ممثلة بكافة وزاراتها إلى العمل على مساندة القضاء بأن تعمل وزارة التعليم العالي على تطوير مناهج التعليم في كليات الشريعة والقانون لتواكب مخرجاتها احتياجات المحاكم المتخصصة؛ وأن تعتمد كل من وزارة الخدمة المدنية ووزارة المالية الوظائف القضائية المساندة في أعمال المحاكم التي تتطلب موظفين جامعيين مؤهلين ومدربين وبرواتب مجزية للعمل في القضاء، وأن تسرع وزارة المالية وتعدل في إجراءاتها الروتينية للتعامل مع مشروع غير تقليدي يمثل تحديا ورهاناً للحكم الرشيد الذي أساسه العدل في توفير الأراضي والاعتمادات المالية لإنشاء مبان حضارية تمثل رمزاً لأهمية المحاكم وتظهر حقيقة هيبة وأهمية ومكانة السلطة القضائية التي يتعامل ويحكم عليها المجتمع من خلال منظرها العام وتأسيسها؛ ومن ثم جوهر عمل قضاتها الذين يحتاجون إلى سرعة ومرونة اعتماد مخصصات التدريب والتأهيل النوعي الدائم والمستمر؛ وما يستوجب ذلك من حاجة إلى مرونة في الحركة والإجراءات ويسري ذلك على جميع ملاحظات الأعضاء الموقرين التي ذكرت والتي لم تذكر لأن ذلك يستوجب توظيفا لخبرات وكفاءات تعمل بصدق وأمانة لإخراج مشروع الملك حفظه الله لتطوير القضاء بالصورة التي يريدها لأبناء الوطن وما يتوقعه أبناء الوطن لمشروع ملكهم من تطوير القضاء؛ ويكون محل تقدير لمكانة القضاء الشرعي الإسلامي ليكون نموذجاً للعالم، ولنا أن نتصور بأنه في إحدى الملتقيات العدلية القريبة أفاد أحد القضاة المتابعين بأن وزارة العدل لم تتحرر لها ـ حتى الآن ـ أراض في مدن رئيسية بحجم مدينة الرياض لبناء مقار عدلية عليها، بالرغم من توفر الأراضي الحكومية في هذه المدن، وكثرة مكاتبات الوزارة وسعيها الحثيث الذي قد يقودها ــ عند الضرورة ـ إلى شراء أراض تكبد اعتمادات مشروع الملك مبالغ طائلة في ظل وجود أراض بيضاء لا تنتظر سوى تطبيق بعض المنح عليها.