أبحاث قانونية ودراسات عن الأجراء الذين لا يسري عليهم قانون

مقال حول: أبحاث قانونية ودراسات عن الأجراء الذين لا يسري عليهم قانون

أجراء القطاع العام الذين لا يسري عليهم أي قانون! ( محاولة في الفهم)

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

اجراء القطاع العام

مقدمة:
من الهواجس التي انتابت اختيارات المشرع عندما عقد العزم على وضع إطار تشريعي لفائدة الأجراء في القطاع الخاص، هو أن يكون هذا الإطار المرجع في أي علاقة شغل مأجور وبالنتيجة عملت على تفادي التشتت والتفاوت إلى أكبر حد ممكن، وهو-التشتت- ما لم يسلم منه العمل المأجور حتى عقب وضع ذلك الإطار الذي خرج للوجود بعد مخاض عسير وتجلى مدونة الشغل [1] إذ يمكن أن يستنتج أي باحث بأن المدونة كادت أن تصبح قانونا لمن لا قانون له خاصة عندما عمدت إلى تعريف الأجير والمشغل، بصياغة عامة في المادة 6 م.ش

وإذا كان الأمر محلولا بالنسبة للفئات الأجراء الذين خصهم المشرع بأنظمة أساسية كانت أغلبها سارية المفعول قبل صدور المدونة، بل إن بعضها وضعت حتى قبل إقرار تشريعات كونت فيما بعد التشريع الاجتماعي، فإن وضعية بعض العاملين في قطاعات ومناصب معينة ضلت غير واضحة المعالم في ظل الصياغة الملتبسة للفقرة الأخيرة من المادة 3 م.ش.

إذ أنه نظرا لخصوصية بعض العلاقات الشغلية التي تتنطع عن القواعد السارية على كل العلاقات الشغلية فقد اختار المشرع تركها لأنظمتها الأساسية، لكنه سن ضابطا في ذلك، تجلى في ألا تنزل تلك الأنظمة عن المقتضيات الحمائية التي توفرها مدونة الشغل، وبالتالي فإن المدونة أصبحت القانون رقم إثنان بعد النظام الأساسي-مصدر تكميلي- حسب المهنة.

وزيادة في تحقيق شمولية أوسع نطاقا فقد جاءت الفقرة الأخيرة مؤكدة على ذلك، غير أن صياغتها تثير وأثارت مجموعة من علامات الإستفهام تجعل قائها يقف على أعتاب الإشكالية التالي : من هم المخاطبون بنصها؟ وللإجابة عن هذا الإشكال وقبل عرض التصميم نطرح فرضيتين للإجابة هما :

الفرضية الأولى: الفقرة الأخيرة من المادة 3 جاءت لكي تسري على كل علاقة عمل مأجورة لا يحكمها أي قانون بمعناه الذي هو حسب قاعدة تراتبية القوانين “القانون العادي”.

الفرضية الثانية: الفقرة الأخيرة جاءت لكي تحتوي فئة تسمى “عمال الإنعاش الوطني” الذين يقوموم بأعمال مختلفة بعدة إدارات وجماعات ترابية ومؤسسات عمومية.

خطة البحث:

المحور الأول: ما لا تتحمله الفقرة الأخيرة من المادة 3 م.ش

المحور الثاني: المعنِي بالفقرة الأخيرة من المادة 3 م.ش

المحور الأول: ما لا تتحمله الفقرة الأخيرة من المادة 3 م.ش
جاء في الفقرة الأخيرة من المادة 3 من مدونة الشغل:” (….) كما يخضع لأحكام هذا القانون أجراء القطاع العام الذين لا يسري عليهم أي قانون.” إنه بقراءة هاته الفقرة يقع نوع من العسر في فهمها يتجلى في البحث عمن هم الأشخاص المعنيين بخطابها.

إن الفهم السطحي للعبارة الفقرة السابقة هو أن م.ش تسري على أشخاص يعملون في مؤسسات عمومية أو مع الدولة ولا يسري عليهم أي قانون، أي لا يسري عليم لا قانون الوظيفة العمومية ولا أي قانون آخرلكن من هم هؤلاء يا ترى؟

الدولة في تسيير مرافقها العامة ذات الطابع الإداري المحض، لا تستعين فقط بالموظفين الذين يرتبون في سلالم الوظيفة العمومية حسب الشهادة المحصل عليها من قبل الموظف الذي يرسم مع الدولة ويأخذ وضعية نظامية، بل إنها تعتمد على مجموعة من القوى العاملة لا يسري عليها قانون الوظيفة العمومية ولا قانون تعاقد القانون العام[2]، ونقصد هنا فئة الأعوان أو المستخدمين المياومين والعرضيين والمؤقتين، فهل تدخل هاته الفئات الثلاثة ضمن التحديد الذي جاءت به مدونة الشغل؟

