الضرر في الدعاوى الشرعية
يمكن رفع دعوى التطليق للضرر إذا توافر احد الأسباب الآتية على تفاصيلها – الغياب- عدم الإنفاق – الضرر بينما يمكن الفسخ لأسباب أخرى كانكشاف جنون الزوج أو انفساخ العقد كردة الزوج عن الإسلام
مفهوم الضرر
يتحدد الضر بناء على تحديد عرفي بمعنى أن العرف يعتبر الشيء الفلاني ضررا غير مألوف و غير محتمل عادة .
منشأ الضرر
يجب ان يكون الزوج هو منشأ الضرر بالمعني المعروف في القانون أي ان الضرر قد حدث بسبب خطأ من جانب الزوج و ان هناك علاقة سببية بين الخطأ و الضرر و لا يدخل في موضوعنا التضرر الذي يصيب الزوجة بسبب ممارسة الزوج لحقه الشرعي بصورة طبيعية ا وان الزوجة و لأسباب خاصة صحية أو نفسية أو مزاجية قد تضررت من دون أي علاقة للزوج بذلك
نطاق الضرر
أحيانا يتم التطليق للضرر المنصب على الزوجة و أحيانا لان الضرر ينصب على الأطفال و لا يمكن حماية الأطفال من الضرر إلا بتطليق الأم لتستقل مع الأطفال في مسكن مستقل
إثبات الضرر
يمكن إثبات الضرر – بوصفه واقعة مادية- بكافة طرق الإثبات التي تؤدي إلى نتيجة مؤكدة تثبت بنحو مؤكد لدى العقلاء بان الضرر واقع فعلا و لكن لا يمكن إثبات الضرر بمجرد تقارير طبية لأنها لا تثبت من المعتدي و من أوقع الضرر و لا يثبت ببلاغات للشرطة مثلا لان البلاغ مجرد ادعاء و لا يثبت بحكم جنائي بات إذا لم تكن حيثياته مقبولة شرعا و ذلك لان القاضي الجنائي كثير ما يطيح بأدلة البراءة و يقرر معاقبة المتهم بناء على (إن المحكمة تطمئن لثبوت التهمة و قد استقر في وجدانها ذلك)
أنواع الضرر و مصاديقه
الضرب المبرح -عدم الإنفاق – الحبس لمدة طويلة والغياب الطويل الذي يحرم الزوجة من حقوقها الزوجية – الإساءة البالغة للأولاد -العجز الجنسي – سوء السمعة و الذي من شأنه أن يسبب تجرؤ الآخرين على شرف الزوجة و الأولاد أو ينال من اعتبارهم ومروءتهم (وهذا متروك لتقدير القاضي) و كذلك السلوك الإجرامي الذي يسبب تعرض حرمة البيت للتفتيش المستمر و انتهاك حرمته .
استقلال القاضي في التقدير
يستقل القاضي في تقدير حدوث الضرر و مقداره و لكن يجب أن يكون استخلاصه سائغا و قائما على أسس فلا اقل من دليل كامل تدعمه القرائن كما يستقل بتقدير الأدلة
ما هو الدليل الكامل؟
هو الدليل القائم بذاته و أركانه بحيث تكون دلالته واضحة و مباشرة و لا يحتاج إلى دليل أخر لثبوت الجزئيات التي تستنتج منه
ما هي القرائن؟
القرائن هي شواهد تؤيد الوقائع المدعاة كمن يدعي عليه باستعمال المخدرات فان مصاحبته للمدمنين تعد إحدى القرائن و من يدعى عليه الضرب فان سوء خلقه يعتبر قرينه و من يدعى عليه بعدم الإنفاق فان طبع البخل فيه يعتبر قرينة
الرضا السابق بالضرر
قد توافق الزوجة و ترضى مسبقا بوجود الضرر كمن تتزوج بعاجز عن العمل أو مريض أو مجنون لكنها بعد ذلك تطلب التطليق لأنه ليس بوسعها مواصلة التحمل وهنا بحسب الأصل ليس لها الحق في الطلاق و لكن قد تدخل اعتبارات أخرى مثل تفاقم الحالة الضررية أو تضرر إطراف أخرى كالأولاد أو كون تجاهل طلب التطليق للضرر يؤدي إلى مفسدة اكبر كالتي تتزوج بعاجز جنسيا و هي شابة و من شان عدم تطليقها منه أن يؤدي إلى الزنا ..ففي مثل هذه الأحوال يمكن للقاضي بين موازنة الأمور أن يقرر التطليق و قد يكون الرضا السابق بالضرر كان رضا بمقابل مالي أي أن الزوجة قد قبلت بتحمل الضرر بناء على مهر كبير و هبات غير معتادة ففي هذه الحالة ليس من العدل أن تجاب إلى طلبها التطليق وتحتفظ بما حصلت عليه ..
الضرر الاحتمالي
يتم التطليق للضر إذا كان الضرر بمقدار لا يحتمل عادة ويكون متحقق الوقوع أو شيك الوقوع أحيانا يكون الضرر مجرد احتمال عادي غير راجح فمجرد الاحتمال بحسب الأصل لا يصلح سببا للتطليق لان عقدة النكاح حق ثابت للزوج و لم تأت الزوج بما يزيلها فلا يزال الثابت و اليقين بالمحتمل و المشكوك في حدوثه .
مفهوم الخطر
الخطر ليس ضررا واقعا ولا وشيكا بل ضررا محتملا احتمالا عقلائيا و لكن لو حدث فان خطره عظيم و كبير و خطره و كبره يعوض عن انه ليس ضررا وشيك الوقع و لذلك فانه يعتبر في مقام الضرر الوشيك الوقوع و مثال ذلك من يستخدم المخدرات مع رفقاء السوء في بيته و على مرأى من أولاده الصغار و تكون معدات ذلك في متناولهم فان انجرافهم للمخدرات يعد خطرا محتملا عقلائيا
تباين تأثير الضرر على المضرور
ليس الناس سواء فربما واقعة تقع على زوجة يعتبر في حقها ضرر بينما لا يعتبر في حق غيرها ضرر كما قد يكون بالنسبة لها و لبيئتها ضرر محتمل او معتاد بينما لا يعتبر كذالك بالنسبة لغيرها و لذلك فلا بد ان ينظر لذلك لدى تحقيق الدعوى
مساهمة المضرور في الضرر
كثير ما تساهم الزوجة في الضرر الواقع عليها كمن تبدأ بشتم الزوج فيضربها أو تجلب له الإبر فيحقن نفسه بالمخدرات و عند تحقيق الدعوى يجب النظر لهذه التفاصيل فقد يمكن منع الضرر بمجرد توقف الزوجة عن المساهمة في الضرر و قد يستوعب خطا الزوجة خطا الزوج و قد تكون مساهمة الزوجة غير ذات تأثير في الضرر الواقع عليها
الفرق بين الضرر و الإيذاء
كثيرا ما يحصل شجار بين الزوجين و قد يصيب الزوجة بعض الضرب من الزوج و يثبت ذلك بنحو لا ريب فيه و مع ذلك فليس لازما أن يشكل ذلك ضررا مستوجبا للتطليق بل هو إيذاء و اعتداء على سلامة جسم الغير و هو معاقب عليه جنائيا و لكن لا يعتبر ضررا مستوجبا للتطليق إلا اذا توافرت فيه الشروط سالفة البيان بحيث يصدق عليه أحد العنوانين الضرر أو الخطر .
التنازل عن الضرر
متى ثبت الضرر و قبل أن تطلق المحكمة الزوجة من زوجها بسببه يحدث كثيرا ان تتنازل الزوجة عن الدعوى أو عن سبب الضرر ثم تعود للمطالبة بالتطليق للضرر بناء على ذات الأسباب و في هذه الحالة ترفض دعواها لان التنازل عن الدعوى الضررية و عن سبب الضرر هو مثل التنازل عن الحق لا يجوز الرجوع للمطالبة به و لكن التنازل عن الخطر بالمعني المذكور أعلاه لا يؤدي بالضرورة الى نفس النتيجة

مــلحــق مهم //
لكل من دعوى طلب تطليق إجراءات تختلف عن الأخرى فدعوى التطليق للغياب تتطلب البحث عن الزوج و الصبر لمدة بينما طلبي التطليق لعدم الإنفاق تتطلب أولا إقامة دعوى نفقة و صدور حكم قضائي يلزم الزوج بالإنفاق لأنه قد يدفع الزوج بعدم استحقاق الزوجة للنفقة لكونها ناشزا مثلا ,, ثم لا يصار إلى التطليق إلا بعد إنذار الزوج ثلاثا بالإنفاق و إلا تم التطليق رغما عنه (هذا إذا لم يكن له مال يمكن الأخذ منه للنفقة) و دعوى الضرب ليس شرطا الاستجابة لها فور ثبوته بل قد يكتفي القاضي بتوجيه تأنيب و تهديد و إنذار للزوج.

الشيخ عبد الهادي خمدن

إعادة نشر بواسطة محاماة نت