شروط موضوعية خاصة بطبيعة التظهير :

1- الصفة في التوقيع :

يشترط في التظهير أن يصدر عن شخص ذي سلطة وصفة في التوقيع، وذلك بأن يكون المظهر هو مالك الحق الثابت في الكمبيالة أو وكيلاً عنه. فالوكيل العام عن شخص في إدارة تجارته سلطة تظهير الكمبيالة ولمدير الشركة تظهير الكمبيالة التي تحملها الشركة ولكن إذا ظهرها بعد انقضاء الشركة فإنه يلتزم بها شخصياً لأن هذه السلطة تنتقل إلى المصفي بعد انقضائها وفي مرحلة التصفية طالما كان ذلك في حدود احتياجات التصفية. وبطبيعة الحال الوكيل الخاص له صفة في إجراء التظهير عن الموكل، وهناك حكم(1) بأن للوكيل بعقد عرفي أن يقوم بتظهير الأوراق التجارية لموكله، فينصرف إلى موكله أثر ذلك التحويل وذلك لأن رسمية التوكيل تتطلب إذا كان العقد المراد إبرامه رسمياً طبقاً للمادة ٧٠٠ مدني مصري ، كما اكتفى المشرع في القانون التجاري بأن يشتمل التظهير على عبارة “القيمة للتحصيل” أو “القيمة للقبض” أو “للتوكيل” أو أي بيان آخر يفيد توكيل الحامل في استعمال جميع الحقوق الناشئة عن الكمبيالة مادة ٣٩٨ تجاري مصري. وعلى ذلك إذا وقع تزوير في توقيع الحامل الشرعي للكمبيالة فإن التظهير يعد باطلاً لصدوره من غير صفة(2) أما إذا صدر التظهير نيابة عن حامل الكمبيالة بغير تفويض منه، أو إذا تجاوز الوكيل حدود السلطة المخولة له، فإن من قام بهذا التوقيع يلتزم شخصياً بموجب الكمبيالة فإذا أوفاها آلت إليه الحقوق التي كانت تؤول إلى من ادعى النيابة عنه )المادة ٣٨٩ تجاري مصري ( أما بعض الطوائف التي يحظر عليها المشرع الاشتغال بالتجارة بالرغم من بلوغهم سن الرشد مثل المحامين والقضاة والموظفين وأعضاء النيابة العامة وغيرهم فإن تظهيرهم للكمبيالة لا يعتبر سبباً لبطلان التزامهم بل يكون هذا التوقيع صحيحاً وما يترتب عليه من التزامات.

ولا يجوز للمفلس تظهير الكمبيالة بعد صدور حكم الإفلاس فإن فعل ذلك فلا يحتج به على جماعة الدائنين، وتصرفات المفلس صحيحة في العلاقة بينه وبين المظهر إليه، ولكن لا تنفذ بالنسبة لجماعة الدائنين، لأن شهر الإفلاس لا يعتبر من قبيل نقص الأهلية أو انعدامها وإنما هي رفع يد المدين عن إدارة أمواله أو التصرف فيها لأن الذي يتولى ذلك هو السنديك. وقد قرر المشرع في المادة ٥٩٠ من القانون التجاري المصري أنه ” لا يجوز للمفلس بعد صدور حكم شهر الإفلاس الوفاء بما عليه من ديون أو استيفاء ما له من حقوق”، وتظهير الكمبيالة قد يكون وفاء لأحد الديون، وقد لا يكون كذلك وإنما بهدف الحصول على قيمة الكمبيالة. وقد أضاف المشرع في المادة ٥٩٠/٢ أنه إذا كان المفلس حاملاً لورقة تجارية جاز الوفاء له بقيمتها عند حلول ميعاد الاستحقاق إلا إذا عارض أمين التفليسة في هذا الوفاء. يتضح من ذلك أن المفلس يجوز الوفاء له بقيمة الكمبيالة عند حلول ميعاد الاستحقاق، وأننا نرى أنه يجوز له من باب أولى تظهير الكمبيالة والحصول على قيمتها إذا أتيحت له هذه الفرصة، إلا إذا عارض أمين التفليسة في هذا الوفاء. ولا يجوز للمدين بعد تاريخ التوقف عن الدفع وقبل الحكم بشهر الإفلاس تظهير الكمبيالة وفاءاً للديون قبل حلول أجلها، حيث لا يحتج بهذا التصرف في مواجهة جماعة الدائنين، يفهم ذلك من نص المادة ٥٩٨ تجاري. ويلتزم المظهر إليه برد القيمة المدفوعة إذا كان يعلم وقت التظهير بتوقف المفلس عن الدفع، يفهم ذلك أيضاً من نص المادة ٦٠٠ من القانون التجاري مصري . ويجوز لأمين التفليسة وحده أن يطلب عدم نفاذ تصرفات المدين في حق جماعية الدائنين إذا وقع التصرف قبل صدور حكم شهر الإفلاس المادة ٦٠٣ تجاري مصري وإذا حكم بعدم نفاذ أي تصرف في حق جماعة الدائنين التزم المتصرف إليه بأن يرد إلى التفليسة ما حصل عليه من المفلس بمقتضى هذا التصرف المادة ٦٠٢ تجاري.

٢- شرعية حق المظهر :

شرعية حق المظهر أو الحامل هي شرط لاستعمال جميع حقوقه المصرفية. وذهب رأي)3)إلى أن المقصود بالحامل الشرعي هو المستفيد الأصلي أو من آلت إليه الورقة بمقتضى سلسلة متصلة غير منقطعة من التظهيرات. ونص المشرع في المادة ٣٩٦/١ من القانون التجاري على أنه ” يعتبر حائز الكمبيالة حاملها الشرعي إذا أثبت أنه صاحب الحق فيها بسلسلة من التظهيرات غير منقطعة ولو كان آخرها تظهيراً على بياض، وتعتبر التظهيرات المشطوبة في هذا الشأن كأن لم تكن. وإذا أعقب التظهير على بياض تظهير آخر اعتبر الموقع على هذا التظهير أنه هو الذي آل إليه الحق في الكمبيالة بالتظهير على بياض “. يتضح من ذلك أن المشرع اعتبر الحامل حائز شرعياً للكمبيالة إذا أثبت أنه صاحب الحق فيها بسلسلة من التظهيرات غير المنقطعة، وإذا كان التظهير الأخير على بياض فإنه يكون للحامل مما يعني شرعية هذا الحامل، وإذا حوت الكمبيالة تظهيرات مشطوبة فإنها تعتبر كأن لم يكن، وإذا قام الحامل الحاصل على الكمبيالة من خلال تظهير على بياض بتظهير الكمبيالة مرة أخرى فإنه يقوم بذلك باعتباره حاملاً شرعياً للكمبيالة وصاحب حق فيها. والواقع أن شرعية الحامل ليست قاصرة على هذه الفروض فقط، بل هناك من يكون مالكاً للحق الثابت في الكمبيالة دون أن يكون هو المستفيد الأصلي ودون أن تصل إليه عن طريق التظهير الصحيح كما لو اكتسب ملكية الحق الثابت فيها بالميراث أو الوصية. وهناك حكم لمحكمة الاستئناف المختلط(4) يستخلص منه أنها اعتبرت تظهير من اكتسب ملكية الحق الثابت في الورقة بالميراث أو الوصية تظهيراً قانونياً، حيث قالت في حكمها إذا ظهرت الورقة التجارية من بعض ورثة المستفيد أو المظهر السابق دون البعض الآخر فإن للمظهر إليه أن يطلب المدين بالوفاء بالنصيب الذي يستحقه الورثة الموقعين على صيغة التظهير. من هذا يتضح أن المحكمة اعتبرت تظهير الورثة تظهيراً قانونياً ينتج أثره حيث اعتبرتهم حاملين شرعيين للورقة، ونستطيع أن نقول أن المسحوب عليه لن يدفع قيمة الورقة في ميعاد استحقاقها إلا بعد التحقق من الناحية الموضوعية والشكلية وإن المتصرف إليه قد حصل على الكمبيالة من المالك الشرعي لها. وإذا فقد أحد المظهرين حيازة الكمبيالة ووصلت إلى الحامل عن طريق سلسلة من التظهيرات غير المنقطعة، فإن هذا الحامل لا يلتزم بالتخلي عن الكمبيالة إلا إذا كان قد حصل عليها بسوء نية أو ارتكاب في سبيل الحصول عليها خطأ جسيماً. وفي ذلك تنص المادة ٣٩٦/٢ من القانون التجاري على أنه “إذا فقد شخص حيازة الكمبيالة فلا يلتزم الحامل بالتخلي عنها إذا أثبت حقه فيها طبقاً للفقرة السابقة إلا إذا كان قد حصل عليها بسوء نية أو ارتكب في سبيل الحصول عليها خطأ جسيماً”.

٣- أن يكون التظهير باتاً غير معلق على شرط :

يعتبر التظهير المعلق على شرط – فاسخ أو واقف – باطلاً باعتباره تظهيراً، فيشترط في التظهير أن يكون خالياً من كل شرط، وذلك حتى لا يكون . التزام المظهر معلقاً على أمر مستقبلي غير محقق الوقوع أو غير مؤكد وهو ما يعطل تداول الورقة التجارية فالتظهير يجب أن يكون باتاً منجزاً. ويأخذ قانون جنيف بذلك حيث نصت المادة ١٢ منه على أنه ” متى علق التظهير على شرط كان التظهير ذاته صحيحاً ويعتبر الشرط كأن لم يكن “. وأخذ بذلك أيضاً القانون التجاري رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ حيث نص في المادة392/1 على أنه يجب أن يكون التظهير غير معلق على شرط وكل شرط يعلق عليه التظهير يعتبر كأن لم يكن.

