نطاق تطبیق القانون التجاري المصري :

يثور التساؤل الآن حول نطاق تطبيق القانون التجارى، هل يقتصر تطبيق القانون التجارى على الأشخاص الذين يباشرون التجارة وهو ما يطلق عليه النظرية الشخصية للقانون التجارى، أو ما يعرف بالمذهب الشخصي؟ أم يقتصر تطبيقه على الأعمال التجارية وهو ما يطلق عليه النظرية الموضوعية للقانون التجارى، أو المذهب الموضوعي؟

أولاً: المذهب الشخصي:

يذهب أصحاب هذا الاتجاه إلى أن القانون التجارى لا يطبق إلا على التجار أى أن مناط تطبيق أحكام القانون التجارى هو شخص القائم بالعمل التجارى، ومعنى ذلك أن القانون التجارى لا يطبق على غير التجار حتى ولو مارسوا أحد الأعمال التجارية، وتخضع معاملات التاجر لأحكام القانون التجارى حتى لو كانت فى الأصل معاملات مدنية ٠ ومن خلال هذه النظرية يمكن تعريف العمل التجارى بأنه ذلك العمل الذى يباشر أحد التجار(1) ورغم بساطة هذه النظرية وسهولة تطبيقها إلا أنها لا تخلوا من النقد

فمن ناحية وفقاً لهذه النظرية يثور التساؤل حول اكتساب الشخص صفة التاجر وكيف يتم ذلك، فإذا كانت الإجابة بأنه ذلك الذى يباشر الأعمال التجارية فإن السؤال يعود ويطرح نفسه مرة أخرى ومتى يعتبر العمل تجارى إذا قام به أحد التجار وهكذا ندور فى حلقة مفرغة ٠ من ناحية ثانية إذا قام أصحاب هذه النظرية بتحديد الأعمال التجارية فإن ذلك يكون تحديداً تحكمياً ولا يراعى ما يطرأ على هذا المجال من تطور ٠ من ناحية ثالثة فإن هذه النظرية توسع من تطبيق أحكام القانون التجارى حيث تطبق على كل الأعمال التى يقوم بها التاجر حتى لو كانت أعمال مدنية مثل شراء أثاث لمنزله، كما أنها تضيق من تطبيق أحكام القانون التجارى عندما لا تسمح بتطبيق أحكامه على غير التجار حتى ولومارسوا عملاً من الأعمال التجارية ٠

ثانياً: المذهب الموضوعى:

يذهب أصحاب هذا الاتجاه إلى أن القانون التجارى يطبق على العمل التجارى بصرف النظر عن الشخص القائم بهذا العمل سواء كان تاجرا أو غير تاجر ٠ ورغم أن هذه النظرية أيضاً تمتاز بسهولة تحديد نطاق القانون التجارى إلا أنها هى الأخرى لم تسلم من النقد حيث أن قيام المشرع بتحديد الأعمال التجارية – التى لو تمت ممارستها ينطبق القانون التجارى – إنما يتم بشكل تحكمى كما أنه لا يساعد أحكام القانون التجارى على مواكبة العصر من تطور ٠ وتضيق هذه النظرية من ناحية أخرى من نطاق تطبيق أحكام القانون التجارى حيث توجد أحكام خاصة بالمقاولات التى تمارس على سبيل الاحتراف وقواعد خاصة بالتجار كالدفاتر التجارية هذه الأحكام يجب ذكرها والحرص عليها ٠ من ذلك يتضح عدم مقدرة كلا من النظريتين على انفراد تحديد نطاق تطبيق أحكام القانون التجارى، لذلك يتجه الفقة فى غالبيته إلى ضرورة الجمع بين النظريتين لتحديد نطاق أحكام القانون التجارى(2) بل أن هناك من يرى ضرورة الربط بين أحكام القانون التجارى وفكرة المشروع، ويرى أن دراسة القانون التجارى ينبغى أن تدور أساساً حول المشروع التجارى، وهذا الرأي يرى أنه لتفادي وضع معيار محدد للأعمال التجارية أو نظرية معينة لابد من وجود القانون الاقتصادى الذى يحكم جميع أوجه النشاط الاقتصادي فهو قانون يتضمن مبادئ عامة تطبق على جميع المعاملات الاقتصادية(3)

موقف القانون التجارى الملغى:

أخذ قانون التجارة المصرى الصادر عام ١٨٨٣ عن القانون الفرنسى الصادر عام ١٨٠٧ وكلاهما يبدأ فى المادة الأولى بتعريف التاجر بأنه كل ما يمارس الأعمال التجارية ويتخذها حرفته المعتادة، وكما يعتبر القانون الفرنسى الصادر ١٨٠٧ منقولاً عن أحكام ألأمر الملكى الصادر سنة ١٦٧٣ والذى يعتبر قانوناً شخصياً ٠لذلك يمكن القول بأن قانون التجارة المصرى الصادر لعام ١٨٨٣ المنقول عن القانون الفرنسى الصادر عام ١٨٠٧ وهذا الأخير منقول بدوره عن الأمر الملكى الصادر عام ١٦٧٣ والمعروف باسم قانون سافارى، يمكن القول بأنه كان متأثراً بالفكرة الشخصية نظراً للظروف التاريخية التى صدر فى ظلها وسيطرة طائفة التجار ٠ لذلك يعتبر قانون التجارة الملغى ولظروفه التاريخية متأثراً بالفكرة الشخصية أكثر من تأثره بالفكرة الموضوعية(4)

موقف قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ م:

تفادى المشرع فى قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ كثيراً من مآخذ القانون الملغى، فبعد سرد الأعمال التجارية فى المواد ٦ ،٥ ،٤ قرر فى المادة ٧ أن التعدد على سبيل المثال، وأنه يكون عملاً تجارياً كل عمل يمكن قياسه على الأعمال المذكورة فى المواد السابقة لتشابه فى الصفات والغايات ٠

وفضلاً عن ذلك فقد حدد المشرع صراحة فى نطاق تطبيق القانون التجاري وجمع بين المذهبين الموضوعى والشخصي، فقد نصت المادة الأولى من قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ على أن “تسرى أحكام هذا القانون على الأعمال التجارية، وعلى كل شخص طبيعي أو اعتباري تثبت له صفة التاجر” يتضح من ذلك أن قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ مزج بين المذهب الموضوعى والمذهب الشخصى ٠ وبالرجوع لأحكامه تفصيلاً نجد أنه ذكر الأعمال التجارية على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر، كما ذكر الشروط الواجب توافرها فى الشخص الطبيعى أو الاعتبارى لاكتساب صفة التاجر والالتزامات التى يجب على التاجر مراعاتها، والمشرع فعل ذلك حتى يترك المجال للقانون التجارى لكى يتواكب مع تطورات العصر،وتتحقق المرونة اللازمة ٠

__________________

1- أبو زيد رضوان – مبادئ القانون التجارى ١٩٩٦ ص 59.

2- سميحة القليوبى – القانون التجارى – الجزء الأول – ١٩٨١ دار النهضة العربية ص ٢٥

3- محمود سمير الشرقاوى – القانون التجارى الجزء الأول – ١٩٨٦ دار النهضة العربية ص ٢٣

4- عكس ذلك د . أبو زيد رضوان – مبادئ القانون التجارى ١٩٩٦ ص ٦٣ . ود ٠ على البارودي فى مؤلفة دروس فى القانون التجارى ١٩٨٦ رقم 5

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .