الضرر في جرائم التزوير / القاضي ادريس حسن خلف

التزوير وهو قول الكذب وفعله وقد ميز بين الكذب في ذاته كرذيلة تحرمها الاديان وتنكرها المجتمعات وبين صور التزوير والكذب قانونا والتي تؤذي او تهدد بالإيذاء حقوقا يحميها القانون وهي التزوير بالقول – التزوير بالفعل – التزوير بالكتابة ان جريمة تزوير المحررات بالرغم من اكتسابها اهمية فقد اثار تعريفها وبيان اركانها الكثير من الخلاف ومرد ذلك هو تشابه هذه الجريمة مع بعض الجرائم كالاحتيال وشهادة الزور واليمين الكذب هذا من جهة ووقوف القضاء من جهة عند تحديد هذه العناصر لهذه الجريمة هي تغيير الحقيقة في المحرر والقصد الجنائي والضرر وهي عناصر تثير كثيرا من الصعوبات فهل يشمل المحرر اللوحة الفنية او الكتابة الموسيقية مثلا

وهل الحقيقة في المحررات تشمل جميع بياناتها ام تقتصر على تلك الخاصة بموضوع الحق ؟ وهل تتضمن الحقيقة سلامة المحررات ام صدق محتوياتها ام الاثنين معا كما ان مفهوم الضرر متعدد المعنى ولم يشير اليه القانون في اي من نصوص التزوير رغم اهميته فالمشرع يجرم تغيير الحقيقة في المحررات لما ينجم عنه من ضرر او تهديد به فهو يمثل بذلك علة التجريم او حكمته في حين يجعل منه الفقه والقضاء عنصرا مستقلا في جريمة التزوير بجانب عنصريها المادي والمعنوي ان الضرر في جريمة التزوير يتميز عن غيره ولا يجدي في تحديده الاخذ بمفهومه في القانون المدني الذي يقصر على الخسارة المادية والمعنوية التي تصيب الغير اذا لا يتفق هذا المفهوم مع احكام قانون العقوبات ومع نصوص التزوير بوجه خاص فقانون العقوبات لا يقتصر على سن الجزاء على الاخلال بالالتزامات التي يرتبها القانون المدني وانما يخلف هو الاخر الالتزامات او يحدد مفهومها بشكل مستقل فالمصلحة المحمية في نصوص التزوير هو حماية مصالح الانسان فردا كان ام جماعة فالمصلحة الجماعية المشتركة او المصلحة المباشرة هي الثقة العامة في المحررات اي الشعور المشترك لدى افراد الجماعة بالاطمئنان الى سلامة المحررات وصدق ما تحتويه من تصرفات او وقائع وذلك بمطابقتها للحقيقة الواقعة وتناول انواع المحررات المتمتعة بالثقة العامة واقرار القانون والقضاء للثقة العامة والتزوير كما يقع في المحررات الرسمية فانه يقع في المحررات العرفية ويذكر في هذا الصدد ان القضاء والفقه قد رتب افتراض الضرر في التزوير في المحررات الرسمية في حين ان الضرر لا يتوفر حتما بالمصلحة الفردية بمجرد تزوير المحررات العرفية بل يتعين على الاتهام اقامة الدليل عليه هذا من جهة ومن جهة اخرى فان تقدير قرينة الضرر تختلف في التزوير بين نوعي المحررات فالضرر الاجتماعي يتمثل بصفة عامة في الاخلال بالثقة العامة في المحررات الرسمية الا ان الباحث يرى ان تلك الثقة العامة لا تقتصر على المحررات الرسمية وانما توجد في المحررات العرفية كذلك مما تقدم يمكن ان نقول ان الضرر الذي يتولد عن جريمة التزوير هو :

1- الضرر المادي وهو يمس عناصر الذمة المالية فيترتب عليه الانقاص من عناصرها الايجابية او الزيادة في عناصرها السلبية .

2- الضرر المعنوي وهو ما يلحق بمصلحة ليست ذات قيمة مادية كالشرف والاعتبار (المكانة الاجتماعية).

3- الضرر الاجتماعي وهي بهذا المعنى ليست من جرائم الضرر بل من جرائم الخطر فالضرر في جريمة التزوير لا يقع في مصلحة قانونية واحدة سواء اكان جماعية او خاصة وانما يصيب المصلحتين الفردية والجماعية فهو ضرر متعدد ومتعدي مما تقدم نلخص ان الضرر مفترض وهذا ما يجري عليه العمل في محاكم الجزاء لدينا وهو ما نراه صحيحا وسلميا للحد من تلك الظاهرة الخطرة .

إعادة نشر بواسطة محاماة نت