إنه يجب التمييز لفهم الفقرة الأخيرة من م.ش بين الصفة القانونية المعطاة للشخص وليس للشغل حتى نحدد الاختصاص القضائي عند النزاع (…..) فنحن إذن أمام عمل واحد، وقد يتصف فيه الشخص بصفة الأجير أو بصفة الموظف، تبعا للرابطة القائمة بينه وبين المرفق العام، فهذه الفقرة ترسخ ثنائية القانون العام والخاص إلى حد كبير[3] وبمساءلة حال الاجتهاد القضائي المغربي، فإنه قد أقصى فئات المستخدمين المياومين والعرضيين والمؤقتين من الخضوع لمدونة الشغل في علاقتهم مع المشغل أي المؤسسة أو الهيئة العمومية،

مبررا ذلك بأن هناك قانون ينظم تلك العلاقة، والبون شاسع بين القانون الذي مصدره التشريع وأعمال السلطة التنفيذية التي لا ترقى إلى مرتبة القانون، بل يخول لها التشريع نيابة -وفي حالات استثنائية- عن صاحب الاختصاص الأصيل، فقد جاء في حيثيات قرار للمجلس الأعلى- محكمة النقض بعد 2011- : ” حيث تبين صحة ما عابه الطالب على القرار المطعون فيه، ذلك أن المحكمة لما اعتبرت المطلوبة في النقض من الأجراء التابعين للقطاع العام الذين لا يسري عليهم أي قانون آخر، وبالتالي يخضعون لمقتضيات قانون الشغل طبقا للمادة 3 من مدونة الشغل وقضت لها بالتعويضات في إطار القانون المذكور، والحال أن هذه الفئة من الأجراء تخضع لأحكام الدوريتين “الأصح المنشورين” رقمFP11 الصدرة بتاريخ 28/3/1968 المتعلقة بالأعوان المياومين العاملين لدى الإدارة العمومية وFP31 الصادرة بتاريخ 22/8/1967 المتعلقة بالأعوان المؤقتين العاملين لدى الإدارة العمومية الصادرة عن وزارة الشؤون الإدارية الأمانة العامة…” [4]

وبذلك فإن موقف محكمة النقض كان قاسيا في حق هؤلاء الأعوان، إذا ما علمنا أن هاذين المنشورين[5] لا يستوفيان حتى الحد الأدنى من الحماية القانونية للأجير الذي تمثله مواد مدونة الشغل، إذ جاء في نفس قرار المجلس الأعلى السابق : “إنه طبقا لمقتضيات هاتين الدوريتين “المنشورين” يمكن للإدارة الاستغناء عن الأعوان المؤقتين والمياومين في كل وقت وحين متى تطلبت ذلك المصلحة العامة، ودون أن يترتب عن ذلك أي تعويض لفائدتهم “وبذلك فإن محكمة الموضوع” تكون قد خرقت مقتضيات المادة 3 من مدونة الشغل وأساءت تطبيقها مما يعرض قرارها للنقض والإبطال.”[6]

إذا كانت محكمة النقض قد حسمت ولو مؤقتا -كون أن هذا التوجه المشار إليه أعلاه لا يمكن اعتباره مستقرا عليه- فماذا بقي بعد ذلك؟

بقي الحديث عن فئتين أساسيتين هما عمال الإنعاش الوطني التابعين لوزارة الداخلية والأئمة والوعاظ التابعين للوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.

وإذا علمنا أن الأئمة والوعاظ قد حسم أمرهم إيجابيا، إذ ثم إصدار مرسوم يحدد عقد نموذجي سنة 2006[7] ثم تعديله في 2015[8] يضمن لهم مجموعة واسعة من الحقوق المتعلقة بالتعويضات والعطل والأجور بحيث يحصلون نفس أجور المتصرفين المرتبين في السلم 10 : أي المتصرفين من الدرجة الثالثة[9] و لهم الحق في التعويض عن حوادث الشغل طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل والضمان الاجتماعي … مما يمكن معه القول أن هاته الفئة أحسن وأفضل حالا من فئة عمال الإنعاش الوطني الذين لا إلى هؤلاء- الموظفون في الإدارات العمومية- ولا إلى هؤلاء-الأجراء بالتحديد الوارد في مدونة الشغل[10].

المحور الثاني: المعني بالفقرة الأخيرة من المادة 3 م.ش
يقدر عدد عمال الانعاش الوطني في المغرب حسب مصادر احصائية نقابية بما يقرب من 70 الف عامل وعاملة في غياب تقديرات دقيقة لوزارة الداخلية الوصية على القطاع موزعين على مختلف عمالات وأقاليم المملكة[11] ونجد تعدادهم حسب تصريح لوزي%

شارك المقالة

التعليقات معطلة.