“الإقرار”
يوسف الفراج
إذا أخبر الشخص عن حق لغيره على نفسه فيعد بذلك مقرا, والإقرار من أهم وسائل الإثبات في الفقه والقانون, واشترط الفقهاء لاعتبار الإقرار حجة أن يكون صادرا عن عاقل بالغ غير مكره وغير محجور عليه, وهو منصوص المادة 105من نظام المرافعات, والإقرار حجة قاصرة على المقر فلا يسري على غيره، وذلك لأنه يخبر عن نفسه, وهو منصوص المادة 104 من النظام, كما أن من القواعد المقرر في الفقه والقضاء أنه لا عذر لمن أقر, وهي من الأسانيد التي يستند عليها القضاة كثيرا في المحاكم, فلا يقبل من المقر الرجوع عن إقراره ويُلزم بما أقر, وقد حث الفقه الإسلامي على الإقرار بحقوق الآخرين وأدائها إليهم من غير مماطلة وتأخير، بل إن النبي – صلى الله عليه وسلم – كما في الحديث المتفق على صحته –

قال :”ما حق أمرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده”, ولهذا عندما تحدث العلماء عن الوصية المندوبة والواجبة قرروا أن الواجبة هي في الحقوق الثابتة في الذمة. ومن أهم المسائل في موضوع الإقرار: مسألة تجزئة الإقرار, ومثالها ما إذا ادعى شخص على آخر بمبلغ معين مثلا فأقر المدعى عليه بالمبلغ ولكنه أضاف بأنه قد أدى المبلغ للمدعي, فهل يؤخذ الضار من الإقرار- وهو إقراره بالمبلغ – ويترك النافع- وهو دعواه الأداء- ويقال إنه ملزم بالبينة على رد المبلغ, أم يقال، بل يؤخذ الإقرار كاملا, ويعد مؤديا للمبلغ, وقد اختلف الفقهاء على قولين, ويرى الظاهرية ورواية في مذهب الحنابلة وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية أن الإقرار لا يتجزأ، بل يؤخذ كاملا, وأما في النظام فقد ورد النص على هذه المسألة في المادة السادسة بعد المائة,

ونصها: “لا يتجزأ الإقرار على صاحبه فلا يؤخذ منه الضار به ويترك الصالح له، بل يؤخذ جملة واحدة إلا إذا انصب على وقائع متعددة، وكان وجود واقعة منها لا يستلزم حتماً وجود الوقائع الأخرى”, والحقيقة أن النص لا يخلو من إشكال, فآخر المادة لا يتفق مع إطلاق أولها, وهو ما يفسر ما ورد في الفقرتين التنفيذيتين على المادة, حيث ورد في اللائحة ما يمكن أن يعد تفسيرا لما ورد في أصل المادة, فنصت الفقرة الأولى على أن الإقرار بالحق المقترن بأجل لا يتجزأ على صاحبه إلا إذا اقترن الإقرار بالحق مؤجلاً ببيان سببه، أو كان للـــمقَر لـه بينة على أصل الحق، أو سببه فيتجزأ, ونصت الفقرة الثانية على أن الإقرار المكون من واقعتين كل واحدة منهما حصلت في زمنٍ غير الزمن الذي حصلت فيه الواقعة الأخرى يتجزأ على صاحبه كاشتمال الإقرار على الوفاء مع الإقرار بالحق, وبهذا التفسير يكون مفهوم المادة مؤيدا للقول الثاني الذي يرى أن الإقرار يتجزأ على صاحبه, وهو المشهور في مذهب الحنابلة وهو المستقر في قضاء المحاكم.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت