حكم نقض : القتل العمد المقترن بجنايات القتل والشروع فيه

رقم الحكم 10581
تاريخ الحكم 04/11/1991
اسم المحكمة محكمة النقض – مصر

المحكمة
حيث ان الطاعنين على الحكم المطعون فيه انه اذ دانهم بجريمة القتل العمد المقترن بجنايات القتل وشروع فيه. ودان الثاني والثالث بجريمة احراز ذخيرة. قد شابه الاخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بان المحكمة سمحت لمحام واحد بالدفاع عنهم جميعا رغم تعارض المصالح بينهم. اذ قرر الثاني والثالث بالتحقيقات ان الاول هو الذي اطلق النار على المجنى عليهم ولم يدلل الحكم على اشتراك الطاعنين الثاني والثالث في ارتكاب الجريمة. واستدل على توافر نية القتل لدى الطاعن الاول بما لا اصل له في الاوراق وهو قيامه بتصويب المسدس تجاه المجنى عليهما عند اطلاق النار. ورد على الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي بما لا يسوغ اطراحه، وهو ما يعيب الحك ويستوجب نقضه.

وحيث ان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى فيما مفاده انه بتاريخ 22/5/1986 احتك ابن الطاعن الاول بسيارة كان يقودها بشقيق المجنى عليه الاول…….. مما ادى الى نشوب مشاجرة بين الطرفين قام الطاعن الاول خلالها باحضار مسدسه المرخص من سكنه واطلق منه عيارين على المجنى عليه المذكور – وكان الطاعنان الثاني والثالث يقفان بجوار شقيقهما الطاعن الاول يشدان من ازره ويمدانه بالذخيرة قاصدين قتل المجنى عليه باتفاق بينهم كان وليد ساعته. فاحدثوا به الاصابات التي اودت بحياته واستمر الطاعن الاول في اطلاق النار صوب المجنى عليه الثاني “…………….. “

حتى اصابه بالاصابات التي اودت بحياته، وواصل اطلاق النار – وبجواره شقيقاه وهم على نفس القصد – فاصاب كلا من………….. و……… اللذين تداركهما بالعلاج. ثم ساق الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعنين على هذه الصورة ادلة مستمدة من اقوال المجنى عليهما الاخيرين. وشهادة كل من. …………. و……………. و…………. و…………… و………….. ومن اعتراف الطاعن الاول وما ورد بالتقارير الطبية وتقرير فحص ال(سلاح) والذخيرة، وهي ادلة سائغة من شانها ان تؤدي الى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان لا يبين من اسباب الحكم المطعون فيه قيام تعارض بين مصالح الطاعنين، فانه لا يعيب الحكم ان يتولى الدفاع عنهم محام واحد، ذلك ان تعارض المصلحة الذي يوجب افراد كل منهم بمحام خاص يتولى الدفاع عنه اساسه الواقع ولا ينبني على احتمال ما كان يسع كل منهم ان يبديه من اوجه الدفاع ما دام لم يبده بالفعل. ومتى كان البين من محضر جلسة المحاكمة ان المحامي الذي تولى الدفاع عن الطاعنين هو محام موكل منهم جميعا لهذا الغرض، وان كلا من الطاعنين قد انكر التهمة ولم يلق بالاتهام على اي من الاخرين، كما ان المحكمة لم تعول في ادانة اي منهم على اقوال الاخرين،

فان دعوى الاخلال بحقهم في الدفاع لا يكون لها محل. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر توافر الاتفاق بين الطاعنين على ارتكاب الجريمة في قوله “ ان الثابت من اقوال الشهود الاول والرابع والسادس ان المتهمين الثاني والثالث كان يقفان بجوار شقيقهما ويمدانه بالذخيرة لمواصلة الاعتداء على المجنى عليهم مما يقطع باتفاقهما مع هذا المتهم – في تلك اللحظة – على قتلهم، وبهذا تتحقق مسئوليتهما مع المذكور كفاعلين اصليين” وكان المقرر ان الاتفاق هو اتخاذ نية اطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه، وهذه النية امر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية ومن حق القاضي ان يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تتوافر لديه، وكان مجمل ما اورده الحكم فيما تقدم وفي معرض تحصيله للواقعة – من معرفة الطاعنين لبعض في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وان كلا منهم قصد قصد الاخر في ايقاع الجريمة كاف وسائغ في التدليل على توافر الاتفاق بين الطاعنين على ارتكاب الجريمة.

هذا فضلا عن ان الحكم المطعون فيه قد اثبت مساهمة الطاعنين الثاني والثالث في الافعال المادية المكونة للجريمة وذلك بقيامها بتزويد الطاعن الاول بالذخيرة حال اطلاقه الاعيرة النارية على المجنى عليهم وهو ما يكفي لاعتبارهم جميعا فاعلين اصليين فيها. ومن ثم يكون ما يثيره الطاعنان المذكوران في شان التدليل على مشاركتها في ارتكاب الجريمة في غير محله، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل،

واستقاها ثبوتا في حق الطاعنين من موالاة الطاعن الاول اطلاق الاعيرة النارية على المجنى عليهما الاولين بالذخيرة التي كان شقيقاه الطاعنين الثاني والثالث يزودانه بها، واستمرارهم في ذلك الى ان سقط المجنى عليهما على الارض وتاكد الطاعنون من موتهما، ومن اعتراف الطاعن الاول بالتحقيقات بان قصده من اطلاق النار على المجنى عليهم هو قتلهما، هذا فضلا عما ابان عنه الحكم في معرض تحصيله لاعتراف الطاعن الاول من وجود نزاع سابق بينه وبينهما، وكان ما اورده الحكم كاف وسائغ في التدليل على توافر تلك النية، ولا ينال منه ما سطره الحكم من ان الطاعن الاول قام بتصويب مسدسه على المجنى عليهما، وهو ما لا يعدو ان يكون استخلاصا – تملكه المحكمة للوقائع – قصد به التعبير عما يشهد به الواقع في الدعوى ولا يمارى فيه الطاعنون من ان الطاعن الاول كان يطلق النار تجاه المجنى عليهما بقصد قتلهما.

ومن ثم يكون ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص غير سديد، لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض للدفع لقيام حالة الدفاع الشرعي واطراحه بقوله “ انه بخصوص ما اثاره الدفاع من توافر حالة الدفاع الشرعي فمردود عليه بانه لم يثبت في حق المجنى عليهم انهم البادئون بالاعتداء على اي من المتهمين او اقاربهم، بل على العكس فان الثابت ان المتهم هو الذي بدا بهذا الاعتداء حين اسرع باحضار مسدسه واطلق الاعيرة النارية منه على المجنى عليهم الذين كانوا مجردين من ال(سلاح)، ومن ثم تلتفت المحكمة عنه” وهو من الحكم تدليل سائغ يؤدي الى ما انتهت اليه المحكمة ويتفق وصحيح القانون، ذلك ان حالة الدفاع الشرعي لا تتوافر متى اثبت الحكم ان المتهم هو الذي اعتدى على المجنى عليه.

واذ كان من المقرر ان تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي او انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى، ولمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب متى كانت الوقائع مؤدية الى النتيجة التي رتبها عليها – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – فان منعى الطاعنين على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله، لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير اساس ويتعين رفضه موضوعا.