________________

1- استئناف القاهرة ٢٨ يناير ١٩٦٤ المجموعة الرسمية لسنة ٦٢ ص ٤٥ .

2- الأستاذ الدكتور / ثروت عبد الرحيم، القانون التجاري البحري، طبعة ١٩٩٥ م- ١٩٩٦ م، ص ٢٢٦.

3- مصطفى كمال طه، القانون التجاري، مؤسسة الثقافة الجامعية، طبعة ١٩٨٣ ، ص ٦١

4- استئناف مختلط 23/5/1906م بلقان لسنة 18ص293.

الشروط الموضوعية العامة الخاصة بالتظهير في القانون المصري :

وهي شروط يجب توافرها لصحة أي التزام إرادي أو أي تصرف قانوني وهي: الرضا والمحل والسبب والأهلية.

١- الأهلية : يجب أن تتوافر في المظهر الأهلية التي يتطلبها القانون في الساحب – أهلية التوقيع على الكمبيالة – أي أهلية القيام بالأعمال التجارية نظراً لأن المظهر إزاء المظهر إليه في نفس مركز الساحب إزاء المستفيد. ونظراً لأن المشرع قدر أن الالتزام الصرفي يعرض المدين به لأحكام أشد مما تقضي به القواعد العامة، ويجب أن يبتعد عنه الأشخاص الذين لا تتوافر فيهم الأهلية الكاملة، لذلك قرر في المادة ٣٨٥ تجاري أن تكون التزامات ناقصي الأهلية الذين ليسوا تجاراً وعديمي الأهلية الناشئة عن توقيعاتهم على الكمبيالة كساحبين أو قابلين أو ضامنين احتياطيين أو بأية صفة أخرى باطلة بالنسبة إليهم فقط. كما أضاف في المدة ٣٨٦ تجاري أنه ” إذا حملت الكمبيالة توقيعات أشخاص ليست لهم أهلية الالتزام بها أو توقيعات مزورة أو لأشخاص وهميين أو توقيعات غير ملزمة لأسباب أخرى لأصحابها أو لمن وقعت الكمبيالة بأسمائهم، فإن التزامات غيرهم من الموقعين عليها تبقى مع ذلك صحيحة “.

٢- الرضا : يجب أن يصدر التظهير عن رضا صحيح خالي من العيوب القانونية، فيجب أن يكون التظهير منزهاً عن عيوب الرضا، فإذا وقع المظهر تحت تأثير غلط أو إكراه أو تدليس أو استغلال كان التظهير باطلاً بالنسبة إليه وجاز له الاحتجاج بهذا البطلان في مواجهة المظهر إليه المباشر وفي مواجهة الحامل سيء النية قصد الاضرار بالمدين وقت حصوله على الكمبيالة ، أما في مواجهة الحامل حسن النية فلا يجوز التمسك بالبطلان لأن التظهير يطهر الكمبيالة من الدفوع.

٣- المحل : محل التزام المظهر في الكمبيالة هو محل الورقة ذاتها، أي المبلغ الثابت فيها، لذلك فإن محل التظهير هو دائماً ممكن ومشروع.

٤- السبب : سبب التزام المظهر هو العلاقة بين المظهر والمظهر إليه التي على أساسها تم تظهير الكمبيالة. وكان المشرع في المجموعة التجارية الملغاة يتطلب ذكر بيان “القيمة وصلت” في تظهير الكمبيالة للدلالة على بيان سبب التزام المظهر، ولكن جاء قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ ولم يشترط ذكر سبب التظهير في الكمبيالة على اعتبار أن هذا البيان عديم الجدوى ولا مبرر له، حيث أن القواعد العامة لا .( تتطلب ذكر سبب الالتزام بل يفترض أن لكل التزام سبب مشروع ويشترط في سبب التزام المظهر أن يكون مشروعاً وموجوداً، حيث يجب أن لا يكون سبب التظهير مخالفاً للنظام العام والآداب، فالتظهير الحاصل وفاء لدين قمار يقع باطلاً، ولا يجوز الاحتجاج بهذا البطلان على الحامل حسن النية، كما هو الشأن في الدفع الناشئ عن عيوب الرضا، ويجب أن يكون سبب التظهير حقيقياً وليس صورياً وإلا وقع باطلاً.وسبب التزام المظهر مفترض أنه مشروع وموجود، وعلى من يدعي خلاف ذلك عليه إثبات السبب الحقيقي بكافة طرق الإثبات.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .