نظام المنافسة السعودي بين الوكالات التجارية و عقود الامتياز

د. ملحم بن حمد الملحم

تعد الاتفاقات على تقسيم السوق جغرافيا على مستوى المناطق بين المتنافسين من الممارسات المنافية للمنافسة ما دفع أنظمة المنافسة في العالم لمحاربتها، لذلك تعد هذه الممارسة واحدة من الممارسات المخالفة وفقا لنظام المنافسة السعودي ولائحته التنفيذية.

لقد نصت المادة الرابعة من نظام المنافسة السعودي على أنه “تحظر الممارسات أو الاتفاقيات أو العقود بين المنشآت المتنافسة أو تلك التي من المحتمل أن تكون متنافسة، سواء أكانت العقود مكتوبة أو شفهية، وصريحة كانت أم ضمنية، إذا كان الهدف من هذه الممارسات أو الاتفاقات أو العقود أو الأثر المترتب عليها تقييد التجارة أو الإخلال بالمنافسة بين المنشآت.

كذلك يحظر على المنشأة أو المنشآت التي تتمتع بوضع مهيمن، أي ممارسة تحد من المنافسة بين المنشآت، وفقا للشروط والضوابط المبينة في اللائحة، خاصة ما يأتي: ثم تطرقت المادة إلى إحدى تلك الممارسات المحظورة .

وذكرت تقسيم السوق وفقا لعدة معايير منها: المناطق الجغرافية. وبدلا من أن أذكر رأيي في العلاقة بين نظام المنافسة السعودي ونظام الوكالات التجارية وعقود الامتياز، ستبنى هذه المقالة على ثلاث مقدمات أساسية توصل إلى النتيجة المراد إيضاحها.

أولا: من خلال عبارات المادة الرابعة من نظام المنافسة السعودي، فإنه يمكن ملاحظة أن النص عام بحيث يحظر كل الممارسات والاتفاقيات والعقود بين المنشآات المتنافسة أو التي من المحتمل أن تكون متنافسة ليس في حال سببت تلك الممارسات أو الاتفاقيات أو العقود تقييدا للتجارة أو الإخلال بالمنافسة بين المنشآت، بل منطوق المادة يتعدى ذلك إلى كون الحظر يقوم بدور وقائي بحيث يشمل حتى لو كان الهدف من هذه الممارسات تقييدا أو إخلالا بالمنافسة قبل أن يحصل الأثر.

كذلك حظرت المادة نفسها في صياغة تفيد العموم على أي شركة تتمتع بوضع مهيمن أن تقوم بممارسات من شأنها أن تحد من المنافسة، ومن ضمن تلك الممارسات التقسيم الجغرافي للأسواق.

ثانيا: أما ما يتعلق بالوكالات التجارية فقد جاء نظام الوكالات التجارية السعودي (1382هـ) خاليا من تعريف الوكالة التجارية، وخولت المادة الثالثة من النظام وزارة التجارة المعدلة عام (1400هـ) بإصدار لائحته التنفيذية. لذلك جاءت اللائحة التنفيذية من نظام الوكالات التجارية في مادتها الأولى لتعرف الوكالات التجارية على أنها: “يقصد بالوكالات التجارية المتعلقة بتطبيق نظام الوكالات التجارية وتعديلاته كل من يتعاقد مع المنتج أو من يقوم مقامه في بلده للقيام بالأعمال التجارية سواء كان وكيلا أو موزعا بأية صورة من صور الوكالة أو التوزيع وذلك مقابل ربح أو عمولة أو تسهيلات أيا كانت طبيعتها، ويشمل ذلك وكالات النقل البحري أو الجوي أو البري وأية وكالات يصدر فيها قرار من وزير التجارة”. كذلك كلفت المادة الرابعة ـــ المضافة في المادة السادسة ـــ من نظام الوكالات التجارية السعودي وزير التجارة بإعداد نماذج لعقود الوكلاء والموزعين يتم الاسترشاد بها على أن تتضمن تلك العقود الاسترشادية المعلومات الأساسية كمحل العقد وأطرافه ونطاقه الزماني والمكاني… إلخ.

ثالثا: أن عقود الامتياز التجاري أو ما يسمى عقود الفرانشايز Franchise Agreement لا يوجد لها تنظيم بهذا الاسم تحديدا.

يرى عدد من القانونيين وكما هو الحال في الواقع أنه يتم إخضاع عقود الامتياز التجاري لنظام الوكالات التجارية كما يوجد نموذج استرشادي لعقد الفرانشايز على موقع وزارة التجارة والاستثمار.

بعد بيان تلك المقدمات الثلاث، ألخص الرأي في علاقة نظام الوكالات التجارية السعودي وعقود الفرانشايز على جزءين: الجزء الأول أني لا أتفق على أن تكييف صورة الوكالة التجارية فقهيا وقانونيا ينطبق على عقود الفرانشايز لمجموعة من الأسباب؛ أحدها أن الاستقلالية والتبعية في عقود الفرانشايز بين مانح الامتياز وصاحب الامتياز تختلف عن الاستقلالية والتبعية في عقود الوكالة والتوزيع بين المالك/ المنتج والوكيل /الموزع.

الجزء الثاني وهو الأهم أنه بغض النظر عن التكييف القانوني لعقود الفرانشايز ما إذا كانت وكالة تجارية أو عقدا ذا طبيعة خاصة، فإن التقسيم الجغرافي سيكون مشمولا بعموم نص المادة الرابعة من نظام المنافسة السعودي من خلال العبارات “تعاقدات”، “اتفاقات”، “الوضع المهيمن” و“تلك التي من المحتمل أن تكون متنافسة” “تقييد التجارة” و“الإخلال بالمنافسة بين المنشآت”، الذي يظهر أن المحاكم ستقوم بتفسيرها بناء عليه، ما لم يحصل تقييد أو تفسير نظامي أو قضائي.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت