الشرط الأول: إمتناع المدين عن تنفيذ إلتزام عيني

لابد أن يكون هناك إلتزام رفض المدين تنفيذه كما هو الشأن بمن صدر ضده حكم يلزمه برد المياه إلى مجاريها، أو عدم التعرض إلى مستأجر في الدخول إلى مسكنه دونما سبب، فإذا لم يوجد إلتزام فلا محل للتهديد المالي(1)، وكذلك يجب أن يكون تنفيذ هذا الإلتزام عينيا مازال حيز الإمكان، وهذا عملا بنص المادة 164 ق م ج(2) ، أما إذا استحال على المدين تنفيذ إلتزامه عينا سواء كانت هذه الإستحالة بفعل المدين كإتيانه للعمل الذي خالف الإلتزام بالإمتناع عنه، ولم يعد في الاستطاعة الرجوع في ذلك، أو كانت الإستحالة بسبب أجنبي، فهنا ينقض الإلتزام ولا محل للحكم عليه بالتهديد المالي، حيث لن يحقق الغرض منه وهو حمل المدين على التنفيذ العيني ، وفي هذه الحالة يمكن المطالبة بالتنفيذ عن طريق التعويض(3)

الشرط الثاني:تدخل المدين ضروري وٕالا كان التنفيذ غير ممكن

هذا الشرط يحدد مجال الالتجاء إلى الغرامة التهديدية، حيث لا يكفي لاستخدامها أن يوجد إلتزام يمكن تنفيذه عينا، بل يشترط أن يكون التنفيذ العيني لهذا الإلتزام غير ممكن أو غير ملائم إلا إذا قام به المدين نفسه(4)، وعلى ذلك نصت المادة 174 ف 1 ق م ج على أنه “إذا كان تنفيذ الإلتزام عينا غير ممكن أو غير ملائم إلا إذا قام به المدين نفسه، جاز للدائن أن يحصل على حكم بإلزام المدين بهذا التنفيذ، ويدفع غرامة إجبارية إن إمتنع عن ذلك”. وما يمكن قوله أن الإلتزام بعمل هو الميدان الذي يتسع عادة للتهديد المالي كالالتزام بعمل في غناء، تصوير، تمثيل أو الإلتزام بتقديم حساب، أو إلتزا م شخصي بتسليم شيء لا يعلم مكانه إلا هو، ومن ثم لابد من أن يكون المدين ممتنعا عن تنفيذ إلتزامه، أما في الإلتزام بالإمتناع عن عمل لا يمكن الإلتجاء إلى الغرامة التهديدية إلا إذا كان هذا الإخلال لم يجعل التنفيذ العيني مستحيلا، فلو أقدم طبيب على إفشاء سر المهنة، فلا مجال هنا للإكراه المالي، وأنما يكتفي بالتعويض (5).

الشرط الثالث: مطالبة الدائن بالغرامة التهديدية

هناك راي يذهب إلى جواز أن تقضي المحكمة من تلقاء نفسها بالغرامة التهديدية إذا وجدت أن شروطها متوافرة وللدائن أن يطلب الحكم بها في أية حالة كانت عليها الدعوى، بل ويجوز له أن يطلب ذلك لأول مرة أمام المحكمة الاستئنافية، ولا يعتبر هذا الطلب جديدا، على أساس أن هذا الحكم ليس حكما مستقلا عن الحكم بالتنفيذ العيني، وٕانما هو مجرد وسيلة يكفل بها القاضي نفاذ هذا الحكم الأخير، ومن حقه أن يلجأ من تلقاء نفسه إلى ما يراه مناسبا من الوسائل التي أجازها له المشرع لكفالة نفاذ أحكامه(6)،بينما ذهب فريق آخر من الفقه (7) بالراي أنه يجب على الدائن أن يطلب التهديد المالي حتى تقضي به المحكمة بإعتبار أن المبدأ الثابت في قانون الإجراءات أن المحكمة لا يجوز أن تقضي بأزيد مما طلبه الخصوم، ومهما يكن، فالمشرع الجزائري قد إتخذ موقفا من هذا الاختلاف وحسم النزاع بنصه في المادة 471 ف 1 ق إ م التي تنص “يجوز للجهات القضائية بناءا على طلب الخصوم أن تصدر أحكاما بتهديدات مالية في حدود اختصاصها وعليها بعد ذلك مراجعتها وتصفية قيمتها”، ومن هنا يتضح لنا أنه إذا ما توافرت شروط الغرامة التهديدية وطلب الدائن الحكم بها، تبقى للقاضي سلطة التقدير في الحكم أو عدم الحكم بها، وبذلك لا يخضع لرقابة المحكمة العليا لأنها مسألة موضوعية(8).

الشرط الرابع: عدم المساس بالحق الأدبي للمؤلف

وهذا شرط خاص في نوع معين من الحقوق الذهنية هو حق المؤلف، حيث لا يجوز إلزامه على النشر على الرغم منه، فإذا اتفق مؤلف مع ناشر على وضع مصنف، وقام بالفعل بوضعه، فلا يمكن الإلتجاء إلى القضاء لحمله على تسليم المصنف إلى الناشر، ولا يمكن الاستعانة بالغرامة التهديدية لحمله على تسليمه إلا إذا كان إمتناع المؤلف عن تسليم الكتاب راجعا إلى عرض أكبر من ناشر آخر)9)،أما بخصوص الأحكام الصادرة في المواد الاجتماعية فإن المشرع أولى لها عناية خاصة لتنفيذها، ولأجل التعجيل بذلك جعلها معجلة النفاذ بقوة القانون، وفي حالة الامتناع عن تنفيذها، يمكن لصاحب الحق اللجوء إلى طلب الغرامة التهديدية، ويحكم بها القضاء في حالتين، في الأولى عندما يتعلق الأمر بالإمتناع عن تنفيذ إتفاق المصالحة يمكن أن تحدد غرامة تهديدية لا تقل عن 25 بالمئة من الراتب الشهري الأدنى المضمون (10)، وفي الحالة الثانية في جميع الأحكام الصادرة في المواد الاجتماعية والحائزة للصيغة التنفيذية يمكن أن يحدد القاضي مبلغ الغ ا رمة التهديدية اليومية (11).

___________________

1- سائح سنقوقة: الدليل العملي في إجراءات الدعوى المدنية، دار الهدى، عين مليلة، الجزائر(الطبعة بدون تاريخ ( ص 142 ، وكذلك عمار بوضياف: “تنفيذ الأحكام القضائية في المادة الإدارية، بين الإطار القانوني والاجتهاد القضائي” مجلة العلوم الاجتماعية والإنسانية، يصدر عن المركز الجامعي الشيخ العربي التبسي، تبسة، العدد الثاني سبتمبر 2007 ، ص 14 وكذلك فرية نعيم شلالا: الحجز التنفيذي، منشورات المؤسسة الحديثة للكتاب، الطبعة الأولى، لبنان 2000 ص 29

2- تنص المادة 164 ق إ م على أنه “يجبر المدين بعد إعذاره طبقا للمادتين 180 و 181 على تنفيذ إلتزامه تنفيذا عينيا، متى كان ذلك ممكنا”

3- رمضان أبو السعود: أحكام الإلتزام، دراسة مقارنة في القانون المصري و اللبناني، الدار الجامعية، بيروت، 1949 ، ص 84 . وكذلك الطيب برادة في مرجعه السابق، ص 367.

4- الطيب برادة: التنفيذ الجبري في التشريع المغربي بين النظرية والتطبيق، شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط 1988 ، ص 367وعمار بوضياف: “تنفيذ الأحكام القضائية في المادة الإدارية، بين الإطار

القانوني والاجتهاد القضائي” مجلة العلوم الاجتماعية والإنسانية، يصدر عن المركز الجامعي الشيخ العربي التبسي، تبسة، العدد الثاني، سبتمبر 2007 ، ص ص13.

5- سوزان عدنان الأستاذ: التهديدية، بحيث مقدم لنيل درجة دبلوم القانون الخاص، السنة الجامعية- 1993 94 ،كلية الحقوق جامعة دمشق، ص 26، 27 و رمضان أبو السعود: المرجع السابق، ص 85 .

6- محمد شكري سرور: موجز في الأحكام العامة للالتزام في القانون المصري ، دار الفكر العربي القاهرة 1992 ، ص 31 ، وسوزان عدنان الأستاذ: المرجع السابق، ص 31.

7- يأتي على أ رسهم الأستاذ عبد الرزاق السنهوري: المرجع السابق، ص812.

8- رمضان أبو السعود: المرجع السابق، ص 86.

9- محمد حسنين: الوجيز في نظرية الإلتزام، مصادر الإلتزام وأحكامها في القانون المدني الجزائري، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر 1983 ، ص 250 . وكذلك سوزان عدنان الأستاذ: المرجع السابق، ص 30 .و أيضا عبد الرزاق السنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني، نظرية الإلتزام بوجه عام ، الجزء الثاني ، دار إحياء التراث العربي،

بيروت، لبنان، سنة 1970 ، . 812 و أنظر كذلك أنور سلطان: أحكام الإلتزام، د ا ر النهضة العربية بيروت 1980 ، ص 60 .

10- عملا بالمادة 34 من قانون90-4 المؤرخ في 06 نوفمبر 1990 المتعلق بتسوية النزاعات الفردية في العمل، الجريدة الرسمية، عدد 6 سنة 1990

11- طبقا للمادة 39 من قانون 90-4 اعلاه .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .